Jump to content

Recommended Posts

هل ولدت المجرات من شرخ في التناظر؟

 

 

صاحب المقال: موسى ديب الخوري

 

 

يطرح العلماء حالياً نظريات جديدة حول تشكل المجرات ترجع إلى لاتجانسات بدئية في الكثافة الكونية أدت لاحقاً إلى ولادة البنى الكونية الكبرى. ما هي أسس هذه الأبحاث الجديدة؟ إن تشكل البنى الكونية الكبرى هو أحد المسائل الرئيسية في علم الكونيات الحديث. والفكرة الأساسية في النظرية الجديدة هي أن تخلخلات بسيطة بدئية في الكثافة وسعتها الجاذبية أدت في النهاية إلى تشك المجرات والحشود المجرية والنجمية والفراغات الكونية الكبرى إلخ. وثمة تقديرات بسيطة تبين ضرورة وجود مثل هذه التخلخلات البدئية من رتبة 10 -5 إلى 10 -4 من أجل تفسير تشكل البنى من خلال هذه اللاإستقرارية الجاذبية. وقد اختفت هذه التخلخلات البدئية من على خلفية المشهد الكوني، لكن القمر الصناعي غوبي أعطى إثباتاً مدهشاً لوجودها ولهذه الفكرة الجديدة.

 

من أين ولدت هذه التخلخلات البدئية؟ هناك تفسيران أساسيان مختلفان مطروحان حالياً. الأول هو سيناريو التوسع الكوني، ووفقه ظهرت فجأة توسعات كمومية بدئية ثم تجمدت على شكل تخلخلات لكثافة الطاقة. والتفسير المحتمل الآخر هو التشوهات التبولوجية. والتشوهات التبولوجية هي عبارة عن لاتجانسات في كثافة الطاقة تتشكل عند انتقالات المرحلة. وانتقال المرحلة أو الإنتقال الطوري هو تغير مفاجئ لعدة خصائص فيزيائية لمنظومة ما عند حصول تغير مستمر في الحرارة. ومثال ذلك جليد الماء في درجة الحرارة صفر مئوية أو تبخر الماء في درجة الحرارة 100 مئوية. والتشوهات التبولوجية معروفة جيداً في فيزياء الجسم الصلب. ولكن ثمة فارق جوهري بين التشوهات التبولوجية في فيزياء الجسم الصلب وفي الكوزمولوجيا. ويتمثل هذا الفارق في درجة الحرارة التي يتم فيها الإنتقال الطوري. ففي فيزياء الجسم الصلب تكون درجات الحرارة النموذجية بضعة آلاف درجة كالفن في حدها الأقصى، الأمر الذي يعني طاقات تقع بين 10 -4 إلى 0,1 إلكترون فولت. أما في الكوزمولوجيا، فإن حساباً بسيطاً يبين أن طاقة التشوهات يجب أن توافق درجة حرارة تصل إلى 10 16 جيغاإلكترونفولط. إنها القيمة الضرورية لكي يستطيع الحقل الثقالي الذي تسببه التشوهات التبولوجية هو أصل التخلخلات التي لاحظها القمر الصناعي غوبي. فالإختلاف بالتالي يصل إلى 1026، وهي طاقة تفوق بمرات الطاقة العظمى التي يمكن الوصول إليها في أعظم المسرعات على الأرض.

 

إن كوننا في حالة توسع وهو يبترد. وكما في كل منظومة تتغير درجة حرارتها، تظهر انتقالات طورية. والانتقال الطوري الأحدث هو تلاقي الالكترونات والنوى في ذرات حيادية. ولا شك أنه في الكون البدئي حصل انتقال طوري تحولت فيه الكواركات إلى باريونات أي إلى بروتونات ونوترونات. وحصل هذا الانتقال الطوري في درجة حرارة تتراوح بين 100 ميغا إلكترون فولط إلى 200 جيغا إلكترون فولط، وتم التحول الكهرضعيف والذي تمايز فيه الأثر الكهرمغنطيسي عن تأثير القوة النووية الضعيفة. وفي درجة حرارة أعلى أيضاً تتوقع فيزياء الجسيمات الدقيقة انتقالاً طورياً يصف انكسار التناظر الفائق. وأخيراً من المتوقع حصول انتقال طوري في درجة حرارة هائلة تصل إلى نحو 10 16 جيغا إلكترون فولط والتي تتوحد عندها كافة تفاعلات القوى الأساسية باستثناء الجاذبية. ويسمى هذا الانتقال الافتراضي بانتقال النظرية الموحدة الكبرى. وهو الانتقال الوحيد القابل لانتاج تشوهات ذات طاقة كافية لتوليد البنى الكونية الكبرى. ويحاول العلماء اليوم التيقن من هذه الانتقالات الطورية وإثباتها رصدياً. وحده الانتقال الطوري الذي أدى إلى التحام النوى والالكترونات مثبت اليوم. أما الانتقال الكهرضعيف فتتنبأ به النظرية الخاصة بالقوة الكهرضعيفة التي يوجد عليها الكثير من الإثباتات التجريبية. ولكن للتيقن منه مباشرة يجب أن نستطيع توليد بلازما في المختبر درجة حرارتها تصل إلى 200 جيغا إلكترون فولط، وهو أمر بعيد عن التحقيق حتى الآن. أما الانتقالات الخاصة بانكسار التناظر الفائق فهي افتراضية تماماً بلا أي تأييد تجريبي. فالكوزمولوجيا تشكل بما تملكه من آثار التشوهات التبولوجية على الإشعاع البدئي المنفذ الوحيد التجريبي إنما غير المباشر لفيزياء الطاقات العالية.

 

في غالب الأحيان يمثل الانتقال الطوري انكسار تناظر ما. فمثلاً الماء السائل لا يتغير بالنسبة للدوران في حين أن القطعة الجليدية تملك بنية بلورية وبالتالي فهي تتغير عندما نخضعها للدوران الأمر الذي يسمى انكسار تناظر الدوران. وانكسارات التناظر التي تنتج التشوهات التبولوجية موصوفة بشكل عام بواسطة عامل قياسي، أي بواسطة قيمة تساوي الصفر في الحالة المتناظرة في درجة الحرارة العالية والتي تصبح غير معدومة عندما ينكسر التناظر. وهذه القيم غير المعدومة هي التي تشكل ما نسميه بتغير الفراغ. فمثلاً حثل هيغز الرياضي يأخذ قيماً مختلفة لمواضع مختلفة منه. ولأسباب تتعلق بالطاقة يتم تخفيض أو تقليل هذه الانكسارات إلى حدها الأدنى. وفي غالب الأحيان لا يكون من الممكن وفق تبولوجية تنوع وتغير الفراغ الوصول إلى حقل ثابت. وعندها يكون على الحقل لكي يقلص الطاقة الكلية أن يتخذ في بعض المواضع قيماً لا تنتمي إلى تغيرات الحقل أو الفراغ، والتي توافق طاقة أعلى. وهذه المواضع ذات الطاقة المرتفعة هي تشوهات تبولوجية. ويتم تحديد شكل التشوه في الزمكان من خلال تبولوجية التغير الفراغي. وبحسب هذه التبولوجية يمكن أن تتولد أربعة أنماط من التشوهات. وهي الأقطاب والنسج والأوتار الكونية والجدران الكونية. وتصنف هذه التشوهات في فئتين كبيرتين: التشوهات المحلية التي لا تتفاعل فيما بينها إلا عبر مسافات قصيرة جداً، والتشوهات العامة وهي أكثر امتداداً وتتفاعل على مسافات بعيدة جداً. إن الإنعكاسات الكونية لهذه الأنماط المختلفة هي ببساطة وفق العلماء المفتاح الذي قد يؤدي إلى تفسير ولادة المجرات والبنى الكونية الكبرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منقول

Share this post


Link to post
Share on other sites

أخ علاوي ياسين المحترم:

أود مع خالص التقدير معرفة روابط مواقع (المراجع)التي تنقل منها هذه المواضيع الغاية في الدقة العلمية والمختصرة كما في موضوعك الجسيمات الأولية في محاولة للازدياد بالعلم ومعرفة معاني الكلمات من المصطلحات الصعبة

مع الشكر والتقدير

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×