الميزان 0 Report post Posted February 28, 2011 عن علي بن عبد الله بن عباس قال: لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية فهل هده هي العلامه؟؟؟ وهل سيكون انفجار يلوستون كما عبر اخي عالم بأشراط الساعه له علاقه بالعلامه اليكم الخبر عندما تبدأ الشمس في الرحيل عن نهار أحد الأيام في نهاية شهر سبتمبر عام 2012، ستكون البشرية جمعاء على موعد مع حدث تاريخي لم يسبق له أن حدث منذ فترات زمنية متباعدة، ومن المنتظر له أن يلقي بظلاله على المستويات كافة وسيعمل بشكل كبير على تبديل الكثير من الأمور رأسا على عقب بصورة قد تبدو مذهلة لكثيرين. وسيكون سكان العاصمة البريطانية، لندن، تحديدا في مقتبل هذه الليلة التي ستكتظ فيها السماء المعتمة آنذاك بوهج ناري لم يسبق له مثيل على موعد مع كارثة حقيقية تهدد بعودة سكان الكوكب إلى عصر القرون الوسطى نتيجة للعواقب الوخيمة التي ستترتب على تلك الكارثة، والتي ستتجسد في صورة عاصفة شمسية مدمرة للغاية! وفي الوقت الذي قد يدهش فيه بعضهم من فرط نبرة التشاؤم التي تسيطر على التحذيرات السابقة، إلا أنها وبكل أسف حقيقة مريرة أزاح النقاب عن كامل تفاصيلها تقرير بحثي حديث أجراه فريق من العلماء في الولايات المتحدة، ونبه إلى أن هذا اليوم المزعوم سوف يشهد مجموعة من الظواهر الكونية والبيئية الغريبة، من بينها انتشار أعمدة لتموج أخضر وهاج يشبه الأفاعي السامة العملاقة في السماء ! كما ستلوح في الأفق تموجات برتقالية متلاحقة خلال العرض الأبرز للشفق القطبي أو الأنوار القطبية التي تشاهد في منتصف الشمالي من الكرة الأرضية، والتي تعرف بشفق بورياليس (Aurora Borealis ) في جنوب إنكلترا منذ 153 عاما. وكشف التقرير الذي نُشر في العدد الأخير في مجلة «نيو ساينتيست» الأسبوعية المتخصصة في العلوم والتكنولوجيا، عن أنه وبعد مرور 90 ثانية، سوف تبدأ الأضواء في الزوال. لكنها ليست الأضواء الموجودة في السماء لأنها ستظل متلألئة حتى فجر اليوم التالي، لكن الأضواء التي ستخفت هى الأضواء الموجودة على الأرض. وفي غضون ساعة واحدة فقط، سوف تغيب الطاقة الكهربية عن أجزاء كبرى من بريطانيا. وقبل منتصف الليل، سوف تصاب كل شبكات الهواتف المحمولة بأعطال، كما ستصاب شبكة الإنترنت بالشلل التام. وستشوش المحطات التلفزيونية، سواء كانت أرضية أو فضائية. كما ستصاب المحطات الإذاعية بحال من السكون. وقبل حلول ظهر اليوم التالي، سوف يتضح أن أمرا جليا قد حصل وأن العالم المتحضر قد انساق إلى حالة من الفوضى والارتباك. وبحسب ما ورد في التقرير، فإن بريطانيا وجزءا كبيرا من أوروبا، إضافة إلى أميركا الشمالية سوف تقع جميعها بعد مرور عام واحد فقط في قبضة أشد كارثة اقتصادية في التاريخ. وقبل نهاية عام 2013، سوف يموت 100 ألف شخص من قاطني القارة العجوز بسبب المجاعات. ولن يتم دفن الموتى، ولن تتم معالجة المرضى، وستصاب صنابير المياه بحالة من الجفاف. كما شدد التقرير على أن أول معالم الرخاء والانتعاش سوف تبدأ في الظهور في غضون عقدين أو ما يزيد وهى أول حالة انتعاش لأول عاصفة شمسية عملاقة تحدث في التاريخ الحديث. وأشارت الدراسة البحثية أيضا إلى أن مثل هذه الظاهرة المخيفة سبق لها وأن حدثت من قبل، ليست منذ مدة بعيدة، لكنها من الممكن أن تحدث كل 11 عاما. وأوضحت أن العواصف الشمسية لا تتسبب عادة في إثارة قلق الأشخاص. كما أنها تحدث نتيجة لقيام أسراب من الجسيمات شبه الفرعية المشحونة كهربيا من الشمس بقرع الأرض وما يحيط بها بصورة دورية منتظمة، الأمر الذي يتسبب في إثارة المخاوف الصحية لدى رواد الفضاء وأصحاب الأقمار الاصطناعية، نتيجة لتزايد احتمالات تعرض قطعهم الإلكترونية الدقيقة للاحتراق. وكانت آخر مرة وحصلت فيها تلك الظاهرة هي تلك التي حصلت في الأول من سبتمبر عام 1859. وفي هذا اليوم تحديدا ، كان يقوم ريتشارد كارينغتون أحد أبرز رواد الفضاء البريطانيين برصد ومراقبة الشمس. وباستخدامه لمرشح، تمكن ريتشارد من دراسة سطح الشمس عبر جهاز التليسكوب الخاص به، ووقتها شاهد أمرا غريبا، هو ظهور وميض ضوئي براق من سطح الشمس يقوم بالانفصال عنها. وبعد مرور 48 ساعة من رصده لهذا الأمر، بدأت تأثيرات هذا الوميض في الظهور بصورة استثنائية وغير اعتيادية. من جانبه، قال دانيل بيكر، أحد خبراء الطقس الفضائي في جامعة كولورادو الأميركية، والذي قام بإعداد التقرير لأكاديمية العلوم الوطنية الأميركية الشهر الماضي: «عام بعد الآخر، تصبح تكنولوجيتنا البشرية أكثر عرضة للمخاطر». كما نوه التقرير إلى أن تكرار حدوث الظاهرة التي رصدها كارينغتون عام 1859 اليوم، سوف يكون لها عواقب أكثر خطورة من مجرد احتراق بعض أسلاك البرق. وتحدث تلك المشكلة نتيجة اعتمادنا على الكهرباء، وكذلك الطريقة التي تولد وتنقل بها تلك الطاقة الكهربية. وبعد مرور يومين على وقوع العاصفة الشمسية العملاقة، ستجف صنابير المياه. وفي غضون أسبوع واحد، سوف نفقد كل ما بحوزتنا من حرارة وضوء نتيجة لنفاد المخزون، وسوف تنفد جميع البضائع من الأسواق والمحال التجارية وكذلك منافذ التوزيع وهو ما سيؤدي إلى انهيار المجتمعات التي نعيش بها. فلن تكون هناك هواتف، ولا أدوية، ولا صناعة، ولا زراعة، ولا غذاء. كما ستنهار نظم الاتصال العالمية والسفر كما ثبت أن بإمكان تلك العاصفة الشمسية العملاقة أن تدمر شبكة الأقمار الاصطناعية التي تعمل بتقنية الـ GPS التي تعتمد عليها جميع خطوط الطيران. وفي النهاية، أوضح التقرير أن الظاهرة قد لا تحدث في عام 2012- لكنها قد تحدث في عام 2023، هذا العام الذي سيوافق أقصى قدر تالي من الطاقة الشمسية. لكن عاجلا أم آجلا، سوف يكون تكرار سيناريو ظاهرة كارينغتون أمرا لا مفر منه.[/color] Share this post Link to post Share on other sites
أبو حسن القطيفي 0 Report post Posted March 2, 2011 بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد و آل محمد السلام عليكم و رحمة الله أخي الكريم أرفق لك كتاب رائع جداً وفيه فائدة جمة وهو كتاب من المفترض أن يقرأه كل مسلم ففيه ينقل المرء من وعي إلى وعي آخر . إن مؤلف الكتاب المفكر المرحوم عالم سبيط النيلي كتبه على أسس و مبادئ جديدة في التدبر في القرآن و السنة ونهج جديد يدعى المنهج القصدي ولهذا عد هذا الكتاب من أفضل الكتب التي كتبت في المهدي و العلامات المرافقة له ، ولكن هذا الكتاب يتميز بمزايا عن غيره من باقي المؤلفات المتخصصة في المهدي المنتظر وهو دراسته المتعمقة وفق القرآن و السنة عن فهم النصوص وفق المنهج القصدي بل وأختص هذا الكتاب بالبحث عن العلامات الكونية فقط . أدعكم مع الكتاب وأتمنى للجميع الفائدة . _________________________.doc Share this post Link to post Share on other sites
الميزان 0 Report post Posted March 3, 2011 شكرا وارجوا ان تلخص لنا ماورد به عن علاقة ظهورالمهدي بالكوارث الكونيه او تعطينا الزبده منه لانني بحثت عن فهرس له ولم اجد له وشكرا على مرورك الكريم ........ Share this post Link to post Share on other sites
أبو حسن القطيفي 0 Report post Posted March 5, 2011 بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد و آل محمد السلام عليكم و رحمة الله أخي الكريم الأخوة و ألأخوات الأفاضل لكم الجزء المرتبط بموضوعنا في كتاب الطور المهدوي وأرجو أن تعم الفائدة : 2. العلامات الكونية العلامات الكونية هي تغيرات حتمية في النظام الطبيعي تحُيله إلى وضع آخر لأستقبال الطور المهدوي، تتغيرّ فيه زاوية الميل الأرضي وسرعة الدوران المحوري وموقع الأرض بحيث يؤدي إلى تغيّر مناخي مختلف تماماً عن الوضع السابق. إذا درسنا النصوص النبوية وغيرها نلاحظ ان الوضع الجديد هُوَ وضع مؤهل تماماً لظهور جّنة فعلية فمثل هذا التغير يقضي على التصحّر والتباين الحراري وتتغير فيه الأنهار كمّا وعدداً واتجاهاً ويحتمل جداً ان تموت خلال ذلك جميع أنواع البكتريا الضارّة والكائنات الأخرى المسّببة لمشاكل، في حين تتغير طبيعة كائنات أخرى بصورة جذرية. هذا بعض ما نراه عند دراسة النصوص بطريقتنا. وتفاصيلة مدهشة في حسن تنظيمها ووضوحها فلنبدأ بالعلامات الكونية اولا: عند فرز العلامات السماوية عن غيرها نجد اثنتي عشرة علامة ذكرت بصور مختلفة ومتفرقة في الأحاديث. وهذه العلامات هي: أ. نار من جهة المشرق تستمر من ثلاثة إلى سبعة أيام ترتفع إلى عنان السماء تتخللها خطوط فضية لامعة. ب. كسوف الشمس في أول الشهر العربي، خلافاً للعادة. "لأن الكسوف لا يحصل الاّ إذا كان القمر في الجهة الأخرى أي الأرض بينه وبين الشمس، وفي آخر الشهر يحصل هذا الوضع فقط. ج. طول شديد للأيام والليالي بألفاظ وقياسات مختلفة – (سنلاحظ ان جعلها مختلفة أمر مقصود لأنها متغيرة بالفعل). د. قصرٌ شديد في الأيام والليالي. (عكس الظاهرة السابقة). ه. صوت شديد أو هدّة، يحسب كل قوم انها وقعت في ناحيتهم ويحتمل وقوعها في وسط الشهر. و. خسوف تام للقمر في آخر الشهر العربي. (خلافاً للطبيعي) وهُوَ عكس العلامة (ب) من ناحية وضع المجموعة. ز. ركود الشمس من وقت الظهر إلى العصر. (توقفها عن الحركة). ح. طلوع الشمس من المغرب. ط. مجيء الكوكب المذّنب العظيم المضيء من جهة المشرق والذي يلتوي طرفاه حتى يكادا ان يلتقيا. ويسمى أحيانا (النجم ذو الذنب). ي. استدارة النجوم. وفي تعابير أخرى (استدارة الفلك) أو (استدارة القمر). ك. سقوط الحساب بالسنين وبدء الحساب بالشهور. ل. ريح صفراء تدوم ثلاثة أيام يصبح الليل فيها كالنهار من الصفرة. 3. السبب في اختيارنا للعلامات الكونية بدأنا بالحديث على العلامات الكونية السماوية أجلنا الحديث على غيرها كالخسف والزلازل والعلامات الاجتماعية لأننا نحاول جمع العلامات السماوية فقط للعثور على الرباط المشترك بينها والعلة العلمية وراءها وتفسيرها وحينما فعلنا ذلك لم نجد الاّ هذهِ العلامات المرتبطة مع بعضها البعض. نعم هناك (القذف) بالحجارة يمكن إدخاله في علامات السماء. سوف نتكلم الآن عن كل واحدة من تلك العلامات قليلاً لتتكون لديكم فكرة عامة عنها وتتمكنوا من حفظها لأنها مرتبطة بمصيركم فيمكن من خلال ذلك تسهيل فرضية حدوثها. أن الأحاديث التي اعتمدناها، هي من جميع المروريات بلا تفريق مذهبي، اولاً لأن ذلك هُوَ الملائم لمنهجنا الذي يحاكم الرواية بالقرآن ولا علاقة له بالرجال كما مرّ عليك في كتاب (النظام) وثانياً لأننا فكرنا بالانحراف الذي حصل إذ يحتمل انه فعل فعلهُ في تجزأة العلامات وخلطها والتمويه عليها بقصد أو غيره فدراسة الجميع إذن ضرورة لابّد منها. لقد تحققت لنا النتيجتان معاً: عرفنا عددَها وتسلسل حدوثها وقانونها العلمي من جهة. وعرفنا من جهة أخرى أين أخفوا الحقائق واين موهّوا وأين كتموا وكيف. فالأول لكم والآخر نحتفظ به لأنفسنا. 4. إشكالات الباحثين في طبيعة العلامات والتفسير الموحّد لها نلاحظ أولاً اشكالات الباحثين في طبيعة العلامات الكونية فقد حصلت عندهم التباسات كثيرة بشأنها: أ. نار المشرق: اختلطت هذه العلامة مع (حمرة المشرق) من جهة ومع انواع أخرى من النيران من جهة أخرى. ففي النصوص النبوية خاصة هناك "نار من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر". وهناك "نار من ارض الحجاز تضيء لها اعناق الأبل ببصرى" وعن علي (ع) "نار غربي الأرض تشبّ بالحطب الجزل". وهذهِ النيران مختلفة جداً ولها ازمانها المحددة خلال المهدوية أو قبلها أو قبل القيامة. وبصفة عامة فالنار إحدى عناصر الطور المهدوي ونوعاً اساسياً من انواع عذابه كما سيأتيك مفصلاً وهي تختلف عن نار جهنم ومن هنا حدث الخلط الكبير بين تلك الأنواع. والذي يهمنا هنا هُوَ العلامة الكونية السابقة على الظهور وهي تحديداً (نار المشرق) التي تظهر في السماء تحت عبارة (عمود من نار). وقد أعطى المهدي (ع) نفسه صفات إضافية لهذهِ النار خصوصاً لأجل تمييزها عن غيرها وذلك في نص ذكره ابن مهزيار، الرجل الصالح المعروف رواه صاحب الإكمال تقطع منه الجزء الذي يخصنا هنا في البحث: قال:" قاتلهم الله اني يؤفكون كأني بالقوم قد قتلوا في ديارهم واخذهم أمرُ ربهم ليلاً ونهاراً. فقلت متى يكون ذلك يا أبن رسول الله (ص) قال: إذا حيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لاخلاق لهم والله ورسوله منهم براء وظهرت الحمرة في السماء فيها اعمدة كأعمدة اللجين يتلألأ نوراً". نقل عن البشارة/ ب13 ج 3. وهذا النص هام جداً لأنه الوحيد الذي يضيف صفات للنار يمكن التيقن من انها نار المذنب الموعود تحديداً كما سترى. وكانت نصوص أخرى قد ذكرت هذه العلامة منها: عن ابن معدان قال: "ستبدو آية عمود من نار تطلع من قبل المشرق يراها أهل الأرض فمن أدرك ذلك فليعد طعام سنة". الملاحم والفتن/ ب 68. ومنها "إذا رأيتم علامة في السماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي فعندها فرج الناس وهي قدامّ القائم بقليل".ذكره النعماني عند جعفر الصادق (ع). البشارة/ 159. ب. انكساف الشمس في أول الشهر العربي خلافاً للعادة: ذكر هذه العلامة الإمام الصادق مؤكداً على وقوعها خلافاً للنظام الطبيعي إذ إعترض احدهم على ترتيب الوقوع فقال له مجيباً: "أني لاعلم ما تقول ولكنهما آتيان لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض". حيث ذكرت مقترنة بخسوف القمر خلافاً للعادة. ولولا هذا التأكيد على المخالفة لاهملت لأنها مخالفة للمعهود من الكسوف والخسوف. وسبب ذلك: أن كسوف الشمس يحدث عادة حينما يكون القمر بين الشمس والأرض وبسبب الانحراف في مدار القمر عن مستوى الخط إلى الشمس والعمودي على الأرض فان الكسوف يستحيل وقوعه في أول الشهر العربي كما تلاحظ ذلك في الرسم: فالرسم يبين أن احتمالات الكسوف هي في آخر الشهر العربي. ومن الرسم كذلك تعلم ان خسوف القمر لا يحدث الا حينما تكون الأرض بينه وبين الشمس. وهذا يعني ان الخسوف يقع في النصف الأول من الشهر فقط مع ملاحظة اتجاه حركة القمر في المدار. أن نص الحديث يقلب المعادلة فيجعل الكسوف في أول الشهر والخسوف في آخره. ج. انخساف القمر في آخر الشهر: وهي العلامة المرتبطة بكسوف الشمس كما رأيت وكلاهما خلافاً للطبيعي ان هذا التبادل في مواقع الكسوف والخسوف يحتاج بطبيعة الحال إلى تفسير مختلف. لقد افترضنا ان جسماً (رابعاً) غير الثلاثة يدخل المجموعة فيقلب هذهِ الموازين. والواقع ان هذا الفرض ليس مجرد احتمال لحدوث هذهِ الظاهرة. بل هُوَ الفرض الوحيد الممكن علمياً وعملياً بحسب ما نعرفه عن النظام الفلكي. وقد اعطى هذهِ الفرض اعطى لنا تفسيراً موحداً لجميع ما يقع من علامات متتابعة وهي العلامات الكونية. كما أنه جاء ليؤكد لنا دقة النظام القرآني فان هذهِ العلامات قد جاءت في القرآن مرافقة لخصائص النجم الموعود كما سيأتيك في موضعه. نص الحديث: عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) قال: "آتيان قبل القائم لم تكونا منذ آدم كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان وخسوف القمر في آخره. قال: قلتُ: يا أبن رسول الله تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف. فقال أبو جعفر عليه السلام: أنا أعلم بما قلت أنهما آتيان لم تكونا منذ هبط آدم". المفيد في الإرشاد/ نقل عن البشارة/ ب6. لقد ورد هذا النص في الكتب المعتبرة للقوم في الكافي وفي غيبة النعماني ونص الإرشاد المذكور وايدهّ نص للقوم الآخرين ذكره ابن حماد عن شريك قال: "بلغني انه تنكسف الشمس قبل خروج المهدي في شهر رمضان مرتين". وهذا النص لم يذكر خسوف القمر ولكنه ذكر كسوفين للشمس فهل اخطأ السامع فحسب الكسوف القمري كسوفاً للشمس؟ كلاّ. أن هذا النص يتحدث عن كسوفين جزئيين للشمس يقعان أول الشهر العربي غير الكسوف الكلي المشار اليه في حديث الباقر. لأن الواضح ان الجسم الرابع إذا مرّ في المجموعة بمسار ما محدثاً كسوفاً كلياً للشمس وسط الشهر فمن المؤكد حدوث أكثر من كسوف جزئي قبل ذلك. ولكن هذهِ الكسوفات الجزئية هي الأخرى ظاهرة غريبة لأنها تحدث في أول الشهر القمري وهذا بالطبع مخالف لجداول الكسوفات المثبتة عند علماء الفلك والمحسوبة بدقة متناهية لعشرات السنوات المقبلة. أشار الباقر (ع) في نص آخر إلى هذا المعنى بوضوح تام أي إلى سقوط حسابات الفلكيين: "عن داود اخ الكميت عن الباقر (ع) قال: بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس بقين والشمس لخمسة عشرة وذلك في شهر رمضان وعنده يسقط حساب المنجمين". البشارة/ ب/6. إن هذه العبارات مثل "لم تكونا منذ هبط آدم" و "عندها يسقط حساب المنجمين" تؤكد لنا ان هذهِ الظواهر ظواهر طارئة على النظام الفلكي. فالنظام وحسب قوانين كبلر لا يتغير الاّ بمؤثر خارجي. وعندئذٍ يعيد توازنه بعد زوال المؤثر. إن إعادة التوازن هي جوهر ما تنطوي عليه العلامات الكونية فان الوضع الجديد للنظام وضع مختلف جذرياً ومخطط له ليستقبل الطور المهدوي وفيه خصائص لا عهد لنا بها كما سيأتيك تفصيل ذلك وإذن فالمذنّب هُوَ الجرم الخارجي الذي يقلب النظام الطبيعي والمحسوب مساره حساباً دقيقاً تخضع له اعناق أعداء الله وتمر عليهم منه ليلة مرعبة لكنها ستكون سلاماً حتى مطلع فجرها الجديد. لنسأل إذن هذهِ الاسئلة: اولاً: الجرم الخارجي الذي يفعل ذلك لأبد ان يكون كبير الحجم وعليه فلا يمكن اغفاله في المأثور فهل هناك نص يؤكد مجيء هذا الجرم مقترناً بالعلامات. الجواب: نعم. أنه الكوكب المذنب المذكور في الفقرة (9) وقد ذكر في نصوص كثيرة جداً يأتيك بعضها, ثانياً: إذا كانت هذهِ الحوادث مترابطة مع هذا الجرم فلابد أنها تحدث بصورة متتابعة بل وحتمية في تسلسلها فهل هناك ما يؤكد ذلك؟ الجواب: نعم. فقد أكدت النصوص على ترابطها العلي وتتابعها بل جاءت النصوص النبوية بلفظ (نظام) للإشارة إلى ترابطها وهُوَ لفظ لم يُستعمل الاّ في العصر الحديث كما في النص الآتي: فبعد ان ذكر الإمام الحسين (ع) علامات للطور المهدوي قال: ابن الصلت (السائل): جعلت فداك اخاف ان يطول ذلك فقال "إنما هُوَ نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً" البشارة/ 33 و 86 الباب الخامس. كما ظهر نص آخر يفيد هذا التتابع: "الآيات كخرزات منظومات في سلك فانقطع السلك يتبع بعضها بعضها". عقد الدُر نقلناه عن الملاحم/ 102 ومنه ايضاً نص آخر عن الحسن (الظاهر انه الحسن البصري). قال: "توقعوا آيات متواليات من السماء منظومات كنظم الخرز وأول الآيات الصواعق ثم الريح الصفراء ثم ريح دائم وصوت من السماء..."الخ. الظاهر انه يرجع أوليات العلامات إلى ما يقع في الأرض والاّ فان أول شيء يظهر للأبصار حسب نص الإمام علي (ع) هُوَ المذنب ومن الواضح انه عند اقترابه يؤثر على المناخ والطبيعة تأثيراً بالغاً وتتحرك الرياح بشدة وسوف نلاحظ هذهِ الظواهر في السور القرآنية مرتبطة بالمذنب الموعّود. ثالثا: إذ كانت العلامات مرتبطة بالمذنب وحادثه عن دخوله المجموعة الشمسية فلابد ان يكون قريباً من الأرض بدرجة كافية لإحداث الكسوف والخسوف فيكون بُعدُه في هذا الحال مقاربٌ لبعد القمر فهل هناك نص يؤيد ذلك أو يشير إليه؟ الجواب: نعم. فقد ذكر نعيم بن حماد عن الوليد قال: بلغني انه قال: "يطلع نجم من قبل المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضيء لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر"(1) وعن كعب الأحبار "حُمرة تظهر في جوف السماء ونجم يطلع من المشرق يضيء كما يضيء القمر ليلة البدر ثم ينعقد".(2) رابعاً: إذ كان الفرض صحيحاً فلابد ان تكون رؤيته قبل رمضان بمدة كافية لكبر حجمه وقربه فهل هناك ما يؤيد ذلك؟ الجواب: نعم ففي نفس الباب (71) قال الوليد: "والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات انما نجم الآيات نجمٌ يتقلب في الآفاق في صفر أو في ربيعين أو في رجب". ومن الواضح ان هذهِ الشهور هي السابقة على شهر رمضان لا اللاحقة وعلى فرض انها اللاحقة فان عبارة (يتقلب) تعنيّ من الوجهين فأنه إذا رؤى من مدّه مقبلاً فأنه يرى مدّة مثلها مدبراً – وتقع الحوادث في وسط تلك المدّة وهو شهر رمضان. خامساً: هل هناك حديث يؤيد حدوث كسوف آخر أول الشهر غير الكسوف الذي في منتصف الشهر؟ الجواب: نعم وهي ما في الكافي عن أبي عبد الله "قال تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم عليه السلام".(3) سادساً: الا يوجد احتمال بحدوث خسوف للقمر أول الشهر؟ علمياَّ فأن هذا الاحتمال ضئيل جداً مع وجود المذنب – فلو لاحظت الرسم فانه يحتمل فقط في اليوم الأول أي عند رؤية الهلال وهو ابن ليلة أو ليلتين. والرسم وحدّه لا يكفي لتصور ذلك من غير تصور للمساقط الحقيقية بمسافاتها. في هذهِ المنطقة فقط يمكن للمذنب ان يحجب ضوء الشمس عن القمر وعندما يتحرك كل منهما باتجاهه يسقط ظله أسفل القمر ويزاح إلى مكان آخر من الفضاء. سابعاً: ألم يذكر ذلك في المرويات؟ الجواب: العجيب ان هذا الحدث قد ذكر ايضاً رغم انه لا يتحقق الاّ باحتمال ضئيل يوحي لك بأن حركة المذنب ومسافته وحجمه كلها محسوبة بدقة للقيام بعمل مخصوص هو تهيئة أجواء الأرض لطور المهدوية. ففي البرهان أخرج الدارقطني في سننه عن محمّد بن علي قال: "لمهّدينا آتيان لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه ولم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض".(4) ثامناً: على هذا لا يكون هناك تناقض في المرويات؟ الجواب: ليس ذلك فقط بل يؤيد بعضها بعضاً ويفسر بعضها بعضاً. وسوف ترى عند التكلم على ظاهرة طول الأيام وقصرها انّ ذلك لا يفّسر الاّ بطريق علمي – فقد ذكر أحد العلماء المعاصرين سقوط أحاديث الطول والقصر لتعارضها مع بعضها – وسوف نبرهن بإذن الله ان هذهِ الأحاديث لا تنطبق عليها قواعدهم الأصولية من (تعارض الخبرين) وأشباهه لأنها تحتاج إلى فهم علمي. وعلاوة على ذلك فحكم العلماء على هذا النحو معارض بكثير من النصوص التي أكد فيها الأئمة (ع) عدم رفض أخبارهم وما روي عنهم لمجرد أننا لا نفهم معناه أو نراه يتعارض مع قواعدنا والتي أكثرها أمور نسبية وقواعد مخطوئة من الأصل. تاسعاً: هل يفسر الكوكب المذنب جميع الظواهر المذكورة في العلامات السماوية وهل تكون هذهِ الفرضية صحيحة على جميع المستويات؟ الجواب: ان المذنب نفسه ليس فرضية لأنه مذكور في العلامات والفرضية إنما هي في كونه المسبب لهذا التحول الكوني والتكويني في الأرض وهذا ما سنقوم ببحثه الآن تحت هذهِ العناوين: 1- لماذا يحدث التحوّل الكوني؟ 2- أين ذكر المذنب؟ 3- التفسير الموحّد للظواهر الإحدى عشر الأخرى. 4ـ لماذا يَحدث التحوّل الكوني في النظام الطبيعي إن الإجابة على هذا السؤال هي كل ما انطوى عليه هذا الكتاب وكل ما سوف يأتيك من أبحاث ولكنا لتوضيح الصورة أمامك تذكر لك جملة من الأسباب اختصاراً على شكل فقرات: أ. إن التحوّل الكوني ضرورة "لإحياء الأرض بعد موتها" والذي هو صفة طور الاستخلاف والذي سوف نوضحه في مباحث قادمة؟ نربط فيه بين الإحياء وتغيير فلك الأرض. ب. أن أرزاق العباد وخيرات الأرض وبركات السماء مرتبطة علمياً بحركة الرياح وزاوية الميل الأرضي – فجميع ما يتصل بالحياة مرتبط في الواقع بحركة الأرض وموقعها وسوف نجد ان هذهِ القوانين هي علمية من جهة وقرآنية من جهة أخرى – فلا بد من أحداث تغيير في موقع الأرض وزاوية ميلها بما يلائم هذا الطور. ج. ان قانون الاستخلاف يحتم إحداث تغير جوهري في الطبيعة بحسب درجة الاستخلاف ومدته والطور المهدوي هو في الواقع الطور الذي لأجله خلقت السموات والأرض ولذلك فأن أعظم تغيير تاريخي لطبيعة الأرض سوف تكون في بداية هذا الطور. وقد لاحظنا ضرورة تغير النظام الطبيعي إلى (النظام الأحسن) باعتبارها الغاية الأولى من الخلق في مقدمة المنهج اللفظي. د. أن أحداث آيات مرعبة وعلامات مذهلة هو ضرورة لإفاقة الناس من سُباتهم ولهوَهم لاستقبال هذا الطور (فيحيى مَنْ حًييَّ عن بينّهٍ ويَهلك مَنْ هَلكَ عَن بينّةٍ) فهي بمثابة الإنذار الأخير للعالم. 5. الكوكب المذنب والعلامات المتتالية (كنظام الخرز) المرويات وتفسيرها: أ. في البرهان والمنتخب عن عبد الله بن عباس (رض) " لا يخرجُ المَهدّيُ حتى تطلَعُ مَعَ الشمس آيةٌ".(5) وعند ملاحظة النص بدقة وتذكر قوله تعالى " وَجعَلنا الشمس والقمرَ آيتين" – فان عبارة تطلع مع الشمس آية تدل بوضوح على دخول جرم آخر إلى النظام لما تنطوي عليه معّية الآية للشمس – فالشمس جاذبة وهي مركز النظام ولم يقل مع القمر لأن المفروض في الجرم الداخل ان يُحدَّث تغييراً في توزيع القوى في النظام الجذبي، فمعيتها تكون للشمس. قارن النص بنص آخر يذكر الآية مرتبطة بالقمر – بيد أنهّ لا يقول مع القمر بل (في القمر). عن الباقر (ع) "العام الذي فيه السُفياني قبلهَ الآية في رجب قال قلت ما هي قال وجه يطلع في القمر".(6) سوف نلاحظ قريباً: ان الوجه الآخر للقمر والذي لم نره قط الاّ بالصور والذي هو خلوٌ من السواد (أو البحار الجافة) هذا الوجه سوف نراه عند مجيء المذنب. لأن التأخير الحاصل في دوران القمر حول الأرض سوف لا يتناسب مع دورانه حول نفسه وبذلك ينكشف وجهه الآخر المضيء والجميل جداً للأرض وليس ببعيد ذلك التشبيه المستمر للإمام نفسه (ع) أنه "يسُيفر عن وجهه كالقمر ليلة البدر" – في خصائص متناغمة في المفردات بين الإمام وعالمهُ الجديد. أن الآية التي (مع الشمس) – كما في اكثر من نص هي الآية التي كما لو كانت تعاون الشمس في إعادة توزيع قوى النظام بما يلائم الطور الجديد. وإذا ذهبت شوطاً أبعد في الرموز الواضحة – فأن الله تعالى قد وصف رسوله (ص) أنّه (سراجٌ منيرٌ) – وورد في بعض التفاسير: " والشمس وضُحاها" أنّه (ص) هو الشمس – وهناك نصوص عن النبي (ص) بهذا المعنى. ان طلوع آية مع الشمس انما هو امرٌ كوني محسوب متناغم لغةً وحقيقة مع طلوع من "يُواطئ إسمُهُ إسمَ النبي". وهذه هي الحتمية الكونية والتكوينية والشرعية والتشريعية لابد ان تُقرأ هكذا: "لا يخرج – حتى تطلع". ونلاحظ هذا التشبيه المتناغم مع الكون كثيراً في النصوص – ففي إجابة للإمام المهدي (ع) نفسه على سؤال وُجه اليه عن كيفية الانتفاع به في غيبته أجاب "..كما يُنتفعُ بالشمس إذا سترها السحاب أو غيبتّها السَحاب"(7) ان المذنبات هي في الواقع شموس مختلفة الحجم والمدارات وهي أجرامٌ مستقلةٌ عن النظام الشمسي – وهي من النجوم الملتهبة ناراً ذات رأس بكثافة عالية يُسمى النواة وذيل يختلف في شكله من مذنب لآخر ينفثُ ناراً وله دويّ شديد ويَبلغُ طولُ الذنبِ اكثر من مائتي مليون كيلو متر وشكلهُا من بَعيد شكلَ الشهاب. هذهِ النجوم بَعضها يَطرقُ المجموعة الشمسية كل (76) سنة مثل المذنب هالي الشهير ومنهِا يستغرق الآف السنين كالنجم المسمى (العملاق كوهوتكسي – وهو بطول 250 مليون كم – شوهد في 1973 ولن يُرى الا بعد 75.000 الف سنة. أمّا مذنب ليكاسيكي فقد سُمِّي "كرازسن" أو الملامس للشمس(8) ويدل ذلك على شدة قوته الجاذبة حيث يصل إلى مليون كم من الحافة الشمسية ان واحداً من تلك المذنبات هو(النجم الموعود). ب. لمّا كان المذنب نجم كالشمس فقد ذكر في المرويات بأسماء مختلفة ومنها انه ذكر باسم (النجم) وهو أهم أسمائه مما ذكره نعيم عن كعب قال" ..ما بين العشرين إلى اربع وعشرين نجم يٌرمي به شهاب يُضيء كما يضيء القمر".(9) وفي نفس النص في الفتن: "والنجم الذي يٌرمي به شِهاب ينقّضُ من السَماء معه صوت شديد حتى يقع في المشرق".(10) ان عبارة كعب واضحة إذا قُرأت (يَرمي) بالياء أو بالالف المقصورة فعلى الأول: الشهاب وهو الذنب الناري يرمي بالنجم أي يقذفِ به والنجم هو الكتلة الرأسية. وعلى المقصورة فالذنب تابع للكتلة الرأسية. والتفسير العلمي الحالي للذنب – أنه يبتعد عن الرأس بسبب الطرد الجذبي مع الشمس. فأحيانا تكون الحركة بأتجاه الذنب كما لو كان الذنب هو الذي يجر الرأس لا العكس. وعلى كلٍ من القراءتين فأن المذنب لا يُحدد اتجاه الحركة وهو الصحيح علمياً. وعلى ذلك فان الذنب ربما يُطلّ علينا قبل النواة – وإذا كان من قرب – كما هو المفترض لأحداث التغيير الكوني المنشود فأنه سيظهر (عمود من نار) إلى عنان السماء. وهو ما يفسر النار من المشرق، لاحظ الرسم. "يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضئ لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر".(11) وفي هذا النص يُسميه (نجم) ويؤكد على ان له ذنب ويؤكد على شدة اضاءته وكونه من المشرق. لكنه قال هنا (يطلع) ولم يقل (ينقضّ). ان التعبير عن حركته بكلمة (ينقضّ) و (يَهوي) كما في نص آخر هو امرٌ بالغ الأهمية بالنسبة لنا. لأننا نحاول الربط لهذهِ الحركة السريعة بالعبارات القرآنية ومحاولة العثور على العلامات الكونية في القرآن بعبارة مثل "والنجم إذا هوى" حيث تفيد (إذا) المعنى المستقبلي فقط لغةً وهذا بالطبع بخلاف ما رآه المفسرون من انها الحالة الاعتيادية التي تحدث يومياً بتساقط الشهب علاوة على التحديد الذي يُفيده القسم باداة القسم وأسل التعريف (والنجم) مما يدل على انه نجم معهود معروف بين السامع والمتكلم لا جميع الشهب. وتفصيل ذلك يأتيك في العلامات ومدلولاتها في القرآن في فصلٍ لاحق. إذا لاحظت الرسم فأن الناس في الجزء المظلم من الأرض (الليل) وهو الوقت الذي يُشاهد فيه المذنب سيشاهدون (عمودَ النار) فقط (الرأس – لقرب مسافته ولأن الذنب يُطرد بالجذب الشمسي بعيداً عن الرأس – لاحظ الفرق بين اتجاه الحركة واتجاه الذنب. ج. في كتاب الفتن أيضاً وتعليقاً من نعيم ذكره ابن طاووس جاء فيه: "قال الوليد والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات أنما نجم الآيات نجمٌ يتقلب في الآفاق".(12) ان عبارة (نجم الآيات) هي مقصودنا من هذا النص، وهذه العبارة تدل بجلاء على ان النجم هو السبب في ظهور الآيات وحدوثها فهو ليس بآية وحَدهُ بل هو آية الآيات وفاعلها. ولذلك نفي الوليد ان تكون (الحمرة) التي رأوها بالآيات أو (من الآيات) – ومدلول ذلك عنده انها لم تكن بسبب نجم الآيات لأن هذا النجم له صفة معلومة هي الكبر والاضاءة والقرب وتتابع الآيات. د. النجم أو (النجم ذو الذنب): في خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في المدينة جاء في آخرها: "..لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الظلالة وأحييتم الباطل وخلفتّم الحق وراءَ ظهُورِكم وقَطَعتمُ الأدنى من أهلِ بدر ووَصلتم الأبعدَ من أبناءِ الحرَبِ لرسِول الله ولَعَمري أنهّ (لو) قد ذابَ ما في أيديهم لدنى التحميصُ للجزاء وقَربُ الوعَدُ وانقضت المدّةُ وبدى لكم النجم ذو الذنب من قِبلِ المشرقِ ولاحَ لكم القمرُ المنيرُ فإذا كان ذلك فراجعوا التوبةَ وأعلموا انكمّ إنْ اتبعتّم طالعَ المشرقِ سلك بكم منهاجَ الرسول (ص) وتداويتم مِنَ العمىَ والصمم..."(13) ان القمر المنير) في الخطبة هو كناية عن الإمام المهدي (ع). لكننا نلاحظ ان إرتباط ظهوره هنا بالنجم ذو الذنب، وعلى ذلك فأنه كناية وحقيقة في آن واحد..لأن القمر الفلكي سَينُير بالفعل إنارة اكبر مما سبق. لقد ارتبط النجم بالإمام (ع) ارتباطاً وثيقاً، في النصوص لدرجة التعبير عن الإمام نفسه بالنجم ...وذلك ظاهر في قوله "ان اتبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول". وعدا ذلك فأن تشبيه الإمام بالنجم هو من عبارات النص النبوي ايضاً: "مثل أهل بيتي فيكم كمثل النجوم في السماء" وذلك لأرتباط الهداية في القرآن بكل من النجم والإمام: "وجعلناهم أئمة يهدون بامرنا" "وعلامات وبالنجم هم يهتدون" ومن الواضح ان (النجم) هنا مفرد معرّف بال التعريف معهود يبين السامع والمتكلم فهو ليس كل نجم وانما هو نجم مخصوص، وذلك لورود صيغة الجمع في القرآن في موضع آخر كما في الواقعة "فلا اقسم بمواقع النجوم". وفي نص آخر ذكر (طلوع النجم) بطريقة توحي للسامع انه نجم سماوي أو رجل يهدي الناس سواء .. لأن النص تعمد جعل الإمام نجماً والنجم إماماً هكذا "يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه بسطةٌ بأزرُ العلم فيها بين المسجدين إلى قوله ... فبينما هم كذلك إذ أطلع الله عز وجل لهم نجمهم".(14) ه. الشهاب الثاقب: لم اعثر على نص واضح "باستثناء القرآن" يسمّى المذنب بهذا الاسم لكني عثرت على نص يسمى المهدي (ع) بهذا الاسم. وهذا النص هو ما في اكمال الدين عن الصادق (ع): "أما والله ليغيّبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم ما لله في آل محمد (ص) حاجة ثم يُقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظُلماً"(15) أن وصف إقبال الإمام بعد غياب أنّه (يُقبل كالشهاب الثاقب) هو وصف مقصود لأبراز التجاوب الكوني مع الإمام فهو ليس بوصف تعبيري مجردّ عن أية حقيقة بل هو لارتباط إقباله بإقبال (الشهاب الثاقب) وهو النجم المرئي في السماء. ولو اريد به ايَّ شهاب لقال "ثم يقبل كشهابٍ ثاقب" مما يدل على وجود شهاب مخصوص معرّف بال التعريف يُقبل مع إقباله. على ان هذا التعبير أريد به التنويه عن أمرٍ آخر – وهو ذكر هذا اللفظ في القرآن للتنبيه على وجود علامات كونيةِ للمهدوية مذكورة في الكتاب. وستلاحظ في فصل لاحق ان العلامات الكونية تلك قد ذكرت جميعاً في القرآن في سور مختلفة بتوزيع منظم. ان المعنى اللغوي لـ (شهاب) هو "عمود من نار" ذكر ذلك قتادة أو "الشعلة الساطعة من نار" كما في الوسيط، والثاقب، في الوسيط: الشديد التوهج أو الحمرة أو الشديد الإضاءة كما في التبيان.(16) وتلاحظ هنا الأرتباط بالعلامة الأولى "عمود ساطع من نار من قبل المشرق فأن الشهاب الثاقب نفسه عمود ملتهب من نار. هذا العمود الناري الملتهب هو الذي يتبع كل شيطان مارد – بحسب شرح المفسرين لقوله تعالى "الاّ من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب". الهوامش ________________________________________ (1) الفتن/ الباب 71. (2) الفتن / الباب 61. (3) البشارة عن الكافي/ 130. (4) البرهان/ ب/4 ومنتخب الأثر في المهدي المنتظر 444/ب2. (5) المنتخب/ باب 3/ حديث 13. (6) النعماني في الغيبة / البشارة/ 120. (7) ومثله عن الصادق/ إكمال الدين/ 19. (8) The Universe 111. (9) الباب 73 – كتاب الملاحم والفتن لأبن طاووس (رض). (10) الباب 73 – كتاب الملاحم والفتن لأبن طاووس (رض). (11) الباب 71 / نفس المصدر. (12) الفتن/ 36 ط. النجف 1382. (13) البشارة / 63. (14) اكمال الدين واتمام النعمة / 337. (15) البشارة / 117. (16) التبيان في تفسير القرآن ج 8/485 (4) الصافات آية 10. 1348. ابو داود كتاب المهدي/ 207. وقد أُبتُنَي التفسير لهذهِ الآيات على ان (الشيطان المارد) كائن غير مرئي يصعد احيانا إلى السماء (ليسمّع) إلى الملأ الأعلى. ولمّا كنا لا نرى ذلك معهم – لأن الشيطان ربما يكون إنسياً، وفق المنهج اللفظي وذلك لقوله تعالى "شياطين الإنس والجن" – فقد اختلف مفهومنا للآيات عمّا ذكروه وهو ما لسنٍا بصدده الآن – انما بصدد تحديد أنّ "الثاقب" هو الشديد الاشتعال ذاتياً – فعبارة "اثقب النار – أي استوقدها" التي استشهدوا بها لغةً لا تفيد ان يستوقدها بإضافة الحطب بل بالتهييج و التأجيج – فأن النار بتحريك باطنها تتأجج، وعليه (فالثاقب) يعني المتقد ذاتياً – الذي يزداد توهجه من تلقاء نفسه. هذهِ الصفة "الثاقب" لم تضف إلى لفظ الشهاب في سورة الطارق بل إلى لفظ "النجم" المعرّف بال التعريف: "وما أدراك من الطارق؟ النجم الثاقب". ما هو الفرق إذن بين (الشهاب الثاقب) و (النجم الثاقب)؟. من الواضح ان الشهاب عمود من نار متقد ذاتياً ويزداد توقداً بالحركة وهذهِ هي المعاني التي تعطيها المفردات في صورتها الحية – وإذن فهي الشهب السماوية التي نراها كل ليلة تقريباً – لأن التعبير بالنكرة المعرفة "فأتبعه شهاب ثاقب" يعني ايَّ واحد من تلك الشهب. اما (النجم الثاقب) – فهو (نجمَ) أي انه جرم شمسي لا كوكب بارد وهذا النجم متقد ذاتياً – وإذن فعمر النجم طويل جداً وليس كعُمر الشهاب الذي ينتهي بلحظات. وإذ كان (الشهاب) عمود من نار فأن النجم مصدر ذلك العمود الناري فعلى صعيد التكوين تكون النجوم مصدر جميع الشهب، أي مصدر (النار) وهي أيضا مصدر الإضاءة والنور وعلى صعيد التشريع فالإمام (ع) مصدر الهداية وهو نور كما هو مصدر (نار الفتنة) و (عذاب النار) الذي سنوضحه في فصول (العذاب في الطور المهدوي) وقد مرّ عليك الربط بين الأمرين في كتاب (أصل الخلق وأمر السجود). ان البحث في الحلف القرآني "والسماء والطارق وما ادراك ما الطارق النجم الثاقب" يأتيك في محله بعد ان نوهنا على بعض الموارد التي أكدت حدوث آية المذنب في النصوص وأهمية تلك العلامة وكون هذا النجم هو سبب حدوث باقي الآيات التي تتابع (كخرزات منظومات) حسب النص النبوي. والآن لنلاحظ هل يفسر مجيء المذنب جميع العلامات الإحدى عشر الأخرى؟ 7. تحليل وقوع العلامات الكونية بسبب المذنب أ. نار المشرق: ان ذيول المذنبات مختلفة جداً في الشكل، فبعضها له اكثر من ذنب واحد وبعضها على شكل (مكنسة) أو لنقل (شجرة) وبعضها بذنب واحد. ويقال ان الذنب يتألف من أحجار وصخور بكثافة أقل من النواة الواقعة في الرأس مع غازات، ربما الامونيا تشكل منها النسبة الأكبر، وهي ملتهبة ولونها الأحمر – بيد انه يُرى باللون الأبيض لبعد المسافة. وذكرت مجلة ان اللون الأحمر للذنب تتخلله خطوط فضية لامعة، ما هي الاّ نتيجة الانعكاس الضوئي للأخاديد.(1) وهنا نلاحظ عبارات النص السابق "إذ أحيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسولهُ منهم براء وظهرت الحمرةُ في السماء ثلاثاً فيها أعمدة كأعمدة اللجيّن يتلألأ نور".(2) واللجيُن: هو معدن الفضة. ان التطابق بين وصف النص للنار والوصف العلمي للمذنب يجعلنا نعتقد ان هذهِ النار المعبّر عنها بنار المشرق أو أعمدة النار أو عمود النار ما هي الاّ ذنب ذلك النجم الموعود الذي سيظهر لونه الأحمر الناري عند اقترابه من مدار الأرض – بعد أن أكدت النصوص على اقترابه وانه سيكون مضيئاً كما يضيء القمر. عشرة فقط من 1800 مذنب مكتشف تبلغ اقطار نواة الرأس بحدود (160) كم والباقي اصغر من ذلك بكثير. إن قطر (اودنيس) الذي يقطع مدار المشتري لا يبلغ سوى 150 متراً.(3) إذا أخذنا بهذهِ القياسات فأن النجم الموعود سيكون قريباً جداً من الأرض بحيث انه يُرى كالقمر وعليه فانه يتمكن من تحقيق بقية الحوادث، بشكل متتابع بسبب التأثير الجذبي على الأرض. ولو توفرت لدينا جداول دقيقة وحديثة عن مسار الأرض فبإمكاننا بناءً على التحليل الدقيق للنصوص معرفة الجهة التي يأتي منها المذنب والكثير من التفاصيل الأخرى. مثال ذلك أننا نفهم من بعض النصوص ان العلماء والمنجمين "أي الفلكيين" لن يتمكنوا من إعطاء تفسير لنار المشرق، طبعاً على مستوى علمي وعالمي. هذا يعني انه يطرق النظام بشكل مفاجئ ومثل هذهِ الحالة لا تحدث الاّ في ظرف خاص هو انّ جهة مجيئة هي نفس جهة الشمس بالنسبة للأرض. أي ان الأرض تكون في القوس الأبعد فالشمس تقع بين الأرض والمذنب في أول دخوله النظام ثم يدور حول الشمس بقوس مقترباً من الأرض .. فلا يرى في هذهِ الحالة قط في أي مكان من العالم وفي نقطة الاقتراب الأولى ينبثق عمود النار من جهة المشرق. ولا يُرى سوى ذلك عند حصول الخسوف الغريب للقمر في اول ليلة من الشهر العربي ولن يُرى المذنب نفسه الاّ بعد ايام وكل ما يرى في الأيام الأولى هو عمود من نار يعلوُ. فأن قلت ان النص ذكر (تقّلب المذنب في صفر وربيعين أو رجب)، فأقول أننا أخذنا من هذا النص التسمية (نجم الآيات) للدلالة على كونه المسبب للآيات اللاحقة امّا تقلبه مع الترديد ما بين صفر إلى رجب فيمكن تفسيره ان تلك الرؤية في أول دخوله النظام الشمسي. ب. طول الأيام وقصرها وركود الشمس، العلامات (4،5،7) هذهِ العلامات الثلاثة جميعها في تفسير واحد فرعي على المذنب لأنها واقعة بقانون واحد. فطول الأيام والليالي وقصرها راجع إلى دوران الأرض حول نفسها وسرعة هذا الدوران. وركود الشمس هو الآخر مردّه إلى حركة الأرض حول محورها – لأن ما نراه من حركة للشمس هي في الواقع جراء حركة الأرض حول محورها – فحركة الشمس (النسبية) هذه هي عينها حركة الليل والنهار وسرعتها هي التي تحدد طولهما وقصرهما. ومن هنا قلنا ان المرويات بشأن هذهِ الظواهر لا تقع تحت القاعدة الفقهية من (تعارض الأخبار) بل هي حقائق علمية تقع سوية في تتابع منظم. لو أخذت كرةً معدنية ممغنطة تدور على محور حر الحركة قليل الاحتكاك ما أمكن لتمثيل الأرض ودوَّرتها على محورها عدة مرات مقربّاً منها مغناطيس ذي فيض مقارب للكرة يمثل المذنب فأنك ستجد ان سرعة الدوران احياناً تزداد وأخرى تقل في اوضاع معينة، وهناك وضع معين تتوقف فيه الكرة عن الحركة بشكل مفاجئ حينما تختلف الأقطاب وتنافر وهي بمسافات متساوية فيكون عزم الدوران صفراً. وإذا كان المغناطيس قوياً بما يكفي والكرة ذات كتلة واطئة والاحتكاك ضئيل فأنه ربما تمكن من زحزحتها وتدويرها مرة أخرى من حال التوقف لكنك بالطبع لا تستطيع جعل الاحتكاك صفراً كما هو الحال في الكواكب، الحقيقية. ان ما يحدث بإذن الله هو ان المذنب يحوّل واقع الأرض إلى واقع آخر مختلف تماماً – زاوية ميل جديدة ومشرق ومغرب جديدين بل ومدار آخر حول الشمس. ان الكواكب تتحرك بالاستمرارية، وهي لا تغير مجاريها الاّ بتأثير خارجي حسب قوانين (كبلر) لحركة الكواكب. عندئذ تستمر في الحركة الجديدة التي وقعت تحت تأثير الجرم الخارجي إلى الابد ما لم يؤثر جسم خارجي أو قوة خارجية وهكذا. إذن فحدوث تغير كوني تحت تأثير نجم يطرق النظام هو أمر مُحتمل علمياً. ان بقاء الأرض بهذا الواقع الراهن من غير اصطدام بمذنب من المذنبات المعروفة هو بحد ذاته أمر عجيب. فمن شأن ملايين السنين من الدوران – ووجود أربعة مذنبات في الأقل مكتشفة وبدورات قريبة مثل (تومسون 4860 سنة وهالي 76 سنة ولكياسكي 880 سنة وإنك 3.3سنة) – من شأن ذلك ان يزيد من احتمالات التصادم زيادة هائلة. لقد شوهد (إنك) للآن اكثر من 60 مرة يقطع مدار الأرض ولا يعبر مدار المشتري، والأرض تدور حول الشمس بزمن مقداره سنة واحدة، ومن شأن هذا الاختلاف ان يزيد من احتمالات التصادم – فكيف لو تم حسابه على عمر المجموعة كلها؟ لقد أرادت النصوص المأثورة ان نفهم هذهِ الحقيقة وان تؤمن بأن الله تعالى القادر على كل شيء = قد أخرج الأرض سالمةً ملايين السنين من هذا الدمار المحتمل وقوعه كل حين – وان ذلك لا يحدث الاّ بأمره ومشيئته وتقديره. لقد أكدت آيات (الحفظ) على حفظ السماء الدنيا – وهي سماء الأرض بالخصوص – كما سنبرهن عليه في مبحث آخر – من مختلف أوجه الفساد والتدمير / أمر مقصود ومدّبر. "يدبّر الامّر من السماء إلى الأرض". "فسواهن سبع سماوات واوحى في كل سماء أمرها وزيناّ السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً". لكن المسلمين لم يبحثوا علمياً في أوجه الحفظ وكيفيته بل ولا لغوياً بالمقارنة بين الآيات تلك ولا سواها من المواضيع – فقد اتخذ القوم "هذا القرآن مهجوراً" واكتفوا بإفهامنا ما يمكننا ان نفهمه وهو ان الله تعالى تكفّل بحفظها. ولا يمكننا الآن الخوض بالتفاصيل والعلاقة بين الحفظ والمصابيح مثلاً. ونحن بصدد الحديث عن موضوع آخر فنقول ان أخراج الأرض سالمة من احتمالات التصادم وإبقاءها لتحقيق الاحتمال العجيب البالغ الضالة وهو نقلها إلى واقع آخر أفضل من هذا الواقع بنجم مذنب ربما لم يّمر من هنا من قبل ابداً وعمر دورته هو عمر الكون كله هذا الحادث نفسه هو امرٌ مدبر لتحقيق وعدٌ الهي واثبات حق رباني مرتبط بأجل السموات والأرض "وما خلقنا السموات والأرض الاّ بالحق واجلٍ مسمى". هل يمكننا معرفة أيهما أسبق تطاول الأيام أم قصرها، لنحدد بالتالي كيفية حصول التأثير الجذبي؟ نعم تستطيع ذلك: فهناك النصوص التي ذكرت تطاول الأيام والسنين كنظام جديد ثابت يأتي بديلاً للنظام الحالي. كما في هذا النص: في كتاب إعلام الورى: ذكر الخشعمي ان الصادق (ع) اخبره بطول الأيام والليالي في دولة القائم (ع) قال قلت له جعلت فداك وكيف تطول السنون قال: بأمر الله الفلك باللبوث وقّلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون".(4) وعليه فأن الطول الحاصل في الأيام والسنين هو النظام الثابت وبالتالي يكون قصر الأيام والليالي أسبق وهو حال طارئ متعلق بفترة مرور المذنب إذن سيكون التحليل العلمي لذلك على هذا النحو، ننقل المقطع الخاص بالأرض من الرسم السابق ونكبرهّ للتوضيح: أولاً: من الموقع 2 إلى 1 يحدث تجاذب بين الأقطاب يؤدي إلى سرعة دوران الأرض حول محورها. ثانياً: من الموقع 1 إلى 2 يحدث انخفاض في شدة التجاذب يؤدي إلى عودة السرعة إلى ما سبق – (سرعتها الاعتيادية) – واستمراراً في الانخفاض، بسبب اختلاف الزوايا والاتجاهات حتى تبلغ الصفر في النقطة 2. ثالثا: في الموقع (2) ستتوقف الأرض تماماً عن الحركة للتقابل بين الأقطاب وصيرورة المذنب في وسط المسافة عمودياً على الخط الواصل من المذنب إلى خط الاستواء. وستكون تلك اقرب نقطة يصلها المذنب بالنسبة للأرض توقف الأرض يؤدي إلى توقف الشمس بطبيعة الحال وهو المذكور باسم "ركود الشمس من الظهر إلى العصر". هذهِ الفترة كافية – وهي عدة ساعات – لتتجاوز الكتلة الرأسية للمذنب فيها الموقع العمودي. وإذا تحرك من النقطة 2 إلى 3 ماذا يحدث؟ هل ستعود الأرض إلى حركتها السابقة؟ هذا محال حسب قواعد كبلر. هل ستبقى متوقفة؟ هذا يصح إذا فقد المذنب جاذبيته فجأة وهو أمر غير معقول إطلاقاً. هل تدور بالعكس: هذا هو الصحيح! فبعد ان أسرعت ثم تباطأت ثم توقفت فالمرحلة الرابعة تستدعي الدوران المعكوس لانعكاس الأقطاب. إذن سيتبع توقف الشمس رجوعها إلى المشرق – نهاراً – واما الذين هم في الجزء المظلم من الأرض فلن تطلع عليهم الشمس من المشرق – بل ستظهر من المغرب بعد ليلة طويلة مرعبة وخانقة. هذهِ الليلة الفاصلة هي أعظم ليلة في التاريخ البشري وسوف تجد لها ذكراً وتفصيلاً في القرآن يأتيك في موضعه من البحث القرآني. ج. خسوف القمر وكسوف الشمس خلاف العادة: قد ذكرنا التفسير العلمي لذلك. فالقمر يمكن ان يخسف في أول ليلة وهو شيء لم يحدث قط في تاريخ الأرض، وذلك عند اقتراب المذنب في المرحلة الأولى. يتبع ذلك كسوفات للشمس متعددة وجزئية ومن الواضح جداً خلال الرسم التوضيحي ان الكسوف التام يمكن ان يكون بل لابد ان يكون في وسط الشهر. وحينما يقطع المذنب المنطقة (من 2 إلى 3) فان القمر يكون قد دار إلى الجهة الثانية وسيلقى بظله عليه وعندها ينكسف القمر كسوفاً غريباً في آخر الشهر وتحديداً ليلة الخامس والعشرين، والذي يسمى (خسوف القمر). هناك سؤال آخر بالغ الأهمية: متى يحدث توقف الأرض عن الحركة؟ قد يبدو لأول وهلة ان ذلك يحدث في وسط الشهر مادام المذنب يقطع هذهِ المنطقة كلها بحدود الشهر. هذا صحيح لو كانت الأرض بمحور عمودي لا مائل أما في هذا الوضع فأنك تلاحظ أن الخط العمودي على الاستواء يمر بمنطقة قريبة من كسوف القمر آخر الشهر أي قبل يوم 25 بمدّة يسيرة يومين أو ثلاثة. هل يتم ركود الشمس في يوم 23 ومن شهر رمضان مثلاً؟ لقد أكد المأثور الشيعي بالخصوص على هذا اليوم واعتبر هذهِ الليلة هي ليلة القدر وفي فجرها ينادي باسم المهدي الموعود (ع) ومعلوم انه في فجر هذهِ الليلة المرعبة ستطلع الشمس من مغربها. ومرة أخرى نرى التوائم بين التكوين والتشريع – بين الإمام والشمس بين ظهوره وطلوعها من مغربها. ان ملاحقة مفردة (الشمس) و (افولها) في القرآن لا يعني سوى ذلك الأمر بيد اننا لا نستطيع اعلان كل ما نعرفه مع امّة تتدبّر كتاب الله. د. الصوت أو الهدّة: كيف يمكننا ان نفسر حدوث الصوت أو الهدةّ؟ علينا أولاً معرفة طبيعة الصوت: انه ترددات موجية تنتقل بالهواء فقط وبغير هذا الوسط أو ما يشبهه فانها لا تنتقل بالفراغ مطلقاً. ان المذنب بعيد رغم ذلك، إذ لا يعقل ان يمر بالغلاف الغازي. وهل في الذنب صوت؟ الحق ان في المذنب نافورات نارية نافثة للغازات المحترقة والدوي الذي فيه لو قدّر وصوله لهدّ اركان العالم، لكنه لا ينتقل بالفراغ. ان الدوّي مستمر من الرأس إلى الذنب والذنب طويل جداً ربما يصل إلى 200 مليون كم. والذنب متجه باتجاه عكس الشمس، أنه متجه نحو الأرض (انظر الرسم). من المؤكد انه يخبط حافة الغلاف الغازي للأرض في الأقل ان لم نقل يدخل الغلاف نفسه وتسقط بعض صخوره على الأرض وفي ذلك تجد المأثور يؤيدنا تأييداً تاماً. إذ بامكاننا ان تضيف "قذف ومسخ" من أنَّ القذف هو قذف بالحجارة. لانّ مكونات الذنب من صخور وغازات اغلبها الامونيا الخانقة، فمن الممكن دخول جزء من الذنب جو الأرض. اما بشأن الدخان "يوم تأتي السماء بدخان مبين" فقد حدد في المأثور الأمامي انه من علامات المهدي (ع) لا القيامة. قبل الظهور يغشى الناس دخان وعندها يؤمنون بألسنتهم دون قلوبهم "يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم. ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون انا كاشفوا العذاب قليلاً انكم عائدون. يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون".(5) وسوف تلاحظ في البحث القرآني علاقة سورة الدخان بالمهدي (ع) بجميع الفاظها المستخدمة. لقد أكد المأثور على ضرورة تلاوة السورة في ليلة الجمعة (حيث يوم الظهور المتوقع)، وعدا ذلك نجد الصوت أو الهدّة نفسها في مأثور السنة تحدث يوم الجمعة وفي شهر رمضان. والسؤال هو في أي يوم تحدث الهدّة من ايام الشهر؟ من الواضح اننا بحسب الفرض السابق فأن الذنب لا ينتظر إلى يوم 25 ليخبط الأرض. انه يصل إلى حافة الغلاف الغازي قبل ذلك. ولما كان الغلاف الغازي له شكل مفلطح كشكل الأرض فأنه يضرب الهواء ويخرج من بعد حين وبسرعة. وفي لحظة اتصال الذنب بالهواء الأرضي ينتقل الصوت الذي يعتقد (كل قوم انه وقع في ناحيتهم) حسب تعبير الحديث الشريف. عن نعيم في الفتن عن أبي هريرة قال "في رمضان هدّةٌ توقظ النائم وتخرج العواتك من خدورها".(6) وعن شهر بن حوشب قال بلغني ان رسول الله (ص) قال: يكون في رمضان صوت وفي شوال مهَمهةٌ".(7) وفي نص آخر سمي هذا الصوت (بالصيحة). وحُددّ يومه وهو يوم الخامس عشر من رمضان: "..قلنا وما الصيحة يا رسول الله قال هذهِ في النصف من رمضان يوم الجمعة ضحىً وذلك إذ وافق شهر رمضان ليلة الجمعة فتكون هذهِ توقظ النائم وتخرج العواتك من خدورهن".(8) ولكننا نلاحظ ان هناك توافقاً تاماً للاحداث مع الجمعة فعندما يوافق يوم الجمعة شهر رمضان – أي اليوم الأول وفيه الخسوف الغريب للقمر يكون يوم الخامس عشر جمعة أيضاً وفيه الصيحة ويكون ليلة الثالث والعشرين ليلة جمعه ايضاً وهي ليلة طلوع الشمس من مغربها. فالتوافق لا يحدث بين الآيات والعلامات نفسها بل بين الأحاديث المختلفة ايضاً كما رأيت. وفي نص آخر سميت الهدّة باسم آخر هو (الرجفة) وحددت على أنها في شهر رمضان ايضاً – وذكر انهم رأوا شيئاً شبيهاً بذلك على اثر مذنب فقال: "كانت رجفة أصابت أهل دمشق في أيام مضين من شهر رمضان فهلك اناس كثير ... إلى ان قال: فذكرت ذلك لشيخ قديم عندنا فقال: ليس هذا النجم المنتظر. لقد أكدت الأحاديث على وقوع الصوت – ولا تعثر على تفسير لهذا الصوت يطابق الآيات والعلامات المتتابعة الاّ هذا التفسير حيث لم تذكر اية صفة أخرى لهذا الحدث. نعم ربما التبس الأمر على بعض الباحثين فلم يميزوا بينه وبين الصوت السماوي في فجر الثالث العشرين من رمضان. حيث سُمي هذا الصوت على الأغلب بـ (النداء) – ولكن في بعض النصوص ورد باسم الصوت لكنه ميزّ بالإضافة إلى المنادي فكان واضحاً وضوحاً كافياً. وما زاد الالتباس على بعض الباحثين ورود النداء باسم (الصيحّة) وكانت العوامل النفسية والمذهبية ذات اثر بالغ في اختيار الألفاظ اهتم أهل السنة على الأغلب بإخراج احاديث الصوت الذي هو الهدّة، لتجنب ذكر المهدي (ع) ولتجنب ذكر النداء في الليلة الثالثة والعشرين باسم المهدي من قبل جبرائيل (ع). بينما اهتم المأثور الشيعي بالتركيز على ليلة القدر والنداء باسم المهدي فحدث تبادل بالتسميات وإذا أردنا تحكيم القرآن – فانّا نلاحظ ان (الصيحة) دوماً هي نداء جبرائيل (ع) في الأمم – انذاراً بالهلاك أو اهلاكاً. وامّا هذا النداء المنتظر فورد في القرآن بهذين الاسمين "الصيحة" والنداء: "يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج" وفي القرآن ثلاث صيحات مرتقبة لم يميزوا بينها بل فسرت جميعاً على أنها في يوم القيامة. في هذهِ الآية ورد نص عن الائمة انه يوم الخروج – خروج المهدي (ع) تحديدأً وهناك موضع آخر للالتباس عند ملاحظة اللفظ القرآني. فالنداء ذكر ايضاً في القرآن كأمر مرتقب، لكن يقُصد به النداء بين مكة المكرمة والمدينة والذي يأتيك في حوادث الظهور عند وقوع الخسف في اكمال الدين عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال "الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان".(9) لقد اعتبرت الصيحة (بمعنى نداء جبرائيل (ع)) في المأثور الإمامي احدى خمس علامات محتومة: ابن حنظلة عن ابي عبد الله (ع) "خمس علامات محتومات اليماني والسفياني والصيحة وقتل نفس زكية والخسف بالبيداء".(10) هذا الحديث يحمل نفس التسلسل التاريخي لحوادث الظهور لكنه لا يتضمن اية علامة كونية – لأن الخسف يحدث بأمر جبرائيل (ع). والصيحة في هذا الحديث هي النداء باسم المهدي لا الصوت. وقد تسأل فأين ذكر الصوت في المأثور الإمامي ليمكن التمييز؟ لقد ذكر اكثر من مرة في اكثر من حديث – باستخدام الألفاظ الدالة على ذلك مثل توقظ النائم وتقعد القائم...الخ. ويراد بهذهِ التعابير كل المعاني لا المعاني الظاهرة وحسب. "قال .. وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقظان وتخرج الفتاة من خدرها".(11) ويراد بالنائم هنا عدا النائم الحقيقي – وهو الأهم – الرجل المؤمن: " ستكون فتن لا ينجو منها الاّ النوّمة". حيث يتهيأ للمشاركة في هذا الطور. اما اليقظان فهو ابن الدنيا وكذلك القائم (الذي يقعد) كما في نص آخر فهو كل قائم بالأمر من ملك ورئيس وأمير وكل جبار حيث يسقط هؤلاء إذ لا قائم مع القائم بالحق، وحيث لن يتمكن أحد من فعل شيء حيال الاحداث الكونية التي لا طاقة لهم بها. لقد عرفنا ان (الصوت) استخدم في المأثور الإمامي لا للتعبير عن الهدّه بل عن نداء جبرائيل (ع) – هذا حديث آخر يثبت ذلك: عن ابي عبد الله (ع) قال لأبن ابي يعقوب: "امسك بيدك – هلاك الفلاني وخروج السفياني وقتل النفس وجيش الخسف والصوت قلت وما الصوت أهو المنادي قال نعم وبه يعرف صاحب هذا الأمر".(12) إذن فالصوت عند أهل السنة تقابله (الفزعة) في المأثور الامامي. اما المنادي فذكر بشكل محدود عند أهل السنة كما في هذا اللفظ: فرائد السمطين عن ابن عمر قال رسول الله (ص) "يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه" وذكر ابن نعيم طرقاً للحديث وقال هذا حديث حسن روته الحفاظ كالطبراني وغيره. رواه صاحب نور الابصار ايضاً بلفظ: "وعلى رأسه غمامة فيها ملك ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه". وقال في البرهان وعقد الدرر "والنداء يعم الأرض يسمع أهل كلِ لغة بلغتهم. كما روي في اسعاف الراغبين في (137). وذكره الديلمي في الفردوس.(13) في هذهِ الأحاديث حاولوا تجنب التصريح بأسم الملك (جبرائيل) عليه السلام, ويظهر من احاديث أخرى ان نداء جبرائيل (ع) هو الآخر مفزع وليس الصوت أو الهدّة وحدها. إذ استخدمت نفس الالفاظ المستخدمة في الهدّة لوصف النداء. الطوسي في الغيبة عن محمد بن مسلم البشارة بألفاظ متقاربة عن الحسين بن علي عليهما السلام: "إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة ايام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد ان شاء الله ثم قال ينادي منادي من السماء باسم المهدي فيسمع من بالمشرق والمغرب حتى لا يبقى راقد الاّ استيقظ ولا قائم الا قعد ولا قاعد الا قام على رجليه فزعاً فرحم الله (عبداً) سمع ذلك الصوت فأجاب فان الصوت الأول صوت جبرائيل روح الأمين".(14) ذكر الحديث كما ترى ان نداء جبريل (ع) هو الآخر مفزع يوقظ الراقد ويقعد القائم وسماّه بالصوت ايضاً. ان الفزعة التي في وسط الشهر كما يبدو هي للتمهيد لهذا النداء والذي هو مفزع ايضاً، ولكن الفارق بين الصوتين هو ان الهدّة مفزعة ومؤثرة تأثيراً مادياً في المباني والمنشآت وتراكيب الأذن امّا صوت الروح الأمين فهو مفزع للقلوب والنفوس. وعلى ذلك دلّ أحد النصوص على ضرورة الاحتياط من الصوت بالتدثر وسدّ الأذنين واغلاق المنافذ، ولما كان هذا النص قد روُى عن طرق السنة فقد يتطرق اليه الاحتمال في الوضع لغاية هامّة هي التوصية بعدم سماع الروح الأمين، لكن هذا الشك ليس في محله اولاً لأنه من أحاديث أبي نعيم الذي أخرج أحاديث المهدي (ع) صريحة بارتياح تام وثانياً لأنه يحدد يوم الرجفة على انه الخامس عشر من شهر رمضان بينما النداء في الثالث والعشرين ولو كان النص قد وضع لهذهِ الغاية لأمر بفعل ذلك في فجر الثالث والعشرين هذا هو النص: "قال: قلنا وما الصيحة يا رسول الله (ص)؟ قال: هذه في النصف من رمضان يوم الجمعة ضحيً وذلك إذا وافق شهر رمضان ليلة الجمعة فتكون هذهِ توقظ النائم وتقعد القائم، وتخرج العواتك من خدورهن في ليلة جمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فأدخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجداً وقولوا سبحان القدوس ربنا القدوس فأنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل ذلك هلك".(15) ويحتاج النص عدا ذلك إلى دراسة أوسع. تكرار عبارة (في ليلة جمعة) بعد خدورهن وقبل فإذا صليتم يحدث التباساً ما لم نعتقد انه في حال كونه الصوت يحدث (ضحىً) بالنسبة للمنطقة الإسلامية حيث المتكلم والسامع فأنه يكون ليلاً في مكان آخر. وعليه فأنه يوجد في كل الأرض الكروية الشكل نائم وقاعد معاً في زمن واحد. ومنه يمكن تحديد ان الوقت عند الصيحة في (الحجاز) قصراً سيكون ضحىً وعليه يمكن معرفة وقته في جميع أنحاء العالم. ويظهر من النص هلاك اكثر الماس – إذ لا يُحتمل ان يعمل بهذهِ التوصية الاّ الاقلية. ولكن هذا الاعتقاد يتضاءل عند تذكر ان الصوت له هذا الأثر في المنطقة المواجهة فقط وهي التي تكون مقابلة للذنب – وهي بالطبع نفس منطقة الذين قدّم لهم النص هذهِ التعليمات – حيث امرهم ان يفعلوا ذلك بعد ان يصلوا الفجر وحدّد لهم زمن الصوت انه (ضحىً) وعليه فان الوقت الاضافي للاحتياط ليشمل المنطقة المواجهة كلها وهو بحدود أربع ساعات أو اكثر كمعدل لمعنى الضحى بين الصيف والشتاء. ومنه نعلم ان النص – متناسق في داخله تناسقاً علمياً – لا يحتمل صدوره ممنّ هو دون المعصوم (ع). وعدا ذلك فهناك سؤال آخر حول المعنى اللغوي أو القرآني للصيحة – غير المعنى العلمي. من الواضح ان الصوت يحمل على ايّ صوت صادر من مصدر ما – فإذا كان مفهوماً فهو كلام. وإذا كان الصوت شديداً فهو (صيحة) وإذا كان مفهوماً فهَو (نداء) – ومن هنا نستطيع التحديد الدقيق وإزالة الالتباس. فحينما يريد المعصوم التأكيد على ضرورة إطاعة المنادي يسميه (الصوت) (رحم الله عبداً سمع ذلك الصوت فاجاب". لذا أجاب حينما سئل وما الصوت أهو المنادي قال نعم. إذن فالصيحة هي صوت شديد غير مفهوم – وبهذا المعنى وردت في النصوص الأمامية. والخلاصة: ان الصيحة التي توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج الفتاة من خدرها هي في الواقع صيحتان إحداهما الصوت المدوي الذي يفترض انه بسبب تماس ذنب الكوكب المذنب مع الغلاف الغازي ووقوعه في النصف من شهر رمضان والثاني هو نداء جبرائيل (ع) وزمنه في فجر الثالث والعشرين من شهر رمضان. السؤال الهام الأخير هنا هل وقوع الصوتين في شهر رمضان واحد أم في شهرين مختلفين في الأعوام؟ هذا ما سنوضحه في العلامات الاجتماعية. ه. خسوف القمر في الخامس والعشرين من الشهر العربي. في نص آخر ان هذا الخسوف تحديداً هو في شهر رمضان ايضاً، مما يدل على تأييد الأحاديث بعضها بعضاً – كونها ظواهر كونية متتابعة من مُسبب واحد. ذلك النص هو ما ذكره النعماني في الغيبة عن أخ الكميت (الشاعر كما يبدو) عن الباقر (ع) قوله "ان بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس بقين والشمس لخمس عشرة وذلك في شهر رمضان..".(16) وهذا التحديد مفرح جداً لكل باحث – إذ يستحيل تفسير حدوث خسوف للقمر قبل النصف بل والى ما بعد الثالث والعشرين ولو مع وجود المذنب. وذلك لكي تتمكن من السير في الفرض قدماً علينا ان نعتقد ان ظلّ المذنب لا يمكن ان يسقط على القمر الاّ في الأيام الأخيرة من الشهر. وعند وضعه على الرسم التوضيحي – بالترتيب المعروف علمياً فأنه لا يكون هذا الخسوف محتملاً الاّ في يوم 25 وما حوله، لو قسمت مدار القمر بدقة على الأيام وحددت المراحل الأولى فلن تقع هذهِ الظاهرة الاّ في هذا اليوم تحديداً – لتقع الظواهر الأولى مطابقة مع هذا الحدث ومطابقة لتقسيم المدار فأنتبه لهذهِ المسألة البالغة الأهمية والتي تركنا الخوض في تفصيلها تجنباً لمللكم. إن المذنب هو نجم شمسي يسير باتجاهه وهو يؤثر في الأرض ولا يتأثر بها كثيراً لأن قوة جذب الشموس اكبر بكثير من قوة الكواكب الباردة. و. استدارة الفلك والنجوم والقمر ان ملاحظة هذهِ العبارات بدقة تبين بشكل لا لبس فيه انها عين الظاهرة التي تقول بطلوع الشمس من مغربها! فإذا طلعت الشمس من مغربها فقد استدار الفلك واستدارت حركتها والتي هي في الواقع استدارة حركة الأرض المحورية وبها يستدير جميع ما يُرى في السماء لقد رأينا ان حركة الأرض بعد (ركود الشمس) أي بعد توقفها عن حركتها المحورية لا يكون الاّ معكوساً بحسب القوانين الفلكية. إذ نص القانون على (بقاء أي جرم في حركته المعتادة ما لم يؤثر عليه مؤثر خارجي). وحينما مرّ المذنب – بحسب الفرض – وابطأ الحركة المحورية ثم اوقفها تماماً عندما تعامد خطه على خط الاستواء فأنه يستحيل عودة الأرض إلى حركتها السابقة أو بقاءها متوقفة – فسير المذنب بنفس الوجهة سيؤدي إلى دورانها بشكل معكوس. هذه تجربة من خيالنا لتوضيح الأمر: لتكن لديك كرة معدنية خفيفة ممغنطة أو قابلة للتمغنط طافية في حوض ماء بخفة كبيرة مرَّر مغناطيسي شديد الجذب قريباً من الكرة. حاول تدويرها على نفسها باتجاه معين وبعكس ذلك الاتجاه بتغيير حركة يدك الماسكة للمغناطيس. ستراها تدور بالاتجاه الذي تريد. لو كانت ممغنطة أصلاً فأن تغيير الأقطاب في يدك سيعوضك عن كثير من الحركة والقرب. تتمكن أيضاً من جرَّها إلى الجهة التي تريد وهذهِ العملية بالغة الأهمية .. لأنها جزء مما يفعله المذنب الموعود في الأرض إذا دورت الكرة في التجربة أعلاه بيدك فيمكنك تسريع أو توقيف الحركة بتغيير الأقطاب والاتجاه للمغناطيس الذي بيدك. ان قانون الفلك أكد على (استمرارية) النظام على ما هو عليه قبل المؤثر وبعده فلا توجد قوة بمقدورها (هدمّ) النظام الكوني أو (تحطيم) أو تخريب بل كل ما يفعله المؤثر الخارجي هُوَ إخراج كوكب من مدار إلى مدار آخر أو تدوير بحركة معكوسة أو تصادم تكون نتيجته في النهاية إستقرار المتصادمين في وضع جديد. وإذن فلا يحدث خلل أو فساد في النظام الشمسي عند حدوث تغيير في طبيعة النظام بل ما يحدث هو التحول من نظام إلى نظام آخر (يحيي الأرض بعد موتها) وهو عين ما ذكره الحديث في المحاورة التالية بين أبي بصير والإمام أبو بصير عن أبي جعفر الباقر (ع) قال: "...ولا يترك بدعة الاّ ازالها ولا سنة الا اقامها وبفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم ويمكث على ذلك سبع سنين كل سنة عشرة سنين من سنيكم هذهِ ثم يفعل الله ما يشاء قال قلت له جعلت فداك وكيف تطول السنون؟ قال بآمر الله الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام والسنون. قال قلت انهم يقولون ان الفلك ان تغير فسد. قال: ذلك قول الزنادقة فامّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شق الله لنبيه القمر وردت الشمس ليوتع بن نون واخبر بطول يوم القيامة وان كألف سنة مما تعدون".(17) الهوامش ________________________________________ (1) Universe/110. (2) مرّ سابقاً – البشارة باب / 13. (3) نفس المصدر. (4) البشارة / 235. (5) سورة الدخان. (6) الملاحم والفتن / باب 74. (7) الملاحم والفتن / باب 67. (8) الملاحم والفتن / باب 59. (9) البشارة/ 119. (10) البشارة/ 119. (11) النعماني في الغيبة/ البشارة 120. (12) النعماني/ البشارة/ 120. (13) الخلاصة من المنتخب/ 448. (14) المنتخب/ 449. (15) الملاحم والفتن / باب 59 – الصيحة. (16) البشارة / 97. (17) اعلام الورى اخذناه عن البشارة / ب3/235. ز. سقوط حساب السنين وبدء حساب الشهور والأيام ان النصوص التي دلت على ذلك هي بالغة الأهمية لأنها تؤكد مرّة أخرى على التغير في النظام الأرضي. هذهِ الظاهرة هي الأخرى التبست على البعض كما يبدو إذ لم يميزوا بينها وبين ظاهرة أخرى مشابهة في الألفاظ هي في النص "ويذهب ملك السنين ويكون ملك الشهور والأيام" ان الظاهرة الأخيرة جاءت في معرض الحديث عن الظواهر الاجتماعية والسياسية وليست التغيرات الكونية. وتضمنت عبارة (ملك) بدل (حساب). ان الملك هنا يعني السيطرة على السلطة. ففي المشرق وتحديداً في العراق يحكم شخص يمهدّ لظهور السفياني ويكون عقدة الرباط لأنظمة الطغيان في كل العالم وهو ما يأتيك بيانه المفصل في العلامات السياسية. وجاءت تلك العبارة عن زوال ملك السنين للدلالة على عدم استقرار الوضع السياسي بعد هلاك تلك الشخصية والتغيرات السريعة التي تحصل في النظام الحاكم وهو ما نسميه باللغة المعاصرة (كثرة الانقلابات). هذا النص هو ما ذكره الطوسي في الغيبة نأخذ منه الحاجة: "إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ولم تنساه هذا الأمر دون صاحبكم ان شاء الله ويذهب ملك السنين ويصير ملك الشهور والأيام فقلت يطول ذلك قال كلا".(1) ان هذهِ الظاهرة مختلفة اختلافا كلياً عن ظاهرة سقوط حساب السنين وبدء حساب الشهور – لأن المقصود هنا الحساب باعتباره حساب الزمن بالتقويم المرتبط بالنظام الشمسي ودوران الأرض. يكون سقوط الحساب الحالي طبيعياً إذا كانت كل سنة من النظام الجديد تساوي عشر سنين من النظام الحالي فأن الشهر – كنسبة يصبح مقارباً للسنة الحالية أي بحدود عشرة أشهر. وإذن فالحساب لأبد أن يتغير ليكون بالشهور والأيام. إن إعطاء تصوّر محدد لذلك النظام هو في غاية الصعوبة لا لقلة المعطيات المذكورة في المرويات بل لقلة معلوماتنا الخاصة عن النظام الشمسي. أن التعبير عن هذا الحدث بمختلف التعابير إنما هو لأنه ظاهرة واحدة فأن حركة الأرض المحورية إذا انقلبت – وهي الآن اصطلاحاً عكس اتجاه عقارب الساعة – فطبيعة الحال سيستدير القمر والنجوم والشمس وكل ما نراه في السماء فيشرق من المغرب ويغيب في المشرق. إن هذا الأمر سيحقق وجود مشرق ومغرب جديد للأرض في فلك آخر – وسيكون في تاريخ الأرض مشرقين ومغربين ان اشهر النصوص بشأن استدارة الفلك والنجوم هو ما ذكره أمير المؤمنين علي (ع) في الخطبة في العبارة الشهيرة: "فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك في ايّ واد سلك..".(2) وجاءت نفس العبارة تقريباً في نص آخر إذ سأل ابو الجارود الإمام الباقر عليه السلام عن المهدي الموعود (ع) فقال: "يا أبا الجارود إذا دار الفلك وقالوا مات أو هلك وبأي وادٍ سلك وقال الطالب له انيّ يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه"(3) ان النص يدل دلالة واضحة على قوة الهلع الذي يصاب به الناس جراء استدارة الفلك وتغير الأحوال بحيث ان المنتظر للظهور (الطالب له) يفقد يقينه ويرى انه مات أو هلك أو بليت عظامه. ان استدارة الفلك والنجوم وطلوع الشمس من مغربها هو ظاهرة واحدة وحدث واحدة ولكن الذي أحدث الالتباس هو تصنيف طلوع الشمس كحدث من أحداث قيام الساعة. ان المنهج اللفظي للقرآن والسنة الموضحة خصائصه في كتاب النظام القرآني يحل هذا الاتكال بالتمييز بين تلك الألفاظ – الساعة قيام الساعة يوم القيامة يوم الدين ...الخ من التسميّات القرآنية. وسترى قريباً ان هذا التصنيف صحيح لفظاً وإن كانت المفاهيم التي توحي بها تلك الألفاظ في أذهان العامة مخالفة لمفاهيمها الحقيقية. فالعبارة (قيام الساعة) تعني في المفاهيم العامة (نهاية العالم) بينما هي في المفهوم القرآني بداية المعنى الحقيقي للزمن. وبمعنى آخر ان الساعة في المفهوم القرآني – بحسب المنهج اللفظي – هي بداية العالم لا نهايته – لأنها بداية نهاية الشرور وبداية الحساب الصحيح للزمان. لكننا لا نعدم النصوص الدالة على ان طلوع الشمس من مغربها مرافق لظهور المهدوية وطور الاستخلاف نجاحه في المأثور الأمامي. ومن هنا يمكن تصحيح جملة الأخطاء للفريقين معاً. فهناك خط في الأمامية حاول تفسير طلوع الشمس من مغربها تاويلاً انه كناية عن طلوع شمس الإمامة بينما هو طلوع حقيقي كوني متناغم مع طلوع دولة الحق وبداية العد الحقيقي لعنصر لزمان. وكذلك يمكن تصحيح المفهوم العامّي عن قيام الساعة أو مرسى الساعة من انه ليس سبع سنين أو اربعين سنة بعد ظهور المهدي (ع) فينتهي العالم ... بل هو باق ببقاء السموات والأرض الاّ ما شاء ربك وذلك بإيضاح المعاني الحقيقية لتلك المفردات القرآنية والذي سيأتيك في البحوث اللاحقة. ويبقى في هذا الملخص سؤال آخر ذي طبيعة علمية هو: هل يمكن ان يحدث كل ذلك ولا يحدث خلل في النظام الشمسي أو الكوني؟ لقد ذكر هذا السؤال نفسه قبل أكثر من ألف ومئتي سنة على ما ورد في المأثور الإمامي, وكانت الإجابة هي نفس الإجابة العلمية المعاصرة بحسب قوانين كبلر ونيوتن والمخالفة بالطبع لعلم الفلك القديم بزعامة بطليموس. ان مثل ذلك مثل القطع المعدنية المنتظمة في وضع معين على ورقة وتمرر تحتها قطباً مغناطيسياً منتظم بوضع جديد ... على أن النجم الموعود في الحقيقة لا يغير سوى نظام الأرض وحده. أو هذا في الأقل ما نفهمه من المأثور وما نراه فعلاً في المجموعة الشمسية المتباعدة في المسافات بعداً سحيقاً يستحيل معه تغيير كامل النظام بكوكب مذنب واحد. هناك اكثر من وضع مفترض واكثر من احتمال. منها مثلاً احتمالان رئيسيان يجريان في مجرى الغرض الأساسي ويتحرك مع المرويات: الأول: ان تبقى الأرض في نفس المدار والنجم المقترب سيغير حركتها المحورية لتكون معكوسة بنفس السرعة ويبطئ حركتها في المدار إلى عشرة اضعاف. هذا الفرض سيؤدي إلى ان تصبح السنة بعشر سنين والأيام نفسها والفلك يكون قد استدار. لكن النص السابق أشار إلى تغير الأيام أيضاً "فتطول الأيام لذلك والسنون". إذن في داخل هذا الاحتمال يمكن ان نضع لفرضاً بشكل آخر هو إبطاء الحركة المحورية أيضاً فتطول الأيام. وهنا تواجهه مشكلة علمية وهي ارتفاع درجة الحرارة كثيراً في الجزء النهاري وانخفاضها كثيراً في الجزء الليلي. هذهِ المشكلة يمكن حلها بالاعتقاد ان زاوية الميل تتغير هي الأخرى بحيث يؤدي ذلك إلى توازن خلاّق يُخرج بركات الأرض والسماء كما ذكرت النصوص. ويبرز هنا اعتراض محتمل عن عدم الانسجام بين معدل البعد عن الشمس وزمن الدوران مما يؤدي إلى خرق قانون أساسي في النظام الشمسي إذ توجد علاقة رياضية ثابتة بين المتغيرين من الممكن إعطاء إجابة عن ذلك مفادها: ان هذهِ العلاقة الرياضية هي كشف للوضع الذي عليه المجموعة الشمسية – الذي يمثل القوى المتوازنة التي انبثق عنها النظام الشمسي – وليس هو قانون حتمي. ولو كان حتمياً لما أخذ قانون الاستمرارية بعده التام بما في ذلك قاعدة استمرار أي نظام في وضعه الجديد بعد زوال المؤثر. الثاني: ان يقوم النجم الموعود بسحب الأرض وراءه من مدارها كما تسحب الكرة المعدنية الخفيفة وهي على الماء بقطب مغناطيسي وتتركها في موضع آخر .. فكذلك يتركها المذنب ويذهب في طريقه حيث تستقر في مدار جديد. وبذلك يتغير نظامها كليةً زاوية الميل والبعد عن الشمس وزمن الدوران والدوران المحوري. ان هذا الفرض هو في الحقيقة الفرض المعوّل عليه. إذ سنجد بعض الإشارات والرموز القرآنية والإنجيلية والأحاديث كما لو كانت تنوّه عنه. وعلاوة على ذلك لا يبرز إزاء هذا الفرض ايَّ اعتراض علمي أو أشكال فلكي يذكر. Share this post Link to post Share on other sites
الميزان 0 Report post Posted March 14, 2011 بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد و آل محمد السلام عليكم و رحمة الله أخي الكريم الأخوة و ألأخوات الأفاضل لكم الجزء المرتبط بموضوعنا في كتاب الطور المهدوي وأرجو أن تعم الفائدة : 2. العلامات الكونية العلامات الكونية هي تغيرات حتمية في النظام الطبيعي تحُيله إلى وضع آخر لأستقبال الطور المهدوي، تتغيرّ فيه زاوية الميل الأرضي وسرعة الدوران المحوري وموقع الأرض بحيث يؤدي إلى تغيّر مناخي مختلف تماماً عن الوضع السابق. إذا درسنا النصوص النبوية وغيرها نلاحظ ان الوضع الجديد هُوَ وضع مؤهل تماماً لظهور جّنة فعلية فمثل هذا التغير يقضي على التصحّر والتباين الحراري وتتغير فيه الأنهار كمّا وعدداً واتجاهاً ويحتمل جداً ان تموت خلال ذلك جميع أنواع البكتريا الضارّة والكائنات الأخرى المسّببة لمشاكل، في حين تتغير طبيعة كائنات أخرى بصورة جذرية. هذا بعض ما نراه عند دراسة النصوص بطريقتنا. وتفاصيلة مدهشة في حسن تنظيمها ووضوحها فلنبدأ بالعلامات الكونية اولا: عند فرز العلامات السماوية عن غيرها نجد اثنتي عشرة علامة ذكرت بصور مختلفة ومتفرقة في الأحاديث. وهذه العلامات هي: أ. نار من جهة المشرق تستمر من ثلاثة إلى سبعة أيام ترتفع إلى عنان السماء تتخللها خطوط فضية لامعة. ب. كسوف الشمس في أول الشهر العربي، خلافاً للعادة. "لأن الكسوف لا يحصل الاّ إذا كان القمر في الجهة الأخرى أي الأرض بينه وبين الشمس، وفي آخر الشهر يحصل هذا الوضع فقط. ج. طول شديد للأيام والليالي بألفاظ وقياسات مختلفة – (سنلاحظ ان جعلها مختلفة أمر مقصود لأنها متغيرة بالفعل). د. قصرٌ شديد في الأيام والليالي. (عكس الظاهرة السابقة). ه. صوت شديد أو هدّة، يحسب كل قوم انها وقعت في ناحيتهم ويحتمل وقوعها في وسط الشهر. و. خسوف تام للقمر في آخر الشهر العربي. (خلافاً للطبيعي) وهُوَ عكس العلامة (ب) من ناحية وضع المجموعة. ز. ركود الشمس من وقت الظهر إلى العصر. (توقفها عن الحركة). ح. طلوع الشمس من المغرب. ط. مجيء الكوكب المذّنب العظيم المضيء من جهة المشرق والذي يلتوي طرفاه حتى يكادا ان يلتقيا. ويسمى أحيانا (النجم ذو الذنب). ي. استدارة النجوم. وفي تعابير أخرى (استدارة الفلك) أو (استدارة القمر). ك. سقوط الحساب بالسنين وبدء الحساب بالشهور. ل. ريح صفراء تدوم ثلاثة أيام يصبح الليل فيها كالنهار من الصفرة. 3. السبب في اختيارنا للعلامات الكونية بدأنا بالحديث على العلامات الكونية السماوية أجلنا الحديث على غيرها كالخسف والزلازل والعلامات الاجتماعية لأننا نحاول جمع العلامات السماوية فقط للعثور على الرباط المشترك بينها والعلة العلمية وراءها وتفسيرها وحينما فعلنا ذلك لم نجد الاّ هذهِ العلامات المرتبطة مع بعضها البعض. نعم هناك (القذف) بالحجارة يمكن إدخاله في علامات السماء. سوف نتكلم الآن عن كل واحدة من تلك العلامات قليلاً لتتكون لديكم فكرة عامة عنها وتتمكنوا من حفظها لأنها مرتبطة بمصيركم فيمكن من خلال ذلك تسهيل فرضية حدوثها. أن الأحاديث التي اعتمدناها، هي من جميع المروريات بلا تفريق مذهبي، اولاً لأن ذلك هُوَ الملائم لمنهجنا الذي يحاكم الرواية بالقرآن ولا علاقة له بالرجال كما مرّ عليك في كتاب (النظام) وثانياً لأننا فكرنا بالانحراف الذي حصل إذ يحتمل انه فعل فعلهُ في تجزأة العلامات وخلطها والتمويه عليها بقصد أو غيره فدراسة الجميع إذن ضرورة لابّد منها. لقد تحققت لنا النتيجتان معاً: عرفنا عددَها وتسلسل حدوثها وقانونها العلمي من جهة. وعرفنا من جهة أخرى أين أخفوا الحقائق واين موهّوا وأين كتموا وكيف. فالأول لكم والآخر نحتفظ به لأنفسنا. 4. إشكالات الباحثين في طبيعة العلامات والتفسير الموحّد لها نلاحظ أولاً اشكالات الباحثين في طبيعة العلامات الكونية فقد حصلت عندهم التباسات كثيرة بشأنها: أ. نار المشرق: اختلطت هذه العلامة مع (حمرة المشرق) من جهة ومع انواع أخرى من النيران من جهة أخرى. ففي النصوص النبوية خاصة هناك "نار من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر". وهناك "نار من ارض الحجاز تضيء لها اعناق الأبل ببصرى" وعن علي (ع) "نار غربي الأرض تشبّ بالحطب الجزل". وهذهِ النيران مختلفة جداً ولها ازمانها المحددة خلال المهدوية أو قبلها أو قبل القيامة. وبصفة عامة فالنار إحدى عناصر الطور المهدوي ونوعاً اساسياً من انواع عذابه كما سيأتيك مفصلاً وهي تختلف عن نار جهنم ومن هنا حدث الخلط الكبير بين تلك الأنواع. والذي يهمنا هنا هُوَ العلامة الكونية السابقة على الظهور وهي تحديداً (نار المشرق) التي تظهر في السماء تحت عبارة (عمود من نار). وقد أعطى المهدي (ع) نفسه صفات إضافية لهذهِ النار خصوصاً لأجل تمييزها عن غيرها وذلك في نص ذكره ابن مهزيار، الرجل الصالح المعروف رواه صاحب الإكمال تقطع منه الجزء الذي يخصنا هنا في البحث: قال:" قاتلهم الله اني يؤفكون كأني بالقوم قد قتلوا في ديارهم واخذهم أمرُ ربهم ليلاً ونهاراً. فقلت متى يكون ذلك يا أبن رسول الله (ص) قال: إذا حيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لاخلاق لهم والله ورسوله منهم براء وظهرت الحمرة في السماء فيها اعمدة كأعمدة اللجين يتلألأ نوراً". نقل عن البشارة/ ب13 ج 3. وهذا النص هام جداً لأنه الوحيد الذي يضيف صفات للنار يمكن التيقن من انها نار المذنب الموعود تحديداً كما سترى. وكانت نصوص أخرى قد ذكرت هذه العلامة منها: عن ابن معدان قال: "ستبدو آية عمود من نار تطلع من قبل المشرق يراها أهل الأرض فمن أدرك ذلك فليعد طعام سنة". الملاحم والفتن/ ب 68. ومنها "إذا رأيتم علامة في السماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي فعندها فرج الناس وهي قدامّ القائم بقليل".ذكره النعماني عند جعفر الصادق (ع). البشارة/ 159. ب. انكساف الشمس في أول الشهر العربي خلافاً للعادة: ذكر هذه العلامة الإمام الصادق مؤكداً على وقوعها خلافاً للنظام الطبيعي إذ إعترض احدهم على ترتيب الوقوع فقال له مجيباً: "أني لاعلم ما تقول ولكنهما آتيان لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض". حيث ذكرت مقترنة بخسوف القمر خلافاً للعادة. ولولا هذا التأكيد على المخالفة لاهملت لأنها مخالفة للمعهود من الكسوف والخسوف. وسبب ذلك: أن كسوف الشمس يحدث عادة حينما يكون القمر بين الشمس والأرض وبسبب الانحراف في مدار القمر عن مستوى الخط إلى الشمس والعمودي على الأرض فان الكسوف يستحيل وقوعه في أول الشهر العربي كما تلاحظ ذلك في الرسم: فالرسم يبين أن احتمالات الكسوف هي في آخر الشهر العربي. ومن الرسم كذلك تعلم ان خسوف القمر لا يحدث الا حينما تكون الأرض بينه وبين الشمس. وهذا يعني ان الخسوف يقع في النصف الأول من الشهر فقط مع ملاحظة اتجاه حركة القمر في المدار. أن نص الحديث يقلب المعادلة فيجعل الكسوف في أول الشهر والخسوف في آخره. ج. انخساف القمر في آخر الشهر: وهي العلامة المرتبطة بكسوف الشمس كما رأيت وكلاهما خلافاً للطبيعي ان هذا التبادل في مواقع الكسوف والخسوف يحتاج بطبيعة الحال إلى تفسير مختلف. لقد افترضنا ان جسماً (رابعاً) غير الثلاثة يدخل المجموعة فيقلب هذهِ الموازين. والواقع ان هذا الفرض ليس مجرد احتمال لحدوث هذهِ الظاهرة. بل هُوَ الفرض الوحيد الممكن علمياً وعملياً بحسب ما نعرفه عن النظام الفلكي. وقد اعطى هذهِ الفرض اعطى لنا تفسيراً موحداً لجميع ما يقع من علامات متتابعة وهي العلامات الكونية. كما أنه جاء ليؤكد لنا دقة النظام القرآني فان هذهِ العلامات قد جاءت في القرآن مرافقة لخصائص النجم الموعود كما سيأتيك في موضعه. نص الحديث: عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) قال: "آتيان قبل القائم لم تكونا منذ آدم كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان وخسوف القمر في آخره. قال: قلتُ: يا أبن رسول الله تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف. فقال أبو جعفر عليه السلام: أنا أعلم بما قلت أنهما آتيان لم تكونا منذ هبط آدم". المفيد في الإرشاد/ نقل عن البشارة/ ب6. لقد ورد هذا النص في الكتب المعتبرة للقوم في الكافي وفي غيبة النعماني ونص الإرشاد المذكور وايدهّ نص للقوم الآخرين ذكره ابن حماد عن شريك قال: "بلغني انه تنكسف الشمس قبل خروج المهدي في شهر رمضان مرتين". وهذا النص لم يذكر خسوف القمر ولكنه ذكر كسوفين للشمس فهل اخطأ السامع فحسب الكسوف القمري كسوفاً للشمس؟ كلاّ. أن هذا النص يتحدث عن كسوفين جزئيين للشمس يقعان أول الشهر العربي غير الكسوف الكلي المشار اليه في حديث الباقر. لأن الواضح ان الجسم الرابع إذا مرّ في المجموعة بمسار ما محدثاً كسوفاً كلياً للشمس وسط الشهر فمن المؤكد حدوث أكثر من كسوف جزئي قبل ذلك. ولكن هذهِ الكسوفات الجزئية هي الأخرى ظاهرة غريبة لأنها تحدث في أول الشهر القمري وهذا بالطبع مخالف لجداول الكسوفات المثبتة عند علماء الفلك والمحسوبة بدقة متناهية لعشرات السنوات المقبلة. أشار الباقر (ع) في نص آخر إلى هذا المعنى بوضوح تام أي إلى سقوط حسابات الفلكيين: "عن داود اخ الكميت عن الباقر (ع) قال: بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس بقين والشمس لخمسة عشرة وذلك في شهر رمضان وعنده يسقط حساب المنجمين". البشارة/ ب/6. إن هذه العبارات مثل "لم تكونا منذ هبط آدم" و "عندها يسقط حساب المنجمين" تؤكد لنا ان هذهِ الظواهر ظواهر طارئة على النظام الفلكي. فالنظام وحسب قوانين كبلر لا يتغير الاّ بمؤثر خارجي. وعندئذٍ يعيد توازنه بعد زوال المؤثر. إن إعادة التوازن هي جوهر ما تنطوي عليه العلامات الكونية فان الوضع الجديد للنظام وضع مختلف جذرياً ومخطط له ليستقبل الطور المهدوي وفيه خصائص لا عهد لنا بها كما سيأتيك تفصيل ذلك وإذن فالمذنّب هُوَ الجرم الخارجي الذي يقلب النظام الطبيعي والمحسوب مساره حساباً دقيقاً تخضع له اعناق أعداء الله وتمر عليهم منه ليلة مرعبة لكنها ستكون سلاماً حتى مطلع فجرها الجديد. لنسأل إذن هذهِ الاسئلة: اولاً: الجرم الخارجي الذي يفعل ذلك لأبد ان يكون كبير الحجم وعليه فلا يمكن اغفاله في المأثور فهل هناك نص يؤكد مجيء هذا الجرم مقترناً بالعلامات. الجواب: نعم. أنه الكوكب المذنب المذكور في الفقرة (9) وقد ذكر في نصوص كثيرة جداً يأتيك بعضها, ثانياً: إذا كانت هذهِ الحوادث مترابطة مع هذا الجرم فلابد أنها تحدث بصورة متتابعة بل وحتمية في تسلسلها فهل هناك ما يؤكد ذلك؟ الجواب: نعم. فقد أكدت النصوص على ترابطها العلي وتتابعها بل جاءت النصوص النبوية بلفظ (نظام) للإشارة إلى ترابطها وهُوَ لفظ لم يُستعمل الاّ في العصر الحديث كما في النص الآتي: فبعد ان ذكر الإمام الحسين (ع) علامات للطور المهدوي قال: ابن الصلت (السائل): جعلت فداك اخاف ان يطول ذلك فقال "إنما هُوَ نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً" البشارة/ 33 و 86 الباب الخامس. كما ظهر نص آخر يفيد هذا التتابع: "الآيات كخرزات منظومات في سلك فانقطع السلك يتبع بعضها بعضها". عقد الدُر نقلناه عن الملاحم/ 102 ومنه ايضاً نص آخر عن الحسن (الظاهر انه الحسن البصري). قال: "توقعوا آيات متواليات من السماء منظومات كنظم الخرز وأول الآيات الصواعق ثم الريح الصفراء ثم ريح دائم وصوت من السماء..."الخ. الظاهر انه يرجع أوليات العلامات إلى ما يقع في الأرض والاّ فان أول شيء يظهر للأبصار حسب نص الإمام علي (ع) هُوَ المذنب ومن الواضح انه عند اقترابه يؤثر على المناخ والطبيعة تأثيراً بالغاً وتتحرك الرياح بشدة وسوف نلاحظ هذهِ الظواهر في السور القرآنية مرتبطة بالمذنب الموعّود. ثالثا: إذ كانت العلامات مرتبطة بالمذنب وحادثه عن دخوله المجموعة الشمسية فلابد ان يكون قريباً من الأرض بدرجة كافية لإحداث الكسوف والخسوف فيكون بُعدُه في هذا الحال مقاربٌ لبعد القمر فهل هناك نص يؤيد ذلك أو يشير إليه؟ الجواب: نعم. فقد ذكر نعيم بن حماد عن الوليد قال: بلغني انه قال: "يطلع نجم من قبل المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضيء لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر"(1) وعن كعب الأحبار "حُمرة تظهر في جوف السماء ونجم يطلع من المشرق يضيء كما يضيء القمر ليلة البدر ثم ينعقد".(2) رابعاً: إذ كان الفرض صحيحاً فلابد ان تكون رؤيته قبل رمضان بمدة كافية لكبر حجمه وقربه فهل هناك ما يؤيد ذلك؟ الجواب: نعم ففي نفس الباب (71) قال الوليد: "والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات انما نجم الآيات نجمٌ يتقلب في الآفاق في صفر أو في ربيعين أو في رجب". ومن الواضح ان هذهِ الشهور هي السابقة على شهر رمضان لا اللاحقة وعلى فرض انها اللاحقة فان عبارة (يتقلب) تعنيّ من الوجهين فأنه إذا رؤى من مدّه مقبلاً فأنه يرى مدّة مثلها مدبراً – وتقع الحوادث في وسط تلك المدّة وهو شهر رمضان. خامساً: هل هناك حديث يؤيد حدوث كسوف آخر أول الشهر غير الكسوف الذي في منتصف الشهر؟ الجواب: نعم وهي ما في الكافي عن أبي عبد الله "قال تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم عليه السلام".(3) سادساً: الا يوجد احتمال بحدوث خسوف للقمر أول الشهر؟ علمياَّ فأن هذا الاحتمال ضئيل جداً مع وجود المذنب – فلو لاحظت الرسم فانه يحتمل فقط في اليوم الأول أي عند رؤية الهلال وهو ابن ليلة أو ليلتين. والرسم وحدّه لا يكفي لتصور ذلك من غير تصور للمساقط الحقيقية بمسافاتها. في هذهِ المنطقة فقط يمكن للمذنب ان يحجب ضوء الشمس عن القمر وعندما يتحرك كل منهما باتجاهه يسقط ظله أسفل القمر ويزاح إلى مكان آخر من الفضاء. سابعاً: ألم يذكر ذلك في المرويات؟ الجواب: العجيب ان هذا الحدث قد ذكر ايضاً رغم انه لا يتحقق الاّ باحتمال ضئيل يوحي لك بأن حركة المذنب ومسافته وحجمه كلها محسوبة بدقة للقيام بعمل مخصوص هو تهيئة أجواء الأرض لطور المهدوية. ففي البرهان أخرج الدارقطني في سننه عن محمّد بن علي قال: "لمهّدينا آتيان لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه ولم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض".(4) ثامناً: على هذا لا يكون هناك تناقض في المرويات؟ الجواب: ليس ذلك فقط بل يؤيد بعضها بعضاً ويفسر بعضها بعضاً. وسوف ترى عند التكلم على ظاهرة طول الأيام وقصرها انّ ذلك لا يفّسر الاّ بطريق علمي – فقد ذكر أحد العلماء المعاصرين سقوط أحاديث الطول والقصر لتعارضها مع بعضها – وسوف نبرهن بإذن الله ان هذهِ الأحاديث لا تنطبق عليها قواعدهم الأصولية من (تعارض الخبرين) وأشباهه لأنها تحتاج إلى فهم علمي. وعلاوة على ذلك فحكم العلماء على هذا النحو معارض بكثير من النصوص التي أكد فيها الأئمة (ع) عدم رفض أخبارهم وما روي عنهم لمجرد أننا لا نفهم معناه أو نراه يتعارض مع قواعدنا والتي أكثرها أمور نسبية وقواعد مخطوئة من الأصل. تاسعاً: هل يفسر الكوكب المذنب جميع الظواهر المذكورة في العلامات السماوية وهل تكون هذهِ الفرضية صحيحة على جميع المستويات؟ الجواب: ان المذنب نفسه ليس فرضية لأنه مذكور في العلامات والفرضية إنما هي في كونه المسبب لهذا التحول الكوني والتكويني في الأرض وهذا ما سنقوم ببحثه الآن تحت هذهِ العناوين: 1- لماذا يحدث التحوّل الكوني؟ 2- أين ذكر المذنب؟ 3- التفسير الموحّد للظواهر الإحدى عشر الأخرى. 4ـ لماذا يَحدث التحوّل الكوني في النظام الطبيعي إن الإجابة على هذا السؤال هي كل ما انطوى عليه هذا الكتاب وكل ما سوف يأتيك من أبحاث ولكنا لتوضيح الصورة أمامك تذكر لك جملة من الأسباب اختصاراً على شكل فقرات: أ. إن التحوّل الكوني ضرورة "لإحياء الأرض بعد موتها" والذي هو صفة طور الاستخلاف والذي سوف نوضحه في مباحث قادمة؟ نربط فيه بين الإحياء وتغيير فلك الأرض. ب. أن أرزاق العباد وخيرات الأرض وبركات السماء مرتبطة علمياً بحركة الرياح وزاوية الميل الأرضي – فجميع ما يتصل بالحياة مرتبط في الواقع بحركة الأرض وموقعها وسوف نجد ان هذهِ القوانين هي علمية من جهة وقرآنية من جهة أخرى – فلا بد من أحداث تغيير في موقع الأرض وزاوية ميلها بما يلائم هذا الطور. ج. ان قانون الاستخلاف يحتم إحداث تغير جوهري في الطبيعة بحسب درجة الاستخلاف ومدته والطور المهدوي هو في الواقع الطور الذي لأجله خلقت السموات والأرض ولذلك فأن أعظم تغيير تاريخي لطبيعة الأرض سوف تكون في بداية هذا الطور. وقد لاحظنا ضرورة تغير النظام الطبيعي إلى (النظام الأحسن) باعتبارها الغاية الأولى من الخلق في مقدمة المنهج اللفظي. د. أن أحداث آيات مرعبة وعلامات مذهلة هو ضرورة لإفاقة الناس من سُباتهم ولهوَهم لاستقبال هذا الطور (فيحيى مَنْ حًييَّ عن بينّهٍ ويَهلك مَنْ هَلكَ عَن بينّةٍ) فهي بمثابة الإنذار الأخير للعالم. 5. الكوكب المذنب والعلامات المتتالية (كنظام الخرز) المرويات وتفسيرها: أ. في البرهان والمنتخب عن عبد الله بن عباس (رض) " لا يخرجُ المَهدّيُ حتى تطلَعُ مَعَ الشمس آيةٌ".(5) وعند ملاحظة النص بدقة وتذكر قوله تعالى " وَجعَلنا الشمس والقمرَ آيتين" – فان عبارة تطلع مع الشمس آية تدل بوضوح على دخول جرم آخر إلى النظام لما تنطوي عليه معّية الآية للشمس – فالشمس جاذبة وهي مركز النظام ولم يقل مع القمر لأن المفروض في الجرم الداخل ان يُحدَّث تغييراً في توزيع القوى في النظام الجذبي، فمعيتها تكون للشمس. قارن النص بنص آخر يذكر الآية مرتبطة بالقمر – بيد أنهّ لا يقول مع القمر بل (في القمر). عن الباقر (ع) "العام الذي فيه السُفياني قبلهَ الآية في رجب قال قلت ما هي قال وجه يطلع في القمر".(6) سوف نلاحظ قريباً: ان الوجه الآخر للقمر والذي لم نره قط الاّ بالصور والذي هو خلوٌ من السواد (أو البحار الجافة) هذا الوجه سوف نراه عند مجيء المذنب. لأن التأخير الحاصل في دوران القمر حول الأرض سوف لا يتناسب مع دورانه حول نفسه وبذلك ينكشف وجهه الآخر المضيء والجميل جداً للأرض وليس ببعيد ذلك التشبيه المستمر للإمام نفسه (ع) أنه "يسُيفر عن وجهه كالقمر ليلة البدر" – في خصائص متناغمة في المفردات بين الإمام وعالمهُ الجديد. أن الآية التي (مع الشمس) – كما في اكثر من نص هي الآية التي كما لو كانت تعاون الشمس في إعادة توزيع قوى النظام بما يلائم الطور الجديد. وإذا ذهبت شوطاً أبعد في الرموز الواضحة – فأن الله تعالى قد وصف رسوله (ص) أنّه (سراجٌ منيرٌ) – وورد في بعض التفاسير: " والشمس وضُحاها" أنّه (ص) هو الشمس – وهناك نصوص عن النبي (ص) بهذا المعنى. ان طلوع آية مع الشمس انما هو امرٌ كوني محسوب متناغم لغةً وحقيقة مع طلوع من "يُواطئ إسمُهُ إسمَ النبي". وهذه هي الحتمية الكونية والتكوينية والشرعية والتشريعية لابد ان تُقرأ هكذا: "لا يخرج – حتى تطلع". ونلاحظ هذا التشبيه المتناغم مع الكون كثيراً في النصوص – ففي إجابة للإمام المهدي (ع) نفسه على سؤال وُجه اليه عن كيفية الانتفاع به في غيبته أجاب "..كما يُنتفعُ بالشمس إذا سترها السحاب أو غيبتّها السَحاب"(7) ان المذنبات هي في الواقع شموس مختلفة الحجم والمدارات وهي أجرامٌ مستقلةٌ عن النظام الشمسي – وهي من النجوم الملتهبة ناراً ذات رأس بكثافة عالية يُسمى النواة وذيل يختلف في شكله من مذنب لآخر ينفثُ ناراً وله دويّ شديد ويَبلغُ طولُ الذنبِ اكثر من مائتي مليون كيلو متر وشكلهُا من بَعيد شكلَ الشهاب. هذهِ النجوم بَعضها يَطرقُ المجموعة الشمسية كل (76) سنة مثل المذنب هالي الشهير ومنهِا يستغرق الآف السنين كالنجم المسمى (العملاق كوهوتكسي – وهو بطول 250 مليون كم – شوهد في 1973 ولن يُرى الا بعد 75.000 الف سنة. أمّا مذنب ليكاسيكي فقد سُمِّي "كرازسن" أو الملامس للشمس(8) ويدل ذلك على شدة قوته الجاذبة حيث يصل إلى مليون كم من الحافة الشمسية ان واحداً من تلك المذنبات هو(النجم الموعود). ب. لمّا كان المذنب نجم كالشمس فقد ذكر في المرويات بأسماء مختلفة ومنها انه ذكر باسم (النجم) وهو أهم أسمائه مما ذكره نعيم عن كعب قال" ..ما بين العشرين إلى اربع وعشرين نجم يٌرمي به شهاب يُضيء كما يضيء القمر".(9) وفي نفس النص في الفتن: "والنجم الذي يٌرمي به شِهاب ينقّضُ من السَماء معه صوت شديد حتى يقع في المشرق".(10) ان عبارة كعب واضحة إذا قُرأت (يَرمي) بالياء أو بالالف المقصورة فعلى الأول: الشهاب وهو الذنب الناري يرمي بالنجم أي يقذفِ به والنجم هو الكتلة الرأسية. وعلى المقصورة فالذنب تابع للكتلة الرأسية. والتفسير العلمي الحالي للذنب – أنه يبتعد عن الرأس بسبب الطرد الجذبي مع الشمس. فأحيانا تكون الحركة بأتجاه الذنب كما لو كان الذنب هو الذي يجر الرأس لا العكس. وعلى كلٍ من القراءتين فأن المذنب لا يُحدد اتجاه الحركة وهو الصحيح علمياً. وعلى ذلك فان الذنب ربما يُطلّ علينا قبل النواة – وإذا كان من قرب – كما هو المفترض لأحداث التغيير الكوني المنشود فأنه سيظهر (عمود من نار) إلى عنان السماء. وهو ما يفسر النار من المشرق، لاحظ الرسم. "يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضئ لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر".(11) وفي هذا النص يُسميه (نجم) ويؤكد على ان له ذنب ويؤكد على شدة اضاءته وكونه من المشرق. لكنه قال هنا (يطلع) ولم يقل (ينقضّ). ان التعبير عن حركته بكلمة (ينقضّ) و (يَهوي) كما في نص آخر هو امرٌ بالغ الأهمية بالنسبة لنا. لأننا نحاول الربط لهذهِ الحركة السريعة بالعبارات القرآنية ومحاولة العثور على العلامات الكونية في القرآن بعبارة مثل "والنجم إذا هوى" حيث تفيد (إذا) المعنى المستقبلي فقط لغةً وهذا بالطبع بخلاف ما رآه المفسرون من انها الحالة الاعتيادية التي تحدث يومياً بتساقط الشهب علاوة على التحديد الذي يُفيده القسم باداة القسم وأسل التعريف (والنجم) مما يدل على انه نجم معهود معروف بين السامع والمتكلم لا جميع الشهب. وتفصيل ذلك يأتيك في العلامات ومدلولاتها في القرآن في فصلٍ لاحق. إذا لاحظت الرسم فأن الناس في الجزء المظلم من الأرض (الليل) وهو الوقت الذي يُشاهد فيه المذنب سيشاهدون (عمودَ النار) فقط (الرأس – لقرب مسافته ولأن الذنب يُطرد بالجذب الشمسي بعيداً عن الرأس – لاحظ الفرق بين اتجاه الحركة واتجاه الذنب. ج. في كتاب الفتن أيضاً وتعليقاً من نعيم ذكره ابن طاووس جاء فيه: "قال الوليد والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات أنما نجم الآيات نجمٌ يتقلب في الآفاق".(12) ان عبارة (نجم الآيات) هي مقصودنا من هذا النص، وهذه العبارة تدل بجلاء على ان النجم هو السبب في ظهور الآيات وحدوثها فهو ليس بآية وحَدهُ بل هو آية الآيات وفاعلها. ولذلك نفي الوليد ان تكون (الحمرة) التي رأوها بالآيات أو (من الآيات) – ومدلول ذلك عنده انها لم تكن بسبب نجم الآيات لأن هذا النجم له صفة معلومة هي الكبر والاضاءة والقرب وتتابع الآيات. د. النجم أو (النجم ذو الذنب): في خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في المدينة جاء في آخرها: "..لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الظلالة وأحييتم الباطل وخلفتّم الحق وراءَ ظهُورِكم وقَطَعتمُ الأدنى من أهلِ بدر ووَصلتم الأبعدَ من أبناءِ الحرَبِ لرسِول الله ولَعَمري أنهّ (لو) قد ذابَ ما في أيديهم لدنى التحميصُ للجزاء وقَربُ الوعَدُ وانقضت المدّةُ وبدى لكم النجم ذو الذنب من قِبلِ المشرقِ ولاحَ لكم القمرُ المنيرُ فإذا كان ذلك فراجعوا التوبةَ وأعلموا انكمّ إنْ اتبعتّم طالعَ المشرقِ سلك بكم منهاجَ الرسول (ص) وتداويتم مِنَ العمىَ والصمم..."(13) ان القمر المنير) في الخطبة هو كناية عن الإمام المهدي (ع). لكننا نلاحظ ان إرتباط ظهوره هنا بالنجم ذو الذنب، وعلى ذلك فأنه كناية وحقيقة في آن واحد..لأن القمر الفلكي سَينُير بالفعل إنارة اكبر مما سبق. لقد ارتبط النجم بالإمام (ع) ارتباطاً وثيقاً، في النصوص لدرجة التعبير عن الإمام نفسه بالنجم ...وذلك ظاهر في قوله "ان اتبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول". وعدا ذلك فأن تشبيه الإمام بالنجم هو من عبارات النص النبوي ايضاً: "مثل أهل بيتي فيكم كمثل النجوم في السماء" وذلك لأرتباط الهداية في القرآن بكل من النجم والإمام: "وجعلناهم أئمة يهدون بامرنا" "وعلامات وبالنجم هم يهتدون" ومن الواضح ان (النجم) هنا مفرد معرّف بال التعريف معهود يبين السامع والمتكلم فهو ليس كل نجم وانما هو نجم مخصوص، وذلك لورود صيغة الجمع في القرآن في موضع آخر كما في الواقعة "فلا اقسم بمواقع النجوم". وفي نص آخر ذكر (طلوع النجم) بطريقة توحي للسامع انه نجم سماوي أو رجل يهدي الناس سواء .. لأن النص تعمد جعل الإمام نجماً والنجم إماماً هكذا "يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه بسطةٌ بأزرُ العلم فيها بين المسجدين إلى قوله ... فبينما هم كذلك إذ أطلع الله عز وجل لهم نجمهم".(14) ه. الشهاب الثاقب: لم اعثر على نص واضح "باستثناء القرآن" يسمّى المذنب بهذا الاسم لكني عثرت على نص يسمى المهدي (ع) بهذا الاسم. وهذا النص هو ما في اكمال الدين عن الصادق (ع): "أما والله ليغيّبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم ما لله في آل محمد (ص) حاجة ثم يُقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظُلماً"(15) أن وصف إقبال الإمام بعد غياب أنّه (يُقبل كالشهاب الثاقب) هو وصف مقصود لأبراز التجاوب الكوني مع الإمام فهو ليس بوصف تعبيري مجردّ عن أية حقيقة بل هو لارتباط إقباله بإقبال (الشهاب الثاقب) وهو النجم المرئي في السماء. ولو اريد به ايَّ شهاب لقال "ثم يقبل كشهابٍ ثاقب" مما يدل على وجود شهاب مخصوص معرّف بال التعريف يُقبل مع إقباله. على ان هذا التعبير أريد به التنويه عن أمرٍ آخر – وهو ذكر هذا اللفظ في القرآن للتنبيه على وجود علامات كونيةِ للمهدوية مذكورة في الكتاب. وستلاحظ في فصل لاحق ان العلامات الكونية تلك قد ذكرت جميعاً في القرآن في سور مختلفة بتوزيع منظم. ان المعنى اللغوي لـ (شهاب) هو "عمود من نار" ذكر ذلك قتادة أو "الشعلة الساطعة من نار" كما في الوسيط، والثاقب، في الوسيط: الشديد التوهج أو الحمرة أو الشديد الإضاءة كما في التبيان.(16) وتلاحظ هنا الأرتباط بالعلامة الأولى "عمود ساطع من نار من قبل المشرق فأن الشهاب الثاقب نفسه عمود ملتهب من نار. هذا العمود الناري الملتهب هو الذي يتبع كل شيطان مارد – بحسب شرح المفسرين لقوله تعالى "الاّ من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب". الهوامش ________________________________________ (1) الفتن/ الباب 71. (2) الفتن / الباب 61. (3) البشارة عن الكافي/ 130. (4) البرهان/ ب/4 ومنتخب الأثر في المهدي المنتظر 444/ب2. (5) المنتخب/ باب 3/ حديث 13. (6) النعماني في الغيبة / البشارة/ 120. (7) ومثله عن الصادق/ إكمال الدين/ 19. (8) The Universe 111. (9) الباب 73 – كتاب الملاحم والفتن لأبن طاووس (رض). (10) الباب 73 – كتاب الملاحم والفتن لأبن طاووس (رض). (11) الباب 71 / نفس المصدر. (12) الفتن/ 36 ط. النجف 1382. (13) البشارة / 63. (14) اكمال الدين واتمام النعمة / 337. (15) البشارة / 117. (16) التبيان في تفسير القرآن ج 8/485 (4) الصافات آية 10. 1348. ابو داود كتاب المهدي/ 207. وقد أُبتُنَي التفسير لهذهِ الآيات على ان (الشيطان المارد) كائن غير مرئي يصعد احيانا إلى السماء (ليسمّع) إلى الملأ الأعلى. ولمّا كنا لا نرى ذلك معهم – لأن الشيطان ربما يكون إنسياً، وفق المنهج اللفظي وذلك لقوله تعالى "شياطين الإنس والجن" – فقد اختلف مفهومنا للآيات عمّا ذكروه وهو ما لسنٍا بصدده الآن – انما بصدد تحديد أنّ "الثاقب" هو الشديد الاشتعال ذاتياً – فعبارة "اثقب النار – أي استوقدها" التي استشهدوا بها لغةً لا تفيد ان يستوقدها بإضافة الحطب بل بالتهييج و التأجيج – فأن النار بتحريك باطنها تتأجج، وعليه (فالثاقب) يعني المتقد ذاتياً – الذي يزداد توهجه من تلقاء نفسه. هذهِ الصفة "الثاقب" لم تضف إلى لفظ الشهاب في سورة الطارق بل إلى لفظ "النجم" المعرّف بال التعريف: "وما أدراك من الطارق؟ النجم الثاقب". ما هو الفرق إذن بين (الشهاب الثاقب) و (النجم الثاقب)؟. من الواضح ان الشهاب عمود من نار متقد ذاتياً ويزداد توقداً بالحركة وهذهِ هي المعاني التي تعطيها المفردات في صورتها الحية – وإذن فهي الشهب السماوية التي نراها كل ليلة تقريباً – لأن التعبير بالنكرة المعرفة "فأتبعه شهاب ثاقب" يعني ايَّ واحد من تلك الشهب. اما (النجم الثاقب) – فهو (نجمَ) أي انه جرم شمسي لا كوكب بارد وهذا النجم متقد ذاتياً – وإذن فعمر النجم طويل جداً وليس كعُمر الشهاب الذي ينتهي بلحظات. وإذ كان (الشهاب) عمود من نار فأن النجم مصدر ذلك العمود الناري فعلى صعيد التكوين تكون النجوم مصدر جميع الشهب، أي مصدر (النار) وهي أيضا مصدر الإضاءة والنور وعلى صعيد التشريع فالإمام (ع) مصدر الهداية وهو نور كما هو مصدر (نار الفتنة) و (عذاب النار) الذي سنوضحه في فصول (العذاب في الطور المهدوي) وقد مرّ عليك الربط بين الأمرين في كتاب (أصل الخلق وأمر السجود). ان البحث في الحلف القرآني "والسماء والطارق وما ادراك ما الطارق النجم الثاقب" يأتيك في محله بعد ان نوهنا على بعض الموارد التي أكدت حدوث آية المذنب في النصوص وأهمية تلك العلامة وكون هذا النجم هو سبب حدوث باقي الآيات التي تتابع (كخرزات منظومات) حسب النص النبوي. والآن لنلاحظ هل يفسر مجيء المذنب جميع العلامات الإحدى عشر الأخرى؟ 7. تحليل وقوع العلامات الكونية بسبب المذنب أ. نار المشرق: ان ذيول المذنبات مختلفة جداً في الشكل، فبعضها له اكثر من ذنب واحد وبعضها على شكل (مكنسة) أو لنقل (شجرة) وبعضها بذنب واحد. ويقال ان الذنب يتألف من أحجار وصخور بكثافة أقل من النواة الواقعة في الرأس مع غازات، ربما الامونيا تشكل منها النسبة الأكبر، وهي ملتهبة ولونها الأحمر – بيد انه يُرى باللون الأبيض لبعد المسافة. وذكرت مجلة ان اللون الأحمر للذنب تتخلله خطوط فضية لامعة، ما هي الاّ نتيجة الانعكاس الضوئي للأخاديد.(1) وهنا نلاحظ عبارات النص السابق "إذ أحيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسولهُ منهم براء وظهرت الحمرةُ في السماء ثلاثاً فيها أعمدة كأعمدة اللجيّن يتلألأ نور".(2) واللجيُن: هو معدن الفضة. ان التطابق بين وصف النص للنار والوصف العلمي للمذنب يجعلنا نعتقد ان هذهِ النار المعبّر عنها بنار المشرق أو أعمدة النار أو عمود النار ما هي الاّ ذنب ذلك النجم الموعود الذي سيظهر لونه الأحمر الناري عند اقترابه من مدار الأرض – بعد أن أكدت النصوص على اقترابه وانه سيكون مضيئاً كما يضيء القمر. عشرة فقط من 1800 مذنب مكتشف تبلغ اقطار نواة الرأس بحدود (160) كم والباقي اصغر من ذلك بكثير. إن قطر (اودنيس) الذي يقطع مدار المشتري لا يبلغ سوى 150 متراً.(3) إذا أخذنا بهذهِ القياسات فأن النجم الموعود سيكون قريباً جداً من الأرض بحيث انه يُرى كالقمر وعليه فانه يتمكن من تحقيق بقية الحوادث، بشكل متتابع بسبب التأثير الجذبي على الأرض. ولو توفرت لدينا جداول دقيقة وحديثة عن مسار الأرض فبإمكاننا بناءً على التحليل الدقيق للنصوص معرفة الجهة التي يأتي منها المذنب والكثير من التفاصيل الأخرى. مثال ذلك أننا نفهم من بعض النصوص ان العلماء والمنجمين "أي الفلكيين" لن يتمكنوا من إعطاء تفسير لنار المشرق، طبعاً على مستوى علمي وعالمي. هذا يعني انه يطرق النظام بشكل مفاجئ ومثل هذهِ الحالة لا تحدث الاّ في ظرف خاص هو انّ جهة مجيئة هي نفس جهة الشمس بالنسبة للأرض. أي ان الأرض تكون في القوس الأبعد فالشمس تقع بين الأرض والمذنب في أول دخوله النظام ثم يدور حول الشمس بقوس مقترباً من الأرض .. فلا يرى في هذهِ الحالة قط في أي مكان من العالم وفي نقطة الاقتراب الأولى ينبثق عمود النار من جهة المشرق. ولا يُرى سوى ذلك عند حصول الخسوف الغريب للقمر في اول ليلة من الشهر العربي ولن يُرى المذنب نفسه الاّ بعد ايام وكل ما يرى في الأيام الأولى هو عمود من نار يعلوُ. فأن قلت ان النص ذكر (تقّلب المذنب في صفر وربيعين أو رجب)، فأقول أننا أخذنا من هذا النص التسمية (نجم الآيات) للدلالة على كونه المسبب للآيات اللاحقة امّا تقلبه مع الترديد ما بين صفر إلى رجب فيمكن تفسيره ان تلك الرؤية في أول دخوله النظام الشمسي. ب. طول الأيام وقصرها وركود الشمس، العلامات (4،5،7) هذهِ العلامات الثلاثة جميعها في تفسير واحد فرعي على المذنب لأنها واقعة بقانون واحد. فطول الأيام والليالي وقصرها راجع إلى دوران الأرض حول نفسها وسرعة هذا الدوران. وركود الشمس هو الآخر مردّه إلى حركة الأرض حول محورها – لأن ما نراه من حركة للشمس هي في الواقع جراء حركة الأرض حول محورها – فحركة الشمس (النسبية) هذه هي عينها حركة الليل والنهار وسرعتها هي التي تحدد طولهما وقصرهما. ومن هنا قلنا ان المرويات بشأن هذهِ الظواهر لا تقع تحت القاعدة الفقهية من (تعارض الأخبار) بل هي حقائق علمية تقع سوية في تتابع منظم. لو أخذت كرةً معدنية ممغنطة تدور على محور حر الحركة قليل الاحتكاك ما أمكن لتمثيل الأرض ودوَّرتها على محورها عدة مرات مقربّاً منها مغناطيس ذي فيض مقارب للكرة يمثل المذنب فأنك ستجد ان سرعة الدوران احياناً تزداد وأخرى تقل في اوضاع معينة، وهناك وضع معين تتوقف فيه الكرة عن الحركة بشكل مفاجئ حينما تختلف الأقطاب وتنافر وهي بمسافات متساوية فيكون عزم الدوران صفراً. وإذا كان المغناطيس قوياً بما يكفي والكرة ذات كتلة واطئة والاحتكاك ضئيل فأنه ربما تمكن من زحزحتها وتدويرها مرة أخرى من حال التوقف لكنك بالطبع لا تستطيع جعل الاحتكاك صفراً كما هو الحال في الكواكب، الحقيقية. ان ما يحدث بإذن الله هو ان المذنب يحوّل واقع الأرض إلى واقع آخر مختلف تماماً – زاوية ميل جديدة ومشرق ومغرب جديدين بل ومدار آخر حول الشمس. ان الكواكب تتحرك بالاستمرارية، وهي لا تغير مجاريها الاّ بتأثير خارجي حسب قوانين (كبلر) لحركة الكواكب. عندئذ تستمر في الحركة الجديدة التي وقعت تحت تأثير الجرم الخارجي إلى الابد ما لم يؤثر جسم خارجي أو قوة خارجية وهكذا. إذن فحدوث تغير كوني تحت تأثير نجم يطرق النظام هو أمر مُحتمل علمياً. ان بقاء الأرض بهذا الواقع الراهن من غير اصطدام بمذنب من المذنبات المعروفة هو بحد ذاته أمر عجيب. فمن شأن ملايين السنين من الدوران – ووجود أربعة مذنبات في الأقل مكتشفة وبدورات قريبة مثل (تومسون 4860 سنة وهالي 76 سنة ولكياسكي 880 سنة وإنك 3.3سنة) – من شأن ذلك ان يزيد من احتمالات التصادم زيادة هائلة. لقد شوهد (إنك) للآن اكثر من 60 مرة يقطع مدار الأرض ولا يعبر مدار المشتري، والأرض تدور حول الشمس بزمن مقداره سنة واحدة، ومن شأن هذا الاختلاف ان يزيد من احتمالات التصادم – فكيف لو تم حسابه على عمر المجموعة كلها؟ لقد أرادت النصوص المأثورة ان نفهم هذهِ الحقيقة وان تؤمن بأن الله تعالى القادر على كل شيء = قد أخرج الأرض سالمةً ملايين السنين من هذا الدمار المحتمل وقوعه كل حين – وان ذلك لا يحدث الاّ بأمره ومشيئته وتقديره. لقد أكدت آيات (الحفظ) على حفظ السماء الدنيا – وهي سماء الأرض بالخصوص – كما سنبرهن عليه في مبحث آخر – من مختلف أوجه الفساد والتدمير / أمر مقصود ومدّبر. "يدبّر الامّر من السماء إلى الأرض". "فسواهن سبع سماوات واوحى في كل سماء أمرها وزيناّ السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً". لكن المسلمين لم يبحثوا علمياً في أوجه الحفظ وكيفيته بل ولا لغوياً بالمقارنة بين الآيات تلك ولا سواها من المواضيع – فقد اتخذ القوم "هذا القرآن مهجوراً" واكتفوا بإفهامنا ما يمكننا ان نفهمه وهو ان الله تعالى تكفّل بحفظها. ولا يمكننا الآن الخوض بالتفاصيل والعلاقة بين الحفظ والمصابيح مثلاً. ونحن بصدد الحديث عن موضوع آخر فنقول ان أخراج الأرض سالمة من احتمالات التصادم وإبقاءها لتحقيق الاحتمال العجيب البالغ الضالة وهو نقلها إلى واقع آخر أفضل من هذا الواقع بنجم مذنب ربما لم يّمر من هنا من قبل ابداً وعمر دورته هو عمر الكون كله هذا الحادث نفسه هو امرٌ مدبر لتحقيق وعدٌ الهي واثبات حق رباني مرتبط بأجل السموات والأرض "وما خلقنا السموات والأرض الاّ بالحق واجلٍ مسمى". هل يمكننا معرفة أيهما أسبق تطاول الأيام أم قصرها، لنحدد بالتالي كيفية حصول التأثير الجذبي؟ نعم تستطيع ذلك: فهناك النصوص التي ذكرت تطاول الأيام والسنين كنظام جديد ثابت يأتي بديلاً للنظام الحالي. كما في هذا النص: في كتاب إعلام الورى: ذكر الخشعمي ان الصادق (ع) اخبره بطول الأيام والليالي في دولة القائم (ع) قال قلت له جعلت فداك وكيف تطول السنون قال: بأمر الله الفلك باللبوث وقّلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون".(4) وعليه فأن الطول الحاصل في الأيام والسنين هو النظام الثابت وبالتالي يكون قصر الأيام والليالي أسبق وهو حال طارئ متعلق بفترة مرور المذنب إذن سيكون التحليل العلمي لذلك على هذا النحو، ننقل المقطع الخاص بالأرض من الرسم السابق ونكبرهّ للتوضيح: أولاً: من الموقع 2 إلى 1 يحدث تجاذب بين الأقطاب يؤدي إلى سرعة دوران الأرض حول محورها. ثانياً: من الموقع 1 إلى 2 يحدث انخفاض في شدة التجاذب يؤدي إلى عودة السرعة إلى ما سبق – (سرعتها الاعتيادية) – واستمراراً في الانخفاض، بسبب اختلاف الزوايا والاتجاهات حتى تبلغ الصفر في النقطة 2. ثالثا: في الموقع (2) ستتوقف الأرض تماماً عن الحركة للتقابل بين الأقطاب وصيرورة المذنب في وسط المسافة عمودياً على الخط الواصل من المذنب إلى خط الاستواء. وستكون تلك اقرب نقطة يصلها المذنب بالنسبة للأرض توقف الأرض يؤدي إلى توقف الشمس بطبيعة الحال وهو المذكور باسم "ركود الشمس من الظهر إلى العصر". هذهِ الفترة كافية – وهي عدة ساعات – لتتجاوز الكتلة الرأسية للمذنب فيها الموقع العمودي. وإذا تحرك من النقطة 2 إلى 3 ماذا يحدث؟ هل ستعود الأرض إلى حركتها السابقة؟ هذا محال حسب قواعد كبلر. هل ستبقى متوقفة؟ هذا يصح إذا فقد المذنب جاذبيته فجأة وهو أمر غير معقول إطلاقاً. هل تدور بالعكس: هذا هو الصحيح! فبعد ان أسرعت ثم تباطأت ثم توقفت فالمرحلة الرابعة تستدعي الدوران المعكوس لانعكاس الأقطاب. إذن سيتبع توقف الشمس رجوعها إلى المشرق – نهاراً – واما الذين هم في الجزء المظلم من الأرض فلن تطلع عليهم الشمس من المشرق – بل ستظهر من المغرب بعد ليلة طويلة مرعبة وخانقة. هذهِ الليلة الفاصلة هي أعظم ليلة في التاريخ البشري وسوف تجد لها ذكراً وتفصيلاً في القرآن يأتيك في موضعه من البحث القرآني. ج. خسوف القمر وكسوف الشمس خلاف العادة: قد ذكرنا التفسير العلمي لذلك. فالقمر يمكن ان يخسف في أول ليلة وهو شيء لم يحدث قط في تاريخ الأرض، وذلك عند اقتراب المذنب في المرحلة الأولى. يتبع ذلك كسوفات للشمس متعددة وجزئية ومن الواضح جداً خلال الرسم التوضيحي ان الكسوف التام يمكن ان يكون بل لابد ان يكون في وسط الشهر. وحينما يقطع المذنب المنطقة (من 2 إلى 3) فان القمر يكون قد دار إلى الجهة الثانية وسيلقى بظله عليه وعندها ينكسف القمر كسوفاً غريباً في آخر الشهر وتحديداً ليلة الخامس والعشرين، والذي يسمى (خسوف القمر). هناك سؤال آخر بالغ الأهمية: متى يحدث توقف الأرض عن الحركة؟ قد يبدو لأول وهلة ان ذلك يحدث في وسط الشهر مادام المذنب يقطع هذهِ المنطقة كلها بحدود الشهر. هذا صحيح لو كانت الأرض بمحور عمودي لا مائل أما في هذا الوضع فأنك تلاحظ أن الخط العمودي على الاستواء يمر بمنطقة قريبة من كسوف القمر آخر الشهر أي قبل يوم 25 بمدّة يسيرة يومين أو ثلاثة. هل يتم ركود الشمس في يوم 23 ومن شهر رمضان مثلاً؟ لقد أكد المأثور الشيعي بالخصوص على هذا اليوم واعتبر هذهِ الليلة هي ليلة القدر وفي فجرها ينادي باسم المهدي الموعود (ع) ومعلوم انه في فجر هذهِ الليلة المرعبة ستطلع الشمس من مغربها. ومرة أخرى نرى التوائم بين التكوين والتشريع – بين الإمام والشمس بين ظهوره وطلوعها من مغربها. ان ملاحقة مفردة (الشمس) و (افولها) في القرآن لا يعني سوى ذلك الأمر بيد اننا لا نستطيع اعلان كل ما نعرفه مع امّة تتدبّر كتاب الله. د. الصوت أو الهدّة: كيف يمكننا ان نفسر حدوث الصوت أو الهدةّ؟ علينا أولاً معرفة طبيعة الصوت: انه ترددات موجية تنتقل بالهواء فقط وبغير هذا الوسط أو ما يشبهه فانها لا تنتقل بالفراغ مطلقاً. ان المذنب بعيد رغم ذلك، إذ لا يعقل ان يمر بالغلاف الغازي. وهل في الذنب صوت؟ الحق ان في المذنب نافورات نارية نافثة للغازات المحترقة والدوي الذي فيه لو قدّر وصوله لهدّ اركان العالم، لكنه لا ينتقل بالفراغ. ان الدوّي مستمر من الرأس إلى الذنب والذنب طويل جداً ربما يصل إلى 200 مليون كم. والذنب متجه باتجاه عكس الشمس، أنه متجه نحو الأرض (انظر الرسم). من المؤكد انه يخبط حافة الغلاف الغازي للأرض في الأقل ان لم نقل يدخل الغلاف نفسه وتسقط بعض صخوره على الأرض وفي ذلك تجد المأثور يؤيدنا تأييداً تاماً. إذ بامكاننا ان تضيف "قذف ومسخ" من أنَّ القذف هو قذف بالحجارة. لانّ مكونات الذنب من صخور وغازات اغلبها الامونيا الخانقة، فمن الممكن دخول جزء من الذنب جو الأرض. اما بشأن الدخان "يوم تأتي السماء بدخان مبين" فقد حدد في المأثور الأمامي انه من علامات المهدي (ع) لا القيامة. قبل الظهور يغشى الناس دخان وعندها يؤمنون بألسنتهم دون قلوبهم "يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم. ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون انا كاشفوا العذاب قليلاً انكم عائدون. يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون".(5) وسوف تلاحظ في البحث القرآني علاقة سورة الدخان بالمهدي (ع) بجميع الفاظها المستخدمة. لقد أكد المأثور على ضرورة تلاوة السورة في ليلة الجمعة (حيث يوم الظهور المتوقع)، وعدا ذلك نجد الصوت أو الهدّة نفسها في مأثور السنة تحدث يوم الجمعة وفي شهر رمضان. والسؤال هو في أي يوم تحدث الهدّة من ايام الشهر؟ من الواضح اننا بحسب الفرض السابق فأن الذنب لا ينتظر إلى يوم 25 ليخبط الأرض. انه يصل إلى حافة الغلاف الغازي قبل ذلك. ولما كان الغلاف الغازي له شكل مفلطح كشكل الأرض فأنه يضرب الهواء ويخرج من بعد حين وبسرعة. وفي لحظة اتصال الذنب بالهواء الأرضي ينتقل الصوت الذي يعتقد (كل قوم انه وقع في ناحيتهم) حسب تعبير الحديث الشريف. عن نعيم في الفتن عن أبي هريرة قال "في رمضان هدّةٌ توقظ النائم وتخرج العواتك من خدورها".(6) وعن شهر بن حوشب قال بلغني ان رسول الله (ص) قال: يكون في رمضان صوت وفي شوال مهَمهةٌ".(7) وفي نص آخر سمي هذا الصوت (بالصيحة). وحُددّ يومه وهو يوم الخامس عشر من رمضان: "..قلنا وما الصيحة يا رسول الله قال هذهِ في النصف من رمضان يوم الجمعة ضحىً وذلك إذ وافق شهر رمضان ليلة الجمعة فتكون هذهِ توقظ النائم وتخرج العواتك من خدورهن".(8) ولكننا نلاحظ ان هناك توافقاً تاماً للاحداث مع الجمعة فعندما يوافق يوم الجمعة شهر رمضان – أي اليوم الأول وفيه الخسوف الغريب للقمر يكون يوم الخامس عشر جمعة أيضاً وفيه الصيحة ويكون ليلة الثالث والعشرين ليلة جمعه ايضاً وهي ليلة طلوع الشمس من مغربها. فالتوافق لا يحدث بين الآيات والعلامات نفسها بل بين الأحاديث المختلفة ايضاً كما رأيت. وفي نص آخر سميت الهدّة باسم آخر هو (الرجفة) وحددت على أنها في شهر رمضان ايضاً – وذكر انهم رأوا شيئاً شبيهاً بذلك على اثر مذنب فقال: "كانت رجفة أصابت أهل دمشق في أيام مضين من شهر رمضان فهلك اناس كثير ... إلى ان قال: فذكرت ذلك لشيخ قديم عندنا فقال: ليس هذا النجم المنتظر. لقد أكدت الأحاديث على وقوع الصوت – ولا تعثر على تفسير لهذا الصوت يطابق الآيات والعلامات المتتابعة الاّ هذا التفسير حيث لم تذكر اية صفة أخرى لهذا الحدث. نعم ربما التبس الأمر على بعض الباحثين فلم يميزوا بينه وبين الصوت السماوي في فجر الثالث العشرين من رمضان. حيث سُمي هذا الصوت على الأغلب بـ (النداء) – ولكن في بعض النصوص ورد باسم الصوت لكنه ميزّ بالإضافة إلى المنادي فكان واضحاً وضوحاً كافياً. وما زاد الالتباس على بعض الباحثين ورود النداء باسم (الصيحّة) وكانت العوامل النفسية والمذهبية ذات اثر بالغ في اختيار الألفاظ اهتم أهل السنة على الأغلب بإخراج احاديث الصوت الذي هو الهدّة، لتجنب ذكر المهدي (ع) ولتجنب ذكر النداء في الليلة الثالثة والعشرين باسم المهدي من قبل جبرائيل (ع). بينما اهتم المأثور الشيعي بالتركيز على ليلة القدر والنداء باسم المهدي فحدث تبادل بالتسميات وإذا أردنا تحكيم القرآن – فانّا نلاحظ ان (الصيحة) دوماً هي نداء جبرائيل (ع) في الأمم – انذاراً بالهلاك أو اهلاكاً. وامّا هذا النداء المنتظر فورد في القرآن بهذين الاسمين "الصيحة" والنداء: "يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج" وفي القرآن ثلاث صيحات مرتقبة لم يميزوا بينها بل فسرت جميعاً على أنها في يوم القيامة. في هذهِ الآية ورد نص عن الائمة انه يوم الخروج – خروج المهدي (ع) تحديدأً وهناك موضع آخر للالتباس عند ملاحظة اللفظ القرآني. فالنداء ذكر ايضاً في القرآن كأمر مرتقب، لكن يقُصد به النداء بين مكة المكرمة والمدينة والذي يأتيك في حوادث الظهور عند وقوع الخسف في اكمال الدين عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال "الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان".(9) لقد اعتبرت الصيحة (بمعنى نداء جبرائيل (ع)) في المأثور الإمامي احدى خمس علامات محتومة: ابن حنظلة عن ابي عبد الله (ع) "خمس علامات محتومات اليماني والسفياني والصيحة وقتل نفس زكية والخسف بالبيداء".(10) هذا الحديث يحمل نفس التسلسل التاريخي لحوادث الظهور لكنه لا يتضمن اية علامة كونية – لأن الخسف يحدث بأمر جبرائيل (ع). والصيحة في هذا الحديث هي النداء باسم المهدي لا الصوت. وقد تسأل فأين ذكر الصوت في المأثور الإمامي ليمكن التمييز؟ لقد ذكر اكثر من مرة في اكثر من حديث – باستخدام الألفاظ الدالة على ذلك مثل توقظ النائم وتقعد القائم...الخ. ويراد بهذهِ التعابير كل المعاني لا المعاني الظاهرة وحسب. "قال .. وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقظان وتخرج الفتاة من خدرها".(11) ويراد بالنائم هنا عدا النائم الحقيقي – وهو الأهم – الرجل المؤمن: " ستكون فتن لا ينجو منها الاّ النوّمة". حيث يتهيأ للمشاركة في هذا الطور. اما اليقظان فهو ابن الدنيا وكذلك القائم (الذي يقعد) كما في نص آخر فهو كل قائم بالأمر من ملك ورئيس وأمير وكل جبار حيث يسقط هؤلاء إذ لا قائم مع القائم بالحق، وحيث لن يتمكن أحد من فعل شيء حيال الاحداث الكونية التي لا طاقة لهم بها. لقد عرفنا ان (الصوت) استخدم في المأثور الإمامي لا للتعبير عن الهدّه بل عن نداء جبرائيل (ع) – هذا حديث آخر يثبت ذلك: عن ابي عبد الله (ع) قال لأبن ابي يعقوب: "امسك بيدك – هلاك الفلاني وخروج السفياني وقتل النفس وجيش الخسف والصوت قلت وما الصوت أهو المنادي قال نعم وبه يعرف صاحب هذا الأمر".(12) إذن فالصوت عند أهل السنة تقابله (الفزعة) في المأثور الامامي. اما المنادي فذكر بشكل محدود عند أهل السنة كما في هذا اللفظ: فرائد السمطين عن ابن عمر قال رسول الله (ص) "يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه" وذكر ابن نعيم طرقاً للحديث وقال هذا حديث حسن روته الحفاظ كالطبراني وغيره. رواه صاحب نور الابصار ايضاً بلفظ: "وعلى رأسه غمامة فيها ملك ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه". وقال في البرهان وعقد الدرر "والنداء يعم الأرض يسمع أهل كلِ لغة بلغتهم. كما روي في اسعاف الراغبين في (137). وذكره الديلمي في الفردوس.(13) في هذهِ الأحاديث حاولوا تجنب التصريح بأسم الملك (جبرائيل) عليه السلام, ويظهر من احاديث أخرى ان نداء جبرائيل (ع) هو الآخر مفزع وليس الصوت أو الهدّة وحدها. إذ استخدمت نفس الالفاظ المستخدمة في الهدّة لوصف النداء. الطوسي في الغيبة عن محمد بن مسلم البشارة بألفاظ متقاربة عن الحسين بن علي عليهما السلام: "إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة ايام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد ان شاء الله ثم قال ينادي منادي من السماء باسم المهدي فيسمع من بالمشرق والمغرب حتى لا يبقى راقد الاّ استيقظ ولا قائم الا قعد ولا قاعد الا قام على رجليه فزعاً فرحم الله (عبداً) سمع ذلك الصوت فأجاب فان الصوت الأول صوت جبرائيل روح الأمين".(14) ذكر الحديث كما ترى ان نداء جبريل (ع) هو الآخر مفزع يوقظ الراقد ويقعد القائم وسماّه بالصوت ايضاً. ان الفزعة التي في وسط الشهر كما يبدو هي للتمهيد لهذا النداء والذي هو مفزع ايضاً، ولكن الفارق بين الصوتين هو ان الهدّة مفزعة ومؤثرة تأثيراً مادياً في المباني والمنشآت وتراكيب الأذن امّا صوت الروح الأمين فهو مفزع للقلوب والنفوس. وعلى ذلك دلّ أحد النصوص على ضرورة الاحتياط من الصوت بالتدثر وسدّ الأذنين واغلاق المنافذ، ولما كان هذا النص قد روُى عن طرق السنة فقد يتطرق اليه الاحتمال في الوضع لغاية هامّة هي التوصية بعدم سماع الروح الأمين، لكن هذا الشك ليس في محله اولاً لأنه من أحاديث أبي نعيم الذي أخرج أحاديث المهدي (ع) صريحة بارتياح تام وثانياً لأنه يحدد يوم الرجفة على انه الخامس عشر من شهر رمضان بينما النداء في الثالث والعشرين ولو كان النص قد وضع لهذهِ الغاية لأمر بفعل ذلك في فجر الثالث والعشرين هذا هو النص: "قال: قلنا وما الصيحة يا رسول الله (ص)؟ قال: هذه في النصف من رمضان يوم الجمعة ضحيً وذلك إذا وافق شهر رمضان ليلة الجمعة فتكون هذهِ توقظ النائم وتقعد القائم، وتخرج العواتك من خدورهن في ليلة جمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فأدخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجداً وقولوا سبحان القدوس ربنا القدوس فأنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل ذلك هلك".(15) ويحتاج النص عدا ذلك إلى دراسة أوسع. تكرار عبارة (في ليلة جمعة) بعد خدورهن وقبل فإذا صليتم يحدث التباساً ما لم نعتقد انه في حال كونه الصوت يحدث (ضحىً) بالنسبة للمنطقة الإسلامية حيث المتكلم والسامع فأنه يكون ليلاً في مكان آخر. وعليه فأنه يوجد في كل الأرض الكروية الشكل نائم وقاعد معاً في زمن واحد. ومنه يمكن تحديد ان الوقت عند الصيحة في (الحجاز) قصراً سيكون ضحىً وعليه يمكن معرفة وقته في جميع أنحاء العالم. ويظهر من النص هلاك اكثر الماس – إذ لا يُحتمل ان يعمل بهذهِ التوصية الاّ الاقلية. ولكن هذا الاعتقاد يتضاءل عند تذكر ان الصوت له هذا الأثر في المنطقة المواجهة فقط وهي التي تكون مقابلة للذنب – وهي بالطبع نفس منطقة الذين قدّم لهم النص هذهِ التعليمات – حيث امرهم ان يفعلوا ذلك بعد ان يصلوا الفجر وحدّد لهم زمن الصوت انه (ضحىً) وعليه فان الوقت الاضافي للاحتياط ليشمل المنطقة المواجهة كلها وهو بحدود أربع ساعات أو اكثر كمعدل لمعنى الضحى بين الصيف والشتاء. ومنه نعلم ان النص – متناسق في داخله تناسقاً علمياً – لا يحتمل صدوره ممنّ هو دون المعصوم (ع). وعدا ذلك فهناك سؤال آخر حول المعنى اللغوي أو القرآني للصيحة – غير المعنى العلمي. من الواضح ان الصوت يحمل على ايّ صوت صادر من مصدر ما – فإذا كان مفهوماً فهو كلام. وإذا كان الصوت شديداً فهو (صيحة) وإذا كان مفهوماً فهَو (نداء) – ومن هنا نستطيع التحديد الدقيق وإزالة الالتباس. فحينما يريد المعصوم التأكيد على ضرورة إطاعة المنادي يسميه (الصوت) (رحم الله عبداً سمع ذلك الصوت فاجاب". لذا أجاب حينما سئل وما الصوت أهو المنادي قال نعم. إذن فالصيحة هي صوت شديد غير مفهوم – وبهذا المعنى وردت في النصوص الأمامية. والخلاصة: ان الصيحة التي توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج الفتاة من خدرها هي في الواقع صيحتان إحداهما الصوت المدوي الذي يفترض انه بسبب تماس ذنب الكوكب المذنب مع الغلاف الغازي ووقوعه في النصف من شهر رمضان والثاني هو نداء جبرائيل (ع) وزمنه في فجر الثالث والعشرين من شهر رمضان. السؤال الهام الأخير هنا هل وقوع الصوتين في شهر رمضان واحد أم في شهرين مختلفين في الأعوام؟ هذا ما سنوضحه في العلامات الاجتماعية. ه. خسوف القمر في الخامس والعشرين من الشهر العربي. في نص آخر ان هذا الخسوف تحديداً هو في شهر رمضان ايضاً، مما يدل على تأييد الأحاديث بعضها بعضاً – كونها ظواهر كونية متتابعة من مُسبب واحد. ذلك النص هو ما ذكره النعماني في الغيبة عن أخ الكميت (الشاعر كما يبدو) عن الباقر (ع) قوله "ان بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس بقين والشمس لخمس عشرة وذلك في شهر رمضان..".(16) وهذا التحديد مفرح جداً لكل باحث – إذ يستحيل تفسير حدوث خسوف للقمر قبل النصف بل والى ما بعد الثالث والعشرين ولو مع وجود المذنب. وذلك لكي تتمكن من السير في الفرض قدماً علينا ان نعتقد ان ظلّ المذنب لا يمكن ان يسقط على القمر الاّ في الأيام الأخيرة من الشهر. وعند وضعه على الرسم التوضيحي – بالترتيب المعروف علمياً فأنه لا يكون هذا الخسوف محتملاً الاّ في يوم 25 وما حوله، لو قسمت مدار القمر بدقة على الأيام وحددت المراحل الأولى فلن تقع هذهِ الظاهرة الاّ في هذا اليوم تحديداً – لتقع الظواهر الأولى مطابقة مع هذا الحدث ومطابقة لتقسيم المدار فأنتبه لهذهِ المسألة البالغة الأهمية والتي تركنا الخوض في تفصيلها تجنباً لمللكم. إن المذنب هو نجم شمسي يسير باتجاهه وهو يؤثر في الأرض ولا يتأثر بها كثيراً لأن قوة جذب الشموس اكبر بكثير من قوة الكواكب الباردة. و. استدارة الفلك والنجوم والقمر ان ملاحظة هذهِ العبارات بدقة تبين بشكل لا لبس فيه انها عين الظاهرة التي تقول بطلوع الشمس من مغربها! فإذا طلعت الشمس من مغربها فقد استدار الفلك واستدارت حركتها والتي هي في الواقع استدارة حركة الأرض المحورية وبها يستدير جميع ما يُرى في السماء لقد رأينا ان حركة الأرض بعد (ركود الشمس) أي بعد توقفها عن حركتها المحورية لا يكون الاّ معكوساً بحسب القوانين الفلكية. إذ نص القانون على (بقاء أي جرم في حركته المعتادة ما لم يؤثر عليه مؤثر خارجي). وحينما مرّ المذنب – بحسب الفرض – وابطأ الحركة المحورية ثم اوقفها تماماً عندما تعامد خطه على خط الاستواء فأنه يستحيل عودة الأرض إلى حركتها السابقة أو بقاءها متوقفة – فسير المذنب بنفس الوجهة سيؤدي إلى دورانها بشكل معكوس. هذه تجربة من خيالنا لتوضيح الأمر: لتكن لديك كرة معدنية خفيفة ممغنطة أو قابلة للتمغنط طافية في حوض ماء بخفة كبيرة مرَّر مغناطيسي شديد الجذب قريباً من الكرة. حاول تدويرها على نفسها باتجاه معين وبعكس ذلك الاتجاه بتغيير حركة يدك الماسكة للمغناطيس. ستراها تدور بالاتجاه الذي تريد. لو كانت ممغنطة أصلاً فأن تغيير الأقطاب في يدك سيعوضك عن كثير من الحركة والقرب. تتمكن أيضاً من جرَّها إلى الجهة التي تريد وهذهِ العملية بالغة الأهمية .. لأنها جزء مما يفعله المذنب الموعود في الأرض إذا دورت الكرة في التجربة أعلاه بيدك فيمكنك تسريع أو توقيف الحركة بتغيير الأقطاب والاتجاه للمغناطيس الذي بيدك. ان قانون الفلك أكد على (استمرارية) النظام على ما هو عليه قبل المؤثر وبعده فلا توجد قوة بمقدورها (هدمّ) النظام الكوني أو (تحطيم) أو تخريب بل كل ما يفعله المؤثر الخارجي هُوَ إخراج كوكب من مدار إلى مدار آخر أو تدوير بحركة معكوسة أو تصادم تكون نتيجته في النهاية إستقرار المتصادمين في وضع جديد. وإذن فلا يحدث خلل أو فساد في النظام الشمسي عند حدوث تغيير في طبيعة النظام بل ما يحدث هو التحول من نظام إلى نظام آخر (يحيي الأرض بعد موتها) وهو عين ما ذكره الحديث في المحاورة التالية بين أبي بصير والإمام أبو بصير عن أبي جعفر الباقر (ع) قال: "...ولا يترك بدعة الاّ ازالها ولا سنة الا اقامها وبفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم ويمكث على ذلك سبع سنين كل سنة عشرة سنين من سنيكم هذهِ ثم يفعل الله ما يشاء قال قلت له جعلت فداك وكيف تطول السنون؟ قال بآمر الله الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام والسنون. قال قلت انهم يقولون ان الفلك ان تغير فسد. قال: ذلك قول الزنادقة فامّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شق الله لنبيه القمر وردت الشمس ليوتع بن نون واخبر بطول يوم القيامة وان كألف سنة مما تعدون".(17) الهوامش ________________________________________ (1) Universe/110. (2) مرّ سابقاً – البشارة باب / 13. (3) نفس المصدر. (4) البشارة / 235. (5) سورة الدخان. (6) الملاحم والفتن / باب 74. (7) الملاحم والفتن / باب 67. (8) الملاحم والفتن / باب 59. (9) البشارة/ 119. (10) البشارة/ 119. (11) النعماني في الغيبة/ البشارة 120. (12) النعماني/ البشارة/ 120. (13) الخلاصة من المنتخب/ 448. (14) المنتخب/ 449. (15) الملاحم والفتن / باب 59 – الصيحة. (16) البشارة / 97. (17) اعلام الورى اخذناه عن البشارة / ب3/235. ز. سقوط حساب السنين وبدء حساب الشهور والأيام ان النصوص التي دلت على ذلك هي بالغة الأهمية لأنها تؤكد مرّة أخرى على التغير في النظام الأرضي. هذهِ الظاهرة هي الأخرى التبست على البعض كما يبدو إذ لم يميزوا بينها وبين ظاهرة أخرى مشابهة في الألفاظ هي في النص "ويذهب ملك السنين ويكون ملك الشهور والأيام" ان الظاهرة الأخيرة جاءت في معرض الحديث عن الظواهر الاجتماعية والسياسية وليست التغيرات الكونية. وتضمنت عبارة (ملك) بدل (حساب). ان الملك هنا يعني السيطرة على السلطة. ففي المشرق وتحديداً في العراق يحكم شخص يمهدّ لظهور السفياني ويكون عقدة الرباط لأنظمة الطغيان في كل العالم وهو ما يأتيك بيانه المفصل في العلامات السياسية. وجاءت تلك العبارة عن زوال ملك السنين للدلالة على عدم استقرار الوضع السياسي بعد هلاك تلك الشخصية والتغيرات السريعة التي تحصل في النظام الحاكم وهو ما نسميه باللغة المعاصرة (كثرة الانقلابات). هذا النص هو ما ذكره الطوسي في الغيبة نأخذ منه الحاجة: "إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ولم تنساه هذا الأمر دون صاحبكم ان شاء الله ويذهب ملك السنين ويصير ملك الشهور والأيام فقلت يطول ذلك قال كلا".(1) ان هذهِ الظاهرة مختلفة اختلافا كلياً عن ظاهرة سقوط حساب السنين وبدء حساب الشهور – لأن المقصود هنا الحساب باعتباره حساب الزمن بالتقويم المرتبط بالنظام الشمسي ودوران الأرض. يكون سقوط الحساب الحالي طبيعياً إذا كانت كل سنة من النظام الجديد تساوي عشر سنين من النظام الحالي فأن الشهر – كنسبة يصبح مقارباً للسنة الحالية أي بحدود عشرة أشهر. وإذن فالحساب لأبد أن يتغير ليكون بالشهور والأيام. إن إعطاء تصوّر محدد لذلك النظام هو في غاية الصعوبة لا لقلة المعطيات المذكورة في المرويات بل لقلة معلوماتنا الخاصة عن النظام الشمسي. أن التعبير عن هذا الحدث بمختلف التعابير إنما هو لأنه ظاهرة واحدة فأن حركة الأرض المحورية إذا انقلبت – وهي الآن اصطلاحاً عكس اتجاه عقارب الساعة – فطبيعة الحال سيستدير القمر والنجوم والشمس وكل ما نراه في السماء فيشرق من المغرب ويغيب في المشرق. إن هذا الأمر سيحقق وجود مشرق ومغرب جديد للأرض في فلك آخر – وسيكون في تاريخ الأرض مشرقين ومغربين ان اشهر النصوص بشأن استدارة الفلك والنجوم هو ما ذكره أمير المؤمنين علي (ع) في الخطبة في العبارة الشهيرة: "فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك في ايّ واد سلك..".(2) وجاءت نفس العبارة تقريباً في نص آخر إذ سأل ابو الجارود الإمام الباقر عليه السلام عن المهدي الموعود (ع) فقال: "يا أبا الجارود إذا دار الفلك وقالوا مات أو هلك وبأي وادٍ سلك وقال الطالب له انيّ يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه"(3) ان النص يدل دلالة واضحة على قوة الهلع الذي يصاب به الناس جراء استدارة الفلك وتغير الأحوال بحيث ان المنتظر للظهور (الطالب له) يفقد يقينه ويرى انه مات أو هلك أو بليت عظامه. ان استدارة الفلك والنجوم وطلوع الشمس من مغربها هو ظاهرة واحدة وحدث واحدة ولكن الذي أحدث الالتباس هو تصنيف طلوع الشمس كحدث من أحداث قيام الساعة. ان المنهج اللفظي للقرآن والسنة الموضحة خصائصه في كتاب النظام القرآني يحل هذا الاتكال بالتمييز بين تلك الألفاظ – الساعة قيام الساعة يوم القيامة يوم الدين ...الخ من التسميّات القرآنية. وسترى قريباً ان هذا التصنيف صحيح لفظاً وإن كانت المفاهيم التي توحي بها تلك الألفاظ في أذهان العامة مخالفة لمفاهيمها الحقيقية. فالعبارة (قيام الساعة) تعني في المفاهيم العامة (نهاية العالم) بينما هي في المفهوم القرآني بداية المعنى الحقيقي للزمن. وبمعنى آخر ان الساعة في المفهوم القرآني – بحسب المنهج اللفظي – هي بداية العالم لا نهايته – لأنها بداية نهاية الشرور وبداية الحساب الصحيح للزمان. لكننا لا نعدم النصوص الدالة على ان طلوع الشمس من مغربها مرافق لظهور المهدوية وطور الاستخلاف نجاحه في المأثور الأمامي. ومن هنا يمكن تصحيح جملة الأخطاء للفريقين معاً. فهناك خط في الأمامية حاول تفسير طلوع الشمس من مغربها تاويلاً انه كناية عن طلوع شمس الإمامة بينما هو طلوع حقيقي كوني متناغم مع طلوع دولة الحق وبداية العد الحقيقي لعنصر لزمان. وكذلك يمكن تصحيح المفهوم العامّي عن قيام الساعة أو مرسى الساعة من انه ليس سبع سنين أو اربعين سنة بعد ظهور المهدي (ع) فينتهي العالم ... بل هو باق ببقاء السموات والأرض الاّ ما شاء ربك وذلك بإيضاح المعاني الحقيقية لتلك المفردات القرآنية والذي سيأتيك في البحوث اللاحقة. ويبقى في هذا الملخص سؤال آخر ذي طبيعة علمية هو: هل يمكن ان يحدث كل ذلك ولا يحدث خلل في النظام الشمسي أو الكوني؟ لقد ذكر هذا السؤال نفسه قبل أكثر من ألف ومئتي سنة على ما ورد في المأثور الإمامي, وكانت الإجابة هي نفس الإجابة العلمية المعاصرة بحسب قوانين كبلر ونيوتن والمخالفة بالطبع لعلم الفلك القديم بزعامة بطليموس. ان مثل ذلك مثل القطع المعدنية المنتظمة في وضع معين على ورقة وتمرر تحتها قطباً مغناطيسياً منتظم بوضع جديد ... على أن النجم الموعود في الحقيقة لا يغير سوى نظام الأرض وحده. أو هذا في الأقل ما نفهمه من المأثور وما نراه فعلاً في المجموعة الشمسية المتباعدة في المسافات بعداً سحيقاً يستحيل معه تغيير كامل النظام بكوكب مذنب واحد. هناك اكثر من وضع مفترض واكثر من احتمال. منها مثلاً احتمالان رئيسيان يجريان في مجرى الغرض الأساسي ويتحرك مع المرويات: الأول: ان تبقى الأرض في نفس المدار والنجم المقترب سيغير حركتها المحورية لتكون معكوسة بنفس السرعة ويبطئ حركتها في المدار إلى عشرة اضعاف. هذا الفرض سيؤدي إلى ان تصبح السنة بعشر سنين والأيام نفسها والفلك يكون قد استدار. لكن النص السابق أشار إلى تغير الأيام أيضاً "فتطول الأيام لذلك والسنون". إذن في داخل هذا الاحتمال يمكن ان نضع لفرضاً بشكل آخر هو إبطاء الحركة المحورية أيضاً فتطول الأيام. وهنا تواجهه مشكلة علمية وهي ارتفاع درجة الحرارة كثيراً في الجزء النهاري وانخفاضها كثيراً في الجزء الليلي. هذهِ المشكلة يمكن حلها بالاعتقاد ان زاوية الميل تتغير هي الأخرى بحيث يؤدي ذلك إلى توازن خلاّق يُخرج بركات الأرض والسماء كما ذكرت النصوص. ويبرز هنا اعتراض محتمل عن عدم الانسجام بين معدل البعد عن الشمس وزمن الدوران مما يؤدي إلى خرق قانون أساسي في النظام الشمسي إذ توجد علاقة رياضية ثابتة بين المتغيرين من الممكن إعطاء إجابة عن ذلك مفادها: ان هذهِ العلاقة الرياضية هي كشف للوضع الذي عليه المجموعة الشمسية – الذي يمثل القوى المتوازنة التي انبثق عنها النظام الشمسي – وليس هو قانون حتمي. ولو كان حتمياً لما أخذ قانون الاستمرارية بعده التام بما في ذلك قاعدة استمرار أي نظام في وضعه الجديد بعد زوال المؤثر. الثاني: ان يقوم النجم الموعود بسحب الأرض وراءه من مدارها كما تسحب الكرة المعدنية الخفيفة وهي على الماء بقطب مغناطيسي وتتركها في موضع آخر .. فكذلك يتركها المذنب ويذهب في طريقه حيث تستقر في مدار جديد. وبذلك يتغير نظامها كليةً زاوية الميل والبعد عن الشمس وزمن الدوران والدوران المحوري. ان هذا الفرض هو في الحقيقة الفرض المعوّل عليه. إذ سنجد بعض الإشارات والرموز القرآنية والإنجيلية والأحاديث كما لو كانت تنوّه عنه. وعلاوة على ذلك لا يبرز إزاء هذا الفرض ايَّ اعتراض علمي أو أشكال فلكي يذكر. اعلق على هذا النص : تتغيرّ فيه زاوية الميل الأرضي وسرعة الدوران المحوري وموقع الأرض بحيث يؤدي إلى تغيّر مناخي مختلف تماماً عن الوضع السابق. إذا درسنا النصوص النبوية وغيرها نلاحظ ان الوضع الجديد هُوَ وضع مؤهل تماماً لظهور جّنة فعلية فمثل هذا التغير يقضي على التصحّر والتباين الحراري وتتغير فيه الأنهار كمّا وعدداً واتجاهاً ويحتمل جداً ان تموت خلال ذلك جميع أنواع البكتريا الضارّة والكائنات الأخرى المسّببة لمشاكل، في حين تتغير طبيعة كائنات أخرى بصورة جذرية. هذا بعض ما نراه عند دراسة النصوص بطريقتنا. وتفاصيلة مدهشة في حسن تنظيمها ووضوحها فلنبدأ بالعلامات الكونية اولا: اخي الكريم سمعنا عن زلزال اليابان الكبير 9 درجات بمقياس ريختر وهو اقوى درجه مر الى الان حيث اكد علماء الفلك ان هذا الزلزال غير محور او مكان الارض 700 سم فهل يعني الان بدء تغير المناخ الطقس وكل شيء هل بدء الان .... Share this post Link to post Share on other sites
الميزان 0 Report post Posted March 14, 2011 بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد و آل محمد السلام عليكم و رحمة الله أخي الكريم الأخوة و ألأخوات الأفاضل لكم الجزء المرتبط بموضوعنا في كتاب الطور المهدوي وأرجو أن تعم الفائدة : 2. العلامات الكونية العلامات الكونية هي تغيرات حتمية في النظام الطبيعي تحُيله إلى وضع آخر لأستقبال الطور المهدوي، تتغيرّ فيه زاوية الميل الأرضي وسرعة الدوران المحوري وموقع الأرض بحيث يؤدي إلى تغيّر مناخي مختلف تماماً عن الوضع السابق. إذا درسنا النصوص النبوية وغيرها نلاحظ ان الوضع الجديد هُوَ وضع مؤهل تماماً لظهور جّنة فعلية فمثل هذا التغير يقضي على التصحّر والتباين الحراري وتتغير فيه الأنهار كمّا وعدداً واتجاهاً ويحتمل جداً ان تموت خلال ذلك جميع أنواع البكتريا الضارّة والكائنات الأخرى المسّببة لمشاكل، في حين تتغير طبيعة كائنات أخرى بصورة جذرية. هذا بعض ما نراه عند دراسة النصوص بطريقتنا. وتفاصيلة مدهشة في حسن تنظيمها ووضوحها فلنبدأ بالعلامات الكونية اولا: عند فرز العلامات السماوية عن غيرها نجد اثنتي عشرة علامة ذكرت بصور مختلفة ومتفرقة في الأحاديث. وهذه العلامات هي: أ. نار من جهة المشرق تستمر من ثلاثة إلى سبعة أيام ترتفع إلى عنان السماء تتخللها خطوط فضية لامعة. ب. كسوف الشمس في أول الشهر العربي، خلافاً للعادة. "لأن الكسوف لا يحصل الاّ إذا كان القمر في الجهة الأخرى أي الأرض بينه وبين الشمس، وفي آخر الشهر يحصل هذا الوضع فقط. ج. طول شديد للأيام والليالي بألفاظ وقياسات مختلفة – (سنلاحظ ان جعلها مختلفة أمر مقصود لأنها متغيرة بالفعل). د. قصرٌ شديد في الأيام والليالي. (عكس الظاهرة السابقة). ه. صوت شديد أو هدّة، يحسب كل قوم انها وقعت في ناحيتهم ويحتمل وقوعها في وسط الشهر. و. خسوف تام للقمر في آخر الشهر العربي. (خلافاً للطبيعي) وهُوَ عكس العلامة (ب) من ناحية وضع المجموعة. ز. ركود الشمس من وقت الظهر إلى العصر. (توقفها عن الحركة). ح. طلوع الشمس من المغرب. ط. مجيء الكوكب المذّنب العظيم المضيء من جهة المشرق والذي يلتوي طرفاه حتى يكادا ان يلتقيا. ويسمى أحيانا (النجم ذو الذنب). ي. استدارة النجوم. وفي تعابير أخرى (استدارة الفلك) أو (استدارة القمر). ك. سقوط الحساب بالسنين وبدء الحساب بالشهور. ل. ريح صفراء تدوم ثلاثة أيام يصبح الليل فيها كالنهار من الصفرة. 3. السبب في اختيارنا للعلامات الكونية بدأنا بالحديث على العلامات الكونية السماوية أجلنا الحديث على غيرها كالخسف والزلازل والعلامات الاجتماعية لأننا نحاول جمع العلامات السماوية فقط للعثور على الرباط المشترك بينها والعلة العلمية وراءها وتفسيرها وحينما فعلنا ذلك لم نجد الاّ هذهِ العلامات المرتبطة مع بعضها البعض. نعم هناك (القذف) بالحجارة يمكن إدخاله في علامات السماء. سوف نتكلم الآن عن كل واحدة من تلك العلامات قليلاً لتتكون لديكم فكرة عامة عنها وتتمكنوا من حفظها لأنها مرتبطة بمصيركم فيمكن من خلال ذلك تسهيل فرضية حدوثها. أن الأحاديث التي اعتمدناها، هي من جميع المروريات بلا تفريق مذهبي، اولاً لأن ذلك هُوَ الملائم لمنهجنا الذي يحاكم الرواية بالقرآن ولا علاقة له بالرجال كما مرّ عليك في كتاب (النظام) وثانياً لأننا فكرنا بالانحراف الذي حصل إذ يحتمل انه فعل فعلهُ في تجزأة العلامات وخلطها والتمويه عليها بقصد أو غيره فدراسة الجميع إذن ضرورة لابّد منها. لقد تحققت لنا النتيجتان معاً: عرفنا عددَها وتسلسل حدوثها وقانونها العلمي من جهة. وعرفنا من جهة أخرى أين أخفوا الحقائق واين موهّوا وأين كتموا وكيف. فالأول لكم والآخر نحتفظ به لأنفسنا. 4. إشكالات الباحثين في طبيعة العلامات والتفسير الموحّد لها نلاحظ أولاً اشكالات الباحثين في طبيعة العلامات الكونية فقد حصلت عندهم التباسات كثيرة بشأنها: أ. نار المشرق: اختلطت هذه العلامة مع (حمرة المشرق) من جهة ومع انواع أخرى من النيران من جهة أخرى. ففي النصوص النبوية خاصة هناك "نار من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر". وهناك "نار من ارض الحجاز تضيء لها اعناق الأبل ببصرى" وعن علي (ع) "نار غربي الأرض تشبّ بالحطب الجزل". وهذهِ النيران مختلفة جداً ولها ازمانها المحددة خلال المهدوية أو قبلها أو قبل القيامة. وبصفة عامة فالنار إحدى عناصر الطور المهدوي ونوعاً اساسياً من انواع عذابه كما سيأتيك مفصلاً وهي تختلف عن نار جهنم ومن هنا حدث الخلط الكبير بين تلك الأنواع. والذي يهمنا هنا هُوَ العلامة الكونية السابقة على الظهور وهي تحديداً (نار المشرق) التي تظهر في السماء تحت عبارة (عمود من نار). وقد أعطى المهدي (ع) نفسه صفات إضافية لهذهِ النار خصوصاً لأجل تمييزها عن غيرها وذلك في نص ذكره ابن مهزيار، الرجل الصالح المعروف رواه صاحب الإكمال تقطع منه الجزء الذي يخصنا هنا في البحث: قال:" قاتلهم الله اني يؤفكون كأني بالقوم قد قتلوا في ديارهم واخذهم أمرُ ربهم ليلاً ونهاراً. فقلت متى يكون ذلك يا أبن رسول الله (ص) قال: إذا حيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لاخلاق لهم والله ورسوله منهم براء وظهرت الحمرة في السماء فيها اعمدة كأعمدة اللجين يتلألأ نوراً". نقل عن البشارة/ ب13 ج 3. وهذا النص هام جداً لأنه الوحيد الذي يضيف صفات للنار يمكن التيقن من انها نار المذنب الموعود تحديداً كما سترى. وكانت نصوص أخرى قد ذكرت هذه العلامة منها: عن ابن معدان قال: "ستبدو آية عمود من نار تطلع من قبل المشرق يراها أهل الأرض فمن أدرك ذلك فليعد طعام سنة". الملاحم والفتن/ ب 68. ومنها "إذا رأيتم علامة في السماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي فعندها فرج الناس وهي قدامّ القائم بقليل".ذكره النعماني عند جعفر الصادق (ع). البشارة/ 159. ب. انكساف الشمس في أول الشهر العربي خلافاً للعادة: ذكر هذه العلامة الإمام الصادق مؤكداً على وقوعها خلافاً للنظام الطبيعي إذ إعترض احدهم على ترتيب الوقوع فقال له مجيباً: "أني لاعلم ما تقول ولكنهما آتيان لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض". حيث ذكرت مقترنة بخسوف القمر خلافاً للعادة. ولولا هذا التأكيد على المخالفة لاهملت لأنها مخالفة للمعهود من الكسوف والخسوف. وسبب ذلك: أن كسوف الشمس يحدث عادة حينما يكون القمر بين الشمس والأرض وبسبب الانحراف في مدار القمر عن مستوى الخط إلى الشمس والعمودي على الأرض فان الكسوف يستحيل وقوعه في أول الشهر العربي كما تلاحظ ذلك في الرسم: فالرسم يبين أن احتمالات الكسوف هي في آخر الشهر العربي. ومن الرسم كذلك تعلم ان خسوف القمر لا يحدث الا حينما تكون الأرض بينه وبين الشمس. وهذا يعني ان الخسوف يقع في النصف الأول من الشهر فقط مع ملاحظة اتجاه حركة القمر في المدار. أن نص الحديث يقلب المعادلة فيجعل الكسوف في أول الشهر والخسوف في آخره. ج. انخساف القمر في آخر الشهر: وهي العلامة المرتبطة بكسوف الشمس كما رأيت وكلاهما خلافاً للطبيعي ان هذا التبادل في مواقع الكسوف والخسوف يحتاج بطبيعة الحال إلى تفسير مختلف. لقد افترضنا ان جسماً (رابعاً) غير الثلاثة يدخل المجموعة فيقلب هذهِ الموازين. والواقع ان هذا الفرض ليس مجرد احتمال لحدوث هذهِ الظاهرة. بل هُوَ الفرض الوحيد الممكن علمياً وعملياً بحسب ما نعرفه عن النظام الفلكي. وقد اعطى هذهِ الفرض اعطى لنا تفسيراً موحداً لجميع ما يقع من علامات متتابعة وهي العلامات الكونية. كما أنه جاء ليؤكد لنا دقة النظام القرآني فان هذهِ العلامات قد جاءت في القرآن مرافقة لخصائص النجم الموعود كما سيأتيك في موضعه. نص الحديث: عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) قال: "آتيان قبل القائم لم تكونا منذ آدم كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان وخسوف القمر في آخره. قال: قلتُ: يا أبن رسول الله تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف. فقال أبو جعفر عليه السلام: أنا أعلم بما قلت أنهما آتيان لم تكونا منذ هبط آدم". المفيد في الإرشاد/ نقل عن البشارة/ ب6. لقد ورد هذا النص في الكتب المعتبرة للقوم في الكافي وفي غيبة النعماني ونص الإرشاد المذكور وايدهّ نص للقوم الآخرين ذكره ابن حماد عن شريك قال: "بلغني انه تنكسف الشمس قبل خروج المهدي في شهر رمضان مرتين". وهذا النص لم يذكر خسوف القمر ولكنه ذكر كسوفين للشمس فهل اخطأ السامع فحسب الكسوف القمري كسوفاً للشمس؟ كلاّ. أن هذا النص يتحدث عن كسوفين جزئيين للشمس يقعان أول الشهر العربي غير الكسوف الكلي المشار اليه في حديث الباقر. لأن الواضح ان الجسم الرابع إذا مرّ في المجموعة بمسار ما محدثاً كسوفاً كلياً للشمس وسط الشهر فمن المؤكد حدوث أكثر من كسوف جزئي قبل ذلك. ولكن هذهِ الكسوفات الجزئية هي الأخرى ظاهرة غريبة لأنها تحدث في أول الشهر القمري وهذا بالطبع مخالف لجداول الكسوفات المثبتة عند علماء الفلك والمحسوبة بدقة متناهية لعشرات السنوات المقبلة. أشار الباقر (ع) في نص آخر إلى هذا المعنى بوضوح تام أي إلى سقوط حسابات الفلكيين: "عن داود اخ الكميت عن الباقر (ع) قال: بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس بقين والشمس لخمسة عشرة وذلك في شهر رمضان وعنده يسقط حساب المنجمين". البشارة/ ب/6. إن هذه العبارات مثل "لم تكونا منذ هبط آدم" و "عندها يسقط حساب المنجمين" تؤكد لنا ان هذهِ الظواهر ظواهر طارئة على النظام الفلكي. فالنظام وحسب قوانين كبلر لا يتغير الاّ بمؤثر خارجي. وعندئذٍ يعيد توازنه بعد زوال المؤثر. إن إعادة التوازن هي جوهر ما تنطوي عليه العلامات الكونية فان الوضع الجديد للنظام وضع مختلف جذرياً ومخطط له ليستقبل الطور المهدوي وفيه خصائص لا عهد لنا بها كما سيأتيك تفصيل ذلك وإذن فالمذنّب هُوَ الجرم الخارجي الذي يقلب النظام الطبيعي والمحسوب مساره حساباً دقيقاً تخضع له اعناق أعداء الله وتمر عليهم منه ليلة مرعبة لكنها ستكون سلاماً حتى مطلع فجرها الجديد. لنسأل إذن هذهِ الاسئلة: اولاً: الجرم الخارجي الذي يفعل ذلك لأبد ان يكون كبير الحجم وعليه فلا يمكن اغفاله في المأثور فهل هناك نص يؤكد مجيء هذا الجرم مقترناً بالعلامات. الجواب: نعم. أنه الكوكب المذنب المذكور في الفقرة (9) وقد ذكر في نصوص كثيرة جداً يأتيك بعضها, ثانياً: إذا كانت هذهِ الحوادث مترابطة مع هذا الجرم فلابد أنها تحدث بصورة متتابعة بل وحتمية في تسلسلها فهل هناك ما يؤكد ذلك؟ الجواب: نعم. فقد أكدت النصوص على ترابطها العلي وتتابعها بل جاءت النصوص النبوية بلفظ (نظام) للإشارة إلى ترابطها وهُوَ لفظ لم يُستعمل الاّ في العصر الحديث كما في النص الآتي: فبعد ان ذكر الإمام الحسين (ع) علامات للطور المهدوي قال: ابن الصلت (السائل): جعلت فداك اخاف ان يطول ذلك فقال "إنما هُوَ نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً" البشارة/ 33 و 86 الباب الخامس. كما ظهر نص آخر يفيد هذا التتابع: "الآيات كخرزات منظومات في سلك فانقطع السلك يتبع بعضها بعضها". عقد الدُر نقلناه عن الملاحم/ 102 ومنه ايضاً نص آخر عن الحسن (الظاهر انه الحسن البصري). قال: "توقعوا آيات متواليات من السماء منظومات كنظم الخرز وأول الآيات الصواعق ثم الريح الصفراء ثم ريح دائم وصوت من السماء..."الخ. الظاهر انه يرجع أوليات العلامات إلى ما يقع في الأرض والاّ فان أول شيء يظهر للأبصار حسب نص الإمام علي (ع) هُوَ المذنب ومن الواضح انه عند اقترابه يؤثر على المناخ والطبيعة تأثيراً بالغاً وتتحرك الرياح بشدة وسوف نلاحظ هذهِ الظواهر في السور القرآنية مرتبطة بالمذنب الموعّود. ثالثا: إذ كانت العلامات مرتبطة بالمذنب وحادثه عن دخوله المجموعة الشمسية فلابد ان يكون قريباً من الأرض بدرجة كافية لإحداث الكسوف والخسوف فيكون بُعدُه في هذا الحال مقاربٌ لبعد القمر فهل هناك نص يؤيد ذلك أو يشير إليه؟ الجواب: نعم. فقد ذكر نعيم بن حماد عن الوليد قال: بلغني انه قال: "يطلع نجم من قبل المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضيء لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر"(1) وعن كعب الأحبار "حُمرة تظهر في جوف السماء ونجم يطلع من المشرق يضيء كما يضيء القمر ليلة البدر ثم ينعقد".(2) رابعاً: إذ كان الفرض صحيحاً فلابد ان تكون رؤيته قبل رمضان بمدة كافية لكبر حجمه وقربه فهل هناك ما يؤيد ذلك؟ الجواب: نعم ففي نفس الباب (71) قال الوليد: "والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات انما نجم الآيات نجمٌ يتقلب في الآفاق في صفر أو في ربيعين أو في رجب". ومن الواضح ان هذهِ الشهور هي السابقة على شهر رمضان لا اللاحقة وعلى فرض انها اللاحقة فان عبارة (يتقلب) تعنيّ من الوجهين فأنه إذا رؤى من مدّه مقبلاً فأنه يرى مدّة مثلها مدبراً – وتقع الحوادث في وسط تلك المدّة وهو شهر رمضان. خامساً: هل هناك حديث يؤيد حدوث كسوف آخر أول الشهر غير الكسوف الذي في منتصف الشهر؟ الجواب: نعم وهي ما في الكافي عن أبي عبد الله "قال تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم عليه السلام".(3) سادساً: الا يوجد احتمال بحدوث خسوف للقمر أول الشهر؟ علمياَّ فأن هذا الاحتمال ضئيل جداً مع وجود المذنب – فلو لاحظت الرسم فانه يحتمل فقط في اليوم الأول أي عند رؤية الهلال وهو ابن ليلة أو ليلتين. والرسم وحدّه لا يكفي لتصور ذلك من غير تصور للمساقط الحقيقية بمسافاتها. في هذهِ المنطقة فقط يمكن للمذنب ان يحجب ضوء الشمس عن القمر وعندما يتحرك كل منهما باتجاهه يسقط ظله أسفل القمر ويزاح إلى مكان آخر من الفضاء. سابعاً: ألم يذكر ذلك في المرويات؟ الجواب: العجيب ان هذا الحدث قد ذكر ايضاً رغم انه لا يتحقق الاّ باحتمال ضئيل يوحي لك بأن حركة المذنب ومسافته وحجمه كلها محسوبة بدقة للقيام بعمل مخصوص هو تهيئة أجواء الأرض لطور المهدوية. ففي البرهان أخرج الدارقطني في سننه عن محمّد بن علي قال: "لمهّدينا آتيان لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه ولم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض".(4) ثامناً: على هذا لا يكون هناك تناقض في المرويات؟ الجواب: ليس ذلك فقط بل يؤيد بعضها بعضاً ويفسر بعضها بعضاً. وسوف ترى عند التكلم على ظاهرة طول الأيام وقصرها انّ ذلك لا يفّسر الاّ بطريق علمي – فقد ذكر أحد العلماء المعاصرين سقوط أحاديث الطول والقصر لتعارضها مع بعضها – وسوف نبرهن بإذن الله ان هذهِ الأحاديث لا تنطبق عليها قواعدهم الأصولية من (تعارض الخبرين) وأشباهه لأنها تحتاج إلى فهم علمي. وعلاوة على ذلك فحكم العلماء على هذا النحو معارض بكثير من النصوص التي أكد فيها الأئمة (ع) عدم رفض أخبارهم وما روي عنهم لمجرد أننا لا نفهم معناه أو نراه يتعارض مع قواعدنا والتي أكثرها أمور نسبية وقواعد مخطوئة من الأصل. تاسعاً: هل يفسر الكوكب المذنب جميع الظواهر المذكورة في العلامات السماوية وهل تكون هذهِ الفرضية صحيحة على جميع المستويات؟ الجواب: ان المذنب نفسه ليس فرضية لأنه مذكور في العلامات والفرضية إنما هي في كونه المسبب لهذا التحول الكوني والتكويني في الأرض وهذا ما سنقوم ببحثه الآن تحت هذهِ العناوين: 1- لماذا يحدث التحوّل الكوني؟ 2- أين ذكر المذنب؟ 3- التفسير الموحّد للظواهر الإحدى عشر الأخرى. 4ـ لماذا يَحدث التحوّل الكوني في النظام الطبيعي إن الإجابة على هذا السؤال هي كل ما انطوى عليه هذا الكتاب وكل ما سوف يأتيك من أبحاث ولكنا لتوضيح الصورة أمامك تذكر لك جملة من الأسباب اختصاراً على شكل فقرات: أ. إن التحوّل الكوني ضرورة "لإحياء الأرض بعد موتها" والذي هو صفة طور الاستخلاف والذي سوف نوضحه في مباحث قادمة؟ نربط فيه بين الإحياء وتغيير فلك الأرض. ب. أن أرزاق العباد وخيرات الأرض وبركات السماء مرتبطة علمياً بحركة الرياح وزاوية الميل الأرضي – فجميع ما يتصل بالحياة مرتبط في الواقع بحركة الأرض وموقعها وسوف نجد ان هذهِ القوانين هي علمية من جهة وقرآنية من جهة أخرى – فلا بد من أحداث تغيير في موقع الأرض وزاوية ميلها بما يلائم هذا الطور. ج. ان قانون الاستخلاف يحتم إحداث تغير جوهري في الطبيعة بحسب درجة الاستخلاف ومدته والطور المهدوي هو في الواقع الطور الذي لأجله خلقت السموات والأرض ولذلك فأن أعظم تغيير تاريخي لطبيعة الأرض سوف تكون في بداية هذا الطور. وقد لاحظنا ضرورة تغير النظام الطبيعي إلى (النظام الأحسن) باعتبارها الغاية الأولى من الخلق في مقدمة المنهج اللفظي. د. أن أحداث آيات مرعبة وعلامات مذهلة هو ضرورة لإفاقة الناس من سُباتهم ولهوَهم لاستقبال هذا الطور (فيحيى مَنْ حًييَّ عن بينّهٍ ويَهلك مَنْ هَلكَ عَن بينّةٍ) فهي بمثابة الإنذار الأخير للعالم. 5. الكوكب المذنب والعلامات المتتالية (كنظام الخرز) المرويات وتفسيرها: أ. في البرهان والمنتخب عن عبد الله بن عباس (رض) " لا يخرجُ المَهدّيُ حتى تطلَعُ مَعَ الشمس آيةٌ".(5) وعند ملاحظة النص بدقة وتذكر قوله تعالى " وَجعَلنا الشمس والقمرَ آيتين" – فان عبارة تطلع مع الشمس آية تدل بوضوح على دخول جرم آخر إلى النظام لما تنطوي عليه معّية الآية للشمس – فالشمس جاذبة وهي مركز النظام ولم يقل مع القمر لأن المفروض في الجرم الداخل ان يُحدَّث تغييراً في توزيع القوى في النظام الجذبي، فمعيتها تكون للشمس. قارن النص بنص آخر يذكر الآية مرتبطة بالقمر – بيد أنهّ لا يقول مع القمر بل (في القمر). عن الباقر (ع) "العام الذي فيه السُفياني قبلهَ الآية في رجب قال قلت ما هي قال وجه يطلع في القمر".(6) سوف نلاحظ قريباً: ان الوجه الآخر للقمر والذي لم نره قط الاّ بالصور والذي هو خلوٌ من السواد (أو البحار الجافة) هذا الوجه سوف نراه عند مجيء المذنب. لأن التأخير الحاصل في دوران القمر حول الأرض سوف لا يتناسب مع دورانه حول نفسه وبذلك ينكشف وجهه الآخر المضيء والجميل جداً للأرض وليس ببعيد ذلك التشبيه المستمر للإمام نفسه (ع) أنه "يسُيفر عن وجهه كالقمر ليلة البدر" – في خصائص متناغمة في المفردات بين الإمام وعالمهُ الجديد. أن الآية التي (مع الشمس) – كما في اكثر من نص هي الآية التي كما لو كانت تعاون الشمس في إعادة توزيع قوى النظام بما يلائم الطور الجديد. وإذا ذهبت شوطاً أبعد في الرموز الواضحة – فأن الله تعالى قد وصف رسوله (ص) أنّه (سراجٌ منيرٌ) – وورد في بعض التفاسير: " والشمس وضُحاها" أنّه (ص) هو الشمس – وهناك نصوص عن النبي (ص) بهذا المعنى. ان طلوع آية مع الشمس انما هو امرٌ كوني محسوب متناغم لغةً وحقيقة مع طلوع من "يُواطئ إسمُهُ إسمَ النبي". وهذه هي الحتمية الكونية والتكوينية والشرعية والتشريعية لابد ان تُقرأ هكذا: "لا يخرج – حتى تطلع". ونلاحظ هذا التشبيه المتناغم مع الكون كثيراً في النصوص – ففي إجابة للإمام المهدي (ع) نفسه على سؤال وُجه اليه عن كيفية الانتفاع به في غيبته أجاب "..كما يُنتفعُ بالشمس إذا سترها السحاب أو غيبتّها السَحاب"(7) ان المذنبات هي في الواقع شموس مختلفة الحجم والمدارات وهي أجرامٌ مستقلةٌ عن النظام الشمسي – وهي من النجوم الملتهبة ناراً ذات رأس بكثافة عالية يُسمى النواة وذيل يختلف في شكله من مذنب لآخر ينفثُ ناراً وله دويّ شديد ويَبلغُ طولُ الذنبِ اكثر من مائتي مليون كيلو متر وشكلهُا من بَعيد شكلَ الشهاب. هذهِ النجوم بَعضها يَطرقُ المجموعة الشمسية كل (76) سنة مثل المذنب هالي الشهير ومنهِا يستغرق الآف السنين كالنجم المسمى (العملاق كوهوتكسي – وهو بطول 250 مليون كم – شوهد في 1973 ولن يُرى الا بعد 75.000 الف سنة. أمّا مذنب ليكاسيكي فقد سُمِّي "كرازسن" أو الملامس للشمس(8) ويدل ذلك على شدة قوته الجاذبة حيث يصل إلى مليون كم من الحافة الشمسية ان واحداً من تلك المذنبات هو(النجم الموعود). ب. لمّا كان المذنب نجم كالشمس فقد ذكر في المرويات بأسماء مختلفة ومنها انه ذكر باسم (النجم) وهو أهم أسمائه مما ذكره نعيم عن كعب قال" ..ما بين العشرين إلى اربع وعشرين نجم يٌرمي به شهاب يُضيء كما يضيء القمر".(9) وفي نفس النص في الفتن: "والنجم الذي يٌرمي به شِهاب ينقّضُ من السَماء معه صوت شديد حتى يقع في المشرق".(10) ان عبارة كعب واضحة إذا قُرأت (يَرمي) بالياء أو بالالف المقصورة فعلى الأول: الشهاب وهو الذنب الناري يرمي بالنجم أي يقذفِ به والنجم هو الكتلة الرأسية. وعلى المقصورة فالذنب تابع للكتلة الرأسية. والتفسير العلمي الحالي للذنب – أنه يبتعد عن الرأس بسبب الطرد الجذبي مع الشمس. فأحيانا تكون الحركة بأتجاه الذنب كما لو كان الذنب هو الذي يجر الرأس لا العكس. وعلى كلٍ من القراءتين فأن المذنب لا يُحدد اتجاه الحركة وهو الصحيح علمياً. وعلى ذلك فان الذنب ربما يُطلّ علينا قبل النواة – وإذا كان من قرب – كما هو المفترض لأحداث التغيير الكوني المنشود فأنه سيظهر (عمود من نار) إلى عنان السماء. وهو ما يفسر النار من المشرق، لاحظ الرسم. "يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضئ لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر".(11) وفي هذا النص يُسميه (نجم) ويؤكد على ان له ذنب ويؤكد على شدة اضاءته وكونه من المشرق. لكنه قال هنا (يطلع) ولم يقل (ينقضّ). ان التعبير عن حركته بكلمة (ينقضّ) و (يَهوي) كما في نص آخر هو امرٌ بالغ الأهمية بالنسبة لنا. لأننا نحاول الربط لهذهِ الحركة السريعة بالعبارات القرآنية ومحاولة العثور على العلامات الكونية في القرآن بعبارة مثل "والنجم إذا هوى" حيث تفيد (إذا) المعنى المستقبلي فقط لغةً وهذا بالطبع بخلاف ما رآه المفسرون من انها الحالة الاعتيادية التي تحدث يومياً بتساقط الشهب علاوة على التحديد الذي يُفيده القسم باداة القسم وأسل التعريف (والنجم) مما يدل على انه نجم معهود معروف بين السامع والمتكلم لا جميع الشهب. وتفصيل ذلك يأتيك في العلامات ومدلولاتها في القرآن في فصلٍ لاحق. إذا لاحظت الرسم فأن الناس في الجزء المظلم من الأرض (الليل) وهو الوقت الذي يُشاهد فيه المذنب سيشاهدون (عمودَ النار) فقط (الرأس – لقرب مسافته ولأن الذنب يُطرد بالجذب الشمسي بعيداً عن الرأس – لاحظ الفرق بين اتجاه الحركة واتجاه الذنب. ج. في كتاب الفتن أيضاً وتعليقاً من نعيم ذكره ابن طاووس جاء فيه: "قال الوليد والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات أنما نجم الآيات نجمٌ يتقلب في الآفاق".(12) ان عبارة (نجم الآيات) هي مقصودنا من هذا النص، وهذه العبارة تدل بجلاء على ان النجم هو السبب في ظهور الآيات وحدوثها فهو ليس بآية وحَدهُ بل هو آية الآيات وفاعلها. ولذلك نفي الوليد ان تكون (الحمرة) التي رأوها بالآيات أو (من الآيات) – ومدلول ذلك عنده انها لم تكن بسبب نجم الآيات لأن هذا النجم له صفة معلومة هي الكبر والاضاءة والقرب وتتابع الآيات. د. النجم أو (النجم ذو الذنب): في خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في المدينة جاء في آخرها: "..لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الظلالة وأحييتم الباطل وخلفتّم الحق وراءَ ظهُورِكم وقَطَعتمُ الأدنى من أهلِ بدر ووَصلتم الأبعدَ من أبناءِ الحرَبِ لرسِول الله ولَعَمري أنهّ (لو) قد ذابَ ما في أيديهم لدنى التحميصُ للجزاء وقَربُ الوعَدُ وانقضت المدّةُ وبدى لكم النجم ذو الذنب من قِبلِ المشرقِ ولاحَ لكم القمرُ المنيرُ فإذا كان ذلك فراجعوا التوبةَ وأعلموا انكمّ إنْ اتبعتّم طالعَ المشرقِ سلك بكم منهاجَ الرسول (ص) وتداويتم مِنَ العمىَ والصمم..."(13) ان القمر المنير) في الخطبة هو كناية عن الإمام المهدي (ع). لكننا نلاحظ ان إرتباط ظهوره هنا بالنجم ذو الذنب، وعلى ذلك فأنه كناية وحقيقة في آن واحد..لأن القمر الفلكي سَينُير بالفعل إنارة اكبر مما سبق. لقد ارتبط النجم بالإمام (ع) ارتباطاً وثيقاً، في النصوص لدرجة التعبير عن الإمام نفسه بالنجم ...وذلك ظاهر في قوله "ان اتبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول". وعدا ذلك فأن تشبيه الإمام بالنجم هو من عبارات النص النبوي ايضاً: "مثل أهل بيتي فيكم كمثل النجوم في السماء" وذلك لأرتباط الهداية في القرآن بكل من النجم والإمام: "وجعلناهم أئمة يهدون بامرنا" "وعلامات وبالنجم هم يهتدون" ومن الواضح ان (النجم) هنا مفرد معرّف بال التعريف معهود يبين السامع والمتكلم فهو ليس كل نجم وانما هو نجم مخصوص، وذلك لورود صيغة الجمع في القرآن في موضع آخر كما في الواقعة "فلا اقسم بمواقع النجوم". وفي نص آخر ذكر (طلوع النجم) بطريقة توحي للسامع انه نجم سماوي أو رجل يهدي الناس سواء .. لأن النص تعمد جعل الإمام نجماً والنجم إماماً هكذا "يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه بسطةٌ بأزرُ العلم فيها بين المسجدين إلى قوله ... فبينما هم كذلك إذ أطلع الله عز وجل لهم نجمهم".(14) ه. الشهاب الثاقب: لم اعثر على نص واضح "باستثناء القرآن" يسمّى المذنب بهذا الاسم لكني عثرت على نص يسمى المهدي (ع) بهذا الاسم. وهذا النص هو ما في اكمال الدين عن الصادق (ع): "أما والله ليغيّبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم ما لله في آل محمد (ص) حاجة ثم يُقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظُلماً"(15) أن وصف إقبال الإمام بعد غياب أنّه (يُقبل كالشهاب الثاقب) هو وصف مقصود لأبراز التجاوب الكوني مع الإمام فهو ليس بوصف تعبيري مجردّ عن أية حقيقة بل هو لارتباط إقباله بإقبال (الشهاب الثاقب) وهو النجم المرئي في السماء. ولو اريد به ايَّ شهاب لقال "ثم يقبل كشهابٍ ثاقب" مما يدل على وجود شهاب مخصوص معرّف بال التعريف يُقبل مع إقباله. على ان هذا التعبير أريد به التنويه عن أمرٍ آخر – وهو ذكر هذا اللفظ في القرآن للتنبيه على وجود علامات كونيةِ للمهدوية مذكورة في الكتاب. وستلاحظ في فصل لاحق ان العلامات الكونية تلك قد ذكرت جميعاً في القرآن في سور مختلفة بتوزيع منظم. ان المعنى اللغوي لـ (شهاب) هو "عمود من نار" ذكر ذلك قتادة أو "الشعلة الساطعة من نار" كما في الوسيط، والثاقب، في الوسيط: الشديد التوهج أو الحمرة أو الشديد الإضاءة كما في التبيان.(16) وتلاحظ هنا الأرتباط بالعلامة الأولى "عمود ساطع من نار من قبل المشرق فأن الشهاب الثاقب نفسه عمود ملتهب من نار. هذا العمود الناري الملتهب هو الذي يتبع كل شيطان مارد – بحسب شرح المفسرين لقوله تعالى "الاّ من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب". الهوامش ________________________________________ (1) الفتن/ الباب 71. (2) الفتن / الباب 61. (3) البشارة عن الكافي/ 130. (4) البرهان/ ب/4 ومنتخب الأثر في المهدي المنتظر 444/ب2. (5) المنتخب/ باب 3/ حديث 13. (6) النعماني في الغيبة / البشارة/ 120. (7) ومثله عن الصادق/ إكمال الدين/ 19. (8) The Universe 111. (9) الباب 73 – كتاب الملاحم والفتن لأبن طاووس (رض). (10) الباب 73 – كتاب الملاحم والفتن لأبن طاووس (رض). (11) الباب 71 / نفس المصدر. (12) الفتن/ 36 ط. النجف 1382. (13) البشارة / 63. (14) اكمال الدين واتمام النعمة / 337. (15) البشارة / 117. (16) التبيان في تفسير القرآن ج 8/485 (4) الصافات آية 10. 1348. ابو داود كتاب المهدي/ 207. وقد أُبتُنَي التفسير لهذهِ الآيات على ان (الشيطان المارد) كائن غير مرئي يصعد احيانا إلى السماء (ليسمّع) إلى الملأ الأعلى. ولمّا كنا لا نرى ذلك معهم – لأن الشيطان ربما يكون إنسياً، وفق المنهج اللفظي وذلك لقوله تعالى "شياطين الإنس والجن" – فقد اختلف مفهومنا للآيات عمّا ذكروه وهو ما لسنٍا بصدده الآن – انما بصدد تحديد أنّ "الثاقب" هو الشديد الاشتعال ذاتياً – فعبارة "اثقب النار – أي استوقدها" التي استشهدوا بها لغةً لا تفيد ان يستوقدها بإضافة الحطب بل بالتهييج و التأجيج – فأن النار بتحريك باطنها تتأجج، وعليه (فالثاقب) يعني المتقد ذاتياً – الذي يزداد توهجه من تلقاء نفسه. هذهِ الصفة "الثاقب" لم تضف إلى لفظ الشهاب في سورة الطارق بل إلى لفظ "النجم" المعرّف بال التعريف: "وما أدراك من الطارق؟ النجم الثاقب". ما هو الفرق إذن بين (الشهاب الثاقب) و (النجم الثاقب)؟. من الواضح ان الشهاب عمود من نار متقد ذاتياً ويزداد توقداً بالحركة وهذهِ هي المعاني التي تعطيها المفردات في صورتها الحية – وإذن فهي الشهب السماوية التي نراها كل ليلة تقريباً – لأن التعبير بالنكرة المعرفة "فأتبعه شهاب ثاقب" يعني ايَّ واحد من تلك الشهب. اما (النجم الثاقب) – فهو (نجمَ) أي انه جرم شمسي لا كوكب بارد وهذا النجم متقد ذاتياً – وإذن فعمر النجم طويل جداً وليس كعُمر الشهاب الذي ينتهي بلحظات. وإذ كان (الشهاب) عمود من نار فأن النجم مصدر ذلك العمود الناري فعلى صعيد التكوين تكون النجوم مصدر جميع الشهب، أي مصدر (النار) وهي أيضا مصدر الإضاءة والنور وعلى صعيد التشريع فالإمام (ع) مصدر الهداية وهو نور كما هو مصدر (نار الفتنة) و (عذاب النار) الذي سنوضحه في فصول (العذاب في الطور المهدوي) وقد مرّ عليك الربط بين الأمرين في كتاب (أصل الخلق وأمر السجود). ان البحث في الحلف القرآني "والسماء والطارق وما ادراك ما الطارق النجم الثاقب" يأتيك في محله بعد ان نوهنا على بعض الموارد التي أكدت حدوث آية المذنب في النصوص وأهمية تلك العلامة وكون هذا النجم هو سبب حدوث باقي الآيات التي تتابع (كخرزات منظومات) حسب النص النبوي. والآن لنلاحظ هل يفسر مجيء المذنب جميع العلامات الإحدى عشر الأخرى؟ 7. تحليل وقوع العلامات الكونية بسبب المذنب أ. نار المشرق: ان ذيول المذنبات مختلفة جداً في الشكل، فبعضها له اكثر من ذنب واحد وبعضها على شكل (مكنسة) أو لنقل (شجرة) وبعضها بذنب واحد. ويقال ان الذنب يتألف من أحجار وصخور بكثافة أقل من النواة الواقعة في الرأس مع غازات، ربما الامونيا تشكل منها النسبة الأكبر، وهي ملتهبة ولونها الأحمر – بيد انه يُرى باللون الأبيض لبعد المسافة. وذكرت مجلة ان اللون الأحمر للذنب تتخلله خطوط فضية لامعة، ما هي الاّ نتيجة الانعكاس الضوئي للأخاديد.(1) وهنا نلاحظ عبارات النص السابق "إذ أحيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسولهُ منهم براء وظهرت الحمرةُ في السماء ثلاثاً فيها أعمدة كأعمدة اللجيّن يتلألأ نور".(2) واللجيُن: هو معدن الفضة. ان التطابق بين وصف النص للنار والوصف العلمي للمذنب يجعلنا نعتقد ان هذهِ النار المعبّر عنها بنار المشرق أو أعمدة النار أو عمود النار ما هي الاّ ذنب ذلك النجم الموعود الذي سيظهر لونه الأحمر الناري عند اقترابه من مدار الأرض – بعد أن أكدت النصوص على اقترابه وانه سيكون مضيئاً كما يضيء القمر. عشرة فقط من 1800 مذنب مكتشف تبلغ اقطار نواة الرأس بحدود (160) كم والباقي اصغر من ذلك بكثير. إن قطر (اودنيس) الذي يقطع مدار المشتري لا يبلغ سوى 150 متراً.(3) إذا أخذنا بهذهِ القياسات فأن النجم الموعود سيكون قريباً جداً من الأرض بحيث انه يُرى كالقمر وعليه فانه يتمكن من تحقيق بقية الحوادث، بشكل متتابع بسبب التأثير الجذبي على الأرض. ولو توفرت لدينا جداول دقيقة وحديثة عن مسار الأرض فبإمكاننا بناءً على التحليل الدقيق للنصوص معرفة الجهة التي يأتي منها المذنب والكثير من التفاصيل الأخرى. مثال ذلك أننا نفهم من بعض النصوص ان العلماء والمنجمين "أي الفلكيين" لن يتمكنوا من إعطاء تفسير لنار المشرق، طبعاً على مستوى علمي وعالمي. هذا يعني انه يطرق النظام بشكل مفاجئ ومثل هذهِ الحالة لا تحدث الاّ في ظرف خاص هو انّ جهة مجيئة هي نفس جهة الشمس بالنسبة للأرض. أي ان الأرض تكون في القوس الأبعد فالشمس تقع بين الأرض والمذنب في أول دخوله النظام ثم يدور حول الشمس بقوس مقترباً من الأرض .. فلا يرى في هذهِ الحالة قط في أي مكان من العالم وفي نقطة الاقتراب الأولى ينبثق عمود النار من جهة المشرق. ولا يُرى سوى ذلك عند حصول الخسوف الغريب للقمر في اول ليلة من الشهر العربي ولن يُرى المذنب نفسه الاّ بعد ايام وكل ما يرى في الأيام الأولى هو عمود من نار يعلوُ. فأن قلت ان النص ذكر (تقّلب المذنب في صفر وربيعين أو رجب)، فأقول أننا أخذنا من هذا النص التسمية (نجم الآيات) للدلالة على كونه المسبب للآيات اللاحقة امّا تقلبه مع الترديد ما بين صفر إلى رجب فيمكن تفسيره ان تلك الرؤية في أول دخوله النظام الشمسي. ب. طول الأيام وقصرها وركود الشمس، العلامات (4،5،7) هذهِ العلامات الثلاثة جميعها في تفسير واحد فرعي على المذنب لأنها واقعة بقانون واحد. فطول الأيام والليالي وقصرها راجع إلى دوران الأرض حول نفسها وسرعة هذا الدوران. وركود الشمس هو الآخر مردّه إلى حركة الأرض حول محورها – لأن ما نراه من حركة للشمس هي في الواقع جراء حركة الأرض حول محورها – فحركة الشمس (النسبية) هذه هي عينها حركة الليل والنهار وسرعتها هي التي تحدد طولهما وقصرهما. ومن هنا قلنا ان المرويات بشأن هذهِ الظواهر لا تقع تحت القاعدة الفقهية من (تعارض الأخبار) بل هي حقائق علمية تقع سوية في تتابع منظم. لو أخذت كرةً معدنية ممغنطة تدور على محور حر الحركة قليل الاحتكاك ما أمكن لتمثيل الأرض ودوَّرتها على محورها عدة مرات مقربّاً منها مغناطيس ذي فيض مقارب للكرة يمثل المذنب فأنك ستجد ان سرعة الدوران احياناً تزداد وأخرى تقل في اوضاع معينة، وهناك وضع معين تتوقف فيه الكرة عن الحركة بشكل مفاجئ حينما تختلف الأقطاب وتنافر وهي بمسافات متساوية فيكون عزم الدوران صفراً. وإذا كان المغناطيس قوياً بما يكفي والكرة ذات كتلة واطئة والاحتكاك ضئيل فأنه ربما تمكن من زحزحتها وتدويرها مرة أخرى من حال التوقف لكنك بالطبع لا تستطيع جعل الاحتكاك صفراً كما هو الحال في الكواكب، الحقيقية. ان ما يحدث بإذن الله هو ان المذنب يحوّل واقع الأرض إلى واقع آخر مختلف تماماً – زاوية ميل جديدة ومشرق ومغرب جديدين بل ومدار آخر حول الشمس. ان الكواكب تتحرك بالاستمرارية، وهي لا تغير مجاريها الاّ بتأثير خارجي حسب قوانين (كبلر) لحركة الكواكب. عندئذ تستمر في الحركة الجديدة التي وقعت تحت تأثير الجرم الخارجي إلى الابد ما لم يؤثر جسم خارجي أو قوة خارجية وهكذا. إذن فحدوث تغير كوني تحت تأثير نجم يطرق النظام هو أمر مُحتمل علمياً. ان بقاء الأرض بهذا الواقع الراهن من غير اصطدام بمذنب من المذنبات المعروفة هو بحد ذاته أمر عجيب. فمن شأن ملايين السنين من الدوران – ووجود أربعة مذنبات في الأقل مكتشفة وبدورات قريبة مثل (تومسون 4860 سنة وهالي 76 سنة ولكياسكي 880 سنة وإنك 3.3سنة) – من شأن ذلك ان يزيد من احتمالات التصادم زيادة هائلة. لقد شوهد (إنك) للآن اكثر من 60 مرة يقطع مدار الأرض ولا يعبر مدار المشتري، والأرض تدور حول الشمس بزمن مقداره سنة واحدة، ومن شأن هذا الاختلاف ان يزيد من احتمالات التصادم – فكيف لو تم حسابه على عمر المجموعة كلها؟ لقد أرادت النصوص المأثورة ان نفهم هذهِ الحقيقة وان تؤمن بأن الله تعالى القادر على كل شيء = قد أخرج الأرض سالمةً ملايين السنين من هذا الدمار المحتمل وقوعه كل حين – وان ذلك لا يحدث الاّ بأمره ومشيئته وتقديره. لقد أكدت آيات (الحفظ) على حفظ السماء الدنيا – وهي سماء الأرض بالخصوص – كما سنبرهن عليه في مبحث آخر – من مختلف أوجه الفساد والتدمير / أمر مقصود ومدّبر. "يدبّر الامّر من السماء إلى الأرض". "فسواهن سبع سماوات واوحى في كل سماء أمرها وزيناّ السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً". لكن المسلمين لم يبحثوا علمياً في أوجه الحفظ وكيفيته بل ولا لغوياً بالمقارنة بين الآيات تلك ولا سواها من المواضيع – فقد اتخذ القوم "هذا القرآن مهجوراً" واكتفوا بإفهامنا ما يمكننا ان نفهمه وهو ان الله تعالى تكفّل بحفظها. ولا يمكننا الآن الخوض بالتفاصيل والعلاقة بين الحفظ والمصابيح مثلاً. ونحن بصدد الحديث عن موضوع آخر فنقول ان أخراج الأرض سالمة من احتمالات التصادم وإبقاءها لتحقيق الاحتمال العجيب البالغ الضالة وهو نقلها إلى واقع آخر أفضل من هذا الواقع بنجم مذنب ربما لم يّمر من هنا من قبل ابداً وعمر دورته هو عمر الكون كله هذا الحادث نفسه هو امرٌ مدبر لتحقيق وعدٌ الهي واثبات حق رباني مرتبط بأجل السموات والأرض "وما خلقنا السموات والأرض الاّ بالحق واجلٍ مسمى". هل يمكننا معرفة أيهما أسبق تطاول الأيام أم قصرها، لنحدد بالتالي كيفية حصول التأثير الجذبي؟ نعم تستطيع ذلك: فهناك النصوص التي ذكرت تطاول الأيام والسنين كنظام جديد ثابت يأتي بديلاً للنظام الحالي. كما في هذا النص: في كتاب إعلام الورى: ذكر الخشعمي ان الصادق (ع) اخبره بطول الأيام والليالي في دولة القائم (ع) قال قلت له جعلت فداك وكيف تطول السنون قال: بأمر الله الفلك باللبوث وقّلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون".(4) وعليه فأن الطول الحاصل في الأيام والسنين هو النظام الثابت وبالتالي يكون قصر الأيام والليالي أسبق وهو حال طارئ متعلق بفترة مرور المذنب إذن سيكون التحليل العلمي لذلك على هذا النحو، ننقل المقطع الخاص بالأرض من الرسم السابق ونكبرهّ للتوضيح: أولاً: من الموقع 2 إلى 1 يحدث تجاذب بين الأقطاب يؤدي إلى سرعة دوران الأرض حول محورها. ثانياً: من الموقع 1 إلى 2 يحدث انخفاض في شدة التجاذب يؤدي إلى عودة السرعة إلى ما سبق – (سرعتها الاعتيادية) – واستمراراً في الانخفاض، بسبب اختلاف الزوايا والاتجاهات حتى تبلغ الصفر في النقطة 2. ثالثا: في الموقع (2) ستتوقف الأرض تماماً عن الحركة للتقابل بين الأقطاب وصيرورة المذنب في وسط المسافة عمودياً على الخط الواصل من المذنب إلى خط الاستواء. وستكون تلك اقرب نقطة يصلها المذنب بالنسبة للأرض توقف الأرض يؤدي إلى توقف الشمس بطبيعة الحال وهو المذكور باسم "ركود الشمس من الظهر إلى العصر". هذهِ الفترة كافية – وهي عدة ساعات – لتتجاوز الكتلة الرأسية للمذنب فيها الموقع العمودي. وإذا تحرك من النقطة 2 إلى 3 ماذا يحدث؟ هل ستعود الأرض إلى حركتها السابقة؟ هذا محال حسب قواعد كبلر. هل ستبقى متوقفة؟ هذا يصح إذا فقد المذنب جاذبيته فجأة وهو أمر غير معقول إطلاقاً. هل تدور بالعكس: هذا هو الصحيح! فبعد ان أسرعت ثم تباطأت ثم توقفت فالمرحلة الرابعة تستدعي الدوران المعكوس لانعكاس الأقطاب. إذن سيتبع توقف الشمس رجوعها إلى المشرق – نهاراً – واما الذين هم في الجزء المظلم من الأرض فلن تطلع عليهم الشمس من المشرق – بل ستظهر من المغرب بعد ليلة طويلة مرعبة وخانقة. هذهِ الليلة الفاصلة هي أعظم ليلة في التاريخ البشري وسوف تجد لها ذكراً وتفصيلاً في القرآن يأتيك في موضعه من البحث القرآني. ج. خسوف القمر وكسوف الشمس خلاف العادة: قد ذكرنا التفسير العلمي لذلك. فالقمر يمكن ان يخسف في أول ليلة وهو شيء لم يحدث قط في تاريخ الأرض، وذلك عند اقتراب المذنب في المرحلة الأولى. يتبع ذلك كسوفات للشمس متعددة وجزئية ومن الواضح جداً خلال الرسم التوضيحي ان الكسوف التام يمكن ان يكون بل لابد ان يكون في وسط الشهر. وحينما يقطع المذنب المنطقة (من 2 إلى 3) فان القمر يكون قد دار إلى الجهة الثانية وسيلقى بظله عليه وعندها ينكسف القمر كسوفاً غريباً في آخر الشهر وتحديداً ليلة الخامس والعشرين، والذي يسمى (خسوف القمر). هناك سؤال آخر بالغ الأهمية: متى يحدث توقف الأرض عن الحركة؟ قد يبدو لأول وهلة ان ذلك يحدث في وسط الشهر مادام المذنب يقطع هذهِ المنطقة كلها بحدود الشهر. هذا صحيح لو كانت الأرض بمحور عمودي لا مائل أما في هذا الوضع فأنك تلاحظ أن الخط العمودي على الاستواء يمر بمنطقة قريبة من كسوف القمر آخر الشهر أي قبل يوم 25 بمدّة يسيرة يومين أو ثلاثة. هل يتم ركود الشمس في يوم 23 ومن شهر رمضان مثلاً؟ لقد أكد المأثور الشيعي بالخصوص على هذا اليوم واعتبر هذهِ الليلة هي ليلة القدر وفي فجرها ينادي باسم المهدي الموعود (ع) ومعلوم انه في فجر هذهِ الليلة المرعبة ستطلع الشمس من مغربها. ومرة أخرى نرى التوائم بين التكوين والتشريع – بين الإمام والشمس بين ظهوره وطلوعها من مغربها. ان ملاحقة مفردة (الشمس) و (افولها) في القرآن لا يعني سوى ذلك الأمر بيد اننا لا نستطيع اعلان كل ما نعرفه مع امّة تتدبّر كتاب الله. د. الصوت أو الهدّة: كيف يمكننا ان نفسر حدوث الصوت أو الهدةّ؟ علينا أولاً معرفة طبيعة الصوت: انه ترددات موجية تنتقل بالهواء فقط وبغير هذا الوسط أو ما يشبهه فانها لا تنتقل بالفراغ مطلقاً. ان المذنب بعيد رغم ذلك، إذ لا يعقل ان يمر بالغلاف الغازي. وهل في الذنب صوت؟ الحق ان في المذنب نافورات نارية نافثة للغازات المحترقة والدوي الذي فيه لو قدّر وصوله لهدّ اركان العالم، لكنه لا ينتقل بالفراغ. ان الدوّي مستمر من الرأس إلى الذنب والذنب طويل جداً ربما يصل إلى 200 مليون كم. والذنب متجه باتجاه عكس الشمس، أنه متجه نحو الأرض (انظر الرسم). من المؤكد انه يخبط حافة الغلاف الغازي للأرض في الأقل ان لم نقل يدخل الغلاف نفسه وتسقط بعض صخوره على الأرض وفي ذلك تجد المأثور يؤيدنا تأييداً تاماً. إذ بامكاننا ان تضيف "قذف ومسخ" من أنَّ القذف هو قذف بالحجارة. لانّ مكونات الذنب من صخور وغازات اغلبها الامونيا الخانقة، فمن الممكن دخول جزء من الذنب جو الأرض. اما بشأن الدخان "يوم تأتي السماء بدخان مبين" فقد حدد في المأثور الأمامي انه من علامات المهدي (ع) لا القيامة. قبل الظهور يغشى الناس دخان وعندها يؤمنون بألسنتهم دون قلوبهم "يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم. ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون انا كاشفوا العذاب قليلاً انكم عائدون. يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون".(5) وسوف تلاحظ في البحث القرآني علاقة سورة الدخان بالمهدي (ع) بجميع الفاظها المستخدمة. لقد أكد المأثور على ضرورة تلاوة السورة في ليلة الجمعة (حيث يوم الظهور المتوقع)، وعدا ذلك نجد الصوت أو الهدّة نفسها في مأثور السنة تحدث يوم الجمعة وفي شهر رمضان. والسؤال هو في أي يوم تحدث الهدّة من ايام الشهر؟ من الواضح اننا بحسب الفرض السابق فأن الذنب لا ينتظر إلى يوم 25 ليخبط الأرض. انه يصل إلى حافة الغلاف الغازي قبل ذلك. ولما كان الغلاف الغازي له شكل مفلطح كشكل الأرض فأنه يضرب الهواء ويخرج من بعد حين وبسرعة. وفي لحظة اتصال الذنب بالهواء الأرضي ينتقل الصوت الذي يعتقد (كل قوم انه وقع في ناحيتهم) حسب تعبير الحديث الشريف. عن نعيم في الفتن عن أبي هريرة قال "في رمضان هدّةٌ توقظ النائم وتخرج العواتك من خدورها".(6) وعن شهر بن حوشب قال بلغني ان رسول الله (ص) قال: يكون في رمضان صوت وفي شوال مهَمهةٌ".(7) وفي نص آخر سمي هذا الصوت (بالصيحة). وحُددّ يومه وهو يوم الخامس عشر من رمضان: "..قلنا وما الصيحة يا رسول الله قال هذهِ في النصف من رمضان يوم الجمعة ضحىً وذلك إذ وافق شهر رمضان ليلة الجمعة فتكون هذهِ توقظ النائم وتخرج العواتك من خدورهن".(8) ولكننا نلاحظ ان هناك توافقاً تاماً للاحداث مع الجمعة فعندما يوافق يوم الجمعة شهر رمضان – أي اليوم الأول وفيه الخسوف الغريب للقمر يكون يوم الخامس عشر جمعة أيضاً وفيه الصيحة ويكون ليلة الثالث والعشرين ليلة جمعه ايضاً وهي ليلة طلوع الشمس من مغربها. فالتوافق لا يحدث بين الآيات والعلامات نفسها بل بين الأحاديث المختلفة ايضاً كما رأيت. وفي نص آخر سميت الهدّة باسم آخر هو (الرجفة) وحددت على أنها في شهر رمضان ايضاً – وذكر انهم رأوا شيئاً شبيهاً بذلك على اثر مذنب فقال: "كانت رجفة أصابت أهل دمشق في أيام مضين من شهر رمضان فهلك اناس كثير ... إلى ان قال: فذكرت ذلك لشيخ قديم عندنا فقال: ليس هذا النجم المنتظر. لقد أكدت الأحاديث على وقوع الصوت – ولا تعثر على تفسير لهذا الصوت يطابق الآيات والعلامات المتتابعة الاّ هذا التفسير حيث لم تذكر اية صفة أخرى لهذا الحدث. نعم ربما التبس الأمر على بعض الباحثين فلم يميزوا بينه وبين الصوت السماوي في فجر الثالث العشرين من رمضان. حيث سُمي هذا الصوت على الأغلب بـ (النداء) – ولكن في بعض النصوص ورد باسم الصوت لكنه ميزّ بالإضافة إلى المنادي فكان واضحاً وضوحاً كافياً. وما زاد الالتباس على بعض الباحثين ورود النداء باسم (الصيحّة) وكانت العوامل النفسية والمذهبية ذات اثر بالغ في اختيار الألفاظ اهتم أهل السنة على الأغلب بإخراج احاديث الصوت الذي هو الهدّة، لتجنب ذكر المهدي (ع) ولتجنب ذكر النداء في الليلة الثالثة والعشرين باسم المهدي من قبل جبرائيل (ع). بينما اهتم المأثور الشيعي بالتركيز على ليلة القدر والنداء باسم المهدي فحدث تبادل بالتسميات وإذا أردنا تحكيم القرآن – فانّا نلاحظ ان (الصيحة) دوماً هي نداء جبرائيل (ع) في الأمم – انذاراً بالهلاك أو اهلاكاً. وامّا هذا النداء المنتظر فورد في القرآن بهذين الاسمين "الصيحة" والنداء: "يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج" وفي القرآن ثلاث صيحات مرتقبة لم يميزوا بينها بل فسرت جميعاً على أنها في يوم القيامة. في هذهِ الآية ورد نص عن الائمة انه يوم الخروج – خروج المهدي (ع) تحديدأً وهناك موضع آخر للالتباس عند ملاحظة اللفظ القرآني. فالنداء ذكر ايضاً في القرآن كأمر مرتقب، لكن يقُصد به النداء بين مكة المكرمة والمدينة والذي يأتيك في حوادث الظهور عند وقوع الخسف في اكمال الدين عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال "الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان".(9) لقد اعتبرت الصيحة (بمعنى نداء جبرائيل (ع)) في المأثور الإمامي احدى خمس علامات محتومة: ابن حنظلة عن ابي عبد الله (ع) "خمس علامات محتومات اليماني والسفياني والصيحة وقتل نفس زكية والخسف بالبيداء".(10) هذا الحديث يحمل نفس التسلسل التاريخي لحوادث الظهور لكنه لا يتضمن اية علامة كونية – لأن الخسف يحدث بأمر جبرائيل (ع). والصيحة في هذا الحديث هي النداء باسم المهدي لا الصوت. وقد تسأل فأين ذكر الصوت في المأثور الإمامي ليمكن التمييز؟ لقد ذكر اكثر من مرة في اكثر من حديث – باستخدام الألفاظ الدالة على ذلك مثل توقظ النائم وتقعد القائم...الخ. ويراد بهذهِ التعابير كل المعاني لا المعاني الظاهرة وحسب. "قال .. وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقظان وتخرج الفتاة من خدرها".(11) ويراد بالنائم هنا عدا النائم الحقيقي – وهو الأهم – الرجل المؤمن: " ستكون فتن لا ينجو منها الاّ النوّمة". حيث يتهيأ للمشاركة في هذا الطور. اما اليقظان فهو ابن الدنيا وكذلك القائم (الذي يقعد) كما في نص آخر فهو كل قائم بالأمر من ملك ورئيس وأمير وكل جبار حيث يسقط هؤلاء إذ لا قائم مع القائم بالحق، وحيث لن يتمكن أحد من فعل شيء حيال الاحداث الكونية التي لا طاقة لهم بها. لقد عرفنا ان (الصوت) استخدم في المأثور الإمامي لا للتعبير عن الهدّه بل عن نداء جبرائيل (ع) – هذا حديث آخر يثبت ذلك: عن ابي عبد الله (ع) قال لأبن ابي يعقوب: "امسك بيدك – هلاك الفلاني وخروج السفياني وقتل النفس وجيش الخسف والصوت قلت وما الصوت أهو المنادي قال نعم وبه يعرف صاحب هذا الأمر".(12) إذن فالصوت عند أهل السنة تقابله (الفزعة) في المأثور الامامي. اما المنادي فذكر بشكل محدود عند أهل السنة كما في هذا اللفظ: فرائد السمطين عن ابن عمر قال رسول الله (ص) "يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه" وذكر ابن نعيم طرقاً للحديث وقال هذا حديث حسن روته الحفاظ كالطبراني وغيره. رواه صاحب نور الابصار ايضاً بلفظ: "وعلى رأسه غمامة فيها ملك ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه". وقال في البرهان وعقد الدرر "والنداء يعم الأرض يسمع أهل كلِ لغة بلغتهم. كما روي في اسعاف الراغبين في (137). وذكره الديلمي في الفردوس.(13) في هذهِ الأحاديث حاولوا تجنب التصريح بأسم الملك (جبرائيل) عليه السلام, ويظهر من احاديث أخرى ان نداء جبرائيل (ع) هو الآخر مفزع وليس الصوت أو الهدّة وحدها. إذ استخدمت نفس الالفاظ المستخدمة في الهدّة لوصف النداء. الطوسي في الغيبة عن محمد بن مسلم البشارة بألفاظ متقاربة عن الحسين بن علي عليهما السلام: "إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة ايام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد ان شاء الله ثم قال ينادي منادي من السماء باسم المهدي فيسمع من بالمشرق والمغرب حتى لا يبقى راقد الاّ استيقظ ولا قائم الا قعد ولا قاعد الا قام على رجليه فزعاً فرحم الله (عبداً) سمع ذلك الصوت فأجاب فان الصوت الأول صوت جبرائيل روح الأمين".(14) ذكر الحديث كما ترى ان نداء جبريل (ع) هو الآخر مفزع يوقظ الراقد ويقعد القائم وسماّه بالصوت ايضاً. ان الفزعة التي في وسط الشهر كما يبدو هي للتمهيد لهذا النداء والذي هو مفزع ايضاً، ولكن الفارق بين الصوتين هو ان الهدّة مفزعة ومؤثرة تأثيراً مادياً في المباني والمنشآت وتراكيب الأذن امّا صوت الروح الأمين فهو مفزع للقلوب والنفوس. وعلى ذلك دلّ أحد النصوص على ضرورة الاحتياط من الصوت بالتدثر وسدّ الأذنين واغلاق المنافذ، ولما كان هذا النص قد روُى عن طرق السنة فقد يتطرق اليه الاحتمال في الوضع لغاية هامّة هي التوصية بعدم سماع الروح الأمين، لكن هذا الشك ليس في محله اولاً لأنه من أحاديث أبي نعيم الذي أخرج أحاديث المهدي (ع) صريحة بارتياح تام وثانياً لأنه يحدد يوم الرجفة على انه الخامس عشر من شهر رمضان بينما النداء في الثالث والعشرين ولو كان النص قد وضع لهذهِ الغاية لأمر بفعل ذلك في فجر الثالث والعشرين هذا هو النص: "قال: قلنا وما الصيحة يا رسول الله (ص)؟ قال: هذه في النصف من رمضان يوم الجمعة ضحيً وذلك إذا وافق شهر رمضان ليلة الجمعة فتكون هذهِ توقظ النائم وتقعد القائم، وتخرج العواتك من خدورهن في ليلة جمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فأدخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجداً وقولوا سبحان القدوس ربنا القدوس فأنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل ذلك هلك".(15) ويحتاج النص عدا ذلك إلى دراسة أوسع. تكرار عبارة (في ليلة جمعة) بعد خدورهن وقبل فإذا صليتم يحدث التباساً ما لم نعتقد انه في حال كونه الصوت يحدث (ضحىً) بالنسبة للمنطقة الإسلامية حيث المتكلم والسامع فأنه يكون ليلاً في مكان آخر. وعليه فأنه يوجد في كل الأرض الكروية الشكل نائم وقاعد معاً في زمن واحد. ومنه يمكن تحديد ان الوقت عند الصيحة في (الحجاز) قصراً سيكون ضحىً وعليه يمكن معرفة وقته في جميع أنحاء العالم. ويظهر من النص هلاك اكثر الماس – إذ لا يُحتمل ان يعمل بهذهِ التوصية الاّ الاقلية. ولكن هذا الاعتقاد يتضاءل عند تذكر ان الصوت له هذا الأثر في المنطقة المواجهة فقط وهي التي تكون مقابلة للذنب – وهي بالطبع نفس منطقة الذين قدّم لهم النص هذهِ التعليمات – حيث امرهم ان يفعلوا ذلك بعد ان يصلوا الفجر وحدّد لهم زمن الصوت انه (ضحىً) وعليه فان الوقت الاضافي للاحتياط ليشمل المنطقة المواجهة كلها وهو بحدود أربع ساعات أو اكثر كمعدل لمعنى الضحى بين الصيف والشتاء. ومنه نعلم ان النص – متناسق في داخله تناسقاً علمياً – لا يحتمل صدوره ممنّ هو دون المعصوم (ع). وعدا ذلك فهناك سؤال آخر حول المعنى اللغوي أو القرآني للصيحة – غير المعنى العلمي. من الواضح ان الصوت يحمل على ايّ صوت صادر من مصدر ما – فإذا كان مفهوماً فهو كلام. وإذا كان الصوت شديداً فهو (صيحة) وإذا كان مفهوماً فهَو (نداء) – ومن هنا نستطيع التحديد الدقيق وإزالة الالتباس. فحينما يريد المعصوم التأكيد على ضرورة إطاعة المنادي يسميه (الصوت) (رحم الله عبداً سمع ذلك الصوت فاجاب". لذا أجاب حينما سئل وما الصوت أهو المنادي قال نعم. إذن فالصيحة هي صوت شديد غير مفهوم – وبهذا المعنى وردت في النصوص الأمامية. والخلاصة: ان الصيحة التي توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج الفتاة من خدرها هي في الواقع صيحتان إحداهما الصوت المدوي الذي يفترض انه بسبب تماس ذنب الكوكب المذنب مع الغلاف الغازي ووقوعه في النصف من شهر رمضان والثاني هو نداء جبرائيل (ع) وزمنه في فجر الثالث والعشرين من شهر رمضان. السؤال الهام الأخير هنا هل وقوع الصوتين في شهر رمضان واحد أم في شهرين مختلفين في الأعوام؟ هذا ما سنوضحه في العلامات الاجتماعية. ه. خسوف القمر في الخامس والعشرين من الشهر العربي. في نص آخر ان هذا الخسوف تحديداً هو في شهر رمضان ايضاً، مما يدل على تأييد الأحاديث بعضها بعضاً – كونها ظواهر كونية متتابعة من مُسبب واحد. ذلك النص هو ما ذكره النعماني في الغيبة عن أخ الكميت (الشاعر كما يبدو) عن الباقر (ع) قوله "ان بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس بقين والشمس لخمس عشرة وذلك في شهر رمضان..".(16) وهذا التحديد مفرح جداً لكل باحث – إذ يستحيل تفسير حدوث خسوف للقمر قبل النصف بل والى ما بعد الثالث والعشرين ولو مع وجود المذنب. وذلك لكي تتمكن من السير في الفرض قدماً علينا ان نعتقد ان ظلّ المذنب لا يمكن ان يسقط على القمر الاّ في الأيام الأخيرة من الشهر. وعند وضعه على الرسم التوضيحي – بالترتيب المعروف علمياً فأنه لا يكون هذا الخسوف محتملاً الاّ في يوم 25 وما حوله، لو قسمت مدار القمر بدقة على الأيام وحددت المراحل الأولى فلن تقع هذهِ الظاهرة الاّ في هذا اليوم تحديداً – لتقع الظواهر الأولى مطابقة مع هذا الحدث ومطابقة لتقسيم المدار فأنتبه لهذهِ المسألة البالغة الأهمية والتي تركنا الخوض في تفصيلها تجنباً لمللكم. إن المذنب هو نجم شمسي يسير باتجاهه وهو يؤثر في الأرض ولا يتأثر بها كثيراً لأن قوة جذب الشموس اكبر بكثير من قوة الكواكب الباردة. و. استدارة الفلك والنجوم والقمر ان ملاحظة هذهِ العبارات بدقة تبين بشكل لا لبس فيه انها عين الظاهرة التي تقول بطلوع الشمس من مغربها! فإذا طلعت الشمس من مغربها فقد استدار الفلك واستدارت حركتها والتي هي في الواقع استدارة حركة الأرض المحورية وبها يستدير جميع ما يُرى في السماء لقد رأينا ان حركة الأرض بعد (ركود الشمس) أي بعد توقفها عن حركتها المحورية لا يكون الاّ معكوساً بحسب القوانين الفلكية. إذ نص القانون على (بقاء أي جرم في حركته المعتادة ما لم يؤثر عليه مؤثر خارجي). وحينما مرّ المذنب – بحسب الفرض – وابطأ الحركة المحورية ثم اوقفها تماماً عندما تعامد خطه على خط الاستواء فأنه يستحيل عودة الأرض إلى حركتها السابقة أو بقاءها متوقفة – فسير المذنب بنفس الوجهة سيؤدي إلى دورانها بشكل معكوس. هذه تجربة من خيالنا لتوضيح الأمر: لتكن لديك كرة معدنية خفيفة ممغنطة أو قابلة للتمغنط طافية في حوض ماء بخفة كبيرة مرَّر مغناطيسي شديد الجذب قريباً من الكرة. حاول تدويرها على نفسها باتجاه معين وبعكس ذلك الاتجاه بتغيير حركة يدك الماسكة للمغناطيس. ستراها تدور بالاتجاه الذي تريد. لو كانت ممغنطة أصلاً فأن تغيير الأقطاب في يدك سيعوضك عن كثير من الحركة والقرب. تتمكن أيضاً من جرَّها إلى الجهة التي تريد وهذهِ العملية بالغة الأهمية .. لأنها جزء مما يفعله المذنب الموعود في الأرض إذا دورت الكرة في التجربة أعلاه بيدك فيمكنك تسريع أو توقيف الحركة بتغيير الأقطاب والاتجاه للمغناطيس الذي بيدك. ان قانون الفلك أكد على (استمرارية) النظام على ما هو عليه قبل المؤثر وبعده فلا توجد قوة بمقدورها (هدمّ) النظام الكوني أو (تحطيم) أو تخريب بل كل ما يفعله المؤثر الخارجي هُوَ إخراج كوكب من مدار إلى مدار آخر أو تدوير بحركة معكوسة أو تصادم تكون نتيجته في النهاية إستقرار المتصادمين في وضع جديد. وإذن فلا يحدث خلل أو فساد في النظام الشمسي عند حدوث تغيير في طبيعة النظام بل ما يحدث هو التحول من نظام إلى نظام آخر (يحيي الأرض بعد موتها) وهو عين ما ذكره الحديث في المحاورة التالية بين أبي بصير والإمام أبو بصير عن أبي جعفر الباقر (ع) قال: "...ولا يترك بدعة الاّ ازالها ولا سنة الا اقامها وبفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم ويمكث على ذلك سبع سنين كل سنة عشرة سنين من سنيكم هذهِ ثم يفعل الله ما يشاء قال قلت له جعلت فداك وكيف تطول السنون؟ قال بآمر الله الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام والسنون. قال قلت انهم يقولون ان الفلك ان تغير فسد. قال: ذلك قول الزنادقة فامّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شق الله لنبيه القمر وردت الشمس ليوتع بن نون واخبر بطول يوم القيامة وان كألف سنة مما تعدون".(17) الهوامش ________________________________________ (1) Universe/110. (2) مرّ سابقاً – البشارة باب / 13. (3) نفس المصدر. (4) البشارة / 235. (5) سورة الدخان. (6) الملاحم والفتن / باب 74. (7) الملاحم والفتن / باب 67. (8) الملاحم والفتن / باب 59. (9) البشارة/ 119. (10) البشارة/ 119. (11) النعماني في الغيبة/ البشارة 120. (12) النعماني/ البشارة/ 120. (13) الخلاصة من المنتخب/ 448. (14) المنتخب/ 449. (15) الملاحم والفتن / باب 59 – الصيحة. (16) البشارة / 97. (17) اعلام الورى اخذناه عن البشارة / ب3/235. ز. سقوط حساب السنين وبدء حساب الشهور والأيام ان النصوص التي دلت على ذلك هي بالغة الأهمية لأنها تؤكد مرّة أخرى على التغير في النظام الأرضي. هذهِ الظاهرة هي الأخرى التبست على البعض كما يبدو إذ لم يميزوا بينها وبين ظاهرة أخرى مشابهة في الألفاظ هي في النص "ويذهب ملك السنين ويكون ملك الشهور والأيام" ان الظاهرة الأخيرة جاءت في معرض الحديث عن الظواهر الاجتماعية والسياسية وليست التغيرات الكونية. وتضمنت عبارة (ملك) بدل (حساب). ان الملك هنا يعني السيطرة على السلطة. ففي المشرق وتحديداً في العراق يحكم شخص يمهدّ لظهور السفياني ويكون عقدة الرباط لأنظمة الطغيان في كل العالم وهو ما يأتيك بيانه المفصل في العلامات السياسية. وجاءت تلك العبارة عن زوال ملك السنين للدلالة على عدم استقرار الوضع السياسي بعد هلاك تلك الشخصية والتغيرات السريعة التي تحصل في النظام الحاكم وهو ما نسميه باللغة المعاصرة (كثرة الانقلابات). هذا النص هو ما ذكره الطوسي في الغيبة نأخذ منه الحاجة: "إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ولم تنساه هذا الأمر دون صاحبكم ان شاء الله ويذهب ملك السنين ويصير ملك الشهور والأيام فقلت يطول ذلك قال كلا".(1) ان هذهِ الظاهرة مختلفة اختلافا كلياً عن ظاهرة سقوط حساب السنين وبدء حساب الشهور – لأن المقصود هنا الحساب باعتباره حساب الزمن بالتقويم المرتبط بالنظام الشمسي ودوران الأرض. يكون سقوط الحساب الحالي طبيعياً إذا كانت كل سنة من النظام الجديد تساوي عشر سنين من النظام الحالي فأن الشهر – كنسبة يصبح مقارباً للسنة الحالية أي بحدود عشرة أشهر. وإذن فالحساب لأبد أن يتغير ليكون بالشهور والأيام. إن إعطاء تصوّر محدد لذلك النظام هو في غاية الصعوبة لا لقلة المعطيات المذكورة في المرويات بل لقلة معلوماتنا الخاصة عن النظام الشمسي. أن التعبير عن هذا الحدث بمختلف التعابير إنما هو لأنه ظاهرة واحدة فأن حركة الأرض المحورية إذا انقلبت – وهي الآن اصطلاحاً عكس اتجاه عقارب الساعة – فطبيعة الحال سيستدير القمر والنجوم والشمس وكل ما نراه في السماء فيشرق من المغرب ويغيب في المشرق. إن هذا الأمر سيحقق وجود مشرق ومغرب جديد للأرض في فلك آخر – وسيكون في تاريخ الأرض مشرقين ومغربين ان اشهر النصوص بشأن استدارة الفلك والنجوم هو ما ذكره أمير المؤمنين علي (ع) في الخطبة في العبارة الشهيرة: "فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك في ايّ واد سلك..".(2) وجاءت نفس العبارة تقريباً في نص آخر إذ سأل ابو الجارود الإمام الباقر عليه السلام عن المهدي الموعود (ع) فقال: "يا أبا الجارود إذا دار الفلك وقالوا مات أو هلك وبأي وادٍ سلك وقال الطالب له انيّ يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه"(3) ان النص يدل دلالة واضحة على قوة الهلع الذي يصاب به الناس جراء استدارة الفلك وتغير الأحوال بحيث ان المنتظر للظهور (الطالب له) يفقد يقينه ويرى انه مات أو هلك أو بليت عظامه. ان استدارة الفلك والنجوم وطلوع الشمس من مغربها هو ظاهرة واحدة وحدث واحدة ولكن الذي أحدث الالتباس هو تصنيف طلوع الشمس كحدث من أحداث قيام الساعة. ان المنهج اللفظي للقرآن والسنة الموضحة خصائصه في كتاب النظام القرآني يحل هذا الاتكال بالتمييز بين تلك الألفاظ – الساعة قيام الساعة يوم القيامة يوم الدين ...الخ من التسميّات القرآنية. وسترى قريباً ان هذا التصنيف صحيح لفظاً وإن كانت المفاهيم التي توحي بها تلك الألفاظ في أذهان العامة مخالفة لمفاهيمها الحقيقية. فالعبارة (قيام الساعة) تعني في المفاهيم العامة (نهاية العالم) بينما هي في المفهوم القرآني بداية المعنى الحقيقي للزمن. وبمعنى آخر ان الساعة في المفهوم القرآني – بحسب المنهج اللفظي – هي بداية العالم لا نهايته – لأنها بداية نهاية الشرور وبداية الحساب الصحيح للزمان. لكننا لا نعدم النصوص الدالة على ان طلوع الشمس من مغربها مرافق لظهور المهدوية وطور الاستخلاف نجاحه في المأثور الأمامي. ومن هنا يمكن تصحيح جملة الأخطاء للفريقين معاً. فهناك خط في الأمامية حاول تفسير طلوع الشمس من مغربها تاويلاً انه كناية عن طلوع شمس الإمامة بينما هو طلوع حقيقي كوني متناغم مع طلوع دولة الحق وبداية العد الحقيقي لعنصر لزمان. وكذلك يمكن تصحيح المفهوم العامّي عن قيام الساعة أو مرسى الساعة من انه ليس سبع سنين أو اربعين سنة بعد ظهور المهدي (ع) فينتهي العالم ... بل هو باق ببقاء السموات والأرض الاّ ما شاء ربك وذلك بإيضاح المعاني الحقيقية لتلك المفردات القرآنية والذي سيأتيك في البحوث اللاحقة. ويبقى في هذا الملخص سؤال آخر ذي طبيعة علمية هو: هل يمكن ان يحدث كل ذلك ولا يحدث خلل في النظام الشمسي أو الكوني؟ لقد ذكر هذا السؤال نفسه قبل أكثر من ألف ومئتي سنة على ما ورد في المأثور الإمامي, وكانت الإجابة هي نفس الإجابة العلمية المعاصرة بحسب قوانين كبلر ونيوتن والمخالفة بالطبع لعلم الفلك القديم بزعامة بطليموس. ان مثل ذلك مثل القطع المعدنية المنتظمة في وضع معين على ورقة وتمرر تحتها قطباً مغناطيسياً منتظم بوضع جديد ... على أن النجم الموعود في الحقيقة لا يغير سوى نظام الأرض وحده. أو هذا في الأقل ما نفهمه من المأثور وما نراه فعلاً في المجموعة الشمسية المتباعدة في المسافات بعداً سحيقاً يستحيل معه تغيير كامل النظام بكوكب مذنب واحد. هناك اكثر من وضع مفترض واكثر من احتمال. منها مثلاً احتمالان رئيسيان يجريان في مجرى الغرض الأساسي ويتحرك مع المرويات: الأول: ان تبقى الأرض في نفس المدار والنجم المقترب سيغير حركتها المحورية لتكون معكوسة بنفس السرعة ويبطئ حركتها في المدار إلى عشرة اضعاف. هذا الفرض سيؤدي إلى ان تصبح السنة بعشر سنين والأيام نفسها والفلك يكون قد استدار. لكن النص السابق أشار إلى تغير الأيام أيضاً "فتطول الأيام لذلك والسنون". إذن في داخل هذا الاحتمال يمكن ان نضع لفرضاً بشكل آخر هو إبطاء الحركة المحورية أيضاً فتطول الأيام. وهنا تواجهه مشكلة علمية وهي ارتفاع درجة الحرارة كثيراً في الجزء النهاري وانخفاضها كثيراً في الجزء الليلي. هذهِ المشكلة يمكن حلها بالاعتقاد ان زاوية الميل تتغير هي الأخرى بحيث يؤدي ذلك إلى توازن خلاّق يُخرج بركات الأرض والسماء كما ذكرت النصوص. ويبرز هنا اعتراض محتمل عن عدم الانسجام بين معدل البعد عن الشمس وزمن الدوران مما يؤدي إلى خرق قانون أساسي في النظام الشمسي إذ توجد علاقة رياضية ثابتة بين المتغيرين من الممكن إعطاء إجابة عن ذلك مفادها: ان هذهِ العلاقة الرياضية هي كشف للوضع الذي عليه المجموعة الشمسية – الذي يمثل القوى المتوازنة التي انبثق عنها النظام الشمسي – وليس هو قانون حتمي. ولو كان حتمياً لما أخذ قانون الاستمرارية بعده التام بما في ذلك قاعدة استمرار أي نظام في وضعه الجديد بعد زوال المؤثر. الثاني: ان يقوم النجم الموعود بسحب الأرض وراءه من مدارها كما تسحب الكرة المعدنية الخفيفة وهي على الماء بقطب مغناطيسي وتتركها في موضع آخر .. فكذلك يتركها المذنب ويذهب في طريقه حيث تستقر في مدار جديد. وبذلك يتغير نظامها كليةً زاوية الميل والبعد عن الشمس وزمن الدوران والدوران المحوري. ان هذا الفرض هو في الحقيقة الفرض المعوّل عليه. إذ سنجد بعض الإشارات والرموز القرآنية والإنجيلية والأحاديث كما لو كانت تنوّه عنه. وعلاوة على ذلك لا يبرز إزاء هذا الفرض ايَّ اعتراض علمي أو أشكال فلكي يذكر. اعلق على هذا النص : تتغيرّ فيه زاوية الميل الأرضي وسرعة الدوران المحوري وموقع الأرض بحيث يؤدي إلى تغيّر مناخي مختلف تماماً عن الوضع السابق. إذا درسنا النصوص النبوية وغيرها نلاحظ ان الوضع الجديد هُوَ وضع مؤهل تماماً لظهور جّنة فعلية فمثل هذا التغير يقضي على التصحّر والتباين الحراري وتتغير فيه الأنهار كمّا وعدداً واتجاهاً ويحتمل جداً ان تموت خلال ذلك جميع أنواع البكتريا الضارّة والكائنات الأخرى المسّببة لمشاكل، في حين تتغير طبيعة كائنات أخرى بصورة جذرية. هذا بعض ما نراه عند دراسة النصوص بطريقتنا. وتفاصيلة مدهشة في حسن تنظيمها ووضوحها فلنبدأ بالعلامات الكونية اولا: اخي الكريم سمعنا عن زلزال اليابان الكبير 9 درجات بمقياس ريختر وهو اقوى درجه مر الى الان حيث اكد ععلماء الفلك ان هذا الزلزال غير محور او مكان الارض 700 سم فهل يعني الان بدء تغير المناخ الطقس وكل شيء هل بدء الان .... Share this post Link to post Share on other sites
الميزان 0 Report post Posted March 14, 2011 بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد و آل محمد السلام عليكم و رحمة الله أخي الكريم الأخوة و ألأخوات الأفاضل لكم الجزء المرتبط بموضوعنا في كتاب الطور المهدوي وأرجو أن تعم الفائدة : 2. العلامات الكونية العلامات الكونية هي تغيرات حتمية في النظام الطبيعي تحُيله إلى وضع آخر لأستقبال الطور المهدوي، تتغيرّ فيه زاوية الميل الأرضي وسرعة الدوران المحوري وموقع الأرض بحيث يؤدي إلى تغيّر مناخي مختلف تماماً عن الوضع السابق. إذا درسنا النصوص النبوية وغيرها نلاحظ ان الوضع الجديد هُوَ وضع مؤهل تماماً لظهور جّنة فعلية فمثل هذا التغير يقضي على التصحّر والتباين الحراري وتتغير فيه الأنهار كمّا وعدداً واتجاهاً ويحتمل جداً ان تموت خلال ذلك جميع أنواع البكتريا الضارّة والكائنات الأخرى المسّببة لمشاكل، في حين تتغير طبيعة كائنات أخرى بصورة جذرية. هذا بعض ما نراه عند دراسة النصوص بطريقتنا. وتفاصيلة مدهشة في حسن تنظيمها ووضوحها فلنبدأ بالعلامات الكونية اولا: عند فرز العلامات السماوية عن غيرها نجد اثنتي عشرة علامة ذكرت بصور مختلفة ومتفرقة في الأحاديث. وهذه العلامات هي: أ. نار من جهة المشرق تستمر من ثلاثة إلى سبعة أيام ترتفع إلى عنان السماء تتخللها خطوط فضية لامعة. ب. كسوف الشمس في أول الشهر العربي، خلافاً للعادة. "لأن الكسوف لا يحصل الاّ إذا كان القمر في الجهة الأخرى أي الأرض بينه وبين الشمس، وفي آخر الشهر يحصل هذا الوضع فقط. ج. طول شديد للأيام والليالي بألفاظ وقياسات مختلفة – (سنلاحظ ان جعلها مختلفة أمر مقصود لأنها متغيرة بالفعل). د. قصرٌ شديد في الأيام والليالي. (عكس الظاهرة السابقة). ه. صوت شديد أو هدّة، يحسب كل قوم انها وقعت في ناحيتهم ويحتمل وقوعها في وسط الشهر. و. خسوف تام للقمر في آخر الشهر العربي. (خلافاً للطبيعي) وهُوَ عكس العلامة (ب) من ناحية وضع المجموعة. ز. ركود الشمس من وقت الظهر إلى العصر. (توقفها عن الحركة). ح. طلوع الشمس من المغرب. ط. مجيء الكوكب المذّنب العظيم المضيء من جهة المشرق والذي يلتوي طرفاه حتى يكادا ان يلتقيا. ويسمى أحيانا (النجم ذو الذنب). ي. استدارة النجوم. وفي تعابير أخرى (استدارة الفلك) أو (استدارة القمر). ك. سقوط الحساب بالسنين وبدء الحساب بالشهور. ل. ريح صفراء تدوم ثلاثة أيام يصبح الليل فيها كالنهار من الصفرة. 3. السبب في اختيارنا للعلامات الكونية بدأنا بالحديث على العلامات الكونية السماوية أجلنا الحديث على غيرها كالخسف والزلازل والعلامات الاجتماعية لأننا نحاول جمع العلامات السماوية فقط للعثور على الرباط المشترك بينها والعلة العلمية وراءها وتفسيرها وحينما فعلنا ذلك لم نجد الاّ هذهِ العلامات المرتبطة مع بعضها البعض. نعم هناك (القذف) بالحجارة يمكن إدخاله في علامات السماء. سوف نتكلم الآن عن كل واحدة من تلك العلامات قليلاً لتتكون لديكم فكرة عامة عنها وتتمكنوا من حفظها لأنها مرتبطة بمصيركم فيمكن من خلال ذلك تسهيل فرضية حدوثها. أن الأحاديث التي اعتمدناها، هي من جميع المروريات بلا تفريق مذهبي، اولاً لأن ذلك هُوَ الملائم لمنهجنا الذي يحاكم الرواية بالقرآن ولا علاقة له بالرجال كما مرّ عليك في كتاب (النظام) وثانياً لأننا فكرنا بالانحراف الذي حصل إذ يحتمل انه فعل فعلهُ في تجزأة العلامات وخلطها والتمويه عليها بقصد أو غيره فدراسة الجميع إذن ضرورة لابّد منها. لقد تحققت لنا النتيجتان معاً: عرفنا عددَها وتسلسل حدوثها وقانونها العلمي من جهة. وعرفنا من جهة أخرى أين أخفوا الحقائق واين موهّوا وأين كتموا وكيف. فالأول لكم والآخر نحتفظ به لأنفسنا. 4. إشكالات الباحثين في طبيعة العلامات والتفسير الموحّد لها نلاحظ أولاً اشكالات الباحثين في طبيعة العلامات الكونية فقد حصلت عندهم التباسات كثيرة بشأنها: أ. نار المشرق: اختلطت هذه العلامة مع (حمرة المشرق) من جهة ومع انواع أخرى من النيران من جهة أخرى. ففي النصوص النبوية خاصة هناك "نار من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر". وهناك "نار من ارض الحجاز تضيء لها اعناق الأبل ببصرى" وعن علي (ع) "نار غربي الأرض تشبّ بالحطب الجزل". وهذهِ النيران مختلفة جداً ولها ازمانها المحددة خلال المهدوية أو قبلها أو قبل القيامة. وبصفة عامة فالنار إحدى عناصر الطور المهدوي ونوعاً اساسياً من انواع عذابه كما سيأتيك مفصلاً وهي تختلف عن نار جهنم ومن هنا حدث الخلط الكبير بين تلك الأنواع. والذي يهمنا هنا هُوَ العلامة الكونية السابقة على الظهور وهي تحديداً (نار المشرق) التي تظهر في السماء تحت عبارة (عمود من نار). وقد أعطى المهدي (ع) نفسه صفات إضافية لهذهِ النار خصوصاً لأجل تمييزها عن غيرها وذلك في نص ذكره ابن مهزيار، الرجل الصالح المعروف رواه صاحب الإكمال تقطع منه الجزء الذي يخصنا هنا في البحث: قال:" قاتلهم الله اني يؤفكون كأني بالقوم قد قتلوا في ديارهم واخذهم أمرُ ربهم ليلاً ونهاراً. فقلت متى يكون ذلك يا أبن رسول الله (ص) قال: إذا حيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لاخلاق لهم والله ورسوله منهم براء وظهرت الحمرة في السماء فيها اعمدة كأعمدة اللجين يتلألأ نوراً". نقل عن البشارة/ ب13 ج 3. وهذا النص هام جداً لأنه الوحيد الذي يضيف صفات للنار يمكن التيقن من انها نار المذنب الموعود تحديداً كما سترى. وكانت نصوص أخرى قد ذكرت هذه العلامة منها: عن ابن معدان قال: "ستبدو آية عمود من نار تطلع من قبل المشرق يراها أهل الأرض فمن أدرك ذلك فليعد طعام سنة". الملاحم والفتن/ ب 68. ومنها "إذا رأيتم علامة في السماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي فعندها فرج الناس وهي قدامّ القائم بقليل".ذكره النعماني عند جعفر الصادق (ع). البشارة/ 159. ب. انكساف الشمس في أول الشهر العربي خلافاً للعادة: ذكر هذه العلامة الإمام الصادق مؤكداً على وقوعها خلافاً للنظام الطبيعي إذ إعترض احدهم على ترتيب الوقوع فقال له مجيباً: "أني لاعلم ما تقول ولكنهما آتيان لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض". حيث ذكرت مقترنة بخسوف القمر خلافاً للعادة. ولولا هذا التأكيد على المخالفة لاهملت لأنها مخالفة للمعهود من الكسوف والخسوف. وسبب ذلك: أن كسوف الشمس يحدث عادة حينما يكون القمر بين الشمس والأرض وبسبب الانحراف في مدار القمر عن مستوى الخط إلى الشمس والعمودي على الأرض فان الكسوف يستحيل وقوعه في أول الشهر العربي كما تلاحظ ذلك في الرسم: فالرسم يبين أن احتمالات الكسوف هي في آخر الشهر العربي. ومن الرسم كذلك تعلم ان خسوف القمر لا يحدث الا حينما تكون الأرض بينه وبين الشمس. وهذا يعني ان الخسوف يقع في النصف الأول من الشهر فقط مع ملاحظة اتجاه حركة القمر في المدار. أن نص الحديث يقلب المعادلة فيجعل الكسوف في أول الشهر والخسوف في آخره. ج. انخساف القمر في آخر الشهر: وهي العلامة المرتبطة بكسوف الشمس كما رأيت وكلاهما خلافاً للطبيعي ان هذا التبادل في مواقع الكسوف والخسوف يحتاج بطبيعة الحال إلى تفسير مختلف. لقد افترضنا ان جسماً (رابعاً) غير الثلاثة يدخل المجموعة فيقلب هذهِ الموازين. والواقع ان هذا الفرض ليس مجرد احتمال لحدوث هذهِ الظاهرة. بل هُوَ الفرض الوحيد الممكن علمياً وعملياً بحسب ما نعرفه عن النظام الفلكي. وقد اعطى هذهِ الفرض اعطى لنا تفسيراً موحداً لجميع ما يقع من علامات متتابعة وهي العلامات الكونية. كما أنه جاء ليؤكد لنا دقة النظام القرآني فان هذهِ العلامات قد جاءت في القرآن مرافقة لخصائص النجم الموعود كما سيأتيك في موضعه. نص الحديث: عن الإمام محمد بن علي الباقر (ع) قال: "آتيان قبل القائم لم تكونا منذ آدم كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان وخسوف القمر في آخره. قال: قلتُ: يا أبن رسول الله تنكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف. فقال أبو جعفر عليه السلام: أنا أعلم بما قلت أنهما آتيان لم تكونا منذ هبط آدم". المفيد في الإرشاد/ نقل عن البشارة/ ب6. لقد ورد هذا النص في الكتب المعتبرة للقوم في الكافي وفي غيبة النعماني ونص الإرشاد المذكور وايدهّ نص للقوم الآخرين ذكره ابن حماد عن شريك قال: "بلغني انه تنكسف الشمس قبل خروج المهدي في شهر رمضان مرتين". وهذا النص لم يذكر خسوف القمر ولكنه ذكر كسوفين للشمس فهل اخطأ السامع فحسب الكسوف القمري كسوفاً للشمس؟ كلاّ. أن هذا النص يتحدث عن كسوفين جزئيين للشمس يقعان أول الشهر العربي غير الكسوف الكلي المشار اليه في حديث الباقر. لأن الواضح ان الجسم الرابع إذا مرّ في المجموعة بمسار ما محدثاً كسوفاً كلياً للشمس وسط الشهر فمن المؤكد حدوث أكثر من كسوف جزئي قبل ذلك. ولكن هذهِ الكسوفات الجزئية هي الأخرى ظاهرة غريبة لأنها تحدث في أول الشهر القمري وهذا بالطبع مخالف لجداول الكسوفات المثبتة عند علماء الفلك والمحسوبة بدقة متناهية لعشرات السنوات المقبلة. أشار الباقر (ع) في نص آخر إلى هذا المعنى بوضوح تام أي إلى سقوط حسابات الفلكيين: "عن داود اخ الكميت عن الباقر (ع) قال: بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس بقين والشمس لخمسة عشرة وذلك في شهر رمضان وعنده يسقط حساب المنجمين". البشارة/ ب/6. إن هذه العبارات مثل "لم تكونا منذ هبط آدم" و "عندها يسقط حساب المنجمين" تؤكد لنا ان هذهِ الظواهر ظواهر طارئة على النظام الفلكي. فالنظام وحسب قوانين كبلر لا يتغير الاّ بمؤثر خارجي. وعندئذٍ يعيد توازنه بعد زوال المؤثر. إن إعادة التوازن هي جوهر ما تنطوي عليه العلامات الكونية فان الوضع الجديد للنظام وضع مختلف جذرياً ومخطط له ليستقبل الطور المهدوي وفيه خصائص لا عهد لنا بها كما سيأتيك تفصيل ذلك وإذن فالمذنّب هُوَ الجرم الخارجي الذي يقلب النظام الطبيعي والمحسوب مساره حساباً دقيقاً تخضع له اعناق أعداء الله وتمر عليهم منه ليلة مرعبة لكنها ستكون سلاماً حتى مطلع فجرها الجديد. لنسأل إذن هذهِ الاسئلة: اولاً: الجرم الخارجي الذي يفعل ذلك لأبد ان يكون كبير الحجم وعليه فلا يمكن اغفاله في المأثور فهل هناك نص يؤكد مجيء هذا الجرم مقترناً بالعلامات. الجواب: نعم. أنه الكوكب المذنب المذكور في الفقرة (9) وقد ذكر في نصوص كثيرة جداً يأتيك بعضها, ثانياً: إذا كانت هذهِ الحوادث مترابطة مع هذا الجرم فلابد أنها تحدث بصورة متتابعة بل وحتمية في تسلسلها فهل هناك ما يؤكد ذلك؟ الجواب: نعم. فقد أكدت النصوص على ترابطها العلي وتتابعها بل جاءت النصوص النبوية بلفظ (نظام) للإشارة إلى ترابطها وهُوَ لفظ لم يُستعمل الاّ في العصر الحديث كما في النص الآتي: فبعد ان ذكر الإمام الحسين (ع) علامات للطور المهدوي قال: ابن الصلت (السائل): جعلت فداك اخاف ان يطول ذلك فقال "إنما هُوَ نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً" البشارة/ 33 و 86 الباب الخامس. كما ظهر نص آخر يفيد هذا التتابع: "الآيات كخرزات منظومات في سلك فانقطع السلك يتبع بعضها بعضها". عقد الدُر نقلناه عن الملاحم/ 102 ومنه ايضاً نص آخر عن الحسن (الظاهر انه الحسن البصري). قال: "توقعوا آيات متواليات من السماء منظومات كنظم الخرز وأول الآيات الصواعق ثم الريح الصفراء ثم ريح دائم وصوت من السماء..."الخ. الظاهر انه يرجع أوليات العلامات إلى ما يقع في الأرض والاّ فان أول شيء يظهر للأبصار حسب نص الإمام علي (ع) هُوَ المذنب ومن الواضح انه عند اقترابه يؤثر على المناخ والطبيعة تأثيراً بالغاً وتتحرك الرياح بشدة وسوف نلاحظ هذهِ الظواهر في السور القرآنية مرتبطة بالمذنب الموعّود. ثالثا: إذ كانت العلامات مرتبطة بالمذنب وحادثه عن دخوله المجموعة الشمسية فلابد ان يكون قريباً من الأرض بدرجة كافية لإحداث الكسوف والخسوف فيكون بُعدُه في هذا الحال مقاربٌ لبعد القمر فهل هناك نص يؤيد ذلك أو يشير إليه؟ الجواب: نعم. فقد ذكر نعيم بن حماد عن الوليد قال: بلغني انه قال: "يطلع نجم من قبل المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضيء لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر"(1) وعن كعب الأحبار "حُمرة تظهر في جوف السماء ونجم يطلع من المشرق يضيء كما يضيء القمر ليلة البدر ثم ينعقد".(2) رابعاً: إذ كان الفرض صحيحاً فلابد ان تكون رؤيته قبل رمضان بمدة كافية لكبر حجمه وقربه فهل هناك ما يؤيد ذلك؟ الجواب: نعم ففي نفس الباب (71) قال الوليد: "والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات انما نجم الآيات نجمٌ يتقلب في الآفاق في صفر أو في ربيعين أو في رجب". ومن الواضح ان هذهِ الشهور هي السابقة على شهر رمضان لا اللاحقة وعلى فرض انها اللاحقة فان عبارة (يتقلب) تعنيّ من الوجهين فأنه إذا رؤى من مدّه مقبلاً فأنه يرى مدّة مثلها مدبراً – وتقع الحوادث في وسط تلك المدّة وهو شهر رمضان. خامساً: هل هناك حديث يؤيد حدوث كسوف آخر أول الشهر غير الكسوف الذي في منتصف الشهر؟ الجواب: نعم وهي ما في الكافي عن أبي عبد الله "قال تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم عليه السلام".(3) سادساً: الا يوجد احتمال بحدوث خسوف للقمر أول الشهر؟ علمياَّ فأن هذا الاحتمال ضئيل جداً مع وجود المذنب – فلو لاحظت الرسم فانه يحتمل فقط في اليوم الأول أي عند رؤية الهلال وهو ابن ليلة أو ليلتين. والرسم وحدّه لا يكفي لتصور ذلك من غير تصور للمساقط الحقيقية بمسافاتها. في هذهِ المنطقة فقط يمكن للمذنب ان يحجب ضوء الشمس عن القمر وعندما يتحرك كل منهما باتجاهه يسقط ظله أسفل القمر ويزاح إلى مكان آخر من الفضاء. سابعاً: ألم يذكر ذلك في المرويات؟ الجواب: العجيب ان هذا الحدث قد ذكر ايضاً رغم انه لا يتحقق الاّ باحتمال ضئيل يوحي لك بأن حركة المذنب ومسافته وحجمه كلها محسوبة بدقة للقيام بعمل مخصوص هو تهيئة أجواء الأرض لطور المهدوية. ففي البرهان أخرج الدارقطني في سننه عن محمّد بن علي قال: "لمهّدينا آتيان لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه ولم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض".(4) ثامناً: على هذا لا يكون هناك تناقض في المرويات؟ الجواب: ليس ذلك فقط بل يؤيد بعضها بعضاً ويفسر بعضها بعضاً. وسوف ترى عند التكلم على ظاهرة طول الأيام وقصرها انّ ذلك لا يفّسر الاّ بطريق علمي – فقد ذكر أحد العلماء المعاصرين سقوط أحاديث الطول والقصر لتعارضها مع بعضها – وسوف نبرهن بإذن الله ان هذهِ الأحاديث لا تنطبق عليها قواعدهم الأصولية من (تعارض الخبرين) وأشباهه لأنها تحتاج إلى فهم علمي. وعلاوة على ذلك فحكم العلماء على هذا النحو معارض بكثير من النصوص التي أكد فيها الأئمة (ع) عدم رفض أخبارهم وما روي عنهم لمجرد أننا لا نفهم معناه أو نراه يتعارض مع قواعدنا والتي أكثرها أمور نسبية وقواعد مخطوئة من الأصل. تاسعاً: هل يفسر الكوكب المذنب جميع الظواهر المذكورة في العلامات السماوية وهل تكون هذهِ الفرضية صحيحة على جميع المستويات؟ الجواب: ان المذنب نفسه ليس فرضية لأنه مذكور في العلامات والفرضية إنما هي في كونه المسبب لهذا التحول الكوني والتكويني في الأرض وهذا ما سنقوم ببحثه الآن تحت هذهِ العناوين: 1- لماذا يحدث التحوّل الكوني؟ 2- أين ذكر المذنب؟ 3- التفسير الموحّد للظواهر الإحدى عشر الأخرى. 4ـ لماذا يَحدث التحوّل الكوني في النظام الطبيعي إن الإجابة على هذا السؤال هي كل ما انطوى عليه هذا الكتاب وكل ما سوف يأتيك من أبحاث ولكنا لتوضيح الصورة أمامك تذكر لك جملة من الأسباب اختصاراً على شكل فقرات: أ. إن التحوّل الكوني ضرورة "لإحياء الأرض بعد موتها" والذي هو صفة طور الاستخلاف والذي سوف نوضحه في مباحث قادمة؟ نربط فيه بين الإحياء وتغيير فلك الأرض. ب. أن أرزاق العباد وخيرات الأرض وبركات السماء مرتبطة علمياً بحركة الرياح وزاوية الميل الأرضي – فجميع ما يتصل بالحياة مرتبط في الواقع بحركة الأرض وموقعها وسوف نجد ان هذهِ القوانين هي علمية من جهة وقرآنية من جهة أخرى – فلا بد من أحداث تغيير في موقع الأرض وزاوية ميلها بما يلائم هذا الطور. ج. ان قانون الاستخلاف يحتم إحداث تغير جوهري في الطبيعة بحسب درجة الاستخلاف ومدته والطور المهدوي هو في الواقع الطور الذي لأجله خلقت السموات والأرض ولذلك فأن أعظم تغيير تاريخي لطبيعة الأرض سوف تكون في بداية هذا الطور. وقد لاحظنا ضرورة تغير النظام الطبيعي إلى (النظام الأحسن) باعتبارها الغاية الأولى من الخلق في مقدمة المنهج اللفظي. د. أن أحداث آيات مرعبة وعلامات مذهلة هو ضرورة لإفاقة الناس من سُباتهم ولهوَهم لاستقبال هذا الطور (فيحيى مَنْ حًييَّ عن بينّهٍ ويَهلك مَنْ هَلكَ عَن بينّةٍ) فهي بمثابة الإنذار الأخير للعالم. 5. الكوكب المذنب والعلامات المتتالية (كنظام الخرز) المرويات وتفسيرها: أ. في البرهان والمنتخب عن عبد الله بن عباس (رض) " لا يخرجُ المَهدّيُ حتى تطلَعُ مَعَ الشمس آيةٌ".(5) وعند ملاحظة النص بدقة وتذكر قوله تعالى " وَجعَلنا الشمس والقمرَ آيتين" – فان عبارة تطلع مع الشمس آية تدل بوضوح على دخول جرم آخر إلى النظام لما تنطوي عليه معّية الآية للشمس – فالشمس جاذبة وهي مركز النظام ولم يقل مع القمر لأن المفروض في الجرم الداخل ان يُحدَّث تغييراً في توزيع القوى في النظام الجذبي، فمعيتها تكون للشمس. قارن النص بنص آخر يذكر الآية مرتبطة بالقمر – بيد أنهّ لا يقول مع القمر بل (في القمر). عن الباقر (ع) "العام الذي فيه السُفياني قبلهَ الآية في رجب قال قلت ما هي قال وجه يطلع في القمر".(6) سوف نلاحظ قريباً: ان الوجه الآخر للقمر والذي لم نره قط الاّ بالصور والذي هو خلوٌ من السواد (أو البحار الجافة) هذا الوجه سوف نراه عند مجيء المذنب. لأن التأخير الحاصل في دوران القمر حول الأرض سوف لا يتناسب مع دورانه حول نفسه وبذلك ينكشف وجهه الآخر المضيء والجميل جداً للأرض وليس ببعيد ذلك التشبيه المستمر للإمام نفسه (ع) أنه "يسُيفر عن وجهه كالقمر ليلة البدر" – في خصائص متناغمة في المفردات بين الإمام وعالمهُ الجديد. أن الآية التي (مع الشمس) – كما في اكثر من نص هي الآية التي كما لو كانت تعاون الشمس في إعادة توزيع قوى النظام بما يلائم الطور الجديد. وإذا ذهبت شوطاً أبعد في الرموز الواضحة – فأن الله تعالى قد وصف رسوله (ص) أنّه (سراجٌ منيرٌ) – وورد في بعض التفاسير: " والشمس وضُحاها" أنّه (ص) هو الشمس – وهناك نصوص عن النبي (ص) بهذا المعنى. ان طلوع آية مع الشمس انما هو امرٌ كوني محسوب متناغم لغةً وحقيقة مع طلوع من "يُواطئ إسمُهُ إسمَ النبي". وهذه هي الحتمية الكونية والتكوينية والشرعية والتشريعية لابد ان تُقرأ هكذا: "لا يخرج – حتى تطلع". ونلاحظ هذا التشبيه المتناغم مع الكون كثيراً في النصوص – ففي إجابة للإمام المهدي (ع) نفسه على سؤال وُجه اليه عن كيفية الانتفاع به في غيبته أجاب "..كما يُنتفعُ بالشمس إذا سترها السحاب أو غيبتّها السَحاب"(7) ان المذنبات هي في الواقع شموس مختلفة الحجم والمدارات وهي أجرامٌ مستقلةٌ عن النظام الشمسي – وهي من النجوم الملتهبة ناراً ذات رأس بكثافة عالية يُسمى النواة وذيل يختلف في شكله من مذنب لآخر ينفثُ ناراً وله دويّ شديد ويَبلغُ طولُ الذنبِ اكثر من مائتي مليون كيلو متر وشكلهُا من بَعيد شكلَ الشهاب. هذهِ النجوم بَعضها يَطرقُ المجموعة الشمسية كل (76) سنة مثل المذنب هالي الشهير ومنهِا يستغرق الآف السنين كالنجم المسمى (العملاق كوهوتكسي – وهو بطول 250 مليون كم – شوهد في 1973 ولن يُرى الا بعد 75.000 الف سنة. أمّا مذنب ليكاسيكي فقد سُمِّي "كرازسن" أو الملامس للشمس(8) ويدل ذلك على شدة قوته الجاذبة حيث يصل إلى مليون كم من الحافة الشمسية ان واحداً من تلك المذنبات هو(النجم الموعود). ب. لمّا كان المذنب نجم كالشمس فقد ذكر في المرويات بأسماء مختلفة ومنها انه ذكر باسم (النجم) وهو أهم أسمائه مما ذكره نعيم عن كعب قال" ..ما بين العشرين إلى اربع وعشرين نجم يٌرمي به شهاب يُضيء كما يضيء القمر".(9) وفي نفس النص في الفتن: "والنجم الذي يٌرمي به شِهاب ينقّضُ من السَماء معه صوت شديد حتى يقع في المشرق".(10) ان عبارة كعب واضحة إذا قُرأت (يَرمي) بالياء أو بالالف المقصورة فعلى الأول: الشهاب وهو الذنب الناري يرمي بالنجم أي يقذفِ به والنجم هو الكتلة الرأسية. وعلى المقصورة فالذنب تابع للكتلة الرأسية. والتفسير العلمي الحالي للذنب – أنه يبتعد عن الرأس بسبب الطرد الجذبي مع الشمس. فأحيانا تكون الحركة بأتجاه الذنب كما لو كان الذنب هو الذي يجر الرأس لا العكس. وعلى كلٍ من القراءتين فأن المذنب لا يُحدد اتجاه الحركة وهو الصحيح علمياً. وعلى ذلك فان الذنب ربما يُطلّ علينا قبل النواة – وإذا كان من قرب – كما هو المفترض لأحداث التغيير الكوني المنشود فأنه سيظهر (عمود من نار) إلى عنان السماء. وهو ما يفسر النار من المشرق، لاحظ الرسم. "يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضئ لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر".(11) وفي هذا النص يُسميه (نجم) ويؤكد على ان له ذنب ويؤكد على شدة اضاءته وكونه من المشرق. لكنه قال هنا (يطلع) ولم يقل (ينقضّ). ان التعبير عن حركته بكلمة (ينقضّ) و (يَهوي) كما في نص آخر هو امرٌ بالغ الأهمية بالنسبة لنا. لأننا نحاول الربط لهذهِ الحركة السريعة بالعبارات القرآنية ومحاولة العثور على العلامات الكونية في القرآن بعبارة مثل "والنجم إذا هوى" حيث تفيد (إذا) المعنى المستقبلي فقط لغةً وهذا بالطبع بخلاف ما رآه المفسرون من انها الحالة الاعتيادية التي تحدث يومياً بتساقط الشهب علاوة على التحديد الذي يُفيده القسم باداة القسم وأسل التعريف (والنجم) مما يدل على انه نجم معهود معروف بين السامع والمتكلم لا جميع الشهب. وتفصيل ذلك يأتيك في العلامات ومدلولاتها في القرآن في فصلٍ لاحق. إذا لاحظت الرسم فأن الناس في الجزء المظلم من الأرض (الليل) وهو الوقت الذي يُشاهد فيه المذنب سيشاهدون (عمودَ النار) فقط (الرأس – لقرب مسافته ولأن الذنب يُطرد بالجذب الشمسي بعيداً عن الرأس – لاحظ الفرق بين اتجاه الحركة واتجاه الذنب. ج. في كتاب الفتن أيضاً وتعليقاً من نعيم ذكره ابن طاووس جاء فيه: "قال الوليد والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات أنما نجم الآيات نجمٌ يتقلب في الآفاق".(12) ان عبارة (نجم الآيات) هي مقصودنا من هذا النص، وهذه العبارة تدل بجلاء على ان النجم هو السبب في ظهور الآيات وحدوثها فهو ليس بآية وحَدهُ بل هو آية الآيات وفاعلها. ولذلك نفي الوليد ان تكون (الحمرة) التي رأوها بالآيات أو (من الآيات) – ومدلول ذلك عنده انها لم تكن بسبب نجم الآيات لأن هذا النجم له صفة معلومة هي الكبر والاضاءة والقرب وتتابع الآيات. د. النجم أو (النجم ذو الذنب): في خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في المدينة جاء في آخرها: "..لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الظلالة وأحييتم الباطل وخلفتّم الحق وراءَ ظهُورِكم وقَطَعتمُ الأدنى من أهلِ بدر ووَصلتم الأبعدَ من أبناءِ الحرَبِ لرسِول الله ولَعَمري أنهّ (لو) قد ذابَ ما في أيديهم لدنى التحميصُ للجزاء وقَربُ الوعَدُ وانقضت المدّةُ وبدى لكم النجم ذو الذنب من قِبلِ المشرقِ ولاحَ لكم القمرُ المنيرُ فإذا كان ذلك فراجعوا التوبةَ وأعلموا انكمّ إنْ اتبعتّم طالعَ المشرقِ سلك بكم منهاجَ الرسول (ص) وتداويتم مِنَ العمىَ والصمم..."(13) ان القمر المنير) في الخطبة هو كناية عن الإمام المهدي (ع). لكننا نلاحظ ان إرتباط ظهوره هنا بالنجم ذو الذنب، وعلى ذلك فأنه كناية وحقيقة في آن واحد..لأن القمر الفلكي سَينُير بالفعل إنارة اكبر مما سبق. لقد ارتبط النجم بالإمام (ع) ارتباطاً وثيقاً، في النصوص لدرجة التعبير عن الإمام نفسه بالنجم ...وذلك ظاهر في قوله "ان اتبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول". وعدا ذلك فأن تشبيه الإمام بالنجم هو من عبارات النص النبوي ايضاً: "مثل أهل بيتي فيكم كمثل النجوم في السماء" وذلك لأرتباط الهداية في القرآن بكل من النجم والإمام: "وجعلناهم أئمة يهدون بامرنا" "وعلامات وبالنجم هم يهتدون" ومن الواضح ان (النجم) هنا مفرد معرّف بال التعريف معهود يبين السامع والمتكلم فهو ليس كل نجم وانما هو نجم مخصوص، وذلك لورود صيغة الجمع في القرآن في موضع آخر كما في الواقعة "فلا اقسم بمواقع النجوم". وفي نص آخر ذكر (طلوع النجم) بطريقة توحي للسامع انه نجم سماوي أو رجل يهدي الناس سواء .. لأن النص تعمد جعل الإمام نجماً والنجم إماماً هكذا "يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه بسطةٌ بأزرُ العلم فيها بين المسجدين إلى قوله ... فبينما هم كذلك إذ أطلع الله عز وجل لهم نجمهم".(14) ه. الشهاب الثاقب: لم اعثر على نص واضح "باستثناء القرآن" يسمّى المذنب بهذا الاسم لكني عثرت على نص يسمى المهدي (ع) بهذا الاسم. وهذا النص هو ما في اكمال الدين عن الصادق (ع): "أما والله ليغيّبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم ما لله في آل محمد (ص) حاجة ثم يُقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظُلماً"(15) أن وصف إقبال الإمام بعد غياب أنّه (يُقبل كالشهاب الثاقب) هو وصف مقصود لأبراز التجاوب الكوني مع الإمام فهو ليس بوصف تعبيري مجردّ عن أية حقيقة بل هو لارتباط إقباله بإقبال (الشهاب الثاقب) وهو النجم المرئي في السماء. ولو اريد به ايَّ شهاب لقال "ثم يقبل كشهابٍ ثاقب" مما يدل على وجود شهاب مخصوص معرّف بال التعريف يُقبل مع إقباله. على ان هذا التعبير أريد به التنويه عن أمرٍ آخر – وهو ذكر هذا اللفظ في القرآن للتنبيه على وجود علامات كونيةِ للمهدوية مذكورة في الكتاب. وستلاحظ في فصل لاحق ان العلامات الكونية تلك قد ذكرت جميعاً في القرآن في سور مختلفة بتوزيع منظم. ان المعنى اللغوي لـ (شهاب) هو "عمود من نار" ذكر ذلك قتادة أو "الشعلة الساطعة من نار" كما في الوسيط، والثاقب، في الوسيط: الشديد التوهج أو الحمرة أو الشديد الإضاءة كما في التبيان.(16) وتلاحظ هنا الأرتباط بالعلامة الأولى "عمود ساطع من نار من قبل المشرق فأن الشهاب الثاقب نفسه عمود ملتهب من نار. هذا العمود الناري الملتهب هو الذي يتبع كل شيطان مارد – بحسب شرح المفسرين لقوله تعالى "الاّ من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب". الهوامش ________________________________________ (1) الفتن/ الباب 71. (2) الفتن / الباب 61. (3) البشارة عن الكافي/ 130. (4) البرهان/ ب/4 ومنتخب الأثر في المهدي المنتظر 444/ب2. (5) المنتخب/ باب 3/ حديث 13. (6) النعماني في الغيبة / البشارة/ 120. (7) ومثله عن الصادق/ إكمال الدين/ 19. (8) The Universe 111. (9) الباب 73 – كتاب الملاحم والفتن لأبن طاووس (رض). (10) الباب 73 – كتاب الملاحم والفتن لأبن طاووس (رض). (11) الباب 71 / نفس المصدر. (12) الفتن/ 36 ط. النجف 1382. (13) البشارة / 63. (14) اكمال الدين واتمام النعمة / 337. (15) البشارة / 117. (16) التبيان في تفسير القرآن ج 8/485 (4) الصافات آية 10. 1348. ابو داود كتاب المهدي/ 207. وقد أُبتُنَي التفسير لهذهِ الآيات على ان (الشيطان المارد) كائن غير مرئي يصعد احيانا إلى السماء (ليسمّع) إلى الملأ الأعلى. ولمّا كنا لا نرى ذلك معهم – لأن الشيطان ربما يكون إنسياً، وفق المنهج اللفظي وذلك لقوله تعالى "شياطين الإنس والجن" – فقد اختلف مفهومنا للآيات عمّا ذكروه وهو ما لسنٍا بصدده الآن – انما بصدد تحديد أنّ "الثاقب" هو الشديد الاشتعال ذاتياً – فعبارة "اثقب النار – أي استوقدها" التي استشهدوا بها لغةً لا تفيد ان يستوقدها بإضافة الحطب بل بالتهييج و التأجيج – فأن النار بتحريك باطنها تتأجج، وعليه (فالثاقب) يعني المتقد ذاتياً – الذي يزداد توهجه من تلقاء نفسه. هذهِ الصفة "الثاقب" لم تضف إلى لفظ الشهاب في سورة الطارق بل إلى لفظ "النجم" المعرّف بال التعريف: "وما أدراك من الطارق؟ النجم الثاقب". ما هو الفرق إذن بين (الشهاب الثاقب) و (النجم الثاقب)؟. من الواضح ان الشهاب عمود من نار متقد ذاتياً ويزداد توقداً بالحركة وهذهِ هي المعاني التي تعطيها المفردات في صورتها الحية – وإذن فهي الشهب السماوية التي نراها كل ليلة تقريباً – لأن التعبير بالنكرة المعرفة "فأتبعه شهاب ثاقب" يعني ايَّ واحد من تلك الشهب. اما (النجم الثاقب) – فهو (نجمَ) أي انه جرم شمسي لا كوكب بارد وهذا النجم متقد ذاتياً – وإذن فعمر النجم طويل جداً وليس كعُمر الشهاب الذي ينتهي بلحظات. وإذ كان (الشهاب) عمود من نار فأن النجم مصدر ذلك العمود الناري فعلى صعيد التكوين تكون النجوم مصدر جميع الشهب، أي مصدر (النار) وهي أيضا مصدر الإضاءة والنور وعلى صعيد التشريع فالإمام (ع) مصدر الهداية وهو نور كما هو مصدر (نار الفتنة) و (عذاب النار) الذي سنوضحه في فصول (العذاب في الطور المهدوي) وقد مرّ عليك الربط بين الأمرين في كتاب (أصل الخلق وأمر السجود). ان البحث في الحلف القرآني "والسماء والطارق وما ادراك ما الطارق النجم الثاقب" يأتيك في محله بعد ان نوهنا على بعض الموارد التي أكدت حدوث آية المذنب في النصوص وأهمية تلك العلامة وكون هذا النجم هو سبب حدوث باقي الآيات التي تتابع (كخرزات منظومات) حسب النص النبوي. والآن لنلاحظ هل يفسر مجيء المذنب جميع العلامات الإحدى عشر الأخرى؟ 7. تحليل وقوع العلامات الكونية بسبب المذنب أ. نار المشرق: ان ذيول المذنبات مختلفة جداً في الشكل، فبعضها له اكثر من ذنب واحد وبعضها على شكل (مكنسة) أو لنقل (شجرة) وبعضها بذنب واحد. ويقال ان الذنب يتألف من أحجار وصخور بكثافة أقل من النواة الواقعة في الرأس مع غازات، ربما الامونيا تشكل منها النسبة الأكبر، وهي ملتهبة ولونها الأحمر – بيد انه يُرى باللون الأبيض لبعد المسافة. وذكرت مجلة ان اللون الأحمر للذنب تتخلله خطوط فضية لامعة، ما هي الاّ نتيجة الانعكاس الضوئي للأخاديد.(1) وهنا نلاحظ عبارات النص السابق "إذ أحيل بينكم وبين الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسولهُ منهم براء وظهرت الحمرةُ في السماء ثلاثاً فيها أعمدة كأعمدة اللجيّن يتلألأ نور".(2) واللجيُن: هو معدن الفضة. ان التطابق بين وصف النص للنار والوصف العلمي للمذنب يجعلنا نعتقد ان هذهِ النار المعبّر عنها بنار المشرق أو أعمدة النار أو عمود النار ما هي الاّ ذنب ذلك النجم الموعود الذي سيظهر لونه الأحمر الناري عند اقترابه من مدار الأرض – بعد أن أكدت النصوص على اقترابه وانه سيكون مضيئاً كما يضيء القمر. عشرة فقط من 1800 مذنب مكتشف تبلغ اقطار نواة الرأس بحدود (160) كم والباقي اصغر من ذلك بكثير. إن قطر (اودنيس) الذي يقطع مدار المشتري لا يبلغ سوى 150 متراً.(3) إذا أخذنا بهذهِ القياسات فأن النجم الموعود سيكون قريباً جداً من الأرض بحيث انه يُرى كالقمر وعليه فانه يتمكن من تحقيق بقية الحوادث، بشكل متتابع بسبب التأثير الجذبي على الأرض. ولو توفرت لدينا جداول دقيقة وحديثة عن مسار الأرض فبإمكاننا بناءً على التحليل الدقيق للنصوص معرفة الجهة التي يأتي منها المذنب والكثير من التفاصيل الأخرى. مثال ذلك أننا نفهم من بعض النصوص ان العلماء والمنجمين "أي الفلكيين" لن يتمكنوا من إعطاء تفسير لنار المشرق، طبعاً على مستوى علمي وعالمي. هذا يعني انه يطرق النظام بشكل مفاجئ ومثل هذهِ الحالة لا تحدث الاّ في ظرف خاص هو انّ جهة مجيئة هي نفس جهة الشمس بالنسبة للأرض. أي ان الأرض تكون في القوس الأبعد فالشمس تقع بين الأرض والمذنب في أول دخوله النظام ثم يدور حول الشمس بقوس مقترباً من الأرض .. فلا يرى في هذهِ الحالة قط في أي مكان من العالم وفي نقطة الاقتراب الأولى ينبثق عمود النار من جهة المشرق. ولا يُرى سوى ذلك عند حصول الخسوف الغريب للقمر في اول ليلة من الشهر العربي ولن يُرى المذنب نفسه الاّ بعد ايام وكل ما يرى في الأيام الأولى هو عمود من نار يعلوُ. فأن قلت ان النص ذكر (تقّلب المذنب في صفر وربيعين أو رجب)، فأقول أننا أخذنا من هذا النص التسمية (نجم الآيات) للدلالة على كونه المسبب للآيات اللاحقة امّا تقلبه مع الترديد ما بين صفر إلى رجب فيمكن تفسيره ان تلك الرؤية في أول دخوله النظام الشمسي. ب. طول الأيام وقصرها وركود الشمس، العلامات (4،5،7) هذهِ العلامات الثلاثة جميعها في تفسير واحد فرعي على المذنب لأنها واقعة بقانون واحد. فطول الأيام والليالي وقصرها راجع إلى دوران الأرض حول نفسها وسرعة هذا الدوران. وركود الشمس هو الآخر مردّه إلى حركة الأرض حول محورها – لأن ما نراه من حركة للشمس هي في الواقع جراء حركة الأرض حول محورها – فحركة الشمس (النسبية) هذه هي عينها حركة الليل والنهار وسرعتها هي التي تحدد طولهما وقصرهما. ومن هنا قلنا ان المرويات بشأن هذهِ الظواهر لا تقع تحت القاعدة الفقهية من (تعارض الأخبار) بل هي حقائق علمية تقع سوية في تتابع منظم. لو أخذت كرةً معدنية ممغنطة تدور على محور حر الحركة قليل الاحتكاك ما أمكن لتمثيل الأرض ودوَّرتها على محورها عدة مرات مقربّاً منها مغناطيس ذي فيض مقارب للكرة يمثل المذنب فأنك ستجد ان سرعة الدوران احياناً تزداد وأخرى تقل في اوضاع معينة، وهناك وضع معين تتوقف فيه الكرة عن الحركة بشكل مفاجئ حينما تختلف الأقطاب وتنافر وهي بمسافات متساوية فيكون عزم الدوران صفراً. وإذا كان المغناطيس قوياً بما يكفي والكرة ذات كتلة واطئة والاحتكاك ضئيل فأنه ربما تمكن من زحزحتها وتدويرها مرة أخرى من حال التوقف لكنك بالطبع لا تستطيع جعل الاحتكاك صفراً كما هو الحال في الكواكب، الحقيقية. ان ما يحدث بإذن الله هو ان المذنب يحوّل واقع الأرض إلى واقع آخر مختلف تماماً – زاوية ميل جديدة ومشرق ومغرب جديدين بل ومدار آخر حول الشمس. ان الكواكب تتحرك بالاستمرارية، وهي لا تغير مجاريها الاّ بتأثير خارجي حسب قوانين (كبلر) لحركة الكواكب. عندئذ تستمر في الحركة الجديدة التي وقعت تحت تأثير الجرم الخارجي إلى الابد ما لم يؤثر جسم خارجي أو قوة خارجية وهكذا. إذن فحدوث تغير كوني تحت تأثير نجم يطرق النظام هو أمر مُحتمل علمياً. ان بقاء الأرض بهذا الواقع الراهن من غير اصطدام بمذنب من المذنبات المعروفة هو بحد ذاته أمر عجيب. فمن شأن ملايين السنين من الدوران – ووجود أربعة مذنبات في الأقل مكتشفة وبدورات قريبة مثل (تومسون 4860 سنة وهالي 76 سنة ولكياسكي 880 سنة وإنك 3.3سنة) – من شأن ذلك ان يزيد من احتمالات التصادم زيادة هائلة. لقد شوهد (إنك) للآن اكثر من 60 مرة يقطع مدار الأرض ولا يعبر مدار المشتري، والأرض تدور حول الشمس بزمن مقداره سنة واحدة، ومن شأن هذا الاختلاف ان يزيد من احتمالات التصادم – فكيف لو تم حسابه على عمر المجموعة كلها؟ لقد أرادت النصوص المأثورة ان نفهم هذهِ الحقيقة وان تؤمن بأن الله تعالى القادر على كل شيء = قد أخرج الأرض سالمةً ملايين السنين من هذا الدمار المحتمل وقوعه كل حين – وان ذلك لا يحدث الاّ بأمره ومشيئته وتقديره. لقد أكدت آيات (الحفظ) على حفظ السماء الدنيا – وهي سماء الأرض بالخصوص – كما سنبرهن عليه في مبحث آخر – من مختلف أوجه الفساد والتدمير / أمر مقصود ومدّبر. "يدبّر الامّر من السماء إلى الأرض". "فسواهن سبع سماوات واوحى في كل سماء أمرها وزيناّ السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً". لكن المسلمين لم يبحثوا علمياً في أوجه الحفظ وكيفيته بل ولا لغوياً بالمقارنة بين الآيات تلك ولا سواها من المواضيع – فقد اتخذ القوم "هذا القرآن مهجوراً" واكتفوا بإفهامنا ما يمكننا ان نفهمه وهو ان الله تعالى تكفّل بحفظها. ولا يمكننا الآن الخوض بالتفاصيل والعلاقة بين الحفظ والمصابيح مثلاً. ونحن بصدد الحديث عن موضوع آخر فنقول ان أخراج الأرض سالمة من احتمالات التصادم وإبقاءها لتحقيق الاحتمال العجيب البالغ الضالة وهو نقلها إلى واقع آخر أفضل من هذا الواقع بنجم مذنب ربما لم يّمر من هنا من قبل ابداً وعمر دورته هو عمر الكون كله هذا الحادث نفسه هو امرٌ مدبر لتحقيق وعدٌ الهي واثبات حق رباني مرتبط بأجل السموات والأرض "وما خلقنا السموات والأرض الاّ بالحق واجلٍ مسمى". هل يمكننا معرفة أيهما أسبق تطاول الأيام أم قصرها، لنحدد بالتالي كيفية حصول التأثير الجذبي؟ نعم تستطيع ذلك: فهناك النصوص التي ذكرت تطاول الأيام والسنين كنظام جديد ثابت يأتي بديلاً للنظام الحالي. كما في هذا النص: في كتاب إعلام الورى: ذكر الخشعمي ان الصادق (ع) اخبره بطول الأيام والليالي في دولة القائم (ع) قال قلت له جعلت فداك وكيف تطول السنون قال: بأمر الله الفلك باللبوث وقّلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون".(4) وعليه فأن الطول الحاصل في الأيام والسنين هو النظام الثابت وبالتالي يكون قصر الأيام والليالي أسبق وهو حال طارئ متعلق بفترة مرور المذنب إذن سيكون التحليل العلمي لذلك على هذا النحو، ننقل المقطع الخاص بالأرض من الرسم السابق ونكبرهّ للتوضيح: أولاً: من الموقع 2 إلى 1 يحدث تجاذب بين الأقطاب يؤدي إلى سرعة دوران الأرض حول محورها. ثانياً: من الموقع 1 إلى 2 يحدث انخفاض في شدة التجاذب يؤدي إلى عودة السرعة إلى ما سبق – (سرعتها الاعتيادية) – واستمراراً في الانخفاض، بسبب اختلاف الزوايا والاتجاهات حتى تبلغ الصفر في النقطة 2. ثالثا: في الموقع (2) ستتوقف الأرض تماماً عن الحركة للتقابل بين الأقطاب وصيرورة المذنب في وسط المسافة عمودياً على الخط الواصل من المذنب إلى خط الاستواء. وستكون تلك اقرب نقطة يصلها المذنب بالنسبة للأرض توقف الأرض يؤدي إلى توقف الشمس بطبيعة الحال وهو المذكور باسم "ركود الشمس من الظهر إلى العصر". هذهِ الفترة كافية – وهي عدة ساعات – لتتجاوز الكتلة الرأسية للمذنب فيها الموقع العمودي. وإذا تحرك من النقطة 2 إلى 3 ماذا يحدث؟ هل ستعود الأرض إلى حركتها السابقة؟ هذا محال حسب قواعد كبلر. هل ستبقى متوقفة؟ هذا يصح إذا فقد المذنب جاذبيته فجأة وهو أمر غير معقول إطلاقاً. هل تدور بالعكس: هذا هو الصحيح! فبعد ان أسرعت ثم تباطأت ثم توقفت فالمرحلة الرابعة تستدعي الدوران المعكوس لانعكاس الأقطاب. إذن سيتبع توقف الشمس رجوعها إلى المشرق – نهاراً – واما الذين هم في الجزء المظلم من الأرض فلن تطلع عليهم الشمس من المشرق – بل ستظهر من المغرب بعد ليلة طويلة مرعبة وخانقة. هذهِ الليلة الفاصلة هي أعظم ليلة في التاريخ البشري وسوف تجد لها ذكراً وتفصيلاً في القرآن يأتيك في موضعه من البحث القرآني. ج. خسوف القمر وكسوف الشمس خلاف العادة: قد ذكرنا التفسير العلمي لذلك. فالقمر يمكن ان يخسف في أول ليلة وهو شيء لم يحدث قط في تاريخ الأرض، وذلك عند اقتراب المذنب في المرحلة الأولى. يتبع ذلك كسوفات للشمس متعددة وجزئية ومن الواضح جداً خلال الرسم التوضيحي ان الكسوف التام يمكن ان يكون بل لابد ان يكون في وسط الشهر. وحينما يقطع المذنب المنطقة (من 2 إلى 3) فان القمر يكون قد دار إلى الجهة الثانية وسيلقى بظله عليه وعندها ينكسف القمر كسوفاً غريباً في آخر الشهر وتحديداً ليلة الخامس والعشرين، والذي يسمى (خسوف القمر). هناك سؤال آخر بالغ الأهمية: متى يحدث توقف الأرض عن الحركة؟ قد يبدو لأول وهلة ان ذلك يحدث في وسط الشهر مادام المذنب يقطع هذهِ المنطقة كلها بحدود الشهر. هذا صحيح لو كانت الأرض بمحور عمودي لا مائل أما في هذا الوضع فأنك تلاحظ أن الخط العمودي على الاستواء يمر بمنطقة قريبة من كسوف القمر آخر الشهر أي قبل يوم 25 بمدّة يسيرة يومين أو ثلاثة. هل يتم ركود الشمس في يوم 23 ومن شهر رمضان مثلاً؟ لقد أكد المأثور الشيعي بالخصوص على هذا اليوم واعتبر هذهِ الليلة هي ليلة القدر وفي فجرها ينادي باسم المهدي الموعود (ع) ومعلوم انه في فجر هذهِ الليلة المرعبة ستطلع الشمس من مغربها. ومرة أخرى نرى التوائم بين التكوين والتشريع – بين الإمام والشمس بين ظهوره وطلوعها من مغربها. ان ملاحقة مفردة (الشمس) و (افولها) في القرآن لا يعني سوى ذلك الأمر بيد اننا لا نستطيع اعلان كل ما نعرفه مع امّة تتدبّر كتاب الله. د. الصوت أو الهدّة: كيف يمكننا ان نفسر حدوث الصوت أو الهدةّ؟ علينا أولاً معرفة طبيعة الصوت: انه ترددات موجية تنتقل بالهواء فقط وبغير هذا الوسط أو ما يشبهه فانها لا تنتقل بالفراغ مطلقاً. ان المذنب بعيد رغم ذلك، إذ لا يعقل ان يمر بالغلاف الغازي. وهل في الذنب صوت؟ الحق ان في المذنب نافورات نارية نافثة للغازات المحترقة والدوي الذي فيه لو قدّر وصوله لهدّ اركان العالم، لكنه لا ينتقل بالفراغ. ان الدوّي مستمر من الرأس إلى الذنب والذنب طويل جداً ربما يصل إلى 200 مليون كم. والذنب متجه باتجاه عكس الشمس، أنه متجه نحو الأرض (انظر الرسم). من المؤكد انه يخبط حافة الغلاف الغازي للأرض في الأقل ان لم نقل يدخل الغلاف نفسه وتسقط بعض صخوره على الأرض وفي ذلك تجد المأثور يؤيدنا تأييداً تاماً. إذ بامكاننا ان تضيف "قذف ومسخ" من أنَّ القذف هو قذف بالحجارة. لانّ مكونات الذنب من صخور وغازات اغلبها الامونيا الخانقة، فمن الممكن دخول جزء من الذنب جو الأرض. اما بشأن الدخان "يوم تأتي السماء بدخان مبين" فقد حدد في المأثور الأمامي انه من علامات المهدي (ع) لا القيامة. قبل الظهور يغشى الناس دخان وعندها يؤمنون بألسنتهم دون قلوبهم "يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم. ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون انا كاشفوا العذاب قليلاً انكم عائدون. يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون".(5) وسوف تلاحظ في البحث القرآني علاقة سورة الدخان بالمهدي (ع) بجميع الفاظها المستخدمة. لقد أكد المأثور على ضرورة تلاوة السورة في ليلة الجمعة (حيث يوم الظهور المتوقع)، وعدا ذلك نجد الصوت أو الهدّة نفسها في مأثور السنة تحدث يوم الجمعة وفي شهر رمضان. والسؤال هو في أي يوم تحدث الهدّة من ايام الشهر؟ من الواضح اننا بحسب الفرض السابق فأن الذنب لا ينتظر إلى يوم 25 ليخبط الأرض. انه يصل إلى حافة الغلاف الغازي قبل ذلك. ولما كان الغلاف الغازي له شكل مفلطح كشكل الأرض فأنه يضرب الهواء ويخرج من بعد حين وبسرعة. وفي لحظة اتصال الذنب بالهواء الأرضي ينتقل الصوت الذي يعتقد (كل قوم انه وقع في ناحيتهم) حسب تعبير الحديث الشريف. عن نعيم في الفتن عن أبي هريرة قال "في رمضان هدّةٌ توقظ النائم وتخرج العواتك من خدورها".(6) وعن شهر بن حوشب قال بلغني ان رسول الله (ص) قال: يكون في رمضان صوت وفي شوال مهَمهةٌ".(7) وفي نص آخر سمي هذا الصوت (بالصيحة). وحُددّ يومه وهو يوم الخامس عشر من رمضان: "..قلنا وما الصيحة يا رسول الله قال هذهِ في النصف من رمضان يوم الجمعة ضحىً وذلك إذ وافق شهر رمضان ليلة الجمعة فتكون هذهِ توقظ النائم وتخرج العواتك من خدورهن".(8) ولكننا نلاحظ ان هناك توافقاً تاماً للاحداث مع الجمعة فعندما يوافق يوم الجمعة شهر رمضان – أي اليوم الأول وفيه الخسوف الغريب للقمر يكون يوم الخامس عشر جمعة أيضاً وفيه الصيحة ويكون ليلة الثالث والعشرين ليلة جمعه ايضاً وهي ليلة طلوع الشمس من مغربها. فالتوافق لا يحدث بين الآيات والعلامات نفسها بل بين الأحاديث المختلفة ايضاً كما رأيت. وفي نص آخر سميت الهدّة باسم آخر هو (الرجفة) وحددت على أنها في شهر رمضان ايضاً – وذكر انهم رأوا شيئاً شبيهاً بذلك على اثر مذنب فقال: "كانت رجفة أصابت أهل دمشق في أيام مضين من شهر رمضان فهلك اناس كثير ... إلى ان قال: فذكرت ذلك لشيخ قديم عندنا فقال: ليس هذا النجم المنتظر. لقد أكدت الأحاديث على وقوع الصوت – ولا تعثر على تفسير لهذا الصوت يطابق الآيات والعلامات المتتابعة الاّ هذا التفسير حيث لم تذكر اية صفة أخرى لهذا الحدث. نعم ربما التبس الأمر على بعض الباحثين فلم يميزوا بينه وبين الصوت السماوي في فجر الثالث العشرين من رمضان. حيث سُمي هذا الصوت على الأغلب بـ (النداء) – ولكن في بعض النصوص ورد باسم الصوت لكنه ميزّ بالإضافة إلى المنادي فكان واضحاً وضوحاً كافياً. وما زاد الالتباس على بعض الباحثين ورود النداء باسم (الصيحّة) وكانت العوامل النفسية والمذهبية ذات اثر بالغ في اختيار الألفاظ اهتم أهل السنة على الأغلب بإخراج احاديث الصوت الذي هو الهدّة، لتجنب ذكر المهدي (ع) ولتجنب ذكر النداء في الليلة الثالثة والعشرين باسم المهدي من قبل جبرائيل (ع). بينما اهتم المأثور الشيعي بالتركيز على ليلة القدر والنداء باسم المهدي فحدث تبادل بالتسميات وإذا أردنا تحكيم القرآن – فانّا نلاحظ ان (الصيحة) دوماً هي نداء جبرائيل (ع) في الأمم – انذاراً بالهلاك أو اهلاكاً. وامّا هذا النداء المنتظر فورد في القرآن بهذين الاسمين "الصيحة" والنداء: "يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج" وفي القرآن ثلاث صيحات مرتقبة لم يميزوا بينها بل فسرت جميعاً على أنها في يوم القيامة. في هذهِ الآية ورد نص عن الائمة انه يوم الخروج – خروج المهدي (ع) تحديدأً وهناك موضع آخر للالتباس عند ملاحظة اللفظ القرآني. فالنداء ذكر ايضاً في القرآن كأمر مرتقب، لكن يقُصد به النداء بين مكة المكرمة والمدينة والذي يأتيك في حوادث الظهور عند وقوع الخسف في اكمال الدين عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال "الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان".(9) لقد اعتبرت الصيحة (بمعنى نداء جبرائيل (ع)) في المأثور الإمامي احدى خمس علامات محتومة: ابن حنظلة عن ابي عبد الله (ع) "خمس علامات محتومات اليماني والسفياني والصيحة وقتل نفس زكية والخسف بالبيداء".(10) هذا الحديث يحمل نفس التسلسل التاريخي لحوادث الظهور لكنه لا يتضمن اية علامة كونية – لأن الخسف يحدث بأمر جبرائيل (ع). والصيحة في هذا الحديث هي النداء باسم المهدي لا الصوت. وقد تسأل فأين ذكر الصوت في المأثور الإمامي ليمكن التمييز؟ لقد ذكر اكثر من مرة في اكثر من حديث – باستخدام الألفاظ الدالة على ذلك مثل توقظ النائم وتقعد القائم...الخ. ويراد بهذهِ التعابير كل المعاني لا المعاني الظاهرة وحسب. "قال .. وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقظان وتخرج الفتاة من خدرها".(11) ويراد بالنائم هنا عدا النائم الحقيقي – وهو الأهم – الرجل المؤمن: " ستكون فتن لا ينجو منها الاّ النوّمة". حيث يتهيأ للمشاركة في هذا الطور. اما اليقظان فهو ابن الدنيا وكذلك القائم (الذي يقعد) كما في نص آخر فهو كل قائم بالأمر من ملك ورئيس وأمير وكل جبار حيث يسقط هؤلاء إذ لا قائم مع القائم بالحق، وحيث لن يتمكن أحد من فعل شيء حيال الاحداث الكونية التي لا طاقة لهم بها. لقد عرفنا ان (الصوت) استخدم في المأثور الإمامي لا للتعبير عن الهدّه بل عن نداء جبرائيل (ع) – هذا حديث آخر يثبت ذلك: عن ابي عبد الله (ع) قال لأبن ابي يعقوب: "امسك بيدك – هلاك الفلاني وخروج السفياني وقتل النفس وجيش الخسف والصوت قلت وما الصوت أهو المنادي قال نعم وبه يعرف صاحب هذا الأمر".(12) إذن فالصوت عند أهل السنة تقابله (الفزعة) في المأثور الامامي. اما المنادي فذكر بشكل محدود عند أهل السنة كما في هذا اللفظ: فرائد السمطين عن ابن عمر قال رسول الله (ص) "يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه" وذكر ابن نعيم طرقاً للحديث وقال هذا حديث حسن روته الحفاظ كالطبراني وغيره. رواه صاحب نور الابصار ايضاً بلفظ: "وعلى رأسه غمامة فيها ملك ينادي هذا خليفة الله فاتبعوه". وقال في البرهان وعقد الدرر "والنداء يعم الأرض يسمع أهل كلِ لغة بلغتهم. كما روي في اسعاف الراغبين في (137). وذكره الديلمي في الفردوس.(13) في هذهِ الأحاديث حاولوا تجنب التصريح بأسم الملك (جبرائيل) عليه السلام, ويظهر من احاديث أخرى ان نداء جبرائيل (ع) هو الآخر مفزع وليس الصوت أو الهدّة وحدها. إذ استخدمت نفس الالفاظ المستخدمة في الهدّة لوصف النداء. الطوسي في الغيبة عن محمد بن مسلم البشارة بألفاظ متقاربة عن الحسين بن علي عليهما السلام: "إذا رأيتم ناراً من المشرق ثلاثة ايام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد ان شاء الله ثم قال ينادي منادي من السماء باسم المهدي فيسمع من بالمشرق والمغرب حتى لا يبقى راقد الاّ استيقظ ولا قائم الا قعد ولا قاعد الا قام على رجليه فزعاً فرحم الله (عبداً) سمع ذلك الصوت فأجاب فان الصوت الأول صوت جبرائيل روح الأمين".(14) ذكر الحديث كما ترى ان نداء جبريل (ع) هو الآخر مفزع يوقظ الراقد ويقعد القائم وسماّه بالصوت ايضاً. ان الفزعة التي في وسط الشهر كما يبدو هي للتمهيد لهذا النداء والذي هو مفزع ايضاً، ولكن الفارق بين الصوتين هو ان الهدّة مفزعة ومؤثرة تأثيراً مادياً في المباني والمنشآت وتراكيب الأذن امّا صوت الروح الأمين فهو مفزع للقلوب والنفوس. وعلى ذلك دلّ أحد النصوص على ضرورة الاحتياط من الصوت بالتدثر وسدّ الأذنين واغلاق المنافذ، ولما كان هذا النص قد روُى عن طرق السنة فقد يتطرق اليه الاحتمال في الوضع لغاية هامّة هي التوصية بعدم سماع الروح الأمين، لكن هذا الشك ليس في محله اولاً لأنه من أحاديث أبي نعيم الذي أخرج أحاديث المهدي (ع) صريحة بارتياح تام وثانياً لأنه يحدد يوم الرجفة على انه الخامس عشر من شهر رمضان بينما النداء في الثالث والعشرين ولو كان النص قد وضع لهذهِ الغاية لأمر بفعل ذلك في فجر الثالث والعشرين هذا هو النص: "قال: قلنا وما الصيحة يا رسول الله (ص)؟ قال: هذه في النصف من رمضان يوم الجمعة ضحيً وذلك إذا وافق شهر رمضان ليلة الجمعة فتكون هذهِ توقظ النائم وتقعد القائم، وتخرج العواتك من خدورهن في ليلة جمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فأدخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجداً وقولوا سبحان القدوس ربنا القدوس فأنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل ذلك هلك".(15) ويحتاج النص عدا ذلك إلى دراسة أوسع. تكرار عبارة (في ليلة جمعة) بعد خدورهن وقبل فإذا صليتم يحدث التباساً ما لم نعتقد انه في حال كونه الصوت يحدث (ضحىً) بالنسبة للمنطقة الإسلامية حيث المتكلم والسامع فأنه يكون ليلاً في مكان آخر. وعليه فأنه يوجد في كل الأرض الكروية الشكل نائم وقاعد معاً في زمن واحد. ومنه يمكن تحديد ان الوقت عند الصيحة في (الحجاز) قصراً سيكون ضحىً وعليه يمكن معرفة وقته في جميع أنحاء العالم. ويظهر من النص هلاك اكثر الماس – إذ لا يُحتمل ان يعمل بهذهِ التوصية الاّ الاقلية. ولكن هذا الاعتقاد يتضاءل عند تذكر ان الصوت له هذا الأثر في المنطقة المواجهة فقط وهي التي تكون مقابلة للذنب – وهي بالطبع نفس منطقة الذين قدّم لهم النص هذهِ التعليمات – حيث امرهم ان يفعلوا ذلك بعد ان يصلوا الفجر وحدّد لهم زمن الصوت انه (ضحىً) وعليه فان الوقت الاضافي للاحتياط ليشمل المنطقة المواجهة كلها وهو بحدود أربع ساعات أو اكثر كمعدل لمعنى الضحى بين الصيف والشتاء. ومنه نعلم ان النص – متناسق في داخله تناسقاً علمياً – لا يحتمل صدوره ممنّ هو دون المعصوم (ع). وعدا ذلك فهناك سؤال آخر حول المعنى اللغوي أو القرآني للصيحة – غير المعنى العلمي. من الواضح ان الصوت يحمل على ايّ صوت صادر من مصدر ما – فإذا كان مفهوماً فهو كلام. وإذا كان الصوت شديداً فهو (صيحة) وإذا كان مفهوماً فهَو (نداء) – ومن هنا نستطيع التحديد الدقيق وإزالة الالتباس. فحينما يريد المعصوم التأكيد على ضرورة إطاعة المنادي يسميه (الصوت) (رحم الله عبداً سمع ذلك الصوت فاجاب". لذا أجاب حينما سئل وما الصوت أهو المنادي قال نعم. إذن فالصيحة هي صوت شديد غير مفهوم – وبهذا المعنى وردت في النصوص الأمامية. والخلاصة: ان الصيحة التي توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج الفتاة من خدرها هي في الواقع صيحتان إحداهما الصوت المدوي الذي يفترض انه بسبب تماس ذنب الكوكب المذنب مع الغلاف الغازي ووقوعه في النصف من شهر رمضان والثاني هو نداء جبرائيل (ع) وزمنه في فجر الثالث والعشرين من شهر رمضان. السؤال الهام الأخير هنا هل وقوع الصوتين في شهر رمضان واحد أم في شهرين مختلفين في الأعوام؟ هذا ما سنوضحه في العلامات الاجتماعية. ه. خسوف القمر في الخامس والعشرين من الشهر العربي. في نص آخر ان هذا الخسوف تحديداً هو في شهر رمضان ايضاً، مما يدل على تأييد الأحاديث بعضها بعضاً – كونها ظواهر كونية متتابعة من مُسبب واحد. ذلك النص هو ما ذكره النعماني في الغيبة عن أخ الكميت (الشاعر كما يبدو) عن الباقر (ع) قوله "ان بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس بقين والشمس لخمس عشرة وذلك في شهر رمضان..".(16) وهذا التحديد مفرح جداً لكل باحث – إذ يستحيل تفسير حدوث خسوف للقمر قبل النصف بل والى ما بعد الثالث والعشرين ولو مع وجود المذنب. وذلك لكي تتمكن من السير في الفرض قدماً علينا ان نعتقد ان ظلّ المذنب لا يمكن ان يسقط على القمر الاّ في الأيام الأخيرة من الشهر. وعند وضعه على الرسم التوضيحي – بالترتيب المعروف علمياً فأنه لا يكون هذا الخسوف محتملاً الاّ في يوم 25 وما حوله، لو قسمت مدار القمر بدقة على الأيام وحددت المراحل الأولى فلن تقع هذهِ الظاهرة الاّ في هذا اليوم تحديداً – لتقع الظواهر الأولى مطابقة مع هذا الحدث ومطابقة لتقسيم المدار فأنتبه لهذهِ المسألة البالغة الأهمية والتي تركنا الخوض في تفصيلها تجنباً لمللكم. إن المذنب هو نجم شمسي يسير باتجاهه وهو يؤثر في الأرض ولا يتأثر بها كثيراً لأن قوة جذب الشموس اكبر بكثير من قوة الكواكب الباردة. و. استدارة الفلك والنجوم والقمر ان ملاحظة هذهِ العبارات بدقة تبين بشكل لا لبس فيه انها عين الظاهرة التي تقول بطلوع الشمس من مغربها! فإذا طلعت الشمس من مغربها فقد استدار الفلك واستدارت حركتها والتي هي في الواقع استدارة حركة الأرض المحورية وبها يستدير جميع ما يُرى في السماء لقد رأينا ان حركة الأرض بعد (ركود الشمس) أي بعد توقفها عن حركتها المحورية لا يكون الاّ معكوساً بحسب القوانين الفلكية. إذ نص القانون على (بقاء أي جرم في حركته المعتادة ما لم يؤثر عليه مؤثر خارجي). وحينما مرّ المذنب – بحسب الفرض – وابطأ الحركة المحورية ثم اوقفها تماماً عندما تعامد خطه على خط الاستواء فأنه يستحيل عودة الأرض إلى حركتها السابقة أو بقاءها متوقفة – فسير المذنب بنفس الوجهة سيؤدي إلى دورانها بشكل معكوس. هذه تجربة من خيالنا لتوضيح الأمر: لتكن لديك كرة معدنية خفيفة ممغنطة أو قابلة للتمغنط طافية في حوض ماء بخفة كبيرة مرَّر مغناطيسي شديد الجذب قريباً من الكرة. حاول تدويرها على نفسها باتجاه معين وبعكس ذلك الاتجاه بتغيير حركة يدك الماسكة للمغناطيس. ستراها تدور بالاتجاه الذي تريد. لو كانت ممغنطة أصلاً فأن تغيير الأقطاب في يدك سيعوضك عن كثير من الحركة والقرب. تتمكن أيضاً من جرَّها إلى الجهة التي تريد وهذهِ العملية بالغة الأهمية .. لأنها جزء مما يفعله المذنب الموعود في الأرض إذا دورت الكرة في التجربة أعلاه بيدك فيمكنك تسريع أو توقيف الحركة بتغيير الأقطاب والاتجاه للمغناطيس الذي بيدك. ان قانون الفلك أكد على (استمرارية) النظام على ما هو عليه قبل المؤثر وبعده فلا توجد قوة بمقدورها (هدمّ) النظام الكوني أو (تحطيم) أو تخريب بل كل ما يفعله المؤثر الخارجي هُوَ إخراج كوكب من مدار إلى مدار آخر أو تدوير بحركة معكوسة أو تصادم تكون نتيجته في النهاية إستقرار المتصادمين في وضع جديد. وإذن فلا يحدث خلل أو فساد في النظام الشمسي عند حدوث تغيير في طبيعة النظام بل ما يحدث هو التحول من نظام إلى نظام آخر (يحيي الأرض بعد موتها) وهو عين ما ذكره الحديث في المحاورة التالية بين أبي بصير والإمام أبو بصير عن أبي جعفر الباقر (ع) قال: "...ولا يترك بدعة الاّ ازالها ولا سنة الا اقامها وبفتح قسطنطنية والصين وجبال الديلم ويمكث على ذلك سبع سنين كل سنة عشرة سنين من سنيكم هذهِ ثم يفعل الله ما يشاء قال قلت له جعلت فداك وكيف تطول السنون؟ قال بآمر الله الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام والسنون. قال قلت انهم يقولون ان الفلك ان تغير فسد. قال: ذلك قول الزنادقة فامّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شق الله لنبيه القمر وردت الشمس ليوتع بن نون واخبر بطول يوم القيامة وان كألف سنة مما تعدون".(17) الهوامش ________________________________________ (1) Universe/110. (2) مرّ سابقاً – البشارة باب / 13. (3) نفس المصدر. (4) البشارة / 235. (5) سورة الدخان. (6) الملاحم والفتن / باب 74. (7) الملاحم والفتن / باب 67. (8) الملاحم والفتن / باب 59. (9) البشارة/ 119. (10) البشارة/ 119. (11) النعماني في الغيبة/ البشارة 120. (12) النعماني/ البشارة/ 120. (13) الخلاصة من المنتخب/ 448. (14) المنتخب/ 449. (15) الملاحم والفتن / باب 59 – الصيحة. (16) البشارة / 97. (17) اعلام الورى اخذناه عن البشارة / ب3/235. ز. سقوط حساب السنين وبدء حساب الشهور والأيام ان النصوص التي دلت على ذلك هي بالغة الأهمية لأنها تؤكد مرّة أخرى على التغير في النظام الأرضي. هذهِ الظاهرة هي الأخرى التبست على البعض كما يبدو إذ لم يميزوا بينها وبين ظاهرة أخرى مشابهة في الألفاظ هي في النص "ويذهب ملك السنين ويكون ملك الشهور والأيام" ان الظاهرة الأخيرة جاءت في معرض الحديث عن الظواهر الاجتماعية والسياسية وليست التغيرات الكونية. وتضمنت عبارة (ملك) بدل (حساب). ان الملك هنا يعني السيطرة على السلطة. ففي المشرق وتحديداً في العراق يحكم شخص يمهدّ لظهور السفياني ويكون عقدة الرباط لأنظمة الطغيان في كل العالم وهو ما يأتيك بيانه المفصل في العلامات السياسية. وجاءت تلك العبارة عن زوال ملك السنين للدلالة على عدم استقرار الوضع السياسي بعد هلاك تلك الشخصية والتغيرات السريعة التي تحصل في النظام الحاكم وهو ما نسميه باللغة المعاصرة (كثرة الانقلابات). هذا النص هو ما ذكره الطوسي في الغيبة نأخذ منه الحاجة: "إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ولم تنساه هذا الأمر دون صاحبكم ان شاء الله ويذهب ملك السنين ويصير ملك الشهور والأيام فقلت يطول ذلك قال كلا".(1) ان هذهِ الظاهرة مختلفة اختلافا كلياً عن ظاهرة سقوط حساب السنين وبدء حساب الشهور – لأن المقصود هنا الحساب باعتباره حساب الزمن بالتقويم المرتبط بالنظام الشمسي ودوران الأرض. يكون سقوط الحساب الحالي طبيعياً إذا كانت كل سنة من النظام الجديد تساوي عشر سنين من النظام الحالي فأن الشهر – كنسبة يصبح مقارباً للسنة الحالية أي بحدود عشرة أشهر. وإذن فالحساب لأبد أن يتغير ليكون بالشهور والأيام. إن إعطاء تصوّر محدد لذلك النظام هو في غاية الصعوبة لا لقلة المعطيات المذكورة في المرويات بل لقلة معلوماتنا الخاصة عن النظام الشمسي. أن التعبير عن هذا الحدث بمختلف التعابير إنما هو لأنه ظاهرة واحدة فأن حركة الأرض المحورية إذا انقلبت – وهي الآن اصطلاحاً عكس اتجاه عقارب الساعة – فطبيعة الحال سيستدير القمر والنجوم والشمس وكل ما نراه في السماء فيشرق من المغرب ويغيب في المشرق. إن هذا الأمر سيحقق وجود مشرق ومغرب جديد للأرض في فلك آخر – وسيكون في تاريخ الأرض مشرقين ومغربين ان اشهر النصوص بشأن استدارة الفلك والنجوم هو ما ذكره أمير المؤمنين علي (ع) في الخطبة في العبارة الشهيرة: "فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك في ايّ واد سلك..".(2) وجاءت نفس العبارة تقريباً في نص آخر إذ سأل ابو الجارود الإمام الباقر عليه السلام عن المهدي الموعود (ع) فقال: "يا أبا الجارود إذا دار الفلك وقالوا مات أو هلك وبأي وادٍ سلك وقال الطالب له انيّ يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه"(3) ان النص يدل دلالة واضحة على قوة الهلع الذي يصاب به الناس جراء استدارة الفلك وتغير الأحوال بحيث ان المنتظر للظهور (الطالب له) يفقد يقينه ويرى انه مات أو هلك أو بليت عظامه. ان استدارة الفلك والنجوم وطلوع الشمس من مغربها هو ظاهرة واحدة وحدث واحدة ولكن الذي أحدث الالتباس هو تصنيف طلوع الشمس كحدث من أحداث قيام الساعة. ان المنهج اللفظي للقرآن والسنة الموضحة خصائصه في كتاب النظام القرآني يحل هذا الاتكال بالتمييز بين تلك الألفاظ – الساعة قيام الساعة يوم القيامة يوم الدين ...الخ من التسميّات القرآنية. وسترى قريباً ان هذا التصنيف صحيح لفظاً وإن كانت المفاهيم التي توحي بها تلك الألفاظ في أذهان العامة مخالفة لمفاهيمها الحقيقية. فالعبارة (قيام الساعة) تعني في المفاهيم العامة (نهاية العالم) بينما هي في المفهوم القرآني بداية المعنى الحقيقي للزمن. وبمعنى آخر ان الساعة في المفهوم القرآني – بحسب المنهج اللفظي – هي بداية العالم لا نهايته – لأنها بداية نهاية الشرور وبداية الحساب الصحيح للزمان. لكننا لا نعدم النصوص الدالة على ان طلوع الشمس من مغربها مرافق لظهور المهدوية وطور الاستخلاف نجاحه في المأثور الأمامي. ومن هنا يمكن تصحيح جملة الأخطاء للفريقين معاً. فهناك خط في الأمامية حاول تفسير طلوع الشمس من مغربها تاويلاً انه كناية عن طلوع شمس الإمامة بينما هو طلوع حقيقي كوني متناغم مع طلوع دولة الحق وبداية العد الحقيقي لعنصر لزمان. وكذلك يمكن تصحيح المفهوم العامّي عن قيام الساعة أو مرسى الساعة من انه ليس سبع سنين أو اربعين سنة بعد ظهور المهدي (ع) فينتهي العالم ... بل هو باق ببقاء السموات والأرض الاّ ما شاء ربك وذلك بإيضاح المعاني الحقيقية لتلك المفردات القرآنية والذي سيأتيك في البحوث اللاحقة. ويبقى في هذا الملخص سؤال آخر ذي طبيعة علمية هو: هل يمكن ان يحدث كل ذلك ولا يحدث خلل في النظام الشمسي أو الكوني؟ لقد ذكر هذا السؤال نفسه قبل أكثر من ألف ومئتي سنة على ما ورد في المأثور الإمامي, وكانت الإجابة هي نفس الإجابة العلمية المعاصرة بحسب قوانين كبلر ونيوتن والمخالفة بالطبع لعلم الفلك القديم بزعامة بطليموس. ان مثل ذلك مثل القطع المعدنية المنتظمة في وضع معين على ورقة وتمرر تحتها قطباً مغناطيسياً منتظم بوضع جديد ... على أن النجم الموعود في الحقيقة لا يغير سوى نظام الأرض وحده. أو هذا في الأقل ما نفهمه من المأثور وما نراه فعلاً في المجموعة الشمسية المتباعدة في المسافات بعداً سحيقاً يستحيل معه تغيير كامل النظام بكوكب مذنب واحد. هناك اكثر من وضع مفترض واكثر من احتمال. منها مثلاً احتمالان رئيسيان يجريان في مجرى الغرض الأساسي ويتحرك مع المرويات: الأول: ان تبقى الأرض في نفس المدار والنجم المقترب سيغير حركتها المحورية لتكون معكوسة بنفس السرعة ويبطئ حركتها في المدار إلى عشرة اضعاف. هذا الفرض سيؤدي إلى ان تصبح السنة بعشر سنين والأيام نفسها والفلك يكون قد استدار. لكن النص السابق أشار إلى تغير الأيام أيضاً "فتطول الأيام لذلك والسنون". إذن في داخل هذا الاحتمال يمكن ان نضع لفرضاً بشكل آخر هو إبطاء الحركة المحورية أيضاً فتطول الأيام. وهنا تواجهه مشكلة علمية وهي ارتفاع درجة الحرارة كثيراً في الجزء النهاري وانخفاضها كثيراً في الجزء الليلي. هذهِ المشكلة يمكن حلها بالاعتقاد ان زاوية الميل تتغير هي الأخرى بحيث يؤدي ذلك إلى توازن خلاّق يُخرج بركات الأرض والسماء كما ذكرت النصوص. ويبرز هنا اعتراض محتمل عن عدم الانسجام بين معدل البعد عن الشمس وزمن الدوران مما يؤدي إلى خرق قانون أساسي في النظام الشمسي إذ توجد علاقة رياضية ثابتة بين المتغيرين من الممكن إعطاء إجابة عن ذلك مفادها: ان هذهِ العلاقة الرياضية هي كشف للوضع الذي عليه المجموعة الشمسية – الذي يمثل القوى المتوازنة التي انبثق عنها النظام الشمسي – وليس هو قانون حتمي. ولو كان حتمياً لما أخذ قانون الاستمرارية بعده التام بما في ذلك قاعدة استمرار أي نظام في وضعه الجديد بعد زوال المؤثر. الثاني: ان يقوم النجم الموعود بسحب الأرض وراءه من مدارها كما تسحب الكرة المعدنية الخفيفة وهي على الماء بقطب مغناطيسي وتتركها في موضع آخر .. فكذلك يتركها المذنب ويذهب في طريقه حيث تستقر في مدار جديد. وبذلك يتغير نظامها كليةً زاوية الميل والبعد عن الشمس وزمن الدوران والدوران المحوري. ان هذا الفرض هو في الحقيقة الفرض المعوّل عليه. إذ سنجد بعض الإشارات والرموز القرآنية والإنجيلية والأحاديث كما لو كانت تنوّه عنه. وعلاوة على ذلك لا يبرز إزاء هذا الفرض ايَّ اعتراض علمي أو أشكال فلكي يذكر. اعلق على هذا النص : تتغيرّ فيه زاوية الميل الأرضي وسرعة الدوران المحوري وموقع الأرض بحيث يؤدي إلى تغيّر مناخي مختلف تماماً عن الوضع السابق. إذا درسنا النصوص النبوية وغيرها نلاحظ ان الوضع الجديد هُوَ وضع مؤهل تماماً لظهور جّنة فعلية فمثل هذا التغير يقضي على التصحّر والتباين الحراري وتتغير فيه الأنهار كمّا وعدداً واتجاهاً ويحتمل جداً ان تموت خلال ذلك جميع أنواع البكتريا الضارّة والكائنات الأخرى المسّببة لمشاكل، في حين تتغير طبيعة كائنات أخرى بصورة جذرية. هذا بعض ما نراه عند دراسة النصوص بطريقتنا. وتفاصيلة مدهشة في حسن تنظيمها ووضوحها فلنبدأ بالعلامات الكونية اولا: اخي الكريم سمعنا عن زلزال اليابان الكبير 9 درجات بمقياس ريختر وهو اقوى درجه مر الى الان حيث اكد علماء الفلك ان هذا الزلزال غير محور او مكان الارض 700 سم فهل يعني الان بدء تغير المناخ الطقس وكل شيء هل بدء الان .... Share this post Link to post Share on other sites
أبو حسن القطيفي 0 Report post Posted March 14, 2011 بسم الله الرحمن الرحيم وصلاة على المرسلين و على سيدهم وخاتمهم أبي القاسم محمد و آله الطيبين الطاهرين السلام عليكم و رحمة الله أخي الكريم الميزان مع أني سمعت و قرأت أن زاوية الميل تغيرت بواقع 10 سم إلا أنه حتى لو كان 700 سم أي 7 أمتار مع ذلك فإن المناخ يتغير بشكل طفيف و إن تغير فإنه إلى الأسوء أما في حال تغيره بشكل عكسي أو قائمي أي يكون تعامده بزاوية متساوية مهما كان فإن تغيره سيغير النظام الأسوء إلى النظام الأحسن بحيث تتهيأ الأرض لجناتها وتخرج أثقالها وغيره من التغير الجذري الإيجابي على الأرض لتهئتها لعباد الله الصالحين الذين سيقيمون الدين ولذا سمي يوم الدين أي يوم تحقق الدين ، فتدبر . Share this post Link to post Share on other sites
الميزان 0 Report post Posted March 17, 2011 . اذن ومن خلال المعطيات : ان عام 2012 سوف تتهيأ الظروف لتغيرات كبيره حقيقيه . Share this post Link to post Share on other sites
الميزان 0 Report post Posted August 28, 2011 مذنب ايلين سيحدث في الربع الاخير من عام 2011التي تحدثت عنه المواقع الفضائيه والمنتديات الكثيره ولكن دون جدوى ومن خلال الخلط الكبير بين الصحيح والتقارير ليست الكاذبه وانما ليست دقيقه بالتصريح المطلق ارجو المتابعه اكثر ومن خلال موقع الفتن والملاحم كانو يراقبونه من قبل 8 اشهر من الان الى ان جاءت النبؤه الحقيقيه بزلزال امريكا وعليكم التامل اكثر من خلال الموقع الذي في الصوره لعله يمهد هذا المذنب بدايه جديده لعام 2012 . Share this post Link to post Share on other sites
ع ع 0 Report post Posted September 13, 2011 ربما هي تجارب زلزالية من صنع البشر محددة الزمن بوقت المذنبات بمثل مادة الكمتريل فطالما مر مذنبات اضخم دون أثر Share this post Link to post Share on other sites
الميزان 0 Report post Posted November 2, 2011 هل تصدقون تنبؤات 2012 الصادره من وكالات الانباء الفضائيه بسنة 2012 طبعا من خلال المعطيات الاخيره تبين لا ليست من ناسا او غيرها وانما بدأت النبؤه من تنبؤات نوستر داموس في رباعيته ذكر انه في عام 2012 سيحدث امر كبير غير مسبوق من سقوط مذنب وخلافه وكذلك ايضا لاننسى حضارة المايا في جنوب امريكا ذكرت ان نهاية العالم تبدأ من سنة 2012 ميلاديه اذن موضوع 2012 الحدث الكبير له عدة مصادر وهذا مما يؤكد احتماليته نحن لانصدق ولا نكذب المنجمين كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم بل الذي يجب ان نعمله هو ان هناك دعايات وتصريحات عن مذنبات وكواكب سوف تصطدم بالارض بمئات التصريحات واغلبها غير صحيح وذلك بسبب فقدان المصداقيه بمعنى ان لو ثبتت الدقه بهذا لصدقت ربما تكون احداها صحيح فكيف نميزها هنا مربط الفرس يوجد من بين مئات التقارير واحد صحيح ولكن اين الدقه هنا اذن مشكلتنا في الدقة وهذه هي الحقيقه وهذه سنة الله في ارضه جعل الساعه فجأه ولكن لا يعلم حيثيات بدايتها الا العالمون انا لم اقل لايعلم الساعه الا العالمون انا اقول لايعلم الحيثيات اي لايعلم النهايه المؤشرات لقرب الساعه . Share this post Link to post Share on other sites
الميزان 0 Report post Posted January 4, 2012 الى الان البرج الاماراتي برج خليفه اجتمع له مليون معتمر واعتبرها ايه صغيره ممهده للايات الثقيله .. لتتبع اكثر على هذا الرابط : http://olom.info/ib3/ikonboard.cgi?act=SF;f=1 في عنوان القادمون . Share this post Link to post Share on other sites
السديم 0 Report post Posted March 30, 2012 غير صحيح ان نهاية العالم 2012 هذي معتقدات وشائعات مالها أي دليل حتى ان الناسا تسخر منها Share this post Link to post Share on other sites
محمد نظمي 0 Report post Posted April 7, 2012 جات السنة وسوف تذهب ولن يحدث الا ما كتب الله وكذب المنجمون ولو صدقوا Share this post Link to post Share on other sites