Jump to content
Sign in to follow this  
علاوي ياسين

نظرية جديدة في خلق السماء [ الجزء الأول]

Recommended Posts

نظرية جديدة في خلق السماء [ الجزء الأول ]

 

 

 

 

لعل خلق السماء كان بنفس طريقة خلق الأرض، وكان الأمر موجها إلى المشكاة 1 {كن سماء}. وحتى هذه العبارة تتكون من ستة أحرف وهي: ( ك، ن؛ س، م، أ، ن). ولم يرد في القرآن الكريم مدة خلق السماء؛ إنما جاء مقدار تسويتها في يومين، كما قال الله، عز وجل:

*﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾، [فصلت: 41 // 12].

*﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾، [البقرة: 2 // 29 ].

كما أن هناك آية تبين خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، كما جاء في قوله، جل وعلا:

*﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ﴾، [الفرقان: 25 // 59].

فإذا كان خلق الأرض في يومين، وتسوية السماء في يومين، فلم يُذكر مقدار خلق السماء؟ لهذا تبقى يومان من الستة؛ فمن هنا نستنبط أن خلق السماء كان في يوم واحد، وتسويتها سبع سموات، وأمر كل سماء كان في يومين.

وكان خلق الأرض في يومين، وبقي يوم واحد لعله لتسوية الأرض، كما كانت تسوية السماء. وسيأتي بيان هذا...

وشكل السماء يختلف عن شكل الأرض، بحيث كانت الأرض كروية الشكل، والسماء على شكل قرص سميك، كما جاء في قوله، عز وجل:

*﴿ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا ۞ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴾، [النازعات: 79 // 27- 28].

فالسُّمك لا يكون في الشكل الكروي، لهذا نستنبط أن شكل السماء كان قرصا سميكا، انظر الشكل: 35.

6nn39c4v94pcd3neblwj.gif

 

ومن هذه الزاوية فالأرض لما تكونت مكثت في دوران بسرعة قصوى، وكذلك السماء عندما تكونت مكثت في دوران بسرعة قصوى، إلا أن دوران الأرض لم يكن كدوران السماء، بحيث كانت السماء تدور من اليمين إلى اليسار، أما الأرض فكانت تدور عكس عقارب الساعة، وربما العكس بينهما، وربما الأرض كانت تدور من الأسفل إلى الأعلى.. علما بأن السماء كانت كتلة واحدة، وكذلك الأرض... انظر الشكل: 36.

onuapbzns66i5hsgq0f8.gif

 

المرحلة الخامسة:

جاء في قوله، تعالى:

*﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾، [فصلت: 41 // 11].

[أي: استجيبا لأمري طائعتين أو مكرهتين ﴿ قالتا أتينا طائعين ﴾، أي: قالت السموات والأرض: أتينا أمرك طائعين...]1.

كانت السماء كلها دخان على إثر التفاعلات الكيميائية، فنتج دخان أسود للأرض، وللسماء، ودخان أبيض للأرض وللسماء؛ أي: كانت هناك كثافة من الدخان... كما أن الزجاجة الأولى كانت لاصقة بالزجاجة الثانية؛ ولعل هذه مرحلة الرتق الأولى.

لقد كانت السماء والأرض تدوران بأقصى سرعة، فأمرهما الله، جل وعلا، بالمجيء... ولعل هذا الأمر كان صوتا، مما جعل السماء تفقد جابذتها، فانطلقت في خط مستقيم إلى الأسفل، والأرض كذلك تفقد جابذتها، فانطلقت في مسار مستقيم إلى الأعلى، انظر الشكل: 37.

ki6ebybtn7t54fqr5d2y.gif

 

فاصطدمت السماء بالأرض اصطداما عظيما، فانفتق غلاف السماء، وغلاف الأرض فصارا غلافا واحدا؛ وظلت الأرض ملتصقة بالسماء...

وعلى إثر هذا الاصطدام ألقت الأرض كل ما فيها وتخلت، أي: ألقت نواتها فكانت شمسا، وألقت الكواكب، والأقمار، والجبال... والسماء انشقت إلى ستة شقوق...

وهذا ما نستنبطه من قوله، سبحانه وتعالى:

*﴿ إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ ۞ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ۞ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ۞ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ۞ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾، [الانشقاق: 84 // 1- 5].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- علي الصابوني: صفوة التفاسير، مج: الثالث، ص: 109.

 

[align=right]المرحلة السادسة: [/align]

قال، جل وعلا:

*﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ۞ َقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾، [فصلت: 41 // 11- 12].

*﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾، [الأنبياء: 21 // 30].

*﴿ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا ۞ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ۞ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ۞ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾، [النازعات: 79 // 27- 30].

*﴿ إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ ۞ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ۞ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ۞ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ۞ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾، [الانشقاق: 84 // 1- 5].

لما اصطدمت السماء بالأرض صارتا رتقا، أي التحمتا، فأذنت السماء لربها فحقت، فسواهن سبع سماوات طباقا، وأوحى في كل سماء أمرها في يومين.

والأرض بعدها كذلك أذنت لربها فحقت، فدحاها في بادئ الأمر، أي: طردها فخرت، فاصطدمت بما تبقى من السوائل الملتهبة، فاصطدمت الاصطدام الثاني، فصارت قطعا متجاورة... وبعد فتق الأغلفة، كان فتق السماء عن الأرض، وهذا الرتق والفتق جعل الأرض تتكهرب وتتمغنط بالسماء... انظر الشكل: 38.

xto0sd9diz8ystg35xrw.gif

 

ولما اصطدمت الأرض بالسوائل الجحيمية انقسمت إلى قطع متجاورات، منها قطع أرضنا، أي: القارات الخمس، ومنها الثلاث أراضي التي نستنبطها من قوله، جلا وعلا، في سورة الكهف:

*﴿ فاتّبعﹶ سبباﹰ ۞ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ﴾، [الكهف: 18 // 85 - 86].

*﴿ ثمّ اتّبعﹶ سبباﹰ ۞ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا ﴾، [الكهف: 18 // 89 - 90].

*﴿ ثمّ اتّبعﹶ سبباﹰ ۞ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ﴾، [الكهف: 18 // 92 - 93].

فانهمرت السماء بماء مالح فطهر الأرض من المواد المشعة، وغيرها من المواد الأولية الضارة... فاهتزت الأرض وربت أي: ازداد حجمها، وكتلتها، وصار هذا الماء المالح بحارا؛ فأضحت الأرض كالسفينة تميد من هنا وهناك... انظر الشكل: 39.

 

0wlny7s08dl4064urawl.gif

 

ومن الدحي إلى التحقيق، فحُقّت في يوم واحد. وقد فسروا كلمة الدحو1 بالشكل البيضاوي، وكذلك بإخراج ماء الأرض ونباتها، وكما نرى في المعاجم ليس من يدل على هذا التفسير؛ ولو اختلفت المعاجم من الدفع والرمي، والبسط والتوسيع، والإزالة عن المقر، فكل هذه التفاسير تليق بكلمة الدحي؛ لأن الله، جل وعلا، عندما دحا الأرض اشتملت في هذه الكلمة: ]دحاها( معنى الدفع كما قلنا: طردها، ومعنى البسط بدليل الآية الكريمة:

*﴿ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾، [الغاشية: 88 // 20].

والشكل الكروي إذا سطح توسع أكثر؛ كما أن انقسام الأرض إلى قطع يدل على التوسع. ويدل أيضا على أنها لم تعد كروية الشكل، ولكنها دائرية، انظر الشكل: 40.

cf90nh1ws0e8j72vtb5z.gif
كما أن بين القطعة والقطعة يوجد البحر، سواء أكان نهرا، أو بحرا.. وهناك ترابط بين القطع، وهذا الترابط توحيه إلينا أشكال القطع على أنها انقسمت بفعل اصطدام...

*﴿ وفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾، [الرعد: 13 // 4].

*﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ﴾، [الفرقان: 25 // 53].

وجاء في تفسير الطبري: (وقوله: وجعل بينهما برزخا قال: البرزخ: الأرض بينهما وحجرا محجورا يعني: حجر أحدهما على الآخر بأمره وقضائه، وهو مثل قوله وجعل بين البحرين حاجزا).

[وجعل بينهما برزخا أي: جعل بينهما حاجزا من قدرته لا يغلب أحدهما على الآخر وحجرا محجورا أي: ومنعا من وصول أثر أحدهما إلى الآخر وامتزاجه به. قال ابن كثير:... وجعل بين العذب والمالح حاجزا، وهو اليابس من الأرض، ومانعا من أن يصل أحدهما إلى الآخر]1.

لعل في هذه التفاسير لم يكن بعد معروفا أن الماء العذب يوجد أيضا في البحار، وبذلك يكون المعنى لا يدل فقط على الأنهار والبحار، بل يدل أيضا على ماءين ممزوجين ولكن منفصلين ببرزخ، والحجر المحجور؛ أي: ينابيع الماء العذب تنبع من حجر في قاع البحار...

 

كما أن السموات السبع ليست فضاء، بل بناء، يعني من المادة التي لا تشبه مادة الأرض؛ وذلك بدليل الآيات الكريمة:

*﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾، [لقمان: 31 // 16].

*﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ﴾، [النبأ: 78 // 12].

*﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ﴾، [الملك: 67 // 3].

*﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾، [الطلاق: 65 // 12].

*﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾، [الإسراء: 17 // 44].

*﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ۞ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ﴾، [الجن: 72 // 8- 9].

فمن خلال هذه الآيات الكريمة نستنبط أن كل سماء لها أرضها، بدليل الآية الكريمة:

*﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾، [الطلاق: 65 // 12].

وطباقا تعني: الواحدة فوق الأخرى. وتسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن، هنا ذكر عدد سبع سموات، والأرض ذكرت بمفردها؛ نستنبط من هذا أن كل سماء لها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- محمد علي الصابوني: صفوة التفاسير، مج: الثاني، ص: 345.

 

أرضها وهذا شيء منطقي وعقلاني؛ فذكر سبع سموات معها ست أراضي، والأرض التي نعيش عليها بقطعها المتجاورة هي الأرض السابعة، لذلك جاء قول: ﴿ سبع سماوات والأرض ﴾. ويسبح له من فيهن هذا دليل آخر على أن السموات بنيانا صلبا من المادة...

 

وبالتالي، فتسوية السماء كانت سبع سموات طباقا، وأوحى الله، جل وعلا، في كل سماء أمرها، ورفعها إلى الأعلى لأنها خرت؛ وبعد رفع السماء وقضائها إلى سبع شداد، دحا الأرض، أي خرت إلى الأسفل؛ ومن ثم كان الله، عز وجل، هو الرافع، وهو الخافض، وهو الباسط؛ حيث رفع السماء بغير عمد، وخفض الأرض إلى الأسفل وبسطها، وجعل سكانها أسفل سافلين بدليل الآية الكريمة:

*﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ۞ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾، [التين: 95 // 4- 5].

فكل الكائنات التي تعيش في السموات هي في أسفل سدرة المنتهى، والإنسان في أسفل الكل...

 

والتصق غلاف المشكاة الأولى بالمشكاة الثانية فصار الكون على شكل بيضة مائلا. وعلى إثر اصطدام الأرض بالسماء تناثرت من الأرض الكواكب، والأقمار، وأشلاء الاصطدام، وغبار الاصطدام إلى غير ذلك مما يوجد في الفضاء، ماعدا النجوم سيأتي بيانها...

 

والبحر المسجور هو البحر المشتعل نارا، وهو يحيط بالبحار؛ وهو نهاية الأرض السفلى؛ والبرزخ يحيط بكل أرض.

وقد تكون أكثر من أربعة أراضي ولكن هذا ما نستنبطه من القرآن الكريم. كما أن أرض السدين قد تكون من الجهة الأخرى؟

أما ما يخص أرض مطلع الشمس؛ فنستنبط من الآية الكريمة:

*﴿ فاتّبعﹶ سبباﹰ ۞ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ﴾، [الكهف: 18 // 85 - 86].

*﴿ ثمّ اتّبعﹶ سبباﹰ ۞ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا ﴾، [الكهف: 18 // 89 - 90].

أي هذه الأرض ليس لها غلافا جويا، وبذلك يكون سكانها ليليين، بمعنى: ينامون أو يختبئون بالنهار، ويخرجون بالليل، وبطبيعة الحال ليس عندهم اليوم مثل يومنا. وما يخص أرض السدين - أين بنى ذو القرنين على يأجوج ومأجوج - فلا أظن أن ذو القرنين هو الاسكندر المقدوني، لأن الآيات تشير إلى أنه كان لوحده، والله، سبحانه وتعالى، هو الذي مكن له ذلك، ومسيرته إلى هذه الأراضي البعيدة الغاية البعد، كانت بإتباع الأسباب، وإتباع الأسباب يدخل في إطار الإعجاز...

 

والحاجز البرزخي هو المانع الذي يستحيل اختراقه إلا بسلطان! لهذا، فالمانع البرزخي يحول الاتجاه المسموح به، أي: عندما نصل مثلا من أرضنا إلى الحاجز البرزخي (الدائرة الحمراء)، ندور دون أن نخترقه، ودون أن نشعر بأن هناك مانع يمنعنا، فيتخيل إلينا أننا ندور تحت الأرض، والحقيقة أننا ندور على السطح؛ لذلك فالنقطة التي ننطلق منها نصل إليها عندما تكتمل الدورة... والبرزخ هو مساحة حاجزية، و صعبة الاختراق... وقد يتم اختراقه عن طريق السرعة اللازمة، وقد يتم تجاوزه عن طريق السراديب، كما يتم اختراقه عبر الفضاء... انظر الشكل: 41.

q5llt3zjkxb9cgc1rsif.gif

 

فإذا كان ذو القرنين اتبع الأسباب التي أوصلته إلى هذه الأراضي، فغالب الظن أنه سلك مغارات عبر الجبال، وكانت حكمة الله، جل وعلا، التي قادته بسرعة فائقة؛ لأن كما جاء في الحديث النبوي الذي رواه الإمام الغزالي في جواهر القرآن:{... فإن بهذا المغرب أرضا بيضاء نورها بياضها وبياضها نورها مسيرة الشمس فيها أربعون يوما بها خلق من خلق الله...}، وعن رواية ابن العباس: مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوما.

وتُقدر مسيرة الشمس في علم الفلك في اليوم ب: (000 280 17 كلم/ يوم)، هذا يعني أن هذه الأرض تبعد عن أرضنا ب: (000 200 691 كلم، أو: 000 400 518 كلم، وكلتا المسافتين تبدو منطقية وفي حد المعقول، لأن مسيرة الشمس إذا حُدّدت بهذه المسافة في اليوم يعني أن أرض العين الحمئة تبعد عن أرضنا ب:

000 200 691 كلم = 40 X 000 280 17

ولعل هذا الحديث قيل في مكة المكرمة، وهي تمثل مركز الأرض؛ إذا، فمن مكة إلى أرض العين الحمئة مسافة: 000 200 691 كلم.

وأرضنا تقع بين أرض مطلع الشمس، وأرض العين الحمئة، وأرض السدين، وطول فلك الشمس يساوي مسيرتها في اليوم، يعني أن من أرض مطلع الشمس إلى أرض العين الحمئة ضعف هذه المسافة. إذا فأرض العين الحمئة، وأرض مطلع الشمس، وأرض السدين تبعد كل واحدة عن أرضنا ب: 000 200 691 كلم. انطلاقا من مكة المكرمة. وربما أرض السدين قد تكون أقل، أو أكثر من هذه المسافة، لأنها ليست في خط مطلع، وغروب الشمس...

ومن هذا الباب، فذو القرنين ليس هو الاسكندر المقدوني، نظرا للمسافة التي قطعها، والتي تقدر ب: 000 000 456 3 كلم = 5 X 000 200 691 انظر الشكل: 42.

xpigu2bl0ss7h2wf6lmv.gif

 

وبما أن عرض الأرض هو عرض السماء، كما جاء في قوله، جل وعلا:

*﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾، [آل عمران: 3 // 133].

*﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾، [الحديد: 57 // 21].

فإذا كان عرض الجنة هو عرض السموات والأرض، يمكن أن نستنبط من قوله ، عز وجل، أراضي كثيرة على شكل قطع متجاورة؛ أي: أقطارا، كما جاء في قوله، تعالى:

*﴿ وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾، [الرعد: 13 // 4].

وبمعنى آخر قد توجد أقطارا للأرض كثيرة مثل أرضنا، أو أكبر منها، أو أقل منها وبين الواحدة والواحدة نفس المسافة المذكورة: (000 200 691 كلم)، وربما أقل، أو أكثر... كما جاء في قوله، جل وعلا:

*﴿ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾، [الرحمن: 55 // 33].

أي أن هناك أقطار للأرض كما أن هناك أقطار للسموات...

مسألة الرتق والفتق:

فمسألة الرتق تتجلى في البداية قبل خلق السماء والأرض.

فنور الله، عز وجل، نور على نور، وقد خلق الكون من نوره الذي يتمثل بالمشكاة.

فالمشكاة الأولى خلق الله، جل جلاله، منها السماء، والمشكاة الثانية خلق الله، جل وعلا، منها الأرض، فالمشكاة الأولى ملتصقة بالمشكاة الثانية، ثم لو تخيلنا المشكاتين نورا، فلا نستطيع أن نفرق بينهما! لأننا سنرى نورا موحدا؛ لهذا كان الفتق في بداية الأمر يتجلى في فتق المشكاتين بأمر الله، عز وجل، انظر الشكل: 43.

3snjlf6zxpfmijwrl0ag.gif

فهذا الخلق المتباين في تكوين الأرض، وتكوين السماء هو فتق نورهما، أي: فصل، سبحانه وتعالى، نور المشكاة الأولى فجعل منه سماء، ونور المشكاة الثانية جعل منه الأرض.

وبعد هذا الفتق يأتي فتق زجاجة المصباح الأول، وفتق زجاجة المصباح الثاني على إثر الاصطدام العظيم، فصارت الزجاجة واحدة، وهو ما نسميه الغلاف الكوني، فلم يعد هناك رتق بين الزجاجتين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقتبس من كتاب: حكمة الوجود. للكاتب: محمد معمري.

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×