Jump to content
Sign in to follow this  
سلمان رمضان

الولادة "المُلتبسة" لهلال رمضان بين الرؤية والحساب

Recommended Posts

user posted image

تقرير: مصطفى العرب

لا يزال تحديد موعد بدء شهر رمضان، مدار خلاف بين الدول الإسلامية.

ولكن هذه السنة نجدهم قد نقلوا خلافات دولهم الفقهية والاجتماعية، وحتى السياسية، إلى الفضاء، في مشهد اختلفت قراءاته بين من رأى فيه دليل عافية يؤكد حيوية المسلمين، وبين من اعتبره شرخاً إضافياً يزيد من الشقاق بين أبناء الدين الواحد.

ففي حين أعلنت عدة دول، وفي مقدمتها ليبيا ونيجيريا، أن شهر الصوم يبدأ رسمياً الأربعاء ( 12 سبتمبر/ أيلول)، صامت أغلب الدول العربية والإسلامية اليوم الذي تلاه، الخميس، بينما أفتت بعض المرجعيات بأن الجمعة سيصادف أول أيام الصوم.

ووصل الخلاف حتى إلى داخل المجتمعات الواحدة، إذ صام سنّة العراق الخميس، فيما أعلنت المرجعيات الشيعية في ذلك البلد أن شهر الصيام يبدأ الجمعة.

أما في لبنان، فقد صام السنّة وجزء من الشيعة ممن يقلدون المرجع محمد حسين فضل الله الخميس، فيما صام سائر الشيعة الجمعة، بدعوة من مكتب الإمام الخامنئي في لبنان والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.

غير أن المميز في هذا العام كان عودة الحديث عن دور التقويم الحسابي في تحديد بدء شهر رمضان.

فقد صدرت بيانات لافتة عن مراصد عربية مختلفة تحدد موعد بدء شهر رمضان، وذلك قبل أيام من نهاية شهر شعبان، مما ترك الكثير من التساؤلات، ومن أيرزها بيان كل من رئيس قسم الفيزياء في جامعة الملك فهد السعودية للبترول والمعادن، علي بن محمد الشكري، والفلكي اليمني أحمد محسن الجوبي، والدكتور حميد مجول النعيمي عميد كلية الآداب والعلوم بجامعة الشارقة بدولة الإمارات.

وبالمقابل، أعلن "المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء" الذي تعتمده طرابلس بشكل علني ومنذ سنوات لتحديد موعد شهر رمضان، وجوب اعتبار الأربعاء أول أيام الصوم، وذلك بخلاف ما أعلنته سائر المراصد العربية والإسلامية، التي تعتمد الحسابات عينها.

ولهذا، أثار موقع CNN بالعربية القضية مع عدد من علماء الدين والخبراء لمعرفة وجهة نظرهم، وحقيقة قضية الرؤية التي تحكم بدء شهر رمضان، والإطار الذي تتحرك فيه الحسابات الفلكية في المفهوم الإسلامي.

الكردي: الرؤية أولاً والحساب للاستئناس

وفي هذا الإطار، قال الشيخ أمين الكردي، مدير الشؤون الدينية بدار الفتوى في لبنان، إنه لا ينظر إلى المسألة بشكل سلبي، بل من وجهة نظر علمية.

وأضاف الشيخ الكردي: "نحن أمة العلم، وهذه قضية علمية، والخلاف فيها متصور، وهو يظهر الاتجاه العلمي في الإسلام، وإن كنا ننشد حل هذه الخلاف إظهاراً لوحدة الأمة."

وحول تعريف الرؤية، قال الكردي إن المذهب الغالب لجمهور العلماء "يذهب إلى أن المقصود بالحديث الشريف المعروف 'صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته،' في قضية إثبات شهر رمضان، هو الرؤية البصرية."

ولفت الكردي إلى أن بعض العلماء قالوا إن الرؤية هنا هي "بمعنى العلم مطلقاً"، غير أنه اعتبر أن المعتد به عند أهل المذاهب هو الأخذ بالرؤية البصرية، منوهاً إلى أن ذلك يحمل جملة فوائد، منها ما هو تعبدي، في قضية المتابعة والتحري حول بداية الشهر، والثاني علمي يتعلق بمتابعة حركة الأفلاك.

وحول كيفية أحتساب موعد بداية شهر رمضان، قال الكردي إن بعض العلماء، "أخذوا بالحساب بشكل كامل، فيما رأى آخرون الاستئناس به" وأخذه بعين الاعتبار مع المحافظة على الرؤية البصرية."

وأشار الكردي إلى أنه يميل إلى الاستئناس بالحساب من باب "إعمال ظاهر الحديث النبوي، صوموا لرؤيته (الذي يشير إلى ضرورة استخدام البصر)، ولكن مع حفظ دور الحساب، الذي بات علماً منضبطاً ودقيقاً."

وحول الشرخ الذي يسببه الاختلاف في تحديد موعد بدء الصوم، قال مدير الشؤون الدينية بدار الفتوى في لبنان، إن جمهور الفقهاء، باستثناء الشافعية، أجمعوا على أنه إذا ثبتت الرؤية في قطر من الأقطار وجب على سائر الأقطار الأخرى الصوم.

وأشار الكردي إلى أن توفر وسائل الاتصال يمكن أن يبيح هذا الأمر، غير أن بعض العوامل تحول دون ذلك، وقد يكون في مقدمتها "النزعات السياسية عند البعض الذين يأخذون بموجبها بقول معين، ولا يلزمون أنفسهم بالصيام مع سائر الأمة."

وحول اعتماد بعض المراجع الدينية الإعلان المسبق عن موعد شهر رمضان فلكياً، قال الكردي إن هذا الأمر يقوم على اعتماد الحساب المحض، ويحمل في طياته تعطيلاً لظاهر الحديث النبوي، "صوموا لرؤيته."

وطالب الكردي بضرورة الجمع بين الرؤية البصرية والحساب، وعدم حسم المسألة مسبقاً.

وخلص الكردي إلى الطلب بأن يتم إثارة المسألة بين "أهل العلم" و"جمهور الفقهاء" كي "يلزموا الحكام والشعوب بالصيام والإفطار مرة واحدة، إظهارا لوحدة الأمة وتكاملها."

 

فضل الله: اجتهاداتنا تبيح الحساب

المراجع الشيعية بدورها أظهرت رأيها في القضية، خاصة وأن المرجع الشيعي اللبناني، محمد حسين فضل الله، كان في طليعة من أفتى بجواز استخدام الحساب مطلقاً.

وفي هذا السياق، قال الشيخ جعفر فضل الله، نجل العلامة الشيعي، إن الخلاف في هذا الإطار اجتهادي.

وأكد فضل الله عدم وجود خلاف في أحاديث الرؤية الخاصة بهلال رمضان بين السنة والشيعة، غير أنه أشار إلى وجود اجتهادات معاصرة جديدة حول تلك الأحاديث ومدلولات الرؤية، يلحظ فيها المجتهدون أن تحديد الشهور يجب أن يكون بشكل يقيني قاطع للشك.

وأضاف فضل الله: "وبحسب روايات أئمتنا التي جاء فيها، 'إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، وليس بالرأي ولا بالتظني،' فإن الرؤية طريق من الطرق التي نحصّل فيها اليقين بوجود الهلال في الأفق على نحو يمكن للناس رؤيته، ولذلك، وبعدما تطور العلم الحديث، يمكن استخدام وسائله لتأكيد هذا اليقين نفسه بوسائل غير الرؤية البصرية."

ورأى فضل الله أن ازدياد الإقبال على الحسابات الفلكية جاء ليعكس رغبة المسلمين في الخروج من دوامة الحيرة التي تصيبهم مطلع كل شهر.

واعتبر أن في لجوء بعض الدول السنيّة إلى الحسابات الفلكية إشارة إلى أن انطلاق حركة الاجتهاد، سواء من داخل المجال الفقهي السنّي أو الشيعي، تولد تفاعلاً فكريا لدى سائر المسلمين.

وقال فضل الله، إن بعض الدول الإسلامية استخدمت الحساب هذا العام "من باب النفي"، أي لتأكيد استحالة رؤية الهلال، فيما اعتمد بعضهم "مقولة التوليد الفلكي،" فيما مال البعض إلى اعتماد الحساب الفلكي بشكل كلي، وشدد آخرون على ضرورة اعتماد الرؤية البصرية.

النعيمي: لماذا اُستخدام الحساب في الصلاة وتركه في رمضان؟

من جهته، شرح الدكتور حميد مجول النعيمي، عميد كلية الآداب والعلوم بجامعة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، الذي كان قد أعلن منذ أغسطس/آب الماضي الموعد الدقيق لبدء شهر رمضان، آلية تحديد لحظة ولادة القمر، مؤكداً إمكانية استنباطها بوسائل فائقة الدقة والمصداقية.

غير أن النعيمي، الذي حدد أيضاً موعد عيد الفطر في 12 أكتوبر/تشرين الأول، وعيد الأضحى في 20 ديسمبر/كانون الأول، ذكر بأن مدار الخلاف الحالي يعود إلى أن الشرع الإسلامي لم يربط بدء شهر رمضان بلحظة ولادة القمر، ولكن بلحظة رؤية الهلال، وهو ما يتسبب بالإشكالية الحالية.

وأكد النعيمي وجود فارق زمني بين ولادة القمر وإمكانية رؤيته كهلال من الأرض، مشددا على أن الرؤية بحد ذاتها تعتمد على عدة عوامل، منها جغرافي، يتعلق بخطوط الطول والعرض، ومنها مناخي، كوجود غيوم أو تلوث، ومنها هندسي أي وجود القمر فوق الأفق بمعدل 5 درجات وعلى مسافة كافية من الشمس تسمح بانعكاس الضوء على سطحه.

وشدد النعيمي على أن ما ذهبت إليه بعض الدول التي صامت الأربعاء أو الجمعة كان خاطئاً، لأن هلال رمضان الحالي ولد الثلاثاء في تمام الساعة 4:45 دقيقة عصراً بتوقيت دولة الإمارات ( 12:45 بتوقيت غرينتش)، وكان عمره حتى غروب الشمس لا يتجاوز ساعتين، مما يحول دون رؤيته في أي بقعة على سطح الأرض.

وألمح النعيمي إلى أن اعتماد الحساب الفلكي بشكل أو بآخر في العديد من الدول الإسلامية هذا العام أدى إلى ظهور معظمها بمظهر متحد، إذ صامت بشكل متزامن للمرة الأولى بعد أن كان الخلاف بينها يتراوح ما بين 3 إلى 4 أيام.

وتجنب النعيمي تأكيد ما إذا كانت دولة الإمارات قد اعتمدت حساباته الفلكية، غير أنه لفت إلى أن الدول تقوم باعتماد تلك الحسابات لتحديد مواعيد الصلاة، متسائلا عن الأسباب الكامنة خلف عدم استخدامها في رمضان.

غير أن النعيمي استطرد بالقول، إن الكثير من الحكومات أخذت بالحساب كعامل مساعد، معيداً القرار في هذا الشأن إلى الهيئات الشرعية.

مصر والمؤتمر الإسلامي والقمر المنتظر

ويذكر أن عدة إشارات كانت قد صدرت في السابق من مصر ومنظمة المؤتمر الإسلامي حول نية إطلاق قمر اصطناعي لرصد الأهلة وبداية الأشهر الهجرية، غير أن الحديث عن تلك المشاريع عاد وخفت بسرعة.

وثمة من يقول، إن اعتماد المراصدفي بعض الدول قد لا يكون كافياً لتجاوز بعض الاعتبارات المحلية، علاوة على الخلافات الدولية.

ويشار إلى أن هذه القضية ليست جديدة في التاريخ الإسلامي، إذ سبق للإمام تقي الدين السبكي، الذي توفي عام 756 هجرية، أن أعد كتاباً حول تحديد الأهلة والحساب، كما أعد الشيخ مصطفى الزرقا، من المعاصرين، رسالة في الموضوع عينه، لكن المجمع الفقهي لم يأخذ آنذاك برأيه.

 

 

 

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×