Jump to content
sonylanguage

الكلدان بين السبي

Recommended Posts

 

ليس من السهل على الكلداني الغيور على كلدانيته وعلى بني جلدته ان لا يعصره الألم او ان لا يتضايق وهو يرى جزءآ عزيزآ من ابناء امته الكلدانية وقد عصفت به الظروف التاريخية المريرة في دوامات الوهم والضياع والشعارات الرنانة والاحلام الوهمية التي سلخته من أمته الكلدانية وافقدته القدرة على التفكير السليم ومواجهة الحقائق الواضحة والتي هي كالمرآة الصافية ، تعكس حقيقة اصولهم الكلدانية ، لكن وللأسف نراهم مضللين من قبل سلاطينهم وقادتهم الذين اغرقوهم في اوهام بعيدة عن الحقائق ، وهذا الجزء العزيز من شعبنا هم اولئك الكلدانيين النسطوريين الذين سكنوا منطقة حكاري وقد سماهم الانكليز فيما بعد ولغايات تخدم مصالحه وسياساته بالآثوريين .

 

 

 

ومع ذلك لا ارى ضررآ او ما يعيب إذا اضيفت تسمية مناطقية على التسمية القومية كما هو الحال مع اولئك الكلدان الذين سميّوا بالآثوريين والتي هي الترجمة العربية للتسمية الاصلية في لغة القوم والتي هي طورايي او آطورايي أي بمعنى اهل الجبال والتي تقابلها دشتايي أي اهل السهل . فهم في حقيقة امرهم آثوريين الكلدان او ( كلدايي د طورا) بمعنى الكلدان من اهل الجبال ، تمامآ كما نقول ( كلدايي دشتا ) بمعنى الكلدان من اهل السهل ، وفي كل الأحوال يبقون كلدانيين اصلاء .

 

أما ما يعيب ويدعو للأسف هو ان يبقى الانسان أسير الخدعة التي تعرض لها اجداد اجداده ، ليس لكون اولئك الاجداد كانوا جهلة او سذج بل لتراكم وتشابك عدة عناصر وعلى امتداد تاريخهم ، ابتداءا من ايام سبيهم الى دولة آشور من قبل الاشوريين مرورآ بالاضطهادات الدينية والمآسي الكثيرة التي اجبرتهم على ترك ديارهم والبحث عن الأمان في المناطق الجبلية في شمال العراق وتركيا وايران والى ان صدقوا الوعود التي نثرها المبشرون الانكليز عليهم بمدهم بالسلاح ومساعدتهم على اقامة دولة خاصة لهم كل ذلك مقابل تنصلهم من اصولهم الكلدانية نكاية بالكلدانيين الذين تخلوا عن النسطورية التي حرفتهم عن ايمانهم وابعدتهم عن الكرسي الرسولي المتمثل بكنيسة روما ، فعندما انتبهوا الكلدانيين على ذلك التحريف خلصوا الى استعادة المذهب الكاثوليكي ثانية بعد ان أبرموا وثيقة الاتحاد مع كنيسة روما الكاثوليكية والتي كان المبشّرين الانكليكان يعدّوها منافسة ان لم تكن عدوة لهم و لمصالحهم.

 

 

 

ولكي يضمنوا المبشّرين الانكليكان استمرارية تمزق وسلخ اولئك الكلدان الذين بقوا على نسطوريتهم من الأمة الكلدانية فقد صوروا لهم انهم بقايا الآشوريين القدماء وانهم مستحقين ان تكون لهم دولة والى آخر الوعود والآمال الكاذبة والمخدرة للعقول ، ولحسن نية القوم فقد صدقوا الكذبة وعاشوا في دائرتها والى يومنا هذا !.

 

 

 

الآشوريين والآثوريين

 

التاريخ يخبرنا ان الاشوريين القدامى كانوا مجرد فئة من الذين نزحوا من مدينة بابل الكلدانية واستقروا في مدينة آشور المتكنية باسم الإله اشور، وعن هذه الحقيقة التاريخية يقول المؤرخ وعالم الآثار طه باقر ( ان الاشوريين نزحوا الى موطنهم من الجنوب أي من بلاد بابل ....طه باقر ص 472 ) .

 

وهذا ما يؤكده الكاتب ايشو مالك خليل جوارو في الكتاب الذي جمعه تحت عنوان (( الآشوريون في التاريخ ص 11 بقوله (من المعتقد ان القائد الكبير اشور جد الاشوريين قد هاجر هو ايضآ من شنعار وحل في آشور )، وحتى المؤرخ الاثوري الروسي قسطنطين ماتييف يقول في كتابه " الآثوريون والمسألة الآثورية " ( إن الخارجين من ارض بابل يمّموا صوب شمال ما بين النهرين وأسسوا لهم هنالك موطنآ وكانت آشور اكبر مدنهم ) ، وسرعان ما اتخذوا هؤلاء النازحين الصنم آشور كإله لهم فعبدوه وقد سميوا بالآشوريين كناية بإسمه ومن اسمه ايضآ استمدوا اسم دولتهم الاشورية ، إذن ما الاشورية الا مذهب وثني قديم زال بزوال عبادة إله هذا المذهب والذي كان اسمه آشور .

 

وما ان استقروا اولئك النازحين في مدينة آشور ، وبعد ان اشتد عودهم وقويت شوكتهم حتى بدأوا في سلسلة اعتداءات ومهاجمة الشعوب المجاورة لهم ، وكانت حصة الكلدانيين البابليين من تلك الاعتداءات افضع وابشع من تلك التي اصابت الاقوام والامم الاخرى ، حيث استمرت غزواتهم واحتلالاتهم للديار الكلدانية حوالي الف سنة . وقد عمدوا ملوك الاشوريين الى ممارسة سياسة سبي وتهجير اكبر عدد ممكن من الكلدانيين وتوطينهم في مناطق متفرقة من دولتهم الاشورية ، وما يمكنني نقله بهذا الخصوص هو انهم وخلال غزوة واحدة فقط للمجرم سنحاريب في حوالي عام 703 ق.م لمدينة بابل الكلدانية اجلى اكثر من ( 200000 ) مائتان الف كلداني الى آشور ، فكم يكون الرقم يا ترى خلال الف عام من الغزوات والاحتلالات الاشورية للديار الكلدانية ؟ .

 

ومن جهة ثانية نحن نعلم انه في عام 612 ق . م استطاع الجيش الكلداني وبالتحالف مع الجيش الميدي اكتساح دولة اشور والقضاء على المذهب الاشوري المبني على عبادة الإله آشور ، ونتيجة تحطم هذا الصنم وتحريم اقامته او اتباعه ، مما حذا بالناجين من اتباعه أن يتنصلوا من عبادته وان يعود القسم الاكبر منهم الى اصولهم الكلدانية بإنضمامهم الى الجيش والشعب الكلداني المنتصر والبعض الآخر انصهر في القوميات والامم التي كانت سائدة آنذاك

 

وعن اسباب تواجد الكلدانيين في منطقة حكاري وفي عموم تركيا وايران كتبوا الباحثين والمؤرخين الكثير من الاقوال والابحاث التي تؤكد انحدارهم من منابت كلدانية خالصة ، ويذكر لنا بعض المؤرخون ، ان الحملات الأشد قهرآ وظلمآ وذلآ للمسيحيين العراقيين كانت على عهد تيمورلنك ما بين 1393 – 1401 م ، مما حذا بالكثيرين من المسيحيين وخاصة الكلدانيين الذين كانوا يسكنون بكثافة في وسط وجنوب العراق بالهجرة الى المناطق الجبلية في شمال العراق وفي تركيا وايران ، ومن تلك الأقوال والابحاث نقرأ :-

 

1- المؤرخ أوبري فاين يقول( إن القوانين اللاإنسانية الجائرة التي فرضها المغول أدّت الى هروب عليّة القوم وتشتّت غالبية المسيحيين ولجأ الكلدان منهم الى قرى جبال تركيا وايران ) .

 

2- وفي كتابه (نزهة المشتاق) يقول يوسف غنيمة( هاجر النساطرة من البصرة وبغداد ومن المناطق الاخرى باستثناء الموصل وتوابعها ملتجئين الى جبال كردستان وبلاد فارس).

 

 

 

3- لا شك ان تحرير الشمال الرافدي عام 612 ق.م بالقضاء على القوات الاشورية وعلى كل من ساندها من الكهنة وعباد الصنم آشور قد أحدث فراغآ هائلآ في جميع مرافق الحياة في الجزء المسمى بدولة آشور ، فمن الطبيعي ان تعتمد السياسة الكلدانية على سد هذا الفراغ بغية فرض الأمن والنظام واعادة بناء وتعمير ما خلفته الحرب وهذا تطلب تجنيد وجلب اعداد كبيرة من القوات الكلدانية ونشرها في كل الشمال الرافدي .

 

4- سبق وان تطرقنا على سياسة التهجير الجماعي والقسري التي كان ينتهجها الاشوريين خلال غزواتهم واحتلالاهم للديار الكلدانية ، والغريب ان اولئك الغزاة الاشوريين كانوا يتباهون في تدوين جرائمهم على الصخور ويقولون فيها ( أُجليت سكانها الى آشور وأطلقت على مدنها أسماء آشورية ) ، حيث تقدر المصادر التاريخية ان اعداد الاسرى الكلدانيين الذين اجلوهم الاشوريين من ديارهم الكلدانية في بابل وضواحيها الى اماكن توطينهم في اطراف نينوى والمناطق النائية منها تعد بأكثر من ( 700000 ) سبعمائة الف اسير ، وهذا العدد الهائل من الأسرى كانوا متوطنين على مساحات شاسعة وفي اجزاء متفرقة من دولة آشور، ابتداءآ من سهل نينوى والى اقصى منطقة في شمال العراق ، وما تسمية بيت شيبا في كرمليس والتي تعني بيت السبايا الا تأكيد آخر على توطين الاسرى والسبايا الكلدانيين في تلك المنطقة وايضآ تسمية قرية بابلو التي تقع شمال محافظة دهوك باسم عاصمة الكلدانيين ( بابل ) ايضآ تأكيد آخر على كلدانية المتوطنين في المنطقة ، بالتأكيد وبعد تحريرهم من الاستعباد والأسر ساندوا واندمجوا مع اخوانهم الكلدانيين الذين حرروهم من ذل الأسر ، وقد مارسوا كامل حقوقهم القومية والوطنية والانسانية في محل توطينهم كمواطنين احرار وليس كأسرى أذلاء . وبذلك تكون تلك الاعداد الهائلة من الاسرى الكلدانيين والتي كانت تشغل مساحات واسعة من اراضي دولة آشور قد ساعدت في سد معظم الفراغ الذي خلّفه اندحار الاشوريين .

 

5- لا نغالي اذا قلنا انه بتحطيم الإله الصنم آشور والقضاء على العسكراتية الاشورية وعلى الفكر المذهبي الوثني الاشوري كان فعل تحرري للشعب الاشوري نفسه واقصد كشعب مسالم وليس كقوات وقيادة او كأصحاب فكر ومنهج مذهبي ، ومن جملة ما ساعد على دمج الشعب الذي سمي بالآشوري مع الكلدانيين هي تلك الفطنة والحكمة التي تحلى بها الجيش الكلداني من خلال فرزه الصادق بين الشعب الآشوري المسالم والذي أعدّه كجزء عزيز عليه وبين قادتهم العسكريين وكهنتهم الدينيين المتسلطين على رقابهم .

 

6- لا نشك للحظة واحدة ان معظم الشعب الاشوري آنذاك كان يعلم يقينآ أن اصوله تعود الى محرريه الكلدانيين البابليين لذلك لم يجدوا صعوبة للتجرد من التسمية الاشورية الوثنية واستعادة هويتهم وانتماءهم القومي الكلداني ، وبدليل انهم وبعد تحريرهم سنة 612 ق.م لم يقوموا بأي تمرد ضد الحكم الكلداني ولم يقوموا بأية محاولة لاقامة تمثال للصنم آشور او عبادته والاحتفال به ، وهذا يعني ايضآ ان الشعب الذي سمي بالآشوري كان تواقآ لهذا التحرير .

 

7 - بعد سقوط الدولة الاشورية و تأكد الميديين انهاء التهديد الاشوري لهم ، اكتفوا بالحصول على الغنائم التي استولوا عليها ومن ثم عادوا الى بلادهم ، حيث تفرد الكلدانيين بحكم دولة آشور وضمها الى امبراطوريتهم التي سميت بامبراطورية بابل الثانية او الحديثة او الاخيرة ، ومن الادلة الكثيرة التي تؤكد استمرار سيادة الكلدانيين على جميع دولة الآشوريين وبقاءهم فيها هو انهم في السنة الثالثة من تحريرهم لمدينة نينوى أي في سنة 609 ق.م كانوا ولا زالوا هناك ، فقد جهزوا الجيوش وهجموا على مدينة حرّان التي كان بعض القواد الاشوريين ومن بينهم آشور – اوبالط قد هربوا اليها بعد اندحارهم في نينوى سنة 612 ق.م ، وفعلآ استطاع قائد الجيش الكلداني نبوخذنصر من اكتساح تلك المدينة مما جعل الاشوريين المتحصنين فيها ان يعاودوا الهرب الى كركميش ( طرابلس) حيث كان الجيش المصري قد وصلها وهو في طريقه الى نجدتهم في حران ولكن القائد الكلداني نبوخذنصر لحق بهم الى هناك ودارت معركة عنيفة بين الطرفين انتهت بإندحار الجيش المصري وابادة الفلول الاشورية المندحرة ومن يومها لم يعد هناك من يتسمى بآشوري واقتصر ذكر الآشورية كمدلول جغرافي أو كمذهب كانوا اتباعه من عباد الصنم الإله آشور الذين لم يسلم من جورهم وظلمهم واذاهم بشر ولا حجر او شجر .

 

8- الاستقرار وخضوع كل بلاد اشور لسيادة الكلدانيين ساعد على الانتقال السهل للكلدانيين من وسط وجنوب البلاد باتجاه الشمال .

 

ولا ضير ايضآ ان انقل بعض الامور التي ذكرها بعض الباحثين والمؤرخين الذين يؤكدون بعدم وجود أي رابط بين الآثوريين والآشوريين القدامى .

 

1- في كتاب " خلاصة تاريخ الكرد وكردستان " قال المؤرخ أمين زكي بك عن الآثوريين ( انهم احفاد كلدانيي بلاد ما بين النهرين الذين هاجروا بلادهم الأصلية من جراء مضايقات الفاتحين والمغيرين ولجأوا الى جبال حكاري منذ عهد قديم جدآ .

 

2- يقول سي . جي . ادموندز ، ان المسيحيين النساطرة في اقليم هكاري يعرفون في انكلترا باسم ( الآثوريين ) .

 

3- يقول المؤرخ عبدالرزاق الحسني في احد كتبه ( ان الانكليز هم الذين كانوا يطلقون على النساطرة لفظ ( الآثوريين ) بينما كان الاهالي يسمونهم ( التيارية ) .

 

4- اما الدكتور احمد سوسة ، يجد ان الانكليز هم الذين ابدعوا مسألة العلاقة بين الآثوريين والآشوريين .

 

5- يقول الدكتور عبدالفتاح علي البوتاني الباحث و استاذ التاريخ في جامعة دهوك ، بأن وثائق الحكومات العراقية المتعاقبة كأدلة العراق للسنوات 1936 – 1960 م واقسام التاريخ والآثار في جامعات العراق كافة ، لا تعد الآثوريين آشوريين .

 

6- اما المطران اوجين منا فقد حدد بلاد الكلدان بقوله ( وبلادهم الأصلية بابل وآثور والجزيرة ) وكانوا يسمون آثوريين نسبة الى منطقة سكناهم في آثور .

 

7- في محاضرة للأسقف باوي سورو بتاريخ 22/آب/2004 في الولايات المتحدة قال فيها ( ان كنيستنا الآثورية والى سنة 1930 كانت تسمى الكنيسة الكلدانية ، وان توقيع البطريرك شمعون النسطوري كان ختمآ مكتوبآ فيه ( محيلا شمعون بطرك كلدايي ( المتواضع شمعون بطريرك الكلدان ) .

 

خلاصة القول ، ان الاخوة الذين ينتحلون التسمية المذهبية الوثنية الاشورية هم في حقيقة امرهم آثوريين ( اطورايي) منحدرين من اصول كلدانية خالصة ، اما اذا ارادوا الاستمرار في انتحال التسمية الاشورية التي لا تليق بهم والعيش في الوهم الاشوري فهذا شأنهم وعلينا ان نحترم رغبتهم واختيارهم حالهم كحال الكثيرين ممن غيروا قومياتهم ومذاهبهم واديانهم ، وبالمقابل عليهم ان يحترموا الهويات القومية للآخرين وان يكفوا عن تزوير الحقائق وتشويه التاريخ .

 

كلمة اخيرة للأخوة الذين وجدوا انفسهم اليوم يتسمون زورآ وبهتانآ بالتسمية الاشورية ، ونقول لهم ، تيقظوا من الغفلة والخدعة التي ابتدعها وليم ويكرام لأجدادكم الكلدانيين وافيقوا من هذا الوهم الذي اسمه ( آشور ) ، اصولكم تعود الى الكلدانيين ، ولا صِلة عِرقية او تاريخية تربطكم بالآشوريين القدامى ، والتسمية الاشورية التي تنتحلوها اليوم هي حديثة ومكتسبة بالاضافة الى كونها وثنية ، لا احد يفتخر بأن يتسمى بالتسمية الآشورية الصنمية المقيتة ، ولا احد يفتخر بأن يكون من اتباع الثور المكسور الجناحين ذو الخمسة ارجل والذي يسمى ( شورو ) باللغة الأصلية ، كيف ترضون ان تأخذوا من اسم الثورتسمية لكم ؟

 

ثم التسمية الآثورية ليست معيبة ولا هي مخجلة ، فلماذا نبذتموها وهمشتموها من اجل سواد عيون الصنم آشور ؟ ان لم تريدوا ان تعودوا الى حضن امتكم الكلدانية ، فتمسكوا بآثوريتكم فهي اكثر قبولآ واقرب الى حقيقتكم التاريخية من الصنمية الاشورية التي لستم منها في شيء .

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

شيء جدا رائع مواضيعكم المدهشة !

 

لك تحياتي العربية

ونترقب منك المزيد .

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now

×