Jump to content
Sign in to follow this  
الزعيم

الطاقة الحية

Recommended Posts

ربما تشكل تيارات المياه البطيئة في المحيطات والأنهار مصدرا موثوقا للطاقة البديلة والمقبولة السعر أيضا ، فأخيرا اخترع المهندس مايكل برنيتساس من جامعة ميشيجان آلة تعمل كالسمكة وتحول الذبذبات المدمدمة في السوائل المتدفقة بهدوء إلى طاقة نظيفة ومتجددة .

 

تحمل هذه الآلة اسم «فيفاس» Vivas المُشتق من كلمة يونانية معناها الطاقة الحية ، ولكنها رُكبت كي تختصر عبارة معناها «الذبذبات الناتجة من حركة دوران التيار لتوليد طاقة مائية نظيفة» ، وتعتبر أول آلة معروفة تقدر على التعامل الكمي مع الطاقة الكامنة في معظم التيارات المائية البطيئة في أرجاء الكرة الأرضية ، إذ أنها تعمل داخل تيارات تقل سرعتها عن عقدتين (العقدة تساوي سرعة ميل بحري في الساعة) .

والمعلوم أن معظم التيارات المائية العميقة تتحرك بسرعة تقل عن 3 عقد ، وفي المقابل تحتاج طوربينات السدود المائية وطواحين الماء إلى معدل 5 إلى 6 عقد لكي تستطيع توليد الكهرباء في شكل فعال ؛ ولذا تبدو بديهية الإشارة إلى أن هذه الآلة لا تعتمد على الأمواج ولا على حركتي المد والجزر ولا تستعمل الطوربينات ولا تقتضي إنشاء السدود , ويمكن وصفها بأنها نظام طاقة فريد يعتمد على علم حركة السوائل في حال الميوعة ، ويعمل بفضل «الذبذبات الناتجة من حركتي الدوران والتدويم» .

 

من المستطاع شرح آلية عمل «فيفاس» انطلاقا مما هو معروف علميا من أن الذبذبات الناتجة من حركة دوران الماء (أي التدويم) تأتي على هيئة تموجات دائرية أو أسطوانية الشكل ، وتظهر أثناء عملية تدفق السوائل بل قد تصطحب معها بعض التيارات الهوائية أيضا .

وبوضع الآلة «فيفاس» في خضم تلك التيارات ، ينشأ وضع يشبه وضع «عُقْدَة» بمواجهة التدفق السائل ، ما يؤدي إلى نشوء تيارات لها هيئة دوامات مائية ، تتخذ شكلا معينا عند طرفي الآلة . وتعمل الدوامات على دفع الآلة ذهابا وإيابا أو يمنة ويسرة ، بطريقة تُذكر بتحريك السمكة لذيلها ، في شكل متعامد مع التيار الرئيسي للماء ، وبرغم نشوئها في تيارات بطيئة ، فإن مقدار الطاقة التي تختزنها الدوامات ليس هينا أبدا .

وفي تصريحات ظهرت في أكثر من مجلة علمية ، أوضح برنيتساس مطور آلة «فيفاس» - وهو أستاذ في قسم هندسة بناء السفن والهندسة البحرية في جامعة ميشيجان - عمل آلته بالقول : «خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية ، عمل المهندسون بدأب وأنا من بينهم على إلغاء الذبذبات الناتجة من الدوامات ، أما الآن فنحن نقوم بالعكس تماما في جامعة ميشيجان , إننا نسعى إلى تعزيز تلك الذبذبات بهدف ترويض هذه الطاقة الطبيعية القوية والمدمرة » ، وأعطى مثلا عن مصدر إلهامه في استنباط الطاقة من تيارات الماء البطيئة ، فقال : «إن الأسماك قد أحسنت استعمال هذه الذبذبات الناتجة من الدوامات لمصلحتها » ، وتتضمن كلماته إشارة إلى الشبه بين حركتي «فيفاس» وذيل السمكة .

وتابع برنيتساس كلامه قائلا : تنقل آلة «فيفاس» بعض خصائص تقنية الأسماك ، فمن المعلوم أن الأسماك تلوي أجسامها لتنزلق بين الدوامات ، وتبقى في ظل الأسماك السابحة أمامها ، ولنلاحظ أن أجسامها تعجز بمفردها عن الاندفاع إلى الأمام عبر المياه بالسرعة التي تتنقل بها ؛ لذا تتقدم الأسماك في ظل بعضها البعض .

ويفسر ذلك جزئيا بعض المكاسب التي تجنيها الأسماك من ترحالها على هيئة أسراب كبيرة العدد ؛ إذ تصبح حركتها أكثر انسيابية وسهولة ، في المقابل تجدر الإشارة إلى أن الجيل الحالي من الآلات التي صممها برنيتساس لا يشبه الأسماك على الإطلاق .

وبرغم ذلك يصر المهندس على القول إن النسخ المستقبلية من «فيفاس» تحمل ما يشبه الذيل ، كما تشتمل على سطح خشِن يذكر بحراشف الأسماك أيضا ، والحق أنه يعمل في مختبره على نماذج تُشبه القوالب الأسطوانية الطويلة المربوطة برفاسات متفاوتة القوة .

وخلال التجارب يبقى القالب الأسطواني معلقًا وسط الدفق المائي في خزان بحجم جرار كبير أو مقطورة سيارة صغيرة رُكبت في غرف ضمن «مختبر الطاقة البحرية المتجددة» الذي يشرف عليه ، وتتدفق المياه في تلك الأوعية بسرعة لا تزيد على 1.5 عقدة .

ويضيف برنيتساس أن الطاقة التي قد تنتجها آلة «فيفاس» مستقبلا تكلف زهاء 5.5 سنتا للكيلووات في الساعة . وتكلف طاقة الرياح 6.9 سنتات للكمية عينها ، في حين أن الكلفة نفسها تصل إلى 4.6 في الطاقة النووية ، وكذلك تتراوح الكلفة عينها بين 16 و48 سنتا في حال استخراجها من طاقة الشمس ، وذلك رهنا بالمناخ السائد في الموقع الذي تُشيد فيها ألواح الطاقة الشمسية ومحطاتها .

في هذا الصدد قال برنيتساس أيضا : «لن يتوافر حل وحيد وحصري بالنسبة إلى تلبية حاجات الطاقة عالميا ، وفي المقابل إذا استطعنا ترويض كسر بالألف من الطاقة الكامنة في أحد المحيطات الكبرى فقد نغطي حاجات الطاقة لما يفوق 15 بليون نسمة» .

وفي السياق عينه أجرى الباحثون أخيرا دراسة جدوى اقتصادية كشفت أن الآلة «فيفاس» قد تنجح في سحب الطاقة من نهر ديترويت ؛ ولذا ينكب فريق علمي حاليا على تركيب نموذج منها في ذلك المكان ، ويُتوقع الانتهاء من إعداده في غضون 18 شهرا .

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×