Jump to content
Sign in to follow this  
driss1994

كوكب الأرض

Recommended Posts

النظام في فضاء الكون والمجرات السابحة في خضمه يحاكي نظام مجرتنا والأنظمة التي تدور في فضائها. هذا التشابه يطال نظامنا الشمسي وكواكبه أيضاً، علماًُ أن هذا الأخير يشبه بدوره الإنسان وأبعاد وعيه الظاهرية والباطنية، وصولاً إلى الذرة ومكوناتها، التي تشكل نظاماً قائماً بذاته لا بل كون مصغّر بأبعاده كافة. وكما الكون الأكبر كذلك الإنسان، يسيرهما نظام واحد في أدقّ التفاصيل.

 

الكل مبني على هيكلية موحدّة في جوهرها، سواء من الناحية المادية أو من الناحية اللامادية الباطنية الذبذبية التكوين. فكما في الكون والإنسان كذلك في النظام الشمسي والذرّة، أبعاد منظورة وابعاد لامنظورة. وجميعها تسرد فصول تسلسل وجودها وتحولاتها منذ بدء التكوين، وتظهر لمن توصّل أن يستشف الخفايا، ارتباط الزهرة على الأرض بالنجمة في الفضاء ودور كل منها في الجسد الأكبر، الكون.

 

العلم اليوم، في واقعه الحالي، عاجز عن إثبات أي من النظريات المتكاثرة حول نشأة الكون وتكوين الأرض وبداية الإنسان عليها... علوم الايزوتيريك، علوم باطن الإنسان، تغور في المجهول، وتبحث في الخفايا لتربط الظاهر بالباطن وظواهر الكون بمحوها – الإنسان.

 

سنحاول إلقاء نظرة شاملة بقدر الأمكان، على حقيقة كوكب الأرض، تكوينه وعلاقته بالإنسان. الهدف من هذا البحث إغناء النظريات العلمية المادية الأفقية وشحذها بما تفتقر إليه من أبعاد لاماديّة عمودية مستمدّة من زخم المعرفة، معرفة البواطن قبل الظواهر، معرفة الأسباب قبل النتائج والحقيقة قبل الواقع.

 

نظرية الإنفجار الكبير (Big Bang):

 

تعدّدت فيما مضى النظريات العلمية والآراء الفلسفية حول وجود الكون وتكوين الأرض والإنسان. أمّا اليوم، فيرجّح العلم أن نظرية الانفجار الكبير (Big Bang) هي وراء كل وجود. تعتبر هذه النظرية أن بداية الكون هي لحظة هذا الانفجار الكبير... أما المجرّات والكواكب والشموس فهي نتيجة تفاعل ما نتج عن هذا الانفجار على مر الدهور. وفيما يخص كوكب الأرض، حدّد العلماء عمره بما يقارب الاربعة مليارات ونيّف من الأعوام... أمّا وجود الإنسان على الأرض فيعتبر في نظر العلم حديث العهد نسبياً ولا يتعدّى بضعة ملايين من السنين.

 

علوم الإيزوتيريك تعود بنا إلى أزمنة تكوين الكوكب الأرضي لتكشف لنا حقائق دفينة، تؤكد أن عملية الخلق لم تكن مادية وحسب، وأن الإنفجار الكبير الذي يشير إليه العلم هو أحد انعكاسات انبثاقات الخلق اللامادية... التي لما حدثت لولا مشيئة الخالق، جبروت إرادته وفعل محبته الشاملة...

 

إن تكوين الكواكب والأجرام السماوية في نظامنا الشمسي إستغرق حقباً مديدة من الزمن ويتداخل في هذه العملية عوامل عدة أهمها سبب تكوّن هذه الكواكب وكيفية تكوينها والمراحل التي مرّت بها. "الأرض مدرسة الإنسان" اصبح قولاً بديهياً لمن اطّلع على علوم الإيزوتيريك.

 

كيف وجدت مدرسة الأرض وأين كان الإنسان في ذلك الحين؟

 

التطور سلسلة ارتقاءات لا متناهية في عرف الزمن. وما الأرض والإنسان في وضعه الحالي، والحياة الأرضية ككل، سوى حلقة في هذه السلسلة، حلقة مرتبطة بحلقات سبقتها وحلقات تليها في مخطط الوجود.

 

تكشف لنا علوم الإيزوتيريك أن وجود الإنسان في بدء تكوينه كان هيوليا لامادياً وكذلك كانت طبيعة كوكب الأرض. وهكذا انتقل الإنسان اثيرياً - هيولياً إلى الأرض في بدء مراحل تكوينها (ويشار إليه باسم آدم A-DAM في تلك الحقبة ويعني "من دون دم" في اللغة السنسكريتية). وهنا نشير انه كما للإنسان سبع مراحل تطور على الأرض تتجسد بالأعراق البشرية السبع اضافة الى سبعة أبعاد وجود، كذلك للأرض سبع مراحل من الوجود وسبعة أبعاد منها ستة غير منظورة.

 

جسد الأرض المادي يتطور ويتحول، كما جسد الإنسان نفسه يتحول ويتطور. وما المادة اليوم بعناصرها المعروفة سوى حقبة زمنية معينة بلغها العالم المادي عبر تفاعلات العناصر وتحولاتها علماً ان عناصر جديدة ستكتشف في حيز الوجود المادي كما والأرض نفسها ستتغير و تتطور لتماشي تطور الأنسان في العصور المستقبلية، باعتبار أن الإنسان هو المحور بين سائر الكائنات والموجودات ("قطب الفلك" بحسب قول ابن عربي). وكما ورد في القرآن الكريم الآية 70 من سورة الإسراء : "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".

 

تكوين الأرض والتفاعلات الماديّة والطبيعيّة وعلاقتها بالإنسان.

 

خلال البحث في الموسوعات العلميّة، تبيّن لنا أن هناك معلومات كثيرة أساسيّة حول مكونات وعناصر الكوكب الأرضي وطبيعة كل ذلك ما زالت غائبة عن نظر العلوم كافة. أمّا المعلومات المكتشفة فهي حديثة العهد، أهمّها في القرن العشرين.

 

يخبرنا الايزوتيريك أن الأرض هي الجسد الظاهر لروح الطبيعة، كما جاء في مؤلف الإيزوتيريك الأول "كتاب الإنسان" بقلم ج.ب.م صفحة 91. فجسد الإنسان المادي هو صورة مصغّرة عن مكونات الأرض. في الجسد كما في الأرض، من الصلب إلى السائل إلى الهواء، إلى النار. ومن معادن إلى خلايا حيّة... ولكن الإنسان بوجه عام ما زال شحيح البصر والبصيرة.

 

يخبرنا العلم ان الأرض تتكوّن من اربع طبقات رئيسية وهي: اللب الداخلي، اللب الخارجي، الدثار اي العباءة، و القشرة الأرضية.

 

ان اللب الداخلي للأرض (INNER CORE) ، يتكوّن من الفولاذ الصلب ذات الكثافة العالية ويشكّل نواة الأرض. انه يشبه الهيكل العظمي في الإنسان. عظام الإنسان تحوي في داخلها الأعصاب الأساسيّة في الجسم البشري بفضل المادة الرمادية، التي عرّفها الايزوتيريك بتكثيف المادة الأوليّة التي تكوّن منها الإنسان في بدايته على الأرض. كما يحمي الهيكل العظمي هذه الأعصاب من العوامل الخارجيّة، كذلك يلعب اللب الداخلي للأرض دور الهيكل العظمي في ليحافظ على الطاقة الهيولية في الأرض من تفاعلات العوامل الخارجيّة. الهيولى الأولى هي ذلك العنصر الأولي الذي تكوّن منه الكوكب الارضي نفسه، والذي تكثّف بدوره أيضاً وحُفظ في باطن الأرض كما يشرحه كتاب الإيزوتيريك "رحلة في مجاهل الدماغ البشري" صفحة 146.

 

اما اللب الخارجي (OUTERCORE) ودثار الأرض او عبائتها (MANTLE) فهما يحيطان باللب الداخلي. اللب الخارجي مكوّن من المعادن والفولاذ السائل، والدثار مكوّن من مادة صلبة. هنا نذكر أن العلم يعتبر أن التفاعلات والعوامل في هاتين الطبقتين هما من الركائز الأساسيّة لحياة الكوكب الأرضي والعوامل الجيولوجيّة السطحيّة أيضاً.

 

في اطار المقارنة بين الأرض والأنسان، نشبّه هاتين الطبقتين بأعضاء الإنسان الداخليّة وباقي مكوّناته الجسديّة. فهي بغالبيتها مؤلفة من السوائل وهي بمثابة المحرّك للجسد المادي. انما هنا تجدر الإشارة الى ان التفاعلات في باطن الأرض كما وظيفة الأعضاء الداخلية للأنسان، لا يمكن اعتبارها مصدراً للحياة، لا في الأرض ولا في الإنسان. فكما للإنسان اجهزة وعي او اجسام باطنية مرتبطة بالروح – الشعاع المحيي المتمدد من المصدر، كذلك للأرض ابعاد لا مادية تمدها بطاقة الحياة من قلب الشمس، عبر الذبذبات المختلفة التي تملأ ما يعرف بفراغات الكون.

 

كتاب الإيزوتييك "اعرف قلبك" يشرح بالتفصيل كيف يستمد القلب البشري (ومركز الطاقة – شاكرا القلب على مساواته) طاقة الحياة والإستمرارية عبر اتصاله بقلب الوجود او الشمس الحقيقية. هكذا ايضاً تستمد الأرض طاقتها الداخلية ايضاً من الشمس و تحديداً من عين الشمس.

 

قشرة الأرض الخارجيّة الرقيقة والتي تحوي معظم الميزات والخصائص الجيولوجيّة (CRUST & HYDROSPHERE) تشبه جلد الإنسان اي قشرته الخارجية. إن الطاقة الناتجة عن الحركة الداخليّة لمكوّنات الأرض وما تسببه من إشعاعات حراريّة تمر عبر الدثار والقشرة الخارجيّة. فهذه الحركة الداخلية هي التي تسبب حركة الصفائح التكتونية (TECTONIC PLATES ) اي الأجزاء المتحركة من القشرة الأرضية. حركة هذه الصفائح هي ما يؤدي إلى التغيير والتجديد في القشرة الأرضيّة. هذه الطبقة الأخيرة (قشرة الأرض) كما الجلد البشري، مادة حيّة عرضة للتغيّر مع الوقت. وتقوم بالحفاظ عليها والاهتمام بها المخلوقات الأثيريّة غير المرئية في الطبيعة “ELEMENTALS”.

 

ما تقدّم هو مقارنة بين الأرض والإنسان من الناحية الماديّة الكثيفة. أمّا ما يلي فهو بحث في الغلاف الجوي والحقل المغنطيسي للأرض بالإضافة إلى الأبعاد اللامنظورة واللامحسوسة، أي مكوّنات باطن الأرض.

 

الغلاف الجوي للأرض

 

يعتبر العلماء أن الغلاف الجوّي للأرض (ATMOSPHERE ) جزء من القشرة الأرضيّة لأن دراسة كل منهما على حدة سيكون أكثر تعقيداً ممّا لو اعتبرا جزءاً واحداً وذلك لتداخل وارتباط التفاعلات بين هذين الجزئين. يتكوّن هذا الغلاف الجوي كما يخبرنا العلم من طبقات خمس قسّمت نسبةً إلى حرارة كلٍ منها بالإضافة إلى تكوينها الكيميائي.

 

تعرف الطبقة الأولى بالـ TROPOSPHERE، كلمة مركبة من أصل يوناني: TROPO أي ذات حركة دائريّة و SPHAIRA أي كرة. وكما يدلّ إسم هذه الطبقة فإن الهواء ينتقل فيها بشكل دائري من الأسفل إلى الأعلى وذلك بسبب انخفاض الحرارة مع الارتفاع وبالتالي هبوط الهواء البارد نحو القشرة الأرضيّة حيث يسخن ويرتفع من جديد. في هذه الطبقة تتكوّن معظم العوامل المناخيّة. تمتد هذه الطبقة حتى ارتفاع 17 كلم من القشرة الأرضية.

 

الطبقة الثانية هي STRATOSPHERE من الكلمة اللاتينيّة STRATUS أي مشدود. سُمّيت هذه الطبقة نسبةً إلى تحرّكات الهواء الأفقيّة داخلها. تمتاز هذه الطبقة بارتفاع الحرارة كلما ارتفعنا في طبقاتها صعوداً حتى الخمسين كلم عن سطح الأرض. الطبقة الثالثة هي MESOSPHERE والكلمة MESOS تعني وسطيّة. في هذه الطبقة تنخفض الحرارة بسرعة مع الارتفاع وصولاً إلى نهاية هذه الطبقة على ارتفاع 85 كلم عن الأرض.

 

طبقة THERMOSPHERE هي الطبقة الرابعة حيث تبلغ الحرارة على ارتفاع 400 كلم من الأرض الألف درجة مئوية. تنخفض الحرارة مجدداً في الطبقة الخامسة والأخيرة المعروفة باسم EXOSPHERE. تخف كثافة هذه الطبقة إلى حدّ ملحوظ وبالتالي لا يعود للحرارة أي وجود.

 

طبقات الغلاف الجوي هذه تكوّن أحد عناصر الطبيعة الأربعة وأوّلها الهواء. فهذا يحوي إضافة إلى ما يحويه، عنصر الطاقة الكونيّة، طاقة الحياة (PRANA). مصدر هذه الطاقة هو طبقات أرقى وأسمى من طبقة الهواء. وما طبقات الهواء والغلاف الجوي سوى محطات تخفيف وتلطيف لهذه الطاقة وطبيعة الهواء نفسه، كي تتناسب وطبيعة تكوين الإنسان الحاليّة. فالغلاف الجوي اشبه بالرحم إذ يؤمّن الظروف المناسبة للحياة في احدى مراحل تطورها. فإذا كان التطوّر هو المعيار والمقياس، فإن تطوّر الإنسان مستقبلاً هو ما سيفرض التغيير في الطبيعة وليس العكس كما يعتقد العلم المعاصر.

 

الحقل المغنطيسي للأرض والأبعاد اللامنظورة واللامحسوسة

 

النقطة الأخيرة في بحثنا هذا هي الحقل المغنطيسي للأرض الناتج عن عوامل عدّة، منها جوفية ومنها خارجية. يلعب الحقل المغنطيسي دوراً مهماً في تحديد طبيعة الأرض، مناخها، وبالتالي وجود الحياة عليها وتطورها، إذ يُعتبر الحقل المغنطيسي الدرع الواقي للأرض من الغازات المؤينة (GASES IONIZED) التي تكوّن الرياح الشمسيّة (SOLAR WIND). لم يُثبّت هذا الحقل علمياً إلاّ عام 1957.

 

هذا الحقل المغنطيسي للأرض هو نتيجة لحركة السائل الذي يكوّن اللب الخارجي لجوف الأرض من جراء ما يُعرف بتيارات الحَمْل او تيارات التصعّد CONVECTION CURRENTS اي التيارات الناتجة عن التفاعل الحراري داخل السوائل.

 

من ميزات هذا الحقل ذي القطبين أنه يبدّل قطبيّته (POLARITY) دون أيّة قاعدة معروفة حتى الآن. أي القطب الشمالي يصبح القطب المغنطيسي الجنوبي والعكس صحيح. عبر التاريخ، تبديل القطبيّة كان يتراوح بين عشرات الآلاف من السنين وملايين السنين. خلال هذا التبديل تضعف قوة الحقل ذي القطبين حتى تنعدم، لتعود بعدها إلى طبيعتها إنما بأقطاب معكوسة.

 

في فترة ضعف الحقل ذي القطبين وغيابه، يقترب الهواء الشمسي من الأرض وتصل جزئيات الإشعاعات الكونية (COSMIC RAYS) إلى سطحها، ممّا يؤثر مباشرةً على التركيبة الجينيّة للنبات والحيوان عليها وبالتالي يؤثر على امكانية انقراض فئة من المخلوقات وظهور مخلوقات أخرى. باختصار شديد، هذا دور الحقل المغنطيسي للأرض، أسباب وجوده ونتائج غيابه كما يراه العلم، مع التنويه إلى الغموض الكبير الذي ما زال يحيط بأبعاد هذا الموضوع من الناحية العلمية طبعاً.

 

إذا ما أجرينا مقارنة بين هذا الحقل والهالة الأثيريّة حول الإنسان، نراه مشابهاً لها من حيث الدور الوقائي الذي يقوم به كلّ منهما. ترى لماذا هذا التفاوت في توقيت تبديل القطبية المغناطيسية؟ وهل يصح القول ان هذا التبديل لا يتبع اية قاعدة؟

 

ثقب الأوزون

 

موضوع شبيه هزّ الأوساط العلميّة والتكنولوجيّة مؤخراً، وهو طبقة الأوزون وتعرضها لثقوب، وتسارع المجتمعات العلميّة إلى استدراك الأسباب المؤديّة إلى تلك الثقوب محاولة منها مساعدة الطبيعة والنظام وذلك بعدم التسبّب بالتأثير السلبي على البيئة. هذه الخطوة الإيجابيّة جيدة ومهمّة لما تنطوي عليه من حسّ مسؤول تجاه البيئة والطبيعة، لكنها وسيلة ارضية ماديّة بحت، تفتقر الى الحسّ الباطني والمنطق السامي للأمور.

 

تكشف علوم الأيزوتيريك (www.esoteric-lebanon.org) ان حقيقة ثقب الأوزون وحقيقة التقلّبات عبر عمر الأرض لقطبي الحقل المغنطيسي، ووصول الإشعاعات الكونيّة إلى الأرض هو من خيرات النظام والطبيعة نحو التطور المنشود.

 

ألا يسعنا اعتبار هذه الأحداث محطات وعي كبيرة في عمر الإنسانية والمخلوقات تستوجب تغيير معيّن، أكان ذلك على الصعيد المادي أم على صعيد الطاقة اللامنظورة التي تُبث إلينا من هذه الكوى السماويّة؟ فليس مصادفة أن يتزامن ثقب الأوزون مع اقتراب موعد دخول عصر جديد يعرف بعصر الدلو في لغة الفلكيين، او عصر النور والمعرفة كما يعرّفه الايزوتيريك. هذا ومدّة تبديل قطبيّة الحقل المغنطيسي للأرض التي تتراوح بين أربعين ألف سنة وملايين السنين ليست عشوائية، بل نتيجة عصور من التطوّر ومستويات وعي مختلفة بلغها الإنسان وباقي المخلوقات المنظورة واللامنظورة التي تحتشد على الأرض وتقطن مساحات المياه وحقول الهواء بكثافة تفوق بكثير أعداد البشر. على مرّ العصور، يبلغ الإنسان والكائنات مستويات من التطور تستوجب تغييراً معيناً، تجسد الآلية السابقة (اي ثقب الأوزون او تبديل القطبية) تنفيذ القسم الظاهري منه فقط.

 

امّا الناحية اللامنظورة والباطنية للأرض فهي تماماً على مثال الأجسام الباطنيّة ومراكزها في الإنسان. فالغلاف الجوي والحقل المغنطيسي لا يشكّلان إلاّ أولى طبقات الجسم الأثيري للأرض. اما باقي الأبعاد فلها مراكز باطنيّة على غرار الشاكرات عند الإنسان وتعرف بالتاتوات، جمع تاتوا. أمّا إدراك كنه هذه الطبقات ومكنوناتها، فلن يتمّ إلاّ عن طريق معرفة الإنسان لنفسه ومكوناته الباطنيّة أولاً. هكذا، على مثال المقارنة الماديّة التي قمنا بها في هذا البحث يدرك الإنسان بنفسه ماهية باقي الطبقات ودورها.

 

التماثل والتشابه بين الأنظمة التي أوجدها الخالق

 

خلاصة بحثنا هذا تتمحور حول نقطتين مكملتين لبعضهما البعض. الأولى هي التأكيد على قاعدة التماهي اوالتماثل والتشابه بين كل نظام من جهة ومكوناته ومخلوقاته من جهة أخرى، وذلك على الصعيد المادي واللامادي، وكل ذلك في خدمة هدف واحد ألا وهو التطور ولو اختلفت مظاهره ومستويات تفعيله في أبعاد الوجود المختلفة.

 

ما من شيء أو كائن أو مخلوق في نظامنا إلاّ ويحمل في تكوينه "سمة النظام" الذي اوجده، نظام الخلق الذي تمّ بإرادة الخالق وبفعل محبته. فالمادة تتطور وتتحول كما الإنسان يرتقي وعياً وحكمة، وكل في مسار منفصل من حيث نقطة الانطلاق وهدف الوصول إنما مشابه من حيث المراحل والمحطات، ومتصل من حيث التأثير المتبادل.

 

أما النقطة الثانية والاهم، فهي ان قاعدة التماثل او التماهي والتشابه هذه هي ما تمكّن عقل الإنسان من إدراك الأسرار الكبرى للخلق وأهمية دوره في هذا النظام الكوني وارتباط الأنظمة بعضها ببعض من الذرّة إلى الكون، كما شاءها الخالق أن تكون، ليدرك الإنسان ولو ذرة واحدة من حكمة خالقه، من خلالها ومن خلال معرفة ذاته في أحضانها.

 

هذا التماثل والتشابه يذكّر كل من ضلّ طريقه، كل من تاه وشرد في بحثه خارج كيانه، يذكّره بتركيبة كيانه الأقرب إليه للبحث فيها. فالطريق القدري للإنسان لسبر أغوار الفضاء والكون هي من الداخل – طريق لامادية. درب التطور تبدأ من الخارج (المادة) إلى الداخل (الباطن) ومن الداخل إلى أبعاد نظامنا الشمسي ثم إلى خارجه عبر نواته ومركزه. أما الانطلاق من الخارج إلى الخارج أي من عالم المادة إلى الفضاء الفسيح فهو كمن يدير ظهره للنور ويسير بالاتجاه المعاكس في غياهب الكون بعيداً عن جذوره (الإنسان) ومصدر وجوده، مما يعرضه للضياع والتشتت.

 

هنا يكمن الفارق بين باطن المعرفة وظاهر العلم. سؤال طرح في كتاب "الإيزوتيريك علم المعرفة ومعرفة العلم" بقلم ج.ب.م: هل نستطيع فهم نفوسنا قبل فهم الكون، ام ان فهم الكون يجب ان يسبق معرفة النفس؟ مسار علم الوعي – الإيزوتيريك هو التقدم على المسارين في الوقت نفسه، شرط الأنطلاق من الداخل الى الخارج... أي كلما تقدم الإنسان خطوة واحدة على درب معرفة نفسه، انطلق خطوات في معرفة العالم من حوله...

 

نختم بالقول أن هذا البحث إضافةً إلى ما يظهره من معلومات علميّة وباطنيّة، يرسم طريق ويكشف زاوية أخرى من الحقيقة التي ينطوي عليها قول الامام علي عليه السلام والذي ما برحنا نردّده: "أوتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر!" وقول المسيح "ملكوت الله فيكم..."، والاعجاز في القرآن الكريم: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم أنه الحق، أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" (سورة فصلت الآية 53).

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×