Jump to content

المسعد

الأعضاء
  • Content Count

    131
  • Joined

  • Last visited

Everything posted by المسعد

  1. مرحبا بك .هذا msn : msa.0@caramail.com
  2. السلام عليكم. مواقع النجوم : يمكنكم تحميل هدا الموضوع. http://nooran.org/U/8/8.pps
  3. المسعد

    مصدر تسمية ايام الاسبوع.

    هذا واجبي كمحب لعلم الفلك والكون.وشكرا لكم. واتمنى لهذا العلم ان ينمو في الدول العربية و الاسلامية.ان شاء الله....
  4. المسعد

    انزياح أحمر

    االسلام عليكم. اخي ساكن المجرة . انت على حق .ولكنني اخذت مثلا عن النجم المذكور. وان الدوبلرية مصدرها توسع لكون و ماقراته فهو صحيح. وان حركة النجوم والمجرات والجاذبية التي بين النجوم هو توسع الكون و فقط اخذت نجما للدراسته.
  5. زورو هذا الموقع.. http://www.hdoe.com/mob/show.php?cat=news&id=481
  6. يمكن قياس الكبر الزاوي لجسم معين عن طريق قياس عدد الدرجات (أو أجزاء الدرجات) التي "يغطيها" الجسم. كما ويمكن أن نجد علاقة رياضية تربط الكبر الزاوي للجسم مع البعد عنه. شكل 10 : الكبر الزاوي للقمر من الأرض يشاهد القمر مثلاً من سطح الأرض بكبر زاوية معينة . ولكن هذه الزاوية هي جزء من الزاوية الكاملة 360، وقطر القمر هو جزء أيضا من محيط الدائرة، لذلك يمكن أن نربط بينهما بالعلاقة الرياضية التالية: حيث أن: L - بعد القمر عن الأرض ويساوي بالتقريب L = 384000 Km D - قطر القمر - كبر الزاوية Fichier_bribes.shs
  7. بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين أما بعد : - إن مشكلة تعيين بدايات ونهايات الأشهر القمرية بدأت بعد استقلال الدول الإسلامية، بعدما صارت لهذه الدول مراكز إفتاء، فأصبح لكل بلد مركز للإفتاء ، فلم يكن هناك دولة مركزية للخلافة لتحل المشكلة. بعض العلماء يحاربون التنجيم، ونحن أيضاً نحارب التنجيم، فالمشكلة أن ثمة خلطاً بين مهنة عالم الفلك وبين مهنة المنجم. المنجم ليس عالماً فلكياً، وعالم الفلك بالتالي ليس منجماً . عُقدت عدة ندوات في جامعات غربية واتخذت هذه (التُّهمة) وهذا الخلط نقطة ضعف عند المسلمين ، فنحن في القرن العشرين وعلى أوائل الألفية الثالثة وما يزال المسلمون يخلطون بين علم الفلك وعلم التنجيم. ففي إحدى الندوات وقف أحد علماء الفلك الكبار وسأل الحاضرين : من منكم منجم ؟ فلم يجبه أحد، ثم سأل ثانية من منكم عالم فلكي ؟ فرفع الجميع يديه . فسُئل : لِمَ هذا السؤال ؟ فأجاب: لأني قرأت أن مؤسسة إسلامية في لبنان ما زالت تنعت علماء الفلك بالمنجمين. ثمة فرق كبير بين المنجمين والفلكيين وبين التنجيم وعلم الفلك. فالمنجّم أو (النجّام) هو الذي يزعم معرفة حظوظ الناس ومستقبلهم ومصير حياتهم بحسب مواقع النجوم عند ولادتها، وهو الذي ينظر إلى النجوم ويحسب مواقيت شروقها وغروبها وسيرها، فيتوهّم من خلالها أحوال الناس والعالم. وعملية التنجيم المعروفة بـ (اوسترولوجي) هي عملية ربط مواقع النجوم وحركاتها بسلوك وأعمال ومصير الإنسان . ويعتقد المنجم ويعلن أن النجوم تؤثر في حياة وموت الناس، ويقف رجال العلم بمن فيهم علماء الفلك مع الفقهاء في رفض عمليات التنجيم وأقوال المنجمين. فلم يُعرف أنّ عالماً فلكياً وافق زعماً لمنجم. وإذا اعتبرنا التنجيم مهنة من المهن فإن المنجم لا يحتاج إلى أكثر من أشهر قليلة لإتقان مهنته بكل تفاصيلها وقواعدها. وأما الفلكي الذي نسميه (أسترونومي) فهو الذي يقوم بعمليات الرصد والمسح السماوي ودراسة قوانين حركات ومدارات الأجرام السماوية من أقمار وتوابع : كواكب، كويكبات ونجوم وصُدم ومجرّات وثقوب سوداء . . . الخ ويعمل أيضاً على إجراء القياسات والاختبارات والحسابات المتعلقة بها. ويصرف الفلكي من عمره أكثر من عشرة أعوام في الدراسة الجامعية والبحث حيث يدرس بالإضافة إلى فروع علم الفلك المتعددة ومواضيع الرياضيات العالية (الحسابات): التكامل والتفاضل والقياس الفلكي والميكانيكي السماوي والفيزياء الفلكية وعلم نشوء الكون والكونيات وفيزياء الفضاء والبصريات الفضائية وعلوم القمر وجغرافيته الطبيعية والكواكب والأرصاد الجوية والاتصالات الفضائية والأجهزة الالكترونية الحديثة وتقنية الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى مواضيع أخرى مثل الديناميكية الحرارية وميكانيك السوائل والتحديد الحراري والديناميكية الجوية والمسح الفضائي والتحليل الإحصائي ... الخ فبعد كل هذه العلوم التي يدرسها نُطلق عليه لقب المنجم .. هذا ظُلم !! وبعدها يتخرج طالب علم الفلك بدرجة (دكتور) مثلاً فيمارس أعمال الرصد والقياس وتطوير الأجهزة الالكترونية وتصميمها في أحد المراصد الفلكية أو يشارك في أعمال البعثات الفلكية المختلفة حول الكرة الأرضية أو ليتولى التدريس في إحدى الجامعات. ولذلك فإنّ نعت علماء الفلك بالمنجمين جهل أو تجاهل بطبيعة تدريبهم وإعدادهم وعلمهم ومعرفتهم. وقد تألمّ لهذا النعت علماءُ الفلك المسلمون من قُرّاء العربية وخاصة أعضاء اللجنة الدولية لرصد الأهلة. كما أن نعت علماء الفلك بالمنجمين ظلمٌ كبير لعلماء الفلك المسلمين في القرون الوسطى الذي كان لهم الدور الهام في تاريخ الحضارة الإنسانية والذين ما زالت أعمالهم ومنجزاتهم العلمية الفلكية مرجعاً هاماً لعلماء الفلك في الغرب. وقد تعجب علماء الفلك في الغرب في الجامعات الكندية كيف لم يحتج أساتذة وطلاب جامعات الفلك في الجامعات اللبنانية على هذا النعت الذي لا مبرر له وإطلاق اسم الشعوذة على أعمال ومنجزات علماء الفلك سواء في القرون الوسطى أمثال الخوارزمي والبزجاني والرازي والبتاني والبيروني والطوسي وابن يونس وابن الهيثم وأبو الوفا والبطروجي والمجريتي والزرقاوي وسواهم. علماً أنه في تاريخنا الإسلامي العربي برز مئات علماء الفلك ولم يكن في أية أمة أخرى هذا العدد الذي برز مثل ما برز في أمتنا الإسلامية، ولا شك أن سبب تطور علم الفلك لدى المسلمين هو السبب الديني . فالمسلم يريد معرفة اتجاه القبلة وولادة الهلال وبداية الشهر .. فالإسلام هو الحافز الرئيسي لإتقان علم الفلك وتطويره . وفي العصر الحاضر هناك علماء فلك كبار غير مسلمين مثل : سانحان وهوكن، وغيرهم ممن لهم فضل كبير في تقدم علم الفلك في العصر الحاضر. ولا تزال لحد اليوم القوانين التي استخدمها البتناني والطوسي والبزجاني تستخدم من قبل وكالة " نازا". إلا أننا وللأسف بعيدون عن استخدام هذا التراث ! الجداول الفلكية التي أطلق عليها العلماء المسلمون اسم (الأزياج) مفرد (زيج) وهي عبارة عن جداول تعيّن شروق الشمس وغروبها يومياً وشروق القمر وغروبه يومياً وشروق وغروب الكواكب السيارة يومياً (خسوف القمر وكسوف الشمس.) ففي القرون الوسطى يوم لم يكن هناك أشعة (ليزرية) ولا تحت الحمراء ولا أشعة (أكس) ولا (غاما) ولا أقمار صناعية، كان الاعتماد على أجهزة أو أدوات بدائية مثل : (الحلقة الاعتدالية) و (ذات الجيب) و (ذات النقطتين) و (عصا الطوسي) وهو جهاز مستخدم في علم الفلك ولا تزال في المتاحف الاوروبية موجودة. وإذا تعاملنا مع الجداول الحديثة التي يشرف عليها علماء الفلك المعاصر نجدها في غاية الدقة بحيث لم يحدث خلال هذا القرن على الأقل - بناءً على الجداول المتوفرة في المكتبات العامة - لم يحدث ولو مرة واحدة أن اختلفت جداول شروق وغروب وكسوف وخسوف وسائر الكواكب السيارة في المجموعة الشمسية بمقدار جزء واحد من عشرة أجزاء من الثانية. فالذي يدعي أن عند علماء الفلك اختلاف في أقوالهم، أين هو الخلاف ؟ فمثلاً: عندما يعين علماء الفلك أن هلال ذي الحجة في هذه السنة ولد نهار الأربعاء في 17 آذار الساعة 6.42مساءً. هذا الرقم نجده في مئتين زيج (كتيّب / جدول) من إصدار جامعة موسكو أو بكين أو طوكيو أو باريس أو روما أو لندن أو (أكسفورد) أو (كامبرج) أو أي جامعة فلكية في العالم لا تختلف ولو بجزء من عشرة أجزاء من الثانية. فهذا التوقيت عالمي (على حساب غرينتش). وعلى هذا كل دولة تستطيع أن تحسب أوقاتها الخاصة المتناسبة مع توقيت غرينتش. فالاقتران يقع فوق منطقة معينة ، فأحياناً يقترن القمر مع الأرض والشمس فوق المحيط الهادئ ، وأحياناً فوق جنوب أفريقيا أو الهند، فكل شهر يختلف الموقع ، فليس هناك قاعدة فلكية ثابتة لموقع معيّن. فالقمر يدور حول الأرض والأرض في انحناء معيّن تدور حول نفسها وهي تمسك القمر معها وتنتقل فيه حول الأرض. فهذه الخلافات في دورة الأرض حول القمر كل 24 ساعة مرة ودورتها الكاملة حول الشمس كل 365 يوم وربع اليوم دورة كاملة ، ودورة القمر حول نفسه كل 29 يوم و12 ساعة و48 دقيقة وثانيتان حول الأرض. القمر عندما يدور حول الأرض دائماً يستغرق نفس الوقت فليس هناك من شهر يزيد عن شهر آخر ولكننا لا نستطيع أن نقيس أيام الشهر القمري بنسق الأيام ، فنحن نستخدم اليوم الأرضي . دورة الأرض كاملة حول نفسها 24 ساعة ، هذا اليوم الأرضي نعد به الأيام القمرية. الخلاف الوحيد في التعيين أنّ اليوم الأرضي يبدأ من نصف الليل إلى نصف الليل الثاني ، بينما اليوم القمري يبدأ من مغيب الشمس إلى مغيب الشمس الثاني . هذا الفارق الوحيد، لكن النسبة الزمنية هي نفسها بلا خلاف. ودورة القمر حول الأرض هي نفسها إلا أنه اصطلح العلماء بأن هذا كسر. إن أرصاد علماء الفلك بخصوص دخول وقت القمر في المحاق (عندما يقع القمر بين الأرض والشمس) وهذا الاقتران يكون على شكلين إما أن يكون (خطي) أن يقع مركز الشمس ومركز القمر ومركز الأرض على خط واحد عندئذ يحصل كسوف شمس ، وإما تقع الشمس والأرض في مستوى واحد . في هذه الحالة ظل القمر يقع خارج الأرض، فالاقتران هنا (سطحي) . وعندما يحصل الكسوف يكون القمر قد أتمّ دورته الاقترانية (انتهاء الشهر ) ويبدأ شهر جديد. في هذه الحالة يكون القمر قد حال بين عين الراصد وبين الشمس بعد دقيقتين (الحد الأقصى 6 دقائق) القمر يدور بصورة مباشرة فإذا انجلى توجه القمر وبدأ بالسير فعندئذٍ تشرق الشمس من جديد. السؤال هنا: ما رأي فقهاء المسلمين في هذه الحالة. أنا أفهم أن القمر مرّ بين نظري وبين الشمس وبدأ الشهر فلو فرضنا في ذلك المساء أنه أتينا لنرصد القمر فلم نره بأعيننا . هل نأخذ بهذا الرأي فنقول بدأ الشهر غداً أم نقول هذا كذب ونفاق . السؤال موجه إلى العلماء والفقهاء !! كان بعضهم يقول (إذا وصل علم الفلك ليعطينا حقائق دقيقة ويقينية فإننا سنأخذ بها)، هذه المرحلة موجودة الآن بل حتى في الماضي. لكن ما كان يحصل في بيروت منذ 35 سنة هو أنّ أحد المنجمين قبل شهر رمضان بشهر يضع إعلاناً في الجريدة ويكتب في الأسفل " الفلكي فلان" بينما هو منجم ليس إلا !! اليوم هناك حقائق علمية لا مجال للشك فيها . العقل البشري لا يعتمد على هذه المعلومات بصورة عشوائية لمجرد أنها معلومات، بل هي جزء من النظام الفيزيائي الكوني الذي خلقه الله تعالى وجعله مرتبطاً ببعضه بدقة متناهية. ولم يحصل في تاريخ الاتحاد العالمي لعلماء الفلك الذي يضم في عضويته آلاف العلماء أيُّ اختلافٍ حول تعيين وقت دخول وخروج القمر من المحاق. ونتمنى على الذين يشككون بأرصاد ومقاييس وتجارب ودراسات علماء الفلك أن يثبتوا بالبرهان الموثق وجود أي اختلاف في الجداول المنشورة حول هذا الموضوع. وأنا مستعد لأن أراهن مع أي إنسان إذا وجد تبايناً من هذا النوع (جدول صادر عن جامعة تورنتو وآخر عن جامعة باريس مثلاً) ووجد اختلافاً في تعيين وقت خروج القمر من المحاق وولادته عندئذ أقول : إنّ عند علماء الفلك كذباً ونفاقاً . ما الذي يشاهده الناس قبل ولادة الهلال وقبل خروجه من المحاق ؟ وادعاء الرؤية في بداية شهري رمضان وشوال لعامي 1998/1999. أذكر أنه وفي الخمسينات والستينات كنا نرى القمر عبر (التليسكوب) بينما الناس من خلال بصرها لم تكن تره ، إلا أننا اليوم نتعجب من كيفية رؤية الهلال بالعين المجردة قبل ولادته بـ4 أو 5 ساعات. إذا اعتبرنا الشهود المائة الذين رأوا الهلال سنة 98-99 صادقين في شهاداتهم ولم يتعمدوا الكذب فالسؤال المطروح ، ماذا شاهدوا ؟ وللإجابة عليه نلفت النظر إلى أمر وهو أنّ الأجواء والآفاق المحيطة بالكرة الأرضية في هذه الأيام تختلف اختلافاً كبيراً عما كانت عليه منذ قرن من الزمن وحتى قبل أربعين سنة. ولذلك من الضروري إعادة النظر في أسلوب التدقيق والتحقيق المتبع في قبول الشهادة أو رفضها. ولا من أحد يكذب الشهود أو يلومهم لأنهم شاهدوا ما يشبه الهلال في الأفق الغربي لأن أمثال تلك الرؤية الوهمية الناتجة عن الخطأ والاشتباه ممكنة الحدوث. فقد حدث أثناء تجربة (لوكد شيفر) بالاستهلال في الولايات المتحدة بأن شهد 15% من المستهلين برؤية أهلة وهمية والتجربة كانت على مدى أربع سنوات. إذاً كيف يمكن أن يشاهدوا الهلال وما هي الأسباب ؟ 1.. إن الآفاق والأجواء المحيطة بالكرة الأرضية ملوثة بالكثير من الأبخرة، والغازات والسحب الدخانية على اختلاف أنواعها ودرجاتها من دخان وضباب (سموك) وضباب عالي وبخار ماء، وغشاوة ضبابية، ولطخة، وسخام، ونفثات غازية متقطعة، وغبار . . . الخ الجو اليوم مليء بهذه الأشياء، وكلها تحمل مجموعة من الغازات مثل بخار الماء، وغاز الكلور الناتج عن تبخر مياه البحار والمحيطات، وأول وثاني أوكسيد الكربون الناتج عن احتراق البنزين من تحركات السيارات والطائرات ، وثاني وثالث أوكسيد الكبريت الناتج عن محطات توليد الطاقة الكهربائية ومحطات تكرير النفط، والهيدروجين الكبريتي الناتج عن تفاعل ثاني أوكسيد الكبريت في الفضاء مع بخار الماء في تأثير الأشعة فوق البنفسجية وأول وثاني أوكسيد النيتروجين والحرائق . . . الخ ولا يخلو حالياً أفق أو جزء من أجواء الأرض مهما بدا نقياً وصافياً من آثار هذه الغازات السابحة في الأفق الغربي على شكل (ريشة) تبدو لعين الناظر بعد مغيب الشمس كأنها هلال، لأنها بسبب كثافتها المختلفة عن كثافة الهواء وارتفاعها فوق الأفق تعكس أشعة الشمس بعد المغيب وترتفع هذه الشذرات الشاردة من سطح الأرض إلى أعالي الجو على شكل (تدفق ريشي) بسبب حركة الأرض حول نفسها من الغرب إلى الشرق. ويمكن للراصد في هذه الأيام أن يشاهد بالعين المجردة في كل ليلة من ليالي الشهر أهلّةً وهمية إذا أمعن النظر بعد مغيب الشمس في كل بلدان العالم تقريباً. 2.. إضافة إلى ذلك كل هذه الغازات التي ذكرناها والتي تثير الشكوك في الرؤية يدخل عامل آخر هام يُعرف باسم التلوث الضوئي وهو النور الذي ينتشر في الجو فوق المدن المنارة بالمصابيح الكهربائية في الشوارع والطرقات وأمام المنازل والمصانع وما شابه ويؤدي إلى إحداث توهج في الفضاء الذي ينعكس عن بعض الريشات الغازية من الضباب الرقيق التي تأخذ شكل خيط دقيق من النور يشبه الهلال. 3.. إن تواجد آلاف الأقمار الصناعية المصنوعة من مادة معدنية مصقولة ولامعة وعاكسة للنور (حوالي 6 آلاف قمر صناعي) تدور بشكل مستمر وبسرعة متباينة تصل أحياناً إلى سرعة دوران الأرض حول نفسها ، ويلاحظ الناظر إلى الأفق الغربي بعد المغيب في معظم الأحيان أن الجزء المواجه للشمس من القمر الصناعي يعكس النور فيبدو أنه هلال قمر طبيعي. لذلك من أجل هذا الشيء فإن الواجب الشرعي يدعو إلى التدقيق والتمحيص العلمي في شهادات كل من يتقدم للشهادة برؤية الهلال. مع العلم أنّ اللجنة الدولية لرصد الأهلة في أميركا الشمالية قد وجّهت نداءً بتاريخ 14/كانون الثاني/1999 بواسطة شبكة الانترنت إلى مجموعة من أعضائها المراسلين وأهل الاختصاص العلمي في السعودية في مكة المكرمة والمدينة وجدة والرياض والطائف وأبها، لكي يستهلّوا مساء الأحد ويرسلوا بتقاريرهم إلى اللجنة بواسطة الانترنت. حيث كان الأفق الغربي في جنوب السعودية (عسير) نقياً وصافياً أكثر من الأفق الغربي في شرقي السعودية (الإحساء) حيث آبار النفط والأبخرة. ففي المكان الملوّث شهدوا برؤية الهلال بينما في المكان الصافي وليس أمامهم سوى البحر (البحر الأحمر) لم يره أحد. ومع ذلك لم يشهد أحد من المستهلين في الطائف وأبها والمدينة ومكة وجدة بالرؤية . 4-استحالة الرؤية قبل ولادة الهلال جاء في البيان الذي صدر عن مكتب بعض العلماء قوله ما يلي: (حيث انه ثبت لدينا وبشكل قطعي بعد الإطلاع على آراء معظم المراصد الفلكية في العالم ومنها مرصد طهران وبعد الاستماع إلى آراء الفلكيين الموثوقين استحالة رؤية الهلال من البلاد التي نتفق معها بجزء من الليل ، لذا وإنه ومع احترامنا لكل الأحكام التي صدرت عن غيرنا بناء للموازين الشرعية المعتمدة لديهم فإنه وبحسب رأينا فإننا نعتبر أن نهار الاثنين هو آخر أيام شهر رمضان المبارك وأن نهار الثلاثاء هو أول أيام عيد الفطر السعيد، وبالتالي فإنّ ادعاء الرؤية الحاصل من بعض الناس إنما هو اشتباه وخطأ بحسب رأينا) إنّ تحريات بعض العلماء مع المراصد الفلكية العالمية صحيحة وصادقة ، وإن جميع المؤسسات العلمية الفلكية أكدت استحالة رؤية الهلال قبل ولادته ولا شك في وقوع خطأ واشتباه في الشهادات التي أعلنت لأنّ من لوازم الرؤية أن يتأخر غروب القمر عن غروب الشمس، فلا رؤية لقمر قد غرب قبل الشمس أو معه كما أن القمر حينئذٍ يكون نصفه المواجه للأرض معتماً محاقاً لا نور ينعكس عنه والقمر لا يسمى هلالاً قبل ظهور قوس النور فيه ، فلا هلال إلا بنور ولا نور إلا بعد اقتران ولا هلال قبل اقتران ، فمنـزلة الاقتران سابقة على منـزلة الاستهلال. ويبدأ رصد الهلال عند غروب الشمس في الليلة الثانية لاقتران الأرض والقمر والشمس، وهو ما يسمى أيضاً بالاجتماع أو الاقتران أو الاتصال أو مولد الشهر الجديد أو القمر الجديد ، ولذلك لا يرصد الهلال عند الغروب إذا لم يكن الاقتران قد حدث، ولا عبرة في الاقتران الذي يحدث بعد الغروب لاستحالة وجود الهلال في الافق الغربي. وعلى العموم فإن الهلال القابل للرؤية في أفق من الآفاق يعتمد على عدة متغيرات منها : البعد الزاوي ، والارتفاع فوق الافق الغربي ، ومنها مدة المكوث بعد مغيب الشمس و موقع القمر في مداره حول الأرض، وموقع الأرض في مدارها حول الشمس، وزاوية انحراف القطب الشمالي نحو الشمس أو بعيداً عنها وحالة الجو من الصفاء والنقاء أو التلوث بالغازات ، ومنها أيضاً وحدة البصر وسلامة العينين والخبرة بالمنـزلة والموقع. كل هذه المتغيرات والعوامل لها أثرها الكبير بإمكانية الرؤيا . ومن المؤكد أن كل هذه الشروط والضوابط لم تكن متوفرة في هلال رمضان مساء نهار الجمعة في 18 كانون الأول 1998 ولا في هلال شوال مساء نهار الأحد في 17 كانون الثاني 1999. إذاً فالشهود لم يروا الهلال الحقيقي ولا شاهدوه ولكن شُبّه لهم . وهناك دعوى إلهية لتعلّم أحوال الكواكب وطريقة جريها وسيرها . قال تعالى::, وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلاً- وفي سورة أخرى :, هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدرناه منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ، ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصّل الآيات لقوم يعلمون - قصة تقويم أم القرى الملاحظ أن هذه المرحلة الهامة من تاريخ البشرية، أنّ الشعوب والدول تنتقل من قرنٍ إلى قرنٍ مضى مليء بالمنجزات العلمية والتقنية والتغيرات السياسية والاجتماعية إلى قرن قادم قد يحدث للبشرية إنجازات وتغيرات قد تكون الآن ضرباً من الخيال . إنّ ظاهرة التخلف الشديد في هذا العصر أن لا يستخدم العالم الإسلامي تقويماً موحداً تتعامل به الحكومات الإسلامية الملتزمة باستخدام التقويم القمري الهجري الإسلامي في كافة معاملاتها وإداراتها في مؤسساتها الرسمية. وإنّ تشابك العلاقات والمصالح والروابط الاقتصادية والعسكرية التربوية والإدارية بين الدول الإسلامية والدول الغربية في هذا العصر قد أدى إلى اهتمام الغرب وخاصة الولايات المتحدة لإيجاد وسيلة علمية تربط بين التقويم القمري الإسلامي والتقويم الشمسي الميلادي حتى لا يحصل أيّ تضارب أو خلاف في تواريخ المواعيد والمراسيم والاحتفالات والزيارات والمؤتمرات المتفق عليها بين الفرقاء. كما أن وضع تقويم قمري إسلامي موحد ملزم للمسلمين يعرف به بداية ونهاية الشهر مسبقاً أصبح في هذا العصر ضرورة مُلحّة للدول الإسلامية من أجل وضع البرامج التربوية المشتركة والتحقيق الاقتصادي والاجتماعي وما شابه . والمعروف أنّ جميع التقاويم الشمسية المتبعة في البلدان الغربية تشير إلى اليوم الذي يولد فيه هذا الشهر القمري الجديد بناءً على الأرصاد والحسابات الفلكية المعمول بها في تلك البلدان. وكان محصّل التقدم التقني والعلمي في الغرب أن أصبحت معرفة ورصد دخول القمر في المحاق وخروجه من البديهيات العلمية المتعارفة عليها . والمعروف أنّ المملكة العربية السعودية كانت أول دولة إسلامية تتبنى تقويماً قمرياً لمدة 15 سنة من 1990 إلى 2005 . أطلقت عليه اسم تقويم (أم القرى) . ويقوم هذا التقويم على اعتبار خروج القمر من المحاق كبداية للشهر الهجري القمري على أساس أن يكون اليوم التالي وهو خروج القمر من المحاق في أي ساعة من ساعات ذلك اليوم حسب التوقيت العالمي هو بداية الشهر الجديد. والمعروف أن هذا التقويم هو نفس التقويم الذي يعمل به مرصد البحرية الامريكية. وقد تعين في هذا التقويم بدايات ونهايات الشهور القمرية بشكل قاطع ثابت لا علاقة له بالرؤية العينينة للهلال. وقامت علاقة رياضية حسابية ثابتة بين التواريخ الإسلامية والميلادية في كافة العلاقات والمعاملات والمستويات بين الدول المعنية. وبذلك لم يعد للرؤية العينية بالنسبة للسعودية أي تأثير على بداية ونهاية الشهور القمرية وقد أدى الحال إلى قيام خلاف دائم بين الجمعيات الفلكية العربية الإسلامية من ناحية ووزارة الأوقاف ومجلس الإفتاء الأعلى في المملكة العربية السعودية ويصل هذا الخلاف إلى الأوج في تعيين بداية شهر رمضان المبارك ونهاية وبداية ذي الحجة في كل عام. الخلل الملاحظ في تقويم أم القرى إن الضعف والخلل في هذا التقويم يتمثل فيما يلي: 1.. حساب بداية الشهر القمري في السعودية على أساس التوقيت العالمي (أي يصلون على التوقيت المحلي ويحسبون الشهر على أساس التوقيت العالمي) الفرق حوالي 8 ساعات أحياناً. 2.. في حالات كثيرة يستحيل توفر إمكانية الرؤية العينية للهلال مما يتضارب مع البداية الفلكية المقررة للشهر حسب التوقيت العالمي. بالرغم من كل هذا النقص استطاعت السلطات السعودية أن تجد دائماً من يتقدم بشهادة الرؤية منذ العام 1990. وقد احتجت الجمعيات الفلكية في البلدان الإسلامية وفي أميركا الشمالية على الأسلوب المتبع في تقويم أم القرى. وقد وُجّه احتجاجٌ صدر عن رئيس الجمعية الفلكية الأردنية الأستاذ حايم ممدوح أبو زيد بتاريخ 23رمضان سنة 1418هـ الموافق 21 كانون الثاني 1992م إلى مجلس الإفتاء الأعلى في الرياض حول الإعلان عن ولادة هلال شوال قبل موعده الطبيعي بيوم كامل (24ساعة) . وقد أجابه أحد المسؤولين المدعو محمد بن أُحيمد بما يلي : (إنّ تعيين مواقيت بداية أول الشهر الإسلامي هي كتعيين مواقيت الصلاة وإنّ الحكمة الإلهية من هذه المواقيت هي العلم بعدم جواز اتخاذها كطقسٍ عبادي لأن العبادة لله وحده وليست للمواقيت). ولم تتعرض رسالة مجلس الإفتاء الأعلى السعودي لا بقليل ولا بكثير إلى موضوع الرؤية والشهود بل ذكر طريقة حسابية قمرية في تعيين الشهر القمري بالنص التالي: (( يعتبر تقويم أم القرى أنه إذا كان عمر القمر عند مغيب الشمس مقدار 12 ساعة فما فوق فعندئذٍ يكون اليوم السابق هو أول أيام الشهر الإسلامي لأنّ اليوم الإسلامي يبدأ عند مغيب الشمس)).. فسّروا لنا هذا الكلام !! ------------------------------------- لا يخفى أن مع هذا التصريح الوارد في بيان الملاك لتقويم أم القرى في تعيين أوائل الشهور، فلا يبقى مجال إلا لجريان الكلام والإشكال في حسابات تقويم أم القرى! فإن التجربة عبر السنين الماضية تذكّرنا أن هذا التقويم: أعلنت بأوائل الشهور مرات، (التي يفيد بكون عمر القمر أكثر من 12 ساعة)، حيث أن في نفس الوقت أعلنت المراكز الفلكية العالمية (من توكيو وبكن ومسكو وبرلين وباريس ولندن وكانادا وأمريكا واستراليا) بأن القمر لم يتولد أو لم يخرج من المحاق بعد. ومع هذه التجربة من تخالف حسابات تقويم أم القرى مع المراكز العالمية، هل يصح الاعتماد عليه؟ خاصة في صورة مخالفته مع نتائج المراكز الفلكية العالمية (من توكيو وبكن ومسكو وبرلين وباريس ولندن وكانادا وأمريكا واستراليا)؟! أو أن العقل يدلنا إلى ملاحظة نتائج المراكز العالمية، هذا إذا كان العمل على الحساب وكان المذهب الفقهي معتمد على تعليق أمر الصيام والإفطار على الحساب. وأما إذا استقر المذهب الفقهي على تعليق أمر الصيام والإفطار بثبوت الرؤية الحقيقية للهلال، فلا تنس التنبيهات السابقة في موجبات توهم الهلال في العصر الصناعي، واعتمد على الرؤية الحقيقية التي تثبت برؤية أهل البلد لا الرؤية الفردية المتفرقة، إذ لا يعني إذا كان السماء صاحيا والجو نقيا وكثير من الناس مستهلين وفاحصين لرؤية الهلال، أن يرى الهلال شخص أو أشخاص معدودة فقط!!! فلذلك في موضوع الرؤية يلزم أن يلاحظ جهتين: الأولى: إمكانية الرؤية بتأييد المراكز الفلكية العالمية وأن في هذا التاريخ تولد الهلال وتجوز الرؤية. والثانية: أن تكون الرؤية حقيقية لا وهمية، وذلك بوقوعها بلديّا و جمعيّا لا فرديّا. وفي الختام أقول اللهم أرنى الأشياء كما هي، اللهم عرفنا الحق والحقيقة، وجنبنا الوهم والخطيئة، وأعذنا من شر الشيطان ووفقنا لخالص الأعمال إنك سميع الدعاء. http://www.alargam.com/maths/falak/ragm91.htm
  8. يمكن تعريف "الزمن" بأنه فرق بين متغيرين، فالمتغيرات تجعلنا نحس بالزمن، ولا شك أن المتغيرات في المجتمعات المتحضرة أكبر منها في المجتمعات الأقل تحضراً. من هنا تزداد أهمية الوقت، ويحتاج عندها الإنسان إلى الضوابط والمقاييس. فلا عجب أن أبدع الإنسان التقاويم منذ فجر التاريخ، لينظم وقته ويسجل تاريخه، وما الوقت في حقيقته إلا الفعل البشري والمتغيرات التي أحدثها وأبدعها. وليس بعيداً عن الصواب أن يعتبر الأستاذ مالك بن نبي أن عناصر الحضارة هي: الإنسان والتراب والوقت. لقد ربط الدين الكثير من العبادات بالوقت مما جعل الإنسان يحس بالزمن، ويجعله حاضراً في وعيه الفردي والاجتماعي. والمتدبر للشعائر التعبدية في الإسلام يلحظ هذا؛ فالصلاة مرتبطة باليوم وأجزائه، في حين يرتبط الصيام بوحدة من وحدات السنة وهي الشهر، وكذلك الحج، وإن كان يختلف عن الصيام في بعض الحيثيات. في حين نجد أن الزكاة مرتبطة بدورة سنوية تختلف من شخص إلى آخر. والفكرة المركزية في ذلك كله أن الإنسان بدأ يشعر بالدورات الصغيرة منها أو الكبيرة. وفي الوقت الذي تعود فيه الشمس إلى الإشراق لا تكون قد عادت من حيث بدأت، بل يعني ذلك في حس الإنسان الإعلان عن بداية دورة جديدة تختلف. ليس هذا مقام الاستفاضة في تاريخ التقاويم في الحضارات المختلفة، ولكن الملحوظ أنّ التأريخ الأشهر في العالم، وهو الميلادي، يرجع إلى حادثة دينية ألا وهي ميلاد المسيح عليه السلام. أما التأريخ الهجري فكما هو معلوم يرجع إلى حادثة الهجرة الشريفة، وهي حادثة دينية أيضاً. أما التأريخ العبري فيزعم اليهود أنه يعود إلى ظهور الإنسان على الأرض بخلق آدم عليه السلام، وهذه أيضاً قضية تستند إلى مفاهيم دينية. لقد أدان القرآن الكريم تلاعب العرب المشركين قبل الإسلام بترتيب الأشهر القمرية فيما يسمى "بالنسيء" يقول سبحانه وتعالى في سورة التوبة :"إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا" الآية 37. وقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، في الخطبة المسماة أيضاً خطبة الوداع، أن يعيد ترتيب الأشهر إلى الوضع الصحيح وأكد على ذلك، بل لقد كانت هذه القضية من القضايا المركزية في خطبته عليه السلام. وهذا أمر مفهوم، لأن من مقاصد الدين الأساسية جمع الناس وتوحيدهم. وقد حرم الإسلام كل ما من شأنه أن يفرق الناس، ويعمق الخلاف بينهم. ألم يصرح الرسول عليه السلام بأن عيد الفطر يوم يفطر الناس، وأن عيد الأضحى يوم يضحي الناس؟! ففي الوقت الذي كان يصعب فيه التحقق من بداية الشهر القمري فلا يُرى القمر لوجود سحاب أو غيره، كانوا يُتِمّون الشهر 30 يوماً مع احتمال أن يكون الشهر في واقعه 29 يوماً. وعلى الرغم من ذلك فإن العبرة لما أجمع عليه الناس، لأن إتمام الشهر 30 يوماً عند عدم التحقق من مولد الهلال هو حكم شرعي. وكذلك الصيام هو حكم شرعي، واجتماع الناس في عبادتها وأعيادها مقصد من مقاصد الشرع. آيات قرآنية تتعلق بالزمن وحسابه * يقول تعالى في سورة يونس :"هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا، وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب. ما خلق الله ذلك إلا بالحق، يفصل الآيات لقوم يعلمون"(1). ملاحظات على الآية: يؤدي اختلاف منازل القمر إلى تكون الشهور والسنين، وبالتالي يسهل على الإنسان معرفة السنين والأشهر..الخ. قوله تعالى "عدد السنين والحساب" يدل على أن هذه المنازل لا ترشدنا إلى معرفة السنين فقط، بل هناك أيضاً "والحساب" وهي تحتمل ما هو أصغر من السنة كالشهر، والأسبوع، واليوم...... وتحتمل أيضاً دورات أخرى أكبر من السنة، كالدورة الخسوفية وغيرها ... الخ. ما خلق الله عالم الأفلاك إلا بالحق، من أجل صلاح شأن المخلوقات، بما فيها الإنسان، والذي هو خليفة في الأرض، وسُخر له ما في السماوات وما في الأرض. إن مثل هذه الآيات يتم تفصيلها ليتنبه أهل العلم إلى دلالاتها وإشاراتها، وكل ذلك في مقام النعمة، وبالتالي يتيح العلم للإنسان مجالاً أعظم للاستفادة من إمكانات الكون البديع. * يقول تعالى في سورة الإسراء :"وجعلنا الليل والنهار آيتين، فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة، لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناه تفصيلا"(2). ملاحظات على الآية: القمر هو آية الليل، وقد زال ضوءه وأصبح مجرد عاكس لضوء الشمس، والشمس هي آية النهار، وضوؤها يجعل الإنسان مبصراً للكون المحيط به. ذكر القرآن في هذه الآية حكمة من حكم هذا الخلق البديع لم يذكرها في الآية السابقة وهي: "لتبتغوا فضلاً من ربكم" وهذا يعني أن النهار وما فيه من إبصار يساعد الإنسان على التقلب في النعم التي لا يُحصيها. في الآية السابقة كان التركيز على منازل القمر دون الشمس، وإن كانت هذه المنازل تعبر في الحقيقة عن علاقة القمر بالأرض والشمس. وفي هذه الآية يبرز دور الشمس والقمر في معرفة الإنسان لعدد السنين، ولما يمكن استنباطه من وجوه الحساب. *واضح أن النعمة لا تتعلق بحساب السنين والأشهر القمرية فقط، بل وبالسنين الشمسية، وبما هو أكثر من ذلك. * أشار سبحانه وتعالى في الآية الأولى إلى أنه يفصل الآيات لأهل العلم، وأشار في الآية الثانية إلى أنه قد فصل كل شيء، وهذا يعني أن وراء النظرة الكلية تفصيلات تحتاج إلى توقف ونظر. بل إن الإنسان ليكتشف كل يوم أن وراء كل تفصيل تفصيلات، ووراء كل جزئية جزئيات. وهكذا وكأن الأمر لا يتناهى. * يقول تعالى في سورة الأنعام :"وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً"(3) . ويقول في سورة الرحمن "الشمس والقمر بحسبان"(4) . ملاحظات على الآيتين: الحسبان: جمع حساب. ويصح أن يكون مصدرا، أي حسب حسبانا، كغفر غفراناً. فقد جعل الله تعالى الشمس والقمر علامة حساب للناس، ولا يكونان علامةً للحساب، حتى يجريا بحساب وبقدر. جاء الإسلام ليصحح نظرة البشر إلى الظواهر الكونية، فبعد أن كانت في الوثنيات آلهة تعبد، أصبحت عند المسلم مخلوقات خلقها الله بقدر وحساب، لتحقق الحكمة من وجودها، ولتقوم بوظيفة خلقها. ويبقى الإنسان هو الخليفة الذي سخرت له كل هذه المخلوقات وكل هذه القوانين، وما عليه إلا أن يستخدم عقله وفكره وقدراته لتحقيق وظيفته في الكون باعتباره الخليفة السيد. ويكون ذلك على أتم صورة عندما يوظف القوانين والسنن الكونية، وعندما يلتزم القوانين والسنن التشريعية. * يقول سبحانه وتعالى في سورة التوبة :"إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم ذلك الدين القيم"(5) . ملاحظات على الآية: في حكم الله وتقديره أن عدة الشهور في السنة هي (12) شهرا، وهذا الأمر هو قانون كوني كان منذ خلق الله السماوات و الأرض. أن تكون السنة (12) شهراً هو قانون كوني، أماّ أن يكون منها أربعة حُرُم فهذا قانون شرعي، والأشهر الحرم هي:ذو القعدة، وذو الحجة، ومُحَرم، ورجب، أي الأشهر ( 11، 12، 1، 7) من السنة القمرية. إنّ الدين الحق هو الدين القائم بمصالح النّاس، وتأتي تشريعاته لحفظ شؤونهم، وهذا من معاني قوله تعالى"ذلك الدين القيم".ومن قيام هذا الدين بمصالح الناس تشريعه لأحكام الأشهر وعلى رأسها حرمة الابتداء بالقتال، من أجل أن تكون هذه الأشهر هي أشهر سلام. إلا أن الناس في الجاهلية قد احتالوا على هذا التشريع فأخروا الأشهر الحرم بحسب أهوائهم، بل سمّوا الأشهر بغير أسمائها، ليستحلوا إيقاع الحرب في الأشهر الحرم.وقد كانوا يلتزمون بأربعة أشهر يحّرمونها، ولكنهم تلاعبوا بمواقعها، و التي هي مواقع مرتبطة بقوانين كونية.وهذا التلاعب هو النسيء الذي جاء فيه قول الله تعالى:"إنما النسيء زيادة في الكفر". جاء فيما أخرجه البخاري ومسلم، وأحمد، وأبو داود وغيرهم، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع "ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حُرُم، ثلاثة متواليات؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ورجب مفرد، الذي بين جمادى وشعبان". ملاحظات على الحديث : حجة الوداع، هي آخر حجة للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حرص فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يودّع المسلمين وينصح لهم، وقد كانت في شهر ذي الحجة، والذي يدل اسمه على أنه الشهر الذي تقع فيه أعمال الحج. حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إبلاغ الناس بأن الزمان قد عاد إلى وضعه الصحيح، وانسجم واقع الناس مع الواقع الكوني، وبالتالي تكون الأحكام الدينية قد انسجمت مع الواقع الكوني.فإذا كان النسيء قد أحدث فوضى، فإن الإسلام قد أعاد الأمور إلى نصابها. كانت خطبة حجة الوداع في التاسع من ذي الحجة، وهو يوم مشهود، يقف فيه الجميع يسمعون للرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد أن ذكرهم عليه السلام بحرمة المكان وحرمة الزمان الذي هم فيه، أعلمهم أن هذه اللحظة هي لحظة انسجام بين قوانين الكون وقوانين الشرع، وبالتالي عليهم أن يبدأوا من هذه اللحظة بتصويب التقويم. ولاشك أن وجود الأشهر الحرم في مواقعها الشرعية يقتضي أن نضبط الزمن، وأن نتابع الملاحظة، وأن نوجد التقويم الذي يمنع التلاعب و الانحراف، وبهذا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد ضبط التوقيت، الذي لا تقوم لأمة متحضرة بدونه قائمة، بل لا تسود بدونه حضارة. خلاصة:ما أردنا أن نبرزه في السطور السابقة هو أن الإحساس بالوقت، وضبطه، من ضرورات المجتمعات المتحضرة، والتي يراد منها أن تتحضّر. ولاشك أن الدين القيّم هو الدين الذي يتبنى في تشريعاته مصالح البشر.ثم إن الانسجام مع القانون الكوني يعني أننا ننسجم مع القانون الشرعي. ولا ننسى لحظة أن الذي خلق الكون ونواميسه هو الذي أنزل الدين وتشريعاته:"ألا يعلمُ من خلق". الهوامش (1) سورة يونس. الآية 5. (2) سورة الإسراء. الآية 12. (3) سورة الأنعام. الآية 96. (4) سورة الرحمن. الآية 5. (5) سورة التوبة. الآية 9.
  9. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(1). وسيأتي الكلام في الباب الأخير عن علاقة إعجاز القرآن الفلكي بالأعداد إن شاء الله تعالى، على أن الكلمة التي يهمّنا موقعها هنا هي كلمة ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾. ذلك أن اقتران هذه الكلمة بالعدد (7) في هذا النصّ الكريم لا بدّ أن تكون له دلالة عددية مقصودة طبقًا للمنطق الرياضي الذي تعرّضنا له سابقًا. فما هي هذه الدلالة؟ عند الرجوع إلى القرآن الكريم نجد أن كلمة "سماء" تكرّرت فيه (120) مرة، في حين أن كلمة "سموات" تكرّرت فيه (190) مرة، بحيث يكون المجموع الكلي لورود هذه الكلمة في كل القرآن مساويًا لـ(310) مرات. ولكن الأمر المدهش حقًا أنه من بين جميع هذه التكرارات الوفيرة لكلمتي "السماء" و"السموات" في القرآن الكريم، فقط (7) مواضع منها جاء فيها تقرير من الله سبحانه وتعالى بأن عدد "السموات" هو بالفعل (7)، حيث كان ذلك في المواقع التالية: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(2) ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾(3) ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾(4) ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾(5) ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً﴾(6) ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ﴾(7) ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً﴾(8) وبذلك فقد تساوى عدد السموات المُعلن عنها في القرآن الكريم تمامًا مع عدد الآيات التي ذكرت هذه الحقيقة الإلهية العجيبة. فسبحان الله العظيم! والأمر لا يقف عند هذا الحد! لأننا نجد دليلاً قاطعًا على أن هذا التساوي مقصود وله غرضه: ففي القرآن آيتان كريمتان جاء فيهما التعبير عن خلق السموات السبع، ولكن دون أن يذكر الله تعالى فيهما كلمتي "السماء" أو "السموات"، وهما: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾(9) ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً﴾(10) فلو أن كلمة "سماوات" وردت في هاتين الآيتين بدلاً من "طرائق" أو "شدادًا"، أو حتى جاءت مقترنة بإحداهما، لأصبح عدد المرات التي يتمّ فيها التقرير الإلهي بعدد "السماوات السبع" هو (9) وليس (7)، ولما اتّضح سرّ هذا الإختيار الدقيق لمواقع الكلمات في هذه الآية الكريمة! فسبحان الله رب العالمين. -------------------------------------------------------------------------------- (1) سورة البقرة: 2/29. (2) سورة البقرة: 2/29. (3) سورة الإسراء: 17/44. (4) سورة المؤمنون: 23/86. (5) سورة فصلت: 41/12. (6) سورة الطلاق: 65/12. (7) سورة الملك: 67/3. (8) سورة نوح: 71/15. (9) سورة المؤمنون: 23/17. (10) سورة النبأ: 78/12.
  10. المسعد

    الجغميني (000-735 هـ /000 -1334م)

    ساحاول باذن الله.
  11. محمود بن محمد بن عمر الجغميني الخوارزمي عالم الفلك والرياضيات عاش في القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي. الجغميني ولد في جغمين وهي من أعمال خوارزم، ولكن الموسوعات وكتب تاريخ العلوم لم تحدد عام ميلاده على وجه الدقة، وقد ذكرت الموسوعات وبخاصة دائرة المعارف الإسلامية أنه توفي عام 745هـ . وبتحقيق تواريخ كتابة مؤلفاته أجمع مؤرخو العلوم أنه قد توفي عام 735هـ /1334 م ، ولم تذكر الموسوعات الكثير عن حياته بل ذكرت ثقافته الواسعة والعلوم المختلفة التي حصلها، فقد درس الجغميني الكتب الأصول في عصره في علوم الفلك والطب والرياضة، واهتم اهتماما خاصا بكتب ابن سينا ، وكان الجغميني من علماء عصره المشهورين، وتحدث العلماء المعاصرون له عن فضله وعلمه. ومن مؤلفاته في الفلك كتاب: الملخص في الهيئة ، وهو كتاب مدرسي جاء فيه العديد من المباحث الهامة في علمي الفلك والجغرافيا ومن أهم تلك المباحث: كروية الأرض وحركتها، ورصد حركة الكواكب السيارة حول الأرض وأبعادها، وشاع ذكر هذا الكتاب في مختلف الأقطار الإسلامية، واهتم به العلماء المسلمون وذلك لدقته وتنوع قضاياه التي يعالجها مما جعل العديد من العلماء يشرحونه ومنهم: قاضي زاده ، و الجرجاني ، ومحمد بن همام الطيب، والتركماني، وكان هؤلاء العلماء يعتبرونه من الكتب المصادر في علم الفلك والجغرافيا فلا يصح أن يجاز أحد الطلاب في هذين العلمين دون دراسة هذا الكتاب والامتحان فيه. وقد ذكره كذلك العالم نللينو كأحد الكتب الهامة في تاريخ الفلك العربي،واهتم بذكره كافة المؤرخين، ورصدوا كافة الشروح المختلفة لهذا الكتاب فوجدوا أن العراق لا تخلو من شرح أو تعليق أو درس له، فهو من الكتب التعليمية الأساسية في تاريخ العلوم العربية. وقد خلف الجغميني عدة مؤلفات منها: في علم الفلك رسالة بدون عنوان، ورسالة: في علم الفلك ، وكتاب بعنوان: علم الهيئة ، ورسالة عن الكواكب وحركتها ومداها وبعدها عن الأرض بعنوان: قوة الكواكب وضعفها . وله رسائل في الحساب منها: رسالة في الحساب ، و شرح طرق الحساب في مسائل الوصايا وهي من الرسائل العملية في علم الحساب، وله في الطب النظري كتاب: القانونجه في الطب تناول فيه كتاب /10 L234 القانون في الطب / 10 للعالم ابن سينا .
  12. المسعد

    الجغميني (000-735 هـ /000 -1334م)

    السلام عليكم .اخت هدى . بالنسبة للمؤلفات الجغميني ساحول ان ارسل اليك بعض منها عبر msn :: msa.0@caramail.com ان شاء الله.
  13. تضم - المجموعة M 51 اسم المجرة المسافة "سنة ضوئية" اسماء اخرى النوع الحجم سنة ضوئية 1 NGC 5023 37,000,000 H II.664 حلزونية 2 UGC 8313 37,000,000 حلزونية 3 UGC 8331 37,000,000 شاذة 4 NGC 5055/M63 37,000,000 Sunflower Galaxy حلزونية 5 M51 37,000,000 NGC 5194 حلزونية 6 NGC 5195 37,000,000 M 51B حلزونية 7 NGC 5229 37,000,000 [swift III] 8 NGC 3031 37,000,000 UGC 8683 شاذة M 51 B مجرة M51
  14. أين تقع الموضوعات من الفلك والعلوم الكونية؟ وما تلك الموضوعات؟ يقوم الفلك والعلوم الكونية الأخرى على قاعدة من الموضوعات، مثل العلوم غير الكونية، كالرياضيات والفيزياء والبيولوجيا وغيرها، لهذا لن أتطرق إلى تعداد موضوعات الفلك والعلوم الكونية، كما تعدد موضوعات فرع من فروع الرياضيات في مستهله، إلا أنني سأحاول تصنيف موضوعات الفلك والعلوم الكونية حسب طبيعة الفكرة التي هي قيد البحث، إلى ثلاثة أصناف من الموضوعات: 1- الموضوعات التجريبية: تتميز التجربة في الفلك والعلوم الكونية بكونها تجربة منفعلة، أما التجربة في العلوم الأخرى فهي تجربة فاعلة، وأقول في معظم العلوم لأن التجربة في بعض العلوم كعلم الحياة مثلاً ضرب من المفارقة أكثر منها نوعاً من أنواع التجربة، إذ كي ندرس آليات الحياة لا بد لنا أولاً أن نزيل صفة الحياة من الموضوع المدروس، أعني بالتجربة المنفعلة عدم إمكان تكرار تجربة معينة بشكل منظم وعن قصد، بينما يمكن بالتجربة الفاعلة أن نكرر العمل ما شئنا، حتى نصل إلى النتائج المتوخاة، أما في نظاق الفلك والعلوم الكونية فيستحيل أن نفجر نجماً أو نحرك مذنباً، أو نعيد الأحداث إلى الوراء لاستطلاع ماذا جرى خلال التاريخ المبكر للمجموعة الشمسية، إن علينا أن ننتظر انفجار النجم وإن كان هذا الانتظار ليس بالقصير من حيث المبدأ، وقد يمتد لسنين طويلة، كما يتوجب أن نستنتج وبشكل غير مباشر المراحل المبكرة من حياة المجموعة الشمسية، ومن هنا فإن كون التجربة منفعلة لا يقتصر على عدم إمكان تكرارها وفق ما نشاء، بل يتعداه إلى استحالة إجراء التجربة أصلاً ضمن ظروف معينة، وهكذا فعلينا أن نقبل بالنظرية التجريبية للفلك والعلوم الكونية، تلك التي تعيد صياغة مفهوم التجربة في شكل غير مألوف، فبعد أن كانت التجربة تنطوي على تهيئة وإعداد منظمين من قبل المجرب إذا بها تنقلب إلى استعراض مزاجي الطابع، إن جاز لنا التعبير من قبل موضوع التجربة، أمام المجرب الذي يقبع إزاء موضوع التجربة دون أن يقدر على تحريك ساكن. لا تشكل هذه الحقيقة انتقاصاً من قدر الفلك والعلوم الكونية، فمن الموجهة النظرية المحضة، إن ما نكرره في إطار التجارب الفاعلة ليس تكراراً على وجه الدقة، وإنما هو تقريب، وبدرجة مقبولة من تجربة سابقة، فكل فعل محدث يختلف عما سبقه حتى لو كان نسخة عنه، إذ إن الفعل المتأخر يجري في إطار ظروف مختلفة مهما كان اختلاف تلك الظروف ضئيلاً. 2- الموضوعات النظرية: تتركز المعرفة العلمية على بناء النماذج، وتتراوح أنواع النماذج بدءاً من الانعكاسات المباشرة للعالم في أذهاننا، حتى المعادلات المعقدة التي نصوغها لتفسير العلاقات المتبادلة بين أجزاء ذلك العالم، لقد قادتنا عزلتنا الأرضية إلى كشف عدد من القوى والمؤثرات الطبيعية الفاعلة في نطاق الأحداث الطبيعية على كوكبنا الأرض وفي الفضاء المجاور القريب، والسؤال الآن: هل نستطيع تشكيل نماذج للأجسام والأحداث الكونية البعيدة؟ وما الأدوات التي يمكننا استخدامها في عمليات التشكيل تلك؟ تتدخل الموضوعة النظرية للفلك والعلوم الكونية هنا لتؤكد أن الكون بأسره تسيره الآليات ذاتها، فما نكتشفه من قوى ومؤثرات في مكان وزمان معينين، هي القوى والمؤثرات الفاعلة نفسها في أمكنة وأزمنة أخرى، وإن كانت هناك فيزياء مجهولة فليس لأنها تعمل في أصقاع كونية أخرى بل لأنها موجودة هنا ولم نكتشفها، وإذا تم اكتشافها عقب ارتحال إلى أعماق الكون فسيقترن اكتشافها باكتشاف آخر هو أن تلك الفيزياء كانت موجودة هنا وأن شيئاً ما حال بيننا وبين معرفتها في وقت أسبق، إن غياب الفكرة النظرية ضمن القالب الذي بيناه سيقيد أية محاولة نبذلها لمعرفة الكون، بل سيعزلنا عن الكون، وسيخفي العلاقة العميقة القائمة بيننا كممثلين رئيسيين للوعي وبين الكون الفيزيائي. 3- الموضوعات الفلسفية: إن هذه الموضوعات هي الترجمة المعاصرة لفكرة وحدة الوجود، وتنص هذه الفكرة على أن المعرفة بحد ذاتها هي الوعي، أي وعي الكون لذاته، ممثلاً في كائن متقدم الذكاء كالإنسان، ومن هذه المقدمة نصل إلى القلب من النظرية الفلسفية، التي تتركز حول فكرة استحالة تحقق المعرفة بدون الصلة الفيزيائية مع الكون، وأن في هذه الصلة نوعاً من الجبرية، فالكون سينفتح حتماً أمام الوعي الوليد، والوعي بدوره سيراقب الكون ويكتشف نظمه ويحيط به، هل يمكن أن نتصور حياة واعية متقدمة على كوكب الزهرة القريب من أرضنا؟ طبعاً لا، ليس لأن المسابر الفضائية لم تكتشف مثل تلك الحياة، بل لأن السحابة الكثيفة المحيطة بكامل الكوكب وبشكل دائم تحجب الكون عن أنظار أي كائن على سطح ذلك الكوكب، وهو بذلك لن يكتشف الكون ولن يعرفه، ضمن ما قصدناه من معنى سيكون كائناً غير واع، وستتبين صحة وجهة النظر هذه فيما يلي من مناقشتنا. نعيد صياغة الفكرة الفلسفية بقولنا: إن الكون هو أساس المعرفة، تتأيد فكرتنا هذه من خلال الأفكار التالية: لقد لعب الكون وبشكل مباشر وغير مباشر الدور الرئيسي في تكوين البنى المعرفية، يمكن أن نقول إن الذكاء الإنساني قد قدح بفعل كوني منذ البداية، إن وجهات النظر الحديثة في ميكانيكا الكم تصور أية جملة نظم جزيئية من العالم، أو حتى العالم نفسه في صورة حالة معينة، من أصل عدد محدد وممكن من الحالات، يضيف هذا العلم أن الانتقال من حالة إلى حالة أخرى يتم بقفزة يحددها احتمال معين، تدعى القفزة الكمومية أو القفزة الكوانتية، ولكي أقرب مفهوم القفزة في ميكانيكا الكم أهبط قليلاً إلى عالم الذرة، حيث تستبدل عدد هذه المدارات أو الغيمات بشكل مسبق، ولا يستطيع الإلكترون في أثناء وجوده في الذرة إلا أن يوجد في إحدى هذه الغيمات، أما إذا غادر الإلكترون أحد المدارات أو الغيمات فإنه لا يسلك أي طريق جهة مدار أو غيمة أخرى، ذلك لأن ميكانيكا الكم تمنع الوجود الظاهراتي للإلكترون إلا في إحدى الغيمات حصراً، إن قفزة الإلكترون هذه قفزة كوانتية، وتتم بفقدان الإلكترون لكمية من الطاقة حيث يهبط إلى مدار أو غيمة أدنى، أو كسبه لكمية من الطاقة حيث يرتفع إلى مدار أو غيمة أعلى. ما صلة هذه الطريقة بالتفكير مع تحليلنا؟ لا بد من استطراد آخر قبل أن نجمع كل أفكارنا في صورة واحدة، نعود إلى الاستطراد من جديد، ومرة أخرى إلى الأثر الفيزيائي المباشر للكون على الأرض، لقد أثبتت رحلات الفضاء أن القصف النيزكي لسطح الأرض كان أمراً متواتراً ومستمراً عبر تاريخها، إلا أن الغلاف الجوي يمحو آثار ذلك القصف، وكذلك شأن الإشعاعات التي تصل سطح الأرض مع انفجارات النجوم، التي أتينا على ذكرها، لقد كان لكل من هذين الفعلين أثر كبير في تغيير منهج الحياة على الأرض، وكان الأثر إما منفصلاً من أحد الفعلين أو متناسقاً مع كليهما، ولنضرب مثلاً على ذلك انقراض الديناصورات، فبعد أن عاثت هذه الزواحف الرهيبة فساداً على الأرض لأكثر من مئة مليون عام، حيث كانت الثدييات تختبئ هرباً من شرها، اختفت بشكل مفاجئ، وخلال عدة آلاف من السنين فقط، كانت النظرية القديمة تقول إن الغذاء لم يعد يكفي الديناصورات، ولكن كيف كان يكفيها لعدة عشرات من ملايين السنين، إن هذه النظرية بالفعل ضعيفة، أما النظرية الحديثة فتقول إن نيزكاً هائلاً اصطدم بالأرض، وإن الغبار الناجم عن الاصطدام ارتفع حتى أعالي الغلاف الجوي، فحجب نور الشمس عن الأرض، ودخلت الأرض بالتالي في عصر جليدي مما سبب انقراض الديناصورات، وبرز دليل جديد لهذه النظرية، يربط انقراض الديناصورات بانفجارات النجوم وما تخلفه من طاقات عالية، ويضع هذه البديل النجم المنفجر على مقربة من شمسنا، بحيث لا يزيد بعده عن ثلاثين سنة ضوئية، المهم أن تلك الطاقات العالية أحدثت قفزات كمية في الجزيئات المكونة للديناصورات مما أساء للبنى البيولوجية الإجمالية لها ولمورثاتها، إذ لم تكن البنى والمورثات مؤهلة لتحمل تلك القفزات، فبدأت الديناصورات بالانقراض تدريجياً، وكان هذا الفعل كارثياً، إذ يجب علينا أن نفهم الكارثة كما يفهمها العلم الحديث، فأية قفزة مفاجئة هي كارثة، تماماً كالقفزة الكوانتية سواء أكانت نتائجها جيدة أم سيئة، وكما تحتم ميكانيكا الكم على أن كل جملة لا بد وبشكل قطعي أن توجد في حالة معينة من أصل عدد محدد من الحالات تماماً كوجود الإلكترون في أحد مداراته حول النواة، إن الحديث عن وجوده في حالة معينة هو الحديث الاحتمالي، فإن احتمال قفزة كوانتية سابقة لدى الكائن الإنساني قد يكون على الشكل التالي: نتصور الكرة الأرضية في أحقاب سابقة، يعيش عليها أجداد الإنسان، وهي كائنات غير منتصبة القامة، لا ترى السماء إلا نادراً وعلى مقربة من الشمس يتفجر أحد النجوم فتنهمر الطاقات العالية على سطح الأرض، وتمتص جزيئات تلك الكائنات هذه الطاقة، فتحدث فيها قفزات كوانتية تاركة أثار إجمالية في بعضها، تتمخض عن حالة جديدة للمخ، ينتصب الكائن إثر ذلك على قدميه، ويصبح بإمكانه أن يرى السماء، وبعدها يبدأ ذلك الكائن بمراقبة الكون فيهيب بذلك القيمة والمعنى للكون، تؤيد وجهة النظر هذه أنه خلافاً لنظرية داروين لم تولد أو تتطور أو تضمحل كل أعضاء الجسم نتيجة لتغيرات الحاجة الوظيفية ولا أدل على ذلك من الفص الجبهي في مخ الإنسان. لقد كانت تلك اللحظة تاريخية بكل معنى الكلمة، إذ مرت الجملة المكونة من الكون والإنسان بالقفزة الكوانتية المطلوبة، وبعدها بدأت الرحلة الطويلة لاستكمال الحالة الكوانتية الجديدة، أي الحالة التي ستأخذ شكلها النهائي عندما يلتحم العقل الإنساني بالكون، لا من خلال النماذج فقط، وإنما على الطبيعة أيضاً وهذا ما يفسر تسارع توجهنا نحو الكون. أما عن تدخل الكون غير المباشر في تنمية عملية المعرفة، فأرى في التاريخ أقوى دليل عليه، لقد ساعدت جغرافية السماء الشعوب القديمة على التنقل عبر الأرض، ومن المعلوم أن النجوم بعيدة جداً وأن أقربها إلى شمسنا يبعد أكثر من أربع سنوات ضوئية، لذا لا تظهر الحركات الحقيقية للنجوم لدى النظر إلى السماء، وتبدو تجمعات النجوم ثابتة في السماء، ويعود النجم نفسه إلى الموقع نفسه من القبة السماوية وفي الوقت نفسه بعد سنة من ظهوره الأول في المكان نفسه، وبشكل أدق إن حركة النجوم في السماء وعلى مدى بعيد، ترتبط فقط بدوران الأرض حول نفسها ودورتها حول الشمس، تستثنى من هذه القاعدة الكواكب السيارة، تنزاح تجمعات النجوم بسبب حركة الأرض كل ليلة في القبة السماوية وقد لاحظ الأقدمون كل ذلك، ولكنهم كانوا على جهل بالأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، إن الحركات الحقيقية للنجوم لن تلاحظ في السماء إلا عبر عدة مئات من آلاف السنين، وهكذا وحتى في هذا العصر نستطيع وبكثير من الاطمئنان عد النجوم كأنها مثبتة فعلاً لدى دراستنا للفلك الموقعي، أي الفلك القائم على مواقع النجوم، قسم الأقدمون هذه التجمعات الثابتة بما اتفق وأساطيرهم ورؤاهم المختلفة، وما يهم في حديثنا أنهم استخدموا هذه الجغرافية السماوية للتنقل على سطح الأرض. كان لأجدادنا العرب دوراً كبيراً في تسمية الأجسام والأبراج السماوية، واستخدموا تقسيماتهم تلك، وبنجاح في رحلاتهم وأسفارهم، لقد اضطرتهم بيئتهم الصحراوية لفعل ذلك، فالاتجاهات تنعدم في الصحراء بعد مغيب الشمس ولا بد من الاستعانة بالسماء في أية حركة مهما كانت بسيطة، كذلك طبقت الجغرافية السماوية للإبحار خلال العصور الغابرة بل لازالت مستخدمة حتى الآن، أو لم يكن للكون ضمن هذه الرؤية مساهمة كبيرة في تنمية المعرفة؟ بلى فالارتحال والتنقل كانا عماد تبادل المعارف والأفكار، وبالاعتماد على النجوم وتجمعاتها كانت تخطط الأسفار والرحلات، وهكذا لولا تجلي الكون لما تطورت المعارف على الرغم من أن المعرفة الحقيقية للكون لم تكن قد تحققت كما هي اليوم. لقد وجهنا الكون في حبونا المعرفي، ألم يكن ساحر القبيلة يقرأ الطالع من خلال النجوم ليتنبأ بالمصائر والأحداث، ما الذي دفعه لتبني نهج التوقع والتنبؤ؟ لأنه لاحظ تواتر بعض الأحداث الكونية وتكرارها كسقوط النيازك والشهب، بل ربما انفجارات النجوم البعيدة، وهكذا قلد الساحر الدورية في الأحداث الكونية بنموذج عقلي، بناه بعفوية وانطوى هذا النموذج على إمكانية تكرار أحداث وقعت سابقاً، وفي هذا العصر نتنبأ أيضاً باستخدام القوانين والمعطيات العلمية بما قد يحدث، ولكنه تنبؤ على كل حال مشتق من آليات التكرار والعود الكونية. وإذا كان الكون قد قدم لنا آلية التكرار والعود الأبديين، كان علينا نحن بني البشر مهمة ترجمة هذه الآلية واختزالها إلى صيغة عقلية مختصرة هي علاقة السبب بالنتيجة، وبعد نجاح هذا الإنجاز الهائل تواترت العطاءات الكونية متمثلة بكشف مستمر للحجب الكونية أمام ناظري الإنسان وتصاعدت الكشوف العلمية ومعها تراكمت معرفتنا عن العالم. إننا نطبق قانون الجذب الثقالي في كل دقيقة من دقائق حياتنا دون أن ننتبه لذلك، فكيف وضعنا يدنا على ذلك القانون الأساسي؟ مرة أخرى الكون، وإليكم القصة باختصار: قام الفلكي الدانمركي تيخو براهي ببناء مقراب على جزيرة بالقرب من كوبنهاغن أسماه قلعة السماء، وقد نفذ أرصاداً بالغة الدقة بالعين المجردة، ووضع على أساسها خارطة للسماء وما فيها من نجوم وكواكب، لاحظ براهي أن النجوم لا تبدي أي اختلاف زاوي في المنظر بسبب حركة الأرض، فاستنتج أنها بعيدة جداً بالمقارنة مع القمر والكواكب السيارة التي لاحظ أنها تعاني من انزياح معين في تلك الحالة، لقد كانت خارطة براهي بالغة الدقة خاصة فيما يتعلق بمسارات الكواكب السيارة عبر القبة السماوية إلا أن نموذجه المستنتج من تلك الخارطة لم يكن صحيحاً، إذ تصور أن الأرض ساكنة وفي موقع مركزي، ولشدة العجب وضع الكواكب الأخرى في أمكنتها الفعلية بالنسبة للشمس، انضم إليه في علمه عندما انتقل إلى براغ في أواخر حياته شاب يدعى يوهانس كبلر، وعند موت براهي عام 1601 ورث كبلر جداوله الثمينة وباشر بتحليلها بعمق، كان يؤمن بالتنجيم وتصور من خلال إيمانه هذا أن نواظم أساسية تصف حركة الكواكب حول الشمس الواقعة في المركز دون أن تفسر تلك الحركة بشكل فيزيائي محدد، أما القوانين الثلاثة فهي: · يدور كل كوكب في مسار إهليلجي (قطع ناقص) تقع الشمس في إحدى محرقيه. · يمسح المستقيم الواصل بين الشمس وكل كوكب مساحات متساوية من الفضاء خلال أزمنة متساوية. · إن نسبة مكعب نصف القطر الكبير للقطع الناقص المذكور إلى مربع المدة التي تلزم كي ينجز الكوكب دورة واحدة حول الشمس، هي نسبة ثابتة لكل الكواكب ويعرف هذا القانون باسم قانون التناغم. كانت قوانين كبلر تجريبية الطابع، فقد استقرأها من خلال أرصاد تيخو براهي، إلا أن المراجعة العميقة لها وإعادة صياغة النظرية أتت على يد نيوتن الذي درس بعمق تلك القوانين، واستنتج منها قانونه النظري والأساسي الشهير في الجذب الثقالي الذي ينص على أن أي جسمين في الكون ومهما كانت طبيعتهما يتبادلان فعل الجذب الثقالي بقوة تتناسب مع كتلتيهما ومع مقلوب مربع المسافة بينهما. نلاحظ الآن دور الكون مرة أخرى في هذا الإنجاز العظيم، فتيخو براهي يقرأ في صفحات الكون وكبلر يستوحي النواظم التجريبية وأخيراً يغوص نيوتن إلى الآلية العميقة. إن دور الكون لا ينتهي عند هذا الحد على الإطلاق، فلا معرفة بدون الكون، وفيما يلي مثال آخر من التاريخ: لقد انتشر الإشعاع في الكون وساد منذ الانفجار الأول الكبير، الذي أتى بالكون إلى الوجود ووصل إلى كل بقعة بسرعة انتشار الإشعاع التي هي سرعة الضوء، وتواتر تشكل النجوم وموتها بعد تكون المجرات، وكما سبق وأشرنا، فإن موت بعض النجوم يقترن بانفجار مأساوي هائل، لازالت أعداد هائلة من النجوم تولد بشكل مستمر وأعداد هائلة أخرى تموت بشكل مستمر، وهذا الإشعاع يمسح كرتنا الأرضية على الدوام فيما يعرف باسم الأشعة الكونية. نعرف جميعاً أن الصواعق والبروق تحدث عند تجمع شحنات كهربائية كبيرة في السحب، وعندما يصبح فرق الكمون عالياً بدرجة كافية، تقفز الشرارات الكهربائية الهائلة بين السحب وسحب أخرى، أو بين السحب والأرض، ولكن من أين أتت أصلاً تلك الشحنات الكهربائية؟ لقد بقي هذا التساؤل قائماً لفترة طويلة من الزمن، ومؤخراً طرحت نظرية جديدة تربط نشوء تلك الشحنات بالأشعة الكونية. عندما ترتطم الأشعة الكونية العالية الطاقة بجزيئين متعاكسين في الشحنة أحدهما بشحنة سالبة ويعرف بالشاردة السالبة، والآخر بشحنة موجبة ويعرف بالشاردة الموجبة، تتكون نتيجة التشرد أعداد كبيرة من الجزيئات الكهربائية الساكنة، تغمر هذه الكهربائية الساكنة الهواء من حولنا بشكل كامل في الأيام الصحوة، تفضل الشوارد السالبة كما يبدو الأرض، بينما تندفع الشوارد الموجبة عالياً في الهواء، ينجم عن وجود هذه الشحنات فرق كمون كهربائي يصل حتى 200 فولت بين رأس كل منا وقدميه إلا أن فرق الكمون هذا ليس قاتلاً، فالطاقة فيه قليلة لأن الكهربائية ساكنة. تلتصق الشحنات السالبة بسبب فعل كيميائي هو الادمصاص، بأي سطح وعلى العكس من ذلك لا تتحد الشحنات الموجبة بالسهولة نفسها، لذا فهي تندفع عالياً مع التيارات الهوائية الصاعدة، وما يجري عند تجمع السحب هو أن الشحنات الموجبة هذه تتخللها بينما ترتبط الشحنات السالبة بقطرات الماء في الجزء السفلي من السحب، يتعاظم فرق الكمون الكهربائي بين باطن السحابة الهائلة الناجمة عنه متمثلة بوميض البرق المعروف أو تنفجر الصواعق، وقد تصل الصاعقة سطح الأرض بفعل الانفراغ الكهربائي بين السحابة وسطح الأرض. لقد لاحظ الإنسان تلك الظواهر منذ أقدم العصور، وحاول بعض المجربين التقاط الشحنات الكهربائية، وكان من بينهم بنيامين فرانكلين الذي نجح في ذلك باستخدام الطائرات الورقية التي كانت ترتفع فتمكن الشحنات المنفرغة من عبور أسلاكها حتى الأرض، وبعد ذلك ارتاد البحاثة مجال تلك الظواهر فكان منهم فراداي وكولومب وأمبير وغيرهم، وتوج مكسويل في القرن التاسع عشر أعمال من سبقه بصياغة المعادلات الشهيرة التي تحم الأفعال الباطنية للحقل الكهرطيسي. نلاحظ تقابلاً واضحاً مع قصة اكتشاف الجذب الثقالي، فبدءاً من التدخل الكوني للفت نظر الإنسان إلى الظاهرة، ومروراً بالمجرب الذي يستجيب للفت النظر ذلك، فيسجل الأحوال المختلفة لتلك الظاهرة ثم الباحث أو البحاثة الذين يذهبون أبعد في محاولة الإحاطة بالظاهرة، وأخيراً المنظر الكبير الذي يضع النموذج المحكم لعمل الظاهرة. اليوم تتكرر القصة ذاتها، فنظرية أو بالأحرى نظريات القوى الكونية التي تسعى لاختزال القوى الكونية ضمن صيغة موحدة تبدأ بالكون وترى في الكون الملاذ الأخير للبحث عما يؤكدها. ننهي حديثنا عن الفكرة الفلسفية عند هذا الحد مؤكدين أن ما قلناه في هذا السياق ليس كل ما يقال، إذ إن هناك الكثير مما يؤيد محتوى تلك الفكرة وحسبنا أننا حاولنا طرح الفكرة وتأييدها بما سقنا من أمثلة ويستطيع القارئ أن يذهب أبعد من ذلك إلى حيث يشاء في عمليتي التأمل والتحليل.
  15. سورة المدثر من أوائل ما نزل من القرآن الكريم، وفيها تفصيل حول العدد (19)، وقد ناقشنا ذلك في رسالة سابقة، ولفت انتباهنا القَسَم الذي أقسمه سبحانه وتعالى عند الحديث عن العدد (19) : "كلا والقمر والليل إذ أدبر، والصبح إذا أسفر، إنـها لإحدى الكبر…." والليل والنهار ينتجان عن علاقة الشمس بالأرض، فما علاقة الشمس والقمر والأرض بالعدد (19)؟! الرجوع إلى كتب الفلك يتبيّن لنا أنّ هناك عدة علاقات بين الشمس والأرض والقمر تقوم على أساس العدد (19). وقد فصّلنا ذلك في كتاب : " إعجاز الرقم 19 في القرآن الكريم مقدمات تنتظر النتائج". ونحن هنا معنيون بإعطاء بعض الأمثلة المتعلقة بالقرآن الكريم وعالم الفلك، بغض النظر عن علاقة ذلك بالعدد (19) أو غيره: 1- السنة الشمسية هي ( 365,2422 ) يوما، والسنة القمرية هي(354,367) يوما، وعليه يكون الفرق بين السنة الشمسية والقمرية هو(10,8752) يوماً. وبعد (33,58) سنة شمسية يكون مجموع هذه الفروق سنة شمسية كاملة(1) . أي أن السنة القمرية تعود لتلتقي مع السنة الشمسية في نقطة البداية نفسها بعد (33,58) سنة شمسية.ويمكن اعتبار كل نقطة عودة إلى البداية "دورة" مقدارها (33,58) سنة. وعلى ضوء ذلك لو تساءلنا: في أي سنوات من التاريخ الميلادي كانت الدورة ال"19"؟ فسنجد أن الدورة "19" بدأت سنة (604)م، وانتهت سنة (638)م، ومن اللافت للانتباه أنه بعد بداية الدورة بـ (6) سنوات كانت السنة (610)م، وهي السنة التي بعث فيها الرسول عليه الصلاة والسلام. وقبل نـهاية الدورة بـ (6) سنوات كانت السنة (632)م. وهي السنة التي توفي فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا يعني أن فترة الرسالة كانت بؤرة الدورة "19" من التاريخ الميلادي. 2- عندما تدور الأرض دورة واحدة حول الشمس، تكون قد دارت حول نفسها (365) دورة، ويكون القمر قد دار حول الأرض (12) دورة. فالدورة الواحدة للأرض حول الشمس تضمنت (365) دورة حول النفس، و(12) دورة للقمر حول الأرض وحول نفسه أيضاً. ومن هنا قال العلماء إنّ السنة شمسية والشهر قمري. وبالرجوع إلى " المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم" لمحمد فؤاد عبد الباقي نجد أن كلمة (يوم، يوماً) مفردة تكررت (365) مرة. مع ملاحظة أن هناك كلمة (يوم) في المعجم سقطت خطأ، ونُصّ عليها في مقدمة المعجم. كذلك نجد أن كلمة (شهر، شهراً) مفردة تكررت في القرآن الكريم (12) مرة فقط. أمّا لماذا تم إحصاء كلمة (يوم)، وكلمة (شهر) مفردة ؟ فنرى أن ذلك يرجع إلى أمرين: الأمر الأول أن السنة هي (365) يوماً وليس أياما، وكذلك هي (12) شهرا، وليس أشهراً. أما الأمر الثاني فيرجع إلى أن السنة هي دورة واحدة للأرض حول الشمس ينتج عنها (365) دورة للأرض حول نفسها، و(12) دورة للقمر حول الأرض وحول نفسه أيضا. وقد اعترض البعض على الأستاذ " عبد الرزاق نوفل"(2) لأنه لم يحص (يومئذ، يومهم، يومكم) وهذا الاعتراض له وجاهته عندما لا يكون هناك قواعد محددة يتم الإحصاء على أساسها. فهنا نحصي كلمة (يوم، يوماً) عندما لا تكون متصلة رسماً بما بعدها؛ فلو كانت كلمة (يومئذٍ) مرسومة (يوم إذٍ) لأحصيناها. على ضوء ذلك فإننا نحصي كلمة (يوم، يوماً) ولا نحصي كلمة (يومئذ، يومهم، يومكم) على اعتبار أننا نتعامل في العد القرآني مع الرسم وليس مع المعنى. ومع ذلك يجدر أن نلفت الانتباه إلى أن تكرار كلمة (يوم، يوما، أيام، يومين، يومئذ، يومكم، يومهم…) تكررت في القرآن الكريم (475) مرة، وهذا هو عدد أيام الأرض في (19) يوماً من أيام الشمس(3) . فعندما تدور الشمس دورة واحدة حول نفسها تكون الأرض قد دارت (25) مرة حول نفسها، وبالتالي عندما تدور الشمس (19) دورة، تكون الأرض قد دارت (25×19) =(475) مرة. عندما تدور الأرض دورة واحدة حول الشمس تكون قد دارت حول نفسها (365) دورة، ويكون القمر قد دار حول نفسه وحول الأرض (12) دورة، وهذه الدورة تسمى (سنة). فالسنة إذن هي عودة الأرض إلى النقطة نفسها التي كانت فيها في مدارها حول الشمس، وعندما تحصل هذه العودة للأرض لا يكون القمر قد عاد إلى النقطة نفسها التي كان فيها عند بداية الدورة. ومن هنا تكون (السنة) تعني عودة الأرض إلى النقطة نفسها وليس القمر. أمّا متى يرجع الأرض والقمر معاً إلى النقطة نفسها، أي إلى الإحداثية نفسها؟ إنّ العلماء يقولون إنّ ذلك يحصل مرة كل (19) سنة. أي أنه يحصل عندما تدور الأرض حول الشمس (19) مرة، ويدور القمر حول الأرض (235) مرة، ويسمي علماء الفلك هذه الدورة بـ ( الدورة الخسوفية)، وقد استخدمت هذه الدورة علمياً للتوفيق بين السنة الشمسية والسنة القمرية. ومن هنا لا تخلو كتب التقاويم من إشارة إلى هذه الدورة والعدد (19). كل (19) سنة إذن يتكون لدينا دورة للشمس والقمر معا، فيعودان إلى الإحداثية نفسها. وقد تكررت كلمة (سنة) في القرآن الكريم (7) مرات، وتكررت كلمة (سنين) في القرآن (12) مرة. وعليه يكون مجموع تكرار (سنة وسنين) =(19) مرة. ومن الجدير بالذكر أنّ كل (19) سنة قمرية فيها (7) سنين كبيسة أيامها (355)، و(12) سنة بسيطة أيامها (354). إذن عندما تدور الأرض ومعها القمر دورة واحدة حول الشمس، ينتج عن ذلك (365) دورة للأرض حول النفس، و(12) دورة للقمر حول الأرض وحول نفسه. فهي إذن دورة تضمنت دورات. كذلك الدورة الخسوفية والتي هي (واحدة) فقد تضمنت (19) دورة للأرض حول الشمس، وتسمى كل دورة (سنة)، وهي تعادل ما يقارب (19,58) سنة قمرية. ومن هنا تكررت (سنة وسنين) في القرآن (19)مرة. ويمكننا أن نوضح المسألة بطريقة أخرى فنقول: عندما تكررت (يوم، يوما) في القرآن الكريم (365) مرة، كان ذلك إشارة إلى دورة واحدة للأرض حول الشمس، وكذلك عندما تكررت (شهر، شهراً) (12) مرة، كان ذلك أيضاً إشارة إلى دورة واحدة للأرض حول الشمس، وهذه الدورة تسمى (سنة). أمّا عندما تكررت كلمة (سنة، سنين) (19) مرة، فهذه إشارة إلى دورة أكثر تعقيداً لا تتعلق بالأرض فقط، بل بالأرض والقمر معاً. وإذا كان مفهوم (اليوم) منضبطاً بالنسبة للأرض وعلاقتها بالشمس، فإن مفهوم (السنة) متعدد؛ فهناك السنة النجمية، والسنة المدارية، وسنة الحضيض، وسنة الكسوف…. ويختلف مقدار هذه السنوات، ومن هنا فهناك (سنين) وليس فقط (سنة). ويلحظ أنّ (سنين) تكررت كما قلنا (12) مرة في القرآن الكريم. وهذا العدد الزوجي (12) هو تكرار السنين الزوجية ذات ال (354) يوماً كل (19) سنة قمرية. أما (سنة) فقد تكررت (7) مرات في القرآن الكريم، وهذا الرقم الفردي (7) هو تكرار السنين الفردية ذات ال (355) يوماً. 3- يقول سبحانه وتعالى في سورة العنكبوت في حق نوح عليه السلام :"فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ". إذا كان المقصود من هذه الآية الكريمة القول إن (نوحاً) عليه السلام قد لبث في قومه (950) سنة، أفلا يتم المعنى عند قوله تعالى"…إلا خمسين…"؟! فلماذا قال :"إلا خمسين عاماً"، في حين قال"ألف سنة"؟! ألا يدل ذلك على أنّ مفهوم (السنة) يختلف عن مفهوم (العام)؟! إذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجد أنّ هناك آيات تدل بوضوح على أن كلمة (عام) تطلق على السنة القمرية، مثل قوله تعالى في سورة التوبة:"فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا " ومعلوم أن الآية تتحدث عن الحج وهو مرتبط بالسنة القمرية، وكذلك في قوله تعالى :"إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما … " ومعلوم أن الآية تتحدث عن تلاعب المشركين بترتيب الأشهر الحرم وهي أشهر في السنة القمرية.في المقابل لا توجد في القرآن كلمة (سنة ) تدل بوضوح على السنة القمرية، ولا توجد كلمة (عام) تدل بوضوح على السنة الشمسية. ولا يعني هذا أن مفهوم السنة لا يشمل السنة القمرية. ويلحظ أن القرآن الكريم عندما يُكَثِّر يستعمل كلمة (سنة) كقوله تعالى :"ولبثت فينا من عمرك سنين"، وقوله تعالى:"وإنّ يوماً عند ربّك كألف سنة مما تعدُّون ".ومعلوم أن السنة الشمسية أطول من السنة القمرية. وفي الآية التي نحن بصدد فهمها جاءت ال (1000)سنة لتدل على طول المدة التي لبثها نوح عليه السلام. وجاءت ال(50)عاما لتقلل من المستثنى. وعلى أية حال ليس بإمكاننا أن نعكس المفهوم فنجعل (السنة) تدل على القمرية و(العام) يدل على الشمسية. وبما أن هذه الآية ذكرت السنة والعام، فيرجح أن تكون السنة شمسية والعام قمرياً. يقسم علماء الفلك السنة الشمسية إلى سنة (نجمّية) ومقدارها (365,25636) يوما. وسنة (مدارّية)مقدارها (365,2422) يوما. وإذا أخذنا متوسط السنة النّجمية والمداريّة، يكون عدد أيام ال (1000)سنة هو (365249) يوماً.ويقسّم علماء الفلك السنة القمرية أيضا إلى (نجميّة) مقدارها (327,85992) يوما، وسنة (مدارية)مقدارها(354,36707) يوماً.وإذا أخذنا متوسط السنة النجمية والمدارية يكون عدد أيام ال (50)عاما هو (17056) يوماً. الآن بإمكاننا أن نطرح (365249-17056)=348193 يوما. وهذا يساوي (953,3) سنة مدارية. و(953,28) سنة نجمية. وبـهذا يتبين لنا أن مدة لبثه عليه السلام (953) سنة، وليس (950) سنة كما هو متبادر للوهلة الأولى. هل يوجد لدينا دليل عددي على هذه النتيجة التي توصلنا إليها ؟ أ - السورة رقم (71) في القرآن الكريم هي سورة (نوح)، فما علاقة هذه السورة بمدة لبثه عليه السلام، وبالنتيجة التي توصلنا إليها آنفاً ؟ يُفاجأ القارئ عند إحصائه لعدد أحرف سورة (نوح) أنـها (953) حرفا، أي مساوية لمدة لبثه عليه السلام عند التحقق فلكياً كما أشرنا. ب - تكررت الأحرف الهجائية في سورة نوح على الصورة الآتية: الحرف ا+ء ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص التكرار 192 27 34 6 19 3 10 25 10 60 4 20 2 4 الحرف ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي التكرار 6 5 2 25 8 18 21 32 106 77 60 34 88 55 953 عند تفحص تكرارات الأحرف في سورة نوح، وجدنا أن الحرف (ح) تكرر (3) مرات فقط. وكان يمكن أن لا يتكرر أي حرف من الأحرف (3) مرات. واللافت للانتباه أن الرقم (3) هو الفرق بين مدة لبث (نوح) عليه السلام التي تتبادر إلى الذهن قبل التدقيق الفلكي أي (950)، ومدة لبثه التي توصلنا إليها بعد التحقيق وهي (953). ويصبح الأمر مدهشاً عندما نعلم أن هذا الحرف (ح) قد ورد فقط في الكلمات التالية: (نوحا، نوح، نوح). أليس غريباً ومدهشاً أن تخلو سورة (نوح) من حرف (ح) ويتكرر فقط في كلمة (نوح)؟! فهل المقصود لفت الانتباه إلى الفرق بين مدة لبثه عليه السلام الحقيقية، ومدة لبثه المتبادرة لأول وهلة، أم أنّ هناك أسراراً أخرى تتعلق بعالم الفلك أو غيره؟! 4- يقول سبحانه وتعالى في سورة الكهف :" ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا، قل الله أعلم بما لبثوا … .". مدة لبث أصحاب الكهف كما تنص هذه الآية (309)سنة. وفي الوقت الذي لم يُصَرِّح فيه القرآن الكريم بعدد أصحاب الكهف، صرح بمدة لبثهم في الكهف، ثم عقب بقوله تعالى:"قل الله أعلم بما لبثوا…" فهل المقصود بـهذا التعقيب التأكيد على صِدْقِيَّة هذا العدد في الوقت الذي تكثر فيه الآراء والادعاءات؟ أم المقصود شيء آخر؟ تؤول أقوال جماهير المفسرين إلى القول الأول، ولكن ألا يحتمل النص أن يكون المراد بقوله تعالى:" قل الله أعلم بما لبثوا" أن الله أعلم بحقيقية هذا العدد (309)، ومدلولاته، وأسراره، وحكمة لبث أصحاب الكهف هذه المدة؟! يذهب الكثير من أهل التفسير قديماً وحديثاً إلى القول بأن ال (300) سنة شمسية هي (309) سنة قمرية مما يعني عندهم أن قوله تعالى:"وازدادوا تسعا ً" يقصد به تبيان الزيادة التي تحصل عند تحويل ال (300) سنة شمسية إلى قمرية : (300× 365,2422 )÷ (354,367)=(309,2). وعندما نتكلم بلغة السنين لا يكون هناك وزن للأعشار القليلة التي تزيد عن (9) سنوات. ويمكن اعتبار قول المفسرين هذا مما يحتمله النص القرآني. ولنا في "مركز نون" الملاحظات الآتية: 1- ال (300) سنة شمسية هي (109572,66) يوما، في حين أن ال (300) سنة قمرية هي (106310,1) يوما، وهذا يعني أن الفرق هو: (3262,56) يوماً. وهذا العدد من الأيام أقرب إلى أن يكون (9) سنوات شمسية، وليس (9) سنوات قمرية، مما يعني أن أصحاب الكهف لبثوا(300) سنة شمسية. أي (300) سنة قمرية مضافاً إليها (9) سنوات شمسية.فالعدد (300)هو هو، وتأتي الزيادة عن اختلاف مفهوم السنة الشمسية والقمرية وتكون هذه الزيادة عندها (9) سنوات شمسية. 2- يقول تعالى في حق (نوح) عليه السلام:"فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً" وقد قلنا إن مفهوم السنة هنا يختلف عن مفهوم العام. وقادنا التحقيق كما لاحظنا إلى أن مدة لبثه عليه السلام كانت (953) سنة شمسية. وفي مدة (اللبث) هذه تمت عملية(طرح). أمّا في مدة (لبث) أصحاب الكهف، فتمت عملية (جمع) تتعلق أيضا بالشمسي والقمري، وقادنا التحقيق هنا أيضا إلى القول أن مدة اللبث هي (300) سنة شمسية، أي (300)سنة قمرية يضاف إليها الفرق وهو (9) سنوات شمسية. وقد يشير إلى هذا الفرق قوله تعالى (تسعاً) أي من السنين. ولو قال (تسعة) لكان المقصود (من الأعوام). وقد تعزز هذه الملاحظة ملاحظاتنا السابقة حول هذا الموضوع. 3- يدل اسم سورة الكهف على أهمية قصة (أصحاب الكهف) في السورة. وتبدأ القصة بالآية (9): "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم.. ". أما مدة لبثهم فنجدها في الآية (25) :"ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا ". وبلغة الأعداد نقول: إذا بدأنا العد من بداية القصة:"أم حسبت أن… " فسنجد أن رقم الكلمة التي تأتي بعد عبارة:"ولبثوا في كهفهم " هو (309) فتأمّل!! (1) 365,2422 ÷ 10,584=33,584 (2) في كتاب الإعجاز العددي في القرآن الكريم. (3) يوم أي نجم أو كوكب هو دورته مرة واحدة حول نفسه. ويوم الشمس يعادل (25) يوماً من أيام الأرض
  16. من أجل وأشهر كتب الحكمة التي ظهرت في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي. وهو كتاب جليل الشأن عظيم القدر تفرد به مصنفه أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البغدادي ، بأسلوبه وعبارته الموجزة الشافية، وتفوق به على أغلب الكتب المتناولة لهذا العلم، ووقف على كتب المتقدمين والمتأخرين في هذا الشأن، فعرف العلماء قدره وأعطوه حقه من الإكرام والتبجيل. وفي مقدمة الكتاب بين المؤلف ما دعاه لتأليفه، والمنهج الذي سلكه وما يحويه الكتاب فقال: "أما بعد حمدا لله على نعمه التي حمده من أفضلها وشكره على آلائه التي شكره من أتمها وأكملها، فإنني أقول مفتتحا لكتابي هذا إن عادة القدماء من العلماء الحكماء كانت جارية في تعليم العلوم لمن يتعلمها منهم وينقلها عنهم بالمشافهة والرواية دون الكتابة والقراءة فكانوا يقولون ويذكرون من العلم ما يقولونه ويذكرونه لمن يصلح من المتعلمين والسائلين في وقت صلاحه كما يصلح... فلما كثرت تلك الأوراق وتحصل فيها من العلوم ما لا يسهل تضييعه مع تكرار الالتماس ممن يتعين إجابتهم أجبتهم إلى تصنيف هذا الكتاب في العلوم الحكمية الوجودية الطبيعية والإلهية وسميته بالكتاب المعتبر لأني ضمنته ما عرفته واعتبرته وحققت النظر فيه، وتممته لا ما نقلته من غير فهم، أو فهمته وقبلته من غير نظر واعتبار ولم أوافق فيما اعتمدت عليه فيه من الآراء والمذاهب كبيرا لكبره ولا خالفت صغيرا لصغره بل كان الحق من ذلك هو الغرض والموافقة والمخالفة فيه بالغرض". ولقد رتب ابن ملكا الأجزاء والمقالات والمسائل والمطلوبات في الكتاب على نحو ما فعل أرسطوطاليس في كتبه المنطقية والطبيعية والإلهية وذكر في كل مسألة آراء المعتبرين من الحكماء، وأثبت رأيه بالدليل والبرهان. محتويات الكتاب يحتوي الكتاب على ثلاثة أنواع من فنون العلم: المنطق، والطبيعيات، والإلهيات جاءت في ثلاثة أجزاء منفصلة. الجزء الأول في المنطق، ويحتوي على ثمانية مقالات وكل مقالة تنقسم إلى فصول. المقالة الأولى: في الحدود ومقدمتها ويعبر عنها بالمعارف وتصور المعاني بالحدود والرسوم، ويبين فيها منفعة المنطق وغرضه وموضوعه ومطالبه ونسبة الألفاظ إلى معانيها ومفهوماتها واختلاف أوضاعها ودلالاتها، والمناسبة بين موجودات الأعيان ومتصورات الأذهان، وتعريف الكليات الخمس وذلك في ستة عشر فصلا. المقالة الثانية: في العلوم وما له وبه يكون التصديق والتكذيب وهي في سبعة فصول، ويتناول فيه المحصورات والمهملات والمخصوصات من القضايا، وجهات القضايا، والقضايا الكلية والجزئية، وذكر المناسبات بين القضايا في الصدق والكذب، والمادة والجهة، واشتراك القضايا وتباينها وتضادها وتناقضها. المقالة الثالثة: في علم القياس وهي في سبعة عشر فصلا ويتعرض فيها إلى تأليف القضايا بعضها مع بعض على صورة يستفاد بعلمها الحاصل علم بمجهول، وفي الأشكال وطرق نتائجها، وعكوس المقدمات وما يلزم صدقه فيها من صدق أصولها، والقرائن القياسية، والقياسات المركبة، واكتساب المقدمات، واستقرار النتائج وإنتاج الصادق من الكاذب، وبيان الدور وعكس القياس، وقياس الخلف، والاستقراء والتمثيل والمقاومة والرأى والعلامة. المقالة الرابعة: في علم البرهان وفيها ذكر أقسام المقدمات ومطالب العلوم، وكيفية معرفة المقدمات الأولية وعلى أي وجه يعلمها العالم بعد جهله بها، وشرائط مقدمات البرهان، وترتيب العلوم الحكمية وما تشترك فيه وما تفترق به، ومبادئ البراهين وكيف يتعرف الإنسان ما لا يعرفه منها، وذلك في سبعة فصول. المقالة الخامسة: في علم الجدل، وهي في سبعة فصول وتتناول القياسات الجدلية، والآلات التي تستنبط بها المواضع الجدلية، والمواضع الخاصة بالعرض العام والجنس والأثر والأفضل، والمواضع الخاصة بالفصل والخاصة، والمواضع الخاصة بالحد، والوصايا التي ينتفع بها المجادل. المقالة السادسة: في أقاويل السوفسطقية وهي قياسات المغالطين وأقاويلهم. المقالة السابعة: في القياسات الخطابية وفيها فصلان: الأول في الأمور الكلية من الخطابة، والثاني في الأنواع الجزئية من الخطابة. المقالة الثامنة: في القياسات والأقاويل الشعرية، وتحتوي على فصل في صناعة الشعر ومقاصد الشعراء. الجزء الثاني: في الطبيعيات، ويتكون من ستة أجزاء: الأول: في مطالب السماع الطبيعي وتحقيق النظر فيها وهو في ثمانية وعشرين فصلا تتناول تعليم العلوم وتعلمها، وتعريف الطبيعة والطبع وما يش تق منهما وما ينسب إليها وموضوع العلم الطبيعي، والمبادئ والأسباب والعلل، وتحقيق القول في وحدة الجسم، والحركة، وإثبات المحرك لكل متحرك، والمكان والزمان، والخلاء وما قيل فيه، والنهاية واللانهاية في المكان والزمان وغيرهما، ووحدة الحركة وكثرتها وتقابلها وتضادها، والحركة المتقدمة بالطبع وباقي خواص الحركات، والعلل المحركة والمناسبة بينها وبين المتحركات. الثاني: وهو في عشرة فصول وتشتمل على صور الأجسام وخواصها وقواها، وطبائع الكواكب ومحركاتها وغاياتها، والمبادئ والقوى المحركة والمسكنة للأجسام التي في داخل الفلك، وكيفية اتصال الأجسام وانفصالها ووحدتها وكثرتها بالذات والعرض، وأسباب الحركة العرضية والسكون للأجسام العنصرية. الثالث: وفيه أحد عشر فصلا ويتناول فيها التغير والاستحالة والكون والفساد، والمزاج والامتزاج، وإعداد الأمزجة المختلفة لأصناف الممتزجات للقوى الفعالة، كما يبين أنواع الكائنات واختلافها في كونها وفسادها، والحرارة الطبيعية المزاجية والغريزية الموجودة في النبات والحيوان، والحر والبرد الزمانيين وأسبابهما، والجبال والبحار والأدوية والأنهار والعيون والآبار. الرابع: ويشتمل على المعاني والأعراض وفيه خمسة فصول، يتحدث فيها عن السحاب والمطر والثلج والبرد، والرياح والزلازل والرعد والبرق والصواعق، وأحداث الجو الأعلى مثل الشهب وكواكب الأذناب والجراب والشموس والمصابيح ونحوها، ويعقد فصلا للحديث عن المعادن والمعدنيات، وما ينسب إلى العلم الطبيعي من الكيمياء وأحكام النجوم . الخامس: ويشتمل على المعاني والأعراض في النبات والحيوان وتحقيق النظر فيها وهي في اثني عشر فصلا، وتتناول ما يشترك فيه النبات والحيوان من الخواص، وتولد النبات واختلافه بحسب البقاع، وخواص الحيوان التي يتميز بها عن النبات، وأصناف الأعضاء ومنافعها، والأعضاء الآلية، وآلات التناسل، والأخلاط، واشتراك الحيوانات واختلافها في الخلق والأخلاق، والحكمة المستفادة من النبات والحيوان، ثم يعرض للكلام عن الجن والأرواح. السادس: ويشتمل على المعاني والأعراض للنفس وبه ثلاثون فصلا، ويتناول القوى الفعالة في الأجسام وأصنافها، والنفس وماهيتها، وتعديل الأفعال النفسانية ونسبتها إلى القوى، وكذلك الادراكات النفسانية وتحقي قهما، وما قيل في البصر والإبصار بالشعاع والانطباع، وما قيل في السمع، وتعلق النفوس بالأبدان وآليتها في أفعالها، والقول في النفس من أنها جوهر أو عرض، وتحقيق القول في كون النفس جوهر قائم بنفسه موجود لا في موضوع ، وبيان حال النفس قبل تعلقها بالبدن، وما يقال من قدمها وحدوثها، وعن وحدة النفوس الإنسانية أو كثرتها بالشخص أو بالنوع، وذكر العلة أو العلل الفاعلية للنفوس الإنسانية، والمعرفة والعلم، وفي كون مدرك العقليات فينا واحد بعينه، وما يقال من العقل بالقوة وفي العقل الفعال، وكذلك إبطال ما قيل من أن العقل لا يدرك الجزئيات والمحسوسات، والرؤيا والمنام وما يراه الإنسان في الأحلام، وكذلك الأحوال الأصلية والاكتسابية للنفوس الإنسانية، والخير والشر والسعادة والشقاوة للنفوس الإنسانية، وخواص النفوس الشريفة من النفوس الإنسانية ونوادر أحوالها، وحالة النفوس بعد مفارقة الأبدان، والسعادة والشقاوة الأخريين للنفوس الإنسانية. الجزء الثالث: في العلم الإلهي، ويتكون هذا الجزء من مقالتين: المقالة الأولى: في ما بعد الطبيعة وهي في أربعة وعشرين فصلا وتتناول غرض العلم وموضوعه وما يختص به نظره، والعلم الإلهي والإلهيات، ومنفعة علم ما بعد الطبيعة، وكذلك أجناس الجواهر والأعراض، وعن الوجود والموجود وانقسامهما إلى الواجب والممكن، ومعرفة العلل والمعلولات من الأعيان الوجودية، وصفات المبدأ الأول، وشرح كلام من قال إن الله لا يحيط علمه بالموجودات، وكيفية علم الله ومعرفته بالأشياء، وما يعارض به هذا القول من أقاويل القدماء والجواب عنه، ثم إثبات الصفات الذاتية لله تعالى، وإثبات الغاية والعلة الغائية للموجودات، والكلام في تناهى العلل، والطرق العلمية التي ينتهي منها الإنسان بعلمه إلى معرفة الله، ويختم المقالة بالتفريق بين الهيولى والنفس والعقل من جهة ما يحلها من الصور والأعراض. المقالة الثانية: وفيها ثلاثة عشر فصلا وتتحدث عن بداية الخلق والإيجاد، وذكر رأى الفلاسفة في بداية الخلق، وتتبع ما قيل في بداية الخلق من العقول المفارقة ونفوس الأفلاك وأجرامها ، وذكر ما أدى إليه النظر من بداية الخلق والاحتجاج عليه، وتكلم عن الحركة وما يشبهها، واتصال العلل والمعلولات الدائمة بالحو ادث، والقضاء والقدر، والرأي المعتبر في القضاء والقدر، والهيولى والصورة، ويختم المقالة بكلام عن النفس الإنسانية. النسخ المحققة طبع الكتاب في مطبعة حيدر آباد الدكن، دائرة المعارف العثمانية، 1357هـ / 1938 م، 3 أجزاء.
  17. واحدة من أهم رسائل أبي يعقوب الكندي ، التي ألفها في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. يبدأ فيها الكلام عن المد وأنواعه- الطبيعي والعرضي- ويستطرد من ذلك إلى الكلام عن عيون الماء وأنواعها، وكيفية تكوينها، وعن أنواع المياه الظاهرة على وجه الأرض والباطنة فيها، وعن أحوالها وقوانين نشأتها واستحالتها، ثم يتكلم عن بعض الأجرام السماوية وسرعتها وأحجامها وبعدها عن الأرض، وعن فعلها فيما على ظهر الأرض، ويتكلم عن المد وأنواعه وأنواع الاضطراب الناشئة في المياه البحرية والبرية بسبب التعفن والنتن، وينتهي بالكلام عن المد والجزر بمعناهما العادي. وبعد الانتهاء من تعريف المد ينتقل إلى أنواعه فيذكر نوعين من المد هما: المد الطبيعي: وهو "استحالة الماء من صغر الجسم إلى عظمه". المد العرضي: وهو "زيادة الماء بانصباب مواد فيه"، كما في الأنهار والأودية والفيوض التي أصلها من الأنهار. كما يتحدث عن حركة الأشخاص العالية على الجرم الأوسط أي الأرض والماء، وما تسببه المتحركات حول الأرض، ويؤكد على حركة القمر بالذات وذلك لأنه أقرب المتحركات إلى الأرض، ويذكر معلومات عن سرعته ودورته والزمان الذي يستغرقه، وكذلك يذكر معلومات عن الشمس والزمان الذي تستغرقه في دورانها حول الأرض، وعن سرعة حركتها، وكذلك زحل، وهو يركز على تأثير كل من الشمس والقمر في الأرض، فالشمس تؤثر على وجه الخصوص في الهواء والنار أكثر من تأثيرها على الماء والأرض، أما القمر فإن فعله في الأرض والماء أوضح، ولكن فعله في الماء أكثر وضوحا وذلك لسيلان الماء وانقياده لحركة القمر، وتعرض الرسالة لأقوال القدماء عن القمر، فمن قائل بالمائية، ومن قائل بالأرضية. ثم يوضح السبب في ذلك، وهو أن القمر يولد حرارة أثناء مروره بجو الأرض، هذا إلى جانب حرارة الشمس، وطبقا لقانون تمدد الأجسام فإن الحرارة تزيد حجم الهواء، وبالتالي حجم ماء البحر الذي يمر به القمر. ثم تتبع الرسالة في التفصيل في أنواع المد البحري الطبيعي ويقصد به مد البحار وجزرها وهو على ثلاثة أنواع: المد السنوي، والمد الشهري، والمد اليومي. والمد السنوي للبحار هو الزيادة في مياه البحار في وقت محدود من السنة في موضع دون موضع، حسب حركة الأجرام العليا، ويشار في ذلك بين قانون التمدد وعلاقته بالرياح وعلاقة ذلك بالمد والجزر. ويحدث تبادل للمد والجزر السنوي فعند انتقال الشمس إلى جهة الجنوب يحدث مد في جهة الشمال وجزر في جهة الجنوب وهكذا، وعلى ذلك يتضح أن المد السنوي يكون في الجهة المخالفة، أي التي ليست فيها الشمس، والعكس يكون الجزر السنوي، وكلما ازدادت حرارة الشمس يكون المد السنوي والجزر السنوي أشد وأكبر. أما المد الشهري واليومي حيث تظهر أهمية العلاقة بين القمر والأرض في هذين النوعين، واختلاف شدة أو ضعف المد والجزر، بحسب تغير أوضاع القمر في دورته حول الأرض، فتعرض الرسالة عدة حالات تختلف فيها مواضع القمر بالنسبة للأرض والشمس مما يؤثر على عملية وكمية المد والجزر. وفي ذلك تحديد لأربعة مواضع رئيسية للقمر أثناء دورانه خلال الشهر، وبين هذه المواضع الأربعة الرئيسية تقع أربعة مواضع أخرى فرعية، ويمكن تفصيلها كما يلي: أولا: المواضع الرئيسية: الموضع الأول: الاجتماع وفيه يقع القمر على سمت واحد بين الشمس والأرض فيزيد المد السنوي والشهري في تلك المدة، وزيادته تكون أكبر للمد السنوي ويفسر الكندي ذلك التأثير بسبب اضمحلال نور القمر وانعكاسه إلى جهة الشمس بعيدا عن الأرض، وهذا الوضع يسمى في العلم الحديث بوضع المحاق، حيث يقع القمر بين الأرض والشمس ويتجه الجانب المضيء من القمر جهة الشمس. الموضع الثاني: الامتلاء أو المقابلة وفيه تكون الأرض في موقع متوسط بين القمر والشمس، وعلى سمت واحد، ويسبب هذا الوضع زيادة واضحة في المد الشهري. ويقابل في هذا الوضع في العلم الحديث "البدر" حيث تقع الأرض بين الشمس والقمر، ويكون الجانب المضيء هو المواجه للأرض. الموضع الثالث والرابع: التربيع الأول والتربيع الثاني، ويكون القمر عن يمين الشمس وذلك في التربيع الأول وعن يسارها في التربيع الثاني، وفي هذين الوضعين يزيد المد الشهري أو يقل تبعا لوضع القمر في فلك دورانه، ويسمى ذلك في العلم الحديث الربع الأول والربع الأخير، حيث يكون كل من الشمس والقمر متعامدا بالنسبة للأرض، أي يصنع الخطان الواصلان من كل منهما للأرض زاوية قائمة. ثانيا: المواضع الفرعية: وفيه أربعة مواضع أخرى فرعية للقمر أثناء دورانه في فلكه حول الأرض، وهي المواضع التي تقع في النصف فيما بين الأوضاع الأربعة الرئيسية السابق ذكرها، فإذا وقع القمر في المناصفة بين إحدى هذه المواضع يكون نقص الماء، أي جزره الشهري أشد ما يكون وأكبر ما يكون. وتذكر الرسالة أن أفضل جزر يكون في المواضع الأربعة يقع في الموضعين اللذين يليان الامتلاء، أي الذي قبل الامتلاء والذي بعد الامتلاء. وفي ذلك الوضع أكبر تأثير للقمر يقع في المد والجزر اليومي، بسبب حركة القمر اليومية، وتحدد الرسالة أن كل موضع من الأرض يظهر فيه المد والجزر اليومي، يظهر فيه المد حين يبتدئ طلوع القمر عليه، ويبتدئ جزره حين يبتدئ زوال القمر عنه. أما المد العرضي وهو "زيادة الماء بانصباب مواد فيه أصلها مما ارتفع من الأرض والبحار". وأهم ما في رسالة الكندي هذه هو تركيزها على الجانب التجريبي فالرسالة غنية بالتجارب العلمية ومن أهمها تجربته لإثبات تحول أن الأجسام تتمدد بالحرارة، وتجربته لإثبات أن الحرارة تتولد من الحركة، وتجربة القليب، وتجربة القنينة لإثبات تحول الهواء ماء، إلى غير ذلك من التجارب. النسخ المحققة: حققت الرسالة ضمن مجموعة رسائل الكندي الفلسفية، بعناية محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة: دار الفكر العربي، عام 1308 هـ / 1891 م-1311هـ / 1894 م- 1369 هـ / 1950 م-1372هـ / 1953 م.
  18. المسعد

    الزيج الصابئ

    أحد أشهر المؤلفات في مجال علم الأزياج من فروع علم الفلك، وتأتي شهرته أن مؤلفه البتاني قد وضع فيه معلومات صحيحة ودقيقة كان لها أثرها في تطور علم الفلك طوال العصور الوسطى عند المسلمين وأوائل عصر النهضة في أوروبا. والكتاب دراسة في القوانين الفلكية من خلال مقدمة وسبعة وخمسين بابا، أورد في المقدمة المنهجية التي كتبها لكتابه وصفا لأهمية هذا العلم، ومكانته بين العلوم، وسبب وضعه هذا الكتاب فيقول: "إنه من أشرف العلوم منزلة، وأسناها مرتبة، وأحسنها حلية، وأعلقها بالقلوب، وألمعها بالنفوس وأشدها تحديدا للفكر والنظر وتذكية للفهم ورياضة للعقل بعد العلم، بما لا يسع الإنسان جهله من شرائع الدين وسنته، علم صناعة النجوم . لما في ذلك من جسيم الحظ وعظيم الانتفاع بمعرفة مدة السنين والشهور والمواقيت وفصول الأزمان وزيادة النهار والليل ونقصانها، ومواضيع النيرين( الشمس و القمر ) وكسوفهما، ومسير الكواكب في استقامتها ورجوعها وتبدل أشكالها ومراتب أفلاكها وسائر مناسبتها، إلى ما يدرك بذلك مَن أنعم النظر وأدام الفكر فيه من إثبات التوحيد ومعرفة كنه عظمة الخالق وسعة حكمته، وجليل قدرته ولطيف صنعته". وقال أيضا:- "لما أطلت النظر في هذا العلم وأدمنت الفكر فيه ووقفت على اختلاف الكتب الموضوعة لحركات النجوم، وما تهيأ على بعض واضعيها من الخلل في ما أصلوه فيها من الأعمال وما ابتنوها(بنوها) عليه، وما اجتمع أيضا في حركات النجوم على طول الزمان - لمّا قيست أرصادها إلى الأرصاد القديمة - وما وجد في ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار من التقارب، وما تغير بتغيره من أصناف الحساب وأقدار أزمان السنين وأوقات الفصول واتصالات النيرين التي يستدل عليها بأزمان الكسوفات وأوقاتها أجريت في تصحيح ذلك كله وإحكامه على مذهب بطليموس في الكتاب المعروف بالمجسطي بعد إنعام النظر وطول الفكر والرؤية مقتفيا أثره متبعا ما رسمه إذ كان قد تقصى ذلك من وجوهه ودل على العلل والأسباب العارضة فيه بالبرهان الهندسي والعددي الذي لا تُدفع صحته ولا يشك في حقيقته فأمر بالمحنة والاعتبار بعده وذكر أنه قد يجوز أن يستدرك عليه في أرصاده على طول ا لزمان كما استدرك هو على إبرخس وغيره من نظرائه لجلالة الصناعة ولأنها سماوية جسيمة لا تدرك إلا بالتقريب. ووضعت في ذلك كتابا أوضحت فيه ما استعجم، وفتحت ما استغلق، وبينت ما أشكل من أصول هذا العلم، وشذ من فروعه، وسهلت به سبيل الهداية لمن يأثر به ويعمل عليه في صناعة النجوم، وصححت فيه حركات الكواكب ومواضعها من منطقة فلك البروج على نحو ما وجدتها بالرصد وحساب الكسوفين وسائر ما يحتاج إليه من الأعمال، وأضفت إلى غيره مما يحتاج إليه، وجعلت استخراج حركات الكواكب فيه من الجداول لوقت انتصاف النهار من اليوم الذي يحسب فيه بمدينة الرقة، وبها كان الرصد والامتحان على تحذيق ذلك كله إن شاء الله تعالى وبه التوفيق". محتويات الكتاب أورد البتاني في الثلاثة الأولى منها طريقة العمليات الحسابية في النظام الستيني وأوتار الدائرة، والكرة السماوية ودوائرها. وقياس الزمن برصد ارتفاع الشمس. كما تناول في الأبواب التسعة التالية موضوع الكواكب الثابتة ومعرفة أوضاعها بالنسبة للدوائر السماوية، وطول السنة الشمسية عن طريق الرصد، والاختلاف في حركة الشمس وعدم انتظام سرعتها بين يوم وآخر على مدار السنة، وحركات القمر والكسوف والخسوف وبعد الشمس والقمر عن الأرض وأسباب أوجه القمر، وتناول الكواكب ومساراتها، وقدم مقارنة للتقاويم المختلفة عند العرب والروم والفرس والقبط، ودرس منازل القمر وقسمها إلى ثمان وعشرين منزلة كما كانت عند العرب قبل أن يطلعوا على التقسيم الهندي، ولكنه استخدم في تقسيمه الأصول الهندسية والفلكية. وبحث بعد ذلك مسار القمر ونقطتي تقاطعه مع مسار الأرض ورؤية الهلال والخسوف وكذلك تناول كسوف الشمس وأحوال ومواضع وحركات المجموعات الشمسية. واختتم الكتاب بثلاثة أبواب أحدهما خصصه لإرصاداته التي قام بها للنجوم. وبابين خصصهما لوصف الآلات الفلكية وطريقة صنعها والأخطاء التي يمكن أن يقع فيها علم الفلك. وقد نال هذا الكتاب حظوة كبيرة عند علماء الفلك المسلمين الذين جاءوا بعد البتاني من أمثال البوزجاني ، والصاغاني ، والصوفي ، والبيروني ، وأيدوه في كثير مما جاء به. النسخ المترجمة نال الكتاب أهمية كبيرة في الغرب الأوروبي فتمت عدة محاولات لترجمة الكتاب إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، وطبعت إحدى هذه الترجمات وهي ترجمة بلاتو تيفوك في نورمبرج عام 943هـ / 1537 م. كما نشر كارلو نلينو الأصل العربي منقولا عن النسخة المحفوظة بمكتبة الأسكوريال في ثلاث مجلدات بروما عام 1316هـ / 1899 م مصحوبا بترجمة لاتينية وتعليق على بعض النصوص.
  19. أحد المؤلفات الكبرى في علم الفلك والأرصاد التي ظهرت في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي. وقد أهداه مؤلفه أبو الريحان البيروني إلى السلطان مسعود بن محمود الغزنوي. والكتاب يعتني بكل ما توصل إليه العلماء في الحضارات السابقة وكذلك المعاصرون له مع نقد مطلع وتفنيد الآراء دون تحيز أو محاباة. وقد انتهج البيروني منهجا خاصا هو ألا يأخذ النظريات والأرصاد قضية مسلما بها بل ناقش البراهين والأدلة وأضاف إليها من علمه وأعاد الأرصاد أكثر من مرة لكي يتأكد من صحة النتائج التي ذكرها في كتابه. فيقول البيروني: "ولم أسلك فيه مسلك من تقدمني من أفاضل المجتهدين من طالع أعمالهم واستعمل زيجاتهم على مطايا الترديد إلى قضايا التقليد باقتصارهم على الأوضاع الزيجية وتعميتهم خير ما زاولوه من عمل وطيهم عنهم كيفية ما أصابوه من أصل حتى أحوجوا المتأخر عنهم في بعضها إلى استئناف التعليل وفي بعضها إلى تكلف الانتقاد والتضليل إذ كان خلد فيها كل سهو بدر منهم لسبب انسلاخه عن الحجة وقلة اهتداء مستعمليها بعدهم إلى المحجة وإنما فعلت ما هو واجب على كل إنسان أن يعمله في صناعته من تقبل اجتهاد من تقدمه بالمنة وتصحيح خلل إن عثر عليه بالحشمة وخاصة فيما يمتنع إدراك صميم الحقيقة فيه من مقادير الحركات وتخليد ما يلوح له فيها تذكرة لمن تأخر عنه بالزمان وأتى بعده وقرنت بكل عمل في كل باب من علله وذاك ما توليت من عمله ما يبعد به المتأمل عن تقليدي فيه ويفتح له باب الاستصواب لما أصبت فيه أو الإصلاح لما زللت عنه أو سهوت في حسابه". محتويات الكتاب يشتمل الكتاب على إحدى عشرة مقالة جاءت موزعة على ثلاثة أجزاء. وقد قسمت كل مقالة إلى عدد من الأبواب، بلغت في مجموعها مائة واثنين وأربعين بابا. فجاء الكتاب على النحو التالي: الجزء الأول وتشمل الخمس مقالات الأولى، وتتناول هيئة الموجودات الكلية في العالم بإجمال وإيجاز للتوطئة، وعن العالم بكليته كجرم مستدير الشكل، وعن الأثير والعالم المتحرك والعناصر الأربعة، وعن المباحث الستة من كتاب المجسطي، وعن كرية الأرض وكرية السماء، وعن الكسوف . كما تناول في الأب واب الأخرى لهذه المقالة الأيام والشهور وسنة القمر ، وسنة الشمس ، وغير ذلك. ثم يقدم عرضا موجزا لتواريخ الأنبياء، والملوك من عهد سيدنا آدم عليه السلام حتى ملوك عصره وذلك للصلة الوثيقة بينها وبين التقاويم المختلفة والتواريخ المشهورة مع الإشارة إلى أصلها والأسباب التي جعلت منها عيدا دينيا أو مناسبة مشهورة. ثم ينتقل للحديث عن الجوانب النظرية في جداول حساب المثلثات التي تعتمد عليها النظريات والأرصاد والحسابات الفلكية. وينتقل بعد ذلك إلى الناحية التطبيقية فيبين زاوية تقاطع معدل النهار مع منطقة البروج في خط الاستواء ودرجة الكواكب وعرضه، ومعرفة عروض البلدان بارتفاعات الأشخاص وسعة المشارق والمغارب، ودرجة طلوع الكواكب وغروبها ومعرفة الوقت من الليل بقياس الكواكب الثابتة، والماضي من النهار قبل سمت الشمس أو عكسه. الجزء الثاني ويشتمل على أربع مقالات من الخامسة حتى الثامنة. ويتناول فيها المسائل الأرضية المتصلة بالظواهر الفلكية كتعيين خطوط الطول والعرض للبلدان واتجاه مكان بالنسبة لمكان آخر وقياس حجم الأرض أو محيطها وخصائص الكرة السماوية في خطوط العرض المختلفة ووصف موجز لجغرافية الأرض مع جدول لخطوط الطول والعرض جمع فيه ما يزيد على ستمائة بلد ومكان. ثم يتحدث عن كيفية الوقوف على أوقات الاعتدالات وتصور الحركة في الأفلاك التي يظن أنها متقاطعة، وحركة الشمس الوسطى بالطريقة التي استخرجها بها بطليموس ومقدار حركة الأوج ( مصطلح فلكي ) وغير ذلك. ويتحدث عن حركات القمر وبعد القمر عن الأرض واختلاف منظر القمر، وعن أحوال الكسوف واختلاف مناظره. وكذلك كسوف القمر ومداري البحرين ومنازل القمر. الجزء الثالث ويشمل المقالات الثلاث الأخيرة، ويتناول في أبوابها الفرق بين الكواكب الثابتة والسيارة وتقسيم الكواكب الثابتة وجداول الثوابت وصور الدب الأكبر والأصغر والتنين والعقاب والثور والعذراء والسمكتين وقيطس والنهر والأرنب وقنطورس والسمع وتشريق الكواكب وتغريبها، والجداول وتقويم الكواكب بها وجداول حركات زحل والمشترى والزهرة و عطارد والمريخ واستخراج المقامات وغاية تباعد الزهرة وعطارد عن الشمس ، وتناظر الكواكب وال بروج وتحاويل سني العالم، والمواليد وشهورها، وتقسيط القوى بحسب المواضع، ومعرفة الطاقات في كل واحد من فلكي الأوج والتدوير ولوازمها وصعود الكواكب وهبوطها وقرانات الكواكب العلوية إلى غير ذلك. والكتاب مزين بالعديد من الأشكال والرسوم المختلفة والجداول الكثيرة. النسخ المحققة طبع كتاب القانون المسعودي لأول مرة بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد الدكن بالهند عام 1373هـ / 1954 م. ولقد بذلت فيه دائرة المعارف مجهودا ضخما في سبيل طبع هذا الكتاب النفيس حيث بقي في الخفاء مدة طويلة من الزمان وقد تمت المقارنة بين النسخ السبعة والاعتماد على النسخة المخطوطة الرابعة الموجودة في مكتبة بايزيد بإستانبول أساسا للطبع. وتقع هذه الطبعة في ثلاثة أجزاء في نحو ألف وخمسمائة صفحة، عدا المقدمات والفهارس. وقد أعاد تحقيق المقالة الثالثة منه إمام إبراهيم أحمد، ونشرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة عام 1384 / 1965
  20. صاعد بن الحسن بن صاعد أبو العلاء الرحبي زعيم الدولة. شاعر وعالم في الهندسة الميكانيكية والفلك والطب. عاش ابن صاعد الرحبي في القرن الخامس الهجري - الحادي عشر الميلادي، ولم تحدد الموسوعات أو كتب تأريخ العلوم تاريخ ميلاد له أو تاريخ وفاة، ولكن ذكرت بعض المراجع أنه كان حيا عام 417هـ - 1026م / 430 هـ -1038م. ولد ابن صاعد الرحبي بمدينة الرحبة ، وسكن بدمشق ، واتصل بالأمير شرف الدين مسلم بن قريش بن بدران العقيلي أبي المكارم صاحب الموصل وديار ربيعة ومضر من أرض الجزيرة السورية (453 - 478هـ / 1061 - 1085م) وقد صنع ابن صاعد الرحبي فلكا عظيما به نجوم، وما شابهها، وأهداه لأمير الموصل. وقد طور ابن صاعد الرحبي قلم الحبر المزود بالمداد لما يكفي الكتابة به لمدة شهر ولا يجف، وقد صنعه من الحديد، وجعل له سنا مشقوقا مقطوطا. واخترع ابن صاعد الرحبي آلة لحمل الأحجار الثقيلة، وأسماها بن عساكر ميجان، ولعلها أول آلة رافعة للحجارة. واخترع شخصا ميكانيكا من حديد يحرك منفاخا ميكانيكا لنفخ النار، ويظل يعمل لعدة ساعات. ولابن صاعد الرحبي كتابان: الأول منهما في الطب بعنوان: في التشويق الطبي ، وقد ألفه ابن صاعد الرحبي في الرحبة عام 464هـ - 1071م وأهداه إلى الرئيس أبي المكارم أمير الموصل، وقد ترجم هذا الكتاب إلى الألمانية، ولكنه لم يحقق حتى الآن. والثاني من كتبه في علم الفلك بعنوان: مقالة في التشويق التعليمي في علم الهيئة ، وقد كتبه لصديق له عام 455هـ - 1063م .
  21. أبو الفتح محيي الدين يحيى بن محمد ابن أبي الشكر المغربي الأندلسي، كنيته أبو الفتح ولقبه محيي الملة والدين المغربي. عالم فلكي اشتهر في القرن السابع الهجري / القرنين الثاني والثالث عشر الميلادي. ولد بقرطبة ثم تنقل في البلاد العربية والإسلامية حيث استقر به المقام في مراغة بأذربيجان. عمل محيي الدين المغربي في مرصد مراغة تحت رئاسة نصير الدين الطوسي ، وصاحب فيها عددا من علماء عصره منهم المؤيد العرضي ، والفخر المراغي، و قطب الدين الشيرازي ، وكمال الدين الفارسي، و نجم الدين القزويني . كان محيي الدين المغربي دقيقا في أعماله، لذا رأى أنه من الضروري التحقق من النظريات الفلكية التي ورثها من علماء اليونان وعلماء الهنود وعلماء العرب والمسلمين. وقد قاده ذلك إلى تطوير الأسطرلاب الذي كان من أهم وسائل الرصد آنذاك، فكتب كتابا في هذا الموضوع سماه كتاب تسطيح الأسطرلاب . وقد درس محيي الدين المغربي كتاب شكل القطاع لنصير الدين الطوسي دراسة متأنية، وكتب كتابه شكل القطاع الذي يمتاز بأصالة المعلومات التي تضمنها وخاصة فيما يتعلق بالمثلث الكروي القائم الزاوية. وقد نال من تأليفه سمعة عظيمة في كل من المشرق والمغرب العربي. وعندما طلب أبو الفرج غريغوريوس الملطي من محيي الدين المغربي أن يدرس كتاب المجسطي لبطليموس ويقدم ملاحظاته عليه، وجد بعد الدراسة الدقيقة أنه من الضروري كتابة كتاب حول المجسطي سماه خلاصة المجسطي وأهدى نسخة منه إلى نصير الدين الطوسي، الذي أحسن تقديرها ووضعها في مكتبة مرصد مراغة لكي تكون مرجعا لطلاب العلم والباحثين في مجال علم الفلك. كما نال محيي الدين المغربي شهرة مرموقة بكتابه تاج الأزياج وغنية المحتاج ، الذي جمع فيه معلوماته الفلكية والجغرافية، ورتبها ترتيبا تاريخيا فريدا لذا صار كتابه هذا من أهم المصادر للباحثين وطلاب العلم في علمي الفلك والجغرافية عبر العصور. ترك محيي الدين المغربي عددا من المصنفات في مجال الفلك والرياضيات منها: أربع مقالات في النجوم ، وكت اب عمدة الحساب وغنية الطالب ، وكتاب زيج التقويم للكواكب ، وكتاب كفايات الأحكام على تحويل سني العالم ، وكتاب النجوم ، وكتاب الأحكام على قرانات الكواكب في البروج الاثني عشر، وكتاب الجامع الصغير في أحكام النجوم ، وكتاب المدخل المفيد في حكم المواليد ، وكتاب مقدمات تتعلق بحركات الكواكب .
  22. أبو الطيب سند بن علي المنجم، عالم فلكي ورياضي اشتهر في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. ولد سند لأسرة يهودية تدين بالديانة الموسوية، ولكنه اعتنق الإسلام في عهد الخليفة المأمون الذي قربه إليه. عمل سند في مرصد الشماسية في بغداد الذي أنشأه الخليفة المأمون، وعمل فيه سند مع كل من العباس بن سعيد الجوهري، ويحيى بن منصور، و أحمد الفرغاني ، و أبناء موسى بن شاكر ، وعلم الدين البغدادي، وثابت بن قرة. وقد شارك سند في البعثة العلمية التي كلفها الخليفة المذكور لقياس محيط الأض . وكتب سند مذكرة عن ذلك وردت فيها أسماء علماء ومهندسين شاركوا في ذلك العمل منهم خالد بن عبد الملك المروزي، وعلي بن عيسى الأسطرلابي. وقد جرت عملية القياس المذكورة بالقرب من سنجار ما بين واسط وتدمر، وبلغت الدرجة المقاسة (57) ميلا عربيا. كما كان سند بن علي من المهندسين المتميزين لدى الخليفة المتوكل، وقد كلفه الخليفة بالتحقق بما ترامى له من أخبار عن خطأ قد ارتكبه بني موسى في حفر قناة الجعفري قرب البصرة . وكان بنو موسى قد كلفوا بدورهم الفرغاني بالإنشاء، الذي أخطأ في تقدير منسوب المياه فلم تكن القناة لتمتلئ بالماء إلى العمق المطلوب. وقد توعد المتوكل بني موسى بالعقاب في حالة صحة الخبر. وقد هرع بنو موسى إلى سند بن علي في أن يساعدهم على إخفاء ذلك الأمر، فاشترط عليهم أن يساعدهم إن هم أعادوا للكندي كتبه وكان صديقا له، ذلك أن بني موسى كان بينهم وبين الكندي مشاحنات فألبوا المتوكل عليه واستولوا على مكتبته. وقد استجاب بنو موسى لهذا الشرط، وقال سند بأنه سوف يعلم الخليفة بأنه لا يوجد أي خطأ في حفر القناة لأن نهر دجلة كان في ذروة ارتفاعه ولن يستطيع أن يلحظ أحد الخطأ طيلة أربعة شهور. ولقد اغتيل المتوكل بعد شهرين ونجا بنو موسى من العقاب. أما عن إنجازات سند بن علي الأخرى فقد تعاون مع يحيى ابن أبي منصور في وضع زيج فلكي كما كان له بحوث في الثقل النوعي. ترك سند بن علي عددا من المؤلفات في الرياضيات منها كتاب الحساب الهندي ، وكتاب الجمع والتفريق . وفي الشروح الرئيسية لكتاب إقليدس .
  23. أبو الطيب سند بن علي المنجم، عالم فلكي ورياضي اشتهر في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. ولد سند لأسرة يهودية تدين بالديانة الموسوية، ولكنه اعتنق الإسلام في عهد الخليفة المأمون الذي قربه إليه. عمل سند في مرصد الشماسية في بغداد الذي أنشأه الخليفة المأمون، وعمل فيه سند مع كل من العباس بن سعيد الجوهري، ويحيى بن منصور، و أحمد الفرغاني ، و أبناء موسى بن شاكر ، وعلم الدين البغدادي، وثابت بن قرة. وقد شارك سند في البعثة العلمية التي كلفها الخليفة المذكور لقياس محيط الأض . وكتب سند مذكرة عن ذلك وردت فيها أسماء علماء ومهندسين شاركوا في ذلك العمل منهم خالد بن عبد الملك المروزي، وعلي بن عيسى الأسطرلابي. وقد جرت عملية القياس المذكورة بالقرب من سنجار ما بين واسط وتدمر، وبلغت الدرجة المقاسة (57) ميلا عربيا. كما كان سند بن علي من المهندسين المتميزين لدى الخليفة المتوكل، وقد كلفه الخليفة بالتحقق بما ترامى له من أخبار عن خطأ قد ارتكبه بني موسى في حفر قناة الجعفري قرب البصرة . وكان بنو موسى قد كلفوا بدورهم الفرغاني بالإنشاء، الذي أخطأ في تقدير منسوب المياه فلم تكن القناة لتمتلئ بالماء إلى العمق المطلوب. وقد توعد المتوكل بني موسى بالعقاب في حالة صحة الخبر. وقد هرع بنو موسى إلى سند بن علي في أن يساعدهم على إخفاء ذلك الأمر، فاشترط عليهم أن يساعدهم إن هم أعادوا للكندي كتبه وكان صديقا له، ذلك أن بني موسى كان بينهم وبين الكندي مشاحنات فألبوا المتوكل عليه واستولوا على مكتبته. وقد استجاب بنو موسى لهذا الشرط، وقال سند بأنه سوف يعلم الخليفة بأنه لا يوجد أي خطأ في حفر القناة لأن نهر دجلة كان في ذروة ارتفاعه ولن يستطيع أن يلحظ أحد الخطأ طيلة أربعة شهور. ولقد اغتيل المتوكل بعد شهرين ونجا بنو موسى من العقاب. أما عن إنجازات سند بن علي الأخرى فقد تعاون مع يحيى ابن أبي منصور في وضع زيج فلكي كما كان له بحوث في الثقل النوعي. ترك سند بن علي عددا من المؤلفات في الرياضيات منها كتاب الحساب الهندي ، وكتاب الجمع والتفريق . وفي الشروح الرئيسية لكتاب إقليدس .
  24. علي بن محمد بن علي الشريف الحسيني الجرجاني المعروف بسيد مير شريف . فلكي وعالم حياة وفقيه وموسيقي وفيلسوف ولغوي. عاش في أواخر القرن الثامن الهجري وأوائل القرن التاسع الهجري / أواخر القرن الرابع عشر الميلادي وأوائل القرن الخامس عشر الميلادي . ولد الجرجاني في تاجو قرب أستراباذ عام 740هـ / 1339 م ، وقد تلقى العلم على شيوخ العربية، واهتم اهتماما خاصا بتصنيف العلوم، وكذلك بعلم الفلك، وكان من أهم العلماء الذين تأثر بهم في علم الفلك الجغميني و قطب الدين الشيرازي و الطوسي ، وقد تناول رسائل هؤلاء العلماء بالشرح والتبسيط لإيمانه بأهمية هذه الرسائل ووجوب تداولها بين طلاب العلم . وقد قدمه التفتازاني للشاه شجاع بن محمد بن مظفر فانتدبه للتدريس في شيراز عام 779هـ / 1377 م ، وقد عاش معظم حياته في شيراز، وعندما استولى تيمور لنك على شيراز عام 789هـ / 1387 م انتقل الجرجاني إلى سمرقند وظل هناك حتى توفي تيمور عام 807هـ / 1404 م فعاد إلى شيراز وتوفى بها عام 816هـ / 1413 م . ومن المعروف أن للجرجاني أكثر من خمسين مؤلفا في علم الهيئة والفلك والفلسفة والفقه ولعل أهم هذه الكتب: كتاب التعريفات وهو معجم يتضمن تحديد معاني المصطلحات المستخدمة في الفنون والعلوم حتى عصره، وهذا المعجم من أوائل المعاجم الاصطلاحية في التراث العربي، وقد حدد فيه الجرجاني معاني المصطلحات تبعا لمستخدميها وتبعا للعلوم والفنون التي تستخدم فيها، وجعل تلك المصطلحات مرتبة ترتيبا أبجديا مستفيدا في ذلك من المعاجم اللغوية حتى يسهل التعامل معه لكافة طالبيه، وهذا المعجم من المعاجم الهامة التي لا نستطيع الاستغناء عنها إلى الآن، وقد أشاد به كافة المستشرقين لأهميته الدلالية والتاريخية . ومن مؤلفاته الأخرى : رسالة في تقسيم العلوم ، و خطب العلوم ، و شرح كتاب الجغميني في علم الهيئة ، و شرح الملخص في الهيئة للجغميني ، و شرح التذكرة النصيرية وهي رسالة نصير الدين الطوسي ، و تحقيق الكليات
  25. يحيى بن محمد بن عبدان بن عبد الواحد اللبودي شمس الدين. فلكي، وطبيب، وشاعر. عاش في القرن السابع الهجري - الثالث عشر الميلادي. ولد اللبودي عام 607هـ -1210م بحلب ، ورحل إلى دمشق مع أبيه حيث قرأ الطب فيها على يد الطبيب مهذب الدين بن عبد الرحيم بن على وظهر نبوغه وذكاؤه، ودخل في خدمة الملك المنصور إبراهيم بن الملك المجاهد بن أسد الدين شيركوه بن شاذي صاحب حمص، وكان يعتمد عليه في صناعة الطب، ولم تزل أحواله تتنامى عنده حتى استوزره وفوض له أمور دولته، واعتمد عليه كلية، وكان لا يفارقه في السفر والإقامة. قد أنشأ المدرسة اللبودية في الطب بدمشق عام 644هـ -1246م خارج البلد ملاصقة لبستان الفلك. ولما توفي الملك المنصور عام 643هـ -1245م انتقل إلى القاهرة حيث دخل في خدمة الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل، وولاه نظارة الإسكندرية ثم نظارة الشام. وتوفي عام 666هـ -1267م. ويعتبر اللبودي أفضل علماء زمانه في العلوم الحكمية، وفي علم الطب، وكان ذا همة عالية وفطرة سليمة وذكاء مفرط، وحرص بالغ، وكان قويا في المناظرة، قوي الحجة في الجدل، وقد قرأ صناعة الطب على يد نجيب الدين أسعد الهمداني. وكان يؤمن بأثر حدس الطبيب في تشخيص المرض، وكذلك بعلاقة المريض بالطبيب تلك العلاقة التي يمكن أن تعجل بشفاء المريض أو تؤخرها، مما جعله يهتم بدراسة الجوانب النفسية للمرضى. وقد اهتم ابن اللبودي اهتماما خاصا بالأزياج الفلكية فقد اطلع على الأزياج السابقة عليه، ولخص الزيج الشاهي للطوسي بعنوان الزاهي في اختيار الزيج الشاهي ، وصنع زيجا دقيقا اعتمد فيه على خبرته الشخصية في الرصد بعنوان: الزيج المقرب المبني على الرصد المجرب ، وقد درس اللبودي الكتب الأصول في الطب العربي والطب اليوناني، واهتم بدراسة الكتب اليونانية الرياضية. ومن كتبه الأخرى في علوم الرياضيات: كافية الحساب في علم الحساب . الرسالة الكاملة في علم الجبر والمقابلة . مختصر مصادرات إقليدس . الرسالة المنصورية في الأعداد الوفقية . غاية الغايات في المحتاج إليه من إقليدس في المصادرات . وله في الطب اختصارات مجموعة من أهم الكتب الطبية جعل منها كتبا يسيرة يسهل الاستفادة منها وكان يضيف إليها تع ليقاته أحيانا، وكلها تبدأ بكلمة مختصر: مختصر الكليات ، مختصر الإشارات والتنبيهات ، مختصر عيون الحكمة ، وهذه الكتب الثلاث التي اختصرها من تأليف ابن سينا . ومختصر كتاب المسائل وهو كتاب من كتب الطب القديمة للعبادي
×