Jump to content

Recommended Posts

ان النجوم ببساطة هي عبارة عن كتل غازية ملتهبة ضخمة جدا ، تصدر الضوء والحرارة ، ولكن دعونا نبدء رحلة مع النجوم.

 

عندما تنظر الى السماء عقب غروب الشمس ، وترى اول نجم يلمع في عتمة الليل المبكر فانك تشعر على الدوام بنشوة كبرى . وبمجرد ان تلمحة تجدة كشرارة صغيرة لمع في شدة واصرار ، حتى ليبدو كانه مصباح كهربائي اضاءته فجاءة يد خفية . وفي الواقع كان كثير من القدماء يعتقدون ان ارواحا سماوية تنتقل خلال السماء وتشعل النجوم واحدا بعد الاخر .

 

ولا يمكن ان نلومهم فهي تبدو لنا كذلك ايضا . ولكن معلوماتنا تزيد عن معلوماتهم كثيرا ، فالنجوم موجوده ايضا طوال النهار . وهي تلمع نهارا وليلا. والسبب الوحيد في اننا لا نراها في النهار هو ان السماء الزرقاء تكون في النهار شديدة الضسلء بحيث يطغى نورها على لمعان النجوم.

 

ثم يخيم الليل ببطء وتظهر نجوم كثيرة نجما بعد نجم. وتبدا في عدها ثم لا تلبث ان تعدل عن ذاك قائلا : ان النجوم لا حصر لها . ويظل وجهك مرفوعا نحو السماء وقد استولى عليك العجب والدهشة . واذا كانت ليلة غير مقمرة وكنت بعيدا عن اضواء المدينه، التي تقل من وضوح النجوم ، فانك ترى منظرا من اروع المناظر الطبيعية.

 

وعندما تتامل السماء يبدو لك انها قبه كبيرة فوق راسك وان النجوم مثبته في هذه القبه . والنجوم لا تبدو بعيدة جدا ، بل يخيل اليك انها على بعد ميل او ميلين على الاكثر . ومن العجب انها جميعا برغم تالق بعضها وخفوت بعضها الاخر تبدو على بعد واحد .وستلاحظ ان بعض النجوم تنتظم في مجموعات كما لو كانت مرتبطة يعضها ببعض. وتسمى هذه المجموعات " بالكوكبات "ولكن سيكون من العسير عليك ان ترى في الكوكبات تلك الصور التي كان القدماء يرونها فيها .

 

فمهما حاولت فلن تجد مجموعه من النجوم تتخذ صورة ثور او كلب او اسد او وحش برى مخيف، او أي واحد من الابطال الذين تزخر بها الاساطير اليونانية. وقد تلتقط مجموعه على هيئة U او V او W ولكن لاشىء غير ذلك تقريبا ولكنك قد ستجد ف الشمال وعاء الدب الاكبر وهو مكون من سبعه نجوم لامعه و ستتعرف الوعاء كصديق مالوف لك ، لانه احد المجموعات القليلة التي تتخذ فعلا الشكل الذي تسمى.

 

والان وقد تلمست موقع وعاء الدب الاكبر فانك تشعر بالثقة بنفسك وانك تعرف طريقك. وتنتقل عينك من نجم لامع الى نجم لامع حتى تستقر على اروع منظر في السماء ذلك الحزام الابيض العريض الخافت الذي يمتد خلال السماء ويقسمها الى نصفين متساويين. ولعلك تعلم ان ذلك الحزام هو الذي نعرفه باسم " درب التبانه" والعرب كانوا يسمونه المجرة كما كانوا يصفونه باسم " بام النجوم " . وما شمسنا الا واحدة من تلك النجوم.

 

وهنا نتسال هل من الممكن حقا ان تكوم هذه النقط الضوئية الصغيرة شموسا مثل شمسنا؟ وهل تعادلها حقا في ضخامتها وشدة حرارتها؟

 

من العسير ان يصدق المرء ذلك . اذ يبدو من المستحيل ان تكون الشمس نجما وان تكون النجوم شموس . ومع ذلك فان هذا هو الواقع ، والفرق الوحيد بين الشمس وانجوم هو اختلاف الابعاد. واذا ما بعدت الشمس حتى صارت على بعد اقرب نجم الينا فانها تصبح مجرد نقطة ضوئية في السماء. ولو ان نجما مثل الشمس حل محلها فان اشعته سوف تضىء الأرض وتمدها بالحرارة بالضبط ، كما تفعل الشمس الان.

 

واختلاف الابعاد هو كل شىء فالمسافات هي سبب الاختلاف يسن ضوء الشمس الساطع وضوء النجم الخافت . ولكن من العسير تكوين فكرة صحيحة عن مثل هذه المسافات الشاسعه. وعندما نقول ان اقرب نجم يبعد عنا بمقدار 25 مليون مليون ميل ، فلن يكون لهذا القول في نفوسنا أي اثر يذكر.

 

وهذا ينطبق ايضا على كل عدد بالغ الكبر كعدد دقات الساعه في الف سنه. ومع ذلك فان عدد هذه الدقات لا يزال اقل من عدد الاميال التي تفصلنا عن النجوم. ولو ان كل دقة تمثل ميلا فان الساعه يجب ان تدق مليون سنه حتى يساوي عدد دقاتها الاميال التي تفصلنا عن بعض النجوم اللامعه.

 

واذن فعندما نتكلم عن النجوم علينا الا نستخدم الاميال في قياس المسافات فمثلها في عدم جدواها مثل قياس محيط الأرض بالسنتيمترات وبدلا من الاميال يمكننا ان نتخذ سرعه الضوء كوحدة لقياس المسافات. فعندما نتكلم عن بعد نجم ، فاننا لا نقول " كم يبعد هذا النجم عنا يالاميال؟ بل نقول : كم يستغرق الضوء في قطع المسافه التي تفصلنا عنه.

 

وكما نعلم بان سرعه الضوء هي اكبر سرعه في الكون إذ تبلغ 186.000 ميل في الثانية الواحدة . وكما نعلم ايضا ان اقرب نجم الينا يستغرق الضوء الصادرلا منه في الوصول الينا 4 سنوات ، ما يعغني ان الضوء الذي نراة من هذا النجم بدء رحلته منذ اربع سنوات ضوئية ووصل توا الى اعيننا.

 

وقد تعطى العبارة " اربع سنوات ضوئية " فكرة عن تلك المسافات الشاسعه اوضح مما تعطية العبارة 25 مليون مليون ميل ، ولكن ربما يكون التمثيل بنموذج مصغر افضل منهما معا في الدلاله على ما تعنية هذه المسافه الهائلة.

 

فلنفرض اننا مثلنا الشمس " بليمونه كبيرة " فبنفس المقياس تمثل الأرض " خرزة صغيرة " قطرها ملم ونصف ملم تدور حول الليمونه على بعد 15 متر ، ولنفرض اننا مثلنا اقرب نجم الينا بليمون كبيرة اخرى ، فعلى أي بعد من الليمونه الاولى نضعها ؟ على بعد ميل ؟ ام على بعد عشرة اميال.

 

فكر مرة اخرى . ان تلك الليمونه ينبغى ان توضع على بعد 2600 ميل من الليمونه الاولى ، واذا كانت الليمونه التي تمثل الشمس موضوعه في القاهرة فينبغى ان توضع الاخرى في مراكش فهذا هو بعدنا عن اقرب نجم نجم الينا . وهذا هو معنى اربع سنوات ضوئية .

 

والعجب ليس ان النجوم تبدو صغيرة للغاية والعجب اننا نرى عدد لا يحصى منها ، ويبلغ عدد النجوم التي يمكن ان ترى بالعين المجردة في السماء كلها نحو 5000 الاف نجم . ولكنها لا ترى كلها في وقت واحد لان نصفها يكون تحت الافق ، والنجوم الخافته تزيدها كثافة الهواء خفوتا عندما تكون قريبة من الافق. و

 

وعندما تكون نجوم الدب الاكبر عالية في السماء في ليلة صافية فلن يستطيع كل انسان ان يرى بضعه نجوم داخل وعاء الدب الاكبر. ولما كان لا يوجد اكثر من 600 نجم بمثل هذا اللمعان او اشد لمعانا بالسماء في وقت واحد فاننا لا نرى نجوما كثيرة في أي كوكبه من الكوكبات. واكبر عدد من النجوم يمكن ان يرى في وقت واحد في احسن الظروف الجوية لا يتجاوز الفين.

 

قبل ميلاد المسيح باكثر من 100 سنه وضع فلكي يوناني يدعى ايباركوس او قائمة للنجوم وقسم النجوم الى 6 مراتب . فاطلق على المعها نجوم القدر الاول ، والتي تليها في اللمعان نجوم القدر الثاني وهكذا الى نجوم القدر السادس . والنجوم التي تقل عن ذلك في اللمعان لا يمكن ان ترى بالعين المجردة ، وبالطبع لا بد ان ايباركوس كان يعتقد ان هذه النجوم هي كل ما يوجد في السماء.

 

ولم نعلم بوجود نجوم اخرى الا عندما وجه غاليليو منظارة نحو النجوم ، وبالمنظار المزدوج البسيط يزداد عدد النجوم التي تستطيع ان نراها الى عشرين ضعفا. ومن خلال منظار فلكي كبير نستطيع ان نرىاضعافا اخرى مضاعفة. اما باستخدام اله التصوير الفلكية فاننا نرى اكثر واكثر .

 

اذا مـــاهــو عــدد الـنـجــوم ؟

 

لا ندري انما نعرف ان اكبر المناظير الفلكية تستطيع ان تصور عدة الاف من الملايين النجوم. ونعلم ايضا اننا كلما صنعنا تلسكوب اكبر ازداد عدد النجوم التي يمكن رصدها ، ويحاول الفلكيون ان يقربوا الى اذهان الناس عدد النجوم بوسائل شتى فيقول احدهم ان عدد النجوم يزيد على عدد حبات الرمال التي على شواطىء جميع بحار الدنيا. ويقول اخر : ان عدد النجوم التي بالسماء يزيد على عدد حروف مليون كتاب. حقيقة ان المرء لتستولي عليه الحيرة.

 

وكيف نعرف المسافه التي تفصلنا عن نجم من النجوم ؟

 

من السهل ان نقيس ابعاد الكواكب والقمر والشمس. ويستخدم الفلكيون في ايجاد هذه الابعاد نفس قوانين حساب المثلثات التي يستخدمنها لقياس بعد شىء معين على سطح الأرض.

 

ولكن المتاعب تبدا عندما نحاول قياس ابعاد النجوم بهذه الطريقة . اذ ان الطرق المعتادة في قياس الزوايا تفشل ولا تؤدي الى نتيجة ويرجع ذلك الى ابعاد النجوم الشاسعه .

 

والى عام 1838 لم يتمكن احد من قياس بعد أي نجم. والى ذاك الحين كان الناس يعتقدون ان المع النجوم هي اقربها. ولذلك فان كل من كان يتولى قياس ابعاد النجوم كان عادة يختار المعها . ولكن فلكيا فرنسيا يدعى " بـســل " كان له اري اخر . فقد قال محاور نفسه : ان اقرب النجوم ليس بالضرورة المعها.

 

والارجح ان اقرب النجوم كما هي تلك التي يبدو انها اسرعها . افليس الامر يتعلق بالنجوم كما هي الحال مع الطيور ؟ فعندما نرى طائؤين يطيران ، وكان احدهما يبعد عن الاخر كثيرا ، فان اقربهما يبدو انه اسرع طيرانا من ابعدهما. ويبدو لنا ذلك حتى لو كان ابعدهما هو اسرعهما طيرانا.

 

ومعظم النجوم بالطبع تتحرك ببطء شديد بحيث انه في خلال حياتنا كلها لا نستطيع ان نميز التغيرات التي تطرا على مواقعها.

 

بيد ان بسل كان يعرف نجما سريع الحركة نسبيا وهو النجم 61 دجاجة ( أي النجم المرقم 61 في مجموعه النجوم التي تخيل الاقدمون انها تشبة الدجاجة واصبحت تعرف باسم كوكبة الدجاجة " وكان اسرع النجوم المعروفة في ذلك الوقت .

 

وكان من سرعة الحركة بحيث انه في 300 سنه يقطع مسافه ظاهرية تعادل قطر القمنر عندما يكون بدرا كاملا . وقرر " بسل " ان يقيس مقدار ازاحة هذا النجم في سته اشهر . وذللك بان يحدد موقعه بالنسبة الى نجم اخر تحديدا دقيقا. وبعد سته اسشهر عندما تكون الأرض قد قطعت نصف مدارها الطويل ووصلت الى الجانب الاخر منه ، أي بعد ان تكون قد بعدت عن موضعها الاول مسافة 186 مليون ميل ، يحدد موقع النجم بالنسبة الى النجم الاخر مرة ثانية.

 

وتستطيع ان تفهم طريقة بسل اذا قمت بتجربة بسيطة . ضع اصبعك امام وجهك ثم انظر الى الاصبع بعينك اليمنى . ثم اغمض عينك اليمنى وانظر الى اصبعك بعينك اليسرى . ستجد ان اصبعك تبدو انها انتقلت الى اليمين . والسبب ذلك ان عينيك تبعدان مسافة 6 سم تقريبا. فنظرتك الثانية لاصبعك كانت تبعد عن نظرتك الاولى هذه المسافه.

 

وقد اراد بسل ان ينظر بالعين الفلكية الثانية من على بعد 186 مليون ميل من نظرته الاولى . وتوقع ان يسجل النجم برغم بعدة الشاسع ازاحة ولو طفيفه. وقد سجل النجم هذه الازاحة فعلا . ولو انها كانت ازاحة طفيفة للغاية. ومن هذه الازاحة الطفيفة تمكن بسل من ان يحسب بعد هذا النجم وكانت النتيجة ان بعد هذا النجم عنا يعادل بعد الشمس نصف مليون مرة أي نحو 50 مليو مليون ميل.

 

ومنذ ان قاس بسل بعد او نجم تمكن الفلكيون من قياس ابعاد الاف النجوم ولكن الفلكيون اليوم لا يفعلون ما فعله بسل . بل ان كل ما عليهم ان يقيسوا ازاحة النجم على صور " فوتوغرافية ماخوذة بين كل صورة واخرى سته اشهر . ومن الممكن ان يقاس بهذه الطريقة ابعاد تصل الى 100 سنه ضوئية

 

ولكن ما الذي تعلمة الفلكيون من قياسم لهذه الابعاد ؟ وما الذي عرفوة عن ابعاد النجوم ؟

 

عرفوا اشياء عجيبة ، ابعد بكثير جدا من النجم 61 دجاجة . ومع ان بعد اقرب نجم الينا يعادل نصف بعد 61 دجاجة فانه لا يوجد غير 7 نجوم فقط لا تتجاوز ابعادها اكثر من 10 سنوات ضوئية او 60 مليون مليون ميل .

 

في حين تصل ابعاد النجوم الى مئات والاف وملايين السنين الضوئية . وعندما نتطلع الى النجوم فاننا نرى الماضى السحيق . فان معظم النجوم من البعد بحيث ان الضوء الذي نراها به اليوم بدء رحلته من بعضها قبل ظهور الاسلام ومن بعضها حينما كانت الديناصورات مزدهرة على الأرض.

لذلك اذا اردنا ان نعود الى الماضي فليس لدينا وسيلة اسهل من ان ترفع عينيك الى النجوم

 

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×