Jump to content
Sign in to follow this  
Mohamad Magdy

الزيج الصابى " للبتانى " عرض ملخص للزيج

Recommended Posts

السلام عليكم

 

ان شاء الله تعالى سوف اقوم بعرض تلخيصى للزيج الصابى للبتانى حيث انه من عمدة الازياج العربية التى اثرت فى العالم وايضا كى يقرا الاعضاء عن تاريخ اجدادهم من قبل التطورات العلمية والتكنولوجية الحالية وكيف اهتدوا لحساب مواقع الاجرام السماوية وكذلك كى يتعرفوا على بعض المفاهيم الفلكية العربية قديما وسوف اقوم بعؤض الزيج ابوابا متواليه بعون الله

 

فأ قول وبالله التوفيق

 

 

 

الزيج الصابى

للبتانى

تمهيد

 

عمدة كتب الأزياج عند العرب. ومفخرة الحضارة العربية في علوم الفلك. ألفه البتاني سنة (299هـ 912م) وبناه على (57) باباً سماها في المقدمة. والزيج: كلمة معربة، وأصلها بالفارسية (زه) أي: الوتر. كما في (تاج العروس) قال: وهو كتاب يحسب فيه سير الكواكب. والصابي: نسبة إلى الصابئة الذين اشتهروا بالمهارة في علوم الفلك. قال الصفدي في (الوافي) وأول ما ابتدأ بالرصد سنة (264) إلى سنة (306) وأثبت الكواكب الثابتة في زيجه لسنة (299هـ) ولم أعلم أنه أسلم، ولكن اسمه يدل على إسلامه. وذكر صاحب الفهرست أنه ألفه للوزير ابن الفرات (ت312هـ). وقد استمر العمل بزيجه حتى ظهور (القانون المسعودي) للبيروني وهو أول من اكتشف ميل محور الأرض في دورانها حول نفسها بالنسبة لدورانها حول الشمس، ذلك الاكتشاف الذي نسبه لنفسه كوبرنيك بعد وفاة البتاني بخمسة قرون. قال القفطي: (لا يُعلم أحد في الإسلام بلغ مبلغه في تصحيح أرصاد الكواكب وامتحان حركاتها). وكمثال على ذلك انظر قوله: (ورصدنا نحن في عصرنا هذا مرارا كثيرة بالعضادة الطويلة...إلخ) وانظر (أبحاث المؤتمر السنوي التاسع لتاريخ العلوم عند العرب المنعقد في مدينة الرقة 24 - 25 نيسان/ 1985م) بمناسبة الذكرى الألفية لوفاة البتاني الرقي. اشتملت على بحوث مهمة في التعريف بالبتاني ومكانة كتابه. وانظر: علي الدفاع (العلوم البحتة في الحضارة العربية الإسلامية) وعلي شواخ الشعيبي (البتاني الرقي: سلسلة أعلامنا). ومحمد عبد الحميد الحمد (البتاني أعظم فلكي عرفته العرب) وفيه بحوث مهمة عن الزيج الصابي ومصادره ومكانته وتفسير مصطلحاته. طبع الكتاب مترجماً إلى اللاتينية سنة (1537م) باسم (Scichtia Stellarum) وطبع بالعربية لأول مرة في روما سنة 1899م بعناية المستشرق الإيطالي كارلو نالينو صاحب كتاب (علم الفلك: تاريخه عند العرب في القرون الوسطى) معتمداً نسخة دير الاسكوريال. وأشار في تقديمه لجداول الكتاب (ص227) إلى ما وقع في جداول نسخة الاسكوريال من الأغلاط بسبب كتابة الأعداد بحروف الجُمّل. قال: (فوالله ما أكثر هذه الأغلاط، ومن يرد تصحيحها فليراجع ترجمتنا اللاتينية لهذا الكتاب التي طبعنا فيها أيضاً بقية الجداول المشتملة على أعداد فقط) ونبه إلى أن حروف الجمّل في نسخة الاسكوريال مثبتة على مذهب المغاربة، يعني أن p1.gif عبارة عن (60) و(ض) عبارة عن (90) و(س: 300) و(ظ: 800) إلخ.

 

 

الباب الأول

صدر الكتاب

 

قال إن أول ما ابتدئ به كل أمر واستفتح به كل قول حمد الله جل ذكره والثناء عليه بآلائه والصلاة على خاتم رسله وأنبيائه عليهم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي خلق الخلائق بقدرته ودبر الأمور بمشيئته وأتقنها بحكمته فأحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً لا يغرب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فهدى به المؤمنين وقطع به دابر الكافرين وجعله حجة على العالمين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وعلى أصحابه المنتخبين وعلى التابعين لسنته إلى يوم الدين. أما بعد إن من أشرف العلوم منزلة وأسناها مرتبة وأحسنها حلية وأعلقها بالقلوب وألمعها بالنفوس وأشدها تحديداً للفكر والنظر وتذكية للفهم ورياضة للعقل بعد العلم بما لا يسع الإنسان جهله من شرائع الدين وسنته علم صناعة النجوم لما في ذلك من جسيم الحظ وعظيم الانتفاع بمعرفة مدة السنين والشهور والمواقيت وفصول الأزمان وزيادة الليل والنهار ونقصانها ومواضع النيرين وكسوفها ومسير الكواكب في استقامتها ورجوعها وتبدل أشكالها ومراتب أفلاكها وسائر مناسباتها إلى ما يدرك بذلك من أنعم النظر وأدام الفكر فيه من إثبات التوحيد ومعرفة كنه عظمة الخالق وسعة حكمته وجليل قدرته ولطيف صنعه قال عز من قائل " إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب "وقال تبارك وتعالى " تبارك الذي جعل في السماء بروجاً" وقال عز وجل " هو الذي جعل الليل والقمر نوراً خلفة " وقال سبحانه " هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب " وقال جل ذكره " والقمر بحسبان" مع اقتصاص كثير في كتاب الله عز وجل يطول وصفه ويتسع القول بذكره واستشهاده، وإني لما أطلت النظر في هذا العلم وأدمنت الفكر فيه ووقفت على اختلاف الكتب الموضوعة لحركات النجوم وما تهيأ على بعض واضعيها من الخلل فيما أصلوه فيها من الأعمال وما ابتنوها عليه وما اجتمع أيضاً في حركات النجوم على طول الزمان لما قيست أرصادها إلى الأرصاد القديمة وما وجد في ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار من التقارب وما تغير بتغيره من أصناف الحساب وأقدار أزمان السنين وأوقات الفصول واتصالات النيرين التي يستدل عليها بأزمان الكسوفات وأوقاتها أجريت في تصحيح ذلك وإحكامه على مذهب بطليموس في الكتاب المعروف بالمجسطي بعد إنعام النظر وطول الفكر والرؤيا مقتفياً أثره متبعاً ما رسمه إذ كان قد تقصى ذلك من وجوهه ودل على العلل والأسباب العارضة فيه بالبرهان الهندسي والعددي الذي لا تدفع صحته ولا يشك في حقيقته فأمر بالمحنة والاعتبار بعده وذكر انه قد يجوز أن يستدرك عليه في أرصاده على طول الزمان كما استدرك هو على إبرخس وغيره من نظرائه لجلالة الصناعة ولأنها سمائية جسيمة لا تدرك إلا بالتقريب ووضعت في ذلك كتاباً أوضحت فيه ما استعجم وفتحت ما استغلق وبينت ما أشكل من أصول هذا العلم وشذ من فروعه وسهلت به سبيل الهداية لمن يأثر به ويعمل عليه في صناعة النجوم وصححت فيه حركات الكواكب ومواضعها من منطقة فلك البروج على نحو ما وجدتها بالرصد وحساب الكسوفين وسائر ما يحتاج إليه من الأعمال وأضفت إلى ذلك غيره مما يحتاج إليه وجعلت استخراج حركات الكواكب فيه من الجداول لوقت انتصاف النهار من اليوم الذي يحسب فيه بمدينة الرقة وبها كان الرصد والامتحان على تحذيق ذلك كله إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق.

 

 

الباب الثاني

تقسيم دائرة الفلك

والضرب والجذور والقسمة

 

 

قال إن الأوائل جزأوا دائرة الفلك بثلاثمائة وستين جزأً واحتجوا في ذلك بغير حجة منها قرب عدد هذه الأجزاء من عدد أيام السنة التي تكمل بمجاز الشمس على نقطة غير متحركة من الفلك إلى أن تعود إليها وبأنه عدد له نصف وثلث وربع وغير ذلك من الكسور التي ليست صحيحة لكثير من الأعداد وألقوا الشمس على أربع نقط من الفلك توجب اعتدالين وانقلابين وتقسم السنة بأربعة أقسام متباينة ربيع وصيف وخريف وشتاء ونسبوا كل نقطة منها إلى الفصل الذي يحدث عنه اجتياز الشمس بها، ولما كان كل ذي بعد ذا وسط وطرفين كان كل فصل من هذه الفصول ينقسم إلى ثلثة أقسام ووجب لذلك أن تكون أقسام دائرة الفلك اثنا عشر قسماً ووجدوا النقطة الربيعية أفضل هذه النقط وأولاها بالابتداء لأن النهار يبتدئ منها بالزيادة من بعد الاعتدال والشمس في الصعود إلى نصف فلكها الشمالي فتقوى الحرارة وطبع هذا الفصل رطب مائل إلى الحرارة مشاكل لابتداء النشو وكون الأشياء فجعلوا ابتداء حساب الفلك منها، ثم وجدوا الصور التي تلي هذه الاثنا عشر قسماً المسماة أبراج اثنتا عشر صورة فسموا كل برج منها باسم الصورة التي تليه وإن كانت هذه الصور قد تزول عن مواضع الأبراج المسماة بها على طول الزمان فصار القسم الأول منه الحمل ثم الثور ثم الجوزاء ثم السرطان ثم الأسد ثم السنبلة ثم الميزان ثم العقرب ثم القوس ثم الجدي ثم الدلو ثم الحوت، ووجب لكل برج من هذه الأبراج ثلثون جزأً فحصته من أجزاء دائرة الفلك الثلثمائة والستين وهذه الأجزاء تسمى أيضاً ًدرجاً وكل درجة منها تنقسم إلى ستين قسماً تسمى الدقائق وكل دقيقة منها تنقسم إلى ستين قسماً أيضاً تسمى الثواني وكل ثانية منها تنقسم إلى ستين ثالثة وما بعد ذلك فعلى هذا الرسم من القسمة إلى العواشر وما بعدها مما يتلوه من الأجناس البائنة، وأما معنى الضرب فهو أن تضاعف أحد عددين بقدر آحاد الآخر أعني ضرب الآحاد في الآحاد، وأما ضرب الكسور في الآحاد فهو أن تضاعف الكسور بقدر الآحاد أو أن تجزئ الآحاد بقدر الكسور من الواحد، وأما ضرب الكسور في الكسور فهو أن تجزئ أحد الكسرين أيهما شئت بقدر الكسر الآخر من الواحد، وذلك أن الدرج إذا ضربت في الدرج كان ما يجتمع من الضرب درجاً وإذا ضربت في الدقائق كان دقائق وإذا ضربت في الثواني كان المجتمع ثواني وكذلك ما يضرب منها في الثوالث والروابع وما يتلوها فإن الذي يجتمع من ذلك هو من جنس الأقل الذي ضرب فيه وما دون الدرج من الدقائق وغيرها فإنه إذا ضرب كل جنس منها في نفسه كان ما يجتمع منه منحطاً عنه بقدر انحطاطه هو عن الدرج مثال ذلك أن الدقائق إذا ضربت في الدقائق فإن المجتمع ثوان وإذا ضربت في الثواني كان ثوالث وكذلك ما يضرب في الثوالث والروابع يجري على هذا الرسم في الانحطاط،

وأما الثواني فإنها إذا ضربت في الثواني كان المجتمع روابع وإذا ضربت في الثوالث كان المجتمع خوامس وكل ما بعد ذلك عن هذه الأجناس مجراة هذا المجرى وعلى هذا الرسم، وكل عدد يجتمع من جنس من هذه الأجناس بضرب أو بإضافة فإنه إذا قسم على الستين التي ينتهي إليها نسبة سائر الكسور كان ما يحصل من ذلك راجعاً إلى الجنس الذي هو أعلى منه وكل عدد من جنسين من هذه الأجناس أو أكثر من ذلك احتيج أن ينقص من أحدهما أكثر مما فيه من العدد فإنه يكسر له من الجنس الذي هو أعلى منه واحداً فيحسب ستين جزءاً ثم يضاف إليه وينقض من ذلك بقدر الحاجة ويحتسب بما يبقى من ذلك مع ما بقي من الجنس الأعلى فأما الدرج فما اجتمع منها من فصول الحركات بالإضافة فإن نسبته إلى الأدوار فإن كان الذي يجتمع منها أكثر من دور واحد أو أدوار ومقدار الدور ثلثمائة وستون جزءاً أسقطت الأدوار واحتسبت بما يبقى، وإذا احتيج أن ينقص من الدرج ما لا يفي به عددها أضيف إليه دور فينقص من المجتمع بقدر الحاجة ويحتسب بما يبقى، فإذا أردت أن تضرب جنساً من أجناس الدرج أو الكسور في جنس منها فتعلم من أي جنس يصير ما يجتمع لك منها بهذا الجدول فخذ من أحد سطري اب البيت المرسوم فيه ذلك الجنس الذي تريد أن تضربه في أي جنس شئت من الأجناس واخرج من ذلك البيت على استقامة حتى توازي الجنس الآخر الذي أردت الشيء الذي اجتمع لك من الضرب، ومثال ذلك أنك أردت أن تضرب روابع في ثوالث فأخذت من جدول اب الذي في عرض الورقة أي الجنسين شئت وليكن أولاً الثوالث فخرجت منه موازياً للروابع في جدول اب الذي في طول الورقة فوجدت في البيت الذي يوازيه سوابع وهو الجنس الذي صار إليه المضروب، وكذلك لو أخذت من جدول اب الروابع وخرجت منها بإزاء الثوالث التي في جدول اب الآخر وجدت فيه سوابع وكذلك تفعل بكل ما تريد من الأجناس إن شاء الله وأما معنى الجذر فهو إن جذر كل عدد مطلق من أي الأعداد كان هو ما ضرب في مثله كان المجتمع منه هو ذلك العدد المفروض، وأما تجذير هذه الأجناس فليس بلازم لهذا الشرط لما قد وصفنا أيضاً من اختلاف ما يقع من ضرب بعض هذه الجناس في بعض بل إنما يلزمه جنس الدرج فقط فإن جذر الدرج درج أيضاً وذلك أن الدرج إذا ضربت بالدرج فإن المجتمع من ذلك درج، فأما الكسور التي دون الدرج من سائر الأجناس الباقية فما كان منها من جنس الأزواج كالثواني والروابع والسوادس وما شاكل ذلك فإن جذره يكون من الجنس الذي هو أرفع منه بمقدار الضعف مثل الثواني التي جذرها دقائق والروابع التي جذرها ثوان وأما ما كان من جنس الأفراد كالدقائق والثوالث

وما شاكل ذلك فليس له جذر محدود إلا أن يبسط إلى الجنس الذي دونه حتى يصير إلى جنس الأزواج فتلزمه هذه الشريطة كالدقائق تبسط إلى الثواني وكالثوالث تبسط إلى الروابع، وأما القسمة: فهي أن تعرف ما يكون من أضعاف الأكثر بالأقل إذا عد الأكثر بالأقل وأن تعرف جزء الأقل من الأكثر إذا كان الأقل هو المقسوم وإذا أجرينا في ذلك إلى عكس ما كنا استعملناه في الضرب والجذور على تلك الشريطة فقسمنا درجاً على درج كان الحاصل بالقسمة درجاً، وأما باقي الأجناس التي دون الدرج فإنه إذا قسم الأسفل على الأعلى كيف كانت مرتبته وليته أو لم تله فإن الحاصل من القسمة يقع من الجنس الذي إذا ضرب في الجنس الذي قسم عليه كان الذي يجتمع منه عائداً إلى الجنس المقسوم كقسمة الثواني على الدقائق فإنها إذا قسمت حصل منها دقائق وكذلك أيضاً إذا قسمت السوادس على الروابع كان ما يحصل ثواني، وأما إذا قسم جنس أعلى على أسفل فإن الوجه في ذلك أن يبسط الجنس الأعلى إلى الأسفل ثم يقسم عليه فيكون الحاصل درجاً، وكقسمة الدقائق على السوادس فإنها إذا بسطت إلى السوادس ثم قسمت على تلك السوادس كان ما يحصل من تلك القسمة درجاًكما وصفنا، وإذا أردت أن تعرف ما يحصل لك من قسمة أجناس الكسور المتسافلة على الأجناس التي هي أرفع منها بهذا الجدول المتقدم ذكره في جدول اب أو في جدول اد أيهما شئت الجنس الذي تريد أن تقسمه على جنس أعلى منه في المرتبة وليه أو لم يله وأخرج بإزائه إلى أن توازي الجنس الذي هو أرفع منه في الجدول الآخر فالجنس الذي تنتهي إليه من أجناس الكسور فهو الذي يحصل لك بالقسمة من المقسوم من تلك الأجناس والذي إذا ضربته في الجنس الأعلى الذي قسمته عليه عاد إلى الجنس المقسوم، وكذلك إذا أردت أن تقسم جنساً أعلى على أسفل فبسطت الأعلى إلى الأسفل ونظرت في أحد الجدولين إلى الجنس الذي يصير إليه ذلك المبسوط فخرجت بإزائه إلى أن توازي الجنس الذي أردت أن تقسمه عليه حصل لك درجاً، وكذلك كلما قسمت جنساً على مثله خرج لك درجاً إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق.

 

 

الباب الثالث

معرفة أقدار أوتار أجزاء الدائرة

وإثبات أنصاف أوتار أضعاف القسي في الجداول وجميع ما يتبع ذلك من العمل بها

 

 

 

قال قد اختلفت الأوائل في مقدار قطر الدائرة من محيطها غير أنهم قربوه فذكر قوم أن محيط الدائرة ثلثة أمثال قطرها وسبع المثل، وقال آخرون أنه ثلثة أمثاله وعشرة أجزاء وشيء من أحد وسبعين، والذي عمل عليه بطلميوس الفاضل وأصحاب النجوم فهو ما بين هذين القدرين وهو ثلثة وعشر المثل وربع سدس المثل الواحد ولسنا مضطرين إلى علم حقيقة ذلك في وضع الأوتار إذا كانت القسي والأوتار ليس لبعضها من بعض قدر معلوم وإنما يعلم ذلك من قبل أوتارها ولم يضر علينا في ذلك ضرر أن نفرض القطر كم شئنا ولذلك أنزله بطلميوس مائة وعشرين جزءاً لسهولة مخارج الحساب على هذا الرسم وعليه أيضاً نعمل في هذا الكتاب، وقد وضح بالبرهان ان وتر السدس من كل دائرة هو مقدار نصف قطرها ومقدار سدس دائرة الفلك فقد بان أنه ستون جزءاً على ما أصل الحساب وهو بالمقدار الذي به تكون الدائرة ثلثمائة وستين جزءاً ويكون وتر السدس ستين جزءاً أيضاً بالمقدار الذي يكون القطر مائة وعشرين وإذا ضرب وتر السدس من الدائرة في مثله ونقص من جملة القطر مضروباً في مثله وأخذ ما يبقى كان هو وتر ثلث الدائرة، وكذلك كل قوس معلومة الوتر من دائرة ما إذا ضرب وتر تلك القوس في نفسه ونقص ما يجتمع من ذلك من جميع القطر مضروباً في نفسه وأخذ جذر ما يبقى كان ما يحصل منه وتر القوس الباقية لتمام نصف الدائرة، وإن وتر ربع الدائرة هو جذر ما يجتمع من ضعف ضرب نصف قطرها في نفسه، وإن وتر ربع الدائرة هو جذر ما يجتمع من ضعف ضرب نصف قطرها في نفسه، وإن وتر العشر من كل دائرة يكون ما يحصل من ضرب نصف قطرها في نفسه إذا أضيف إلى ما يجتمع من ذلك ربع قطرها مضروباً في نفسه ثم أخذ جذر الجميع فنقص منه مقدار ربع قطر الدائرة وما بقي هو وتر العشر من تلك الدائرة هو ما يكون من ضرب وتر عشرها في نفسه إذا أضيف إلى ذلك نصف قطرها مضروباً في نفسه وأخذ جذر ما يجتمع من ذلك فيكون هو الخمس من تلك الدائرة، وإن كل قوسين معلومتين الوترين من دائرة يكون وتر القوس التي بينهما في التفاضل معلوماً أيضاً وذلك بان تضرب وتر كل واحدة من القوسين في وتر ما يبقى لتمام الآخر إلى نصف الدائرة ثم يؤخذ الفضل الذي بينهما فيقسم على القطر فما حصل هو وتر تلك القوس التي بين القوسين في التفاضل، وإن كل قوس معلومة الوتر من دائرة فإن وتر نصفها يكون معلوماً أيضاً وذلك بأن تنقص وتر ما بقي لتمام تلك القوس إلى نصف الدائرة من قطر الدائرة كله ثم يؤخذ نصف ما يبقى فيضرب في القطر كله ثم يؤخذ جذر ذلك فما حصل فهو وتر نصف تلك القوس.

 

وإن كل قوسين معلومتين الوترين من الدائرة إذا ركبت إحداها على الأخرى فجمعنا حتى تصير قوساً واحدة فإن وتر تلك القوس المجموعة يكون معلوماً أيضاً وذلك بأن تضرب وتر كل واحدة من القوسين في الأخرى ووتر ما يبقى لتمام كل واحدة منهما إلى نصف الدائرة الأخرى أيضاً ثم يؤخذ فضل ما بينهما فيقسم على القطر كله فما يحصل فهو وتر ما يبقى لتمام القوس المجموعة إلى نصف الدائرة فإذا ضرب في نفسه ونقص من جملة القطر مضروباً في نفسه وأخذ جذر ما يبقى كان هو وتر تلك القوس المجموعة من القوسين، وعلى هذا الرسم وبالجهات المذكورة تستخرج جميع الأوتار الباقية المعلومة في نصف الدائرة، وأما الأوتار التي ليست بمعلومة بالبرهان مثل الوتر الذي للجزء الواحد وما يتضاعف منه مثل الاثنين والأربعة والثمانية وما أشبه ذلك فإنها لا تخرج بالحساب على طريق البرهان كما تخرج تلك القسي وتلك الأوتار ولكنه يعلم بالبرهان أن نسبة وتر القوس الصغرى إلى قوسها أعظم من نسبة وتر القوس العظمى إلى قوسها ولما كان الجزء والنصف ووتر النصف والربع معلومين بالبرهان وكان ما حصل من ثلثي وتر الجزء والنصف مساوياً للذي يحصل من وتر النصف والربع جزء إذا زيد عليه مثل ثلثه وليس بينهما اختلاف يحس ولا يقع من قبله ضرر في الحساب وإذا أخذ وتر الثلثة أرباع فزيد عليه مثل ثلثه صار ما يجتمع من ذلك وتر الجزء الواحد فلما علم وتر الجزء الواحد على هذه الجهة صارت جميع أوتار أجزاء نصف الدائرة معلومة أيضاً، ولما كان ما يحتاج إليه في أقدار القسي المتقاطعة في القسي المعلومة إنما يعلم بأوتار أضعاف القسي المعلومة وكانت الدائرة متى قسمت بخطين يتقاطعان على مركزها على زوايا قائمة انقسمت لذلك أرباعاً متساوية على أربع زوايا يحيط بكل زاوية منها تسعين جزءاً من المحيط وخطان يخرجان من المركز إلى المحيط مقدار كل واحد منهما نصف القطر ويحيط بالزاويتين القائمتين اللتان تحت الربعين جميعاً خط مستقيم وهو القطر كله وبين إنه ضعف كل واحد من ذينك الخطين المحيطين بالزاوية الواحدة القائمة التي تحت الربع الواحد فصار لذلك نسبة كل واحد من الخطين المحيطين بالزاوية القائمة إلى القطر المحيط بالزاويتين القائمتين كنسبة ربع الدائرة إلى نصفها وصارت لذلك أوتار القسي الباقية في نصف الدائرة يفصلها القطر بفصلين نصفين ويفصل أيضاً القسي معها على جنبيه بنصفين فكون نسبة وتر كل قوس منها إلى جميع القطر كنسبة نصف ذلك الوتر الذي تحت نصف تلك القوس إلى نصف القطر وهو نصف وتر ضعف القوس التي على جنبي القطر التي في كل ربع من الربعين منها النصف وإياه نعني وهو الذي نستعمل في وجوه الحساب لكي لا نحتاج إلى تضعيف القوس فيما نحاول معرفته وإنما فعل ذلك بطليموس لإقامة البرهان فأما نحن فإنا أخذنا نصف وتر ضعف كل قوس من قسي ربع الدائرة فأثبتناه تحت حصة تلك القوس الواقعة في الربع وجعلنا تفاضل القسي في الجداول بنصف جزء إلى تمام التسعين الجزء التي تحيط بجميع الربع كله فوقع لذلك نصف وتر الجزء الواحد تحت النصف جزء ونصف وتر الستين تحت الثلثين جزءاً ونصف وتر المائة والعشرين وتحت الستين ونصف وتر المائة والثمانين جزءاً التي هي نصف الدائرة ووترها القطر كله تحت التسعين التي هي أجزاء الربع كله وهو نصف القطر ومقداره ستون جزءاً وإليه تقع نسبة جميع هذه الأوتار المنصفة المذكورة المرسومة في هذا الكتاب.

ولكيلا يحتاج أن يتكرر القول فيما يستأنف نبين أن كلما لفظنا به في كتابنا هذا من ذكر الأوتار فإنما نعني به هذه الأوتار المنصفة إلا ما خصصناه منها باسمه فسميناه وتراً تاماً وهو أقل ما حاجتنا إليه في أكثر الأمر، فإذا أردت أن تعرف وتر أي درجة شئت من هذه الأوتار المنصفة من قبل الجداول فاطلب في جدول الأوتار المنصفة في سطر الأعداد المتفاضلين بنصف جزء فحيث ما أصبت مثل العدد الذي معك فخذ ما تلقاه من الدرج والدقائق والثواني المرسومة في جدول الأوتار فما كان فهو وتر تلك الدرج التي أردت فإن كان مع الدرج دقائق وكانت أكثر من ثلثين دقيقة أو أقل من ثلثين دقيقة فخذ ما تلقاه الدرج التامة أو الدرج والأنصاف أيهما كان أقرب إلى الدرج التي معك والدقائق مما هو أقل منها فما خرج تلقاءه من جدول الأوتار فاحفظه ثم انقص العدد الذي وجدت في السطر من الذي معك فما بقي من الدقائق فاضربه في فضل ما بين المتر الذي حفظت والوتر الذي تلقاء ما هو أكثر منه بنصف جزء فما بلغ فاقسمه على ثلثين دقيقة التي بها يتفاضل العدد في سطري القسي فما حصل من القسمة من الدقائق والثواني فزده على الوتر الذي كنت حفظت إن كان هو الأقل وانقصه منه إن كان هو الأكثر فما بلغ بعد الزيادة أو النقصان فهو وتر تلك الدرج والدقائق التي معك، وإن شئت أن تعرف مقدار الدقائق التي تفضل معك كم هو من ثلثين دقيقة فإن كان نصفاً أو ثلثاً أو أقل من ذلك أو أكثر أخذت بقدره من تفاضل الأوتار فسلكت به ذلك المسلك في الزيادة والنقصان فما حصل فهو وتر تلك القوس التي أردت، وإن أردت أن تعرف القسي من قبل هذه الأوتار فاطلب مثل الوتر في جدول الأوتار فحيث ما أصبت مثله أو ما هو أقرب إليه مما هو أقل منه فخذ ما تلقاءه في السطر الأول من سطري العدد فما كان فهي القوس التي تريد فاحفظها ثم انقص الوتر الذي أصبت في الجداول من الوتر الذي معك فما حصل من شيء فاضربه في ثلثين دقيقة فما بلغ فاقسمه على فضل ما بين الوتر الذي أصبت والوتر الذي يتلوه فما حصل من الدقائق والثواني فزده على تلك القوس التي حفظت فما بلغت القوس فهي قوس ذلك الوتر المنصف الذي تريد، وإن شئت فانظر مقدار تلك الدقائق والثواني التي تفضل معك كم تكون من فضل ما بين ذلك الوتر الذي أصبت والوتر الذي يتلوه فما كانت من شيء أخذت بقدره من ثلثين دقيقة فزدته على القوس التي كنت حفظت على نحو ما تقدم والمعنى واحد ويسمى هذا الباب تقويس الأوتار، وإذا أردت أن تعرف الأوتار الراجعة من قبل القسي فانظر فإن كان العدد الذي تريد أن تعرف وتره راجعاً أقل من تسعين درجة فانقصه من تسعين فما بقي فاعرف وتره على الرسم المتقدم فما حصل فانقصه من ستين درجة التي هي نصف القطر فما بقي فهو الوتر الراجع لتلك القوس، وإن كان العدد أكثر من تسعين فاعرف ما زاد على تسعين فاعرف وتره فما بلغ فزده على ستين درجة فما بلغ فهو الوتر الراجع لتلك القوس، وإن كان العدد أكثر من تسعين فاعرف ما زاد على تسعين فاعرف وتره فما بلغ فزده على ستين درجة فما بلغ فهو الوتر الراجع لتلك القوس التي أردت، وإن أردت أن تعرف القسي الراجعة من قبل هذه الأوتار فانظر فإن كان الوتر الذي تريد أقل من ستين درجة فانقصه من ستين فما بقي فاعرف قوسه على ذلك الرسم فما بلغت القوس فانقصه من تسعين فما بقي فهو مقدار القوس الراجعة، وإن كان ذلك الوتر أكثر من ستين واعرف قوسه فما حصلت فزده على تسعين درجة فما بلغ فهو مقدار القوس الراجعة.

 

وليست لك حاجة في معرفة القسي والأوتار إلى أكثر مما رسمت لك وقد تكتفي في معرفة هذه الأوتار المنصفة بمعرفة أوتار ما بين الدرجة إلى تسعين درجة وذلك إن ما جاوز التسعين إلى تمام المائة والثمانين فإن وتره مثل وتر التسعين معكوساً، وكذلك في الأوتار التامة ليس بك حاجة إلى أكثر من معرفة أوتار نصف الدائرة الذي هو من جزء إلى مائة وثمانين لأن أوتار النصف الباقي مثل أوتار المائة والثمانين معكوسة، وأما معرفة الأوتار التامة من قبل القسي والقسي من قبل هذه الأوتار فإنك إذا أردت معرفة وتر أي درجة شئت تاماً أخذت نصف تلك الدرج فعرفت وتره المنصف من الجدول فما بلغ من شيء أضعفته فما حصل فهو الوتر التام لتلك الدرج التي أردت، وإن أردت أن تقوس الأوتار التامة بالجداول أيضاً فخذ نصف ذلك الوتر فقوسه من الجدول على تلك الجهة المتقدمة فما حصلت القوس فأضعفه فما بلغ فهو قوس ذلك الوتر التام التي أردت، وكلما ضرب أحد هذه الأوتار المنصفة في نفسه ونقص من نصف القطر مضروباً في نفسه كان جذر ما يبقى هو وتر ما يبقى لتمام تلك القوس إلى ربع الدائرة، وإذا نقص وتر أي جزء كان من هذه الأوتار المنصفة من نصف القطر وضرب ما يبقى في ثلثين جزءاً وأخذ جذر ذلك كان وتر نصف ما يبقى لتمام تلك القوس إلى ربع الدائرة إن شاء الله.

 

 

 

 

 

وللحديث بقية ان شاء الله

 

محمد مجدى

 

 

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا

فخورة جدا انهم اجدادي

لكن استعصي عليا فهم موضوع الضرب ,ايضا

كنت اود ان اعرف الهدف من معرفةأقدار أوتار أجزاء الدائرة

وشكرا

همسة

Share this post


Link to post
Share on other sites

السلام عليكم

 

تكمله

 

 

الباب الرابع

معرفة مقدار ميل فلك البروج

عن فلك معدل النهار وتجزئة هذا الميل وجهاته ومراتبه في صعوده وهبوطه وهو ميل الشمس عن الفلك المستقيم

 

 

قال إن ميل فلك البروج الذي يحده مدار الشمس الذي ترى عليه عن فلك معدل النهار الذي عليه مدار الكرة العظمى التي تدور على قطبيه إنما يعرف برصد الشمس وتفقد مجازها على نقطتي الإنقلابين في فلك نصف النهار الذي هو دائرة وسط السماء القاطعة لقطبي فلك معدل النهار ونقطة سمت الرأس ودائرة الأفق وقد ذكر إبرخس وحكى بطليموس في كتابه أن مقدار القوس التي بين منقلبي الشتاء والصيف في فلك نصف النهار سبعة وأربعون جزءاً واثنتان وأربعون دقيقة وأن الميل نصف ذلك وهو ثلثة وعشرون جزءاً وإحدى وخمسون دقيقة ورصدنا نحن في عصرنا هذا مراراً كثيرة بالعضادة الطويلة واللبنة المذكور عملها وضعتها في كتاب المجسطي بعد تدقيق القسمة وإحكام نصب الآلة بغاية ما تهيأ فوجدنا أقرب قرب الشمس بمدينة الرقة من نقطة سمت الرؤوس في فلك نصف النهار اثنا عشر جزءاً وستاً وعشرين دقيقة وأبعد بعدها تسعة وخمسين جزءاً وستاً وثلثين دقيقة فوضح لنا بذلك أن مقدار القوس التي بين المنقلبين على الحقيقة يكون سبعة وأربعين جزءاً وعشر دقائق وأن ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار إنما يكون نصف هذه الأجزاء وهو ثلثة وعشرون جزءاً وخمس وثلثون دقيقة وهو بعد ما بين قطبي الفلكين وعليه نعمل في كتابنا هذا إذ كان عياناً والأول خبراً وبذلك علمنا أن بعد مدينة الرقة التي بها كان الرصد عن فلك معدل النهار في دائرة نصف النهار ستة وثلثون جزءاً وهو ارتفاع قطب فلك معدل النهار الشمالي بها عن الأفق وهو أيضاً بعد فلك معدل النهار عن نقطة سمت الرأس إلى الجنوب، فإذا أردت أن تحسب هذا الميل فتعرف حصة كل درجة تريد منه إلى تمام تسعين درجة التي تستكمل الميل وهو كج له فنخذ وتر درجة أو درجتين أو أكثر من ذلك إلى تمام تسعين درجة وهو من أول الحمل إلى آخر الجوزاء فإذا عرفت وتر الدرج التي أردت فاضربه في وتر الميل كله فما بلغ فاقسمه على نصف القطر وهو ستون فما حصل من القسمة فقوسه فما بلغت القوس فهو مقدار ميل تلك الدرجة التي أردت عن فلك معدل النهار في فلك نصف النهار. فإذا أردت إثبات ذلك في الجدول لدرجة درجة فاعرف ميل جميع أجزاء فلك البروج وذلك أن ميل ما جاوز تسعين إلى تمام المائة وثمانين مثل ميل التسعين المرسومة معكوساً، وما جاوز مائة وثمانين إلى تمام المائتين والسبعين فإن ميله كميل التسعين مستوياً أيضاً وما جاز على المائتين والسبعين إلى تمام الثلثمائة والستين فإن ميله مثل ميل التسعين معكوساً وقد رسمنا ذلك في الجدول على تفاضل درجة درجة وجعلنا سطور الأعداد فيه أربعة أسطر أثبتنا في السطر الأول منها ما كان من أعداد فلك البروج من جزء إلى تسعين وفي السطر الثاني ما ينقص أعداد السطر الأول من المائة والثمانين مجملاً وفي السطر الرابع ما ينقص أعداد السطر الأول من الثلثمائة والستين لكي إذا وقع العدد في السطر الأول والثاني منه علمنا أن الميل إلى ناحية الشمال من فلك معدل النهار وإن وقع في السطرين الباقيين علمنا أنه إلى ناحية الجنوب. وإذا أردت أن تعرف ميل الشمس أو غيرها من درج البروج فخذ من أول الحمل إلى درجة الشمس أو غيرها مما تريد أن تعرف ميله فما كان فهو حصة الميل فاطلب مثله في سطور الأعداد الأربعة المرسومة في جداول الميل وخذ ما تلقاه من الدرج والدقائق والثواني المرسومة فيه فما كان فهو ميل تلك الدرج التي أردت، فإن كان مع الدرج دقائق فخذ لها بحصتها من تفاضل على الجهة التي أريتك في تفاضل الأوتار وذلك أن تنظر كم تكون الدقائق من ستين دقيقة التي بها يتفاضل العدد فما كان من شيء أخذت بقدره من الفضل الذي بين ميل الدرج التامة وميل ما هو أكثر منها بدرجة واحدة فما حصل فانظر فإن كان الميل للدرجة التي معك أقل زدته عليه وإن كان هو الأكثر نقصته منه فما حصل من الميل بعد الزيادة أو النقصان فهو ميل الدرج والدقائق التي أردت عن فلك معدل النهار، فإن كانت من ه إلى ص فالميل زائداً والشمس في صعود الشمال وإن كانت من ص إلى قف فالميل ناقص والشمس هابطة من الشمال وإن كانت من قف إلى رع فالميل زائد والشمس تهبط إلى الجنوب وإن كانت من رع إلى شس فالميل ناقص والشمس تصعد في الجنوب، وبالجملة إذا كانت حصة الميل من ه إلى قف فالميل شمالي ومتى كانت من قف إلى شس فالميل جنوبي، وبهذا الحساب تعرف ميل

الشمس وجهتها وصعودها وهبوطها، وقد قسموا الميل ست مراتب في الصعود والهبوط وجعلوا كل خمس عشرة درجة من مسير الشمس في كل ربع من هذه الأرباع مرتبة من مراتب الصعود والهبوط إلى تمام التسعين درجة التي تستكمل الست مراتب فإذا كانت في الخمس عشرة درجة الأولى من أحد الأرباع قالوا إنها المرتبة الأولى وإذا كانت في الخمس عشرة درجة الثانية قالوا إنها في المرتبة الثانية إلى بلوغ المرتبة السادسة. وجهتها وصعودها وهبوطها، وقد قسموا الميل ست مراتب في الصعود والهبوط وجعلوا كل خمس عشرة درجة من مسير الشمس في كل ربع من هذه الأرباع مرتبة من مراتب الصعود والهبوط إلى تمام التسعين درجة التي تستكمل الست مراتب فإذا كانت في الخمس عشرة درجة الأولى من أحد الأرباع قالوا إنها المرتبة الأولى وإذا كانت في الخمس عشرة درجة الثانية قالوا إنها في المرتبة الثانية إلى بلوغ المرتبة السادسة.

 

 

الباب الخامس

معرفة مطالع البروج في الفلك المستقيم

 

 

قال إذا أردت معرفة مقدار ما يطلع من أزمان فلك معدل النهار الثلثمائة والستين مع الأجزاء المفروضة من فلك البروج وهو مطالع البروج في موضع خط الاستواء وهو الموضع الذي لا عرض له وعليه مدار فلك معدل النهار فالليل والنهار في جميع أيام السنة فيه مستويان أبداً وممر البروج في وسط السماء في كل بلد من البلدان يكون بقدر طلوعها في هذا الخط وبه تمر أيضاً في وسط السماء هناك ولذلك سميت بمطالع البروج في الفلك المستقيم وكل ثلثة بروج فإن طلوعها في الفلك المستقيم مع تسعين زماناً من أزمان معدل النهار، فإذا أردت أن تحسب مطالع أي درجة شئت من درج البروج في الفلك المستقيم فخذ الميل كله وهو كج له فاعرف وتره وهو وتر الميل كله ثم انقص الميل كله من تسعين واعرف وتر ما يبقى وهو وتر تمام الليل كله ثم خذ من أول الحمل إلى الدرجة التي تريد فاعرف ميل تلك الدرجة فما كان فاعرف وتره وهو وتر ميل الدرجة ثم انقص ميل الدرجة من تسعين واعرف وتر ما يبقى وهو وتر تمام ميل الدرجة ثم اضرب وتر ميل الدرجة في وتر تمام الميل كله فما بلغ فاقسمه على وتر الميل كله فما حصل فاضربه في نصف القطر وهو ستون فما بلغ فاقسمه على وتر تمام ميل الدرجة فما حصل فقوسه فما بلغت القوس فهو مقدار ما يطلع في فلك معدل النهار من أول الحمل إلى تلك الدرجة التي أردت. فإن كنت حسبت لثلثين درجة فهو مطالع برج الحمل كله وإن كنت حسبت لستين فهو مطالع الحمل والثور فألق منه مطالع الحمل تبقى مطالع الثور ثم انقص مطالع الحمل والثور جميعاً من تسعين فما بقي فهو مطالع الجوزاء. فإذا عرفت مطالع الحمل فإن طالع السنبلة والحوت والميزان مثله ومطالع الأسد والدلو والعقرب مثل مطالع الثور ومطالع القوس والجدي والسرطان مثل مطالع الجوزاء وعلى هذا الرسم تستخرج مطالع درجة بدرجة وتثبت ذلك في الجداول من أول الجدي لكي تعلم مطالع البروج في وسط السماء لكل بلد منه ويكون العدد الذي يعلم به ما يتوسط السماء وما يطلع من الأجزاء في كل بلد عدداً واحداً بعينه وسنبين كيف تجدول المطالع عند ذكر مطالع البروج في الأقاليم لكيلا يتكرر القول.

 

الباب السادس

خواص الخطوط المتوازية

الموازية لمعدل النهار ومواضع الأرض العامرة المعلومة في الطول والعرض وما يتبع ذلك

 

قال ينبغي أن نبتدئ بذكر فلك معدل النهار ثم ذكر الأفلاك الباقية المائلة عنه إلى ناحية الشمال وما يسامت هذه الأفلاك من مواضع الأرض فنقول إن الخط الذي تحت معدل النهار من الأرض هو الخط الذي يسمى خط الاستواء وهو الذي لا عرض له ومدار فلك معدل النهار عليه وفوقه من المشرق إلى المغرب والنهار والليل فيه مستويان أبداً في جميع أيام السنة كما ذكرنا بدئياً وهذا الخط وحده فقط إذا جازت عليه الشمس اعتدل النهار والليل وتساويا في الحس في جميع الأرض والشمس عند ذلك تقع على النقطة المشتركة من فلك البروج وفلك معدل النهار وذلك أنه موضع تقاطع الفلكين وهي نقطة رأس الحمل ورأس الميزان وعند ذلك فقط تظل الشمس فوق رؤوس من كان يسكن هذا الخط في أوقات انتصاف النهار ولا يكون للقائمين في وقت انتصاف النهار هناك إلى ناحية الجنوب وإذا كان مجراها في النصف الجنوبي من فلك البروج كان ميل الإظلال حينئذ في أوقات انتصاف النهار إلى ناحية الشمال وهذا الخط وحده فقط هو الذي يحد ناحية الجنوب من جميع الربع المسكون. وأيضاً فإن جميع الكواكب تطلع وتغرب هنالك لأن قطبي الكرة تكون هناك في نفس دائرة الأفق ودور الفلك دولابي وهو السنوي. وليس بمعلوم على الحقيقة أن هذا الخط من الأرض المسكون لأنه لم نر أحداً يزعم إنه انتهى إليه في زماننا هذا ولا ذكر بطليموس ذلك في كتابه ولكنه معروف عند أهل الفهم أن مزاج هذا الخط معتدل لأن الشمس لا تبعد عنه بعداً مفرطاً ولا يطول إظلالها على سمته لسرعة ممرها عند ذلك في الميل فلذلك يكون الصيف والشتاء فيه حسني المزاج. فقد يظهر مثل ما وصفنا فيما قرب منه مثل بلد صنعاء وعدن وغيرها من بلد اليمن التي تقرب إليه. وأما سائر الخطوط الباقية المائلة عن هذا الخط إلى ناحية الشمال وهي الخطوط المتوازية الموازية لهذا الخط المذكور فإن جميع الكواكب التي تقع في خط منها في الدائرة التي مركزها قطب فلك معدل النهار الشمالي المخطوطة ببعد ارتفاع القطب في ذلك الخط عن الأفق لا تغيب في ذلك الخط البتة. والكواكب الخارجة عن هذه الدائرة فما كان منها قريباً من هذه الدائرة فقد يرى في الليلة مرتين في أول الليل مرة وفي آخره أخرى ويغيب فيما بين ذلك والكواكب التي على سمت الرؤوس منها هي التي تقطع من الفلك الذي على قطبي معدل النهار قوساً فيما بين الكواكب وبين معدل النهار. والكواكب الأبدية الخفاء هي التي تقع في الدائرة التي مركزها قطب معدل النهار الجنوبي المخطوطة ببعد انخفاض القطب عن الأفق وأما سائر الكواكب الباقية الخارجة عن هذه الصفة فإنها تطلع وتغيب ولذلك إذا رصد أحد الكواكب التي تكون في الدائرة التي مركزها قطب فلك معدل النهار الشمالي المخطوطة ببعد ارتفاع القطب عن الأفق فأخذ ارتفاعه أعلى ما يكون وذلك عند مجازه على خط وسط السماء من فوق القطب حيث يكون بين سمت الرؤوس والقطب ثم أمهل حتى يصير على خط وسط السماء من تحت القطب والأفق وذلك أخفض وأخذ ارتفاعه عند ذلك فعلم ما بين الارتفاعين من الفضل فزيد نصفه على أقل الإرتفاعين كان ذلك هو ارتفاع القطب الشمالي عن الأفق هناك. وكذلك إن جمع أيضاً الارتفاعان جميعاً ثم أخذ نصف ما يجتمع منها كان هو ارتفاع القطب وهو يكون عرض ذلك الموضع في الشمال. وكل خط من هذه الخطوط يكون بعده عن معدل النهار أقل من الميل فإن الشمس تجوز على سمت الرؤوس في كل خط منها في السنة مرتين وذلك معروف من جدول الميل وفي أي أجزاء فلك البروج يكون ذلك أعني الجزء الذي تكون الشمس فيه يومئذ لأنها إذا كانت في أول برج الحمل أو الميزان كان مجازها في وقت انتصاف النهار على سمت الرؤوس في خط الاستواء كما قد تقدم القول فيه أيضاً وذلك لا ينتهي هناك من السنة إلا مرة واحدة وإذا كانت في ناحية الشمال من هاتين النقطتين فإنها توافق سمت رؤوس من كان يسكن تحت مجازها في الميل وهو أن يكون ارتفاع القطب هناك مثل ميل الدرجة التي تكون فيها الشمس يومئذ في وقت انتصاف النهار ظل فإذا ولت عنهم كان إظلال القائمين في وقت انتصاف النهار إلى ناحية الجنوب حتى ترجع إليهم فتظل فوق رؤوسهم ثانية فلا يكون أيضاً للقائمين حينئذ ظل حتى تولى عنهم فتميل إظلال القائمين عند ذلك إلى ناحية الشمال.

 

وما كان من الخطوط الباقية التي بعدها عن معدل النهار أكثر من مقدار الميل فإن الشمس لا تبلغ سمت رؤوس أهلها أبداً ولا تميل إظلال القائمين فيها إلى ناحية الجنوب في وقت انتصاف النهار ويزيد اختلاف الليل والنهار في الطول والقصر فيها إلى أن ينتهي إلى الخط الذي بعده عن معدل النهار ست وستون درجة وخمس وعشرون دقيقة التي هي مقدار ما ينقص الميل كله من تسعين ففي هذا الخط وحده إذا صارت الشمس في نقطة المنقلب الصيفي التي تدعى رأس السرطان تكون زيادة النهار فيه اثنتا عشرة ساعة ولذلك يكون اليوم والليلة جميعاً يوماً واحداً نهاراً كله ويصير الليل مثل ذلك إذا صارت الشمس في نقطة المنقلب الشتوي التي تدعى رأس الجدي وهذا الخط وحده فقط هو أول الخطوط التي تميل فيها إظلال القائمين إلى جميع نواحي الأفق لأن انتصاف النهار فيما وراء هذا الخط إلى ناحية الشمال غير محدود ويكون فلك البروج في هذا الخط وحده فقط هو الأفق نفسه إذا أشرقت منه نقطة الاعتدال الربيعي وذلك أن رأس السرطان يطلع من نقطة الشمال ومع ذلك تكون نقطة رأس الحمل على الأفق الشرقي طالعة من مطلع الاعتدال ولذلك إذا جازت الشمس على نقطة المنقلب الصيفي لا تغيب يوماً وليلة بل يكون مجازها حول الأفق بأبعاد مختلفة عنه إلى أن تعود إلى نقطة الشمال فلا يكون لذلك اليوم ليل البتة.

قال فأما باقي الخطوط المائلة عن هذا الخط إلى ناحية الشمال فإن إظلال القائمين تدور حولها في كل خط منها إلى جميع النواحي من الأفق ويكون طول النهار في كل خط منها معلوماً من جدول الميل وذلك أن ميل الأجزاء التي تبعد الشمس في هذه الخطوط عن نقطة المنقلب إذا أنقصت من تسعين كان الذي يبقى هو بعد الخط الموازي لمعدل النهار عن معدل النهار أعني ارتفاع القطب في ذلك الخط. والأجزاء التي تقطع الشمس من ناحية نقطة المنقلب تكون إما أبدية الظهور أو أبدية الخفاء ولذلك يكون طول النهار في بعض هذه الخطوط الشهر والشهرين والثلثة والأقل والأكثر والليل في ضد ذلك مثله إلى أن ينتهي إلى الخط الذي يكون بعده عن معدل النهار جميع أجزاء الربع وهو الذي يكون ارتفاع القطب فيه تسعين جزءاً فهناك يكون طول النهار ودور ظل القائمين حولها إلى جميع نواحي الأفق قريباً من ستة أشهر لأنه هنالك لا يكون نصف فلك البروج الشمالي الذي من أول الحمل إلى آخر السنبلة غائباً تحت الأرض أبداً ولا نصفه الباقي الجنوبي ظاهر فوق الأرض أبداً ولذلك تكون السنة كلها يوماً واحداً نصف نهار ونصف ليل وعند ذلك فقط يكون القطب الشمالي فوق سمت الرؤوس ويكون فلك معدل النهار في موضع أبدي الظهور وأبدي الخفاء وذلك أنه في نفس موضع الأفق هناك وبين أن دور الفلك هنالك رحاوي. وفيما بين خط الاستواء وهذا الخط تختلف المدارات فيما بين الدولابي والرحاوي فيميل بحسب ميل الموضع عن خط الاستواء في قربه وبعده من كل واحد من الخطين والله أعلم.

 

ونضع مثالاً لبعض أقدار النهار في بعض هذه الخطوط ليكون القياس إليه ونجعله في الخط الذي بعده عن فلك معدل النهار تسعة وستون جزءاً وأربع وأربعون دقيقة وهو ارتفاع القطب عن هذا الخط فإذا نقصنا ذلك من تسعين بقي عشرون جزءاً وستة عشرة دقيقة ونجد الشمس توافق مثل هذه الأجزاء من ميل الشمال إذا كان بعدها عن نقطة المنقلب الصيفي عن كل الجهتين ثلثين جزءاً وذلك من حين تكون في أول الجوزاء فلا تزال ظاهرة فوق الأرض تدور حول الأفق إلى أن تنتهي إلى أول برج الأسد ولذلك لا تغيب في هذا الخط البتة ما دامت في هذه الستين الجزء الذي على جنبي نقطة المنقلب فيكون طول النهار ودور ظل القائمين حولها إلى جميع نواحي الأفق حتى تقطع الشمس هذه الجزاء المذكورة وذلك في قريب من شهرين. وإذا كان بعدها عن نقطة المنقلب الشتوي فيما بين الجزأين المنقلبين لهذين الجزأين لم تظهر فوق الأرض وذلك من حين توافق أول القوس إلى أن ننتهي إلى أول الدلو ولذلك يكون طول الليل قريباً من شهرين أيضاً. وأما الخط الذي بعده عن معدل النهار عح كح فإن الشمس لا تغيب تحت الأرض إذا وافقت من ميل الشمال مقدار ما تنقص هذه الأجزاء المذكورة من تسعين ولا تظهر فوق الأرض إذا وافقت من ميل الجنوب مثل ذلك ومقدار ما وصفنا يا لب ونجد الشمس توافق مثل هذا المقدار من الميل عند مسيرها إلى أول الثور وأول السنبلة فيكون بعدها عن نقطة المنقلب الصيفي عند هذين الموضعين من كل ناحية ستين جزءاً ولذلك يكون طول النهار ودور إظلال القائمين حولها قريباً من أربعة أشهر وكذلك تغيب تحت الأرض إذا وافق مسيرها من أول العقرب إلى أول الحوت فيكون طول الليل أيضاً مثل ذلك.

وأما مواضع الأرض المعلومة والبلدان المسكونة في الطول والعرض فقد أوضحنا بالقياس الذي قد ذكره بطليموس ووافقه عليه غيره من القدماء إن الأرض مستديرة وأن مركزها في وسط الفلك والهواء محيط بها من كل الجهات وأنها عند فلك البروج مثل منزلة النقطة قلة.

 

 

وأما عمرانها فإنهم أخذوا حدوده من الجزائر العامرة التي تسمى الخالدات التي في بحر أوقيانوس الغربي وهي ست جزائر عامرة إلى أقصى عمران الصين كان أول طلوعها على أول الجزائر العامرة المذكورة أنها في بحر أوقيانوس الغربي وإذا غابت في هذه الجزائر صار أول طلوعها على أقصى عمران الصين وذلك نصف دائرة الأرض وهو طول العمران الذي وقف عليه ومقداره من الأميال ثلثة عشر ألفاً وخمسمائة ميل من الأميال التي عملوا عليها في مساحة الأرض ثم نظروا في العرض فوجدوا العمران من موضع خط الاستواء إلى ناحية الشمال ينتهي إلى جزيرة ثولي التي في بريطانية حيث يكون طول النهار الأطول عشرين ساعة. وذكروا أن خط الاستواء من الأرض يقطع من المشرق إلى المغرب فيما بين الهند والحبش في جزيرة هناك من ناحية الجنوب من معدل النهار فتعترض هنالك وتحد ما بين الشمال والجنوب. والخط الذي يقطع هذا الخط من ناحية الشمال إلى ناحية الجنوب في النصف مما بين هذه الجزائر المذكورة أنها في بحر أوقيانوس أو أقصى عمران الصين وهو قبة الأرض المعروفة بما وصفنا وموضعها موضع التقاطع والعرض من خط الاستواء إلى جزيرة ثولي يكون قريباً من ستين جزءاً وذلك سدس دائرة الأرض فإذا ضرب هذا السدس الذي هو مقدار العرض في النصف الذي هو مقدار الطول كان ما يظهر من العمران من ناحية الشمال مقدار نصف سدس الأرض وهو جزء من اثني عشر جزءاً وقدروا بحر الهند فقالوا أن طوله يعد من المغرب إلى المشرق من أقصى الحبش إلى أقصى الهند ثمانية آلاف ميل وعرضه ألفان وسبعمائة ميل ويجاوز من جزيرة استواء الليل والنهار إلى ناحية الجنوب ألفاً وتسعمائة ميل وله خليج بأرض الحبش يمد إلى ناحية البربر سمى الخليج البربري وطوله خمسمائة ميل وعرض طريقه مائة ميل. وخليج آخر يخرج نحو أرض أيلة وهو بحر القلزم طوله ألف وأربعمائة ميل وعرض طريقه الذي يسمى البحر الأخضر مائتا ميل وعرضه في الأصل سبعمائة ميل. وخليج آخر يخرج نحو أرض فارس يسمى الخليج الفارسي وهو بحر البصرة طوله ألف وأربعمائة ميل وعرضه في الأصل خمسمائة ميل وعرض طريقه مائة وخمسون ميلاً. ويكون بين هذين الخليجين أعني خليج أيلة وخليج فارس أرض الحجاز واليمن ويكون ما بين هذين الخليجين ألفاً وخمسمائة ميل. ويخرج منه أيضاً خليج آخر إلى أقصى ارض الهند عند تمامه يسمى الخليج الأخضر طوله ألف وخمسمائة ميل. وفي هذا البحر كله أعني بحر الهند والصين من الجزائر العامرة وغيرها ألف وثلثمائة وسبعون جزيرة منها جزيرة في أقصاه عند بلد الصين تسمى طبرباني وهي سرنديب يحيط بها ثلثة آلاف ميل مقابل الهند من ناحية المشرق وفيها جبال عظام وانهار كثيرة منها يخرج الياقوت الأحمر ولون السماء وحولها تسع وخمسون جزيرة عامرة فيها مدن وقرى كثيرة.

 

فأما بحر أوقيانوس الغربي الذي يدعى المحيط فإنه لا يعرف منه إلا ناحية المغرب والشمال من أقصى أرض الحبش إلى بريطانية وهو بحر لا تجري فيه السفن والست الجزائر التي فيه مقابل أرض الحبش هي الجزائر العامرة وتسمى أيضاً جزائر السعداء. وجزيرة أخرى مقابل الأندلس تسمى غديره عند الخليج وهذا الخليج يخرج منه وعرض موضعه الذي يخرج منه سبعة أميال وهو بين الأندلس وطنجة يسمى سبطاً يخرج إلى بحر الروم وفيه أيضاً من ناحية الشمال جزائر برطانية وهي اثنتا عشرة جزيرة ثم يبعد عن العمران فلا يعرف أحد كيف هو ولا ما فيه.

وأما بحر الروم ومصر فإنه يخرج من عند الخليج الذي يخرج من بحر أوقيانوس الغربي عند الجزيرة التي تسمى غديرة مقابل الأندلس إلى صور وصيداء من ناحية المشرق وطوله خمسة آلاف ميل وعرضه في مكان ستمائة ميل وفي مكان سبعمائة ميل وفي مكان ثماني مائة ميل وفيه خليج واحد يخرج إلى ناحية الشمال قريباً من رومية طوله خمسمائة ميل يسمى أذريس وخليج آخر يخرج نحو أرض نربونة طوله مائتا ميل وفي هذا البحر كله من الجزائر مائة واثنتان وستون جزيرة عامرة منها خمس عظام إحداها جزيرة قرنس يحيط بها مائتا ميل وإقريطش يحيط بها ثلثمائة ميل.

 

وبحر بنطس يمد من لاذقة إلى الفسطنطينية العظمى طوله ألف وستون ميلاً وعرضه ثلثمائة ميل يدخل فيه النهر الذي يسمى طنايس ومجراه من ناحية الشمال من البحيرة التي تسمى مايطس وهو بحر ضخم وإن كان يسمى بحيرة طوله من المشرق إلى المغرب ثلثمائة ميل وعرضه مائة ميل وعند القسطنطينية ينفجر منه خليج يجري كأنه نهر ويصب في بحر مصر وعرضه عند القسطنطينية قدر ثلثة أميال والقسطنطينية عليه.

وبحر جرجان وهو بحر الباب طوله من المغرب إلى المشرق ثماني مائة ميل وعرضه ستمائة ميل وفيه جزيرتان قبالة جرجان كانتا فيما مضى عامرتين وهذه المواضع العامرة من موضع بحر الأرض المعروف والله بذلك أعلم.

وقد قسمت الأرض بثلثة أقسام الأول منها من البحر الأخضر من ناحية الشمال والخليج الذي يخرج من بنطس إلى البحر الأكبر وما بين بحيرة مايطس إلى بنطس فصارت حدود هذه الناحية من المغرب والشمال البحر الغربي وهو أوقيانوس ومن ناحية الجنوب بحر مصر والروم ومن ناحية المشرق طنايس وبحيرة مايطس وصارت هذه الأرض شبه الجزيرة وسموها أوروفي.

 

والقسم الثاني من ناحية الجنوب من بحر مصر إلى بحر الحبش وحدود هذه الناحية من المغرب البحر الأخضر ومن الشمال بحر مصر والروم ومن المشرق العريش ومن الجنوب بحر الحبش ويسمى هذا القسم لوبيا.

 

والقسم الثالث جميع ما بقي من عمران الأرض إلى أقصى ذلك وحدوده من المغرب طنايس والنهر والخليج والعريش وأيلة ومن الجنوب بحر اليمن والهند ومن المشرق أقصى عمران الصين من ناحية المشرق والصين نفسها ويسمى هذا القسم أسيا الكبرى. فهذه الثلثة أقسام قد جمعت الأقاليم والكور وسائر البلدان العامرة. وأما ما لا يعرف عمرانه ولا خرابه فهو أحد عشر جزءاً وأما الجزء الذي فيه العمران المعروف من خط الاستواء ففيه البحور والمفاوز. فإن قال قائل هل في هذه الأحد عشر جزءاً نبات وحيوان وعمران كان القول فيه من جهة القياس والرأي وأما ما كان من عمران الأرض قبلنا فإنه لا يجوز الحد والأفراق التي ذكرنا وأما الذي وراء ذلك فإنه لم يجره أحد إلينا ولكن الرأي والظن يقع على ما لا ينكره أحد من ذوي المعرفة على جهة القياس إن الشمس والقمر والكواكب تجري عندنا فيكون بحركتها وقربها وبعدها صيف وشتاء ونبات وحيوان وعمران وما يعرفه كل أحد فإن كانت الشمس تطلع على كل مكان من دائرة الأرض الباقية والكواكب مثل ما عندنا فيمكن أن يكون هنالك نبات وحيوان وبحور وجبال مثل ما عندنا وينبغي أن يكون كذلك. وتكون حصة الدرجة الواحدة من هذه الأميال المذكورة قريباً من خمسة وستين ميلاً وهو مسيرة يومين بالتقريب والله أعلم.

 

فأما طول المدن وعرضها على ما رسم في كتاب صورة الأرض فإن مواضعها من الطول الذي هو مسافة ما بين المشرق والمغرب فإنهم ابتدأوا به من الجزائر العامرة التي في بحر أرقيانس الغربي إلى ناحية المشرق على حسب ما وجدوا أوقات كسوفات القمر خاصة بتقدم بعضها بعضاً في البلدان فعلموا بذلك أن انتصاف النهار في كل بلد يتقدم انتصاف النهار في غيره من ناحية المغرب بأجزاء من أزمان معدل النهار يكون مقدارها مقدار أزمان ما بين الكسوف في البلدين ومن ذلك ما أخذوه من الأخبار ممن يسلك الطرق بالتقريب. وأما عروض المدن فإنهم أخذوها من قبل قياس الشمس في أوقات انتصاف النهار في البلدان فعرفوا بعدها وقربها من نقطة سمت الرؤوس على نحو ما بينا فيما تقدم من هذا الكتاب فعلموا بعد كل بلد عن خط الاستواء وهو مسافة ما بين الجنوب والشمال ورسموا تحت كل مدينة بعدها عن الجزائر الخالدات في الطول وعن خط الاستواء في العرض بالتقريب وقد أثبتنا ذلك على الرسم الذي وجدناه في كتاب صورة الأرض المعروف وذكر أوساط البلدان والكور المعلومة أيضاً ذكراً مفرداً كما فعل بطليموس وهي أربعة وتسعون بلداً. وقد يوجد في هذا الكتاب خلل في الأطوال والعروض وسنعيد ذكر ما يحتاج إليه من ذلك فيما يستأنف من كتابنا هذا.

 

 

محمد مجدى

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

الأخ مجدي ،

 

أنا من ماليزيا ، كيف أحصل على النسخة الأصلية من هذا الكتاب؟ أفدني وجزاكم الله خيراً

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×