Jump to content
Sign in to follow this  
سلمان رمضان

«نيو هوريزنز»في رحلة تاريخية الى كوكب«بلوتو»

Recommended Posts

يفتتح عام 2006 على حدث فضائي بامتياز، يتمثل في اطلاق «وكالة الفضاء والطيران الاميركية» (ناسا) المسبار الفضائي «نيوهوريزنز»، في مهمة طويلة الاجل تتضمن الدوران حول كوكب «بلوتو» Pluto وقمره «شارون». ويعتبر المسبار، الذي يطلق في وقت لاحق من شهر كانون الثاني (يناير) الجاري، المركبة الفضائية الاولى تاريخياً التي تصل الى الكوكب الأبعد في المجموعة الشمسية. ومن المتوقع ان يصل عام 2015، عندما يكون الكوكب في نقطة قريبة نسبياً من الارض.

ويتكرر هذا الاقتراب عام 2230. ويبدي المجتمع العلمي اهتماماً كبيراً بهذه المهمة الفضائية، ببساطة لان «بلوتو» مازال كوكباً شبه مجهول.

فمنذ اكتشافه عام 1930 على يد عالم الفلك الاميركي كلايد تومبوه، لم يتقدم العلم كثيراً في اكتشاف هذا الكوكب الذي يقبع في الطرف البعيد من النظام الشمسي. ولا يتردد موقع « الناسا» على الانترنت في الاشارة الى ضآلة المعلومات عنه. وينقل الموقع عن خبير في «مؤسسة ابحاث الفضاء» في جامعة بولدر ألن ستيرن رأياً مفاده ان قلة المعلومات عن ذلك الكوكب تصل الى حد ان العلماء لا يعرفون ما هي الامور التي يجهلونها عن «بلوتو»! وفي سياق متصل، فقد اختتم عام 2005 على اكتشاف علماء «ناسا» قمرين صغيرين يدوران حوله، اضافة الى القمر «شارون»، الذي اكتشف عام 1978.

وأحدث الاكتشاف المفاجئ دوياً في اوساط وكالة «ناسا». وعقد اجتماع مشترك بين مسؤولي رحلة «نيوهوريزنز» ومُكتشفي الاقمار الجديدة. واستنتج المجتمعون ان هذين القمرين لا يؤثران في الرحلة المقررة للمسبار الفضائي الى ذلك الكوكب القصيّ.

ومن المعلومات الشائعة عن «بلوتو» انه يبعد بمقدار 5.9 بليون كيلومتر من الشمس، اي اربعين ضعف المسافة التي تفصل كوكبنا عن شمسه.

ويحتاج الضوء الى 4 ساعات ليقطع تلك المسافة، فيما يلزمه نحو 6 دقائق ليعبر من الشمس الى الارض. ولا يزيد حجمه عن 0.2 في المئة من حجم الارض. ويعتقد بانه شديد البرودة، فلا تتجاوز الحرارة على سطحه 233 درجة مئوية تحت الصفر. وتبلغ قوة اشعة الشمس عُشر ما تكونه على الكرة الارضية.

ويدور «بلوتو» حول نفسه ببطء، لذا يعادل كل يوم فيه 6.4 من ايام كوكبنا. وبسبب بعده الكبير عن الشمس، يحتاج ذلك الكوكب الى 248 سنة لاتمام دورة كاملة حولها. وبعبارة اخرى، فان كل اربع سنوات على «بلوتو» تساوي نحو ألف سنة على الكرة الارضية. ويدور قمره «شارون» على مسافة قريبة جداً منه، الى حد انه يشاركه بعضاً من غلافة الجوي. وتُمثل علاقة «بلوتو» بقمره ظاهرة متفردة في النظام الشمسي.

user posted imageبفضل مجسّات متطورة المسبار «نيوهوريزنز» يتفحص كوكب «بلوتو» في عام 2015

اذن، يسعى المسبار «نيوهوريزنز» لتقصي هذا السر الدفين في الفضاء الكوني، على حدود ما يسمى «حزام كيبور» Kuiper belt، وهو طوق كبير يحيط بالنظام الشمسي ويعتبر جزءاً من حدوده. ويحتوي ذلك الحزام على عدد كبير من الاجسام المتفاوتة الحجم، تدور في مسارات شديدة التباين.

وبحسب ما تُخطط له وكالة «ناسا»، فمن المُقرر ان يتخطى ذلك المسبار «بلوتو»، بعد ان يدور حوله لفترة من الزمن، ثم يدخل نطاق «حزام كيبور»، ليستطلع محتوياته. والمعلوم ان هذا الحزام الفضائي يعتبر مصدراً للمذنّبات التي «تتجول» بين الكواكب السيّارة. ويقترب بعضها من الارض، مثل مذنب «هالي» الشهير.

وسجلت بعض حوادث التصادم بين المذنّبات والكواكب، مثلما حدث في الاصطدام بين مذنب «هالي - شوماخر» والمُشتري، في أواخر التسعينات من القرن العشرين. ويمثّل احتمال اصطدام المذنبات بالارض، احد الهواجس الثابتة لسكان الارض وعلمائها. ولم ينج الخيال الانساني من اثر هذا الاحتمال المرعب. وصنعت هوليوود غير شريط سينمائي من وحي ذلك الاحتمال الكارثي مثل «ديب امباكت» و «ارماجديون» و «الهاوي» وغيرها.

سر «حزام كيبور»

ما الذي يربط الارض وكواكب النظام الشمسي بحزام «كيبور»؟ ولماذا تعتقد كثرة من العلماء ان تفحص الاجسام التي تدور في ذلك الحزام يمكن ان يلقي الضوء على اصل النظام الشمسي؟

المعلوم ان النظريات العلمية الاكثر رواجاً راهناً تميل الى القول ان النظام الشمسي تكوّن من جسم فضائي مهول الحجم، ربما قبل نحو 4.5 بليون سنة.

وفي تلك الاوقات الغابرة، تجمعت كتلة كبيرة من الغبار الفضائي، لتُشكل جسماً متلاصقاً ودواراً وشديد الكثافة وهائل الوزن. ثم انفجر ذلك الجسم، تحت وطأة عوامل كونية متعددة، في طريقة تشبه الانفجارات النووية. وبهذه الطريقة العنيفة، بحسب تلك النظرية التي ترجحه بأصلها الى الفلكي الفرنسي بيار - سيمون لابلاس، تشكّلت الشمس على هيئة هي عبارة عن فرن نووي هائل. وتُمثّل أيضاً المركز الذي يدور حوله كل ما نتج من انفجار الجسم الكوني الفائق الضخامة. واحتفظت الشمس بمعظم كتلة ذلك الجسم وجاذبيته، فيما تناثرت بقاياه حولها.

user posted imageوكالة «ناسا» عادت للمشاريع الكبرى في اكتشاف الكون

وتجمعت معظم تلك البقايا لتؤلف الارض والكواكب السيّارة المعروفة (عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري، زحل، أورانوس، نبتون، وبلوتو) مُكوّنة نظامنا الشمسي. وتبقى تلك الكواكب مربوطة في دورانها بالشمس، التي تُمسك بجميع الاجرام في نطاقها بسبب جاذبيتها الهائلة. وتبقت نثرات من ذلك الانفجار الكوني الهائل، على هيئة الاجسام المتناثرة الكبيرة العدد، التي تدور في منطقة «حزام كيبور».

ولذا، تعتقد مجموعة كبيرة من العلماء ان اكتشاف تلك الاجسام وتركيبتها قد يعطي بعضاً من المعلومات عن اصل النظام الشمسي وتشكله تاريخياً. وينطبق الامر نفسه على كوكب «بلوتو» القريب أيضاً من ذلك الحزام. ومن الناحية العلمية، احدث اكتشاف «بلوتو»، قبل 75 سنة، انقلاباً مهماً في طريقة تفكير علماء الفلك بالنظام الشمسي.

فقبل ذلك الاكتشاف، الذي اضاف أيضاً كوكباً جديداً الى الكواكب السيَارة التابعة للشمس فصارت تسعة، اعتاد العلماء على تقسيم تلك الكواكب الى نوعين:غازي وصخري. وتضم قائمة الكواكب الصخرية الارض وعطارد والمريخ. وتحتوي المجموعة الغازية كواكب عملاقة الحجم مثل المشتري وزحل، اضافة الى نبتون واورانوس.

والحال ان «بلوتو» يمثل كوكباً «مختلفاً». ومن المعتقد انه يتكون من مزيج من صخور وثلوج وغازات متجمدة، أي انه شيء يشبه الخليط بين النوعين المذكورين سابقاً.

ولهذا، يصف استاذ علوم الفلك في «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا» رحلة المسبار الفضائي «نيوهوريزنز» بانها ابحار في الفضاء والزمن في آن معاً، لانها محاولة للعودة، بالفكر والمعلومات، طفولة النظام الشمسي وايامه الغابرة.

user posted imageالأميركي كلايد تومبوه اكتشف «بلوتو» قبل 75 سنة

غلاف جوي من ثلج...كالقمر

user posted imageتترافق ولادة الشموس مع احداث كونية عنيفة

في سياق المقارنة بين الكواكب السيّارة المنتمية لنظامنا الشمسي، يُذكر ان المريخ ليس لديه غلاف جوي، اذ يحيطه هواء صفيق يقلّ عما لدى الارض بنحو مئة ضعف.

وفي المقابل، يتكون الغلاف الجوي الضئيل للكوكب «بلوتو» من غاز النتروجين، ويقل حجمه عن نظيره المريخي بنحو ألف مرة، اي انه اقل كثافة من هواء الارض بنحو مئة الف مرة.

وبسبب الحرارة المنخفضة لـ «بلوتو»، فان غلاف النتروجين يتجمد كلياً! واضافة الى ذلك، من المعتقد ان القمر «شارون» يتألف من الجليد بشكل اساسي، ويُسمية بعض العلماء «القزم الثلجي».

ومن ناحية أخرى، يسير «بلوتو» وقمره على مقربة من «حزام كيبور»: المصدر الدائم للمذنبات الفضائية. ويعتقد بعض علماء الفلك ان ارتطام بعض تلك المذنبات بالارض، خلال المراحل الاولى من تشكّلها، ربما لعب دوراً في ظهور الماء على الارض، الى حد انها كانت مغمورة بالماء كلياً، في ازمان سابقة. والمعلوم ان مياه الكرة الارضية تلعب دوراً أساسياً في تكوين الغلاف الجوي واستمراريته.

ولتلك الاسباب وغيرها، يعتقد علماء في وكالة «ناسا» ان استطلاع الغلاف الجوي لذلك الكوكب ربما ساعد على فهم تفرد الارض، بين الكواكب السيارة الصخرية، بامتلاك غلاف جوي متنوع وكبير الحجم.

ويحتوي المسبار الفضائي «نيوهوريزنز» على لواقط ومجسات وأدوات تحليل متطورة. ويبث معلوماته الى الارض عبر موجات الراديو، لتلتقطها مجموعة من الرادارات العملاقة التي تمتلكها وكالة «ناسا» وتسميها «شبكة الفضاء العميق» Deep Space Network .

وتتوزع تلك الشبكة بين ولاية كاليفورنيا الاميركية واسبانيا واستراليا. وتعيد الرادارات بث موجات الراديو الآتية من مسبار «نيوهوريزنز»، بعد اعادة تجميعها وتقويتها، الى «مختبر الفيزياء التطبيقية» في جامعة جون هوبكنز الاميركية.

 

 

 

 

 

 

 

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×