Jump to content
Sign in to follow this  
فاطمة

يوري غاغارين «النسر الصغير»: من المزرعة.. إلى الفضاء

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

13015201251.png

 

تظل عملية ارسال أول انسان الى الفضاء الانتصار الأنصع الذي حققته العلوم السوفيتية. ففي 12 ابريل عام 1961، دخل ابن فلاح روسي ذو ابتسامة اخاذة في كبسولة ضيّقة، قطرها ثمانية اقدام، واطلق وهو داخل تلك الكبسولة بصاروخ بارتفاع عشرين طابقا باتجاه الفضاء الخارجي.

وبعد مضي 108 دقائق من ذلك، وبعد القيام بدورة واحدة حول الكرة الارضية هبط الطيار الشاب بالمظلة عائدا الى الارض، وبقيامه بتلك الخطوة اصبح يوري غاغارين اول انسان يبلغ الفضاء الخارجي. لقد شكلت رحلة «فوستوك ــ 1» لحظة حاسمة في تاريخ القرن العشرين، كما فتحت الأبواب أمام إمكانية القيام برحلات بين الكواكب المختلفة بالنسبة للكائن البشري. كما حوّلت غاغارين الى نجم عالمي، واعتبرت المهمة التي انجزها اثباتا واضحا على تفوّق التكنولوجيا الشيوعية.

 

بات رائد الفضاء البالغ من العمر 27 عاما شخصية مرموقة في الاتحاد السوفيتي، وفتح له ذلك الباب للقيام برحلة حول العالم، حيث تناول وجبة غداء مع الملكة اليزابيث، وتبادل القبل مع النجمة جينا لولو بريجيدا، وقضاء العطلات مع الشخصيات المهمة في منطقة القرم.

وقد تلقى يوري غاغارين اكثر من مليون رسالة، جاءته من المعجبين من جميع انحاء العالم. وهو امر مذهل بالنسبة لشخص لا ينتمي الى مجتمع النجوم. بيد ان غاغارين كان يتمتع بابتسامة «اضاءت ظلام الحرب الباردة» وفق وصف احد الكتاب. كما انه كان يتمتع باسلوب مهذب جعله يصبح افضل سفير مثّل الاتحاد السوفيتي.

لقد حظي غاغارين بإعجاب ومحبة العديد من المواطنين الروس بدرجة تشبه ما حظي بهم جون كنيدي في أميركا والأميرة ديانا في بريطانيا.

وسيتم الاحتفال بذكرى تلك المهمة التاريخية خلال أبريل المقبل. وسيتيح الاحتفال بهذه المناسبة للروس فرصة للتأمل في قوة الإمبراطورة السوفيتية السابقة. التي عانت حربا راح ضحيتها أكثر من 26 مليون نسمة، بيد أن الاتحاد السوفيتي تمكن وخلال جيل واحد من إرسال أقمار صناعية إلى الفضاء، ومسبارات إلى القمر، وأخيراً إرسال رجل إلى الفضاء الخارجي. وشكل ذلك إثباتاً واضحاً ومذهلاً للقدرة السوفيتية، وعلى الأقل كان ذلك هو الاعتقاد السائد حينها.

 

النسر الصغير

ولد يوري غاغارين في التاسع من مارس عام 1934 في كلوشينو في منطقة سمولينسك (100 كلم غرب موسكو) وكان والده ووالدته يعملان في المزرعة الجماعية المحلية، حيث كان يعمل الوالد في وظيفة أمين مخزن وتعمل والدته في مزرعة ألبان. وفي أكتوبر عام 1942 احتلت المدينة من قبل القوات الألمانية أثناء انسحابها. وطرد آل غاغارين من مسكنهم وكان عليهم حفر خندق لمواجهة برد الشتاء. وفي وقت لاحق أبعد فلانتين شقيق يوري وشقيقته زويا إلى معسكر عمل في بولندا.

والأمر المدهش هو ان الأسرة تمكنت من البقاء والاستمرار في الحياة، وفي عام 1950 أرسلت يوري إلى موسكو للتدرب كعامل في أحد مصانع سبك المعادن، وذلك قبل التحاقه بالمدرسة المهنية الفنية التي شيدت حديثا في ساراتوف حيث انضم الى فصول الطيران، وتخرج في وقت لاحق طيارا حربيا. ونقل للعمل في مدينة مورمانسك، وكان يقوم هناك بمهام استطلاع بواسطة الطائرات النفاثة ميغ - 15.

 

كبسولة فوستوك

وفي اكتوبر 1959 بدأت مجموعة من فرق التوظيف في زيارة القواعد الجوية في جميع انحاء الاتحاد السوفيتي. ولم يذكر أي شيء عن طبيعة مهمات تلك الفرق. وعلى أي حال فان معظم الطيارين فشلوا في الاختبارات التي اجريت لهم، وتم اختيار مجموعة صغيرة، كان غاغارين بينهم، ارسلوا الى مستشفى بوردينكو العسكري في موسكو، حيث تم فحص الطيارين فحصا دقيقا على يد مجموعة من الاطباء، لكل عضو في اجسادهم.

وكان كوروليف الذي اذهل العالم باطلاق القمر سبوتنيك - 1، وهو القمر الاصطناعي الاول في العالم، يعد لتحقيق انجازه الاكبر الا وهو ارسال انسان الى الفضاء الخارجي. وكان ذلك بعد تجاربه الاولية مع الكلبة لايكا التي ارسلها الى الفضاء وعادت بسلام. ورأى انه إذا استطاعت الكلبة العودة بسلام، فان الانسان يستطيع ذلك.

بيد ان الاطباء، في الغرب والشرق على السواء، في ذلك الوقت، كانت لديهم شكوك حول تحمل جسم الانسان واستجابته لقوة الاطلاق، وبعدها لحالة انعدام الوزن في الفضاء الخارجي. وبالتالي كان هنالك حرص مبالغ فيه فيما يتعلق بصحة رواد الفضاء.

وفي نهاية المطاف تم اختيار عشرين طيارا، ولكن كانت هنالك مشكلة كبسولة فوستوك الضيقة التي تستطيع فقط استيعاب من يبلغ طولهم اقل من 5 أقدام، و6 بوصات. وتلك المساحة كانت مناسبة لطول وحجم الطيار يوري غاغارين.وبذلك تم استبعاد عديد من الطيارين. وفي النهاية فان المنافسة الوحيدة التي واجهها غاغارين كانت من زميله جيرمان تيتوف ابن المعلم الذي تلقى تعليما جيدا، ويعرف عنه استشهاده بالشعر. وقبل اسبوع من اطلاق فوستوك كان الاختيار قد تم حصره بين الاثنين.

 

اعتبارات طبقية

وكان تيتوف مقتنعا بأنه سوف يتم اختياره، ولكنه ابلغ قبل ايام من عملية الاطلاق ان الاختيار قد وقع على غاغارين. ولم يتمكن تيتوف البتة ان يكون الخيار الثاني، اذ لم يبق في ذاكرة الناس بعد انطلاقه بالمركبة فوستوك - 2 في السادس من اغسطس عام 1961. وفي عام 1998 وقبل فترة قصيرة من وفاته كان مازال يتحدث بمرارة حول منافسه، «يقول البعض انني احتضنته عندما اعلن عن اختياره. هذا كلام فارغ. لم يحدث هذا الأمر البتة».

وكانت هنالك قوى متنفذة خلف الستار تقف مع غاغارين. فقد كان خروتشوف يدرك ان الرحلات الفضائية تعد سلاحا دعائيا قويا. ويقال ان خروتشوف وغاغارين كانا من أبناء الفلاحين، بينما ينتمي تيتو الى الطبقة الوسطى، وانه إذا ما استطاع غاغارين بلوغ المجد، فان خروتشوف سيصل الى اعلى السلطة بعد بدايتهما ونشأتهما المتواضعة.

وعليه، فان ابن الفلاح تحول الى شخصية عظيمة في صباح يوم 12 ابريل 1961 وانتقل غاغارين بحافلة نمو منصة الانطلاق بصعبة تيتو تحسبا لوقوع اي طارئ في آخر لحظة. وكان الاثنان يرتديان بدلتي الفضاء. ودخل غاغارين في الكبسولة منتظراً لحظة الانطلاق. ولم يكن هنالك عدٌّ تنازلي. وهو امر سخيف يتبناه الاميركيون وفق رأى كورولي، الذي ضغط في الساعة التاسعة وست دقائق صباح ذلك اليوم على مفتاح الاشتعال وانطلق الصاروخ ببطء من منصة الاطلاق.

 

رجل في الفضاء

وبعد الانطلاق ساد صمت تام في قاعة مراقبة ومتابعة الرحلة ما عدا احد المراقبين، الذي كان يكرّر كل ثلاثين ثانية ان الرحلة تسير بطريقة عادية. وبعدها اعلن ان الكبسولة دخلت مدارها، وانطلقت عندها صيحات الابتهاج. وجاء صوت غاغارين بعد ذلك هادئا وواثقا «استطيع رؤية الغيوم. كما استطيع رؤية كل شيء، انه امر جميل»، وحوالي الساعة التاسعة وخمسين دقيقة بدأت فوستوك تمر فوق اميركا. وبعد مُضي نصف ساعة من ذلك بدأت الكبسولة في الهبوط وكان كورولي يسيطر على كل حركة لها من الأرض.

ونقلت وكالة الانباء السوفيتية (تاس) فورا تفاصيل الرحلة، وخلال دقائق بدأت الحشود تملأ شوارع موسكو، وبدوا كبحر هائج، وقال احد شهود العيان «انني لم اشهد البتة مثل الحماس الذي ابداه الناس العاديون. فقد اعتبروا انتصار غاغارين انتصارا شخصيا بالنسبة لهم».

وانتشرت اخبار رحلة غاغارين في جميع انحاء العالم، وكان عنوان صحيفة «اييننغ نيوز» اللندنية «رجل في الفضاء الخارجي!»، اما الغارديان فقد جاء عنوانها «روسيا تحيي كولمبوس الفضاء: رجل الفضاء الاول يعود سالما لبلده». اما في الولايات المتحدة التي كانت لديها طموحاتها الفضائية فقد كان هنالك ترحيب اقل بتلك الانباء.

 

نهاية مأساوية

انتهت حياة يوري غاغارين نهاية مأساوية، ففي يوم 27 مارس 1968 وبعد عامين من وفاة راعيه كوروليف، انطلق غاغارين من قاعدة تشاكالوفسكي على متن طائرة ميغ - 15 يو - تي نفاثة بصحبة زميله الطيار فلاديمير سيروغين.

وسقطت الطائرة بعد وقت قصير من انطلاقها وتوفي غاغارين وزميله. واشار تحقيق اجرته وكالة الاستخبارات السوفيتية الى ان الحادثة كانت نتيجة وشوك ارتطام طائرة غاغارين بطائرة اخرى، مما جعله يفقد السيطرة عليها. غير ان سبب الحادثة ما زال غير واضح. وقد تحول لهذا السبب الى مادة لنظريات المؤامرة المختلفة.

وفي الرابع من ابريل عام 1968 وبعد اقامة جنازة رسمية حاشدة دفن رماد جثة غاغارين قرب قبر راعيه كوروليف. وبذلك فقد برنامج الفضاء السوفيتي الاب والابن.

 

 

13015198731.png

 

 

يوري وعائلته في صورة تعود الى 1966

 

تحياتي

وشكرا

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×