«ناسا» تصمم مركبات فضائية جديدة للهبوط على القمر و

[سلمان رمضان 0]

يتطلب تنفيذ مشاريع جريئة مثل مهمة هبوط رواد فضاء على القمر ثانية، أو القيام برحلات مأهولة في القرن الحادي والعشرين صوب كواكب بعيدة جدا، مثل المريخ، وجود نظام متطور من مركبات النقل عبر الفضاء، مأمون ومستدام.

قبل اكثر من عام، وفي يناير(كانون الثاني) 2004، ألقى الرئيس بوش بثقله خلف مشاريع وكالة الطيران والفضاء الاميركية «ناسا»، كي تشرع بتطوير سفينة فضاء جديدة تقوم بنقل الانسان إلى مدار حول الأرض، بل والى أبعد من ذلك الى اطراف الكواكب الاخرى. وتسمى هذه العربة بـ «مركبة طاقم الاستكشاف»Crew Exploration Vehicle(CEV) (سي إي في)، وسوف تصبح المركبة الأولى المخصصة لاستكشاف ما وراء مدار الأرض منذ هبوط المركبة الفضائية أبولو على سطح القمر.

على الرغم من أن مهمة المركبة «سي إي في» الأساسي هو مغادرة مدار الأرض، فإن عملها الآخر يتمثل في نقل رواد الفضاء من محطة الفضاء الدولية واليها، بعد إنهاء عمل المكوك الفضائي. ويمكن لهذه المركبة أو نسخة أخرى عنها، أن تبقى فترات أطول في مدار حول الأرض أو ضمن مسافات قصيرة عن سطحي القمر والمريخ. وقد وضع مخططو «ناسا» اهدافهم ضمن لائحة اطلق عليها اسم «النظم الكوكبية»، وهي نظم تصمم لضمان ديمومة عمل الانسان او المعدات الفضائية اللازمة لإجراء مسوحات على القمر او المريخ. وتؤمن هذه النظم انطلاق المركبات على شكل مجموعات لولبية او «اساطيل» من المركبات. وللبدء بتنفيذ المشروع قامت «ناسا» بمنح أكثر من 100 عقد لصنع أجهزة تقوم بتقنيات الاستكشاف. وسوف تصمم معدات الاستكشاف الفضائية على مراحل. ويتضمن المشروع عدة أطوار، اذ ستعرض في البداية نماذج أولية من المركبة لاظهار قدراتها، ثم تتم المصادقة على التكنولوجيات المستخدمة فيها، ثم يتوجه المصممون لحصر مخاطرها بهدف تقليلها. وعلى سبيل المثال فإن التطويرات الاولى المخطط لها لهذه «النظم الكوكبية» ستتيح نقل الرواد على مركبة طاقم الاستكشاف «سي إي في» قبل نهاية عام 2014 للدوران حول الارض. أما المرحلة الثانية فستكون مخصصة لإيصال الإنسان إلى سطح القمر قبل عام 2020 ثم تعقبها المرحلة الثالثة التي ستمكن رائد الفضاء من القيام برحلات أطول صوب سطح القمر المملوء بالفوهات البركانية.

وفي المرحلة الثالثة سيصبح القمر محطة لرحلات تتطلب استخدام أجهزة أخرى وتهدف إرسال رواد الفضاء من هناك صوب المريخ لاستكشافه وهذا سيكون بعد عام 2020.

تعكف الشركات التي تعاقدت معها وكالة «ناسا» لإنجاز هذا المشروع، على صنع نموذج من تصاميم مركبة طاقم الاستكشاف. ومن المتوقع أن تختار الوكالة الفضائية فريقين في فترة لاحقة من هذه السنة، من أجل تنفيذ برامج طيران اختبارية للنماذج تهدف الى دراسة حصر وتقليل المخاطر على مركبة طاقم الاستكشاف.

وفي عام 2008 ستقوم الشركات المنتقاة من قبل «ناسا» بتنفيذ تجارب على حركة هذه المركبة من دون طيارين، ودراسة المخاطر، التي قد يتعرض رواد الفضاء لها لاحقا. وفي نفس العام ستختار الوكالة متعاقدا واحدا لبناء المركبة. وفي عام 2011 ستحلق المركبة من دون طيار، ثم مع طيار عام 2014.

وكانت «ناسا» قد منحت عقودا في سبتمبر (ايلول) الماضي لمجموعات شركات للبدء بالقيام بدراسات أولية حول استكشاف القمر بواسطة الرواد، ثم تطوير مركبة «سي إي في». واصبح المؤتمر الذي عقدته «ناسا» والخاص باستكشاف الفضاء بين 30 يناير و1 فبراير نقطة التقاء لوكالة الفضاء والشركات المتعاقدة على هذا المشروع لتقييم العمل والتقدم الحاصل فيه.

ولن يكون سهلا على الوكالة الإنفاق بلا حدود على مشروع بناء «مركبة طاقم الاستكشاف»، لكنها تمتلك الزخم للمضي في مشروعها حسبما يقول تشارلز ألن نائب رئيس شركة «بوينغ». ويعتقد ألن الذي عبر عن آرائه في موقع «سبيس.كوم» الانترنتي ان هناك امتيازا إيجابيا في مشروع الخطوة خطوة الذي تتبعه «ناسا»، فإن «كان لديك احتياج ما، في وقت تكون أما التكنولوجيا الضرورية له غير ناضجة بدرجة كافية أو أنك لا تستطيع القيام بتطمينه بسبب ارتفاع تكاليفه، فإنك في هذه الحالة يمكنك الوصول إلى هدفك عبر تجزئته إلى مراحل».

ويمكن اعتبار مركبة «سي إي في» جزءا من «بنية تحتية استكشافية» شبيهة بإنشاء السكك الحديدية التي مكنت الولايات المتحدة من التوسع غربا. كذلك شبّه الخبراء المشاركون في المؤتمر مشروع «ناسا» الجديد والذي سينفذ ضمن ثلاث مراحل، بمشروع بناء طرق الخط السريع الرابط للولايات الأميركية بعضها ببعض. وأشاروا إلى أن التعاون الدولي أساسي جدا لتقدير كل مراحل الاستكشاف منذ الآن. وهناك طريقتان لتنفيذ التعاون الدولي: عن طريق الحكومات، أو عن طريق الشركات. ومهما كان شكل التعاون فإنه سيكون مشروعا دوليا على الأمد البعيد.