Jump to content
Sign in to follow this  
المسعد

رسالة في العلة الفاعلة للمد والجزر

Recommended Posts

 

 

واحدة من أهم رسائل أبي يعقوب الكندي ، التي ألفها في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. يبدأ فيها الكلام عن المد وأنواعه- الطبيعي والعرضي- ويستطرد من ذلك إلى الكلام عن عيون الماء وأنواعها، وكيفية تكوينها، وعن أنواع المياه الظاهرة على وجه الأرض والباطنة فيها، وعن أحوالها وقوانين نشأتها واستحالتها، ثم يتكلم عن بعض الأجرام السماوية وسرعتها وأحجامها وبعدها عن الأرض، وعن فعلها فيما على ظهر الأرض، ويتكلم عن المد وأنواعه وأنواع الاضطراب الناشئة في المياه البحرية والبرية بسبب التعفن والنتن، وينتهي بالكلام عن المد والجزر بمعناهما العادي.

وبعد الانتهاء من تعريف المد ينتقل إلى أنواعه فيذكر نوعين من المد هما:

المد الطبيعي: وهو "استحالة الماء من صغر الجسم إلى عظمه".

المد العرضي: وهو "زيادة الماء بانصباب مواد فيه"، كما في الأنهار والأودية والفيوض التي أصلها من الأنهار.

كما يتحدث عن حركة الأشخاص العالية على الجرم الأوسط أي الأرض والماء، وما تسببه المتحركات حول الأرض، ويؤكد على حركة القمر بالذات وذلك لأنه أقرب المتحركات إلى الأرض، ويذكر معلومات عن سرعته ودورته والزمان الذي يستغرقه، وكذلك يذكر معلومات عن الشمس والزمان الذي تستغرقه في دورانها حول الأرض، وعن سرعة حركتها، وكذلك زحل، وهو يركز على تأثير كل من الشمس والقمر في الأرض، فالشمس تؤثر على وجه الخصوص في الهواء والنار أكثر من تأثيرها على الماء والأرض، أما القمر فإن فعله في الأرض والماء أوضح، ولكن فعله في الماء أكثر وضوحا وذلك لسيلان الماء وانقياده لحركة القمر، وتعرض الرسالة لأقوال القدماء عن القمر، فمن قائل بالمائية، ومن قائل بالأرضية. ثم يوضح السبب في ذلك، وهو أن القمر يولد حرارة أثناء مروره بجو الأرض، هذا إلى جانب حرارة الشمس، وطبقا لقانون تمدد الأجسام فإن الحرارة تزيد حجم الهواء، وبالتالي حجم ماء البحر الذي يمر به القمر.

ثم تتبع الرسالة في التفصيل في أنواع المد البحري الطبيعي ويقصد به مد البحار وجزرها وهو على ثلاثة أنواع: المد السنوي، والمد الشهري، والمد اليومي. والمد السنوي للبحار هو الزيادة في مياه البحار في وقت محدود من السنة في موضع دون موضع، حسب حركة الأجرام العليا، ويشار في ذلك بين قانون التمدد وعلاقته بالرياح وعلاقة ذلك بالمد والجزر. ويحدث تبادل للمد والجزر السنوي فعند انتقال الشمس إلى جهة الجنوب يحدث مد في جهة الشمال وجزر في جهة الجنوب وهكذا، وعلى ذلك يتضح أن المد السنوي يكون في الجهة المخالفة، أي التي ليست فيها الشمس، والعكس يكون الجزر السنوي، وكلما ازدادت حرارة الشمس يكون المد السنوي والجزر السنوي أشد وأكبر.

أما المد الشهري واليومي حيث تظهر أهمية العلاقة بين القمر والأرض في هذين النوعين، واختلاف شدة أو ضعف المد والجزر، بحسب تغير أوضاع القمر في دورته حول الأرض، فتعرض الرسالة عدة حالات تختلف فيها مواضع القمر بالنسبة للأرض والشمس مما يؤثر على عملية وكمية المد والجزر. وفي ذلك تحديد لأربعة مواضع رئيسية للقمر أثناء دورانه خلال الشهر، وبين هذه المواضع الأربعة الرئيسية تقع أربعة مواضع أخرى فرعية، ويمكن تفصيلها كما يلي:

أولا: المواضع الرئيسية:

الموضع الأول: الاجتماع وفيه يقع القمر على سمت واحد بين الشمس والأرض فيزيد المد السنوي والشهري في تلك المدة، وزيادته تكون أكبر للمد السنوي ويفسر الكندي ذلك التأثير بسبب اضمحلال نور القمر وانعكاسه إلى جهة الشمس بعيدا عن الأرض، وهذا الوضع يسمى في العلم الحديث بوضع المحاق، حيث يقع القمر بين الأرض والشمس ويتجه الجانب المضيء من القمر جهة الشمس.

الموضع الثاني: الامتلاء أو المقابلة وفيه تكون الأرض في موقع متوسط بين القمر والشمس، وعلى سمت واحد، ويسبب هذا الوضع زيادة واضحة في المد الشهري. ويقابل في هذا الوضع في العلم الحديث "البدر" حيث تقع الأرض بين الشمس والقمر، ويكون الجانب المضيء هو المواجه للأرض.

الموضع الثالث والرابع: التربيع الأول والتربيع الثاني، ويكون القمر عن يمين الشمس وذلك في التربيع الأول وعن يسارها في التربيع الثاني، وفي هذين الوضعين يزيد المد الشهري أو يقل تبعا لوضع القمر في فلك دورانه، ويسمى ذلك في العلم الحديث الربع الأول والربع الأخير، حيث يكون كل من الشمس والقمر متعامدا بالنسبة للأرض، أي يصنع الخطان الواصلان من كل منهما للأرض زاوية قائمة.

ثانيا: المواضع الفرعية:

وفيه أربعة مواضع أخرى فرعية للقمر أثناء دورانه في فلكه حول الأرض، وهي المواضع التي تقع في النصف فيما بين الأوضاع الأربعة الرئيسية السابق ذكرها، فإذا وقع القمر في المناصفة بين إحدى هذه المواضع يكون نقص الماء، أي جزره الشهري أشد ما يكون وأكبر ما يكون. وتذكر الرسالة أن أفضل جزر يكون في المواضع الأربعة يقع في الموضعين اللذين يليان الامتلاء، أي الذي قبل الامتلاء والذي بعد الامتلاء.

وفي ذلك الوضع أكبر تأثير للقمر يقع في المد والجزر اليومي، بسبب حركة القمر اليومية، وتحدد الرسالة أن كل موضع من الأرض يظهر فيه المد والجزر اليومي، يظهر فيه المد حين يبتدئ طلوع القمر عليه، ويبتدئ جزره حين يبتدئ زوال القمر عنه.

أما المد العرضي وهو "زيادة الماء بانصباب مواد فيه أصلها مما ارتفع من الأرض والبحار". وأهم ما في رسالة الكندي هذه هو تركيزها على الجانب التجريبي فالرسالة غنية بالتجارب العلمية ومن أهمها تجربته لإثبات تحول أن الأجسام تتمدد بالحرارة، وتجربته لإثبات أن الحرارة تتولد من الحركة، وتجربة القليب، وتجربة القنينة لإثبات تحول الهواء ماء، إلى غير ذلك من التجارب.

 

النسخ المحققة:

حققت الرسالة ضمن مجموعة رسائل الكندي الفلسفية، بعناية محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة: دار الفكر العربي، عام 1308 هـ / 1891 م-1311هـ / 1894 م- 1369 هـ / 1950 م-1372هـ / 1953 م.

 

 

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×