Jump to content

Recommended Posts

يشبه المشهد أفلام الخيال العلمي إلى حد كبير: كوكب كتلته أكبر بقليل من كتلة كوكب الأرض يدور حول نجم وسط المجرة. ولكنه مشهد حقيقي وواقعي، إذ يعد واحداً من بين الاكتشافات التي تمكن علماء الفلك من تحقيقها خلال الآونة الأخيرة، خاصة ممن يبحثون عن أنظمة شمسية جديدة ومؤشرات قد تساعد على فهم كيفية تكونها. أما الهدف الرئيسي الذي يسعى العلماء إلى تحقيقه فيتمثل في معرفة عدد الكواكب الموجودة في الكون، والتي قد يتوفر بعضها على شروط الحياة.

 

وخلال الشهور الأخيرة، أعلن فريق من علماء الفلك أنه اكتشف كوكباً يقع على بعد نحو 21500 سنة ضوئية من الأرض، كتلته تتراوح ما بين كتلة الأرض وكتلة كوكب نيبتون، وبذلك يكون أصغر كوكب يتم اكتشافه "خارج النظام الشمسي" حتى الآن. ويدور الكوكب المكتشف حول نجم –حجمه صغير إذ يشكل 22 في المئة فقط من حجم الشمس– على بعد ضعفي المسافة التي تدور فيها الأرض حول الشمس.

 

ويعد هذا الاكتشاف ذا قيمة علمية كبيرة نظراً لكون النظام الشمسي الجديد يقع بعيداً جداً في الفضاء، ما يؤشر إلى المجال الممتد الكبير واللامتناهي في الفضاء الذي على الفلكيين البحث فيه. كما أنه اكتشاف قيم ومهم كذلك بالنسبة للتقنية التي اعتمدها فريق الباحثين الذي تعود على رصد الكواكب الصغيرة. وبالرغم من أن الكوكب المكتشف يوجد بعيداً في الفضاء بحيث تصعب دراسته دراسة معمقة، فإنه يوفر من المعلومات ما يخوله أن يكون مشمولاً في الإحصاء الكوكبي الذي ينجزه علماء الفلك، هذا مع العلم بأن العلماء أحصوا خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية 170 كوكباً على الأقل، وذلك وفق ما تشير إليه السجلات في مرصد باريس. وبهذه الاكتشافات الأخيرة، يقول "ستيفان كين" من جامعة فلوريدا، وعضو فريق الفلكيين الذي قام بالاكتشاف: "إننا بدأنا نعبر إلى عوالم جديدة"، ستتيح للباحثين فرصة رصد كواكب صغيرة تقع بعيداً في الفضاء.

 

لقد انصب اهتمام علماء الفلك وجهودهم في الآونة الأخيرة على البحث عن كواكب شبيهة بالأرض تدور حول نجوم، وتوجد على بعد مسافات متوسطة من الأرض، مسافات تسمح بوجود الماء السائل على سطح هذه الكواكب. وتلك هي المواقع التي يتوقع العلماء وجود الحياة فيها خارج نظامنا الشمسي. وفي هذا الإطار، قال الدكتور "كين" إن علماء الفلك يتوقعون إيجاد عدد كبير من الكواكب التي تشبه الأرض، غير أنه أشار إلى أن تقديراتهم مستنبطة من الكواكب التي تم اكتشافها حتى الآن. وتابع قائلاً: "واقع الأمر أننا لا نعرف في الوقت الراهن، ولكن إلى أن نتمكن من معرفة المؤشرات التي تدل على هذا النوع من الكواكب، سيكون من المستحيل الجزم بعدد الكواكب الموجودة".

 

لقد تم رصد معظم الكواكب المكتشفة حتى الآن عبر الحركة التي تقوم بها هذه الكواكب خلال دورانها حول نجومها. غير أن ثمة مقاربة أخرى تقوم على رصد أبسط خفوت لضوء النجم، والذي يحدث حين يمر الكوكب أمام نجمه خلال عملية دورانه في المدار، وهو ما يؤدي إلى حجب النجم للحظة قصيرة. وقد مرَّ النظام الشمسي الصغير المكتشف من أمام نجم بعيد لاحظ العلماء كيف أن ضوءه قلَّ لحظة ثم عاد ليسطع من جديد حين مر النجم وكوكبه من أمامه، ثم ما لبثت أن تكررت العملية مرة ثانية –وإن بحدة أقل من الأولى- لحظة مرور الكوكب من أمامه. وهذه العملية (خفوت الضوء وسطوعه حين يمر الكوكب أمام النجم) هي التي باتت تساعد علماء الفلك على تقدير مدار الكوكب وحجمه.

 

كما وجد فريق آخر من الباحثين أقراصاً مضيئة من الأنقاض الجليدية والصخرية تحيط بنجمين قريبين نسبياً من الأرض –على بعد نحو 60 سنة ضوئية فقط من الأرض. والقرصان، اللذان تم اكتشافهما بتلسكوب الفضاء "هابل" يشبهان إلى حد ما "حزام كيبار"، وهو عبارة عن مجال فضائي شاسع يعج بالأجسام الفضائية والكتل الصخرية التي تركت بعد تشكل النظام الشمسي منذ نحو 4.6 مليار سنة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن "حزام كيبار" يقع وراء كوكب نيبتون، ويمتد على مسافة تتراوح ما بين 30 و50 وحدة فلكية عن الشمس. (وحدة فلكية واحدة تعادل 93 مليون ميل).

 

هذا ويسعى العلماء جاهدين إلى حل لغز تكون النظام الشمسي –وما إذا كانت توجد أنظمة شمسية أخرى تؤوي مظاهر الحياة- وذلك في وقت بدأت الدراسات طويلة الأمد تؤتي أكلها وتقنيات رصد الكواكب تتطور. وفي هذا الإطار، أعلن العلماء في جامعة فلوريدا على سبيل المثال أنهم قاموا بتطوير جهاز رصد جديد يتوقع أن يمكنهم من مراقبة مئات الآلاف من النجوم خلال السنوات العشرين المقبلة، مقارنة مع 3000 نجم قام العلماء بالبحث حولها خلال السنوات العشرين الماضية.

 

ومن جهته، يقول "بنجامين بروملي"، وهو عالم فلك من جامعة يوتا: "إننا بصدد مراقبة النجوم حديثة النشأة بهدف معرفة الكيفية التي تتكون بها الكواكب، كما نقوم بمراقبة الأنظمة الأكبر سناً وملاحظة الكواكب وهي تدور على مدارها النهائي". وحسب الدكتور "بروملي"، فإن الطريقة الوحيدة للإجابة عن سؤال: "هل توجد حياة على تلك الكواكب؟"، تتمثل في "فهم كيفية تكون الكواكب. قد يبدو الأمر شاقاً وعسيراً، ولكن بعد دراسة كل كوكب يتم اكتشافه، يزداد فهمنا للعملية بأكملها ويتحسن أكثر".

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×