Jump to content
علاوي ياسين

الجديد عن الشمس

Recommended Posts

- الجديد عن الشمس -

 

لما أمر الله، جل وعلا، المشكاة الثانية بأن تكون أرضا، انفجر مصباحها، وتغيرت وتحولت جزيئاته الدونية إلى جزيئات دونية أخرى التي تكونت منها الجسيمات التي نعرفها، ثم تكونت منها البروتونات، والنيوترونات، والإلكترونات، وبالتالي تكونت ذرات التي كونت مادة الأرض.

وكان لابد من أن تتكون نواة كبيرة لأن المصباح كان يمثل النواة العظيمة، من هنا تكونت النواة الكبيرة للأرض.

فعندما اصطدمت الأرض بالسماء، ألقت كل ما فيها من كواكب، وجبال، وأقمار، وغبار، وغازات... وتخلت عنهم بعودتها إلى مستقرها. وكان النصف الأعلى من الأرض هو الذي تناثرت منه أكثرية الأقطار؛ إلى أن التصقت نواة الأرض الكبيرة بالسماء.

إن النواة الكبيرة للأرض هي الشمس التي نراها بأعيننا، وسبب شكلها القرصي هو الاصطدام العظيم، وسبب تسطيح الأرض كذلك؛ كما جاء في قوله، عز وجل:

*﴿ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾، [الغاشية: 88 // 20].

*﴿ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴾، [الشمس: 91 // 6].

إذن، فالشمس هي نواة الأرض التي انفصلت عنها بسبب الاصطدام العظيم، وتخلت عنها الأرض بسبب دحيها. لهذا، فكل الكواكب، وكل ما في السماء الدنيا من أحجار، وأقمار، وجبال؛ والأرض لهم جاذبية نحو الشمس؛ كأنها تمثل الأم التي تمتد نحوها أيادي فلذات أكبادها. فمن هذه الزاوية الكل تصله أشعة الشمس، وبمفهوم آخر، فالشمس هي التي تزود فلذات أكبادها بالطاقة، كما يحتاج الرضيع إلى حليب أمه. كما أن للشمس فلكا تجري فيه، كما جاء قوله، جل وعلا:

*﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ۞ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ۞ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾، [يس: 36 // 38- 40].

فمن خلال هذه الآيات الكريمات نستنبط أن الشمس تسبح في فلكها، وتقدر سرعتها ب: 000 720 كلم/ س. أي أن الشمس تقطع في اليوم الواحد: 000 280 17 كلم. كما أن هناك سرعة أخرى تفوق هذه السرعة بكثير فتجاوزت عنها، واعتمدت على هذه السرعة لما فيها من المعقولية والمنطق. وهذه المسافة المقطوعة تعني كذلك محيط فلك الشمس.

﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ﴾، نستنبط منها أن الشمس تجري إلى أن تستقر، أي تقف. فكيف يمكن للشمس أن تقف يوما من أيام المستقبل، وتستقر في مكان واحد؟! هذا ما نستنبطه من قوله، جل وعلا:

*﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾، [التكوير: 81 // 1].

إن الشمس تجري في فلكها المائل، انظر الشكل: 57.

dp0wakwoqf1960hz9y7s.gif

فهذا الفلك المائل يجعل الشمس تجري في منحدر بسرعتها المعروفة، وعند الصعود تكون لديها قوة دافعة التي اكتسبتها من خلال جريانها في المنحدر.

 

والشمس على شكل قرص كما سبق الذكر بسبب الاصطدام العظيم، وبما أنها كانت كروية الشكل فلابد من استرجاع كرويتها، وهذا مع طول الزمن، لذلك جاء قوله، عز وجل:﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾، فهذا التكوير هل سيحدث تغييرا؟ بالطبع، لأن قوله، جل وعلا :] وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا (، أي أنها تجري في فلكها وهي تتمدد إلى أن تصير كروية الشكل، وفي هذه اللحظة سوف يتغير حجمها وكتلتها وسرعتها، وعندما ترتفع لا تتمكن من إكمال الصعود، فتتباطأ سرعتها شيئا فشيئا، فحينها سوف ترجع من جهة الغرب...

كما جاء في الحديث النبوي الشريف: قال رسول الله، (صلعم):{لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن من عليها فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل}1؛ وهذا الحديث جاء تفسيرا لقوله تعالى:

*﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ ﴾، [الأنعام: 6 // 158].

وقوله أيضا، عز وجل:

*﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾، [الدخان: 44 // 10].

وهذه الآية الأخيرة فيها تفسيران، والراجح ما عناه الحديث النبوي الشريف. فتشرق الشمس آنذاك من الغرب، ثم تجد أيضا مرتفعا فلا تستطيع صعوده ثم تنتهي سرعتها، وبهذا تنتهي حركتها فتستقر؛ كما جاء في قوله، جل وعلا:

*﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾، [يس: 36 // 38].

انظر الشكل 58.

tfkcj13i55sk5dcwvc75.gif
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الإمام أحمد بن علي بن حجر العسقلاني: فتح الباري، ص: 167.

 

 

المشرق والمغرب:

لعل الشمس تشرق ثم تغرب، هذا ما يدل على اتجاهين وهما المشرق والمغرب. وفي القرآن الكريم، نجد آية ذكرت المشرق والمغرب، وآية ذكرت المشرقين والمغربين، وآية ذكرت المشارق والمغارب؛ كما جاء قوله، عز وجل:

*﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾، [المزمل: 73 // 9 ].

*﴿ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ﴾، [الرحمن: 55 // 17].

*﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ﴾، [المعارج: 70 // 40].

لقد اختلف المفسرون، وأصحاب الإعجاز العلمي في تفسير هذه الآيات... ومعاني هذه الآيات كثيرة، نجد من بينها ما يلي:

- لعل الشمس تشرق من جهة الشرق، والقمر يشرق من جهة الغرب.

- إن الشمس تشرق من جهة الشرق، وتغرب من جهة الغرب، ويوم تكور الشمس سوف تشرق من الغرب.

- لعل كوكب الزهرة يدور بالاتجاه المعاكس لكل الكواكب، هذا يدل على أن الشمس تشرق عليه من جهة الغرب، وتغرب عليه من جهة الشرق...

- والنجوم تشرق من جهة الشرق، وتغرب من جهة الغرب .

- والكواكب تشرق من جهة الشرق، وتغرب من جهة الغرب.

- والقمر يشرق من جهة الغرب، ويغرب من جهة الشرق.

فهذا يدل على أن هناك مشرق واحد، ومغرب واحد، لأن إذا شرقت الشمس أشرقت على الأرض، والكواكب... من جهة الشرق.

وإذا أشرقت الشمس من جهة الشرق، فالقمر يشرق من جهة الغرب، وبذلك يكون مشرقين، ومغربين.

وإذا أشرقت الشمس من جهة الشرق، وأشرقت الكواكب والنجوم من جهة الشرق، إذا فهناك مشارق، ومغارب...

ولكن نريد أن نثير الانتباه أن فلك الشمس ليس قارا، بل يتنقل من اليسار إلى اليمين على مدار السنة؛ بحيث يتحرك من جهة الجنوب إلى جهة الشمال في مدة ستة أشهر الأولى، ثم يعود إلى جهة الجنوب في نفس المدة.

وهذا الانتقال يسفر على ظلام مستمر في الستة الأشهر الأولى في القطب الشمالي، وظلام مستمر في ستة الأشهر الثانية في القطب الجنوبي. من هذه الزاوية، فنقطة انطلاق الشمس من الشرق فهي: مشرق، ونقطة مغربها فهي: مغرب. والنقطتين من جهة الشرق فهما مشرقين، والنقطتين من جهة الغرب فهما مغربين. وكل نقطة تشرق منها الشمس طيلة السنة، فهي مشارق، وكل نقطة تغرب فيها الشمس طيلة السنة، فهي مغارب، انظر الشكل: 59.

l65ihq37byv3zu2yf4kt.gif

فالمشرق رقم 1 كما يبين الشكل: 59 والمشرق رقم 2 هما المشرقين؛ والمغرب رقم 1 والمغرب رقم 2 هما المغربين. وكل نقطة تشرق منها الشمس فجميعها مشارق، وكل نقطة تغرب فيها الشمس فجميعها مغارب. ومن المشرق رقم 1 إلى المشرق رقم 2 يدل على اتجاه واحد، وهو المشرق، ومن المغرب رقم 1 إلى المغرب رقم 2 يدل على اتجاه واحد، وهو المغرب. ومن هذا الباب كان معنى المشرق والمغرب، والمشرقين والمغربين، والمشارق والمغارب لهم معاني ودلالات كثيرة في الكون. أما الاتجاهات فهناك أربع اتجاهات فقط: المشرق، المغرب، السماء (العلو)، الأرض (الأسفل). أما تنقلات فلك الشمس من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين، تسفر عن تقلبات المناخ، وبالتالي تتعاقب فصول السنة. وحركة الشمس جد متقنة، وبحساب موزون، كما جاء في قوله، سبحانه وتعالى:

*﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾، [الرحمن: 55 // 5].

وجاء في تفسير هذه الآية:[ الشمس والقمر يجريان بحساب معلوم في بروجهما، ويتنقلان في منازلهما لمصالح العباد. قال ابن كثير: أي: يجريان متعاقبين بحساب مقنن لا يختلف ولا يضطرب]1. انظر الشكل: 60.

dyiyap28ogrt7fej7w2a.gif

ففي الشكل: 60 نرى الشهور تبدو وكأنها غير مرتبة، ولكن في الحقيقة إنها مرتبة جيدا، لأن فلك الشمس عندما ينتقل في صعوده من شهر يناير إلى شهر يونيو يكون قد انتقل في ستة منازل، وعندما ينزل ينتقل كذلك في ستة منازل؛ إلا أن المنازل التي حل فيها أثناء الصعود لا ينزل فيها أثناء النزول، ماعدا شهر دسمبر المنزلة الأخيرة التي ينزل فيها ثم يصعد؛ وكذلك بالنسبة لشهر يونيو المنزلة العلوية النهائية التي يصعد إليها ثم ينزل...

كما أنني قد راقبت غروب الشمس على خط جبل يمتد من الشمال إلى الجنوب على مدار السنة، فماذا لاحظت؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- محمد علي الصابوني: صفوة التفاسير، مج: الثالث، ص: 279.

 

 

لقد لاحظت أن الشمس تنتقل على طول هذا الجبل لمدة ستة أشهر، ثم تعود لتكمل السنة؛ كما يبين الشكل: 61.

xz3ovh3teppenwfmfgfe.gif

وتستغرق حوالي 143 ثانية لكي تختفي وراء الجبل، فإذا اعتمدنا على سرعة:

000 720 كلم/ س. فسوف نجد: 600 28 كلم، فهل هذه المسافة هي قطر الشمس، أم هي المسافة المتبقية للغروب؟! لأن هناك حساب آخر لقطر الشمس الذي يساوي:

000 392 1 كلم؟! كما أن هناك أرقام أخرى...

ومن وجهة أخرى، يعتقد العلماء أن الشمس نجم من النجوم التي نراها؛ وهي أقرب نجم للأرض...

وبما أننا نقول أن الشمس هي نواة الأرض، فالنجم والنواة شيئان يختلفان في بنيتهما، والنجوم تولد وتموت، وتنفجر، ويتغير لونها...

أما الشمس تتمدد، ولا تموت، ولا تولد لأنها نواة، ولا يتبدل لونها على مر السنين.

كما يعتقدون أن هناك شموسا وأقمارا كثيرة! ونجد أصحاب الإعجاز العلمي ساندوا هذا الاعتقاد، واستدلوا عليه بالآية:

*﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾، [فصلت: 41 // 37].

وكانت كلمة (خلقهن) هي اللغز الذي جعلهم يؤيدون هذا الاعتقاد. وكان السؤال المطروح: لماذا قال الله، جل وعلا: خلقهن، ولم يقل خلقهما؟ وكان جوابهم: لأن هناك شموس وأقمار كثيرة...

لقد نسي هؤلاء، أن هذه الآية جاءت تنهي عن عبادة الشمس والقمر، لأن الإنسان جعل آلهة الشمس والقمر فعبدها، وظل عليها عاكفا... فأرسل الله، جل وعلا، رسله ينهون عن عبادتها؛ ونجد هذا مذكورا حتى في التوراة... ومن بين آلهة الشمس والقمر التي عبدها الإنسان نجد:

- إله الشمس عند الرومان واليونان هو: أبولو.

- إلهة الشمس عند اليونان هي: هيليوس.

- إلهة الشمس عند الرومان هي: سول.

- إلهة القمر عند اليونان هي: لونا.

- إلهة القمر عند الرومان هي: سيلين.

- إله الشمس عند الفارسيين هو: ميثراس، أو ميثرا.

- إله القمر عند الأشوريون والبابليون والكلدانيون هو: سين.

- إلهة القمر في الديانة المصرية القديمة هي: خونسو، أو خونس.

- إلهة القمر عند اليونانيين هي: ديانا.

كما اشتهرت الجزيرة العربية بعبادة الشمس والقمر، وكذلك سبأ، التي جاء ذكرها في القرآن الكريم:

*﴿ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴾، [النمل: 27 // 24].

كما أنه لا يسعنا أن نذكر كل آلهة الشمس والقمر التي عبدها الإنسان من دون الله، جل وعلا، على مر السنين؛ فإننا نقف هنا لنبين معنى (خلقهن).

فهذه الآلهة التي نحتها الإنسان بيده وجعل لها رموزا ومعابد، منحوتة من الحجارة، والحجارة من خلق الله، عز وجل، إذا فالنهي كان موجها للإنسان أن لا يعبد هذه الآلهة الحجرية السالبة، كما أنه منهي على عدم السجود لا للشمس، ولا للقمر.

كما أن كلمة (خلقهن) هي كلمة مؤنثة، ونحن نعلم أن الشمس مؤنثة، والقمر مذكر، كما بينت لنا ذلك رؤيا سيدنا يوسف، عليه السلام، في قوله، جل وعلا:

*﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾، [يوسف: 12 // 4].

وكان تفسير الرؤيا كذلك قوله، عز وجل:

*﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾. [يوسف: 12 // 100].

فكان تفسير الرؤيا هو أن الشمس أمه، والقمر أبوه، والكواكب إخوانه... فمن هذه الزاوية الشمس مؤنثة، والقمر مذكر.

وكما نعلم أن هناك الموجب الذي يمثل الذكر، الخير، الحسنة، الطيب... والسالب يمثل الأنثى، الشر، السيئة، الخبيث...

فمن هذا الباب، كلمة (خلقهن) تقصد ما هو سالبا، خبيثا، سيئا... لذلك جاءت مؤنثة، وربما كذلك لعدد آلهة الشمس والقمر التي عبدها الإنسان كانت أسماء أنثوية، أو هما معا...

كما أنني لا أنفي إطلاقا وجود شموس وأقمار أخرى، ولكن بمفهوم آخر، أي ربما تكون شمسا وقمرا في كل سماء، وعدد السموات سبعة يعني سبعة شموس، وسبعة أقمار، وهذا اعتقاد فقط؛ لأن الآية الكريمة، تقول:

*﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾، [فصلت: 41 // 12].

ربما في أمر كل سماء كان خلق شمس وقمر! إلا أنني أعتقد حتى لو كانت في السموات الأخرى شموسا وأقمارا، سوف لن تكون مثل شمسنا وقمرنا من حيث المادة، والبنية، والضياء، والحجم، والكتلة؟!..

وقد يتيه الباحث بين المعلومات، والقياسات العلمية لعدم ضبطها؛ والتي نجدها سواء في الموسوعات العلمية، أو الكتب، أو في شبكة الانترنيت متباينة. فمثلا سرعة الشمس نجدها كما يلي:

- سرعة الشمس أكثر من 200 كلم في الثانية.

- سرعة الشمس 000 300 كلم في الثانية.

- سرعة الشمس 230 مليون كلم في الثانية.

- سرعة الشمس 217 كلم في الساعة.

فالباحث هنا على أي سرعة سيعتمد؟! وبما أن النظريات العلمية ليست حقائق مطلقة، هذا ما يجعل الإنسان يميل إلى أقرب النظريات إلى إدراكه وفهمه...

كما أن الشمس ذكرت في القرآن الكريم 33 مرة، فلو كانت هناك شموس أخرى لذكرت في صيغة الجمع ولو مرة واحدة كما هو الشأن بالنسبة لذكر السماء، والسموات؛ والأرض، والأراضي... ونجد أيضا في القرآن الكريم آية القسم بالشمس، كما جاء في قوله، جل وعلا :

*﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾، [الشمس: 91 // 1].

فالقسم هنا بشمس واحدة، ولم يأت القسم بها إلا لعظمة صنع الخالق، عز وجل. فكل الكواكب، والكويكبات، وباختصار كل ما يوجد في سماء الدنيا من مادة، والأرض تحت جاذبية الشمس، ويستمد الطاقة من خلال أشعتها...

 

نهاية الشمس:

*﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾، [التكوير: 81 // 1].

*﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾، [يس: 36 // 38].

*﴿ وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾، [القيامة: 75 // 8- 9].

[ هذه الآيات بيان لأهوال القيامة وما يكون فيها من الشدائد والكوارث، وما يعتري الكون والوجود من مظاهر التغيير والتخريب. والمعنى: إذا الشمس لفت ومُحي ضوءها]1.

[﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ ﴾ أي: ذهب ضوءه وأظلم ﴿ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾ أي: جمع بينهما يوم لقيامة وأُلقيا في النار ليكونا عذابا على الكفار. قال عطاء: يجمعان يوم القيامة ثم يُقذفان في البحر، فيكون نار الله الكبرى]².

*﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾، [العنكبوت: 29 // 54].

*﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ۞ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ۞ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾، [التكاثر: 102 // 5- 7].

*﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ۞ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ۞ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ۞ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ۞ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ﴾، [الهمزة: 104 // 5- 9].

فمن خلال هذه الآيات الكريمة يتضح أن نهاية الشمس هو الاستقرار في مكان مخصص لها، ويُخسف القمر؛ والخسف له معنيان:

- المعنى الأول في لسان العرب: [وخسف الله به الأرض خسفا أي غاب به فيها؛ ومنه قوله تعالى:

*﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾، [القصص: 28 // 81].

الأزهري: [وخسف بالرجل وبالقوم إذا أخذته الأرض ودخل فيها.]، [لسان العرب].

- المعنى الثاني: هو ما ذهب إليه أهل التفسير أي: ذهب ضوء القمر.

والراجح هنا على حسب اعتقادي أن الشمس عندما تستقر سوف تجذب إليها القمر فتبتلعه، أي يصير في جوفها. وبهذا المعنى يكون جمع الشمس والقمر. وبما أن التفسير يشير إلى قذف الشمس والقمر في البحر فيصير الكل نار الله الكبرى، أي جهنم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - نفس المرجع السابق، ص: 465.

2- نفس المرجع، ص: 465.

 

 

وهذا لا أستبعده، مادام هناك الآية الكريمة، تقول:

*﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾، [البقرة: 2 // 24].

فالنار وقودها الناس والحجارة، وقد جاء في التفاسير أن الحجارة هي: حجارة الكبريت. وقد يكون في أعماق البحار الكبريت؛ مما يجعلني لا أعارض هذا التفسير... وقد يوجد في القمر أيضا حجارة الكبريت بوفرة...

وبما أن الآية الكريمة تقول بأن جهنم محيطة بالكافرين؛ فالبحر محيط بالناس جميعا؛ والآية الكريمة تقول:

*﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾، [التكوير: 81 // 6].

[﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾، أي: وإذا البحار تأججت نارا، وصارت نيرانا تضطرم وتلتهب]1.

أما الآية الكريمة التي تؤكد لنا أن الإنسان لو كان عنده علم اليقين لرأى الجحيم في الدنيا، ثم سوف يراها عين اليقين في الآخرة. فهذا اليقين يتجلى أولا في منفعة الناس بمزايا الشمس، يعني أن الإنسان استغل نعمة الله، جل وعلا، وجحده، فكان جزاءه بما استغل منفعته، فكانت هي الشمس والقمر.

ونلاحظ أن الإنسان عندما يستجم في البحر في عطلة الصيف ينضج جلده... ونجد الآية الكريمة تقول:

*﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾، [النساء: 4 // 56].

إذا، فهذه إشارة تبين لنا أن الشمس والبحر إذا تعرض الإنسان إليهما نضج جلده، فيتعذب أياما حتى يتبدل الجلد الناضج بجلد آخر...

والآية الكريمة التي تقول: بأن الحطمة تطلع على الأفئدة، وأنها علينا موصدة، في عمد ممددة. فالشمس هي التي تتمدد إلى أن تصير كروية الشكل كما سبق الذكر، وأشعتها تنفذ في باطن الإنسان لتمده بالمنافع التي يحتاجها، فمثلا تدعم العظام بفيتامين: (D)... فهذه الآية فيها إشارة إلى أن الشمس هي جهنم.

*﴿ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ۞ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ﴾، [المرسلات: 77 // 32- 33 ].

قال ابن كثير: يتطاير الشرر من لهيبها كالحصون كأنه جمالت (هكذا)1 صفر أي: كأن شرر جهنم المتطاير منها الإبل الصفر في لونها وسرعة حركتها. قال الرازي: شبّه تعالى الشرر في العظم بالقصر، وفي اللون والكثرة وسرعة الحركة بالجمالات الصفر. وهذا التشبيه من روائع صور التشبيه...]².

*﴿ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ﴾، [الملك: 67 // 7].

فهذه الآية الكريمة تبين لنا أن جهنم لها صوت مرعب، وفوران، والعلم الحديث يقول بأن الشمس تحتوي على مجموعة من الغازات... والغازات تنفجر، والانفجار يُحدث صوتا مرعبا، فما بالك من انفجارات متتالية بدون توقف! والانفجارات العظيمة تقذف بشرر ذا حجم كبير جدا، ولون الشمس أصفر؛ فهذا ما يزيد لنا من التأكد من أن جهنم هي الشمس التي نراها.

والآية الكريمة التي تشير إلى إمكانية رؤية جهنم في الدنيا، تزيد لنا من التأكد بأن الشمس هي جهنم. و زفير جهنم، وشهيقها، وغليانها هو ما أثبته العلم في عصرنا بالنسبة للشمس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الصواب: جمالات.

2- نفس المرجع السابق، ص: 483.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقتبس من كتاب: حكمة الوجود. للكاتب: محمد معمري.

Share this post


Link to post
Share on other sites

أخي المحترم علاوي ياسين المحترم،

 

لن أتعرض لما جاء في كتاب حكمة الوجود للكاتب محمد معمري من نظريات خاطئة لا تمت للعلم من جهة وبعيدة كل البعد عن علم الفلك وسأكنفي بما جاء لتفسيره للجهنم - وقانا الله وإياكم منها برحمته -

والراجح هنا على حسب اعتقادي أن الشمس عندما تستقر سوف تجذب إليها القمر فتبتلعه، أي يصير في جوفها. وبهذا المعنى يكون جمع الشمس والقمر. وبما أن التفسير يشير إلى قذف الشمس والقمر في البحر فيصير الكل نار الله الكبرى، أي جهنم.

 

وهذا خطأ بين وتبسيط لهول جهنم وما ثبت أنها لا تبقي ولا تذر ولا يمكن أن يحيط بما جاء فيها عقل بشر.

Share this post


Link to post
Share on other sites
أخي المحترم علاوي ياسين المحترم،

 

لن أتعرض لما جاء في كتاب حكمة الوجود للكاتب محمد معمري من نظريات خاطئة لا تمت للعلم من جهة وبعيدة كل البعد عن علم الفلك وسأكنفي بما جاء لتفسيره للجهنم - وقانا الله وإياكم منها برحمته -

والراجح هنا على حسب اعتقادي أن الشمس عندما تستقر سوف تجذب إليها القمر فتبتلعه، أي يصير في جوفها. وبهذا المعنى يكون جمع الشمس والقمر. وبما أن التفسير يشير إلى قذف الشمس والقمر في البحر فيصير الكل نار الله الكبرى، أي جهنم.

 

وهذا خطأ بين وتبسيط لهول جهنم وما ثبت أنها لا تبقي ولا تذر ولا يمكن أن يحيط بما جاء فيها عقل بشر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة الشمس والقمر، والبحار على أنها سوف تكون نار الله، جل وعلا، الكبرى ليست من نظرية هذا الكاتب، بل هي معروفة في التفاسير والكتب التي تحدثت عن جهنم...

* أما إن كانت نظريات هذا الكاتب صحيحة، أو خاطئة فأنا نقلتها من أجل النقاش لسبب واحد وهو أن كثير من الناس اليوم سواء مسلمون أو غير المسلمون أصبحوا يفنذون كل ما جاء به العلم؛ ويزعمون أنه ترويج للأكاذيب العلمية من طرف منظمات التي يفوق عددها 70 منظمة وعلى رأسهم منظمة الصحون الطائرة...

كما أن العلماء يقرّون بأن الاعتقادات العلمية ليست حقائق مطلقة.. فأين الحقيقة عندما نكذب هذا ونصدق هذا ونغض البصر عن هذا؟؟؟

يقول أحد المفكرون المسلمون: حان وقت الصحوة.. لقد عشنا زمنا مغلوطا بكل المفاهيم...

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now

×