Jump to content
Sign in to follow this  
amer

القمر .......... و العرجون

Recommended Posts

القمر .......... و العرجون

قال الله تعالى في سورة يس ( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم * لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون )39- 40

قوله تعالى: «و القمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم» المنازل جمع منزل اسم مكان من النزول و الظاهر أن المراد به المنازل الثمانية و العشرون التي يقطعها القمر في كل ثمانية و عشرين يوما و ليلة تقريبا.

و العرجون عود عذق النخلة من بين الشمراخ إلى منبته و هو عود أصفر مقوس يشبه الهلال، و القديم العتيق.

و قد اختلفت الأنظار في معنى الآية للاختلاف في تركيبها، و أقرب التقديرات من الفهم قول من قال: إن التقدير و القمر قدرناه ذا منازل أو قدرنا له منازل حتى عاد هلالا يشبه العرجون العتيق المصفر لونه.

تشير الآية إلى اختلاف مناظر القمر بالنسبة إلى أهل الأرض فإن نوره مكتسب من الشمس يستنير بها نصف كرته تقريبا و ما يقرب من النصف الآخر غير المسامت للشمس مظلم ثم يتغير موضع الاستنارة و لا يزال كذلك حتى يعود إلى الوضع الأول و يعرض ذلك أن يظهر لأهل الأرض في صورة هلال ثم لا يزال ينبسط عليه النور حتى يتبدر ثم لا يزال ينقص حتى يعود إلى ما كان عليه أوله.

و لاختلاف صوره آثار بارزة في البر و البحر و حياة الناس على ما بين في الأبحاث المربوطة.

فالآية الكريمة تذكر من آية القمر أحواله الطارئة له بالنسبة إلى الأرض و أهلها دون حاله في نفسه و دون حاله بالنسبة إلى الشمس فقط.

و من هنا لا يبعد أن يقال في قوله تعالى: «و الشمس تجري لمستقر لها» إن المراد بقوله: «تجري» الإشارة إلى ما يعطيه ظاهر الحس من حركتها اليومية و الفصلية و السنوية و هي حالها بالنسبة إلينا، و بقوله: «لمستقر لها» حالها في نفسها و هي سكونها بالنسبة إلى سياراتها المتحركة حولها كأنه قيل: و آية لهم أن الشمس على استقرارها تجري عليهم و قد دبر العزيز العليم بذلك كينونة العالم الأرضي و حياة أهله و الله أعلم.

قوله تعالى: «لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر و لا الليل سابق النهار و كل في فلك يسبحون» لفظة ينبغي تدل على الترجح و نفي ترجح الإدراك من الشمس نفي وقوعه منها، و المراد به أن التدبير ليس مما يجري يوما و يقف آخر بل هو تدبير دائم غير مختل و لا منقوض حتى ينقضي الأجل المضروب منه تعالى لذلك.

فالمعنى أن الشمس و القمر ملازمان لما خط لهما من المسير فلا تدرك الشمس القمر حتى يختل بذلك التدبير المعمول بهما و لا الليل سابق النهار و هما متعاقبان في التدبير فيتقدم الليل و النهار فيجتمع ليلتان ثم نهاران بل يتعاقبان.

و لم يتعرض لنفي إدراك القمر للشمس و لا لنفي سبق النهار الليل لأن المقام مقام بيان انحفاظ النظم الإلهي عن الاختلال و الفساد فنفى إدراك ما هو أعظم و أقوى و هو الشمس لما هو أصغر و أضعف و هو القمر، و يعلم منه حال العكس و نفى سبق الليل الذي هو افتقاده للنهار الذي هو ليله و الليل مضاف إليه متأخر طبعا منه و يعلم به حال العكس.

و قوله: «و كل في فلك يسبحون» أي كل من الشمس و القمر و غيرهما من النجوم و الكواكب يجرون في مجرى خاص به كما تسبح السمكة في الماء فالفلك هو المدار الفضائي الذي يتحرك فيه الجرم العلوي، و لا يبعد حينئذ أن يكون المراد بالكل كل من الشمس و القمر و الليل و النهار و إن كان لا يوجد في كلامه تعالى ما يشهد على ذلك.

و الإتيان بضمير الجمع الخاص بالعقلاء في قوله «يسبحون» لعله للإشارة إلى كونها مطاوعة لمشيته مطيعة لأمره تعالى كالعقلاء كما في قوله: «ثم استوى إلى السماء و هي دخان فقال لها و للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين:» حم السجدة: - 11.

المصدر تفسير الميزان

 

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×