Jump to content

المسعد

الأعضاء
  • Content Count

    131
  • Joined

  • Last visited

Posts posted by المسعد


  1.  

    تكلم الرازي عن كروية الأرض كأول عربي مسلم ، وقد سبقه الإغريقي ارستاركوس . إلا أن القرآن الكريم قد أشار إلى الدّحى وهو شكل بيضاوي وليس كروي تماما . ولقد أشار الله تعالى إلى الظّل في كتابه الكريم في أكثر من آية وحملت فيها من المعاني اللفظية العلمية الشيء الكثير لكي نتفكر ونتدبر في عظمة هذه المعاني ونصل في نهايتها إلى بعض دلائل قدرة الله في هذا الكون العظيم .

     

    جاء في كتب التفسير أن الظّل هو عتمة الفجر حتى طلوع الشمس ، أما الظّل بمعناه العام فهو يشمل الخيال الناتج عن الشخص أو الشاخص في اتجاه سقوط أشعة الشمس .

     

    الآيتان (45 و46) من سورة الفرقان تبينان حقيقة دوران الأرض حول نفسها ، كما أن كواكب المجموعة الشمسية ليست فيها كواكب ساكنة تسكن في الظّل فهي تدور جميعها حول نفسها وحول الشمس مثل الأرض تماما . كما أن سنة عطارد أقصر من يومه ، أما عندما تكون حركة الكوكب حول نفسه بقدر سرعته حول الشمس فإنه لا يلامسه من الشمس من إشعاع سوى وجه واحد ........ ويختلف طول الظّل تبعا لزاوية سقوط الشمس ، فإذا كانت الشمس عمودية على رأس الشخص فإن الظّل يلبس الجسم ولا يظهر له أي ظل ويمكن رؤية ذلك بوضوح عند خط الاستواء في 21 آذار و22 أيلول إذ تكون الشمس عمودية على رأس الشخص فلا يظهر له أي ظل بل يقال في الاصطلاح العلمي أن الظّل قد لبس الشخص نفسه ويكون ذلك في وقت الظهيرة ، أما إذا تواجد الشخص على أي خط عرض آخر بعيد عن خط عرض الشمس فإن ظلّ الظهيرة يكون له قيمة ويطلق عليه اصطلاح أقصر ظل عن ذلك اليوم ، ويعتبر علميا الليل الذي نراه في نصف الكرة الأرضية ما هو إلا ظل وجه الأرض المقابل للشمس على نصف الأرض البعيد عن الشمس ، ولننتبه إلى ما جاء في سورة الفرقان في الآيتين 45 و46 إذ قال الله عز وجل :

     

    (‏أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ‏ ‏) (45) (‏ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا) (46) .

     

    ويدعونا كلام الله هذا أن نرى صنعه الذي أتقن كل شيء صنعه ، بينما الظّل الذي خلقه وخلق أسبابه ومده ، ولو شاء سبحانه لغير في أسبابه فجعله ساكنا لا يتحول ولا يزول كما يحدث في بعض الكواكب الشمسية ، فالكوكب عطارد أقرب الكواكب إلى الشمس حيث يقابلها بوجه واحد فقط إذ يكون النهار سرمديا أبديا وليله ليلا أبديا أي سرمديا ومن ثم يكون فيه الليل ثابتا وساكنا ، هذا ما جاء به العلم الحديث ليوضح لنا بعض نظريات الظّل . ويكون الظّل أنواعا فيوجد ظل الشجرة وهو أجمل أنواع الظّل ، فالشجرة بما فيها من فروع ورقية تعمل بمثابة مرشح لدرجة حرارة الشمس فيكون ظلّها ظليلا ، وقد أشار الله تعالى في سورة النساء الآية 57 إلى ذلك بقوله : ( ‏وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا) .

     

    أي ظلّا عميقا كثيرا غزيرا طيبا ، وقد أشار الحديث الشريف إلى ذلك : (إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها – شجرة الخلد) . كما انه يوجد ظل السحب البيضاء التي تحجب أشعة الشمس من الوصول إلى سطح الأرض وتعمل السحب عمل المظلّة البيضاء مع الفارق فيما صنعه الإنسان بأنه ليس له صفة امتصاص الأشعة الشمسية ، بينما ما صنعه الله من الغمام والسحب البيضاء له خاصية امتصاص الأشعة الشمسية إذ لا يصل إلى الإنسان إلا ما يحتاجه من ضوء وحرارة هادئة ، وقد أشار الله تعالى إلى السحاب الأبيض في سورة البقرة الآية 57 بقوله : (‏وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) .

     

    والآية 210 إذ قال جل وعلا : (‏هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) .

     

    وكذلك في سورة الأعراف الآية 160 إذ قال الله تعالى : (‏وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ‏ ‏) .

     

    وسحب الصيف البيضاء حينما تأتي من الله عز وجل رحمة لبني البشر يجب أن نفكر فيم خلقها الله تعالى ؟ ، ليخفف عن البعض بظلال من الغمام بينما يترك الآخرين في سعير الحر اللافح القاتل ، والجميع يعرف أنه توجد ضربة شمس تقتل الإنسان والحيوان وتحرق الغابات وتهلك الزرع إذ تصل الحرارة فيها إلى ما يزيد على 50 درجة مئوية وتقابلها أيضا ضربة ظل الناتجة عن ظل المباني أو ظل أي جسم صناعيا وهو لا يغني ولا يحمي ، ومن ثم يموت بعض الأشخاص أيضا من ضربة الظّل الصناعي مثلها في ذلك مثل ضربة الشمس وإن كانت أقل قليلا في درجة حرارتها . أما السحابة البيضاء التي تعمل في ظلل من الغمام فإنها مثل سحابة الصيف المعروفة لا تمطر ولكنها تمتص جزءا من الأشعة الشمسية أثناء مرورها من خلالها فيكون الظّل الذي وضعه الخالق بنظرية علمية لتستفيد منه مخلوقات كوكب الأرض .

     

    تمر علينا بعض آيات الله الكونية من أن ننتبه أنها تخضع إلى نظرية الظّل ، فمثلا خسوف القمر ما هو إلا سقوط ظل كوكب الأرض على القمر بطريقة علمية دقيقة إذ تحدث ظاهرة الخسوف القمري عندما تقع مراكز الشمس والأرض والقمر على خط مستقيم شبه الظّل للأرض والخسوف الكلي في منطقة الظّل الكامل للأرض . وقد إستدل العرب الأوائل على كروية كوكب الأرض من خلال ظاهرة الخسوف القمري حيث يقع الظّل على سطح القمر في صورة معينة لو كان للأرض أي شكل هندسي غير كروي لما حدث التقاطع على سطح القمر في شكل خط مستقيم . أما كسوف الشمس فهو أن يقع ظل القمر على كوكب الأرض ويكون ظهور ذلك بوضوح في حالة الكسوف الكلي للشمس إذ ينطبق قرص الشمس حاجبا أشعة الشمس من الوصول إلى كوكب الأرض ولكن في منطقة لا تزيد مساحتها على 200 ميل مربع إذ يقع ظل القمر على سطح الأرض ويحدث إعتام كامل في سماء المنطقة وتظهر كأنها ليل إذ ترى النجوم والكواكب لامعة بغض النظر عن أن هذا الوقت هو الظهيرة أو بعدها أو قبلها بثلاث ساعات فهذا بوقت الكسوف الكلي للشمس . وهكذا نرى أن ظل الأرض يحدث لنا خسوف القمر ، وجسم القمر يحدث ظلّا للقمر على كوكب الأرض والظاهرتان تحدثان كل عام ولكن لا ننتبه لآيات الله الكونية ، وجاءت إشارة في كتاب الله الكريم في سورة النحل الآية 81 إذ قال تعالى : (‏وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا) .

     

    استخدم مقياس الظّل للدلالة على الوقت ، فنظرية المزولة الشمسية أساسها طول الظّل لعصا مثبتة في مركز قرص خشبي إذ يقسم طول النهار عند منتصفه أي وقت الظهيرة ليكون طول الظّل مدلول وقت معين ، وبديهيا فإن قياس المزولة للوقت هو قياس تقريبي ويختلف عند وجود الشمس في كل برج من أبراجها المعروفة ، وبصفة خاصة في برج الحمل حيث بداية الربيع ، ثم برج السرطان حيث بداية الصيف ، ثم برج الميزان حيث بداية الخريف ، ثم برج الجدي حيث بداية الشتاء ، ويكون كل ذلك محسوبا لنصف الكرة الشمالي فقط لتختلف هذه الفصول الأربعة في نصف الكرة الجنوبي ، كما أن حركة الظّل يمكن بها تحديد صلاة الظهيرة إذ يكون الظّل أقصر ما يكون عند ذلك اليوم ، وتحديد صلاة العصر بطول الظهيرة مضافا إليها الظّل الكامل المحسوب له ظل الظهيرة ، أما صلاة المغرب في اختفاء الظّلال تماما باختفاء قرص الشمس .

     

    وليس في كل ظل نجد الراحة فهناك عذاب من الظّل أشار إليه الله سبحانه وتعالى في سورة المرسلات الآيتين 30 و31 إذ قال جل وعلا : (‏انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ) (‏لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ) .

     

    وأفاد المفسرون في ذلك أن ظل الدخان المقابل للهب لا ظليل هو نفسه ولا يغني من اللهب فإن لهب النار إذا إرتفع وصعد معه دخان فيكون من شدته وقوته له ثلاث شعب ، وهكذا جاءت الآية الكريمة لتوضح لنا أن الدخان الناتج عن اللهب يعمل ظلالا ولكنها مملوءة بالسموم والحرور . نسأل الله عز وجل أن يرحمنا من عذاب يوم الظّلة وأن يظللنا بوشاح رحمته في يوم لا ظل إلا ظله ولنرفع أكف الضراعة ونبتهل إليك يا رحمن يا رحيم أن تطفي نار الحروب البشرية الحمقاء التي تأكل الطيب قبل الخبيث وأن ترفع راية الإسلام في كل مكان .

     

    ويطول المقال بنا في هذا الموضوع المتعلق بالفلك فما أكثر آيات الله المسطورة المتطابقة مع آيات الله المنظورة ، وما أكثر الثوابت القرآنية الشاملة وما أعظم الهندسة القرآنية التي تحاكي الهندسة الكونية في الآفاق كما في الأنفس .

     

    وإذا كان لابد من إشارة أخيرة فلا ننسى فضل العلماء المسلمين في مجال الفلك على العالم أجمع ، ولعل أبرز أعلامنا الأماجد في هذا الضرب من العلم هو البيروني بكتبه ومؤلفاته الشهيرة ، و(البلخي) العالم الفلكي المسلم الذي ذاع صيته ، وأدت كتاباته ومؤلفاته إلى اعتراف علماء الفلك المعاصرين ومن سبقهم من إيطاليين وإنكليز وغيرهم بإنجازاته فجعلوه من أبرز علماء الفلك العالميين الذين أثروا هذا العلم أيما إثراء فأطلقوا اسمه على أقسام من كلياتهم ومراكزهم البحثية الفلكية .

    post-43-1181583688.jpg


  2.  

     

    ظهوره بالبروج ظهوره بالميلادي . عدد الأيام . اسماء الفلكيين . اسماء عند العامة .

     

    الميزان24.. اكتوبر16. 13

    العوا

     

    العقرب.7 اكتوبر29 .13

    . السماك

     

    العقرب.20. نوفمبر11 13.الغفر

     

    القوس3 نوفمبر24 13

    الزبانا

     

    الوسم

     

    القوس16 ديسمبر7 13

    الاكليل

     

    القوس29 ديسمبر20 13

    القلب

    الجدي12 يناير2 13

    الشولة

    المربعانية

     

    الجدي25 يناير15 13

    النعايم

    الدلو8 يناير28 13

    البلدة

    الشبط

     

    الدلو21 فبراير10 13

    سعد الذابح

    الحوت4 فبراير23 13

    سعد بلع

    الحوت17 مارس 8 13

    سعد السعود

    العقارب

     

    الحمل 1 مارس 21 13

    سعد الاخيبة

    الحمل 14 ابريل3 13

    المقدم

    الحميمين

     

    الحمل27 مايو16 13

    الموخر

    الثور 9 ابريل 29 13

    الرشاء

    الذراعين

     

    الثور22 مايو12 13

    الشرطين

     

    الجوزاء4 مايو25 13

    البطين

     

    الجوزاء17 يونية7 13

    الثريا

     

    الثريا

     

    الجوزاء30

    يونية20

    13

    الدبران

     

    التويبع

     

    السرطان12 يولية3 13

    الهقعة

     

    السرطان25 يولية16 13

    الهنعة

    الجوزاء

     

    الاسد 7

    يولية29

    13

    الذراع

     

    المرزم

     

    الاسد 20 اغسطس11 13

    النترة

     

    الكلبين

     

    السنبلة2

    اغسطس24 13

    الطرفة

    السنبلة15 سبتمر6 14

    الجبهة

    السنبلة29 سبتمر20 13

    الزبرة

    الميزان11 اكتوبر3 13

    الصرفة

    سهي

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     


  3.  

     

    إنها طريقة قديمة تستعمل لمعرفة الشمال في حالة عدم توفر بوصلة، ويؤكد بعضهم صحتها، لكن علماء الفلك الذين يطلبون الدقة لا يؤمنون بها.

     

    جرّب أنت ثم قرر إن كانت صحيحة أم لا.

     

    احمل ساعة يد أو حائط بشكل أفقي، وليكن وجهها نحو الأعلى. ضع عودا رفيعا بشكل عمودي على وجه الساعة فوق المركز. أدر الساعة حتى يقع ظل العود على عقرب الساعة. سيكون الشمال حينها في المنتصف بين الظل

     

    كرر التجربة عدة مرات في اليوم. هل تعطك النيجة نفسها دائما؟

     

    قارن النتيجة بالنتيجة التي تعطيها البوصلة، وتذكر أن البوصلة تشير إلى الشمال المغناطيسي وليس الجغرافي.

     

     


  4.  

     

     

    أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، فيلسوف وطبيعي وكيميائي وفلكي وموسيقي ورياضي اشتهر في (القرن الثالث الهجري - التاسع الميلادي). كتب اسمه بأحرف من ذهب في مجال الفلسفة حتى عرف باسم "فيلسوف العرب". ولد بالكوفة لأسرة عربية أصيلة تمتد أصولها إلى قبيلة كندة. وكانت أسرته ثرية، فكان أبوه حاكما لإمارة الكوفة أيام الخليفة محمد المهدي وولديه الهادي والرشيد، وكان يمتلك أراض خاصة به في البصرة .

    توفي والد الكندي وهو ما يزال صبيا فنشأ الكندي يتيما، إلا أنه رأى آثار أبهة الإمارة، وورث بالكوفة بيتا كان من أفخم الدور، ثم انتقل إلى بغداد حيث تعلم الفلسفة وما يتصل بها من علوم طبيعية ورياضية. ولما كانت هذه العلوم في أيدي فئة قليلة من السريان فقد عكف على أخذها من أصولها فتعلم اللغتين اليونانية والسريانية، إلا أنه لم يكن يترجم عنها بنفسه، بل كان يعالج ترجمة النقلة ويصلحها. كما درس العلوم الشرعية فأخذ الفقه عن الإمام أبي حنيفة والقضاء عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى. ثم انتقل الكندي إلى بلاط المأمون والمعتصم، فنال حظا كبير باطلاعه على العلوم المختلفة، وقد انفرد الكندي عن كل فلاسفة عصره بمحاولاته الجريئـة في الجمع بين أصول الفقه والعلوم العقلية، والتي مكنته من كتابة رسالة في التوحيد مبنية على طرق أهل المنطق.

    قرب المعتصم بالله الخليفة العباسي الكندي، وكان معجبا بسعة علمه وتعدد معارفه، وعهد إليه بتأديب ابنه أحمد، وقد أهدى للمعتصم كتابه الأول المؤلف في الفلسفة، كما أهدى لابنه أحمد كتبا عديدة من مؤلفاته. ولقد عاش الكندي في دار الخلافة فعمل في خدمة الخلفاء وعلاجهم، واستطلاع التوقعات الفلكية لهم، كما عمل في ديوان الخراج، ونظرا لسعة معارفه فكان يجلس أيضا لمنادمتهم. ولقد ساعدته حياته في كنف الخلفاء على جعله أرسطقراطيا في حياته وفي مجالسه وفي تفكيره، وهذا ما جعل عددا كبيرا من كتاباته العلمية تخدم اهتمامات بلاط الخلافـة مثل رسالته في صناعة الزجاج ، والجواهر ، والعطور ، والموسيقى .

    ولقد حافظ الكندي على مركزه في بلاط خلفاء سامراء، فكان يحضر المجالس العلمية التي اعتاد الواثق بالله أن يعقدها ويحضرها كبار الأط باء والفلاسفة، ثم جاء الخليفة المتوكل بعد الواثق فقرب الكندي إليه وقدمه في بلاطه، مما أثار عليه حسد الإخوة بني موسى ، إذ كان يعز أن يتفوق عليهم غيرهم في بلاط الخليفة. فسعوا في الوشاية به لدى الخليفة المتوكل، مما ترتب عليه أن صادر الخليفة مكتبته، والتي يعتبرها الكندي أكبر مصيبة حلت به في حياته كلها، وقد شاء الله أن أعيدت له المكتبة مرة أخرى.

    لكن الكندي لم يعد إلى سابق عهده في قصر الخلافة، فمات بعد سنوات قليلة مجهولا مغمورا بعد أن عاش ما يقرب من سبعين سنة. وذكر في وفاته إنه كان يشكو ألما في ركبتيه وكان يعالج ذلك بالشراب العتيق، ولما كف عن تناول استخدام شراب العسل لم ينفعه، فقوي المرض عليه فأوجع العصب وجعا شديدا، فأتى الألم إلى الرأس والدماغ فكان سبب موته.

    وتتركز شهرة الكندي في حقيقة أنه كتب في شتى فروع المعرفة، فقد صنف في الفلسفة، والسياسة، والأخلاق، والرياضيات، والبصريات، والموسيقى، والفلك، والجغرافيا، والمعادن، والكيمياء، والهندسة، والطب، وعلم النفس. وقد أودع جميع مؤلفاته في مقالات ورسائل وصلت في مجموعها إلى (250) مؤلفا. ولكن مما يؤسف له أنه لم يصلنا معظمها، وإنما وصلنا بعض رسائله في الفلسفة، وفي الطبيعيات، والموسيقى

     

     


  5.  

     

     

    أمية بن عبد العزيز ابن أبي الصلت، عالم رياضي ومهندس اشتهر في القرنين الخامس والسادس الهجريين / الحادي عشر الميلادي. ولد عام في بلدة دانية، وهي قصبة الناحية الشمالية الشرقية من كورة القفت، من شرقي الأندلس.

    نشأ أبو الصلت في الأندلس، وتعلم كبقية علماء عصره العلوم الأساسية، فحصل من معرفة الأدب ما لم يدركه غيره، وكان أوحد عصره في العلم الرياضي، متقنا لعلم الموسيقى والضرب على العود، وفي غيرها من العلوم.

    وعندما بلغ أبو الصلت الخمسين من عمره غادر الأندلس إلى مصر في عام 510هـ / 1116 م. حيث نزل الإسكندرية وأقام مدة. وفيها ذاع صيته لدى بني أمية الذين قدروه حق قدره وقربوه في مجالسهم.

    وفي يوم وصل إلى الإسكندرية مركب حمولته من النحاس فغرق قريبا من الميناء، ولم تكن هناك حيلة لتخليص المركب لطول المسافة في عمق البحر. ففكر أبو الصلت في أمره وأجال النظر في هذا المعنى حتى توصل إلى رأي بشأنه، ثم إنه اجتمع بالأفضل ابن أمير الجيوش ملك الإسكندرية وأنبأه أنه قادر إن تهيأ له جميع ما يحتاج إليه من الآلات أن يرفع المركب من قعر البحر، ويجعله على وجه الماء مع ما فيه من الثقل. فتعجب من قوله وفرح به، وسأله أن يفعل ذلك.

    ثم أعطاه جميع ما طلبه من الآلات وأنفق في سبيل ذلك جملة من المال. ولما تهيأت وضعها في مركب عظيم على موازاة المركب الذي قد غرق، وأرسى إليه حبالا مبرمة من الإبريسم ، وأمر قوما لهم خبرة في البحر أن يغوصوا ويوثقوا ربط الحبال بالمركب الغارق. وكان أبو الصلت قد صنع آلات بأشكال هندسية لرفع الأثقال في المركب الذي هم فيه. وأمر الجماعة بما يفعلونه في تلك الآلات. ولم يزل شأنهم ذلك والحبال الإبريسم ترتفع إليهم أولا فأولا وتنطوي على دواليب بين أيديهم حتى بان لهم المركب الذي كان قد غرق، وارتفع إلى قريب من سطح الماء. ثم عند ذلك انقطعت الحبال الإبريسم، وهبط المركب راجعا إلى قعر البحر.

    ولقد أدى ذلك الأمر إلى أن غضب عليه الملك لما غرمه من الآلات ولضياع ذلك دون فائدة ، وأمر بحبسه . وبقي أبو الصلت في السجن مدة إلى أن شفع فيه بعض الأعيان وأطلق. وبعد أن خرج أبو الصلت من السجن، عاد إلى وطنه في الأندلس حيث قضى هناك بقية عمره، وتوفي في المهدية عام 529هـ / 1135 م.

    ترك أبو الصلت عددا من المؤلفات مختلفة الموضوعات منها: الرسالة المصرية ألفها لأبي الطاهر بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس، ورسالة في الموسيقى ، وكتاب في الهندسة ، وكتاب الانتصار لحنين بن إسحاق على بن رضوان ، وكتاب حديقة الأدب ، وكتاب تقويم منطق الذهن .

    post-55-1181564825.jpg


  6.  

     

     

    كمال الدين أبو الحسن الفارسي، رياضي وعالم فيزياء. ولد كمال الدين الفارسي بمدينة شيراز في بيت اشتهر بالعلم. وتلقى مبادئ علم الطب عن أبيه، وتتلمذ على يد العالم قطب الدين الشيرازي أشهر علماء المسلمين في القرن السابع الهجري -الثالث عشر الميلادي. وصار كمال الدين الفارسي يسترشد بقطب الدين الشيرازي في دراسته، ويعرض عليه ما يواجهه من مشاكل علمية، واتصل بالعالم نصير الدين الطوسي الفلكي الرياضي المشهور.

    وقد عنى كمال الدين الفارسي بالرياضة، وبدراسة علم الضوء ، وكان يسمى في ذلك العصر بـ "علم المناظر"، وانصرفت عنايته بصفة خاصة إلى ما يتعلق بكيفية إدراك صور المبصرات بالانعطاف، ولم يجد في كتاب إقليدس في المناظر، ولا في كتب الفلاسفة بغيته في موضوع الانعطاف، فذهب إلى أستاذه نصير الدين الطوسي يسأله عن رأيه في هذا الموضوع.

    ويحكي الفارسي قصة هذا السؤال فيقول: "ولما رأيت في كلام بعض أئمة الحكمة، عن غير واحد منهم أن الضوء يشرق من النير على خطوط مستقيمة، فإذا صادفت سطحا كسطح الماء انعكست عنه على زوايا مساويات للزوايا المضادة، ونفذت فيه على سمت الإشراق عليه. وانعطفت فيه على سمت الانعكاس عنه، فحدثت من ذلك أربع زوايا، هي زوايا: الاستقامة، والانعكاس، والنفوذ، والانعطاف، وكلها متساوية، فتحيرت في هذه الأحكام من أين مأخذها، وثبت على هذه المقدمة، وتفرغت إليها مدة، فتفرعت عنها أحكام في الرؤية بالانعطاف جلها يخالف رأي نصير الدين الطوسي فزادت حيرتي فراجعت الحضرة (نصير الدين الطوسي) وحكيت له".

    وقد أرشد نصير الدين الطوسي تلميذه كمال الدين الفارسي، إلى كتاب المناظر للعالم ابن الهيثم وهو في مجلدين كان قد رآه بخزائن الكتب بفارس، وأعطاه نسخة من هذا الكتاب بخط ابن الهيثم نفسه. وكان كمال الدين الفارسي قد وجد قبل حصوله على هذا الكتاب أقوالا في الانعطاف تدل على جهل بهذه الظاهرة، وكانت هذه الأقوال ما زالت تتردد في بعض كتب الحكمة. وكان قد مضى على بحوث ابن الهيثم وبحوثه في الضوء والانعطاف ما يقرب من ثلاثمائة عام. ولم تكن بحوث ابن الهيثم قد عم تداولها في الأوساط العلمية بالعالم الإسل امي في القرون الثلاثة التالية له بسبب ظروف الفتن الداخلية ومحنة التتار والحروب الصليبية.

    وقد راع الفارسي كتاب ابن الهيثم وأعجب به وسجل هذا الإعجاب في مقدمة كتابه تنقيح المناظر لذوي الإبصار والبصائر وأيقن كمال الدين الفارسي أهمية إظهار ونشر هذا الكتاب وأنه من الخطأ كل الخطأ أن يظل كتاب ابن الهيثم مهملا منسيا في خزائن الكتب، وأنه من المفروض على العلماء أن يعيدوا تنقيحه حتى يسهلوا على طلاب العلم الاستفادة منه، وتيسير تداوله بينهم. فعرض على قطب الدين الشيرازي القيام بتلك المهمة فاعتذر له وذلك لانشغاله بشرح الكليات من كتاب القانون في الطب للعالم ابن سينا وقد شجع الشيرازي كمال الدين الفارسي على القيام بتلك المهمة بنفسه، فهو أهل لها. وعكف كمال الدين الفارسي على دراسة كتاب "المناظر" لابن الهيثم مرة أخرى، ودرس معه كتاب "أبولونيوس" في المخروطات، ووضع في النهاية كتابه: "تنقيح المناظر لذوي الإبصار والبصائر".

     

    ومن أهم إنجازات كمال الدين الفارسي دراسته لكيفية انعكاس الضوء والإبصار في كرة مشفة واحدة، وفي كرتين مشفتين. وقد أوضح كمال الدين الفارسي بعض مظاهر الخداع البصري، حين صبغ وجه حجر الطاحون بعدة ألوان وأداره بسرعة فوجد أنه لا يظهر إلا لون واحد، لامتزاج الألوان. وبذلك يكون قد سبق اسطوانة نيوتن (1642 -1727م) بعدة قرون.

    وقد طور كمال الدين الفارسي نظرية قوس قزح ووضع لها الشكل النهائي في التراث العربي العلمي ليعلل أمرين فيه هما: الأول: الهيئة التي يظهر عليها قوس قزح في السماء كقوس أو كقوسين متحدي المركز، والثاني: الألوان وترتيبها في كل من القوسين. وقد أضاف الفارسي بنظريته إضافة علمية جديدة لعلم الضوء لم يسبقه إليها ابن الهيثم وسبق بنظريته هذه بحوث ديكارت ونيونين عن قوس قزح، واستطاع كمال الدين التوصل إلى تفسير جديد لظاهرة قوسي قزح مداها أن قوس قزح الأول ناتج عن انكسارين للضوء وانعكاس واحد، وأن القوس الثاني ناتج عن انكسارين وانعكاسين وبرهن على تحديد انكسار ضوء الشمس خلال قطرات المطر وهو الانكسار الذي يحدث ظاهرة قوس قزح عن طريق تمرير شعاع من خلال كرة زجاجية. وكمال الدين الفارسي هو أول مَن تكلم عن نظرية الضوء الموجية ، وله اهتمامات ببعض الظواهر الفلكية م ثل: الشفق ، و السمت ، ودائرة البروج.

    ولكمال الدين الفارسي كتب في علم الفيزياء ومن أهمها: تنقيح المناظر لذوي الإبصار والبصائر . و الهالة وقوس قزح . ومقال: رسالة في أمر الشفق . وله في الرياضيات كتب: أساس القواعد في أصول الفوائد . وهو شرح لكتاب ابن الخوام البغدادي المسمى: الفوائد البهية في القواعد الحسابية . وله كتاب: تذكرة الأحباب في بيان المتحاب وهو في الأعداد المتحابة

     

    post-55-1181564684.jpg


  7.  

     

     

    أبو سهل ويجن بن رستم الكوهي. عالم رياضي وفلكي وفيزيائي اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر والحادي عشر الميلاديين. ولد بمدينة الكوه في جبال طبرستان جنوب بحر الخزر وإليها نسب.

    هاجر الكوهي إلى بغداد حيث استقر فيها وتلقى علومه الأساسية. فنبغ في العلوم التطبيقة عامة وفي الفلك خاصة. وعندما استولى شرف الدولة ابن عضد الدولة البويهي على السلطة من أخيه صمصام قرب الكوهي وطلب منه إنشاء مرصد فلكي في بغداد، وتقديم دراسة متكاملة عن رصده الكواكب السبعة من حيث مسيرتها وتنقلها في بروجها.

    فبنى الكوهي المرصد في دار المملكة، في آخر البستان، مما يلي باب الحطابين ببغداد. وقد أحكم أساسه وقواعده لئلا يضطرب أو يميل شيء من حيطانه. كما استفاد الكوهي من عطف شرف الدولة لإقناعه ببناء عدة مراصد في البلاد الإسلامية ليتسع لعلماء الفلك تطبيق نظرياتهم الفلكية. وقد رصد الكوهي في مرصده هذا محضرين أخذت فيهما خطوط الحاضرين بما شهدوا، واتفقوا عليه.

    كما قام الكوهي بدوره بتغيير الانقلاب الصيفي والاعتدال الخريفي. كما علق وانتقد بعض الفرضيات الفلكية التي اعتمد عليها علماء اليونان في دراستهم الفلكية. كذلك تفوق الكوهي في صناعة معظم الآلات الرصدية التي استعملها في مراصده في بغداد، ويتضح ذلك في كتابه صنعة الأسطرلاب بالبراهين.

    وفي مجال الجبر طور الكوهي هذا العلم، وإليه يرجع الفضل قي تطوير المعادلة الجبرية ذات ثلاثة حدود. كما حل الكوهي بعض المسائل المستعصية على معاصريه في هذا الحقل، وأعطى جل وقته لدراسة المعادلة الجبرية التي درجتها أعلى من الثانية.

    أما في موضوع علم الهندسة، فقد ذاع صيته، وذلك بتعديله لكثير من المسائل الهندسية التي تتعلق في حجوم ومساحات بعض الأجسام. كما شرح كتاب أصول الهندسة لإقليدس وحل المستعصي من المسائل على أساتذته من علماء العرب والمسلمين.

    وفي مجال الفيزياء طور الكوهي نظريات مركز الثقل واستخدم البراهين الهندسية لحل كثير من المسائل ذات العلاقة بإيجاد مركز الثقل، كما تمخض من دراسته لمركز العقل بحوث قيمة حول موضوع الروافع، واشتهر بلقب أستاذ مركز الثقل ب ين معاصريه.

    ترك الكوهي مصنفات متنوعة من أهمها كتاب البركار التام ، وكتاب الأصول على تحريكات إقليدس ، وكتاب مراكز الدوائر على الخطوط من طريق التحليل دون التركيب ، وكتاب الدوائر المتماسة من طريق التحليل ، وكتاب الزيادات على أرشميدس . كما ترك من الرسائل رسالة تثليث الزاوية ، ورسالة عمل المسبع المتساوي الأضلاع في الدائرة ، ورسالة إخراج الخطين من نقطة على زاوية معلومة.

     

    post-55-1181564465.jpg


  8.  

     

     

    أبو حاتم المظفر بن إسماعيل الإسفزاري، عالم رياضي وفلكي وفيزيائي ومهندس اشتهر في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي. ولد في مدينة إسفزار وهي مدينة من نواحي سجستان من جهة هراة، وبها نشأ وترعرع.

    درس الإسفزاري في مسقط رأسه العلوم الأساسية كبقية أبناء بلدته، ولكنه أظهر في فترة مبكرة اهتماما شديدا بالأمور الرياضية والهندسية. فلما بلغ من العمر ما يسمح له بالارتحال سافر الإسفزاري إلى بغداد ليستزيد علما.

    وفي بغداد تتلمذ الإسفزاري على مؤلفات كبار العلماء فدرس مؤلفات بني موسى ، و الجزري ، ولكنه غلب عليه دراسة الكثافة النوعية ، و مركز الثقل ، حتى كانت معظم أعماله تنصب على الممارسات العملية دون النظرية. ولقد استطاع الإسفزاري بعد فترة من الزمن أن يعمل ميزانا يعرف به الغش والعيار. وقد نال هذا الميزان شهرة عالية حتى بلغ أمره خازن السلطان فكسره وفتت أجزاءه خوفا من ظهور خيانته في الخزانة، فسمع المظفر بهذا فمرض ومات أسفا.

    عمل الإسفزاري الرصد للسلطان ملكشاه السلجوقي، واجتمع جماعة من أعيان المنجمين في عمله معه منهم عمر الخيام ، وميمون بن النجيب الواسطي وغيرهم. وكان بينه وبين الخيام مناظرات رياضية عديدة.

    ترك الإسفزاري عددا من المؤلفات جلها في الرياضيات والهندسة منها: كتاب اختصار لأصول إقليدس ، وكتاب إرشاد ذوي العرفان إلى صناعة القبان ، وكتاب مقدمة في المساحة ، وكتاب اختصار كتاب الحيل لبني موسى أبناء شاكر.

     

    post-55-1181564113.jpg


  9.  

     

     

    أبو الصقر إسماعيل بن بلبل قسطا بن لوقا وقيل أبو عبيد الله بن يحيى المعروف بقسطا بن لوقا، عالم بالطب والفلك والرياضيات والطبيعة والنبات وهو من مدينة بعلبك في عهدها العباسي. ويلقب باليوناني نسبة إلى أصوله اليونانية. وقد عاش في القرن السادس الهجري / التاسع والعاشر الميلاديين، وقد اختلف مؤرخو العلوم في تاريخ وفاته مما يصعب معه تحديد عام وفاته، وقد ذكروا عدة أعوام 286هـ -899م، و300هـ -912م، و310هـ -922م، وتعلم مع لغته العربية اللغتين اليونانية والسريانية وأجادهما إجادته للعربية وكان شغوفا بالمعرفة وبالترجمة والنقل، فراح يتجول في بلاد الروم البيزنطيين (تركيا الآن) طلبا للعلم وللاطلاع على تصانيف علماء اليونان وكتبهم وجمع منها كتبا كثيرة عاد بها إلى مدينة بعلبك، وتسامع به علماء العراق والمسئولون بها فدعوه إلى بغداد ، وكان يعاصره من العلماء في بغداد الكندي ، و ثابت بن قرة اللذان شجعاه على ترجمة الكتب التي جلبها من اليونانية والسريانية إلى العربية.

    وقد أثبت بترجمته ونقله إجادته للغات الثلاث، ووصفت ترجمته بجودة العبارة واختصار الألفاظ وحسن جمعه للمعاني ودقة النقل. وشهد بذلك له مؤرخو السير والعلوم من العرب والمستشرقين. وكان قسطا بن لوقا بترجماته ومصنفاته من الرواد الأوائل المؤسسين للحضارة الإسلامية في العصر العباسي الأول، ويبدو أنه دخل إلى بغداد في عهد الخليفة المعتصم بالله أو الخليفة المتوكل بالله، وكان طبيبا ماهرا مصنفا في الطب، ومعالجا للمرضى في العراق وفي أرمينية. وقد اختلف الناس في زمانه في الموازنة بينه وبين حنين بن إسحاق أيهما أطب من الآخر، وقد أشار إلى ذلك مؤرخون من أصحاب الموسوعات عن أعلام العلماء والأطباء. كما يبدو أنه كان شديد العناية في تطببيه مرضاه في الحمامات العامة والخاصة. وإلى جانب ذلك اشتغل قسطا بن لوقا بعلم الفلك.

    وفي السنوات الأخيرة من عمره دعاه"سنحاريب"ملك أرمينية إلى بلاده لشهرته في الطب وحسن رعايته لمرضاه بالأغذية والأدوية وحرصه على تجديد نشاطهم بالحمامات، فلبى دعوته وسافر إلى أرمينية وعاش بالقرب منه معززا ومكرما إلى آخر عمره، وربما لأنه فقد القرب الحقيقي من خلفاء بغداد في زمانه مثل علماء آخرين. ويذكر المؤرخون أن قسطا بن لوقا توفي في عهد سنحاريب فشيد له هذ ا الملك قبرا ملوكيا وبنى عليه قبة ملكية اعترافا بقدره.

    وقد شملت مؤلفات قسطا بن لوقا خلال حياته العلمية في بغداد وأرمينية صنفين من الكتب: كتب مترجمة أو مشروحة بعد ترجمتها، وكتب مصنفة في الطب والهندسة والرياضيات والفلك والطبيعة والنبات وعلم الحياة. وبعض هذه الكتب كان يترجمها أو يؤلفها من أجل الأصدقاء أو المسئولين في بغداد أو أرمينية. ومن بين الكتب التي ترجمها من اليونانية إلى العربية في الطب: فهرس مصنفات جالينوس . وفي الفلك: تحرير المساكن . و تحرير كتاب الأكر للعالم اليوناني السكندري: ثاوذوسيوس. وفي الرياضيات: الأصول لإقليدس. أصول الهندسة لأفلاطون. ونقل من السريانية إلى العربية كتابا في الزراعة: الفلاحة اليونانية أو الرومية لسرجيوس.

    ولقسطا بن لوقا مصنفات علمية كثيرة، وقد صنف في الطب واحدا وأربعين كتابا من أهمها: المدخل إلى علم الطب . الكبد وخلقتها وما يعرض عليها من الأمراض . النقرس . حركة الشريان . الحمام . الوقاية من الزكام ونزلات البرد . الوباء . تركيب العين وأمراضها . السموم الحيوانية والنباتية والمعدنية . الأدوية المسهلة .

    وصنف في الهندسة ثلاثة كتب هي: كتاب في رفع الأشياء الثقيلة . الوزن والكيل . ميزان وزن الذهب .

    وصنف في الرياضيات أحد عشر كتابا من أهمها: المدخل إلى علم الهندسة . شكل الكرة والاسطوانة . البرهان على حساب الخطأين .

    وصنف في الفلك تسعة كتب من أهمها: المدخل إلى علم النجوم . هيئة الأفلاك . المرايا المحرقة . العمل بالأسطرلاب الكري .

    وصنف في الفيزياء ثلاثة كتب من أهمها: الجزء الذي لا يتجزأ .

     

    post-55-1181563965.jpg


  10.  

     

    من الصعب تحديد بداية علم الفلك, لكن الأنسان الأول القادر على تحقيق فكر متناسق لا بد أن يكون قد وجه انتباهاً الى الأجسام المتعددة المرئية في الفضاء, بحيث أنه من العدل القول أن علم الفضاء قديم بقدم الأنسان القديم ومن بين أول الشعوب التي أجرت دراسات منظمة عن النجوم كانت شعوب بلاد ما بين النهرين والمصريون القدماء والصينيون, وكلهم حددوا مجموعات فلكية. التي تعود بعضها الى سنة 3000 قبل الميلاد.

     

    ان الدراسات والارصاد الفلكية ليست جديدة علينا بل كان البابليون اول من اهتم بعلم الفلك . وربما كانت الدوافع للاهتمام بعلم الفلك ناتجةً عن قيامهم بعبادة الأجرام السماوية وقد توصلوا الى نتائج جديرة بالاهتمام والذكر, وانهم اول من طبق المثلثات في تفسير دورة القمر وكذلك طبقوا في علم الفلك نظامهم السداسي في الحساب وجعلوا محيط الدائرة 360 درجة وكذلك قسموا السنة الى 360 يوما واليوم الى 24 ساعة والساعة الى 60 دقيقة والدقيقة الى 60 ثانية, ثم جعلوا أيام الاسبوع 7 ايام وعُدَّ اول يوم يبدأ به الشهر هو أول يوم من ايام الاسبوع ولهذا كان الشهر عندهم يعادل اربعة اسابيع .

    لقد ابدع البابليون في رصد الكواكب والنجوم وكذلك تنبأوا بظاهرتي الكسوف والخسوف مكتشفين دورة الساروس (Saros) وغير ذلك من الاكتشافات الفلكيه التي تدل على دقة ارصادهم بالرغم من عدم توفر اجهزة الارصاد الدقيقة التي لم تتطور الا بعد ما يقارب الثلاثة الاف سنة.

    ان اقدم الوثائق البابليه التي عثر عليها ترجع الى القرن السادس عشر قبل الميلاد والتي تم فيها تعيين مواقع كل من الشمس والقمر والكواكب السيارة .

    اما الكلدانيون, فقد أبدعوا بعلم الفلك بعد ما ورثوا حضارة العراق , واقاموا دولتهم في بابل سنة 625 ق.م , فربطوا ايام الاسبوع بالشمس والقمر والكواكب السيارة.

    post-17-1181501206.jpg


  11.  

     

    من الظواهر الطبيعية التي تظهر في السماء ظاهرة الشفق القطبي الذي يعتبر واحداً من أجمل الظواهر الفلكية التي يعرفها هواة الفلك ويستمتعون بمشاهدتها وتصويرها. وتحمل هذه الظاهرة اسماً آخر هو الأضواء الشمالية أو الفجر القطبي، وهي عروض خلابة لمناظر ملونة على الشاشة السماوية الكبيرة باتجاهي المنطقتين القطبيتين الشمالية والجنوبية.

    ويظهر الشفق القطبي في بعض أحيانه على شكل أقواس أو تجعيدات جميلة وأحياناً أخرى على شكل إشعاعات براقة تستمر للحظات أو ساعات أو ربما حتى الفجر، ومن النادر جداً أن يتشابه شفقان في زمانين أو مكانين إنما يأخذان نمطاً متقارباً من الأشكال.

     

    فعادة، يظهر العرض الشفقي بُعيد غروب الشمس، حيث يحتل الأفق الشمالي قوس شفاف يستمر حتى نصف ساعة ثم يبدأ بالتحرك عالياً في السماء آخذاً باللمعان أكثر كلما ارتفع، ويبدأ خلفه قوس آخر جديد بالتكون منفصلاً عن سابقه.... وهكذا ....، وبينما تأخذ هذه الأقواس بالارتفاع تتولد بينها انثناءات وحلقات تصبح لامعة فيما بعد، ثم بعد وقت طويل أو قصير يبدأ الشفق بالتلاشي.

     

    وللشفق شكلان أساسيان هما الشكل الشريطي والشكل الغيمي. وعادة ما يبدأ العرض الشفقي في السماء بشكله الشريطي عدة مئات من الكيلومترات، ويبلغ عرضه شرقاً وغرباً عدة آلاف من الكيلومترات حيث يظهر ذلك واضحاً عند مقارنته مع خلفية النجوم التي تظهر صغيرة مقارنة بمساحته العظيمة، وأما سماكته فتصل عدة مئات من الأمتار فقط.

     

    وتدعى الانثناءات التي تتكون نتيجة ارتفاع الشفق في السماء الأقواس الهادئة(Rayed Arcs) وبازدياد النشاط الشفقي تنطبق الانثناءات الكبيرة على الصغيرة منها مكونة ما يدعى الزمر الشعاعية (Rayed Bands) يصل عرضها عشرات الكيلومترات. وبازدياد آخر للنشاط ينبعث من الزمر الشعاعية لون وردي ويصبح عرضه عدة آلاف من الكيلومترات، وحالما يتوقف النشاط الشفقي يعاود الشفق شكله الشريطي وتحتفي كل الانثناءات التي كانت موجودة، أو أن يتحول الشفق إلى شكله الغيمي الغير المنتظم. ويظهر الشفق القطبي بألوان مختلفة يغلب عليها الأخضر والأحمر والبنفسجي والأصفر، وأما بقية الألوان فهي مزيج من الألوان الأساسية.

     

    ولمعرفة كيف يحدث الشفق القطبي، علينا أن نعرف ماذا يحدث على سطح الشمس وماذا يحدث حول الأرض وكيف يتفاعلان معاً.

     

    الشمــس

     

    تتكون الشمس من ثلاث طبقات، الطبقة الضوئية (Photosphere) واللونية (Chromosphere) والإكليل (Corona) . فخلال أوج النشاط الشمسي في دورته كل إحدى عشرة سنة (كما سيكون عام 2001 القادم )، يكثر على سطح الشمس ما يعرف بالبقع الشمسية، توجد في الطبقة الضوئية وهي العلامة الواضحة للنشاط الشمسي. وهذه البقع هي اضطرابات في المجال المغناطيسي للشمس تظهر دائماً في مجموعات تعيش ساعات أو أيام أو ربما شهراً كاملاً. ويرافق البقع الشمسية ما يعرف بالنتوءات الشمسية ( Solar Prominences) والتي هي انفجارات على سطح الشمس ترتفع مسافة 500,000 كيلومتراً عن سطح الشمس وترى خلال الكسوف الكلي للشمس، وتعتبر جزءاً من الطبقة اللونية. إلا أن الصياخد Solar Flares)) أشد قوة وانفجاراً من النتوءات وتظهر بلونها الأبيض قريبة من البقع الشمسية، حيث تمتلك الواحدة منها طاقة تعادل مليوني مليار طن من مادة T.N.T ، وإذا ما شوهدت أثناء الكسوف الشمسي فإنها ترتفع فوق سطح الشمس لكنها نادراً ما ترى إذ إنها لا تعيش أكثر من دقائق. والصياخد مسؤولة عن إرسال الأشعة السينية وأشعة جاما والأشعة المرئية بالإضافة إلى شلالات من البروتونات والإلكترونات ذات الطاقات العالية جداً والتي تتدفق كل ثانية باتجاه المجموعة الشمسية.

     

    وفوق الطبقة اللونية التي تمتد حوالي عشرة آلاف كيلومتراً يأتي الإكليل الشمسي الذي يمتد عشرة أضعاف قطر الشمس إلى الخارج، وهو عبارة عن الذرات الفردية المرشوقة من سطح الشمس إلى أعلى. وبينما تسير هذه الجسيمات باتجاه الخارج، فإن الإكليل يحتل حجماً أكبر وأكبر ويصبح أقل كثافة، ونتيجة لذلك فإن إضاءته تخف إلى أن تتلاشى كلياً. وهذا لا يعني أن الجسيمات المشحونة قد توقفت عن المسير، بل إنها تمتد حتى تغمر الكواكب الداخلية والمشتري وزحل وربما تصل بلوتو، وعندها تأخذ اسماً جديداً هو الرياح الشمسية (Solar Wind) . وتتغذى الرياح الشمسية بشكل رئيسي من الصياخد بحيث تتكون من البروتونات والإلكترونات ذات الطاقات العالية، وتصل درجة حرارة الإكليل حوالي مليوني درجة مئوية.

     

    المجال المغناطيسي الأرضي وأحزمة فان ألن الإشعاعية

     

    تمثل الأرض قطعة مغناطيسية ذات قطب شمالي وآخر جنوبي تربط بينهما خطوط القوى المغناطيسية المتجهة من القطب الجنوبي باتجاه القطب الشمالي. ويميل المحور المغناطيسي الأرضي عن المحور الجغرافي بمقدار 11.6 درجة، فيمر بذلك 400 كيلومتراً بعيداً عن مركز الأرض، وينتهي بنقطتين على سطحها تدعيان القطبين المغناطيسيين Geo-Magnetic Points) وتقع الشمالية منها شمال جرينلاند وبالتحديد عند خطي طول 104 درجة غرباً وعرض 78.5 درجة شمالاً، ولكنه نتيجة للرياح الشمسية القادمة باتجاه الأرض فإن مجال الأرض المغناطيسي ينحصر داخل تجويف عظيم يدعى الغلاف المغناطيسي (Magnetosphere) ويحيط بالأرض على شكل مذنب فتنضغط خطوط المجال المغناطيسي بشكل حاد من ناحية الشمس، بينما تمتد خارجاً بالاتجاه المعاكس مشكلة ذيلاً مغناطيسياً طويلاً يصل حوالي ستة ملايين كيلومتراً.

     

    وعند وصول الجسيمات المشحونة إلى الأرض فإنها تقع في أسر المجال المغناطيسي فتبدأ بالتردد بحركة لولبية الشكل بين نقطتين قريبتين من القطبين المغناطيسيين عند خط عرض 70-75 درجة شمالاً وجنوباً بسرعة كبيرة تتراوح بين (0.1-3.0) في ثانية بحيث تتدفق الإلكترونات شرقاً والبروتونات غرباً حول الأرض مشكلة أحزمة ذات مقطع هلالي تدعى أحزمة فان ألن الإشعاعية نسبة إلى الفيزيائي جيمس فان ألن (James Van Allen) الذي كان أول من تنبأ بحساباته بشكل هذه الأحزمة بعد النتائج التي جاءت بها مركبتا الفضاء (Explorer 1&3) سنة 1958.

    وهما حزامان، الأول صغير نسبياً وقريب، حيث يبعد ثلاثة آلاف كيلومتراً فقط عن سطح الأرض، ويتكون بشكل رئيسي من بروتونات ذات طاقات عالية، والثاني أبعد وأكبر، ( على بعد 20000 كيلومتراً ) ويتكون بشكل رئيسي من إلكترونات وبروتونات ذات طاقات منخفضة.

    ميكانيكيـة الشفـق

     

    عند حدوث النشاط الشمسي فإن ظهور البقع الشمسية تعني وجود المئات من الصياخد الملتهبة التي تصل درجة حرارتها أكثر من عشرة آلاف درجة مئوية، وبهذا فإنها تبعث بمختلف إشعاعاتها فتزيد من حدة الإكليل الشمسي الذي يرى خلال الكسوف الشمسي الكلي كألسنة لهب مبتعدة عنها، والإكليل يعني الريح الشمسية القوية التي تغمر المجموعة الشمسية، فعند وصولها الأرض تمتلئ أحزمة فان ألن بالجسيمات المشحونة من بروتونات وإلكترونات فتفيض الأحزمة بها، ونتيجة للسرعة التي تتحرك بها هذه الجسيمات المشحونة فإنها ما أن تصل نقطتي التردد القطبيتين لا تقف لترتد بالاتجاه المعاكس إنما تستمر في اختراق تلك المنطقة التي هي تقاطع الغلاف الأيوني للأرض بالجسيمات المتفلتة من الأحزمة لتعطينا شكلاً بيضاوياً حول نقطة القطب المغناطيسي يدعى النطاق الشفقي خاصة إذا نظرنا إليه من أعلى الفضاء.

    والإلكترونات هي الجسيمات المعنية هنا حيث تمتلك طاقات عالية جداً نتيجة تسريعها على طول الذيل المغناطيسي باتجاه الأرض، وعند اختراقها للغلاف الأيوني الأرضي الذي يتكون من مختلف العناصر وفي مقدمتها النيتروجين والهيدروجين فإنها تتفاعل مع ذرات هذه العناصر مهيجة إلكتروناتها إلى مدارات طاقة أعلى، وبرجوعها تنبعث الإشعاعات الضوئية بألوانها المختلفة. فالمسؤول المباشر عن اللونين الأخضر والأحمر هو الأكسجين، والمسؤول عن اللونين الأزرق والبنفسجي هو النيتروجين وكلها ذرات مهيجة.

    وبالإضافة إلى هذه الألوان، فإن ثمة أصوات مرافقة للعروض الشفقية تسمع في بعض الأحيان كذلك.

     

    ويتخذ النطاق الشفقي الشكل البيضوي كما ذكرنا، وفي حال ازدياد النشاط الشمسي وحدوث عاصفة شمسية - كما هو متوقع خلال السنتين القادمتين-فإن هذا النطاق يتمدد باتجاه خط الاستواء حتى يصل خطوط عرض تصل 35 درجة شمالاً أو جنوباً أو أدنى من ذلك ، وعندها يمكن لسكان تلك المناطق التمتع بمشاهدة العروض الشفقية كما حدث عام 1989 في ولاية فكتوريا باستراليا والتي تقع على خط عرض 35 جنوباً لما حدثت العاصفة الشمسية.

    وحيث إننا نعيش الآن بدايات الدورة الشمسية الجديدة والتي بدأت عروضاتها الشفقية بالظهور منذ أكثر من سنة، فإننا ننتظر ذروتها القريبة حوالي عام 2001 والتي من المتوقع لها أن تكون ذات نشاط مميز، مشابهة للدورة السابقة أو ربما تفوقها نشاطاً.

    post-35-1181387567.jpg


  12. smile.gif أبو القاسم مسلمة بن أحمد بن قاسم بن عبد الله المجريطي، رياضي وكيميائي وفلكي وطبيعي اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. ولد في مجريط ، ودرس الرياضيات والفلك في الأندلس ونبغ حتى اعتبر إمام الرياضيين الأندلسيين في زمانه حتى لقبوه "بإقليدس الأندلس". لكنه ما لبث أن تنقل بين الدول الإسلامية بحثا عن العلم.

    سافر المجريطي إلى بلاد المشرق الإسلامي والتقى بالعلماء في هذه البلاد، فدرس على أيديهم الطب والفلسفة والكيمياء، وبلغ فيها منزلة عالية. كما اهتم بتاريخ الحضارات القديمة واكتشافاتها وكتب بحوثا في التاريخ الطبيعي ، وتأثير المنشأ والبيئة على الكائنات، وكتب عدة فصول للبحث في مملكة المواليد الثلاثة: النبات والحيوان والمعادن.

    كانت أهم إنجازات المجريطي في علم الكيمياء أنه حرر هذا العلم من الخرافات التي لصقت به، ومن السحر والطلاسم التي كانت مسيطرة على ذلك العلم في هذا الوقت. وقد بذل قصارى جهده- بكل نشاط- ليبرز هذا العلم على أنه علم شريف، فبدأ يدعو إلى دراسة الكيمياء دراسة علمية تعتمد على التجربة والاستقراء، ولهذا كان يرى أن دراسة علوم الرياضيات ضرورية لطالب علم الكيمياء، كما كان ينصح طلابه أن يتأنوا في دراسة النظريات الأساسية، ويدربوا أنفسهم على إجراء التجارب. وأن يتعودوا على التفكير في المواد الكيميائية، وما يحصل بينها من تفاعل كيميائي، وما ينتج عن هذا التفاعل من أشكال وصور جديدة.

     

     

    من أقوال أبي القاسم المجريطي في فضل الكيمياء:"لا يجوز لأي رجل يدعي العلم إذا لم يكن ملما بالكيمياء، وطالب الكيمياء يجب أن تتوفر فيه شروط معينة لا ينجح بدونها، إذ يلزمه أن يتثقف أولا في الرياضة بقراءة إقليدس، وفي الفلك بقراءة المجسطي لبطليموس، وفي العلوم الطبيعية (الفلسفة) بقراءة أرسطو، ثم ينتقل إلى كتب جابر بن حيان والرازي ليتفهمها، وبعد أن يكون قد اكتسب المبادئ الأساسية للعلوم الطبيعية يجب عليه أن يدرب يديه على إجراء التجارب، وعينيه في ملاحظة المواد الكيماوية وتفاعلاتها، وعقله على التفكير فيها ".

     

     

    ولقد توصل المجريطي نفسه من جراء هذا المنهج إلى نظريات هامة جدا في الكيمياء فكان إمام الكيميائيين في الشرق والغرب العربي في عصره. ومن هذه النتائج مثلا: تحويله الزئبق إلى أكسيد الزئبق بعملية تسخين بطيئة. كما كان له تفوق وإنجازات هامة في علم الفلك منها أنه توصل إلى اعتبار خط منتصف النهار مارا بقرطبة بدلا من الموقع التقليدي الوهمي الذي كان معروفا في ذلك الوقت بين الهند والحبشة. والجدير بالذكر أن موقع خط جرينتش المأخوذ به الآن لا يختلف عن الموقع الذي حدده المجريطي إلا بمقدار خمس درجات موجبة ناحية الشرق.

    كما اهتم المجريطي أيضا بزيج البتاني وبزيج الخوارزمي وعدّل عن الأخير جداول فلكية كثيرة، فشكَّلت بذلك جداوله أساسا للمؤلفات الفلكية في أوروبا. وفي هذه الجداول نقل التقويم الفارسي إلى التقويم العربي الهجري. وفي مجال الفلسفة تناول المجريطي بالشرح والتعليق رسائل إخوان الصفا فأتاح بذلك إدخال مؤلفات عرب المشرق إلى الأندلس.

    وعندما عاد المجريطي إلى قرطبة استقر فيها بقية عمره وقام ببناء مدرسة وضع فيها كتبا كثيرة حملها معه من المشرق فكوَّن مكتبة ذات مكانة علمية كبيرة. ولقد تتلمذ في هذه المدرسة عدد كبير من العلماء في شتى العلوم، كان من أبرزهم: ابن خلدون ، وأبو القاسم الغرناطي، وأبو بكر الكرماني.

    ولقد ترك المجريطي عددا كبيرا من المؤلفات في الرياضيات والفلك من أشهرها: كتاب ثمار العدد في الحساب ، وكتاب تمام العدد والمعاملات ، ورسالة في الأسطرلاب ، ورسالة اختصار تعديل الكواكب . وله أيضا في الكيمياء كتاب رتبة الحكيم وغاية الحكيم .

     

    post-55-1180897424.jpg


  13.  

     

     

     

    قالت إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) إنها رصدت جزيئات ثلجية تندفع إلى الفضاء من منطقة تقع حول القطب الجنوبي لأحد أقمار كوكب زحل فيما يعد علامة مؤكدة على وجود نشاط جيولوجي.

    وتوضح أحدث صور التقطتها المركبة الفضائية كاسيني شكلا يشبه لأول وهلة الهلال الضيق لكسوف شمسي مع انبعاث خيط من الجزيئات من القمر أنسيلادوس.

    وتظهر في الصور انبعاثات متعددة تنطلق من منطقة القطب الجنوبي للقمر يعتقد علماء أن مصدرها شقوق دافئة تعرف باسم خطوط النمر.

    ويبلغ طول الانبعاث الضعيف حوالي 483 كيلومترا فوق سطح القمر أنسيلادوس الذي يبلغ عرضه 483 كيلومترا فقط.

    وأعرب أندرو أنغرسول أحد أعضاء فريق للتصوير من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا عن اعتقاده بأن الصور تظهر ذرات من الثلج في انبعاثات من بخار الماء تنطلق من فتحات.

    ويضيف أنه لكي تندفع هذه الجزيئات يجب أن يكون للبخار كثافة ما وهذا يعني "وجود درجات حرارة دافئة بشكل مثير للدهشة في جسم بارد مثل أنسيلادوس".

    يذكر أن مركبة الفضاء كاسيني هويغينز هي مشروع مشترك لناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الإيطالية.

     

     

     

    نيزك قطره 500 متر يرتطم بالأرض عام 2029

     

     

     

    فاد مركز الفضاء النرويجي أنه في غضون سبع سنوات ونصف السنة سيمر حول الأرض نيزك عظيم يطلق عليه اسم "أبو فيس" (APOPHIS) ويدور في فلك خاص به حولها مع اقتراب منها كل ثمانية أعوام.

    وتشير الدراسات التي يشرف عليها المركز إلى أن النيزك سيصيب الأرض يوم 13 أبريل من العام 2029، ووفقا للحسابات الفلكية فإنه سيصطدم بروسيا ويدمر جزءاً كبيراً منها ويلحق أضراراً بالكون.

    ويقول بو أندرسين المسؤول بالمركز في حديث مع الجزيرة نت إن اصطدام النيزك أبوفيس بالأرض سيلحق بها أضراراً كبيرة، ولعل من أهمها ألا تشهد الأرض صيفاً مدة ثلاث سنوات بسبب الغبار المتطاير نتيجة الارتطام.

    ويعد أبوفيس أكبر النيازك التي تمت رؤيتها حتى الآن ويشكل خطراً حقيقياً على الأرض، حسب أندرسين الذي يذكر أنه سيدور حول نفسه قبل اصطدامه بالأرض على بعد 36 ألف كلم مع اقتراب إلى الأرض كل ثماني سنوات.

    وتفيد معلومات المركز النرويجي بأن أبوفيس يبلغ قطره 500 متر، وهو عبارة عن صخرة عظيمة.

    ويتوقع أندرسين أن يسبب دوران النيزك عند اقترابه من الأرض تدمير الأقمار الاصطناعية الموجودة حول الأرض، موضحاً أنه ليس غريباً أن تمر النيازك بالأرض إذ سبق أن مرت نيازك ولكن بأحجام صغيرة لا تتجاوز عشرة أمتار، لكنه يعتبر أبوفيس أكبر النيازك التي ستمر على الأرض.

    2000 ميغا طن تي إن تي

    ومن جانبه قال كنوت يرغين الخبير في الفيزياء الفضائية إن قوة ارتطام أبوفيس بالأرض ستعادل انفجار ألفي ميغا طن من المتفجرات من مادة تي إن تي، وستنجم عن الارتطام حفرة يبلغ طول قطرها أربعة كيلومترات.

    ولطمأنة الناس قال يرغين إن لديهم الوقت الكافي لإيجاد بعض الحلول كي يمنعوا وقوع الاصطدام أو يقللوا من آثاره التدميرية، فخلال الـ 24 سنة القادمة يستطيع الخبراء التوصل إلى وسيلة لدفع النيزك الضخم بعيداً عن الأرض.

    يُذكر أنه يرتطم بالأرض نيزك ضخم بمعدل مرة كل 18 ألف سنة، وأن آخر نيزك ارتطم بالأرض كان يوم 30 يونيو/حزيران 1908، حيث وقع نيزك صغير يدعى ميني كوميت في منطقة سيبيريا ودمر ألفي كلم 2 من الغابات.

    ومن الفرضيات التي يتبناها علماء الفضاء في تعاملهم مع النيازك والكواكب السيارة، أن الديناصورات قضت نتيجة اصطدام نيازك كبيرة عدة بالأرض.

    ويفيد مركز الفضاء النرويجي أن هناك ما بين 900 و1100 نيزك قريبة من الأرض وأن أحجام بعضها تتجاوز الكيلومتر المربع، وقد تم التعرف على سبعمائة منها.

    ويؤكد بيرغن أن هناك تعاونا كبيرا بين علماء الفضاء النرويجيين مع نظرائهم الأميركيين والروس وغيرهم في إطار الأبحاث والدراسات العلمية، لكنه استدرك أنه مازالت هناك صعوبة في إيجاد أفكار علمية للتخلص من الأخطار التي يسببها ارتطام النيازك بالأرض

     

     


  14.  

     

    المركبة الفضائية أو مكوك فضائي هي مركبة طائرة قادرة على الوصول إلى الفضاء الخارجي حاملة معها الأقمار الاصطناعية والبشر والمعدات.ويستطيع أن ينقل إلى الفضاء ما حمولته 32 طن. ومن أهم مميزات هذه المركبة هو أنه يعاد استخدامها جزيئا، فالمكوك الفضائي مركبة مكونة من ثلاثة أقسام رئيسية:

    • المركبة التي تطوف في الفضاء ويطلق عليها لوحدها اسم المكوك.

    • خزان الوقود الخارجي.

    • صاروخان.

    يبدأ المكوك إقلاعه بشكل عمودي كالصاروخ التقليدي، ثم يتم فصل خزان الوقود الخارجي والصاروخان المركبة الطائرة أثناء العملية الارتفاع ووحدها المركبة هي التي تصل إلى الفضاء الخارجي، وتهبط المركبة المحلقة كما باقي الطائرات التقليدية.

    post-48-1177324847.jpg


  15.  

     

    المذنبات عبارة عن أجسام سماوية تبدى بريقا متميزا على شكل عمود طولاني منبثق منها شكل الذيل المختلف الطول حسب درجة بعد الجسم عن الشمس ويعتقد أنها تتشكل خرج المجموعة الشمسية ثم تقذف نحو . وتعد المذنبات الأجرام السماوية الوحيدة المعروفة التي تسبح في حدود النظام الشمسي ، وهي لا تدور في مستوى دوران واحد مع قرص دوران الكواكب حول الشمس ، بل تصنع هالة كرويه تحيط بالنظام الشمسي كله .

     

    وهي تغوص في الفضاء البعيد عن مجموعتنا الشمسية ، وتقترب من جيران شمسنا النجوم قاطعة بذلك مسافات تقدر بعشرات المليارات من الكيلومترات او اكثر من ذلك وقليلة عي المذنبات التي حدث ان زارت المنطق الداخلية الساخنة المحيطة بشمسنا. تلك التي يمكن للفلكيين دراستها منها ، وقد أثبتت المذنبات التي دخلت هذا النطاق الساخن حقيقة تدعو إلى العجب وهي ، أن المذنب ليس سوى تجمعا لغازات متجمدة وحبيبات خشنه ، ولا يزيد قطر نواته عن بضعه كيلومترات ، وتقل كثافة الماء. عندما يكون المذنب في الفضاء بعيدا عن الشمس يصبح عديم الذيل. ولكن مع اقترابه من الشمس يتكون له ذيل يزداد طوله بازدياد اقترابه من الشمس، ودائما يكون اتجاهه مبتعدا عن قرص الشمس وذلك بسبب ضغط الرياح الشمسية .

     

    بــنــيــة الــمــذنــبـات :-

     

    يتكون المذنب من ثلاثة أجزاء هامة وهي:

     

    1 – النواة Nucleus : وهي من أهم أجزاء المذنب وتتصف بصغر حجمها وبشدة تألقها حيث أظهرت القياسات أن قطر النواة بحدود بضعة كيلومترات ، وصغر النواة الشديدة يشير إلى ضائله كتلتها فهي من رتبه 10000000000000 غرام او نحوها، بحيث لا تشكل سوى نسبه صغيره جدا من كتله الأرض .

     

    وتمثل النواة الجزء الصلب من المذنب فهي تتكون من جزيئات متجمدة من الماء وثاني أكسيد الكربون والنشادر والميثان ، مختلطة مع جزيئات وفتات الصخور ،لذا يسميها البعض بالكره الثلجية " القذرة" . وفي حاله اقتراب النواة كثيرا من الشمس تحدث فيها انفجارات وانبثاقات ، مما يسبب اندفاع كميات ضخمة من الغاز والغبار . وكلما كان المذنب اقرب إلى الشمس كانت كميه الغازات الصادرة منه اكبر ، ولذا فعلى مسافات بعيدة من الشمس حيث يكون ضوء الشمس خافتا لا يصدر عندها المذنب آيه غازات أو أتربه ، ويكون المذنب مكونا من النواة فقط.

     

    الــغــلاف الــخــارجــي coma :-

     

    وهو ما يسمية البعض التاج أو الهالة او الذؤبة وهو عبارة عن سحابة شديدة الاتساع قليلة الكثافة مكونه من الغازات والاتربه الدقيقة ويمثل الجزء المشاهد من المذنب من على سطح الأرض ويحيط هذا الغلاف بالنواة مباشرة وهو يتصف بتألقه وبسماكة تصل إلى 100 ألف كيلومتر و أحيانا اكثر ، ويعزى تألقه الشديد إلى انعكاس أشعه الشمس على جزيئات الغبار والغاز المكونة له بالاضافه إلى إثارة ذرات المواد المكونة للغلاف من قبل الاشعه الشمسية وخاصة البنفسجية ، مغيره من تركيب الذرات بفقدها بعض الكتروناتها واسر ذرات أخرى للإلكترونات المنطلقة. وتعتمد سماكة هذا الغلاف على بعد المذنب عن الشمس فتكون سماكته محدودة جدا في حال كون المذنب يبعد عن الشمس اكثر من أربع وحدات فلكية .

     

    الوحدة الفلكية هي وحدة قياسية نستخدم في قياس المسافات الكونية وهي تساوي المسافة المتوسطة بين الأرض والشمس ومقدارها (149598000 كيلومتر )

     

    وتصل سماكة المذنب عندما يكون بعد المذنب عن الشمس بحدود 1 - 2 وحدة فلكية. ويعود صغر حجم الغلاف الخارجي ( الكوما) عند مسافات بعيدة عن الشمس إلى قلة التسخين الشمسي عند تلك المسافات. في حين تعود ضخامة حجم الغلاف عندما يكون المذنب قريبا من الشمس ( 1 – 2 وحدة فلكية ) إلى شدة التسخين الشمسي الذي يكفي في هذه الحالة لتبخير كميات كبيرة من المادة النواتيه حيث أن هذا الغلاف يتركب من غازات انطلقت من النواة بالتسخين الشمسي

     

    وإذا ما اقترب المذنب من الشمس مسافة اقل من وحدة فلكية فان الغلاف الخارجي للمذنب يقل حجمة بسبب قيام الإشعاع الشمسي بضغط ودفع الكثير من الغازات بعيدا عن المذنب تجاه الذيل ، ناجما عن ذلك تناقص في كمية غازات الغلاف.

     

    الـــذيــــــــل TAIL

     

    الذيل هو الجزء الثالث من المذنب والذي استمد المذنب اسمه منه. ويتعلق وجود هذا الذيل كما يتعلق طولة بمدى بعد المذنب عن الشمس. إذ يختلف طولة من الصفر إلى خمسين مليون كيلومتر. فعندما يصبح المذنب بعيدا عن الشمس وضمن مجال الرؤية على سطح الأرض فلا يشاهد له ذيل ، ولكن عندما يقترب من الشمس يحدث تبخر في طبقاته الخارجية بسبب سقوط الطاقة الشمسية الساخنة علية فيتكون له راس متضخم ( النواة المتضخمة ) ونتيجة للجاذبية الضعيفة بين نواه المذنب وغلافه الغازي فان الرياح الشمسية تعمل على دفع جزء من مكونات الغلاف الغازي بعيدا عن النواة ، متكونا من جراء ذلك ذيل متوهج يتجه بعيدا عن الشمس دوما ، وقد يشغل كله في هذه المرحلة حيزا يزيد عن حجم الشمس .

     

    ولكن المذنبات لفرط كونها كتلا من لاشيء ( غازات متجمدة ) فان وزنها يقل عن جزء من ألف مليار جزء من وزن الأرض ، وفي حالة اقترابها من الشمس فان الجسيمات المقذوفة من الشمس تحدث اضطرابات متزايدة في المذنب وتسبب امتدادا للذيل إلى الخارج وبدرجة اكبر ، ويكون الذيل في أقصى طول له عندما يكون في اقرب وضعيه له من الشمس. وبعد اجتيازه نقطة الحضيض الشمسي يأخذ الذيل مرة ثانية بالتخامد والتلاشي حتى ينعدم تماما في نقطة الاوج.

     

    والذيل لا يتبع المذنب دوما ، فأحيانا يكون خلفة و أحيانا أخرى يكون إمامة ، فالحالة الأولى أي الذيل يكون خلف النواة في المؤخرة – تحدث عند كون المذنب يقترب من الشمس والثانية عندما يكون الذيل أمام النواة في المقدمة عند ابتعاده عن الشمس وفي هذه الحالة يكون الذيل هو المتحرك في المقدمة و تتبعه النواة . فذيل المذنب يكون دائما عكس اتجاه الشمس ، سواء أكان المذنب يقترب من الشمس أو يبتعد عنها .

     

    والسبب في ذلك كون الذيل يتركب من غازات واتربه تندفع بعيدا عن الغلاف ( الكوما) تحت ضغط الإشعاع الشمسي والجزئيات الشمسية ( الرياح الشمسية ) وهذا الضغط يدفع المادة بعيدا عن منبع الضغط وهي الشمس . والذيل الطويل غالبا ما يكون منحنيا ومشعا ( في مظهرة ) .

     

    و تتصف بعض المذنبات بان لها ذيلين بدلا من ذيل واحد ، واحد الذيلين منحن ولونه مائل للحمرة ، والأخر يكون اكثر استقامة وانتظاما من الأول ولونه مائل إلى الزرقة . ودلت الدراسات إن الذيل المستقيم يتكون من غازات منطلقة تحت تأثير الإشعاع الشمسي. أما الذيل المنحنى فيتكون من التراب ولا يندفع هذا التراب بعيدا عن المذنب كما يحدث بالنسبة للغازات لذلك فان الذيل المنحني يتالف من مدارات للجزيئات الترابية العديدة الموجودة.

     

    post-35-1177324332.jpg


  16.  

    جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس‏(‏ المتوفى سنة‏395‏ هـ‏),‏ تحقيق عبد السلام هارون‏(‏ الجزء الخامس‏,‏ الطبعة الثانية‏1972‏ م‏,‏ ص‏141,‏ ص‏223)‏ وفي غيره من معاجم اللغة تعريف لغوي للفظي الخنس والكنس يحسن الاستهداء به في فهم مدلول الخنس الجوار الكنس كما جاءا في آيتي سورة التكوير علي النحو التالي‏:‏

     

    أولا‏:‏ الخنس‏:‏

    خنس‏:‏ الخاء والنون والسين أصل واحد يدل علي استخفاء وتستر‏,‏ قالوا‏:‏ الخنس الذهاب في خفيه‏,‏ يقال خنست عنه‏,‏ وأخنست عنه حقه‏.‏

    والخنس‏:‏ النجوم تخنس في المغيب‏,‏ وقال قوم‏:‏ سميت بذلك لأنها تخفي نهارا وتطلع ليلا‏,‏ والخناس في صفة الشيطان‏,‏ لأنه يخنس إذا ذكر الله تعالى‏,‏ ومن هذا الباب الخنس في الأنف انحطاط القصبة‏,‏ والبقر كلها خنس‏.‏

    ومعني ذلك أن الخنس جمع خانس أي مختف عن البصر‏,‏ والفعل خنس بمعني استخفي وتستر‏,‏ يقال خنس الظبي إذا اختفي وتستر عن أعين المراقبين‏.‏

    والخنوس يأتي أيضا بمعني التأخر‏,‏ كما يأتي بمعني الانقباض والاستخفاء‏.‏ وخنس بفلان وتخنس به أي غاب به‏,‏ وأخنسه أي خلفه ومضي عنه‏.‏

     

    ثانيا‏:‏ الجوار‏:‏

    أي الجارية‏.(‏ في أفلاكها‏)‏ وهي جمع جارية‏,‏ من الجري وهو المر السريع‏.‏

     

    ثالثا‏:‏ الكنس‏:‏

    ‏(‏ كنس‏)‏ الكاف والنون والسين تشكل أصلين صحيحين‏,‏ أحدهما يدل علي سفر شئ عن وجه شئ وهو كشفه والأصل الآخر يدل علي استخفاء‏,‏ فالأول كنس البيت‏,‏ وهو سفر التراب عن وجه أرضه‏,‏ والمكنسه آلة الكنس‏,‏ والكناسة ما كنس‏.‏

    والأصل الآخر‏:‏ الكناس‏:‏ بيت الظبي‏,‏ والكانس‏:‏ الظبي يدخل كناسه‏,‏ والكنس‏:‏ الكواكب تكنس في بروجها كما تدخل الظباء في كناسها‏,‏ قال أبو عبيدة‏:‏ تكنس في المغيب‏.‏

    وقيل الكنس جمع كانس‏(‏ أي قائم بالكنس‏)‏ أو مختف من كنس الظبي أي دخل كناسه وهو بيته الذي يتخذه من أغصان الشجر‏,‏ وسمي كذلك لأنه يكنس الرمل حتى يصل إليه‏.‏ وعندي أن الكنس هي صيغة منتهي الجموع للفظة كانس أي قائم بعملية الكنس‏,‏ وجمعها كانسون‏,‏ أو للفظة كناس وجمعها كناسون‏,‏ والكانس والكناس هو الذي يقوم بعملية الكنس‏(‏ أي سفر شيء عن وجه شيء آخر‏,‏ وإزالته‏),‏ لأنه لا يعقل أن يكون المعني المقصود في الآية الكريمة للفظة الكنس هي المنزوية المختفية وقد استوفي هذا المعني باللفظ الخنس‏,‏ ولكن أخذ اللفظتين بنفس المعني دفع بجمهور المفسرين إلي القول بأن من معاني فلا أقسم بالخنس‏*‏ الجوار الكنس‏*:‏ أقسم قسما مؤكدا بالنجوم المضيئة التي تختفي بالنهار وتظهر بالليل وهو معني الخنس‏,‏ والتي تجري في أفلاكها لتختفي وتستتر وقت غروبها كما تستتر الظباء في كناسها‏(‏ أي مغاراتها‏)‏ وهو معني الجوار الكنس‏,‏ قال القرطبي‏:‏ هي النجوم تخنس بالنهار‏,‏ وتظهر بالليل‏,‏ وتكنس وقت غروبها أي تستتر كما تكنس الظباء في المغار وهو الكناس‏,‏ وقال مخلوف‏:‏ أقسم الله تعالى بالنجوم التي تخنس بالنهار أي يغيب ضوؤها فيه عن الأبصار مع كونها فوق الأفق‏,‏ وتظهر بالليل‏,‏ وتكنس أي تستتر وقت غروبها أي نزولها تحت الأفق كما تكنس الظباء في كنسها‏..‏ وقال بعض المتأخرين من المفسرين‏:‏ هي الكواكب التي تخنس أي ترجع في دورتها الفلكية‏,‏ وتجري في أفلاكها وتختفي‏.‏

    ومع جواز هذه المعاني كلها إلا أني أري الوصف في هاتين الآيتين الكريمتين‏:‏ فلا أقسم بالخنس‏*‏ الجوار الكنس‏*.‏ ينطبق انطباقا كاملا مع حقيقة كونية مبهرة تمثل مرحلة خطيرة من مراحل حياة النجوم يسميها علماء الفلك اليوم باسم الثقوب السود‏(Black Holes).‏

    وهذه الحقيقة لم تكتشف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين‏,‏ وورودها في القرآن الكريم الذي أنزل قبل ألف وأربعمائة سنة بهذه التعبيرات العلمية الدقيقة علي نبي أمي‏(‏صلى الله عليه وسلم‏),‏ في أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين‏.

    post-38-1176650414.jpg


  17.  

     

    تتألف المزولة من عصا تثبت في الأرض بشكل رأسي لتسمح برصد تحرك ظل الشمس، بسهولة في أي مكان على الأرض. والمزولة هي النسخة القديمة من الساعة الشمسية. وتعتبر عملية رصد ظل الشمس مفيدة جداً، إذا قمنا بها على فترات طويلة. ففي الصيف،عندما تقترب الشمس من السمت، يكون ظلها أصغر منه في الشتاء. وهذا يبين لنا أن ارتفاع الشمس في السماء يتغير باختلاف الفصول، وأن طول النهار يتغير هو الآخر. ويرجع ذلك إلى حركة دوران الأرض حول الشمس، التي تتم وفقـاً لميل محور دوران الأرض، الذي لا يتغير أثناء دوران الأرض حول الشمس

    post-37-1175898705.jpg


  18.  

    يعتبر انفجار العماليق العظام علي هيئة مستعر أعظم من النمط الثاني‏,‏ واحدا من أعظم الانفجارات الكونية المروعة‏,‏ التي تؤدي إلي تدمير النجم وإلي تدمير كل ما يدور في فلكه أو يقع في طريق انفجاره من أجرام سماوية في زمن قياسي‏,‏ وذلك بتكون تيارات حمل عنيفة في داخل النجم تدفع بواسطة وابل غزير من النيوترينوات

    ‏Neutrino-Driven ConvectionCurrents

    فتقوم بتكوين دوامات متفاوتة في أحجامها‏,‏ وفي شدة دورانها‏,‏ يؤدي تصادمها إلي مزيد من تفجير النجم‏,‏ وتندفع ألسنة اللهب بعنف شديد من داخل النجم إلي خارجه علي هيئة أصابع عملاقة ملتوية ومتكسرة‏,‏ وتظل طاقة النيوترينو تضخ في داخل النجم المتفجر لمسافة آلاف الكيلومترات في العمق‏,‏ مما يؤدي إلي تكرار عمليات الانفجار مرات عديدة حتي تخبو فتنطلق رياح عاتية مندفعة بتيار النيوترينو من نجم ذي كثافة فائقة قد تكون داخل حطام النجم المنفجر‏,‏ ويعرف هذا النجم الوليد باسم النجم النيوتروني الابتدائي‏,‏ والذي سرعان ما يتحول الي نجم نيوتروني عادي الحجم بجاذبية قليلة نسبيا‏,‏ ثم الي نجم نيوتروني شديد التضاغط بجاذبية عالية جدا‏,‏ وهو نجم ضئيل الحجم جدا‏,‏ سريع الدوران حول محوره مطلقا كمية هائلة من الأشعة الراديوية‏,‏ ولذا يعرف باسم النابض الراديوي‏(RadioPulsar)‏

    وباقي نواتج الانفجار تقذف إلي صفحة السماء علي هيئة موجات لافحة من الكتل الغازية الملتهبة‏,‏ تعرف باسم فضلات انفجار المستعرات العظمي‏,‏ وهذه الفضلات الدخانية قد تدور في مدارات حول نجوم أخري لتتخلق منها أجرام تتبع تلك النجوم‏,‏ أو قد تنتهي إلي المادة بين النجوم لتشارك في ميلاد نجوم جديدة‏.‏

    ومن رحمة الله بنا أن مثل هذه الانفجارات النجمية المروعة والمدمرة والمعروفة باسم انفجار المستعر الأعظم‏ Supernova Explosion

    قد أصبحت قليلة جدا بعد أن كانت نشطة في بدء الخلق كما تدل آثارها الباقية في صفحة السماء‏,‏ فلا يتعدي وقوعها اليوم مرة واحدة كل عدة قرون‏,‏ فحتي سنة‏1987‏ م لم يعرف الفلكيون سوي ثلاث حالات فقط مسجلة في التاريخ المدون‏,‏ وقعت إحداها في سنة‏1054‏ م‏,‏ وخلفت من ورائها نجما نيوترونيا نابضا في سديم السرطان ‏(Crab Nebula)

    الذي يبعد عنا بنحو ألف فرسخ فلكي‏(3,300‏ سنة ضوئية‏)‏ ويدور هذا النابض حول محوره ثلاثين مرة في كل ثانية مطلقا إشعاعا دوارا من الأشعة السينية‏.‏

    وسجلت الثانية في سنة‏1604‏ م في مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏),‏ ولاتزال آثار هذا الانفجار باقية علي هيئة دوامات شديدة من الموجات الصدمية

    ‏(Shock Waves)

    التي يمكن رصدها‏,‏ ووقعت الثالثة في‏1987/2/24‏ م في سحب ماجيلان الكبيرة ‏(The Large MagellanicClouds)‏

    وهي إحدي المجرات المجاورة لمجرتنا‏.‏

    والانفجار الواحد من هذه الانفجارات العظمي‏,‏ تفوق شدته الطاقة المنطلقة من جميع النجوم في مجرة كاملة‏,‏ ويكون الضوء المصاحب له أشد لمعانا من ضوء المجرة بالكامل‏,‏ ويتبقي عنه نفثات كونية من أشعة جاما

    ‏(Cosmological Gamma Ray Bursts)‏

    يطلق عليها اسم المرددات الدقيقة لأشعة جاما‏

    .(Soft Gamma Ray Repeatersor SGRs)‏

    التي تصدر انبثاقات هائلة من الأشعة السينية لتختفي ثم تظهر من جديد بعد عدة شهور‏,‏ أو عدة سنوات حسب بعدها عنا‏,‏ والنفثة الواحدة التي ينفثها واحد من تلك المرددات في ثانية واحدة تساوي كل ما تنفثه الشمس من الأشعة السينية في سنة كاملة من سنينا‏.‏

    وفي سنة‏1992‏ م تمكن الفلكيون من اثبات أن مرددات الأشعة السينية تلك‏,‏ ما هي إلا نجوم نيوترونية شديدة المغنطة

    ‏(Super Magnetized Neutron Stars)‏

    أطلقوا عليها اسم الممغنطات ‏(Magnetars)‏

    وأثبتوا لها حقلا مغناطيسيا فائق الشدة‏,‏ تفوق شدته شدة جاذبية الحقل المغناطيسي للأرض بأكثر من ألف وخمسمائة مليون مليون مرة‏(1667‏ مليون مليون مرة‏),‏ وللشمس بنحو الألف مليون مليون مرة‏,‏ وهذه الممغنطات هي نجوم نيوترونية نابضة ‏(Pulsating Neutron Starsor Pulsars)

    تدور حول محورها بسرعات فائقة مطلقة الأشعة السينية بكميات غزيرة‏.‏

     


  19.  

     

     

     

    قال الله تعالى sad.gif ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت : 11).

    في الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتى سلم العلماء بحقيقتها‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى تلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏):‏(وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ {47} وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) ‏(‏ الذاريات‏:47)‏.

     

    وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون‏,‏ وعدم تغيره‏,‏ وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون‏,‏ وتباعد مجراته عنا‏,‏ وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانا من سرعة الضوء‏(‏ المقدرة بنحو ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية‏),‏ وقد أيدت كل من المعادلات الرياضية وقوانين الفيزياء النظرية استنتاجات الفلكيين في ذلك‏.‏

     

    وانطلاقا من هذه الملاحظة الصحيحة نادي كل من علماء الفلك‏,‏ والفيزياء الفلكية والنظرية بأننا إذا عدنا بهذا الاتساع الكوني إلى الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة الموجودة في الكون‏(‏المدرك منها وغير المدرك‏)‏ وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهى في الصغر إلى ما يقرب الصفر أو العدم‏,‏ وتنكمش في هذه النقطة أبعاد كل من المكان والزمان حتى تتلاشي‏(‏مرحلة الرتق‏).‏

    وهذا الجرم الابتدائي كان في حالة من الكثافة والحرارة تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائية المعروفة‏,‏ ومن ثم فإن العقل البشري لا يكاد يتصورهما‏,‏ فانفجر هذا الجرم الأولي بأمر الله‏(‏تعالى‏)‏ في ظاهرة يسميها العلماء عملية الانفجار الكوني العظيم ، ويسميها القرآن الكريم باسم الفتق فقد سبق القرآن الكريم كل المعارف الإنسانية بالإشارة إلى ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏)sad.gif أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) ‏(‏الأنبياء‏:30)‏.

    وتشير دراسات الفيزياء النظرية في أواخر القرن العشرين إلى أن جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول إلى غلالة من الدخان الذي تخلقت منه الأرض وكل أجرام السماء‏,‏وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة كل المعارف الإنسانية وذلك بإشارته إلى مرحلة الدخان في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):

     

    (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9}وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ {10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) ‏(‏فصلت‏:9‏ ــ‏11)‏.

    وفي‏8‏ نوفمبر سنة‏1989‏ م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية‏ مركبة فضائية باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائة كيلومتر حول الأرض بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وقد قام هذا القمر الصنعي بإرسال ملايين الصور والمعلومات إلى الأرض عن آثار الدخان الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏,‏ وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق الأرض والسماوات‏,‏ فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأبعمائة سنة قوله الحق‏:‏ (ثم استوي إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين)‏(‏ فصلت‏:11).‏

     

     

     

     

    دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم‏(‏ أي بعد فتق الرتق‏):‏

    بعد التسليم بحقيقة توسع الكون‏,‏ وبرد ذلك التوسع إلى الوراء مع الزمن حتي الوصول إلى جرم ابتدائي واحد متناه في الضآلة حجما إلى الصفر أو ما يقرب من العدم‏,‏ ومتناه في الكثافة والحرارة إلى حد لا يكاد العقل الانساني أن يتخيله‏,‏ لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة عنده‏(‏مرحلة الرتق‏),‏ وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي‏(‏ مرحلة الفتق‏)‏ في ظاهرة كونية يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدأ كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية في تحليل مسار الأحداث الكونية بعد هذا الحدث الكوني الرهيب‏.‏

    ومع إيماننا بان تلك الأحداث الموغلة في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي أخبر ربنا‏(‏تبارك وتعالى‏)‏ عنه بقوله‏(‏ عز من قائل‏)sad.gifما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا)‏(‏ الكهف‏:51)‏، إلا أن السنن التي فطر الله‏(‏ تعالي‏)‏ الكون عليها لها من الاطراد‏,‏ والاستمرار‏,‏ والثبات‏,‏ ما يمكن أن يعين الانسان علي الوصول إلى شيء من التصور الصحيح لتلك الأحداث الغيبية الموغلة في أبعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود‏,‏ وقدرات عقله المحدودة‏,‏ ومحدودية كل من زمانه ومكانه‏.‏

    كذلك فان التقنيات المتطورة من مثل الصواريخ العابرة لمسافات كبيرة في السماء‏,‏ والأقمار الصنعية التي تطلقها تلك الصواريخ‏,‏ والأجهزة القياسية والتسجيلية الدقيقة التي تحملها قد ساعدت علي الوصول إلى تصوير الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم‏,‏ والذي وجدت بقايا أثرية له علي أطراف الجزء المدرك من الكون‏,‏ وعلي أبعاد تصل إلى عشرة مليارات من السنين الضوئية لتثبت دقة التعبير القرآني بلفظة دخان التي وصف بها حالة الكون قبل خلق السماوات والأرض‏.‏

     

    الفيزياء الفلكية ودخانية الكون‏:‏

    بعد الانفجار العظيم تحول الكون الى غلالة من الدخان الذى خلقت منه الارض والسماوات . و تشير الحسابات الفيزيائية إلى أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر‏,‏ وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة‏,‏ وتلاشي كل من المكان والزمان‏,‏ تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبري تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم مرحلة الفتق وبانفجاره تحول إلى كرة من الإشعاع والجسيمات الأولية أخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقة حتي تحولت إلى غلالة من الدخان‏.‏

    فبعد ثانية واحدة من واقعة الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائية انخفاض درجة حرارة الكون من تريليونات الدرجات المطلقة إلى عشرة بلايين من الدرجات المطلقة‏[‏ ستيفن و‏.‏ هوكنج‏1988‏ م]

    وعندها تحول الكون إلى غلالة من الدخان المكون من الفوتونات والإلكترونات والنيوترينوات واضداد هذه الجسيمات مع قليل من البروتونات والنيوترونات. ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطة بدقة فائقة لأفنت الجسيمات الأولية للمادة وأضدادها بعضها بعضا‏,‏ وانتهي الكون‏,‏ ولكنه حفظ بحفظ الله الذي أتقن كل شيء خلقه‏.‏ والنيوترونات يمكن أن توجد في الكون علي هيئة ما يسمي باسم المادة الداكنة .وينادي آلان جوث بأن التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقة التصور أدت إلى زيادة قطر الكون بمعدل‏2910‏ مرة في جزء من الثانية ‏,‏ وتشير حسابات الفيزياء النظرية إلى الاستمرار في انخفاض درجة حرارة الكون إلى بليون‏(‏ ألف مليون‏)‏ درجة مطلقة بعد ذلك بقليل‏,‏ وعند تلك الدرجة اتحدت البروتونات والنيوترونات لتكوين نوي ذرات الإيدروجين الثقيل أو الديوتريوم التي تحللت إلى الإيدروجين أو اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم‏(Helium Nuclei)‏ والقليل من نوي ذرات عناصر أعلي مثل نوي ذرات الليثيوم ونوي ذرات البريليوم ‏,‏ ولكن بقيت النسبة الغالبة لنوي ذرات غازي الأيدروجين والهيليوم‏,‏ وتشير الحسابات النظرية إلى أنه بعد ذلك بقليل توقف إنتاج كل من الهيليوم والعناصر التالية له‏,‏ واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفترة زمنية طويلة‏,‏ ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون إلى آلاف قليلة من الدرجات المطلقة حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدأ الدخان الكوني في التكدس علي هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة‏.‏

     

    ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبية وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة‏,‏ ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم بدأت كميات من غازي الإيدروجين والهيليوم الموجودة بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات أكبر‏,‏ مما أدي إلى مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت إلى الدرجات اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة‏.‏

    وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي لتخليق العناصر الأعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والأوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل إلى الحديد فينفجر هذا النجم المستعر‏(Nova)‏ علي هيئة فوق المستعر وتتناثر أشلاء فوق المستعرات وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة لتتكون منها الكواكب والكويكبات‏,‏ بينما يبقي منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله‏.‏

    وتحتوي شمسنا علي نحو‏2%‏ من كتلتها من العناصر الأثقل في أوزانها الذرية من غازي الإيدروجين والهيليوم‏,‏ وهما المكونان الأساسيان لها‏,‏ وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات‏.‏

     

    وعلي الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء‏(‏ مثل النجوم وتوابعها‏)‏ فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع‏,‏ في كل الاتجاهات‏,‏ وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد‏.‏

    كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن أن يؤدي إلى انهياره علي ذاته‏,‏وتكدسه من جديد‏,‏ مما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والاحكام‏,‏ ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد أكثر من عشرة مليارات من السنين‏(‏هي العمر الأدني المقدر للكون‏)‏ وذلك بنفس معدل التوسع الحرج‏,‏ ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور‏,‏ فسبحان الذي حفظه من الانهيار‏..!!‏

     

    والنظرية النسبية لا يمكنها تفسير ذلك لأن كل القوانين الفيزيائية‏,‏ وكل الأبعاد المكانية والزمانية تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره‏(‏ مرحلة الرتق‏)‏ بكتلته‏,‏ وكثافته وحرارته الفائقة‏,‏ وانعدام حجمه إلى ما يقرب من الصفر‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الإحكام غير كونه أمرا من الخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏) الذي (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون)‏(‏ يس‏:82)‏.

    فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء أنه إذا تغيرت الشحنة الكهربائية للإليكترون قليلا‏,‏ ما استطاعت النجوم القيام بعملية الاندماج النووي‏,‏ ولعجزت عن الانفجار علي هيئة ما يسمي بفوق المستعر إذا تمكنت فرضا من القيام بعملية الاندماج النووي‏.‏

    والمعدل المتوسط لعملية اتساع الكون لابد وأنه قد اختير بحكمة بالغة لأن معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته‏.‏

    ويقرر علماء الفيزياء النظرية والفلكية أن الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحارة المعتمة التي تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة حتى تشهد هذه الصورة من صور الزوجية السائدة في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانية فوق كافة خلقه‏,‏ ولا توجد كلمة توفي هذه الحالة حقها من الوصف مثل كلمة دخان فسبحان الذي أنزلها في كتابه من قبل ألف وأربعمائة من السنين‏.‏

    وقد تكونت من تلك الجسيمات الأولية للمادة في الدخان الكوني الأولي نوي ذرات غازي الإيدروجين والهيليوم‏,‏ وبعد ذلك وصلت إلى الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة لعناصر أكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الإيدروجين والهيليوم‏.‏ وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الأرض والسماء‏.‏

     

    وتفيد الدراسات النظرية أن الكون في حالته الدخانية كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافة ودرجات الحرارة بين منطقة وأخرى‏,‏ وذلك نظرا لبدء تحول أجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلى مناطق تتركز فيها كميات كبيرة من كل من المادة والطاقة علي هيئة السدم‏.‏ ولما كانت الجاذبية في تلك المناطق تتناسب تناسبا طردياً مع كم المادة والطاقة المتمركزة فيها‏,‏ فقد أدي ذلك إلى مزيد من تكدس المادة والطاقة والذي بواسطته بدأ تخلق النجوم وبقية أجرام السماء في داخل تلك السدم‏,‏ وتكونت النجوم في مراحلها الأولي من العناصر الخفيفة مثل الإيدروجين والهيليوم‏,‏ والتي أخذت في التحول إلى العناصر الأعلى وزنا بالتدريج مع بدء عملية الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتلة كل منها‏.‏

     

    تصوير الدخان الكوني

    في الثامن من نوفمبر سنة‏1989‏ م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة باسم مكتشف الخلفية الإشعاعية للكون التي ارتفعت إلى مدار حول الأرض يبلغ ارتفاعه ستمائة كيلومتر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وذلك لقياس درجة حرارة الخلفية الإشعاعية للكون‏,‏ وقياس كل من الكثافة المادية والضوئية والموجات الدقيقة في الكون المدرك‏,‏ بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بإرسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لآثار الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون‏,‏ من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏,‏ وأثبتت تلك الصور أن هذا الدخان الكوني في حالة معتمة تماما تمثل حالة الإظلام التي سادت الكون في مراحله الأولى‏.‏

     

    ويقدر العلماء كتلة هذا الدخان المعتم بحوالي‏90%‏ من كتلة المادة في الكون المنظور‏,‏ وكتب جورج سموت أحد المسئولين عن رحلة المستكشف تقريرا نشره سنة ‏1992‏ م بالنتائج المستقاة من هذا العدد الهائل من الصور الكونية كان من أهمها الحالة الدخانية المتجانسة التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وكذلك درجة الحرارة المتبقية علي هيئة خلفية اشعاعية أكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير‏,‏ وكان في تلك الكشوف أبلغ الرد علي النظريات الخاطئة التي حاولت ــ من منطلقات الكفر والإلحاد ــ تجاوز الخلق‏,‏ والجحود بالخالق‏(‏سبحانه وتعالى‏)‏ فنادت كذبا بديمومة الكون بلا بداية ولا نهاية من مثل نظرية الكون المستمر التي سبق أن أعلنها ودافع عنها كل من هيرمان بوندي ‏ وفريد هويل في سنة‏1949‏ م‏,‏ ونظرية الكون المتذبذب‏ التي نادي بها ريتشارد تولمان من قبل‏..‏ فقد كان في إثبات وجود الدخان الكوني والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية‏,‏ وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف‏ للخلفية الإشعاعية والتي نشرت في ابريل سنة‏1992‏ م كل تلك الحقائق‏.‏

     

    تكوين نوى المجرات من الدخان الكوني

    كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالمادة والطاقة المكدسة تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم إلى الصفر‏,‏ وتتلاشي فيه كل أبعاد المكان والزمان‏,‏ وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا كما سبق وأن أشرنا‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ وبعد انفجار هذا الجرم الأولي وبدء الكون في التوسع‏,‏ تمدد الإشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقة الكهرمغناطيسية‏,‏ علي أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه‏,‏ ونقصت كثافته‏,‏ وانخفضت درجة حرارته‏.‏

     

    وأول صورة من صور الطاقة في الكون هي قوة الجاذبية، وهي قوي كونية بمعني أن كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبية حسب كتلته أو كمية الطاقة فيه‏,‏ وهي قوي جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة‏,‏ وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده ولعلها هي المقصودة بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏)smile.gif‏اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ‏...)(‏ الرعد‏:2)‏ وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم)‏(‏ الحج‏:65).‏

     

    وقوله‏(‏ سبحانه وتعالى‏):‏ (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ)‏(‏ الروم‏:25).‏

     

    وقوله‏(‏ تبارك اسمه‏):‏ (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ‏...)(‏لقمان‏:10).‏

     

    وقوله‏(‏ تعالي‏):‏ (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ‏)(‏ فاطر‏:41).‏

    ويقسم ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بـ السقف المرفوع وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية‏..!!‏

    والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوي الكهربائية‏/‏المغناطيسية‏(‏ أو الكهرومغناطيسية‏) وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء‏,‏ وهي أقوي من الجاذبية بملايين المرات‏(‏ بحوالي‏4110‏ مرة‏),‏ وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية مختلفة‏(‏ موجبة وسالبة‏),‏ كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة‏,‏ وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا‏,‏ وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرا‏,‏ ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقي هي القوي السائدة‏.‏

     

    والقوي الكهرومغناطيسية هي التي تضطر الاليكترونات في ذرات العناصر إلى الدوران حول النواة بنفس الصورة التي تجبر فيها قوي الجاذبية الأرض‏(‏ وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية‏)‏ إلى الدوران حول الشمس‏,‏ وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته‏,‏ وهو ما يشهد للخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بالوحدانية المطلقة بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏.‏

     

    ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسية علي أنها تنتج من تبادل أعداد كبيرة من جسيمات تكاد تكون معدومة الوزن تسمي بالفوتونات والقوي الثالثة في الكون هي القوي النووية القوية وهي القوي التي تمسك باللبنات الأولية للمادة في داخل كل من البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة‏,‏ وهذه القوي تصل إلى أقصي قدرتها في المستويات العادية من الطاقة‏,‏ ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقة باستمرار‏.‏

     

    والقوة الرابعة في الكون هي القوي النووية الضعيفة وهي القوي المسئولة عن عملية النشاط الإشعاعي وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النووية القوية في المستويات العليا للطاقة‏,‏ فان كلا من القوي النووية الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية تقوي في تلك المستويات العليا للطاقة‏.‏

     

    وحدة القوي في الكون

    يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوي الكهرومغناطيسية‏,‏ والقوي النووية القوية والضعيفة فيما يسمي بنظرية التوحد الكبرى والتي تعتبر تمهيدا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوي الكونية في قوة عظمي‏,‏ واحدة تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة‏,‏ وعن هذه القوة العظمي انبثقت القوي الكبرى الأربع المعروفة في الكون‏:‏ قوة الجاذبية‏,‏ القوة الكهرومغناطيسية وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة‏(‏ الفتق بعد الرتق‏).‏

    وباستثناء الجاذبية فان القوي الكونية الأخرى تصل إلى نفس المعدل عند مستويات عالية جدا من الطاقة تسمي باسم الطاقة العظمي للتوحد‏,‏

    ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة‏,‏ لا يستبعد انضمام الجاذبية إليها‏,‏ باعتبارها قوة ذات مدي طويل جدا‏,‏ تتحكم في أجرام الكون وفي التجمعات الكبيرة للمادة ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الأولية للمادة‏,‏ أو حتى مع ذرات العناصر‏.‏

    وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون‏,‏ ووحدة صور الطاقة فيه‏,‏ مع شيوع الزوجية في الخلق ــ كل الخلق ــ هي شهادة الكون لخالقه‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يقول‏:‏ (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)‏(‏ الذاريات‏:49).‏ ويقول‏:‏ (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُون) ‏(‏ الأنبياء‏:22).‏

     

    وسبحانه وتعالى إذ أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين)(‏ فصلت‏:11).‏

     

    المصدر : مقالة للدكتور زغلول النجار نشرت في جريدة الأهرام بتاريخ 4 /6/2001م

     

     

    post-1-1175804612.jpg


  20. السلام عليكم اخيnight knight

    الاجوبة.

    1- مقدار الجادبية قي الاقطاب اقل من الجادبية في الاستواء.

    2-المشتري. زحل. الارض.عطارد

    3-دوران الارض حول نفسها.

    4- دوران الارض حول الشمس و ميلان محور دوران الارض.

    5- * فصل الشتاء.

    *فصل الصيف.

     

     

    و الله اعلم...

    post-60-1175773502.jpg

×