Jump to content
Sign in to follow this  
الزعيم

التلسكوب الأكبر والأفضل أداء

Recommended Posts

أنهى علماء فلك أسبان تدشين أكبر التلسكوبات الأرضية قاطبة في العالم وذلك في جزر الكناري قبل فترة وجيزة ليفتحوا بذلك نافذة لا سابق لحجمها على الكون ، فالتلسكوب “غرانتكان” الجديد بمرآته التي يبلغ قطرها 10،4 متر ، مزود بأحدث ما توصلت اليه التقنيات الحديثة في مجال الرصد الفلكي ، علاوة على وزنه الهائل الذي يبلغ 350 طناً ، أما الأنبوب الذي وضعت فيه هذه المرآة والمصنوع من الفولاذ والألمنيوم فيبلغ طوله 20 متراً .

 

الجديد في التلسكوب “غرانتكان” “أي تلسكوب جزر الكناري العملاق باللغة الاسبانية” أيضاً أن حجم مرآته ازداد بمعدل 40 سم أي ما يعادل 5% زيادة في نسبة تجميعه للضوء مقارنة مع التلسكوبات السابقة التي كان قطر مرآة أكبرها حجماً لا يزيد على عشرة أمتار مثل التلسكوب “كيك” في جزر الهاواي والتلسكوب فائق الحجم (VLT) الأوروبي والتلسكوبات الأخرى اليابانية كانت أقطار مراياها لا تزيد على ثمانية أمتار . والسر في ذلك يعود الى أن اختصاصيي البصريات والمرايا لا يستطيعون صب مرايا يزيد قطرها على ثمانية أمتار دفعة واحدة ، لأن كتلة الزجاج المطلوب صبها “تبلغ حوالي 25 طناً” وحرارتها ألف درجة مئوية ، والزمن اللازم كي تبرد “سنة تقريباً” وصعوبة الحصول على زجاج متجانس . كل ذلك يزيد من تكاليف التصنيع بشكل لا يمكن تصوره .

ونتيجة لذلك اختار العلماء الأسبان الطريقة الأمريكية في تصنيع التلسكوب المتمثلة في تجزئة المرايا ، فالمعروف أن مرايا “غرانتكان” عبارة عن موازييك سداسي الزوايا والأضلاع مكون من 36 جزءاً كل جزء منها يبلغ قطره 1،9 متر .

ومن الواضح أن العلماء الأسبان يفخرون بأنهم سحبوا من نظرائهم الأمريكيين لقب أصحاب “أكبر تلسكوب في العالم” حيث يقول بيدرو الغاريز مدير “غرانتكان” إنه تم تصميم هذا المشروع في اسبانيا ولأجل اسبانيا وهو بحق آخر صرعات عالم الرصد الفلكي قاطبة ، ولذا يستحق لقب “التلسكوب الأكبر والأفضل أداء في العالم” .

والواقع أنه بالنظر الى الغالبية العظمى للمشاريع العلمية الكبرى ، نجد أن هذا الإنجاز الأسباني في المجال الفلكي يعتبر أمراً مفاجئاً ، لأن علم الفلك الأسباني الحديث كان منذ سنوات طويلة يعاني وضعاً متناقضاً ، فالمعروف أن نوعية المواقع الفلكية الأسبانية كموقعي “سييرا نيغاد اندلس” و”جزر الكناري” ممتازة للغاية وهي محط أنظار الدول الاوروبية برمتها فغالبية هذه الدول وضعت مراصد متطورة لها في تلك المواقع في حين أن إسبانيا نفسها اكتفت بوضع مراصد من الدرجة الثانية ولم تستفد من الزمن المخصص لها بالنسبة للرصد الفلكي باستخدام التلسكوبات الأوروبية .

ومع مطلع الألفية الثالثة أرادت اسبانيا الخروج من هذا التخلف واللحاق بنظرائها من الدول الأخرى في أوروبا ، ولذا قررت بناء هذا التلسكوب العملاق والانضمام إلى أكبر تجمع فلكي في العالم وهو ما يعرف بالايزو (ESO) أي المرصد الأوروبي الجنوبي الذي يضم 14 دولة اوروبية .

ومن هذا المنطلق أصبح بمقدور الفلكيين الإسبان الاستفادة من زمن الرصد الفلكي مع التلسكوبات العملاقة الأخرى ، بمعنى أنها ستسمح للعلماء الآخرين من الدول الاوروبية باستخدام تلسكوبها ، في حين سيتمكن الفلكيون الاسبان من استخدام تلك التلسكوبات الفترة نفسها وذلك من باب التعامل على طريقة الند للند ، وبالتالي التمكن من رصد السماء بشقيها الشمالي والجنوبي وليس فقط من خلال التلسكوب (VLT) في تشيلي . ومن ناحية أخرى نجد ان موقع التلسكوب الجديد المتمثل في جزيرة “دولا بالما” ، حيث يوجد على ارتفاع 2400 متر بركان كالديرا دو توبورينتا الخامد المعروف بفوهته التي يبلغ عمقها 1500 متر , يمنح هذا التلسكوب فرصة للاستفادة من السماء الصافية الشفافة البعيدة عن التلوث الضوئي تماماً وبالتالي إعطاء العلماء الفرصة لإجراء أرصادهم على مدى يزيد على 300 ليلة في السنة .

 

ويشير الباحثون الفلكيون إلى أن عظمة هذا التلسكوب الذي يعتبر “الجوهرة الثمينة” ، تتمثل في دقته المتناهية ، فقد بذلت شركة “شوت” الالمانية في فرانكفورت جهداً كبيراً لصب مراياها البالغ قطر كل منها 1،9 متر في زجاج من السيراميك ، في حين عملت شركة “ساجيم” الفرنسية على صقل سطح مرآته العظمى بشكل لم يسبق له مثيل ، إذ بلغت دقة المرآة عشرات النانومترات ، ما يعني حسب رأي مدير المشروع بيدرو الغاريز أن بإمكان التلسكوب مشاهدة تفاصيل تزيد على عشر مليمترات ضمن مساحة بحجم إسبانيا أو فرنسا .

ومن الناحية التقنية نجد أن مرآة التلسكوب التي تزن 17 طناً - والتي تسمى بالمرآة الفعالة نظراً لعمل كل جزء من أجزائها الـ “36” على حدة - تعمل وفق نظام دقيق يستخدم اصلاً لقياس القدرة الكهربية بين شفرتين ذهبيتين ، بمعنى أن أي تغير في وضعية المرآة يتبعه تصحيح بالغ الدقة من الحوامل الثلاثة التي تتحكم في وضعية كل جزء في التلسكوب . ومن جهة أخرى فإن الصورة التي يلتقطها هذا التلسكوب تمر عبر “فلتر” يعمل بالنظام البصري التكييفي أي كما لو كانت وضعية المرآة تتغير 200 مرة في الثانية لتصحيح الاضطرابات الجوية .

ومن الناحية العملية سيكون عمل “غرانتكان” الأهم ضمن نطاق الأشعة تحت الحمراء ، أي أن الصور التي سيحصل عليها ستكون أكثر دقة من صور التلسكوب الفضائي “هابل” ، بمعدل يتراوح بين 4 و10 مرات، وهو ما لم يشاهده الفلكيون من قبل على الاطلاق .

ويشير بيدرو الغاريز إلى أن هذا العملاق الفلكي صمم أصلاً من أجل فهم الطريقة التي تولد بها النجوم وبالتالي فهم كيفية تشكل الأنظمة الكوكبية داخل السحب الغازية والغبارية الموجودة ما بين النجوم .

ومن ميزات هذا العملاق الاسباني القدرة على تصوير الكواكب الواقعة في الأنظمة الشمسية الأخرى بشكل مباشر وعدم الاكتفاء بأجرام درب التبانة فقط ، بل سيكون مفتوحاً برمته لإماطة اللثام عن سر تشكل النجوم والمجرات الأولى في الكون .

أما المشروع المقبل التي تسعى إسبانيا لإنجازه خلال السنوات العشر المقبلة ، فيتمثل في التلسكوب الأوروبي فائق الضخامة (EELT) الذي سيبلغ قطر مرآته 42 متراً والذي ستقيمه إسبانيا فوق جزيرة “لابالما” ولذا فإن التلسكوب الحالي ليس سوى نموذج تمهيدي لتلسكوب المستقبل العملاق جداً .

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×