ضبط الزمن الأرضي مع الزمن الفلكي.

[فاطمة 0]

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الزمن هو الشيء الذي لايقهر ، مع أنه ليس ثابتا ً ، ولذلك فهو نسبي دائما ً .

 

والزمن معناه قوس من الأرض مقداره 15 درجة من خطوط الطول عند دوران الأرض حول نفسها من الغرب إلى الشرق بواقع 4 دقائق لكل خط والسنة الضوئية Ligt year معناها المسافة التي يقطعها الضوء بسرعة 186 ألف ميل في الثانية خلال 365 يوما ً ، أي 5878 ألف مليون ميل أي 9461 ألف مليون كيلومتر ، أما السنة الشمسية Anomalistic year فتساوي 365 يوما ً و6 ساعات و13 دقيقة ،53.1 ثانية ، وهي دورة واحدة للأرض حول الشمس – والسنة الهلالية أو القمرية أو الاقترانية Lunar year – وهي مجموع طول 12 شهرا ً اقترانيا ً – تساوي 354 يوما ً ، و8 ساعات ، 48 دقيقة ، 34.38 ثانية ، وهي تنتقص 11 يوما تقريبا ً عن السنة الشمسية ، أما السنة النجمية Sidereal أي مرور نجم عند خط الزوال في بقعة معينة بعد عام تساوى 365 يوما ً ، و6 ساعات ، 9 دقائق ، 9.54 ثانية ، وسنة كوكب المشتري 12 سنة مما نحسب ، أما السنة فوق كوكب بلوتو فهي 248 سنة أي طفلا ً عمره سنتان على الأرض يصبح عمره 500 سنة فوق كوكب بلوتو .أما يوم مجرة درب التبانة فهو 250 مليون سنة لتتم دورة واحدة حول نفسها في 24 ساعة بسرعة 17 .4 ميلا ً في الدقيقة .

 

ولكن طول هذا اليوم قد ينقص عن 24 ساعة لو زادت الأرض من سرعتها حول نفسها ، ويطول اليوم إذا أبطات ، معنى ذلك أن الوقت يتناقص باستمرار لأي جسم كلما زادت سرعته ، وهذا ينطبق على كل شيء ، لقد جاء ذلك لأول مرة في النظرية النسبية الخاصة للعالم ألبرت آينشتاين عام 1905 الذي اعتبر أن سرعة الضوء هي أقصى سرعة في الكون ، وأن حاجز الضوء هو حاجز مطلق لا يمكن عبوره ، ويختلف عن حاجز الصوت .

 

ومعنى ذلك أن أي شيء يصل إلى سرعة الضوء فإن الزمن يتوقف به تماما ً ، إي إن الزمن صفر ، فمازال الزمن قائما ً فلو افترضنا أن فتاة في مقتبل عمرها انطلقت في مركبة فضائية تسير بمثل هذه السرعة فإن الزمن لن يتقدم بها أبدا ص وسوف تظل في حالة شباب دائما ً، صعب تصديق هذا ، ولكن أمكن إثبات ذلك بالتجارب العلمية حيث استخدم المعجل أو المسرع النووي للجسيمات في معمل – سيرن قرب جنيف بسويسرا عام 1977 ، حيث تم دفع وزيادة سرعة جسيمات ميون Muon إلى مايقرب من سرعة الضوء ، أي 99.94 % من هذه السرعة فاكتسبت جسيمات ميون عمرا ً أطول وثقلا ص أو وزنا ً مفرطا ً ، حيث استمرت الجسيمات مدة زمنية تبلغ 30 ضعف المدة العادية قبل أن تختفي وتتحلل .

 

وعادة فهذه الجسيمات لاتبقى على قيد الحياة في حالتها الثابتة أو المستقرة إلا مدة قليلة جدا ص تقدر بأجزاء من المليون من الثانية .

 

لقد أدخل آينشتاين الزمن في معادلاته الرياضية كبعد رابع بجانب الطول والعرض والارتفاع ، وربط بين الزمن والفضاء في نسيج واحد ، واستخدام الضوء للربط بين الزمن والفضاء في نظرية النسبية الخاصة 1905 ، كما استخدام الجاذبية للربط بين الزمن والفضاء في النسبية العامة 1915 ، فالحدث الكوني يقع في مكان أو فضاء محدد وفي زمن معين .

 

وقال آينشتاين إن الزمن ليس خطا ً مستقيما ً عليه نقاط محددة ، مثل : الأمس ، والآن ، والغد ، ولكنه مجرد مجال رابع للأحداث ، وإن الزمن عبارة عن شكل حلزوني متداخل ، وأن معدل الزمن شيء لا وجود له إلا في مخيلتنا .

 

فهذا المعدل نفسه ننسبه إلى سرعة دوران الأرض حول الشمس . ولو غيرت الأرض من سرعتها لأي سبب لتغير هذا المعدل الذي نتخذه وحدة للقياس . ولذلك اتخذ آينشتاين من سرعة الضوء معدلا يرتكن إليه في معادلاته على اعتبار انه ثابت ومطلق . وكل شيء يحدث خلال الزمن يتم تسجيله بشكل أو بآخر .

 

فهناك الآن كاميرات خاصة تصور شخصا ً في مكان مابعد أن تركه بعدة ساعات . ويمكن للباحث أن يعرف جمجمة مات صاحبها من آلاف السنين باستخدام الكربون – 14 المشع ونصف عمره 5570 سنة . وبالنسبة للأعمار التي تزيد عن ذلك يستخدم معدن الثوريوم – 232 المشع ونصف عمره 14 ألف مليون سنة ، وهذا المعدن هو الذي صحح معلوماتنا عن عمر مجرة درب التبانة من 15 ألف مليون سنة – كما كان الاعتقاد السابق – إلى 7 و8 آلاف مليون سنة فقط .

 

ونحن عندما ننظر إلى السماء فنحن في الواقع ننظر إلى ماحدث في الماضي ، فالضوء القادم من كوكب بلوتو ترك الكواكب منذ خمس ساعات ونصف الساعة ، أما الضوء القادم إلينا من أقرب نجم "روكسيما سنتوري " فعمره أكثر قليلا ً من أربع سنوات ، ومن أقرب مجرة لنا وهي أندور ميدا (( المرأة المسلسلة )) فقد سافر منها الضوء منذ حوالي مليوني سنة . ونحن نتلقى موجات الميكرووف الكونية من جميع الجهات في الكون ، وهي صدى للانفجار العظيم عند خلق الكون منذ أكثر من 23 ألف مليون سنة .

 

اكتشف علماء الفلك أن هناك اختلافا بين الزمن الأرضي والزمن الكوني قدره ثانية واحدة ، بسبب زيادة سرعة دوران الأرض حول الشمس وفي أكتوبر 1976 أعلن عن هذا الاكتشاف المثير أثناء انعقاد المؤتمر السنوي للاتحاد الدولي للموازين والمقاييس في باريس ، وتم اعتماد هذا التغيير فعلا ً، وتم تطبيقه اعتبارا ً من عام 1978 ، والذي مازال ساريا ًحتى الآن .

 

ففي منتصف ليلة أي السنة الميلادية الجديدة يقوم علماء الفلك في المراصد العالمية يتقدم الزمن ثانية واحدة فإذا كانت الساعة الحادية عشرة مساء والدقيقة 59 والثانية 59 ، فتقدم الساعة وتصبح الثانية عشرة بالضبط لقد تأكد العلماء أن السنة تحتوي على 31،556،926 ثانية وأن الفارق هو واحد على هذا الرقم في السنة أي ثانية واحدة .

 

ومنذ هذا الاكتشاف تم ضبط الزمن بدقة كما تم تركيب أجهزة إليكترونية خاصة في أكثر من 20 مرصدا ً حول العالم ، مهمتها مراقبة حركة النجوم وضبط الوقت .

والحقيقة أن الساعة الذرية دقيقة جدا ً ولا تخطيء إلا في ثانية واحدة كل 50 ألف سنة ، ولكنها تحدد الزمن المطلق ونهايته بدقة بالغة .

 

ولكن ليس هناك زمن مطلق أو مكان مطلق كما جاء بنظريات نيوتن . وجاء العالم الهولندي هندريك لورنتز عام 1902 الذي أشار إلى أن الزمن والمكان متصلان وأنهما متداخلان . ثم جاء العالم آينشتاين وبنى نظريته في النسبية الخاصة والعامة على هذه الفكرة ، فأدخل الزمن كبعد رابع في الكون ، وربط الزمن دائما ً بالفضاء كتعبير واحد ، فالزمن المطلق الذي أشارت إليه الساعة الذرية لا يعني شيئا ً رغم صحته ، ولكن الزمن الفلكي هو الأصدق طبقا ً لحركة النجوم على الرغم من انه غير ثابت ثبوتا ً كاملا ً .

 

فالساعة الذرية تحدد بداية الزمن ونهايته بدقة ، ولكنها بذلك تختلف عن الساعة الفلكية . ولابد في هذه الحالة من ضبط الزمن الأرضي لكي يتطابق مع الزمن الفلكي وحركة النجوم . فالزمن الفلكي هو الذي يحد مسار الزمن الأرضي ، ولذلك يتدخل العلماء لتصحيح الزمن ، وهذه الدقة الشديدة ضرورية جدا ً للطيران الأسرع من الصوت والصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى ورحلات مركبات الفضاء ، والتجارب العلمية الدقيقة وخاصة على الإشعاعات النووية وأبحاث الفضاء .

 

راجع :

 

موسوعة علم الفضاء الجزء الأول ، للدكتور :جلال عبد الفتاح .

 

تحياتي

وشكرا ً

 

[الزعيم 0]

موضوع شبق ورائع , وإضافة مهمة لثقافة الأعضاء ..

بانتظار المزيد ..

وشكراً .