Jump to content
Sign in to follow this  
hamsa82

التصوير القرآني لعملية الصعود في الفضاء...

Recommended Posts

التصوير القرآني لعملية الصعود في الفضاء

 

يقول الله تعالى في كتابه المجيد:

 

"فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء، كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون" (سورة الأنعام).

 

وأورد النيسابوري في (غرائب القرآن ورغائب الفرقان) قول الليث حول شرح الصدر وضيقه: شرح الله صدره فانشرح، أي وسعه بقبول ذلك الأثر، ولا شك أن توسيع الصدر غير ممكن على سبيل الحقيقة، ولكن هاهنا معنى وهو: أنه إذا اعتقد الإنسان في عمل من الأعمال أن نفعه زائد وخيره راجح، مال طبعه إليه، وقوى طلبه ورغبته في حصوله، وظهر في القلب استعداد شديد لتحصيله، فسميت هذه الحالة "سعة الصدر" وإن حصل في القلب علم أو اعتقاد أو ظن يكون ذلك العمل مشتملاً على ضرر زائد، ومفسدة راجحة، دعاه ذلك إلى تركه، وحصل في النفس نبوة "إعراض" عن قبوله، فيقال لهذه الحال "ضيق الصدر"، لأن المكان إذا كان ضيقاً لم يتمكن الداخل من الدخول إليه، وإذا كان واسعاً قدر على الدخول فيه، وأكثر استعمال شرح الصدر في جانب الحق والإسلام.

 

ويقول الدكتور محمد محمود حجازي في "التفسير الواضح":

 

فمن يرد الله أن يهديه للحق ويوفقه للخير يشرح صدره للقرآن، ويوسع قلبه للإيمان، فعند لك يستنير الإسلام في قلبه ويتسع له صدره، وهكذا يكون عند من حسنت فطرته وطهرت نفسه، وكان فيها استعداد للخير وميل إلى إتباع الحق. ومن فسدت فطرته، وساءت نفسه، إذا طلب إليه أن ينظر في الدين ويدخل فيه فإنه يجد في صدره ضيقاً، وأي ضيق، كأنه كلف من الأعمال ما لا يطيق، أو وأمر بصعود السماء، وأصبح حالهم كحال الصاعد في طبقات الجو، والمرتفع في السماء، كلما ارتفع وخف الضغط عليه شعر بضيق في النفس وحرج في القلب.

 

وفي هذه الآية القرآنية (125/ الأنعام) معجزة علمية وضحت حقيقتها مؤخراً، وهي انخفاض الضغط الجوي بالصعود في طبقات الجو، مما يسبب ضيق صدر الصاعد حتى يصل إلى درجة الاختناق، فتكون الآية تشبيه حالة معنوية بهذه الحالة الحسية التي لم تعرف إلا في عصرنا الحاضر، وتفصيل هذا فيما يلي:

 

وقد اكتشف تورشيللي (1608-1647م) في عام 1643 أن سائل الزئبق يمكن ضخه في أنبوب إلى الأعلى بفعل الضغط الجوي حتى يصل ارتفاعه إلى 76سم (30 بوصة) فقط. وعلى هذا الأساس أمكن استنتاج أن عموداً مماثلاُ من الهواء يمتد حتى نهاية الغلاف الجوي يكون محتوياً لكمية من الهواء وزنها مساوٍ لوزن كمية من الزئبق الموجودة في الأنبوب، وذلك حتى ارتفاع 76سم. وأكد تورشيللي صحة نظريته بأن حمل عموداً من الزئبق إلى قمة جبل عالٍ، ولاحظ نقصان ارتفاع عمود الزئبق نظراً لأن جزءاً من الغلاف الجوي قد أصبح آنذاك تحته، ومن ثم فلن يبذل هذا الجزء أية قوة على عمود الزئبق.

 

ثم توصل الإنسان إلى أنه كلما ارتفع عن مستوى سطح البحر كلما نقص وزن الهواء، وذلك نتيجة لنقص سمك الغلاف الجوي الغازي من جهة وتخلخل الهواء أو انخفاض كثافته من جهة أخرى، ويتأثر هذا - أيضاً – تبعاً لاختلاف درجة الحرارة، ولم يتوصل الإنسان إلى معرفة هذه الظاهرة إلا في القرن التاسع عشر (1804) حينما صعد بالبالون لأول مرة إلى طبقات الجو ظاناً بأن الهواء ممتد إلى ما لا نهاية.

 

أصبح التفسير العلمي لظاهرة الضيق والاختناق عند الصعود في طبقات الجو العليا معروفاً الآن بعد سلسلة طويلة من التجارب والأرصاد التي أجراها العلماء لمعرفة مكونات الهواء وخصائصه خصوصاً بعد أن تطورت أجهزة الرصد والتحليل المستخدمة للارتفاعات المنخفضة، أو المحمولة بصواريخ وأقمار صناعية لدراسة طبقات الجو العليا، وتدل القياسات على أن الغلاف الجوي (الغازي) للأرض متماثل التركيب (التكوين) بسبب حركة الهواء التي تؤدي إلى حدوث عمليات الخلط الرأسي والأفقي خصوصاً على الارتفاعات المنخفضة فتظل نسبة مكونات الهواء ثابتة تقريباً حتى ارتفاع 80 كيلومتراً.

 

وثبت أن الضغط الجوي يقل مع الارتفاع عن سطح الأرض، بحيث ينخفض إلى نصف قيمته تقريباً كلما ارتفعنا بمسافة 5 كيلومترات عن مستوى سطح البحر، بشكل مطرد.. وطبقاً لهذا، فإن الضغط الجوي ينخفض فيصل إلى ربع قيمته على ارتفاع 10 كيلومترات، وإلى 1% من قيمته الأصلية على ارتفاع 30 كيلومتراً، كما تتناقص كثافة الهواء بدورها تناقصاً ذريعاً مع الارتفاع حتى تقارب شبه العدم عند ارتفاع ألف كيلومتر تقريباً من سطح الأرض.

 

ومن ناحية أخرى، فإن الأكسجين يقل في الجو كلما ارتفعنا إلى الأعلى،نظراً لنقصان مقادير الهواء، فإذا كان الأكسجين عند السطح 200 وحدة مثلاً، فإنه على ارتفاع 10 كيلومترات ينخفض فيصل إلى 40 وحدة فقط، وعلى ارتفاع 20 كيلومتراً يزداد نقصانه لتصبح قيمته 10 وحدات فقط، ثم تصل قيمته إلى وحدتين فقط على ارتفاع 30 كيلومتراً..

 

وهكذا يمكن أن يضيق صدر الإنسان ويختنق بصعوده إلى ارتفاعات أعلى من 10 كيلومترات، إن لم يكن مصوناً داخل غرفة مكيفة وذلك نتيجة لنقص الضغط الجوي، ونقص غاز الأكسجين اللازم للتنفس.. وبدون هذه الغرفة المكيفة يصاب الإنسان بالكسل والتبلد ويدخل في حالة من السبات وفقدان الذاكرة، ويتعرض لأضرار الأشعة الساقطة عليه من خلال الغلاف الجوي، ويصاب بحالة (ديسبارزم) فتنتفخ بطنه وتجاويف جسمه، وينزف من جلده، ويتوقف تنفسه، ويتدمر دماغه، ويدخل في غيبوبة ثم يموت.

 

كما أثبت علم طب الفضاء إصابة الصاعد في طبقات الجو العليا دون الاحتماء في غرفة مكيفة، بالإعياء الحاد، وارتشاح الرئة، وأوديما الدماغ، ونزف شبكية العين، ودوار الحركة، واضطراب التوجه الحركي في الفضاء، واحمرار البصر ثم اسوداده.

 

وأما اسوداد البصر فهو أعلى حالات الهلوسة البصرية، إذ الأعين موجودة وسليمة وظيفياً، لكن الضوء غير موجود، حيث لا يوجد في طبقات الجو العليا سوى الظلام الحالك، فيظن الصاعد في تلك الطبقة أنه قد أصابه سحر أفقده القدرة على الإبصار، وقد يكون هذا ما يشير إليه القرآن الكريم:

((ولو وفتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون)) [14، 15 سورة الحجر]

 

ونعود إلى الآية الرئيسية في موضوعنا، وهي قول الله تعالى:

((فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء، كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون)) [سورة الأنعام]

 

لنرى كم هي بليغة، وكم هي معجزة، فهي بليغة إذ تشبه حال الكافر المعاند الذي يكابر ويرفض هدايا الله وإتباع الوحي الذي أنزل على خاتم الرسل والأنبياء (صلى الله عليه وسلم).

 

وهذا الكافر المعاند المكابر يضيق صدره كلما ابتعد عن هدى الله، أي كلما ضل عن الطريق الإسلامي، وقد سبق أن أشرنا إلى ((الحرج)) بأنه أضيق الضيق، فهل تجد بعد هذا بلاغة وقوة في التعبير والتشبيه؟!.

 

كما أنها معجزة إذ أوضحت ظاهرة جوية وحقيقة فضائية لم يتوصل العلماء إلى معرفتها إلا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين الميلاديين، وهي الضيق والاختناق كلما ارتفع الإنسان في طبقات الجو أي في السماء، والسماء هي كل ما علاك وهو المعنى المعروف لمعظم الناس، وهو من المعاني الصحيحة لهذه الكلمة القرآنية.

 

جريدة اللواء الإسلامي

الدكتور كارم غنيم

الأستاذ بجامعة الأزهر

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

شكرا جدا جدا اخت همسه على هذة المشاركة القيمة جدا

 

 

محمد مجدى

Share this post


Link to post
Share on other sites

السلام عليكم

 

شكرا لك أخي الكريم

 

ومرحبا بعودتك بعد غيابك عنا كثيرا

 

همسة smile.gif

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×