تحديد أعمار النجوم

[فاطمة 0]

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تحديد أعمار النجوم

 

الأجسام السماوية التي يمكن رصدها في الكون المنظور لم تتكون كلها مرة واحدة ، منذ الانفجار العظيم وتطور الكون حتى الآن ، وإنما تختلف أعمارها الأجسام السماوية اختلافا ً كبيرا ً ، أي لها مراحل تطور مختلفة منذ تكونها وحتى نهايتها .

ونجد الأجسام السماوية ذات الأعمار الكبيرة والتي تكونت عند بداية تطور الكون كالكويزرات على مسافات بعيدة جدا ً في أعماق الكون ، بينما تكون المجرات الحديثة نسبيا ً كمجرة درب التبانة ومجرة المرأة المسلسلة في أطراف الكون ، وبين ذلك المجرات النشطة والمجرات العادية غير المنتظمة الشكل والقديمة جدا ً ، والنجوم لأتولد فقط مثل الأطفال ولكن في مجموعات أو توائم ، فحوالي 60% من نجوم مجرة درب التبانة هي النجوم المزدوجة أو التوائم ، فإذا كان لتؤمان من النجوم على مسافة كافية فإنهما يدوران بطريقة مختلفة ، ويتصرفان بطريقة عجيبة حيث يساعد كل منهما الآخر ، ولكن المهم هنا أن النجوم تتكون أساسا ً داخل السدم الغنية بالغازات ومادة مابين النجوم والجزئيات والغبار الكوني ، وتقوم الجاذبية بدورها في تكثيف هذه المادة وتجميعها في صبر شديد ، ويتحدد قدر كل نجم بحجمه وكتلته أي المادة الداخلة في تكوينه ، فإذا كان ضخما ً للغاية فعمره قصير ولن يتعدى 100 ألف سنة ، وإذا كان صغير الحجم فسوف يمتد عمره إلى بضع آلاف من الملاين من السنين ، ومع الوقت يتكون السدم نجوما ً أولية Proto Stars ، وعندما تزداد حرارتها الداخلية ويبدأ التفاعل النووي في قلبها يمكن رؤيتها ، ومن هذه اللحظة تبدأ حياتها الفعلية حيث تقضيها في مرحلة التتابع الرئيسي Main Sequence ، و لاتخرج منه إلا على المعاش .

وكل النجوم تفعل ذلك عدا بعض النجوم القليلة مثل نجوم النوفا والسوبر نوفا ، حيث ينتقل النجم من مرحلة إلى مرحلة في حياته عبر هذا التتابع الرئيسي وكل مرحلة في حياة النجم تبدأ أو تنتهي بما يختزنه من وقود ، فإذا انتهى مخزونه من الهيدروجين مثلا ً في مرحلة سابقة فإما أن يقلل من استهلاكه بالضرورة وإما أن يبحث عن مصدر آخر للطاقة قد يكون مخزونا ً في داخله مثل الهيليوم أو الكربون ، فإذا كان حجمه وكتلته كافيان لتوفير الحرارة العالية اللازمة لحرق الهليوم فلن يتردد ، ويعتبر هذا تجديدا ً لحياته أو مرحلة أخرى في تطوره تستلزم تغييرا ً شاملا ً في أسلوب حياته ، أي ضرورة التجديد في أسلوب الحياة والتأقلم على الأوضاع الجديدة فكل نجم في الحقيقة تعتبر حياته كلها في حالة استقرار ، ويخشى أن ينكمش حول نفسه ويختنق ويموت أو يفقد حياته في لحظة بالانفجار الرهيب ، فالنجم في الواقع يعيش على حافة الهاوية أو في نقطة توقف مؤقتة ويجب عليه حفظ التوازن الدقيق بين الضغط الداخلي حتى لاينفجر وقوة الجاذبية حتى لا ينهار تحت ثقله .

 

ويمكن بعدة طرق تحديد عمر الأجسام السماوية إذا توافرت بعض المعلومات الأساسية من عمليات الرصد الفلكية .

 

أولا ً : طريقة التحليل الطيفي :

 

حيث يمكن قياس الطاقة الإشعاعية التي تنطلق من الجسم السماوي ، وهذه الطاقة الإشعاعية يمكن معرفتها بسهولة إذا كانت قادرة عن حرق الهيدروجين أو الهليوم أو الكربون أو غيرها ، وبالمعادلات الرياضية يمكن حساب الفترة الزمنية التي انقضت في حرق أي منها طبقا ً لحجمها وكتلتها ، وكذلك معرفة المراحل القادمة من حياة النجم بناء على ذلك ، من تتبع حياة النجم التي يقضيها في التتابع الرئيسي ، أما قبل ذلك عندما كان حجما ً أوليا ً أو بعد ذلك يصبح قزما ً منكمشا ً على نفسه ، فلا يمكن معرفتها بهذه الطريقة ، أي إن هذه الطريقة تعتمد أساسا ً على التحليل الطيفي للطاقة الإشعاعية للمادة والمعلومات المتوافرة عن الحجم والكتلة والمسافة ، إذ أن حياة النجم تعتمد اعتمادا ً كبيرا ً على كتلته وبدرجة أقل على تركيبه الداخلي ، ثم إجراء

سلسلة من الحسابات الرياضية المعقدة الخاصة بالتفاعلات النووية لكل مرحلة ، فالنجم الذي تصل كتلته مثلا ً خمسة أضعاف كتلة الشمس يستهلك اليهدروجين الذي يحتويه خلال 56 مليون سنة طبقا ً للمعادلات ، والنجم كتلته 1.3 من كتلة الشمس يستغرق حوالي 6.5 آلاف مليون سنة لحرق الهيدروجين وتحويله إلى هيليوم ، أما الشمس بكتلتها الحالية فتستغرق حوالي 9 آلاف مليون سنة مضى نصفها ، ويمكن أيضا ً بعد ذلك حساب حرق الهيليوم ثم الكربون ثم السيلكون ، وهكذا إلى آخر عناصر الوقود المتاحة في كل نجم حسب نوعه وحجمه وكتلته ، وبذلك يمكن معرفة ما قد مضى من عمره في حرق نوع معين من الوقود ، وما تبقى له لحرق باقي العناصر الأخرى .

 

ثانيا ً : طريقة دراسة الحركة :

 

وتستخدم هذه الطريقة أساسا ً في تقدير عمر المجموعات النجمية الكروية التي تدور حول المجرة بطريقة عمودية أو مائلة على خط استواء المجرة ، وكذلك المجموعات النجمية المفتوحة داخل المجرة نفسها ، وأيضا ً المجرات القريبة منا ، وتستخدم في ذلك نجوم المتغيرات Variable Stars التي يتغير ضوؤها كل 50 يوما ً ، وهي التي اكتشفها الدكتورة هنريتا ليفيت عام 1908 وأمكن بواسطتها معرفة مسافات المجموعات النجومية والمجرات المجاورة لنا ، وكذلك نجوم الشلياق RR-Lyrae التي تشتعل بالهليوم ويتغير ضوؤها كل يومين أو ثلاثة وبشدة ، حيث ثبت أن هناك علاقة بين عمر هذه الأنواع من النجوم ودورة سطوع أضوائها ، فإذا أمكن تحديد دورة سطوع أي نجم من المتغيرات فيمكننا أن نعرف عمر المجموعة النجومية أو المجرة التي ينتسب إليها ، كما يمكن دراسة الحركة في أي مجموعة نجومية ، ومعرفة القوة الديناميكية المحركة Dynamic أو الحركة الكيميائية المجردة Kinematic طبقا ً لقوانين خاصة بذلك .

وعموماً فإن المجموعات النجومية الصغيرة القليلة الكثافة تتأثر بمرور نجوم عملاقة قريبة منها ، أو مرور سحب غازية مندفعة بسرعة خلالها ، فتشتت نجومها وتتوزع في مساحات شاسعة ، ويحدث هذا غالبا ً للمجموعات النجمية المفتوحة داخل المجرة وفي الأذرع حيث النجوم صغيرة العمر وحديثة التكوين مثل مجموعة ( القلاص المفككة ) Hyades القريبة من الشمس والتي تشبه حرف (V) ، أما المجموعات النجمية الكروية خارج المجرة فهي كثيفة جدا ً ، ولم يعثر حتى الآن على أي منها في حالة تفكك ، لأنها تحتوي نجوما ً قديمة جدا ً وعملاقة من عمر مجرة درب التبانة .

 

ثالثا ً – طريقة الإزاحة الحمراء :

 

واستخدم هذه الطريقة لأول مرة إدوين هابل عام 1929 حيث طبق ظاهرة دوبلر الخاصة بالموجات الصوتية على الموجات الضوئية ، ولذلك يطلق عليها أيضا ً اسم ( ظاهرة هوبل ) فالأجسام السماوية كلما بعدت عنا زادت سرعتها ، طبقا ً لقياسات الإشعاعات الضوئية القادمة منها ، استخراج درجة الإزاحة للون الأحمر طبقا ً لسرعة ارتدادها عنا ، الأجسام السماوية القريبة منا تصل سرعتها 400 كم /ث ، أما في أعماق الكون كالكويزر فإن سرعتها تقترب من سرعة الضوء ، ويمكن بالحسابات الرياضية معرفة النقطة التي بدأ عندها تمدد الكون ، وهي تتراوح بين 19-23 ألف مليون سنة وهو عمر الكون المنظور ، كما يمكن أيضا ً تقدير عمر الأجسام السماوية البعيدة جدا ً في أعماق الكون .

 

رابعا ً - طريقة النظائر المشعة :

 

ويمكن بهذه الطريقة معرفة أعمار الوسط الذي يعيش فيه ، وكلما أمكننا أن نحصل على عينات يمكن تحليلها ، لقد كان من المعتقد مثلا ً وحتى عام 1982 أن عمر مجرة درب التبانة يصل إلى 15 ألف مليون سنة ، وقد ثبت أن عمرها يتراوح بين 7-8 آلاف مليون سنة فقط ، وبالتالي لايمكن أن يكون عمر نجم ضمن المجرة أكبر من هذا الرقم بأي حال من الأحوال ، وقد أمكن الحصول على هذه النتيجة حينما استطاع قمر صناعي من تحليل الثوريوم -232 Thorium ورمزه Th-232 وهو نظير مشع نصف عمره 14 ألف مليون سنة في الأجواء العليا ، والنظائر المشعة تتحول إلى مواد أخرى ثابتة خلال زمن محدد ، وهذا الزمن لا يعتمد على العوامل الأخرى الطبيعية إذ إن المادة المشعة تتحول إلى مادة أخرى بما تفقده من أشعاع خلال هذه الفترة ، وهذه الفترة اللازمة لكي تفقد المادة المشعة نصف قوتها الإشعاعية كي تتحول إلى مادة إشعاعية عن مادة أخرى ، فالأرجوان 41 نصف عمره 109 دقائق فقط ، واليود 131 نصف عمره 8 أيام ، والكربون -14 المشع نصف عمره 5570 سنة وهكذا ، فإن لكل عنصر نصف عمره الخاص الذي أمكن حسابه بدقة كبيرة ، وبهذا يمكن معرفة عمر الأرض من المعادن الموجودة في الصخور ، وكذلك عمر القمر من العينات التي أحضرها رواد الفضاء ، وعمر النيازك مما يسقط منها على سطح الأرض ، وعمر الشمس بما يصلنا منها من جسيمات تحملها الرياح الشمسية مباشرة فضلا ً عن وجود أقمار صناعية مخصصة لدوران الشمس تدور في نقطة لاجرانج على ارتفاع 105 مليون كم ، ويصل عمر الشمس إلى 4600 مليون سنة وعمر الأرض 4550 مليون سنة وعمر القمر من عمر الأرض .

 

راجع موسوعة علم الفضاء / د/ جلال عبد الفتاح / الجزء الثاني .

 

انتهى

تحياتي

وشكرا ً

 

[العراقية 0]

بسم الله الرحمن الرحيم

 

شكرا على كل مواضيعك المميزة ، يا مميزة

[الفلكي السوفي 0]

شكراً كثيراً على المعلومات القيمة ...

 

تحياتي

[traeu3oo 0]

اختى العزيزة فاطمة موضوع جميل جدا جدا

اعجبنى كثيرا واستفدت كثيييييييييييرا

ميرى على الموضوع المتميز

[فاطمة 0]

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حياكم الله وشكرا ً جزيلا ً للجميع وخصوصا ً العراقية والصابر على ماأظن هذا أسمه وكل أهلنا في العراق ؟

 

وألف مبروك بفوز العراق الجريح تستاهلوا الفرحة أنشاء الله بداية الخير والفرح عليكم ؟

 

تحياتي وشكرا ً

شكرا ً لجميع من قرأ الموضوع وبخل علينا بالتعليق .

 

سلامي للعراق؟

[ساكن المجرة 0]

مشكووووووة أختي فاطمة

 

مضوع ثري بالمعلومات