Jump to content

Recommended Posts

1 - الــنــجـوم الـمـزدوجــة :-

 

اننا ننطلق في طريقنا الطويل داخل مجرتنا - ومع ذلك فاننا لا نشعر بحركتنا قط. فكما اننا لا نشعر بحركتنا حول محور الأرض ولا بحركتنا حول الشمس . وفي هدوء ننظر حولنا إلى اقرب المسافرين ففي ممرات السماء الواسعة. وندير منظارنا الفلكي مرة في هذا الاتجاه ومرة في ذاك. واذا بنا نثبت فجاه ، فان ما كنا نظنه نقطة ضوئية يتضح لنا انه في الواقع نجمان مستقلان قريبان جدا من بعضهما من بعض.

 

هذا الأمر صحيح بصريا بمعنى أن النجمين بعيدان جدا كل منهما عن الآخر ، ولكنهما يقعان على خط رؤية واحد مما يعطي انطباع لقربهما الشديد من بعضهما البعض. وهناك أزواج أخرى كثيرة هي في الحقيقة نجوم مزدوجة يدور كل منهما حول الاخر او بالأحرى يدوران حول مركز جاذبيتهما المشترك . وفي الحقيقة ان مراقبة حركة النجوم المزدوجة وتأثير كل منهما على الأخر " بفعل قواهما الجاذبية " كان بشكل رئيسي وراء إمكانية تقدير كتل النجوم.

 

بعض هذه الأزواج وعددها كثير تكون نجوم مفصولة جيدا عن بعضها بعضا بحيث يمكن تسجيل حركتها وتحديد مداراتها. وبعضها الآخر، وعددها كبير أيضا تتقارب نجومها بحيث يصعب فصلها حتى باستعمال أقوى التلسكوبات . وهنا لا بد من الاستعانة بـ " تأثير دوبلر ".

 

عندما يدور نجم حول أخر ، فان أحدهما يتحرك باتجاهنا والآخر يبتعد عنا . فيصبح النجم المقترب مبتعد والآخر مقتربا، فإننا نراهما كنجم واحد. ولكننا عندما نحلل طيف هذا النجم الواحد ، نرى مجموعتين من خطوط فراونهوفر متحركتين كل منها بالنسبة للأخرى بسبب حركة النجمين ونستنتج عندئذ اننا نشاهد زوجا ثنائيا.

 

يمكن في بعض الحالات استنتاج وجود رفيق ثنائي غير مرئي لنجم ما بواسطة حركة النجم الملتوية . واشهر النجوم المزدوجة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة هي زوج " ميزار " و " السهى " في كوكبة الدب الأكبر ، ويمكن من خلال المقراب رؤية نجم اخر حيث ان ميزار هو لذاته نجم مزدوج. ويتعقد الوضع اكثر عندما نكتشف ان رفيق " ميزار " هو أيضا ثنائي طيفي بحيث تصبح المنظومة مكونه من اربعه نجوم.ان النجوم المتعددة من هذا النوع ظاهرة شائعة وتشكل منظرا جميلا في السماء.

 

الشعرى مثلا لها توأم يختلف عنها كل الاختلاف. وهذا التوأم نجم خافت جدا ويزيده لمعان الشعرى خفوتا . وهو يعادل الشمس في الوزن ويزيد عنها في شدة الحرارة. ومع ذلك فهو يقل عن الشمس في اللمعان و في الحجم كثيرا. فهو لا يبلغ إلا جزءا من خمسين جزءا من لمعانها ولا يزيد عن تلك النسبة كثيرا من حجمها .

 

وفي الواقع فهو من تلك النجوم المسرفه التي استنفذت ايدروجينها سريعا. وهو يحاول ألان الاستمرار في الإضاءة على قدر ما يستطيع بالانكماش. فهو إذن قزم . وقد بلغ في انكماشه حدا بحيث ان البوصة المكعبة من مادته تزن طنا كاملا.

 

والنجوم المزدوجة بالنسبة للفلكيين ليست مجردة صورة ينظرون إليها في إعجاب. وهم لا يستطيعون الاستغناء عنها في بحوثهم . لان وزن النجم هو أهم خواصه - اذ يتوقف لمعان النجم غالبا على وزنه والنجوم المزدوجة هي النجوم الوحيدة التي يمكن وزنها ، وعندما يراقب الفلكي توأمي النجم المزدوج وكل منهما يدور حول الآخر ، فانه يستطيع أن يحسب قوة الجذب بينهما التي تجعلهما قريبين بعضهما من بعض بهذا القدر. ومن قوة الجذب يستطيع أن يحسب الوزن.

 

وبالنظر إلى ما هو معروف عن تعداد أنواع النجوم فان النتائج التي وصل إليها الفلكيون عن أوزانها مثيره للدهشة حقا. فان الاختلاف بين النجوم في الوزن يكاد لا يذكر بالنسبة لاختلافها في اللمعان إذ لا توجد نجوم كثيرة يزيد وزنها عن الشمس عشر مرات ولا توجد نجوم كثيرة يقل وزنها عن خمس وزن الشمس.

 

ولا ينبغي أن تظن أن توأمي النجم المزدوج قريبان بعضهما من بعض في جميع الأحوال ، ففي بعض النجوم المزدوجة يبعد التوأمان عن بعضهما عن بعض بعدا كبيرا بحيث يستغرق كل منهما في الدوران حول الآخر مائة سنه بل واكثر, وحتى لو لم تكن تعلم ذلك ، فانك ستقدر ولا شك أن المسالة بين توأمي النجم المزدوج ، عندما يكون بعيدا عنا بعد شاسعا ، لا بد أن تقدر بآلاف ملايين من الأميال حتى يمكن أن نرى التوأمين منفصلين بعضهما عن بعض.وكثير من النجوم المزدوجة تبعد عنا بعدا ساحقا بحيث أنها لا ترى إلا كنقطة ضوئية حتى ولو رصدت بأكبر التلسكوبات الفلكية

 

ومن ناحية أخرى توجد نجوم مزدوجة يكون فيها الرفيقان قريبين جدا من بعضهما وبعض النجوم المزدوجة يكون فيها الرفيقان من القرب بحيث انهما يستغرقان سوى ساعات قليلة. وهذه النجوم المزدوجة التي يكاد يتلاصق فيها الرفيقان، كتلك التي تبعد عنا مسافات شاسعة لا يمكن أن ترى إلا كنجم واحد. ومع ذلك فان الفلكيين لديهم من الوسائل ما يمكنهم من رؤية كل التوأمين القريبين من بعضهما منفصلين عن بعضهما .

 

فمثلا عندما يدور كل من رفيقي النجم المزدوج قريبا جدا من الآخر بحيث يكاد يتلامسان فان احدهما يحجب الاخر معظم الوقت . وبمعنى اخر ان احدهما " يكسف " الاخر او جزءا منه

 

وبالطبع لا نرى أي نجم علي هيئة قرص قط ، لان جميع النجوم ما عدا الشمس ، تبعد عنا بمسافات شاسعه. ولذلك فان ما نراه عندما يكسف نجما نجما اخر ، هو مجرد تغير في لمعانهما معا فيصبح اقل لمعانا . ويسجل الفلكي هذا اللمعان في فترات متقاربة - تبلغ في حالة بعض النجوم المزدوجة كل 3 دقائق. ثم يرسم خطا بيانيا يمثل التغير الذي يطرأ على لمعان النجمين معا.

 

واننا لتستولي علينا الدهشة لما يستطيع الفلكي ان يستخلصه من معلومات وافره عن النجوم بدراسة الخطوط البيانية وإجراء عمليات رياضية معقدة فبعد ان بعرف بعد النجم المزودج ، ويحلل الضوء الصادر منه يستطيع ان يقدر وزن كل منهما بالأطنان. كما يستطيع ان يقدر درجة حرارة كل منهما . ومقدار متوسط لمعان السنتيمتر المربع على سطحة وسرعه كل منهما ، بل ومدى انبعاج كل منهما نتيجة جذب كل منهما للاخر.

 

وان مما يرتاح له الانسان ان يعلم ان النجوم ليست مبعثرة في السماء كيفما اتفق فان الإنسان يميل الى الترتيب والنظام والنجوم المزدوجة فيها شيء من التناسق . اذ اتضح ان بعض النجوم المزدوجة تتكون من ثلاثة انجم او من " طاقم " من نجمين مزدوجين ويوجد بجانب النجوم المزدوجة ، تجمعات نجمية اكبر ، تجمعات كاملة تتحرك نجومها مصاحبة بعضها بعضا كسرب واحد . ويصل عدد نجوم بعض هذه التجمعات إلى مئات بل والاف النجوم.

 

بالنسبة للشمس هي نجم وحيد وبما أنها كذلك وغير مرتبطة بالجاذبية مع نجم أخر فهي حالية استثنائية وليس قاعدة. فلو كان للشمس نجم آخر لما تكونت حولها الكواكب

وقد تتجمع النجوم في أعداد كبيرة كما هي الحال في سديم الثريا من سبعه نجوم رئيسية وعدة آلاف ثانوية

 

 

Share this post


Link to post
Share on other sites

Create an account or sign in to comment

You need to be a member in order to leave a comment

Create an account

Sign up for a new account in our community. It's easy!

Register a new account

Sign in

Already have an account? Sign in here.

Sign In Now
Sign in to follow this  

×