Jump to content
Sign in to follow this  
سلمان رمضان

الكائنات تترك أثراً حياتياً بجيولوجية الأرض

Recommended Posts

إحدى المفارقات لاستكشاف سطح المريخ مؤخراً هي أنه كلما رأينا المزيد من هذا الكوكب، بدا مشابهًا للأرض رُغم الفارق الكبير المتمثل في وجود صور الحياة المعقدة على الأرض منذ آلاف ملايين السنين، في حين أن المريخ لم يشهد أبداً حياة أكبر من حياة حُيَيْ ضئيل (ميكروب) إن هو شهدها.

ويقول وليام دِيِتريتش William Dietrich أستاذ علوم الأرض والكواكب في جامعة كاليفورنيا California : "إن الروابي المقعّرة ، وقنوات الماء المتعرجة ، ومصبات الأنهار "الدلتا" ، وانتثار الطمي على المريخ كلها أشكال بالغة الألفة على الأرض ؛ مما يدعونا للتساؤل : أنستطيع القول إن الحياة تنتشر على الأرض من مجرد تضاريس الأرض وحدها، وفي غياب الأثر الواضح للبشر؟، وهل من المهم وجود الحياة عليها للإجابة على هذا السؤال؟".

لقد نشر وليام والطالب قيد التخرج ج. بيرون J. Perron أنه - لدهشتهما - لا بصمة متميزة في تضاريس الأرض دالة على الحياة [عنها في غيرها من الكواكب].

فقد قال وليام : "على الرغم من الأثر العميق للحياة النباتية الحيوانية على عملية التَحاتّ (تآكل التربة) ، ونشوء المظهر الفطري، فإن من المدهش أن لا وجود لأشكال تضاريسية يمكن أن تكون موجودة فقط في حضور الحياة ، وبالتالي فإن تضاريس الأرض في حد ذاتها قد لا تقدم مظهراً فطرياً غير عادي عن غيرها".

وبدلاً عن ذلك يقترح وليام وبيرون أن الحياة - كل شيء من أدنى النباتات إلى الحيوانات الرعوية الضخمة - تخلق أثراً حاذقاً على سطح الأرض غير واضح للعين العابرة : فالكثير من "الروابي الجميلة المحدّبة" كنموذج لمساحات الأرض الخَضَرية ، والقليل من الحروف الصخرية الحادة هي من تلك الآثار.

يقول وليام: "إن الروابي المحدّبة هي أخلص تعبير لتأثير الحياة على توزع تضاريس الأرض؛ فإذا كنا نستطيع السير عبر كوكب أرض زالت من على وجهه الحياة ، فسنظل نرى الروابي المحدّبة ، والجبال الصخرية الشاهقة ، والأنهار الملتوية ، إلخ ؛ غير أن تكررها النسبي سيتفاوت".

وعندما أحاط أحد علميي وكالة الفضاء الأمريكية ناسا وليام منذ بضع سنوات بأنه لم ير شيئاً على السطح الفطري للمريخ لا نظير له على السطح الفطري للأرض ، بدأ وليام يفكر في الأثر الذي يمكن أن يكون للحياة على التشكيلات السطحية ، وما إذا كان ثمة شيء هناك مميِّز لتضاريس الكواكب ذات الحياة مقابل الكواكب غير ذات الحياة.

فقال وليام ، وهو علمي التضاريس الذي درس لأكثر من 33 سنة عمليات التحات على سطح الأرض : "إن إحدى الأشياء القليلة المعروفة عن كوكبنا هو كيف أن الغلاف الجوي، وطبقة الليثوسفير Lithosphere والمحيطات تتفاعل مع الحياة لتنشئ التشكيلات السطحية ؛ فمعاينة بحث جرى حديثًا عن تاريخ الأرض يقودنا للاقتراح أن الحياة قد تكون ساهمت بقوة في تطور الدورات الجليدية العظمى ، وأثرت حتى في نشوء بناءات هضبية".

فقد لاحظ وليام أن أحد الآثار الرئيسية للحياة على السطح الفطري للأرض هو التحات "تآكل التربة"؛ وأن التخضير يميل إلى حماية الروابي من التحات، حيث تحدث الانهيالات أو الانهيارات الأرضية غالباً مع أول أمطار تعقب حريقاً ؛ ولكن الاخضرار يعجل أيضاً من التحات بكسر الصخور إلى قطع أصغر.

قال وليام : "حيثما تنظر، تتسبب الأنشطة النباتية الحيوانية في تحرك الرواسب إلى أسفل المرتفعات ، ومعظم تلك الرواسب يكونها وجود الحياة ؛ فجذور الأشجار والسناجب وحيوانات الوُمبات wombat الاسترالي تحفر جميعها في التربة وتخرجها مهلكة الطبقة التحتية ومحولة إياها إلى إثلَب (كسارة حجرية) تتدهور إلى أسفل المنحدرات".

ولأن شكل الأرض في عديد من المواضع هو توازن بين حَتُّ الأنهار الذي يميل لقطع المرتفعات إلى صخور أديمية مائلة، وبين انتشار التربة بفعل الحياة النباتية والحيوانية إلى أسفل المنحدرات ، والتي تعمل على تدوير الحواف المسننة ؛ فالروابي - وفقاً لوليام وبيرون - تكون بصمة للحياة.

قال بيرون: "هناك أشياء أخرى على المريخ مثل نشاط ذوبان الجُماد (الثلج المتجمد) الذي يكسر الصخور مكوناً الروابي المحدبة التي تُشاهد في الصور المأخوذة بواسطة مركبات ناسا".

كما أنهما تمعنا في التعرجات النهرية على الأرض والتي تأثرت بالاخضرار على جانبي المجرى؛ ولكن المريخ يُظهر تعرجات أيضاً ، وأن الدراسات على الأرض أوضحت أن الأنهار التي تقطع أرضاً من الأديم أو أرضاً جامدة الماء يمكن أن تكوّن التواءات مطابقة لتلك التي تتكون بالاخضرار.

إن علو مجاري الأنهار قد يكون بصمة أيضاً: فروسوبيات الكورسَر Coarser الأقل تعرضاً لعوامل الجو تتفتت مؤدية بالنهر إلى شدة الانحدار ، ولكن هذا يُرى أيضاً في جبال الأرض.

يقول وليام: "ليس من الصعب أن تسوق الحجة على أن الاخضرار يؤثر على توزع سقوط الأمطار، وقد ظهر مؤخراً أن توزع سقوط الأمطار يؤثر على ارتفاع وعرض واتساق الجبال أيضاً ، ولكن هذا لا يُنتج شكلاً سطحياً فريداً ؛ فمع غياب الحياة يظل هناك جبالاً غير متسقة كذلك".

وما خلصا إليه هو أن التكرر النسبي للأشكال السطحية المقعّرة مقابل المسننة يتغير تبعاً لوجود الحياة ، ولن يكون قابلاً للاختبار حتى تكون الخرائط العُلوية لأسطح الكواكب الأخرى متاحة بدرجة وضوح بضعة أمتار أو أقل بعداً عنها.

"فبعض أكثر الفوارق بروزاً بين الأسطح الفطرية ذات الحياة وغير ذات الحياة تسببها عمليات تتم على مستويات صغيرة" - كقول بيرون.

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×